كاتب الموضوع :
عاشقة كيرا
المنتدى :
الارشيف
هبت رياحٌ قوية في مساء تلك الليلة الهادئة, التي صادفت مساء آخر يوم في الإجازة الصيفية الطويلة..في ساعات الليل المتأخرة كان التوتر يملئ قلب "ساكورا" التي تسلطت عينيها أمام شاشة الكمبيوتر, ولم تبالي بالجو الذي بدأ يتغير تدريجياً في الخارج, ومن شدة انسجامها على الإنترنت...
ثم قطع هذا الانسجام صوت ارتطام الأشجار بنافدة غرفتها الزجاجية, فأطفئت الجهاز واستلقت على سريرها في وسط الغرفة وغطت نفسها بالبطانية الصوفية وكان يدور في ذهنها سؤالُ واحد
"كيــــــــــــــف سيكـــــــــون الغـــــــــــــــــد؟"
وبعدها بدقائق قليلة غطت في النوم ولم تشعر بشيء....
في صباح اليوم التالي كانت السماء زرقاء صافية والشمس مشرقة مع نسمات هواءٍ دافئة, توقفت عقارب الساعة عند السابعة والنصف ودق جرس المنبه ونهضت "ساكورا" بسرعة واتسعت عينيها ذهولاً عندما رأت الساعة وخرجت من غرفتها راكضة وهي في قمة الارتباك وتردد قائلة:
ـ لقد تأخرت, لماذا لم يوقظني أحد؟
ثم لفت نظرها صوت شقيقها يقول في تساءل وبرود:
ـ ما الأمر؟ ما الذي حدث لكي في هذا الصباح الباكر؟
توقفت "ساكورا" عن الركض وهي تتنفس بصعوبة وأجابته :
ـ تأخرت كثيراً عن الجامعة
أطلق شقيقها ضحكة عالية وقال في مرح:
ـ هل تعتقدين بأنك في المدرسة؟.... نظام الجامعة مختلف... دوامك يبدأ في التاسعة.
احمر خذيها خجلاً و أخفضت رأسها قائلة في خجل بابتسامة خافته:
ـ لقد نسيت تماماً.
ثم رجعت إلى الغرفة, وبدأت تجهز نفسها ببطء استعدادا للذهاب, وارتدت بلوزة باللون الزهري مع تنوره قصيرة, ورفعت شعرها البني وأبقت جزءً منه منسدلاً على كتفيها , وفجأة بعد مرور ساعة سمعت صوت سيارة شقيقها فنظرت عبر النافدة ورأته يلوح بيده يطلب منها النزول فقالت بعصبية:
ـ من قال بأنني أريد الذهاب الآن؟
ثم خرجت له وركبت في المقعد الأمامي بجانبه متسائلة:
ـ لمَ كل هذه العجلة؟
أجابها بكل جدية:
ـ ستزدحم الشوارع بالسيارات فيما بعد وسنتأخر أكثر.
بعدما سمعت هذه الإجابة التزمت الصمت, وبعد مرور 10 دقائق وصلت "ساكورا" إلى الجامعة, وحين نزلت قالت قبل أن تغلق الباب:
ـ سأتصل بك حالما أنتهي اتفقنا؟
هز رأسه قائلاً وهو يبتسم:
ـ حسناً.
تقدمت "ساكورا" بضع خطوات على قدميها, وتوقفت حين تجاوزت البوابة الرئيسية....
تداخلت الأصوات الكثيرة مع بعضها ولم تتمكن "ساكورا" أن تنطق بكلمة بسبب ذلك الازدحام, كان ذلك الجو مختلفاً عن ما اعتادت عليه في المدرسة وبدأت تشعر بقليل من القلق حتى أنتقل إلى مسامعها صوت مألوف يقول باستغراب:
ـ "ساكورا"؟
التفتت إلى مصدر الصوت ورأت صديقتها من المدرسة, وشعرت بالارتياح وابتسمت قائلة:
ـ "رينا".... ما الذي تفعلينه هنا؟
أجابتها "رينا" باستغراب:
ـ ما الذي تتفوهين به؟.... أنا سأدرس هنا أيضاً.
استعادت "ساكورا" نشاطها وعلت شفتيها ضحكةٌ سعيدة وهي تقول:
ـ هذا رائع.
أمسكت "رينا" بكف "ساكورا" وجرتها إلى الداخل قائلة:
ـ دعينا ندخل وقوفنا هنا لن يغير شيئاً.
ثم دخلتا إلى المبنى حيث قاعات المحاضرات, وتجولتا في الممر الداخلي, وبينما كانا يسيران قالت "رينا" في تساءل:
ـ لماذا دخلتي إلى هذا القسم؟.. أقصد قسم الرسم.
أجابتها بكل ثقة:
ـ لأنني أحبه كثيراً.
وفجأةً لفت نظرهما غرفةٌ مليئة باللوحات الملونة, واقتربتا ثم قاما بفتح الباب, كانت الغرفة باردة ومليئة بالأضواء البيضاء, وقالتا في ذهول:
ـ يال الروعة.
كانت فرش الألوان موضوعةٌ بترتيب على الطاولات والألوان في كل مكان, وما لفت نظرهما أكثر وجود لوحةٍ كبيرة منعزلة عن بقية اللوحات
ومن الواضح أنها مازالت قيد العمل, وقفت "ساكورا" أمام اللوحة وحدقت فيها قائلة:
ـ إنها رسمه هادئة ورائعة.
رُسم في اللوحة شكل القمر وانعكاس ضوئه على سطح ضفة النهر, وأشارت "ساكورا" بإصبعها إلى النهر وانتقدت قائلة:
ـ لو وضع اللون أفتح هنا لكان أفضل.
اقتربت "رينا" من اللوحة ومن غير قصد حركت يدها قليلاً وأدى ذلك إلى سكب اللون الأسود على أرجاء اللوحة, ارتبكت "رينا" كثيراً
وشعرت بقلق شديد وهي تقول:
ـ ما الذي فعلته؟
وبحركةٍ سريعة وضعت منديلاً فوق اللوحة وأسرعت "ساكورا" بإبعاده وهي تصرخ قائلة:
ـ لا تفعلي هذا.
وحين أبعدته كانت اللوحة قد تلطخت أكثر....
فُتح باب الغرفة في تلك الأثناء, والتفتا إلى الخلف وشاهدوا فتاةٌ تحمل كوباً من الماء وتنظر إليهما بكل برود وتساؤلهما:
ـ ما الذي تفعلانه هنا؟
وتقدمت قليلاً ورأت لوحتها قد أفسدت, فشعرت بصدمة كبيرة وأسقطت الكوب من يدها من دون أن تشعر, وكُسر حين أرتطم بالأرض ثم قامت بإبعادهما
وهي تحدق بالرسم التي قضت يومان من السهر في رسمها وبسطت كفيها على الطاولة وشعرت "رينا" بالأسى عليها ووضعت يدها على كتف الفتاة "تيما"
وسمعتها تقول في أسف:
ـ أرجوكِ سامحيني , لم أكن أقصد فعل ذلك.
وتراجعت "رينا" إلى الخلف مبعدةً يدها حين رأت دموع "تيما" تتساقط على الطاولة وهي تقول بصوتٍ باكي ومليءٍ بالحزن:
ـ لقد أمضيت يومان في رسم هذه اللوحة.
اقتربت "ساكورا" وحاولت تشجيعها قائلة:
ـ يمكنك إعادة رسمها ونحن سنقوم بمساعدتك.
صرخت "تيما" في وجهها وقالت بعصبية:
ـ هل تعتقدين بأن هذا سهل؟... يجب علي تسليمها في الغد.
قاطعها صوت شخص يقول في عجلة:
ـ "تيما" لقد بدأت محاضرتنا.
مسحت "تيما" دموعها وقالت وكأنها مستعدة:
ـ سآتي حالاً.
لاحظ الفتى شحوب وجه "تيما" واحمرار عينيها فوقف أمامها ورفع رأسها قائلاً:
ـ ما الأمر؟
ونظر إلى حالة الغرفة وإلى اللوحة, فاتسعت عينيه ثم سمع "تيما" تقول في إحباط:
ـ سوف أنسحب من المسابقة, "اندي"
عقد "اندي" حاجبيه وقال في غضب:
ـ هل جننتِ؟... أنتِ تعلمين لماذا اشتركنا في هذه المسابقة.
قاطعته قائلة وهي تهز رأسها نفياً:
ـ لم أعد أهتم... فأنا لن أربح على أية حال.
ثم تابعت مبتسمة:
ـ لقد كان اشتراكي غلطةً منذ البداية.
صفعها "اندي" على وجهها فوقعت على الأرض, وأمتلئ وجه "رينا" و"ساكورا" ذهولاً ولم يتمكنا من قول شيء لكن "اندي" قال بعصبية وجفاء:
ـ لم أكن اعلم أنك ضعيفةٌ هكذا.
وضعت "تيما" يدها على خذها وبكت... لقد اشتركت "تيما" في هذه المسابقة لأن الجائزة عبارةٌ عن مبلغٍ مالي سيساعدها لإعطاء والدها لكي تعالج
لكنها أصيبت بخيبة أمل حين أفسدت اللوحة , وفي الواقع كان "اندي" هو من ساعدها على الاشتراك لذلك أستاء كثيراً حين سمعها تقول بأنها سوف تنسحب....
حمل "اندي" اللوحة بين يديه وقال بثقة بالغة:
ـ سأرسمها لكِ...
أبعدت "تيما" يديها عن وجهها ورفعت رأسها ناظرةً إليه باندهاش فبادلها النظرات بابتسامة صافية أنستها كل ما كان يضايقها فمد يده إليها وساعدها
على النهوض من على الأرض وابتسمت والدموع تملئ عينيها, وكانت "ساكورا" تراقب ما يحدث بانسجام ونسيا السبب الذي دفعهما لدخول هذه الغرفة
لكنهما تعرفا على صديقين جديدين....
|