هبطت السلالم ببطء, بذهن شارد, تحاول تفكيك الخيوط المعقدة لكن شيء خفي يمنعها,
ويصرخ بها ليس الآن, عادت الى غرفتها مجددا والتقطت حقيبتها وعباءتها وارتدتها بسرعة, وتوجهت نحو مكتب أمير, وطرقت الباب طرقات هادئة, إذن لها بالدخول, وجدته
محدقا بالأوراق التي أمامه, جلنار بهدوء: أريد طلب صغير منك أتمنى أن تلبيه لي,
أمير بتعجب: ما هو؟, جلنار بهدوء ممزوج بتعب : أريدك ان تصطحبني الآن الى البحر!,
أمير دهش من طلبها: موافق, هل تريدين الآن؟, جلنار: نعم ان أردت, نهض أمير و التقط مفاتيح سيارته وقال: هيا بنا, يقطعان الشوارع بصمت..بهدوء..الشوارع هادئة لا صوت فيها, كأنها أرادت الصمت احتراما لهما, الشمس تتوارى خلف الأفق مودعه, السحب قريبه من بعضها كأنها تواسي نفسها, الهواء هادئ, و صلا البحر, خرجت جلنار متلهفه للقاء البحر بعد ان ودعته مسبقا وقالت له بأنها ستعود حين ترجع جلنار الى طبيعتها,
تنظر الى المياه ألامعه والأمواج المداعبة لشاطئ, والرمال المستمتعة بحركة المياه على سطحها, همست بصوت خافت لا يسمعه الا البحر وحده, ها أنا عدت يا بحري كما وعدتك
عدت جلنار لكن مشوشة , خائفة من الحب,حائرة من سلوك دروبه, تائهة في بحور أفكاري , تدحرجت دمعه لؤلؤيه على خديها رقيقين, تدحرجت حتى ترحمها من هذا الضغط الذي أرهقها, هل سمعت يوما بضغط الافكار ألمكثفه من اجل المشاعر؟!,
تلتها دمعات أخرى ربما كانت بحاجه الى البكاء,حتى تحرر قلبها ونفسها من هذه الضغوط, صعب جدا ان تتغير حياتك بسرعة وأنت تجاهد قلبك حتى تتأقلم معها,
صعب ان تدخل متاهة الأفكار وبالنهاية لا تجد المخرج الصحيح الذي يعيدك الى عالمك,
صعب ان تخوض معركة مع قلبك وتعلم انك أنت الخاسر, صعب جدا والأصعب ان تكون مشوشا, بعيدا عن الواقع حتى تجد شاطئا ينجيك غدر الأفكار,تنهدت تنهيده كبيره وتلتها دموع أخرى وشهقات خرجت من داخلها, اقترب منها أمير الذي كان يراقبها منذ البداية,
احتضنها بحنان كبير, كانت بحاجه الى حضن وقلب كبير يحتضنها يشعرها بأنه قريب منها, تمسكت به أكثر وتلتها شهقات ودموع لم تتوقف, بعد مدة هدأت بدأت تعود جلنار الى طبيعتها, كل الألم والحزن والأفكار المشوشة هدأت, استقرت, بداخلها نظرت الى عينيه وتلك النظرة لم تتغير,أمير: مابك عزيزتي؟, جلنار تبسمت: كنت بحاجه للبكاء وذهاب لآي مكان, أمير: هل يوجد شيء يتعبك؟, جلنار: لا..وهمست بداخلها نعم أنت وأفكاري وقلبي التي أصبحت تدور حولك دون علمي.., جلسا على رمال متقاربين يجمعهما الصمت وكل منهما يحاور البحر على طريقته الخاصة...
نرى هنا امرأة حائرة..تائهة..مرتبكة..مشوشة, غير مستقره, أفكارها تدور في حلقه مغلقه,
تحاول فهم صوت عقلها, تحاول تحليل صوت قلبها, ولا تعلم ماذا تسمع وماذا تأخذ,
الصوتان يلحان كثيرا عليها , يصرخان بأذنيها, اختارت البكاء حتى تجد راحة افتقدتها وحين وجدتها افتقدتها مجددا, راحة المرء أن لا يضع حدودا وحواجز لقلبه لأنه في مسألة القلوب , والمشاعر لا تعترف بالحواجز تخترق المسافات دون استئذان غير أبهة بأحد,
كثيرا ما تضع المرأة حدودا لقلبها حتى لا تقع بالحب ولا تتعذب منه, لكن هل تستطيع تحكم به وردعه عن الدخول الى قلبها.., حتما لا..
سنرى من سينتصر أخيرا صوت العقل أم القلب..
سنرى من سيستحوذ على جلنار بكل جبروته..
سنرى كل هذا
ابقوا معي..
لنعرف من سينتصر بالنهاية..
والباقي يتبع.......