الفصل الثلاثون و الأخـــــــــــيــــــــــــــر:
تجلس جلنار وحدها متكورة على نفسها, أمير لم يعد كالسابق, أمامها تراه دائما, أصبح منشغل بعمله,وأيضا بأهله الذين أتوا فجأة , سرقوا وقته واهتمامه, وحتى منها هي,
يأخذها معه أحيانا وأحيانا يتركها مع الصغير لوحدهما,لم يعد باهتمامه السابق ولا رعايته,
أصبحت حياتهما أشبه بالروتين الذي لم يغيره شيء, تعبت من هذه الحياة ومن نبض جديد يخفق بصدرها, يخنقها ويتعبها, وهي تحاول معرفته ولا تستطيع, نبض يخف بشدة حين ترى أمير بأي وقت, يجعلها مندفعة إليه متشوقة,الى كلامه, الى نظراته , الى حنانه, الى اهتمامه, والاهتمام الأكبر الى حبه, كما يحب صغيره, محتاجه للحب, تحتاج الى أن يعبر لها عن حبه,حتى بكلمه بسيطة, بهمسة رقيقة,بأي وسيله,صعب أن تشعر بأنك منجذب الى شخص تغار عليه, تشتاق له,كل أفكارك تدور حوله, تحاول الاهتمام به وإرضاءه بأي طريقة,وهو منشغل عنك بعمله الحياة لا طعم لها,كصحراء جافه وقاحلة لا يوجد بها قطرة ماء منعشه......................
نهضت على اثر سماعها بكاء الطفل لكن شعرت بدوار بسيط, عادت للجلوس,وشربت القليل من الماء, ونهضت متحديه هذا التعب المفاجئ, هرعت الى الطفل الذي بحاجه لها على قدر حاجتها له,تناول طعامه ممسكا بكفه الصغير بها, كأنه خائف بان تتركه وحده
كما فعل أمير بها بهذه الأيام التي شعرت بقسوتها على قلبها, نطقت: قلبي المتعب والمتألم,
من بعده المفاجئ, لم أتخيل يوما بأن أصبح أخر اهتماماته, في حين كنت أولى مشاغله,
أحببت اهتمامه, وترك مشاغله لأجلي, أحببت تلبيته لرغباتي دون ان يعارضني, أحببت
خوفه على مشاعري قبل مشاعره, أحببت كل شيء به, أحببت ولم تكمل لأنها تيقنت حقيقة
واضحة ظهرت أمامها, حقيقة هي من غيرت مجرى حياتها, حقيقة من أجابت تساؤلاتها,
حقيقة من جعلت قلبها يخفق وينبض بدون أي سبب, حقيقة أدخلتها الى عالم اخر جميل,
حقيقة من جعلتها تصمت من دهشتها, وهي الحب, ذاك الشعور الذي استنكرته, ولم تظن يوما بأنها ستقع به, لم تظن بأنه من سيلون عالمها بألوان مختلفة,وسيزهر زهورها بلونه الأحمر,لم تظن بأن جلنار نفسها ستحب يوما, وسيكون قلبها ينبض بالحب وبمشاعر جميله
لم تشعر بها يوما ولم تتذوق طعمها ..................
في مكتب أمير, حالته ليست أفضل من حالة جلنار, متألم كثيرا على بعده عنها, على جفاءه, على انشغاله المصطنع,وعدم اهتمامه بها كالسابق, على عدم قضاءه معها أجمل الأوقات,انه أراد الابتعاد لأنه وجده الوسيلة المناسبة التي ستجعل جلنار تشعر بحبه النابض بها, بعشقه وغرامه وهيامه, إنها امرأته التي سحرته ,أنها ألامرأة الوحيدة التي خطفت قلبه,يحبها وحبها يجري بدمه وبأوردته وخلايا جسده, بفكر بها والطفل هو متشوق لها,الى نظر في عينيها وتذوق شفتيها , واستنشاق عطرها المميز, متشوق لأحضانها وهمساتها وخجلها,لكل شيء بها, يريد البوح بحبه ولن يأبه بالنتائج, المهم ان يهدأ قلبه الهائج,المليء بالمشاعر لها وحدها, نهض يريد الذهاب إليها, لكن شاءت الأقدار ان تؤجل
موعده, بأن لديه موعد هام جدا وعليه الذهاب إليه حالا..............
في حين انتهاءه منه, كانت جلنار قد خرجت من المشفى وعلى شفاهها ابتسامه سعيدة,
وبيديها نتيجة الفحص الطبي, لم تصدق حين قالت لها الطبيبة بأنك حامل, أن بأحشائها طفل , سيخرج على الحياة بعد شهور معدودة, قادت سيارتها بهدوء خوفا على طفلها,
وصلت الى القصر بعينيها سعادة جعلت كل شيء أمامها جميلا,صعدت السلالم بهدوء,
وفكرة واحدة بذهنها هي ستجعل هذه الليلة مختلفة عن أي ليلة أخرى, ستبوح بحبها وعذابها, وبطفلهما الذي سيأتي على هذه الحياة قريبا......
بدأت بالاستعداد قبل أن يصل أمير, ارتدت ذاك الفستان الأحمر الذي اشتراه لها أمير,
وضعت بعض مساحيق الزينة بإحساس جميل, رفعت شعرها بطريقة بسيطة , ارتدت قرطيها الماسي وعقدها الذي أهداه لها أمير, وضعت العطر الذي يعشقه أمير, هبطت لترى الاستعدادات التي طلبتها, ووجدت كل ما تريده , جهزت الموسيقى الهادئة والأضواء الخافتة, وجدت قالب الحلوى الذي طلبت صنعه جاهز, والشموع ليست مشتعلة,والمأكولات ألذيذة قد عدت بطريقة مميزة, كل شيء أصبح جاهز, طلبت من الخادمات ان يذهبن للراحة,جلست تنتظره ونبضات قلبها متسارعه, وصل أمير متعبا,
فتح الباب, تعجب من الأضواء الخافتة, لكن دهش حين رأى تلك الفاتنة والساحرة والاخاذه, والمبهرة والمذهلة, تقف تنتظره بدلال وابتسامة تخطف الأنفاس والقلوب,
امسك بيدها الرقيقة ونبض قلبيهما متسارع, يخفق بشدة,لم يستطع النطق, ولا الهمس,
الكلمات ضاعت منه, لم يستطع إيجادها, سوى بكلمة اختصر كل ما يدور بقلبه وهي :
احبك, حل الصمت مجددا, قطعته بقولها: وأنا أيضا,لم يصدق ما سمعه, ظن ان هذا تأثير تعبه والأضواء الخافتة عليه,أمير: وأنت ماذا؟, جلنار بارتباك وخجل: احبك يا أميري,
أمير بحب: احبك وأعشقك, ظننت ابتعادي هو الحل الوحيد لكن لم استطع الابتعاد عن هوائي, فأنت الهواء الذي ينعش قلبي, حبيبتي أنتِ, عالمي أنتِ, احبك بجنون , جلنار بسعادة: احبك يا أميري, أحببت قلبك واهتمامك وحنانك,حبيبي أنت وفارسي وأميري,
أنت حياتي بأكملها, عذرا منك عزيزي على تلك الأوقات الضائعة, وضع يده على شفاهها الرقيقة, أمير بعشق: لا تعتذري لأني أنا أيضا أضعت تلك الأوقات بلا فائدة,طبع قبلة دافئة على خديها,ونظر إليها بحب كبير, بعشق لا نهاية له, بغرام وهيام لا ينتهي, احتضنها بحنان وبحب يتجدد مع كل همسة تهمسها وتنطقها إليه.....
يتبع...