المنتدى :
التحقيقات
من الواقع
من الواقع بين أروقة المحاكم
ثلاثون عاماً عشتها مع زوجي مرّت وكأنها ثلاثون يوماً فقد كان كل شيء بالنسبة لي، كان صديقي ورفيقي أخي وأبي ملجئي وواحتي فرحي وهنائي سعادتي وغبطتي، كنت كالملكة كلمتي مسموعة طلباتي أوامر، كان محباً كريماً عطوفاً حنوناً نبيلاً ذكياً مرحاً ذا شخصية آسرة تحبه عندما تراه فهو فعلاً كاد ان يكون كاملاً لولا ان الكمال لله وحده، هذا هو زوجي باختصار شديد لأنني لو أردت الكلام عن صفاته فلن تكفيني صفحات العالم أنجبت منه ستة، أربع فتيات وولدين تزوجت الفتاة الكبرى والولد الذي يصغرها بعام أقمنا لهما فرحاً ملوكياً مما حدا بالباقين التخطيط لأفراحهم بطريقة أفخم وأكبر خاصة الصغرى فيهم التي كانت دائماً متطلبة وجشعة أكره ان أقول هذا عن ابنتي لكنها الحقيقة كانت القناعة غير واردة في قاموسها كانت تبدل سيارتها كل عام وكأنها تبدل ملابسها وكان والدها لا يقول لها لا فهي الصغيرة وكنت أقف بوجهه كي امنعه فأصبح بنظرها (الكنجوسة) البخيلة وتحصل على مبتغاها دائماً، كان يظن بأنها أحن واحدة فيهم بالرغم من إسرافها لكننا اكتشفنا لاحقاً العكس، لم نكن نرى أحداً منهم فكل واحد إما قابع في داره يتكلم على الهاتف او على النت فكدنا ننسى شكلهم وعندما نطلب منهم الجلوس معنا كانوا يفعلون بالرغم عنهم فقط لإرضائنا فنراهم يتململون فنقول هيا اذهبوا، فنجلس انا وهو سوياً دون ملل لنتكلم ونضحك أو نخرج للعشاء بأي مطعم او حتى نشاهد فيلماً جديداً في السينما، نعم لقد كان محباً للحياة الشاب الذي بداخله بقي على ما هو فكان فعلاً رفيقاً ممتعاً ملأ حياتي غبطة وسعادة يحسدني الجميع عليها إلى أن أخذه الله إلى جواره وتركني وحدي ضائعة مشتتة حزينة على فراقه الدمعة لا تفارق عيني أتذكر كلامه الأخير لي وكأنه كان يشعر بدنو اجله، اسمعيني يالغالية لو انا مت لا تدعي احداً من أولادك يتحكم بحياتك لا أريدك ان تقبعي في الزاوية بل أريدك ان تظلي الآمرة الناهية في هذا المنزل الذي كتبته باسمك كما الشركة والعقارات، أعطيتهم نصيبهم وما هو حقهم أما الباقي فهو باسمك بيع وشراء لذا وطالما انت على قيد الحياة لن يستطيع احد منهم ان يرفع وجهه بك فهم أولادي واعرفهم المال عندهم قبلي وقبلك لا عاطفة في قلبهم علينا لا ادري ممن اكتسبوا جيناتهم لا انت ولا انا هكذا لقد ربيناهم جيداً لكنني متأكد بأن الجشع والطمع سيتغلب عليهم انبريت أدافع عنهم فابتسم وقال سوف تتذكرين كلامي وتقولين قال لي فأنا فقط خائف عليك منهم بعد رحيلي، قلت جعل يومي قبل يومك، عسى عيني ما تبكيك يالغالي ان تركتني أضيع فأنا لا شيء من دونك انت نصفي الآخر انت الهواء الذي أتنشقه انت خلجات قلبي انت الدم الذي يجري في عروقي لا تقل هذا الكلام اقبل يديك، ابتسم ووضع يده على يدي يربت عليها قائلاً ان الموت حق والله يأخذ أمانته متى أراد قلت عمرك طويل ان شاء الله لكن دخيلك يكفي بدل الموضوع أرجوك.
سبحان الله هل الحجاب مكشوف عنك، ام ان الله ألهمك يا حبيب عمري يا من رقدت تحت التراب، وعدت انا إلى مخدعي أراك بكل زاوية واشم رائحتك بكل ركن من المنزل، جلست طوال فترة العدة في الغرفة أصلي وأقرأ آيات من القرآن الكريم، في هذه الأثناء لم أر أولادي وبناتي إلا عدة مرات، كانوا يأتون للاطمئنان او ليحاولوا إخراجي إلى المجلس فكنت ارفض لم تجلس واحدة من بناتي معي إلا لدقائق كن وكأنهن يسخرن مني ومن الذي افعله، فقد قالت ابنتي الصغرى خلاص اكتفي من البكاء والحزن والبقاء في غرفتك ليل نهار فهذا والدنا ونحن نكمل حياتنا التي لم تنته بوفاته، نظرت إليها قائلة اخرجي من هنا ودعيني وحدي لا أريد ان أجرحك بالكلام قالت لا؟ خفت الصراحة هيا اجرحيني بالكلام هاتي ما عندك نظرت إليها وأنا غير مصدقة بأنها تكلمني بتلك الطريقة قلت لها أيتها الوقحة هكذا تكلمينني احترمي نفسك انا والدتك يا قليلة الأدب فقالت إذا كنت قليلة الأدب فهذه تربيتك. أقفلت الباب وتركتني مشدوهة مصدومة فاغرة الفم، فعلا انا ربيت وأنا سهرت انا تعبت وحملت وأرضعت، بما أهملت وأين قصرت ما هذا الجيل الناكر للجميل العاق انا أمهم التي أوصاهم بها ثلاث مرات رسولنا الكريم صلوات الله عليه، شعرت بالوهن شعرت بالعجز شعرت بالقهر انا أمها تكلمني وكأنني رفيقتها والله صدقت يا بو عيالي كنت خائفاً علي منهم وأنا لمتك يبدو لي بأنني لم أر الذي رأيته كنت مشغولة بهم بطعامهم وراحتهم بدرسهم وصلاتهم كنت لا اعرف النوم حتى يصل من هو بالخارج كنت انتظر ان اسمع صوت سيارته حتى يرتاح قلبي وأنام، من سهر الليالي عند مرضكم يجلس عند أقدامكم ينتظر شفاؤكم لكن لا لن اسمح لكم بإهانتي سوف أربيكم من جديد لو اضطررت، وهكذا فعلت نزلت إلى الصالة باكراً بعد ان أيقظتهم وقلت لهم اسمعوني جيداً انا لا ولن اسمح لأحد منكم ان يهينني ولو بكلمة فأنا والدتكم وليس العكس هناك سلوكيات أدبية وعاطفية ومعنوية في هذا المنزل من أراد ان يحترمها ويسير ضمنها فهو ولدي ومن لا يريد فأنا سوف اغضب عليه ليوم القيامة فأجابت الصغرى اووف ما هذا فيلم هندي شاهدته قبل النوم؟ فما كان مني إلا ان صفعتها صفعة مدوية على خدها وقلت اياك والكلام معي هكذا اذهبي إلى غرفتك ولن تخرجي منها حتى تتأدبي سيارتك سأبيعها وأهب مالها للفقراء لأنك لا تستحقين ان تعيشي برفاهية لا تعرفين قيمتها وانتم هل لديكم من اعتراض؟ نظروا إلى بعضهم بعضاً قائلين لا على أمرك الغالية لكن اهدئي وكل شيء سيكون كما تريدين.
انا الآن لا عمل لي سوى الذهاب إلى المحكمة والإياب منها نعم يا من تقرؤون قصتي لقد اشتكى علي أولادي واتهموني بالجنون، ألفوا قصصاً عن تصرفاتي ألا مسؤولة وهدري لأرث والدهم بإعطائي المال لصديقاتي وأهلي اتهموني بأني أسير في المنزل ليلاً وأدخل غرفهم لإخافتهم وقد حلفوا جميعاً على ذلك ! لا تستغربوا فهذا ما حصل فلقد جن جنونهم حينما علموا بأن والدهم رحمه الله قد كتب كل شيء باسمي، ظنوا بأنه مات فجأة وسيتقاسمون كل شيء فيما بينهم.
أصبحت أماً وحيدة، لا حول لها ولا قوة،لا أحد قربي لأشكو له أمري غير الله سبحانه تعالى أولادي سامحهم الله رموني كالخرقة القديمة، انا بالنسبة لهم زوجة أب، المال أبعدهم عني، كان شرطهم للعودة ان أتنازل لهم عن كل شيء وهم على حد قولهم لن يتركوني او يقصروا معي حرموني من رؤيتهم كنت انتظر في أروقة المحكمة لأكحل عيني برؤيتهم لكنهم كانوا كلما رأوني يميلون برؤوسهم عني وكأني لست أمامهم، سيقول البعض منكم فلتعطهم المال وتعيدهم إلى حضنها، فقدت زوجها وستفقد الآن أولادها؟ لأولئك الذين يفكرون هكذا أقول ان المال لهم أولاً وأخيراً فأنا اشعر بأن نهايتي دنت لكن أين احترامي وقيمتي عندهم قال لي القاضي عندما وقفت بحضرته في الجلسة الأخيرة لقد زرعت لكن الحصاد لم يكن جيداً أليس كذلك؟ جلست مكاني وقلبي يعتصر من الألم وعندما نادى على أولادي وقفوا جميعهم فقال محاولتكم كانت فاشلة جداً لأنني عرضت والدتكم الطيبة على الطبيب النفسي الشرعي المحلف وكانت النتيجة أنها سليمة مائة في المائة وطبعاً دعواكم مرفوضة وخاسرة لا يسمح لكم بالاستئناف وسوف تتحملون كافة المصاريف المترتبة عن الجلسة ولو كان الأمر بيدي لحكمت عليكم بالسجن من جراء فعلتكم لكنني ولأجل والدتكم التي رجتني بألا افعل قررت ان أطيعها لأنها أولاً أم وثانياً لأنكم ستواجهون في الآخرة الحكم الأكبر والأعظم فتوبوا وأصلحوا ما فعلتم قبل فوات الأوان.
أولادي الآن يحاولون عقد مصالحة معي بواسطة الأقارب والأهل لأصدقكم القول قلبي يتفتت عليهم ولن أقول إنني سامحتهم لأنني لم اغضب بيوم عليهم فقلب الأم لا يعرف سوى الحب والعطاء والمسامحة لكنني أريدهم ان يتعلموا الدرس من اجل المستقبل ليعلموا كيف يتعاملون مع بعضهم البعض ومع أولادهم، لكن خوفي الأكبر هو ألا تكون عودتهم ندماً على ما اقترفوه بحقي لكن من اجل المال، هنا اتركهم لضميرهم، لكن انتم يا من قرأتم قصتي هل تريدون المساعدة؟ اعتبروني والدتكم فماذا تنصحونني ان افعل وكيف أتصرف معهم وأعيدهم إلى الصراط المستقيم؟
أرجو من الجميع إبداء رأيهم في هذه القضية
و ما هو الحل بنظركم
فقد نستطيع أن نحل مشكلة هذه السيدة
|