كاتب الموضوع :
saleee
المنتدى :
رجل المستحيل
[B]13 الزمن :[/B]
ساد الهدوء تماما في الثانية والنصف صباحا في منطقة الأكربول الأثرية بعد انصراف رجال الشرطة ووسط السكون الرهيب الذي ساد المكان تحركت فتاة رقيقة الجسد والملامح في خفة وبدت شديدة القلق والتوتر وهي تسرع نحو معبد البارثينون وتتحرك بين أعمدته الرخامية وتهمس في صوت يغلب عليه الانفعال :
أدهم ... أين أنت ؟؟
أجابها الصمت الكثيف على نحو أثار قلقها فدارت ببصرها في المكان في توتر وهي تحاول اختراق الظلال التي يصنعها ضوء القمر حين سقوطه على الأعمدة العديدة المتناثرة وفتحت شفتيها الرقيقتين لتكرر ندائها الهامس ولكن لمسة حانية على كتفها جعلها تلتفت في سرعة وتحق في جه الرجل الذي يقف خلفها وهي تهتف في ارتياح :
أدهم ... حمدا لله على سلامتك .
لم تكد تتم عبارتها حتى لمحت الدماء التي تلوث ذراعه وكم سترته فأردفت في لهفة وجذع :
يا إلهي هل أصابتك تلك الأفعى ؟
ربت على كتفها في هدوء وقال :
إنه مجرد خدش بسيط يا عزيزتي .
ثم أردف في حزم :
المهم الآن أن نلحق بسونيا جراهام قبل أن تختفي وتزيد مهمتنا صعوبة .
سألته وهي تتبعه إلي حيث ترك السيارة :
أين اختفيت طوال مدة وجود رجال الشرطة ؟
ابتسم وهو يقول في هدوء :
فوق سطح المعبد حي تركتني سونيا جراهام .
تنهدت في ارتياح وقالت :
لقد اختفيت أنا بين الصخور المتناثرة وأنا أدعوا الله سبحانه وتعالى ألا يعثروا عليك .
ابتسم دون أن يعلق على عبارتها فأردفت وهي تلهث من سرعة سيرها إلي جواره:
لقد سقط في قلبي بين ضلوعي حينما رأيتك في ضوء القمر تهوي فوق الباراثينون وتصورت أنك لقيت حتفك لولا أن رأيتك تطلق النار على الهليوكوبتر .
كانا قد وصلا في تلك اللحظة إلي حيث ترك أدهم السيارة فقفز هو خلف عجلة القيادة وهو يقول :
لقد نجوت بفضل الله سبحانه وتعالى وحده يا منى وأتمنى أن يكون هذا فألا حسنا لنجاحنا في هذه المهمة .
سألته وهو ينطلق بالسيارة :
لقد أضاع تفتيش الشرطة وقتا طويلا ولم يعد لدينا سوى ثماني عشر ساعة فحسب فهل تظن أننا سننجح في العثور على وزير الخارجية وسط ذالك الحي اليوناني في هذا الوقت القصير .
مط شفتيه وهو يقول في هدوء :
أخشى أن بحثنا لن يقتصر على ذالك الحي وحده يا منى بل سيمتد إلي اليونان كلها.
هتفت في دهشة :
هل تعني أن سونيا قد نجحت في نقله أثناء ..؟
قاطعها قائلا :
وزير الخارجي لم يكن أبدا في ذالك الحي يا منى .
عقدت حاجبيها وتأملته وتأملته لحظة في حيرة ثم غمغمت :/
ماذا تعني ؟ ألم يختفي في هذا الحي و ...؟
عاد يقاطعها قائلا :
وتم حصار المنطقة كلها وتفتيشها ... أعلم ذالك ولقد كان هذا هو الخطأ الذي وقع فيه رجال الأمن حينذاك .
سألته وقد تعاظمت دهشتها وتضاعفت حيرتها :
ماذا تعني ؟
أجابها وهو يقود السيارة في سرعة وسط شوارع أثينا الخالية في مثل هذا الوقت من الليل :
أعني ببساطة أن تلك السيارة التي عثروا عليها لم تكن نفس السيارة التي تقل وزير الخارجية .
غمغمت منى في انفعال :
يا إلهي !!
تابع أدهم حديثه في هدوء :
لقد كانت خطة الموساد ذكية حتى أنها خدعت الجميع ولقد كانت الخطة كلها تعتمد على عملتي إبدال .. إبدال السائق والسيارة .
صمت لحظة ثم أردف :
لقد بدأ الأمر بإبدال سائق سيارة وزير الخارجية في أثناء وجوده في وزارة الخارجية اليونانية وعندما غادر الوزير المبنى واستقل سيارته لم يلتفت إلي سائقه وتصور بحكم العادة أن ذالك الذي يرتدي الزي الرسمي هو سائقه المعتاد حتى عندما انطلقت السيارة في طريقها وخلفها رجال الأمن إلا أنه تنبه بالضرورة عندما انحرف السائق فجأة إلي ذالك الحي اليوناني وزاد من سرعته ليتجاوز الحي الصغير في سرعة وينحني في طريق آخر ويواصل طريقه في حين كانت هناك سيارة أخرى مماثلة تماما لسيارة وزير الخارجية تنتظر خالية في الحي .. سيارة لها نفس اللون والطراز والأرقام وكل شيء ...نسخة طبق الأصل من سيارة وزير الخارجية تم اعدادها خصيصا .
عاد يصمت لحظة أخرى ليزدرد لعابه ثم تابع :
وحينما انحرف رجال الأمن إلي الحي نفسه ووقعت أبصارهم على السيارة البديلة تصورا جميعا أنها سيارة الوزير ولم يساورهم الشك لحظة في أنها سيارة أخرى فتوقفوا في ذالك الحي في الوقت نفسه التي كانت فيها سيارة الوزير الحقيقية تبتعد بسرعة عن المكان وتترك رجال الأمن يطوقون الحي الخالي ويفتشونه بيتا بيتا وحجرة حجرة وفي أثناء انشغال الجميع يتم نقل الوزير قسرا إلي سيارة أخرى ومكان آخر .
هتفت منى في دهشة :
يا لها من خطة !!
ثم أردفت بمزيد من الدهشة :
كيف توصلت إلي كل هذا ؟
ابتسم وهو يقول :
لعلها روح هولمز
هتفت منى:
لا تمزح .. أريد أن أعرف حقا كيف توصلت إلي هذا ؟؟
هز كتفيه وأجاب في هدوء :
لست أدري يا عزيزتي ... لقد برز الأمر كله في عقلي بغتة ونحن نستند إلي حاجز الكازينو وتتطلع إلي البحر .
سألته في دهشة :
هكذا ؟! .... بكل بساطة !!
عاد يهز كتفيه قائلا :
نعم لقد تراصت الحقائق في رأسي وبرز الحل بغتة و ...
قاطعته وهي تقول في مرح :
يا إلهي !!...هذه موهبة جديدة تضاف إلي مواهبك .
ثم تلاشى مرحها فجأة وهتفت في قلق :
ولكن استنتاجك هذا يعني أن مهمتنا أصبحت مستحيلة .
صمت لحظة قبل أن يجيبها في هدوء :
نعم يا منى فالوسيلة الوحيدة للعثور على وزير الخارجية في هذا الزمن القصير هي أن تقودنا إليه سونيا بنفسها .
اتسعت عينيها في دهشة وغمغمت :
وهل تظن أن هذه الأفعى ستسمح لك ب....؟
قاطعها أدهم وهو يبتسم ابتسامة شديدة الغموض :
ألم أقل لك يا عزيزتي إنني أعد خطة ؟
ثم أردف في هدوء :
خطة تعتمد على سباقنا مع الزمن ..الزمن الذي لا يرحم .
*********************************1
|