كاتب الموضوع :
arewa
المنتدى :
من عيون الشعر العربي والعالمي
مجرد سؤال
“كل الموت فراق·· وبعض الفراق موت”
(0)
توت توت توت··
ها هو قطار الفراق يعلن استقراره في محطة حكايتنا
وهاأنت ذا تحمل حقائب الأحلام والأيام وتتجه نحو الغياب
وهاأنا ذا أستعد للوقوف بظهر مكسور وهامة مجروحة
لأُلوِّح لك بشموخ هادئ وهدوء شامخ
وكأن الأمر لا يعنيني
وكأن الألم ليس ألمي
وكأن الجرح ليس جرحي
وكأن الهزيمة ليست هزيمتي
وكأن الحكاية الميتة لم تكن يوماً حكايتي·
(1)
عفــــواً··
الفقرة السابقة هي مقطع من مقال بعنوان “محطة حب”
بدأت بها هذا المقال فقط لأتساءل:
هل بالفعل تمو الحكايا؟
وحين تموت الحكايات، أين يذهب الأبطال؟
وأين تذهب الأحاسيس؟
وماذا يكون مصير الأحلام؟
وإلى أين يلجأ أطفال الحكاية؟
فلمعظم حكايات الحب أطفال
أطفال نعجنهم بماء الخيال
ونرسمهم على صفحة قلوبنا
نمنحهم ملامحنا
وننتقي لهم أسماء مشتقة من أحلامنا
ونحبّهم جداً·· وننتظرهم بفارغ العشق والأمل
(2)
ننتظرهم·· نعم
لكن انتظارنا لهم يطول ويطول ويطول
فعلى الرغم من إحساسنا بهم
وعلى الرغم من حبنا الصادق لهم
وعلى الرغم من شعورنا بحركاتهم في أحشاء الحلم
إلاَّ أننـــا لا نلدهــم أبــداً
ربمــا لأننا حملنا بهم خارج رحم الواقع
(3)
ولهــذا··
نخزنهم في الدفاتر بعيداً عن فضول الواقع
نُسجلهم في ذاكرتنا كأي حدث من أحداث الحكاية
فإذا ما عاشت الحكاية
كبر الصغار بها
وإذا ماتت الحكاية وُئد بها الصغار
واسألوا نساء الأرض العاشقات
عن أطفالهنّ النائمين في دفاتر الخيال
أو افتحوا دفاتر الحكايات الفاشلة
وأحصوا عدد أطفال الدفاتر فيها
(4)
وسؤال آخر:
لماذا حين تنتهي الحكاية
ونُهمل كل أوراقها وطقوسها وذكرياتها
لا نفكر سوى في كيفية احتمال الألم الناتج عنها
ونعلن الحداد
فلا نرى من الحياة سوى سوادها
ولا نتذكر من الحكاية سوى ركنها المظلم·
ونهيئ أنفسنا للحزن والألم والندم والبكاء
على الرغم من أنّ مرحلة ما بعد الفراق قد تكون مرحلة أُخرى أجمل وأصدق
إذا نحنُ أردنا ذلك؟
(5)
ماذا يأتي بعد الفراق؟
أشياء كثيرة تأتي بعد الفراق:
يهاجمنا الفراغ كسماء بلا نهاية
يحاصرنا الحنين كوحش مفترس
تنغرس فينا البقايا كأسنَّة السيوف
تمزقنا الذكريات كأنياب حيوان جائع
ونرفض المكان ونهرب من الزمان ونطرق كل أبواب النسيان
(6)
ونفشل··
نعم نفشل··
فتجربة النسيان لا تقل صعوبة عن تجارب الاختراعات العلمية
ولأن الإحساس الذي كان في داخلنا كان صادقاً
ولأنّ الأحلام التي عاشت فينا كانت رائعة
ولأنّ أمانينا التي غرسناها في أرض الحكاية كانت نقيّة
ولأنّ الحكاية كانت وسيلة من وسائل اتصالنا بالوجود
ولأننا كنا الطرف الأكثر شفافية في الحكاية
فإننا نفشل·· وبجدارة·
(7)
لكن·· لو اعتبرنا الحكاية
مجرّد مرحلة من مراحل العمر
وليست العمر كله
لوجدنا أمامنا متّسعاً من الوقت للوقوف من جديد
والزحف نحو مرحلة جديدة من مراحل العمر
لأنّ العمر هو المراحل
والحكاية مجرد مرحلة من هذه المراحل
فإذا ما انتهت تلتها مرحلة أُخرى
نحن فقط القادرون على جعلها أحلى، أو·· أمرّ
(
فإن كنت من أولئك الذين يتألمون
وتجد صعوبة في الخروج من سياج حكاية فاشلة
فأحضر ورقة وقلماً
واكتب أحاسيسك المؤلمة عليها
وقم بترقيمها، ولا تحزن حتى لو جاوز عددها الألف
وعاهد نفسك على أن تتخلّص منها بالترتيب
وحاول محاولات جادّة وصادقة
واشطب كل إحساس تتمكّن من التخلُّص منه
وحين تصل إلى الرقم الأخير
ستجد أنك قد تخلصت من كل أحاسيسك المزعجة
وأن الحكاية كانت أصغر من حجم إحساسك بها
وقبل أن يُرعبنا المساء
بعض الحكايات تبدأ بكلمة·· وتنتهي بصمت
وبعضها يبدأ بتجربة·· وينتهي بانفجار
وبعضها الآخر يبدأ بلعبة·· وينتهي بمأساة
وبعد أن أرعبنا المساء
من بين كل الحكايات
هناك حكاية واحدة فقط·· هي حكاية العمر كله
إنها تلك الحكاية التي تمسح كل الحكايات·· وتبقى هي فقط بطقوسها وشخوصها
وهي حكاية لا تموت فيك أبداً·
|