ولدي الحبيب:
كنت اخشى هذا اليوم, لكني كنت اعلم انه آت لامحالة. لكن ليس بهذه السرعة
لم اتوقع انهم سيأخذوك مني بهذا الغدر, بهذه الخسة.
مازلت اراك امامي تلهو واسمع صدى ضحكاتك البريئة, اذكر عندما اتيت لهذه الدنيا, كنت فرحة جدا بك, ورأيت فيك فرحتي التي دمرها الاوغاد. اذكر مشيك المترنح في عامك الاول, كنت تسقط, تبكي قليلا ثم تعود تلعب ثانية.
آه ياصغيري.....
مازلت اذكر عندما كنت احكي لك حكايات الجنية, والغابات المسحورة, والرحالة, كنت توقفني معترضا, وتطلب مني ان احكي حكايتها هي فقط, حكاية ارضنا الحبيبة...
وكنت تسمعني بلهفة وانا اقول لك:
كان ياما كان, كانت هناك بلد جميلة, آمنة, مقدسة, واسمها القدس.
كان اهلها آمنين, يعيشون في سعادة, هجمت عليهم عصابات متوحشة من السفاحين واسوأ اهل الارض, اخذوا يمزقونها, يقتلون اهلها, ويشردون اطفالها, يهدمون البيوت والمساجد والكنائس.
وسألتني: ولم يفعلون ذلك ياأماه؟
وكنت اقول لك: لانهم لايراعون حرمةولادين, قتلوا انبياء الله, فماذا تتوقع منهم؟
وكنت اقول لك: عندما تكبر ستكون بطلا وتنتقم لاهلك ومدينتك, فكنت ترد بابتسامة بريئة ساحرة: بل سأكون بطلا الآن يا اماه.
آه ياصغيري......
مازلت اذكر ذلك اليوم, كنت تلعب بطائرتك الورقية في ساحة الدار, وكنت اتابعك من نافذتي, وكنت تنظر لي وتبتسم, وتجري بها لترتفع لعنان السماء,كنت قد اتممت العاشرة لتوك.
وفجأة سمعت هديرا يصم الآذان, ورأيت وحوشهم المدرعة, وطائراتهم تهجم, جريت نحوك لانقذك, لكن رصاصاتهم سبقتني اليك, وسقطت بين يدي , ودمائك ترسم ابشع لوحة, للصمت والهوان والندالة.
والآن ياصغيري, حان الوقت لانتقم لك ولأبيك وكل اهلنا, سأموت وآخذ معي منهم العشرات, سأذيقهم قليلا مما اذاقونا.
اسمع صوتك ياصغيري يقول : تقدمي يا أمي , تحسبني خائفة, لا ياصغيري, لكنه الغضب مايحركني, سأنتقم, واعذبهم
وعزائي انك مت شهيدا, واني سألحق بك عند رب رحيم