الفصل الثامن والعشرون:
جلست تضع بعض مساحيق الزينة على وجهها, بعد حمام دافئ,ابتسمت لنفسها في المرآة ,وضعت بعض العطور ذات رائحة مميزة, نظرت الى أمير بمشاعر ليست مفهومة بالنسبة لها,تذكرت الطفل الصغير,انتهت من زينتها, وخرجت بهدوء من جناح أمير الى غرفتها السابقة, فتحت الباب بهدوء, وجدت الطفل يلهوا مع نفسه ببراءة مذهلة, قبلته واحتضنته, نظر إليها بفرح, ونطق بكلمات ليست مفهومة سوى كلمة واحدة لم تصدق جلنار حين سمعتها وكانت: ماما, دهشت لسماعها هذه الكلمة ظنت أنها لم تسمعها لكن كررها مستمتعا دون أن يعلم اثر هذه كلمة في قلب جلنار, حضنته بحنان اكبر, حاولت كبح جماح دموعها ونظرت إليه بحب كبير, حملته خارجه من غرفتها متوجهة الى جناح أمير وعلى محياها ابتسامه سعيدة...
دخلت بهدوء, ووضعت الطفل بجانب أمير وجلست تتأملهما, والشمس تنظر إليهما من النافذة بابتسامة كبيره.........
في مكان أخر بعيد جدا عن هنا , لم نتحدث عنه ولم نزوره ,في قصر راقي وجميل,
تجلس الأم باكية تبكي بلا توقف, والأب يسير بالغرفة ذهابا وإيابا بقلق وندم وقهر وألم,
ما شعورك حين تعلم انك ظلمت اعز البشر لديك؟, ما شعورك حين تعلم بالحقيقة التي خبئت عنك خمس سنين؟,ما شعورك حين تشعر انك إنسان ظالم ومجحف وقاسي؟,
ما شعورك حين تعلم بأنك ظلمت ابنك؟,ما شعورك حين وصفته بأبشع الأوصاف
وطردته من منزلك؟, ما شعورك حين تعلم أن ابنك الأخر يسرقك دون علمك وطردت البريء ظنا منك انه السارق, شعوره بالندم يكاد يقتله ويفقده صوابه, انه والد أمير
بعد خمسة سنين اكتشف الحقيقة ان ابنه الأخر يسرق أموال من الشركة حتى يتعاطى المخدرات ويصل الى السعادة المرجوة على حسب قوله,ظلم أمير وطرده وأبعده
لكن وجد الأموال تنقص من جديد حينها تيقن انه في شركته سارق ويجب عليه أن يكتشفه,
وبعد وقت طويل اكتشفه لأنه كان محترف جدا, والطامة الكبرى انه كان ابنه,
لم يطرده بل قام بإرساله الى اقرب مشفى للمعالجة من الإدمان, والد أمير: كل هذه المدة
ابننا مدمن ونحن لا نعلم ولا نسأل على ماذا ينفق الأموال, والدة أمير ببكاء: كل الذي حدث من رفقاء السوء الذي يرافقهم ومن تلك المخدرات التي أوصلته لدرجة أن يسرق
ماله بالخفاء ويتهم أخاه بالسرقة,والد أمير: ما موقف بُنَي أمير منا بعدما طردته وبالنهاية هو البريء ودلاله على ذلك إنني كنت أتتبع أخباره ويوجد لديه شركات وأموال من تعبه,
كأنه كان متيقن بأننا سنعلم بالحقيقة بأي يوم كان, أكملت والدة أمير نحيبها الذي يبكي القلوب, والد أمير: ماذا نفعل أريد ابني أريد ان أراه أمامي, أريده بجانبي, أريد أن يعود
الى بيته, إلينا, يجب علينا ان نقابله بأي شكل كان, لكن لا أدري هل سيرضى بمقابلتنا,
نطقت الأم: كلي آمل بأن يرضى واعلم بان قلبه طيب ومتسامح سيسامح والديه لان كل البشر يخطئون, جلسا يبنيان الآمال في ابنهما بعد ان هدمت قبل خمسة سنين..
ااستيقظ أمير وعلى محياه ابتسامة سعيدة, نظر إليهما بسعادة , وقبل طفله, أمير: صباحك سعادة, تبسمت جلنار: صباحك مثله,أمير: ما أجمل صباحي حين كنتما أنتما أول من وقع نظري عليهما, تبسمت جلنار, ونهض حتى يأخذ حماما دافئ, ويستعد للذهاب الى عمله,أعدت له ملابسه, وهبطت السلالم مع الصغير, وأمرت الخادمات بأن يعددن الفطور,بعد وقت قصير,لحق بها أمير بكامل أناقته ووسامته, جلسا يتناولان طعامها بصمت وحين انتهيا,حمل أمير حقيبة العمل خارجا, لكن قبل ان يخرج , جلنار: هل سيطول مكوثك بالشركة؟,أمير: على حسب الأعمال التي لدي,جلنار: إذن سآتي لأرى شركتك, هل تسمح لي؟,أمير: نعم وبأي وقت يسعدني أن تأتي, وضع نظارته السوداء, نظرت إليه وهو يبتعد منطلقا بسيارته وبداخلها أمنية بأن يبقى بجانبها, تراه بكل وقت, دخلت الى داخل,صعدت السلالم متوجهة الى جناحهما,لكن قرعت فكرة زجاج ذهنها وكانت, تمتمت: حتما يوجد لديه سكرتيره, لكن هل هي جميلة, وصغيرة بالسن,ومغرية, ما شكلها؟, هل هي طويلة أو متوسطه؟, هل هي محتشمة أم ماذا؟, حتما انه أمامها تراه دائما, لوقت طويل, نما بداخلها شعور جديد, تسرب الى أعماقها, شعور لم تتذوق طعمه, لم تعلم به,حولت ان تتجاهله, لكنه يلح عليها كثيرا, وبدأت تتخيل تلك السكرتيرة التي جاءت لفكرها,بوقت لم تفتكرها, تمتمت: لماذا أفكر بها؟, انا لا اعرفها؟, لماذا اهتم بها وبأمير؟,لا أبالي بهم ولا أريد تفكير بهم, صرخ صوت بقلبها, جلنار لا تكوني غبية,
انه اميرك وحبيبك وزوجك, كيف لا تبالي به, كيف تدعيها تنافسك عليه؟, هل ترضين بأن تخرجي من المعركة خاسرة؟, حتما لا, إذن عليك ان تحاربي حتى تحافظي على أميرك, جلست تفكر بهذا الصوت الذي نبهها لأشياء لم تبالي بها أبدا...
بعد مدة من تفكير الطويل استقرت على ان تذهب الى الشركة وترى تلك المرأة,
وترضي فضولها,بعد ارتدائها للملابس الانيقه, ارتدت ألوان هادئة , تذكرت نظارتها تلك
لن تفوهت: انتهى دورها, وضعت خمارها جيدا, أطمئنت على الطفل, التقطت مفاتيح سيارة أمير الأخرى, وخرجت بداخلها ثورة لا تعلم ما سببها, انطلقت قاطعه الشوارع بسرعة, وذاك الشعور الذي لم تفهمه يتصاعد بداخلها , وصلت الى شركة على حسب العنوان الذي اخبرها به أمير,نظرت الى الشركة الشاهقة, والعصرية, دخلت غير مبالية
لا بفتاة الاستقبال ولا بأحد ضغطت المصعد على الطابق الأخير, أعصابها متوترة
ولا تعلم سبب التوتر, وصلت الى مكتبه, عدت بداخلها الى رقم 10 ودخلت بهدوء,
لتجد تلك المرأة جالسه على مكتبها تعمل بجد ونشاط, رفعت السكرتيرة رأسها,
دهشت جلنار من جمالها أناقتها وروعتها, لم تكن أجمل منها لكن كانت جميله,
ثارت مشاعرها, ثورة لا توصف, بداخلها شعور يخنقها, يقتلها, نطقت السكرتيرة:
بماذا أخدمك, جلنار بصوت مخنوق: لا شيء, أريد مقابلة صاحب الشركة, السكرتيرة بتساؤل: هل لديك موعد معه؟, جلنار تجاريها: لا ليس لدي,السكرتيرة: لا استطيع خدمتك,
لأنه لا يقابل أي شخص من دون موعد, جلنار باستنكار: ولا حتى زوجته!!, دهشت وفوجئت السكرتيرة, ونهضت احتراما لها, وقالت معتذرة: عذرا منك سيدتي أنا لا أعرفك,
جلنار لم تنطق لو نطقت لقتلتها بدافع مجهول بالنسبة لها,دخلت إليه وأغلقت الباب,
انتبه أمير لوصولها, ونهض مرحبا بها,أمير: يسعدني وجودك في مكتبي عزيزتي,
أخذت تنظر الى مكتبه الخاص وديكوراته الرائعة,جلنار بإعجاب: انه جميل جدا وراقي جدا, لديك ذوق مميز,ابتسم أمير, وقال: هل تشربين شيئا؟, جلنار: كما تريد, لكن لن أطيل بزيارتي سأعود الى القصر, لان الصغير سيستيقظ بأي وقت, وبعد دقائق أحضرت لهما القهوة الساخنة,تذوقاها مستمتعين,وبعد ان فرغت منه, نهضت علي العودة الآن, أراك على الغداء, ودعته, وبداخلها رغبة بالاختلاء بنفسها, وتفكير بهذه الثورة الثائرة بصدرها..
يتبع..