لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


خطوات تغفو على عتبات الرحيل ، للكاتبة : ليتني غريبة ..

بسم الله الرحمن الرحيم.. شوفوا عااد لااحد يطلع من بعد قراايته لكل جزء الا وهو حااط الرد.. وابي ردوود تكوون عنواان لصاحبها.. يعني كل وااحد يكتب رد رهييييب.. وابغي

 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-04-08, 11:12 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ملكة الالماسية


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8455
المشاركات: 10,839
الجنس أنثى
معدل التقييم: زارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالق
نقاط التقييم: 2892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زارا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : الارشيف
Icon Mod 44 خطوات تغفو على عتبات الرحيل ، للكاتبة : ليتني غريبة ..

 

بسم الله الرحمن الرحيم..

شوفوا عااد لااحد يطلع من بعد قراايته لكل جزء الا وهو حااط الرد.. وابي ردوود تكوون عنواان لصاحبها.. يعني كل وااحد يكتب رد رهييييب.. وابغي بهالقصه مبااراة بالردود لاني يمكن اسووي ترشيح لاحلى رد !!!والجاائزه عااد تلقوونها عند ابلاا اراده. و اقداار.خخخخ...

وهذي القصه هي اول قصه في بااكورة عمليااتي للنقل.. يعني اكيييد نقل القصص.. وصدقووني ماا نقلتهاا الا لاني متاكده انها بتعجبكم جداا جداا جداا زي ماا اعجبتني..

فالله الله بالردوود الحلوه..


ايـــــــــــــــــــــــــــــــــــه على فكره من الحين ترى اقوولكم ..غـــــيــــث ولاااا وحده تحلم فيه مجرد حلم.. الرجاااال تمت مصاادرته منذوو مبطي.. خخخخخخ

وانتن ياا بناات بتلقن هناا اللي يعجبوونكن من شبااب القصه.. اخذوو اللي تبوون بس عند غيثااني ابوو سيف .. اقوول لكم.. ســـــتــــوب.... هذاا تحذيـــــــــر بسييط جداا.... لكن لو حااولت وحده تقرب منه....هنااا بتكووون باايعه حيااتهااا... خخخخخ

اتمنى ان الصوووره تكوون وضحت للجميع قبل ماا ابدأ .. خخخخخ


يـــــله بسم الله نبدأ الدخووول في خطوااات هااديه لقراااءة الرااائعه ( خطوات تغفو على عتبات الرحيل )



للكاتبه .... لــــــــيـــــــتـــــــنــــــــي غــــــــريـــــــبــــــــــــــة




إليهم ..

من سكنوا حنايا الذاكرة .. استحلوها و استبدوا بها .. فأضحت عاجزة عن النسيان ..
من لازلت من الأمس إلى يومي .. حتى غدٍ .. أعيش على تلك الصور الغابرة .. حيث وجوههم الذاوية ..
لم أعد أميّز ملامحها ..

إليها ..

تلك العاجزة عن إخلاء سبيل أطياف الراحلين .. متشبثة بألمها .. غارقة به ..
مجنونة ..
تسخر من أحزانها بابتسامة .. تدمي روحها ..

إليكم ..

لمكامن الشعور في تلك القلوب الرحبة .. مشاعر دفينة ..
لفوضى الإحساس في نفوس مضنية .. أحاسيس حائرة ..
حتما ..
ستتفجر ..!

إليّ ..

لدمعتي الغبية التي لا أعرف لها سببا .. مشاعري المتخبطة بين أضلعي ..
حائرة .. متوجسة ..
لا تعرف الهدوء للحظة ..
إلا بعد دوي الرحيل ..!



.
.



ألفت لي مسكنا هنا .. يجرني إليه الحنين عائدة ..
لأحط الرحال مجددا .. بين وريقاتي الخاوية ..، و أحرف ..
ستتساقط هامات الكلمات منهزمة ..
تحت وطأة ما ستحمله هذه الحكاية ..
لا شيء يجعلني بهذه النشوة ..
كالدنو منكم مجددا



* همسة ،،،
فوضى تعتري روحي .. أتيه بها و تبعثرني .. بحاجة لأن أرمي بأثقال ما يحير إحساسي هنا ..
لربما إهتديت إلى تلك الطرقات التي ستعيدني .. إلى عتبات الرحيل ..
أو الحنين ..







أخيرا ،،
كل بوح لقلمي هنا هو لي .. مني .. و إليّ ..
أي حرف سيستبى من بين وريقاتي في ذمة من سينشلها من جعبتي إلى يوم الوعيد ..



► خطوات مسروقة ◄

.
.

ترتعش و تكاد ركبتاها أن تتهاوى .. لم تعد تقوى الوقوف .. و قوة زائفة تهتز على وجهها ..
تتزعزع ..
جسده القوي يميل على الباب .. واثقا .. ساخرا ..
- تبينيه أظهر ..؟!
يرتجف صوتها و هي تتدارك قلبها الأحمق .. قد يفضحها ..
و هي ترفع بصرها بشموخ منكسر .. و سبابتها المتخاذلة تشير نحو الباب ..!
- هيه إظهر ..
ما زال البرود يسكن عينيه .. يجتاح جسدها المرتعد .. و هي تريد أن تغمض عينيها للحظات فقط ..
لكنه سيدرك كم هي ضعيفة ..
و سيسعده ذلك ..
لا ..
لن يغلبها ..
عادت تنظر لوجهه الجامد اللامبالي .. تبحث في قسمات وجهه المتصلب عن صدى لإحساسها الأخرق ..
حتما لن تجد شيئا ..
هو .. هو
لم يتغير ..
و لن يفعل ..
شدت يدها و إصبعها يجد طريقه للثبات ..
و تكابد دمعة تسعى للفرار ..
- إظهر من بيتيه .. إظهر من حياتيه ..



.


► الخطـــــــــــــــوة الأولــــــــــــــــــــى ◄


كانت الشمس قد تبوأت مكانا في صدر السماء .. لتسلّط أشعتها الحارقة بلا رحمة .. تشعل الأرض جحيما ..
تلهب جدران تلك المنازل المتهاوية .. تذيب الأنفاس ..
و تكوي وجهها المتغضن بضيق .. و هي تلهث بتعب .. إذا كانت هذه أضواء شمس دنيا باهتة ..
و تحيلهم رمادا في هذا اليوم ..
فليجرهم الله من نار الآخرة إذا ..
رحمتك يا رباه .. الحر شديد هذا اليوم ..
تنفض الثوب المبتل بين يديها لتعلقه على حبل الملابس .. و هي تشخر ساخرة .. تحت وطأة هذه الشمس و حرارتها .. ستعود بعد لحظات لتجمع هذه الملابس ..
واصلت نفض الملابس و هي تنتعش لثوانٍ خادعة بالقطرات التي تتناثر منها .. فقد تعطل جهاز تنشيف غسالتهم .. عليهم نشر الثياب مبتلة تماما ..
تنهدت بقوة .. لا بأس ما دامت سترطب الأجواء في هذا الحر القاتل ..
مسحت جبينها المحمر بتعب ..و هي تواصل نشر الملابس .. حانت منها التفاته سريعة للسور القصير المتخاذل ..
المشترك بينهم و بين جيرانهم .. فكرت بداخلها أن ترمي بعض الحصى لتنبه فاطمة .. فتلاقيها ..
سرعان ما تراجعت عن هذه الرغبة ..
فهن بالتأكيد سيتحدثن عبر الفرجة التي توجد في الجدار القابع خلف المطبخ ..
و تحت لسعات هذه الشمس .. لا تعتقد بأنها ستجد متعة في الحديث .. الأفضل أن تتوجه للداخل فور انتهائها من هذه الملابس .. كي تقضي ما تبقى من أعمال ..
انتهت من نشر الملابس لتجيل نظرها في الباحة الخلفية لمنزلهم .. الباحة الضيقة .. التي لا يتجاوز طولها الثلاثة أمتار و عرضها المترين ..
حملت سلة الغسيل .. و استدارت متوجهة للحمام .. لتضعها حيث مكانها .. قرب الغسالة .. و لكنها توقفت عند باب المطبخ .. لتدلف بهدوء .. و هي تراها تدير ظهرها لها و تحرك الملعقة في القدر ..
مدت يدها تلمس كتفها لتنبهها إلى وجودها .. فالتفتت تلك بسرعة ثم ابتسمت بشغب و هي تشير لوجهها الجميل ضاحكة ..
عقدت الأولى جبينها بضيق .. لابد أن وجهها محمر بشدة فبشرتها البيضاء ستحترق حتما تحت أشعة الشمس ..
صفقت بيدها ثم دفعتها في وجهها بحركة طفولية مضحكة .. لتهتز تلك مجددا في ضحكة متقطعة و عينيها الواسعتين مغمضتين ..
قبل أن تشير لها أختها بيدها بحركة فنجان يشرب و تشير لعلبة الشاي في رف قريب .. و هي ترفع صوتها بشدة ..
- سوي جاهي .. سوي جاهي ..
هزت تلك رأسها و أشارت إلى عينيها ..
- أن عوني ..
ابتسمت تلك و اقتربت منها تطبع على خدها قبلة قويّة .. و تقول بصوت عادي تعلم أنها لن تسمعه و لكن تحرك شفتيها بوضوح ..
- تسلم عيونج ..
خرجت من المطبخ و وضعت السلة في الحمام الوحيد في المنزل باستثناء الحمام الملحق بالغرفة الخارجية الحقيرة التي يطلقون عليها مجلس الرجال ..!
أي رجال .. تلك الغرفة الضيقة لن تكفي سبعة منهم ..
نظرت للمساحة الصغيرة بين الغرف الثلاث التي يعتبرونها صالة و مكانا للجلوس حيث وضعوا جهاز التلفاز المسن .. ارتاحت لمرآها نظيفة ..
رفعت بصرها نحو الباب المقابل مباشرة .. لتتقدم بهدوء و تدير المقبض و تدفعه .. ليكشف خلفه عن غرفة ضيقة وُضع في زاويتها على الأرض مرتبة مربعة فُرش عليها غطاء و وزعت بها مخدتين عريضتين و بطانية ثقيلة ..
و بجانبها جلست تلك على الأرض بين يديها ثوبا لم تتبين ما الذي تفعله به .. اقتربت ببطء كي لا تشد ناظرها حركتها .. لتجدها ترتق شقا في طرف الثوب بإبرة .. جلست بجانبها لترفع تلك رأسها بابتسامة حنونة ..
شيء كالحلم ارتسم على وجهها الذي خطت به الأيام ما يكبر سنها الحقيقي .. بادلتها هي الابتسامة بصدق و هي تصيح بصوت عالٍ ..
- أمااه .. جاهي .. جاهي في الصالة ..
و تشير بيدها لتفهمها ما تقصد .. فتهز أمها رأسها بهدوء و هي تشير لما بين يديها .. ففهمت مقصدها بأن تريد أن تنهي ما بين يديها .. و هي تسمع حديثها المتقطع ..
- ثوب عفااه .. تبااه يوم ..
تذكرت .. أوف ،، عفرا و ما تريد .. فكرت بأن تلقي نظرة سريعة على فاطمة لتسألها الآن ما تريد ..
وقفت بسرعة و ركضت بخفة لتصل إلى الباحة الخلفية الضيقة خلف البيت .. فتلتقط بعض الحصى من الأرض و ترميها على المظلة التي تظلل جزء بيت جيرانهم الخلفي .. حيث يوقفون سيارتهم الوحيدة ..
لحظات و يصلها صوت فاطمة الناعمة و هي ترفعه كي تسمعها ..
- منوووه ..
رفعت صوتها هي الأخرى ..
- فطووووم أنا حور ..
أتاها صوت فاطمة مجددا ..
- بـــــــلاج حــــــــور ..؟
- تعالي صوب الفتحة برمسج ..
و ركضت للجدار القابع خلف المطبخ .. لتدس وجهها في الفتحة المستديرة .. قبل أن يطل وجه فاطمة من الجانب الآخر ..
- مرحباا ..
ابتسمت حور بود ..
- أهلين ..
- هاا شعندج بسرعة الغدا ع النار أخاف يحترق ..!
ابتسمت حور مازحة ..
- و إذا بيحترق بتفرق يعني .. بيسمم أهلج بيسممهم .. محترق و الا لا ...
مطت فاطمة شفتيها ..
- مالت عليج .. أنا أستاهل لي أخطط أطرش لج من الصالونة ..
اتسعت عينا حور بلهفة ..
- مسوية صالونة اليوم ..
نفخت فاطمة صدرها ..
- عيل .. الحين خلصينيه شعندج ..
رفعت عينيها للأعلى بحرج .. تشعر بالضيق دوما لإضطرارها أن تطلب من صديقتها شيئا رغم أنهم اعتادوا على تبادل احتياجاتهم ..
- آآممم .. فطوم بتخبرج .. بعده فستان عرس خوج سالم عندج ..؟!
هز فاطمة رأسها بعجب ..
- هيه .. بس هذا مفصلتنه قبل أربع سنين يمكن يطلع قصير عليج ..
هزت حور رأسها بسرعة ..
- لا هب أنا لي أباه .. عفاري تبا فستان للتخرج .. تعرفين باقلها شهرين و تتخرج من الثنوية .. قلت أشوفه بعده عندج ..؟!
ابتسمت فاطمة بحب ..
- أفاا عليج .. إلا عنديه .. و بييبه لج العصر إن شا الله .. كم حور عدنا .. تستاهل عفااري ..
قالت حور ببؤس ..
- على الله يطلع على مقاسها .. ناقة هاي هب بنية .. شوي و تطولنيه ..
ضحكت فاطمة برقة ..
- عادي لو ما يا عليها بنفكه من تحت أهم شي تلبس فستان في التخرج شرات باقي البنات ..
ابتسمت حور و مدت يدها عبر الفتحة لتقرص وجنة صديقتها بحب ..
- يعلنيه هب بلاج يا الغالية ..
أسدلت فاطمة أهدابها بخجل مصطنع ..
- أحرجتينيه ..
- قولي و الله ..!
- و الله ..
- هب كأنها هاي ريحة غداكم يحترق ..
اتسعت عينا فاطمة برعب .. الغداء.. و ركضت مسرعة .. فيما صرخت حور خلفها و هي تقهقه بقوة ..
- لا تنسين تييبين الفستان عسب تقايسه الناقه ..
ثم قهقهت مرة أخرى و هي تهز رأسها بخفة و تستدير نحو الداخل ..
- مقصّه ..!!

* * * * *
نقلت طفلتها بعناية من يدٍ إلى أخرى و هي تدلف البيت بهدوء شديد .. تعلم جيدا أين ستجد أصحابه في هذا الوقت .. توجهت مباشرة نحو المطبخ .. لتتسع ابتسامتها حالما وقعت عيناها على أمها و هي تدور و تساعد الخادمة في إعداد الغداء ..
- السلام عليكم ..
التفتت أمها بحنان و هي تتقدم منها ..
- و عليكم السلام و الرحمة .. مرحبا .. مرحبا .. حيا الله من يا ..
قبلت رأس أمها و هي تناولها الصغيرة لتسلم عليها ..
- يحييج و يبقيج فديتج .. شحالج أمايا ..
تخرجها من المطبخ و تقودها للصالة ..
- بخير يعلج الخير .. شحالج انتي و شحال مريومتي - و ضمت الصغيرة لصدرها بحنان - بعدها مريظة ..؟!
تنهدت إبنتها ..
- يسرج حاليه .. مريوم تونيه يايبتنها من العيادة مسويلها أكسجين .. إدعيلها انتي بس ..
- الله يشفيها ..
- آمين ..
مدت أناملها تمررها على شعر ابنتها الغارقة في حضن أمها ..
- خالتيه وديمة شحالها ..
نظرت لها أمها شزرا ..
- لازم بتخبرين عنها سميتج .. ما تنشدتي عن خوانج ..
ضحكت وديمة بمرح ..
- شوه أمايه ليكون تغارين ..!
عقدت أمها جبينها ..
- أغار من شوه .. صدق ما عندكن سالفة يا بنات هالزمن ..
ابتسمت بهدوء ..
- لا صدق أمايه .. خالوه شحالها .. من زمان عديبها ..
تنهدت أمها بأسى ..
- لا تخبرينيه .. و الله أنا لي من زمان عنها .. من أسبوعين يمكن هب داريه عنها .. التهيت بالبيت و العيال و ما رمت أسير لها .. هي لو عندها تيلفون كان زين ..
ابتسمت وديمة بمرارة لزلة أمها ..
- و لو عندها تيلفون كيف بترمسينها ..
اتسعت عينا أمها بادراك قبل أن تزفر بضيق .. تابعت وديمة ..
- التيلفون عند هالخبلة حوورووه ... بس دومها مبندتنه ..
- هيه ترانيه تخبرت مايد البارحة و قاليه إنها ما تبطله .. مادري عيل ليش يايبتنه ..
- شوه يايبتنه بعد .. هذا لي يقاله ريلها يايبنه لها .. بس ما تبطله خايفة يتصل .. و الله إنها مشفرة هالبنية .. إلا ما أرضعتيها شي من العقل يا أميه ..
ضربتها أمها بخفة على ذراعها و هي تنهرها مدافعة عن ابنتها بالرضاعة ..
- حور أعقل عنج ظامة هل بيتهم كلهم هي و المها .. غير أبوها ما سوى خير يوم فرها في ذمة هالريال .. عنبوه من ملك عليها ما شافت شيفته ،،، أمبونها هب عارفتنه هي و أهله لي ما شافتهم غير يوم الملكة المنحوس ..
خففت وديمة عن أمها ..
- شوه تبين ابهم .. هاييلا هلهم .. و متفاهمين .. تعرفين انتي البير و غطاه .. خلينا برا هالسالفة أخير لنا ..
قالت أمها بقوة ..
- هاي بنتيه ..
- أدري فديتج .. بس شوه بتغيرين انتي من الوضع ..؟! ما باليد حيله يا أميه .. إذا أبوها راضي بالوضع .. نحن مالنا حجة عليه ..
نفخت أمها بقهر و هي تنظر لوجه الطفلة ..
يقع ظلم كبير على تلك الفتاة و الكل يتفرج ..!

* * * * *

عقدت جبينها بشدة و هي ترى المسألة تتعقد في عينها أكثر .. فأكثر .. حقا لن تجني شيئا من خلف هذه الفيزياء بخلاف خلل سيصيب دماغها مع نهاية العام ..
صفقت الكتاب بقوة لتدسه في حقيبتها المدرسية .. و تضم غطاء رأسها جيدا .. لتنظر عبر نافذة الحافلة للخارج و تزفر ببطء ..
زحمة الشوارع الضيّقة و هذه الأحياء المتقاربة .. و السيارات العائدة من أعمال أصحابها ..
كانت أصوات الفتيات في الحافلة المدرسية و هي تقلهم للبيت من المدرسة تعلو و تتفاوت و ضحكاتهن تملأ الجو ..
أيجدن في نفوسهن النشاط لشق الإبتسامة بعد يومهن الدراسي .. عجيب ..!!
من زحمة الأصوات يصل لمسامعها صوتين تألفهما كما تألف اسمها .. ضحكاتهن .. و حكاياتهن المتحمسة ..
رغم عنها وجدت نفسها تبتسم و هي تستمع لأختها التي تصغرها بسنتين و هي تتحدث بصوت عالٍ عن قصة تعرف هي جيدا أنها لم تحدث قط ،، و لكنها تستمتع بسرد الأكاذيب و الحكايات الملفقة .. هذا ما يجعلها محط الأنظار من زميلاتها .. هي و أختها الأخرى التي تكبر الصغيرة بسنة .. يستطعن الاندماج بسرعة معا في أي مكان ما ،،، و لم يكن ذاك صعبا عليهن في المدرسة .. حيث جميع من ينضم لذاك المجتمع يقاربهن في السن ..
شعرت بثقل يقع بجانبها على طرف المقعد الخالي .. لترى أختها التي تصغرها بسنة مسترخية و هي تلف غطاء رأسها بعنف ..
- أوووف .. حررر .. بموووت .. عفاري لو انصهرت حطونيه في الثلاجة ..
و راحت تضحك بشدة على نكتتها السخيفة .. فيما هزت عفرا رأسها باستخفاف ..
- وين هاي الثلاجة لي بتسدج ..؟!
نظرت بطرف عينها و هي تقول بتكبر ..
- شوه أخت عفرا .. عندج شك في رشاقتي ..؟!
رفعت عفرا حاجبا ساخرا ..
- لا حشا .. امنوه بيشك في حجمج يا نورة ما شا الله .. إنتي يقين تسدين عين الشمس ،،،
ابتسمت نورة بخبث ..
- كأنج تسبينيه .. بس ما عليه ،، ناقة ما ألومج أكيد تغارين ..
نظرت لها بضيق .. لا تحب أن يعيّرها أحد بطولها .. خصوصا شقيقاتها القصيرات القامة اللواتي تفوقهن طولا ..
- ما برد عليج يا حكيم الأقزام .. أشري لختج خليها تيي .. قربنا من راس شارع الفريق ..
رفعت نورة يدها بحماس و هي تشير لأختهن و تقول بصوت مرتفع تريد أن يصلها من بين أصوات الفتيات ..
- داانوووه ..
التفتت دانة نحوهن قبل أن تشير نورة لمقدمة الحافلة .. فالتقطت دانة حقيبتها ثم تقدمت للكرسي لتدفع نورة إلى الداخل و تجلس بجانبها .. رغم ضيق الكرسي الذي بالكاد اتسع لثلاثتهن .. إلا أنهن لم يشعر بالضيق .. لحظات و توقفت الحافلة عند موقفهن المعتاد .. حملن حقائبهن المدرسيّة على أكتافهن قبل أن يرفعن أطراف غطاء رؤوسهن على وجوههن و ينزلن من الحافلة تباعا ..، تحركت الحافلة مبتعدة و مفسحة لهن الطريق ليقطعن المسافة المتبقية بين البيت و المنزل مشيا على الأقدام .. تذمرت دانة بشدة ..
- ما بوصل البيت إلا أنا متسبحة عرق .. حر حر .. أففف .. الله المستعان ..
كادت تبكي حين رأت سيارة مقبلة من الشارع البعيد ..
- لااا .. هب ناقصينه هالسبال بعد ،،،
التفتن جميعا ليرن السيارة المقبلة .. هتفت نورة بحنق ..
- و الله العظيم لفره بحصى ،، هالثور ما يفطن .. عنبوه ما يحشم ييرانه .. أنا أقول شعنه ما تم معرس غير سنة امنوه يروم لواحد شراته هالحقير ..
كانت عفرا هادئة و صارمة ,,
- ما عليكن امنه .. سون طاف و امشن و لا تلفن يمين و لا شمال .. نورة و الله ليوصل الخبر لبوية هب حور لو رديتي عليه .. خليه يخيس هو و رمسته السم .. طنشن و الا بيشجعه المرادد .. سيده ..
قالت دانة بغصة ..
- لو أروم أقول لبوية بس .. و الله ليدفنه في القاع الكلب ..
همست نورة مع إقتراب السيارة التي أصبحت تمشي بقربهن ببطء ..
- خبلة انتي ..؟! بيدفنه و بيدفنا وياه .. ابوج ما عنده ون تو .. بقول انتن يريتنه .. طبيه الخايس ما يرزا ..
و ببطء أنزل زجاج نافذة السيارة ببطء شديد .. و هو يقول بصوت يحاول جاهدا أنا يكون رقيقا ..
- السلام عليكن بنات ..
واصلن البنات يحثثن الخطى بصمت .. لم يعدن حتى يتبادلن الأحاديث فيما بينهن ..
- أفاا ما تردن السلام .. السلام لله .. ما تبن توصيله ..
تشعر نورة بشيء يتصاعد في صدرها .. تريد أن تتوقف لتلتقط حجرا من حجارة هذا الشارع المهمل لترميها على رأسه عديم النفع .. و صوته النشاز يصلهن و هو يقول بخبث ..
- حرام و الله غصون البان تمشي تحت هالشمس .. فديت عرضاتهم العرب .. لو من أهلكن كان حطيت موتر و دريول خاص يوصلكن الين باب الحجرة ..
همست نورة بحقد لا يسمعها إلا أختيها ..
- إنقلع زين .. انته لو تروم سير بدل موترك .. لو تغازل ع سيكل أشرف لك من هالكشرة ..
حبست أختيها الضحكات باستماتة .. و تنفسن الصعداء حين لاح البيت الصغير لهن من بعيد .. قال هو مودعا ..
- الوعد باكر يا الغراشيب .. ارقبنيه ..
و أسرع من سير سيارته .. لا يستطيع اللحاق بهن حين يقتربن من البيت يخشى على نفسه من أبيهن ..
في حين تنهدت دانة بارتياح ..
- روحة بلا رده .. أونه ارقبنيه .. عنلاته الخسيس ..
دلفن من الباب الحديدي .. و أحنت عفرا رأسها كي لا ترتطم بقمته القصيرة .. ليدلفن إلى الداخل ..
دخلن الصالة ليجدن الجميع يجلس في الصالة .. أمهن و حور و المها .. و شقيقهن ذو الثلاثة عشر عاما .. و أخواتهن الصغيرات .. الأولى في الرابعة عشر من عمرها .. و الثانية لم تتجاوز العاشرة ..
هتف الفتى فور رؤيتهن ..
- هاا ... شرفن الشيخات يالله حطوو الغدا ..
لم تنتبه المها لوصولهن و لا أمها .. لامست حور طرف يدها لتلتفت لها .. ثم ترى أخواتها الثلاث قد وصلن ابتسمت لهن فأقبلن يقبلن رأس أمهن القابعة في زاوية الصالة .. واحدة تلو الأخرى ..
و حور تقول ..
- أبطيتن ..
عفرا و هي تلقي حقيبتها بثقل .. و تدلك كتفها ..
- الباص تأخر ..
- صليتن ..؟
- الحمد الله..
- خلاص بنحط الغدا ..
و هبت واقفة لتقف المها معها .. لحظات قبل أن يخرجن من باب المطبخ و حور تحمل صحن الغداء .. و المها بيدها إبريق ماء بارد ..
وضعوا الغداء و التفوا حول الصحن جميعا يتناولونه بنهم هتف الصبي بحماس ..
- مزنة صبيليه ماي ..
تذمرت الطفلة ذات العشرة أعوام ..
- أففف .. ليش تحطون الماي عندي .. ما يخصنيه .. بصب لنايف .. خلاف لي يبا الماي يصب لعمره ..
رفعت دانه يدها تضرب مؤخرة رأسها ..
- جب زين .. بتصبين و انتي حمارة .. أصغر القوم بشكارهم .. انتي بشكارتناا ..
صاحت مزنة مستنجدة ..
- حوووور قوليلهااااا ..
تأففت حور ..
- دانووه يوزي عن أختج .. خلينا نتغدا و ننظف المكان قبل لا يي أبوية ..
نظرت دانة لمزنة متوعدة .. لتصيح الأخيرة مرة أخرى ..
- حور تطالعنيه ..
نظرت حور لهن بغضب ..
- أفف .. و بعدين يعني .. دانووه قسم بالله أكسر راسج لو ما إصطلبتي .. عنبوه تحطين راسج براس هالياهل .. و بعدين انتي خلي عنج البزا و لو طالعتج بتاكلج يعني .. تغدن و انتن ساكتات ..
قال صوت هادئ من جانبها ..
- محد ياكل و هو ساكت إلا اليهود .. أبلة الدين قالت ..
نظرت نورة ساخرة لأختها ذات الأربعة عشر عاما ..
- أوووه رمست الشيخة هند مفتي مكة .. محد يرادها ..
إنعقد جبين حور في غضب حقيقي ..
- انتن بتصخن و الا شوه ..
نكس الجميع رؤوسهم يتابعون طعامهم بهدوء .. و نورة و دانة يتهامسن في شيء ما .. عفرا تنظر لحور ..
- تخبرتي فطوم عن الفستان ..؟!
هزت حور رأسها ..
- هيه بتييبه العصر .. نايف عقب الغدا لا ترقد .. خلص واجباتك .. مزنووه .. انتي بعد .. لا يي العصر الا و انتوو مخلصين ..
الوحيدتان اللتان لم تكونا منزعجتين من الحديث المعتاد كل يوم هما المها و أمهم ..
لأن شيئا من الحديث لم يصلهن ..!

* * * * *

سحب نفسا عميقا من السيجارة قبل أن ينفثه ببطء في جو سيارتها الفارهه .. نظر عبر زجاج نافذتها الذي لن يتبين من بالخارج شيئا منه .. و هو ينظر للفيلا العملاقة الجاثمة بسلطة على أنفاس الأرض كوحش مستعد لبلع من يقترب منها ..
فتحت باب سيارته ليرمي بعقب سيجارته على الأرض و يدوسها بطرف حذائه الفاخر ،،، و ابتسامة ساخرة تعلو شفتيه .. و هو يفكر بأنهم بالتأكيد ينتظرونه الآن .. ألقى نظرة لا مبالية على ساعته التي تقارب الثانية و النصف ظهرا .. و هو يكتم ضحكة خبيثة داخله ..لابد أنهم على نار .. لن يضيرهم الشعور بالجوع قليلا .. لم يهتم لكون من ينتظره بالداخل هم أبوه و إخوته .. و أعمامه الثلاثة و أبناءهم .. و على رأسهم جده .. و لان وجهه الصلب قليلا و هو يفكر بأنه الوحيد الذي سيجبرهم على انتظاره .. فكر بأن يجلس قليلا في الخارج لمجرد أن يضايقهم ..
و كأنما شعر برغبته تلك .. ارتفع رنين هاتفه بحدة يشق سكون الباحة الأمامية الشاسعة المساحة ،، يرفعه ببطء و رقم أبيه يتراقص على شاشته ..
- ألوو ..
كان أبيه غاضبا .. يتضح ذاك من صوته المكتوم ..
- انته وين ..؟
قال ببرود شديد ..
- عند باب البيت .. رب ما شر ..
نفخ والده بضيق ..
- أبطيت علينا .. لنا ساعتين هنيه و انته ما شرفت .. خوك الثاني وينه ..
شخر ساخرا ..
- أي واحد فيهم..؟! عندي أربعة ..
- حامد .. وينه ..
تصلب وجهه و هو يقول ..
- تلقاه يرتغد في واحد من هالمولات .. مادريبه وينه ..
أنهى أبوه المكالمة دون أن يزيد بكلمة واحدة ..
نظر لشاشة الهاتف لوهلة واحدة قبل أن يعيده لجيبه ثم ينظر لانعكاس صورته على نافذة سيارته السوداء .. يرتب وضع - الغترة - قبل أن يستدير متوجها نحو البوابة الرئيسية للبيت المقابلة له .. و هو يمشي بخطوات واثقة .. جسده القوي يقطع المسافة بهدوء .. ليصل إلى الباب و يفتحه على مصراعيه ..
خلف هذا الباب .. امتدت أمامه قاعة الإستقبال الفسيحة .. الفخمة .. بما علق على أسقفها من ثريات و وزع على مداها من الأثاث ما يشغلها .. توجه نحو المجلس الداخلي حين يجتمعون على الغداء كل خميس في بيت جده .. أو بالأحرى بيته .. المكان الذي تربى و كبر وسطه .. ترعرع وسط برود جدرانه .. و قسوة سكانه الذي ارتشفها منذ الصغر ليتعلمها .. و يتقنها درعا يكسو وجهه الذي اكتساه الجمود فور اقترابه من الباب .. لا شيء كان يذيب جمود تلك الملامح .. سوى ثقته بحب جده الشديد له و إن كان يميل لتربيته القاسية ،،، حتى أنشئه .. و جعله نسخة كانت الأقرب لجده .. الذي كان يرى انعكاس قوة شبابه في عيني حفيده الأكبر .. لا شيء كان يذيب الجليد الذي يكسو إحساسه تلك الأيام ،، سوى دفئ صدر تلك الحبيبة الذي قطع طريقه صوتها المرتجف و هي تنادي ..
- غيـــــــــــــث ..
توقف مكانه و ارتسمت على شفتيه ابتسامه صادقة تبخر كل جمود .. و كل كبر و هو يستدير ليجدها جالسة على أحد مقاعد جسدها الضئيل يكاد يختفي في المقعد الوثير ليحول عن اتجاهه و يخطو نحوها .. اقترب منها بسرعة ..
- السلام عليكم ..
صوتها الواهن يجيبه بابتسامة ..
- و عليكم السلام و الرحمه .. مرحبـــا الســــــاع بالغالــــــي ..
انحنى بحب يطبع قبلة على رأسها و كفها الغضة ..
- لمرحب بااقي يا القلب .. شحالج فديتج ..
شدت على يده ..
- بخير فديت روحك .. شحالك انته .. ربك بخير ..
- يسرج حاليه يا الغالية .. ياغير هالشركة لعوزتنيه من قبظت الإدارة فيها ..
عقدت جبينها بضيق ..
- الله يسامحه سعيد .. لو طايع شوريه و مقبض الإدارة حد من أعمامك و إلا أبوك .. اروحك تراكض يمين و يسار لأشغالك ..
قال بابتسامة معاتبا ..
- أفاا يا أم علي .. أنا قدها و قدود و إلا شرايج ..
ابتسمت بحب و هي تمد يدها تضعها على ذقنه تلامس لحيته المشذبة بعناية ..
- و نعم و الله .. يا الله فديتك ما تبا تحدر عند الرياييل .. من الصبح يرقبونك ..
قال مازحا ..
- لا خلاص أنا بتغدا وياج اليوم ..
- متغدية أنا يا الغالي .. و إلا كان خاويتك .. سر قداهم يعلنيه هب بلاك أبطيت عليهم ..
قبل رأسها قبل أن يعود و يتوجه للمجلس مرة أخرى .. فتح الباب بقوة دون أن يقرعه لتستدير الرؤوس نحوه بقوة ..
ابتسامته الجانبية لم تخفى عن الأعين و هو يسلم بصوته الرجولي العميق ..
- السلام عليكم
ردوا السلام عليه و هو يتوجه رأسا نحو ذاك العجوز الذي لازالت معالم القوة واضحة على وجهه و هو يتصدر المجلس الواسع .. و هو ينظر إليه بفخر .. يقترب منه ليسلم عليه بحرارة .. ثم يلتفت لأبيه الجالس على مقربة منه و يسلم عليه و على أعمامه ثم بدأ يسلم على أبناء عمّه و إخوته ..
انتهى منهم ليجلس على يمين جده براحة .. يكبح ابتسامه لؤم و هو يستشعر الحقد في تلك العينين .. لحظات قبل أن يميل لجده أمام أعين الحاضرين و يتهامسان مطولا قبل أن يقهقه جده بحبور و عينيه تشعان بمكر و قسوة ..
فيقول هو بصوت جهوري ..
- الغـــــــدا يا يماعة الخــــــــير ..
كان الغداء كغيره كل خميس .. لم يختلف شيئا فيه .. المناقشات المعتادة و الأحاديث التي تعاد ..
مر الوقت بسرعة و هما يتصارعان بالنظرات .. هو لا يلقي له بالا و يصد نظراته الحاقدة ببرود .. و ذاك يشتعل غيرة و هو يحتقر هذا المغرور .. كم سيبرد غليله لو استطاع سكب قدر الحساء العملاق على رأسه ..
انفضوا بعد الغداء بسرعة مجيئهم .. لا عجب فالجميع مشغولون و تلك الساعات المستقطعة من أوقاتهم الثمينة لكي يجتمعوا بها ،،، راحت هباءً و هم في انتظار حفيد العائلة الأكبر .. الذي لم يكن ينوي سوى تضييع المزيد من الوقت .. كي يصل متأخرا لهذه الاجتماعات التي يكرهها ..
نفض هذه الأفكار المتزاحمة عن ذهنه و هو ينفض رماد السيجارة بهدوء ..
- بيقتلك هالسم لي إنته تتنصخه ..
التفت بسرعة نحو صاحب الصوت الجهوري .. ليقف على قدميه باحترام و هو يقول بهدوء ..
- تعرفنيه ما أدخن إلا نادرا ..
هز جده رأسه بحكمه و هو يتقدم نحو المكتب ليستوي على المقعد ذو الظهر العريض ..
- يوم تكون ضايق .. شوه لي فخاطرك ..
- اقترب من النافذة .. طوله الفارع و عرض منكبيه يكاد يسد فتحتها العريضة .. و هو يقول بصرامة ..
- الصفقة هاي يبالها تركيز .. و تعرفينيه أتنرفز يوم يكون ورايه أشغال مهمة ما قضيتها ..
- بس هذا ..؟!
هز رأسه ببطء و هو لا يزال ينظر للباحة الأمامية المزروعة أمامه و هي تمتد حتى السور البعيد لحدود أملاكهم ..
.
.
كان يدير له ظهره و هو يبدو غارقا في أفكاره ،،، أنفاس سيجارته الذاوية تتصاعد ببطء ..
قبل أن يقترب ليدس السيجارة المشتعلة في المنفضة .. و جبينه لا زال معقودا .. يبدو ذهنه بعيدا أميالا عن هنا ..
رفع فجأة عينيه الحادتين ليلتقي بعينيه .. هذا هو الرجل الذي كان تربية يده و أفكاره ،، و أهدافه ..
و رغباته أيضــا ،،
قال بهدوء و هو يمعن النظر فيه ..
- إلا ما قلتليه ..، ما فيه أخبار عن عميه حمد ..؟!
التوت شفتيه بسخرية مريرة .. ابنه هذا .. شوكة في الخاصرة .. لا أحد ،، لا أحد البتة قد يستطيع أن يتحدث معه عن ابنه هذا باستثنائه هو .. حتى أبناءه يتجنبون الحديث عن أخيهم البعيد ذاك خشية إغضابه .. و لكنه لا يبالي ..!! يتحدث عن الموضوع و كأنما يتحدث عن الطقس ..
نظر له بعين ثاقبة لبرهة .. قبل أن يقول بهدوء ..
- ماشي أخبار عنه .. آخر مرة سمعت بها عنه يوم ملكتك و الرمسة لي يبتها وياك ..
ثم رفع رأسه و هو يرى البرود لا زال يكسو وجه حفيده ..
- اعلومها حرمتك .. ما يبت شي من أخبارها ..؟!
شخر غيث ساخرا و هو يستدير متوجها نحو الباب ..
- اعلومها من اعلوم أبوها .. لا يوم الملكة و لا قبلها و لا عقبها .. ما عرف منها غير اسمها .. كانيه ما نسيته ..
عقد الجد جبينه ،،، شيء ما لم يعجبه في نبرة حديثه ..!!
هذا قد يهز خططه المرسومة .. رفع بصره ليرى غيث قد وصل للباب يمسك بقبضته ليقول بهدوء قبل أن يخرج ...
- الين اليوم مادري ليش طلبتنيه أخطبها .. و انته هب راضي على أبوها ..
انقبض فك العجوز و هو يقول بصلابة ..
- غيث ..
اعتدل حفيده في وقفته و تصلب جسده الفارع .. متأكد بأن هذه النبرة لا زالت ترهبه .. و يحترمها ..!
تابع يقول بهدوء متوعد ..
- هاي حدودك لا تتعداها ..
.
.
كان شيء ما يلمع في أفق عيني ذاك الرجل و ابتسامة ماكرة تناوش شفته ..
حقا يقلقه أحيانا حفيده هذا ..!!

* * * * *

في اللحظة التي دلف فيها البيت هب الجميع يقفون بجانب بعضهم البعض .. يسلمون عليه بالتوالي ،، فيما هرعت زوجته للمطبخ لتحضر غداءه .. عادوا يجلسون بجانب بعض قبالته ،، فيما شمر عن كمّه و هو لا يزال ساكتا .. لا يعود من عمله إلا و قد أنهكه التعب .. لا يجد في داخله الرغبة لتبادل الأحاديث معهم ..
كانوا يراقبونه بصمت يخالطه رهبة حضوره .. اعتاد منهم هذا التعامل .. كان يتناول غداءه بصمت رهيب ..
أنهى غداءه وسط سكوتهم .. قبل أن يرفع صوته الأجش آمرا ..
- حور .. نشي هاتيليه ماي بغسل إيديّه ..
قالت بخنوع ..
- إن شا الله ..
و هرعت تجلب وعاء ماء يغسل يديه فيه ..
نظر لابنه الوحيد الذي يجلس بين شقيقاته الست و أمهن .. شعر بضيق شديد لمرآه يجلس بين الفتيات فصاح ..
- نايـــــــف ..
انتفض ابنه بذعر ليرى أبوه يعقد جبينه بغضب ..
- نش ذاكر و إلا إذلف إيلس في الميلس ..
صمت الجميع و نايف يهب مسرعا للتوجه إلى كتبه رغم أنه قد أنهى المذاكرة للتو .. و لكنه ليس مستعدا أن يعصي أباه ليكون ضحيّة - عقاله - ،، أبــــــدا ..
أحضرت حور وعاء الماء ليغسل يده فيه بضيق ،، هكذا يكون مزاجه دوما بعد عودته من العمل .. ثائرا ..
من الإرهاق و جسده الذي شاخ و لم يعد يحتمل ضغط الأثقال التي يرميها على أكتافه ..
إنتزع عمامته الذي كان يربطها على رأسه ،، مصفرة من الغبار .. و العرق ..
و رماها أرضا و هو يقول لحور بجفاف ..
- إغسليها ..
هزت رأسها ..
- إنشا الله ..
هب واقفا و توجه لغرفته ليأخذ قيلولة قصيرة قبل صلاة العصر .. فالتقطت حور العمامة و وعاء الماء و هبت عفرا لكي تأخذ صحن الغداء الذي تركه والدها ..
وضعت الوعاء في المطبخ و قامت عفرا بغسل الصحون ثم توجهت مع إخوتها لغرفتهن المشتركة كي يواصلن المذاكرة .. جميعهن السبع فتيات يرقدن في غرفة ضيّقة فيما أصبحت الغرفة الوحيدة المتبقيّة لنايف وحده ..
غسلت عمامة أبيها القذرة .. و نفضتها لتعلقها على حبل الغسيل .. جيد ستجف قبل غروب الشمس ..
هذه العمامة التي تحتضن جهود أبيهم ،، تعبه ،، سعيه لإعالتهم ..
مدت يدها بحنان لتلامس العمامة .. لا يهم كيف يعاملهم أو كيف يقسو عليهم .. لا يهمها حقا ما تسبب لها من أذى حين أجبرها على ما لا تريد ..
يكيفيها بأن والدهم و أن لا يساوون شيئا دونه ..






الخطـــــــــــــــوة الثانيــــــــــــــــــــة ◄


║.. خطوات تلتمس طريق البداية .. ║



في غياهب ظلمات النعاس صوت الطرقات يشق السكون الخامل .. ينتشلها من رقادها بقوة .. لترفع رأسها بتعب من على المخدة و شعرها الجاف يسقط على وجهها .. فتتذمر بصوت أثقله النعاس ..
- امنووووووووه ..
كانت تلك أمها التي صاحت بها و هي لا تزال تطرق الباب بقوة ..
- رويييييض نشي و صلي العصر لا تطوفج الصلاة ..
هز رأسها الثقيل تنفض النوم قبل أن تقول ..
- انزيييييييييين خلاااااااااص ..
سكون أعقب الكلمات لترتمي مجددا على السرير .. خمس دقائق فقط ثم ستصلي .. خمس دقائق .. تقلبت على الفراش الوثير .. و راح جفناها يثقلان .. قبل أن تجفل بفزع حين عادت الطرقات تلح على بابها بقوة ..
- روووضووووه نشي صلي ..
مسحت وجهها بتعب ..
- نشييييت .. و الله نشيت ..
ألقت نظرة على ساعة الحائط لتجد عقاربها تشير للرابعة و النصف .. فدفعت عنها غطاء السرير متوجهه نحو الحمام لتتوضأ .. تخطو على أرضيته الرخامية الفخمة ..
أدارت الصنبور ليتدفق الماء الدافئ بقوة تحويه بين يديها لتنثره على وجهها البارد فتسترخي قليلا ..
كان اليوم متعبا للغاية ،،، المزيد من المحاضرات .. المزيد من الواجبات المنزلية .. ثم تأتي إلى البيت تنشد الراحة لسويعات قليلة فلا تجدها ..!!
تنهدت و هي تتوضأ ببطء .. قبل أن تخرج لترتدي ما يناسب الصلاة و تلف غطاء رأسها بإحكام ..
ترفع يديها لجانب رأسها .......
- اللـــــــــه أكـــــــــبر ..

* * * * *

تشد الغطاء لرأسها بقوة و هي تتمسك بثوب أختها الكبرى .. فيما راحت أختها الأخرى تسحب طرف الغطاء ..
- أقوووووولج خوزي أخيرلج .. و الله تتصفعين ..
صاحب الصغيرة باكية ..
- حووووووووور قولي لهنـــــــــــد .. أنا حجزت المكان قبلهااا .. أبا أوقف عدالج ..
صاحت هند بقسوة لا تظهرها إلا نادرا ..
- مزنووه خوزي أخيرلج .. عطيتج ويه أنا أوقف كل يوم عدالها في الصلاة ..
أغمضت حور عيناها لبرهة قبل أن تنهرهما بقوة ..
- بس إنتي وياها راحت علينا الصلاة و انتن تظاربن .. مزنووه شتبين بالوقفة عداليه ..
ضربت الأرض بقدمها ..
- ما أسمعج يوم تقرين ..
اتسعت عينا نورة بدهشة و هي تضحك ..
- يالخراطة أنا آخر وحدة و أسمعها .. - ثم غمزت بخبث - قولي إنج تبين عدالها يا الياهل ..
- أنا هب ياهل .. حور ما أسمعج .. ليش هندووه كله توقف عدالج .. و لا مرة قد وقفت عدالج ..
صاحت عفرا بإحباط ..
- فكنا وحدة توقف عسب نصلي .. ما ترزا علينا صلاة الجماعة كل الحسنات تروح في ظراباتكن .. يا الله حور عنديه إمتحان أبا أذاكر ..
تنهدت حور و هي تقترب من هند ..
- هند خليها توقف عداليه هالمرة .. حرام عليج .. راعي ختج الصغيرة .. ليس منا من لم يعطف على صغيرنا ..
كانت وجه هند واثقا و هي تقول ببرود ..
- و من لم يحترم كبيرنا وين راحت .. ما يخصنيه أنا هذا مكانيه كل يوم أصلي عدالج ..
كانت دانة تشير للمها و تشرح سبب تأخير صلاتهن .. فاقتربت من حور و هي تشير لهن ..
- سوعه .. صلاه أووح .. أكاني .. أكاني ..
التفتت حور لمزنة بغضب ..
- يا الله تعالي من الصوب الثاني مكان مهاوي .. و إن ما خليتي حركات الدلع هاي بسنعج .. راحت الصلاة و السبة دلعج ..
تحركت مزنة بفرحة لتقف بجانب حور و كأنما لم تسمع توبيخها .. اصطفن جميعا جنبا إلى جنب تؤمهن حور .. التي نهرت مزنة مرة أخرى ..
- قذلتج ظاهرة .. دخليها ..
عادت مزنة تلف غطاء رأسها على وجهها الطفولي الصغير ..
قبل أن تنتهي و تنظر لحور بابتسامة بادلتها إياها رغما عنها .. قبل أن تنظر للأمام و تخفض عينيها ..
- اللـــــــــه أكـــــــــبر ..

* * * * *

تنزل درجات السلم ببطء و هي تتثاءب بإرهاق .. لازال الإغراء قويا بأن تعود لتستلقي على فراشها الدافئ الوثير في ظلمة غرفتها و برودة مكيف الهواء ..
و لكن بمجرد أن وصلت منتصف السلم حتى طارت تلك الأفكار آخذةً معها ما تبقى من رغبة بالنوم و هي تتوقف في مكانها بذهول .. عينيها تتسع شيئا فشيئا و هي تمعن النظر في ذاك الوجه الصارم .. ابتسمت بحب و احترام و هي تسارع بالنزول .. و وجهها يشع فرحا برؤيته .. حتى وصلت إلى حيث استرخى على الأريكة ..
- السلام عليكم ..
رد ابتسامتها بهدوء و هي تنحني لتسلم عليه ..
- و عليكم السلام و الرحمه .. مرحبا بالشيخة روضة ..
جلست بجانبه و هي تقول ..
- لمرحب بااقي .. شحالك غيث ..
- بخير الله يعافيج .. اشحالج انتي .. و اعلوم دراستج ..
- لعلوم طيبة تسرك و ترفع راسك .. وينك معاد ييت البيت .. تولهنا عليك ..!
وضع يده على يدها يشد عليها ..
- مشغول فديتج .. وينها شيخة ..؟!
هبت واقفة تلتقط دلة القهوة من على الطاولة التي أمامها و تصب فنجانا له .. تمده باحترام ..
- مادريبها يمكن تصلي ..!
التقط الفنجان ليرتشفه دفعة واحدة ..
- سيري شوفيها .. أبا أسلم عليها قبل لا أظهر ..
هزت رأسها بطاعة لتنطلق بسرعة إلى الأعلى .. فيما خرجت أمها من المطبخ متوجهة إلى حيث يجلس هو ..
- حيا الله من يا ..
نظر غيث لزوجة أبيه و هي تجلس بوهن على الكرسي المقابل ..
- يحييج و يبقيج ..
- شحالك فديتك .. رب الشغل هب تعب عليك عقب الإدارة ..
أجابها بهدوء ..
- لا هب تعب ..
قالت بحنان ..
- يدتك شحالها ..
- طيبة ما عليها باس ..
دوما يبتر أطراف الحديث ،،، صمتت للحظة .. قبل أن تعود فتقول ..
- غيث ابوية .. طفت الثلاثين ما تبا تعرس ..
نظر لها غيث بسخريه و هو يكبح ضحكة فظّة ..
- أنا معرس عموه ..
عقدت جبينها لوهلة قبل أن تتذكر ثم يزداد الجبين إنعقادا و هي تقول بشيء من الضيق ..
- بعدك تباها بنت عمّك ..
رفع أحد حاجبيه متسائلا بغرور ..
- هيه بعدنيه .. حد قالج غير هالرمسة ..؟
هزت رأسها نفيا و هي تقول ..
- لا .. يا غير لك سنة و شي مالك عليها محد ياب طاري العرس ..
لم يرد على هذا السؤال و كأنما لا يستحق ذلك .. ظل وجهه الجامد ينظر للأمام .. فعادت تقول بشيء من التوتر ..
- كانك ما تباها ،، من اليوم نخطبلك شيختاا ..
نظر لها بشيء من البرود و صوته الصارم يتساءل ..
- شوه عموه .. شايفة شي ع البنية ..
هز رأسها بسرعة تنفي ذلك .. و صوتها يتضاءل ..
- لا حشى .. بس ....
استرخى أكثر في مقعده و التقط كوب الماء يرتشفه ببطء كأنا وجد في ارتباكها ما يسليه ..
- بس شوه ..؟!
عقدت جبينها و هي تقول بسرعة ..
- انته تعرف إن أمها صمخه و ختها بعد .. يمكن عيالك ييون شراتهم ..
كاد غيث يختنق بالماء الذي يشربه .. أبنــــــــــاءه ..!! لم يفكر بشيء كهذا ،،، الزواج ليس من أولوياته .. و لا يهمه .. آخر ما يريده الآن هو تضييع الوقت في دوامة تفاهات نسائية .. رد بقسوة و عينيه تتسلطان على زوجة أبيه المهزوزة ..
- البنت عايبتنيه و لو أمها بكما عميا ما تشوف .. أنا تخيرتاا لنيه أباها .. و صكي السالفة ..
انتفضت تحت وطأة كلماته و نظراته القاسية .. و وضع هو الكأس الفارغ على الطاولة بقوة .. لا يهمه أن يكذب فهو معتاد على ذلك .. و لكنه يجد فائدة من هذا الزواج ،،، على الأقل لا يزعجونه بطلبهم منه أن يتزوج كما كانوا يفعلون مسبقا .. رغم أن والده وجد وسيله يضغط بها عليه بعد أن استلم إدارة الشركة الجديدة .. و هي حثه على تحديد موعد الزواج ..يسانده في ذلك أعمامه الثلاثة .. و إبن عمه فهد .. شعر بالبرود يسري في صدره و هو يتذكر نظراته الحاقده على الغداء هذا اليوم .. قست ملامح وجهه أكثر قبل أن يرفع عينه نحو الاثنتين اللتان تنزلان الدرج بسرعة .. اغتصب ابتسامه فاترة صغيرة يستقبل بها أخته التي لم يرها منذ ما يقارب الأسبوعين ..
- مرحبا بشيختهم ..
سلمت عليه بأدب و جلست بجانب أمها .. قبل أن تقول بصوت خشن نوعا ما ..
- لمرحب بااقي .. شحالك ..
قال بسرعة و هو ينهض من مكانه ..
- حاليه طيب .. شعندكن .. ساعة لين تنزلين تسلمين ..
ارتبكت شيخة و هي ترد ..
- لا بس كنت أصلي .. ايلس .. ما شفناك ..
قال بهدوء ..
- مستعيل .. مرة ثانية ..
اقتربن يسلمن عليه مرة أخرى قبل أن يدير ظهره لهن متوجها للخارج ..
في اللحظة التي خرج تجاوز فيها الباب خارجا .. تنهدت أمهن بشيء من الراحة ،،، وجود ابن زوجها الأكبر دوما يرهبها و يربكها .. التفتت لابنتها الصغرى تنظر إليها شزرا ..
- ما شا الله عليج .. غادية حرمة .. ما نشوفج ترتزين بالكندورة إلا يوم خوج هنيه .. و الا صراويلج ما تخلينها ..
أدارت لأمها جانب وجهها .. ليست في مزاج للرد عليها ..
زفرت بضيق و هي تستشعر محاضرة ما قادمة في الطريق ..
.
.
.
في اللحظة التي خرج فيها من الباب وقعت عيناها على السيارة التي دلفت للتو من البوابة الرئيسية متوجهة ببطء نحو الفيلا .. اشتد فكه بقسوة و هو يرى أخيه الأصغر منه سنا يترجل منها دون أن ينتبه إليه .. فهتف بحزم ..
- حامــــــــد ..
أجفل بقوة قبل أن يلتفت لأخيه الأكبر الذي يقف أمام باب البيت كالوحش المستعد لأن يفتك به .. صفق باب السيارة بسرعة ثم اتجه نحوه ليسلم بقلق ..
- مرحبا و الله .. السلام عليك بو سيف ..
لكن غيث لم يرد سلامه .. قال بصوت يقطر جليدا ..
- وين كنت اليوم ع الغدا ..؟
جال ببصره متجنبا التقاء بعينيه الحادتين ..
- كنت معزوم عند الشباب ..
صمت يمر للحظات قبل أن يهز غيث رأسه بهدوء و يقول بصوت صارم ..
- لو ييت يوم الخميس مرة ثانية و لقيت الرياييل كلهم ملتمين إلا انته .. ما تلوم إلا نفسك ..
ثم قبض على كتفه بقوة ساحقة و هو يصر على أسنانه بغضب ..
- سمعت ..
هز حامد رأسه بارتباك ..
- إن شا الله ..
تركه و هو يأخذ نفسا عميقا ..
- شوه مسوي في الشركة ..
- الدوام طيب ..
هز رأسه بجمود ..
- فهد مأذنك ..؟!
هز رأسه بلا ..
- ما يروم و أبويه في الشركة لي شرات ما له .. هب عبده يتأمر عليّه ..
نظر له غيث بقوة ..
- لا تيلس تتعنتر .. فهد يتصيّد لك و بيدور أي شي عسب يستفزك ..

* * * * *

أضافت ورق الشاي على الماء و هو يغلي تراقب تقلبه ببطء و لونه يتحول تدريجيا إلى الأحمر .. قبل أن تطفئ الموقد و تضع الإبريق في الصحن الذي وضعت به الأكواب و توجهت نحو الباحة الأمامية الصغيرة التي كانت مصبّه إسمنتية قاسية فرشت عليها قطعة حصير بالية ،،، تصل هناك لتجد والدها و قد سند ظهره على الجدار و مدد قدميه للأمام متكأ على مخدة ثقيلة .. جلس نايف بجانبه يقرأ شيئا من كتابه بصوت عالٍ و أبوها يهز رأسه مستمعا و أمها جالسة بقربه و تلعب بشعر رأس مزنة الملقى في حجرها .. و مقابله استرخت المها و بيدها كتاب ما لم تتبينه .. فيما تقطع عفرا الجدار الذي يحتوي الباب .. ذهابا و إيابا و هي تردد متمتمة ما تحاول حفظه .. لم تجد لدانة أو نورة أثرا لابد أنهما تستذكران دروسهما بالداخل ..
تعلم جيدا بأن الأولى تتضايق من الإزعاج أثناء استذكار دروسها .. و الثانية لا تجد بدا من ملازمة شقيقتها ..
وضعت الصحن على الأرض و راحت تسكب الشاي في أكواب و توزعه .. مدت الأول لأبيها و هي تحدثها ..
- عفاري ،، جاهي ..
أشارت بيدها ..
- لحظة بس ..
و تابعت سيرها و هي تدس وجهها في الكتاب بلهفة ..
التفتت للمها و مدت لها كوبا من الشاي ثم لامست ركبتها برقه لتنبهها ...رفعت رأسها عن الكتاب بانتباه ..
- أشكووورااه ..
وضعت حور يدها على صدرها بابتسامه .. ثم راحت ترتشف الشاي ببطء ..حرارته تلذع طرف لسانها ..
و هي تراقب وجه أمها المستدير .. فكرت بأن أكثر من يقاربها شبها هي المها و هند .. غريب في حين أنا المها هي الوحيدة التي ورثت عاهتها .. في حين اكتفت هي و بقيّة البنات بلون بشرتها الأبيض و مال نايف للون أبيهن ..
ابتسمت حين فكرت بأن المها أيضا تملك ملامح مشتركة مع أبنــاء خالتها و بالأخص مايد ..!
أدارت طرف إصبعها على حافت الكوب ،، اشتاقت له كثيرا .. مر أسبوع طويل لم تره فيه .. رغم أنه وقتا طويل مر و لم ترى أحدهم خلاله إلا أنها لم تعتد منه أبــدا غيابا طويلا كهذا ..!
تعلم أنه منشغل بالبحث عن وظيفة ،، و أنه يحاول جاهدا إيجاد عمل له بعد أن تخرج بشهادته المتواضعة تمنت له التوفيق من قلبها ،،، و فكرت بأن ترسل له رسالة نصية عبر هاتفها ذاك كما اعتادت ..هبت واقفة على قدميها فسألها أبوها ..
- وين ..؟؟
ارتبكت و هي تقول له ..
- بسير أشوف البنات داخل و رادة ..
هز رأسه موافقا و هو يطلب من نايف أن ينهض لكي يمشي على ساقيه المتورمتين من الوقوف ،، دوما يكون والدها أكثر هدوءا في العصر .. يشرب الشاي .. و يقوم نايف بتدليك قدميه بالمشي عليها .. لا تعلم حقا كيف يحتمل ثقل إبنه على قدميه ،،، لا بد أنه يشعر بتعب شديد حد التبلد ..!
دفعت باب غرفتهن المشتركة لتجد نورة و قد انبطحت على بطنها و هي تهمس بصوت خافت و عيناها على كتابها .. فيما وقت دانة أمام مرآة خزانة الملابس العتيقة .. و هي تجمع شعرها بيد واحدة و ترفعه إلى الأعلى و تدير رأسها إلى كل الجوانب متأملة .. تنظر لها حور بعجب ..
- شوه تسوين ..؟
التفتت لها دانه ..
- أتخيل شعري قصير .. شوفي كيف بيظهر شكلي ..!
هزت حور كتفيها فلم يبدو لها أي فرق واضح و هي تشد شعرها الطويل إلى الأعلى ..
- عادي ما شي تغيير ..
تركته دانة و نفضت رأسها ليتناثر شعرها حول وجهها ..
- لنيه ما قصيته .. بس تدرين شوه .. حلو الطويل ما أتخيل عمريه قاصة شعريه ..!!
شخرت نورة باستهزاء ..
- تتخيل بعد ،، أقول ماما .. حتى التخيلات إنسيها لا يسمعج أبويه و يلعن خيرج ..
عقدت دانة جبينها ..
- تبالغين ،، هب لهالدرجة .. حور .. حلو الطويل صح ..
حور و هي تبحث تحت أكوام الأغراض المتزاحمة في خزانتها الخاصة ..
- هيه حلو ..
عادت دانة تنظر للمآة ..
- تخيلي شعريه كيرلي .. أووف بيطلع رهيب ..
أخرجت حور رأسها للحظة من الخزانة باستفهام ..
- شوه كيرلي ..؟!
- يعني ملتوي شرا الفير .. صح نوري ..
نورة و عيناها لا تزال تتجول على أشطر كتابها ..
- حمدي ربج إن شعرج و شعر خواتج طالع على أمايا .. تخيلي وارثين كشّة أبويه و نحن ما عدنا استشوار ..!! ما تخيل ،،، بتشوفين بنات المدرسة ييزن منه ليف لمطبخهم ..
ضحكت دانة بقوة ..
- واايد تبالغين .. بعدين ابوية هب لهذاك الزود شعره خشن .. بس صدق حلو إن شعورنا طالعه على أمايا .. نايف مسكين يمكن يطلع على أبوية .. صح حور ..؟!
ما زالت تنثر أكوام الأغراض بلا كلل .. و ذهنها مشغول بغير ما تقول دانه ..
- هممم .. هيه ..
- أونه هيه .. انتي ما تسمعينيه .. شوه تسوين ..
تأففت حور بضيق ..
- أدور التيلفون ..
استوت نورة جالسة بلهفة ..
- بتظهرينه ..؟؟؟
وقفت حور بعيدا عن الخزانة و هي تلقي نظرة شاملة .. أين وضعته يا ترى ..!
- لا بس بطرش مسج لمايد .. بس مالقيته ..
قالت نورة بحماس ..
- بدور وياج حور ..
نظرت لها شزرا ..
- مشكورة خلج في كتبج ..
لوحت نورة بيدها بضيق ..
- هاي يزاتيه انيه أبا أساعدج ..
طرقعت بإصبعها و هي تتذكر مكانه ..
- انتي ما تساعدينيه لوجه الله .. يا غير بتناشبينيه .. الا ربيعتيه .. أو بنت صفي .. و مس كول بس .. تأذين الواحد ..
ضحكت دانة بهدوء و هي تعقد شعرها على قمة رأسها .. و تلتقط كتابها من حقيبتها المرمية على طرف فراشها ..
- عطوووووها .. لقطي ويهج نوري .. بعدين أي مس كول .. صدق ويه فقر ،، حبيبتي رقمها خط ..
ألقت نورة عليها نظرة متكبرة ..
- جب زين ..
أخرجت حور رأسها من الخزانة بفرحة .. و هي ترفعه بين يديها ..
- لقيته ..!
تركت دانه الغرفة و هي تلوح بيدها ..
- مبروك ..
.. فيما أعادت نورة رأسها لكتابها .. جلست حور على الفراش الأقرب لها و هي تنظر إليه .. منذ مدة طويلة لم تخرجه من مكانه .. نظرت للجهاز الذي ما زال جديدا لندرة استعماله و شاشته اللامعة .. و مر ببالها صورة زوجة أبيه و هي تقدم الكيس لها بفتور في تلك الليلة .. نفضت الصورة بسرعة ،،، لم تكن تلك أفضل لياليها على الإطلاق .. الحقيقة أنه بعد تلك الليلة لم يتغير شيء في حياتها أبدا باستثناء امتلاكها لهذا الهاتف و طقم المجوهرات التي احتفظت به أمها لها .. حياتها ما زالت تسير على نفس المنوال و هذا مريح لها جدا .. فبالنسبة لها كان الضغط كبيرا لكي توافق على الزواج .. ابتسمت ساخرة .. زواج ..!!
غريب .. هي لا تعرف هذا الزوج أبدا .. لو رأته يمشي في الشارع لن تتعرفه .. هذا رائع . فبهذا نالت مرادها .. تكون متجاهَله و مرمية أفضل من أن تكون بعيدا عن إخوتها و أبويها .. و تجد نفسها وسط مجموعة من الأقرباء لم تصادفهم طوال حياتها و الحديث عنهم محرم عنهم بين هذه الجدران ..! من يستطيع إخبارهم عن أولئك الأقرباء المجهولين ..؟؟ أمها ..؟! مستحيل هي نفسها لم تصادفهم .. أبوها ..؟! انتفضت بذعر لمجرد التفكير في سؤاله .. سيخنقها بيديه .. فموضوع أهله هذا جرح مكشوف ليست مخبولة لتذر عليه الملح و تثير جنونه .. لربما كانت أمها نورة تعرف شيئا عن الموضوع ..؟؟
- شوه تسوين تخاطر عن بعد .. ليش تتأملين التيلفون ..
لم تدر حور بالا لتعليق نورة ،، و صوت طنين الهاتف يرتفع معلنا وصول رسالة جديدة ،، ابتسمت بحب هذه من أحد إخوتها .. فلم تضف أيّة أرقام لهذا الهاتف باستثناء أربعة .. إخوتها الثلاثة و رقم أمها نورة .. حتى رقمه هو لا تعرفه ،، و تكاد تكون متيقنة بأنه لا يعرفه هو الآخر .. و إلا لما لم يحاول الاتصال إلى الآن ..!
كانت الرسالة من وديمة .. قرأتها على عجل قبل أن تبتسم بهدوء ،، لتختار إحدى الرسائل الأخرى من الهاتف و تعيد إرسالها لها ..
تفتح صفحة جديدة الآن تبتسم بشغب و هي ترص أحرف العتاب على شاشة هاتفها ..
لحظات ،، تضيف إسمــه ..
إرســـال الآن ..
.
.
و فتح الباب على إتساعه لتنتفض بذعر هي و نورة .. عقدت جبينها بعصبية و هي تنهرها بحدة ..
- ما عندج اسلوب .. خشعتي الباب ..
هزت دانة رأسها ..
- سوري سيس .. ويايه ضيوف ..
و تنحت جانبا .. سامحه لها بالدخول ،، سدت بجسدها النحيل الباب ترتدي - الكندورة - و الحجاب الأبيض العريض الذي غطى و جهها و نصف جسدها .. تزيله بهدوء و هي تقول بمرح ،،
- السلام عليكم ..
اعتدلت نورة بسرعة جالسة .. و هبت حور واقفة بترحيب ..
- مرحبا فطوم .. و عليكم السلام و الرحمه ..
وضعت الكيس الذي تحمله بيدها على السرير الأقرب و سلمت على حور و نورة ..
- لمرحب بااقي حواري .. شحالج ..
- ترتوب ،، و انتي ..
- زي البومب .. نورة شحالج ..
نورة تغلق الكتاب بهدوء و تضعه جانبا ..
- بخير الله يعافيج .. شحالج انتي ..
- الحمد الله ،،،
أجالت بصرها في الغرفة التي لم تكن مرتبة جدا .. فراش إحداهن ما زال غطاءه مرميا و كتب مزنة على فراشها مبعثرة ، خزانة حور التي نهضت لتغلقها مفتوحة على مصراعيها و الفوضى فيها تعلن تلقيها هجوما منذ لحظات .. ابتسمت بهدوء ..
- ياخي أحب أيلس في حجرتكن فيه جو حلوو ..
ضحكت نورة ..
- تطنزين ،، تراها مرتبة الحين .. حمدي ربج ما قد شفتيها الصبح يوم نسير المدرسة كيف تكون ..
ضحكت فاطمة .. و حور تغلق الهاتف و تدسه في الخزانة ..
- لا الحمد الله عيل .. الله رحمنيه ،، حورووه مسودة الويه ،، ليكون ترمسين عنتر من ورانا ..
قلبت حور شفتيها باشمئزاز ..
- أخيييه .. ما يقى إلا هو ..
ضحكت فاطمة بقوة ..
- أونه أخييه .. شفتيه إنتي أصلا .. سالم خوية يقول إنه غاوي ..
بدا الاستياء واضحا على وجه نورة و دانة و هن يتبادلن النظر عند ذكرها لإسمه .. في حين جلست حور بجانب فاطمة التي استقرت بجانب نورة ..
- أحيانا أشك فيه أخوج هذا أحسه هب طبيعي .. دندون .. سيري زقري عفاري و المها ..
دانة تجلس قربهن و شيء من البرود يضطرم في صدرها بعد ذكر فاطمة لأخيها ..
- عفاري تسوي جاهي و بتييبه الحين .. و المها تمسد أبوية ..
التفتت فاطمة نحو حور بعتب ..
- سبالوه ليش ما قلتيليه إن أبوج هنيه .. و الله قفطت .. أخيّل منه ..
قالت حور بلا مبالاة ..
- جب زين .. تدرين به أبوية ما يظهر مكان العصر .. و بعدين شيبه كبر أبوج .. لا تستحين و لا عندج خبر ..
دفعت عفرا الباب بقدمها و هي تتقدم بصحن يحوي إبريق شاي و أكواب و صحن من البسكويت ..
أفسحن مجالا لها بينهن و هن يتزاحمن في هذه الفرجة الضيقة ،، و نورة تقول بدهشة ...
- بسكوت من وين يبتيه ..
أشارت عفرا برأسها لفاطمة ..
- فطوم يابته ..
نظرت نورة لفاطمة ..
- تعالي كل يوم ..
قرصتها فاطمة ..
- غصبن عنج .. - ثم نظرت لعفرا - عفاري سيري جربي الفستان قبل لا نتقهوى أبا أشوفه عليج ..
هزت عفرا رأسها و التقطت الكيس المرمي على فراش دانة و توجهت إلى الحمام ..
قالت فاطمة بحبور ..
- باركن ليه ..
نورة بلهفة و هي تقضم بسكوته ..
- ع شوه .. انخطبتي .. و أنا أقول البنية توزع بسكوت .. ما حيدج كريمة ..
- إذا انخطبت بييج .. بتبرا منكن .. لا سجلت في التوطين و عقب خمس شهور .. آممم يعني بداية تسعة ببدا دراسة وياهم ..
بدت الحيرة على وجوه البنات مع دخول المها للغرفة .. ابتسمت لها فاطمة .. فردت تلك الابتسامة بحلاوة و هي تجلس بجانب حور .. فيما تابعت فاطمة بحماس ..
- هذا برنامج مسونه الشيخ خليفه عسب يوطن الوظايف .. و المواطنين لي ما عندهم غير الثنوية .. يعني شرات حالتيه أنا و الأخت حور .. يسويلهم دورة في وحدة من الجامعات لمدة ست شهور أو أكثر يتعلمون فيها انجليزي و كمبيوتر .. و يعطيهم معاش ع الدراسة .. خلاف يحصلون شهادة و وظيفة زاهبة ترقبهم .. شرايكن ..؟!
اتسعت أعينهن بلهفة ..و قالت حور بقوة ..
- الله يطول عمره أبونا خليفه .. هب مقصر و الله ..روعة الصراحة منها تتكسبين و تشغلين وقتج ..
نظرت لها فاطمة بطرف عينها ..
- انزين يوم عايبتنج تعالي ويايه ..
رفعت حور حاجبيها .. بدأ سبب هذا الخبر يتبين لها .. و كأنما عرفت فاطمة بأن حور استشفت نواياها توسلتها ..
- دخيلج حور .. تخيلي أنا و انتي ندرس رباعة .. و بعدين انتي بتحصلين فايدة بدل اليلسة في البيت .. لج أربع سنين من خلصتي الثنوية و انتي مرتزة هنيه .. لا شغله و لا مشغله .. سجلي ويايه ..
هز حور رأسها على الفور رفضا ..
- لا فطوم أبدا أبدا .. ماروم ..
مطت فاطمة شفتيها .. و الإحباط بادٍ على وجهها ..
- ليــــــــــــــش ..!
انعقدت حواجبها بعدم رضا على الفكرة ..
- وين أسير أدرس يختي .. امنوه بيتم في البيت ..؟!
هز فاطمة كتفيها ..
- أمج و المها ..!
نورة و دانة يستمعن بهدوء للنقاش فيما تراقب المها بصمت دون أن تستشف ما يجري ..
- تبينيه أخليهن بروحهن في البيت ..!! مستحيل حبيبتي .. تخيلي استوا شي عليهن ..! كيف بيتصرفن ..
تدخلت نورة بهدوء ..
- شوه بيستوي عليهن مثلا ..؟! و يعدين انتي طول عمرج تدرسين في المدرسة ما لج إلا أربع سنين من يلستي في البيت ..
نظرت لها حور بهدوء ..
- الحين تعودن يعتمدن عليّه أخت نورة .. لا ماليه بارض .. أنا ما ودرت الجامعة عسب ألقى لي يلهيني غيرها ..
تأففت فاطمة تظربها على كتفها بإحباط ..
- افف منج .. أحبطتينيه .. ع العموم قدامج خمس شهور تقررين فيها ..
شخرت حور ساخرة ..
- ع العموم ما ظنتيه أبوية بيوافق .. بيصكنيه طراق يلصقنيه في اليدار يوم أقوله بسير أشتغل مادري أدرس بمعاش ..
صمتن جميعا حين دفعت عفرا الباب و دلفت و هي ترتدي الفستان .. ثم سرعان ما ارتفعت صرخات التشجيع مع اتساع ابتسامتها و هي تدور حول نفسها مستعرضة ،،
نظرت لها حور بفرحة صادقة ،، كان الفستان قديما و قد ولت صرعته من زمن .. رغم ذلك بدا أن فاطمة قد حافظت عليه جيدا .. بدا رائعا و هو ينسدل بنعومة على طول عفرا ..
كانت سعيدة لحصولها على الفستان .. فلطالما أعربت عفرا عن خوفها من اقتراب حفلة التخرج و هي لم تحصل على رداء لهذه المناسبة بعد ،،
للحظات مر خاطر أحمق داخلها و هي تراقب سعادة عفرا الواضحة على محياها و ترى أن الفستان ملائما لها .. فكرت بأنهم قانعين و راضين بأقل القليل .. لم تعترض عفرا و لم تشتكٍ من الفستان الذي أرثته السنون و مضى عهده حتى بدا أنه سيكون رثا في عيون الأخريات ..!
لا يهم ،، كل ما تبالي به هي الفرحة بالفستان ..
كانت نورة قد بدأت تغني بصوت فظ أحدى الأغنيات و هي متحمسة .. تشاركها فاطمة ..فيما هبت دانة من مكانها تلتقط يد عفرا و تراقصها .. فضحكت بقوة و هي تنظر للمها التي لم تفارق الابتسامة شفتيها ،،
أخلت الصحن البلاستيكي من الأكواب لتقلبه و تبدأ الدق عليه بديلا عن الطبل ،، و نورة ترفع الصوت مرة بازعاج و تخفضه فجأة ،، كان الصوت نشازا بشدة و فاطمة تشاركها بغناءها الحاد .. و لكنهن لم يبالن .. عفرا و دانة يرقصن باتقان على تلك الأغنية .. و دانة تقوم بحركات مضحكة دفعت المها للانفجار ضاحكة و هي تضع يدها على فمها .. لم تلمها حور و هي تشاركها الضحك ،، فالمنظر مثير للسخريه و هي تسمع نشوز هذه الأغنيه .. فما بالها بالمها التي ترى تمايل شقيقاتها المجنون على أنغام لا تلامس مسمعها ..
.
.
و فجأة انفتح الباب بقوة ..
توقفن عفرا و دانة عن الرقص و يد إحداهن شاهقة في الهواء .. حور ضمت الصحن لصدرها بذعر .. فيما اندست نورة خلف فاطمة التي بدت تهتز ضحكا من أشكالهن و مرآهن على هذا الحال ،،
أطل برأسه من الباب و هو يقول بصوت تعمد أن يخشنه نظرا لوجود ابنة جيرانهم هنا ..
- يقول ابوية إن ما انطبيتن ،، يا ويلكن .. أصواتكن واصلة الشارع ..
تنهدت حور براحة حقيقية و هي تعيد الصحن إلى الأرض و الأكواب عليه ،، فيما شتمت نورة بعنف و دانة تصيح ..
- عنلاتك يا الهرم .. روعتنا .. تحريناك أبويه ..
ألقت عفرا نفسها على الفراش الأدنى ..و هي تضع يدها على قلبها ..
- قلبي طبول .. يمييه شوه هالرعب ..
خرج نايف من الغرفة و فاطمة تتسع عيناها ..
- خيييييييبة مسويلكن رعب أبوكن ..
هزت حور رأسها نفيا ..
- لا رعب و لا شي .. بس تخيلي أشكالنا و هو حادر في هالعفسة و بناته المخبل غاديات طققات ..
أجالت بصرها في حالة الغرفة الفوضوية و هي تقول بتفكير ..
- شرايكن نرتب شوي .. و عفرا تسير تبدل الفستان ..؟؟

* * * * *

كانت الأرض لا زالت ساخنة تنفث أنفاسها بخارا رطبا من الأرض بعد لهيب شمس اليوم ..
و الآن و قد شرعت بالرحيل .. موليةً ظهرها لأحداث النهار .. أصبحت نسائم جافة خفيفة .. تسري بهدوء على الأرض ..
تتيه في المساحات الشاسعة بين هذه الأسوار العالية البعيدة ..
تتخبط بينها ،،، فلا تجد مفرا من الدوران هنا ،، لا سبيل لحريتها ..
تجلس هي بهدوء تام .. السجادة العجمية الثمينة مفروشة على الأرض لتستقر عليها ..
و متكأ وضع لها لتسند جسدها الغض عليه ،،، مرآها بهذا الحجم و قد تضاءلت كثيرا بفعل كبر السن لا يوحي بأولئك الرجال الذين أنجبتهم ..
و أصبح لهم من الولد ما فاقهم طولا ..
هذه المرأة .. الوحيدة هنا .. إلا مِن خادمة تقف خلفها مستعدة لتلقي أي أمر منها ..
و أوعية القهوة الجاهزة المصفوفة أمامها ..
تجلس .. جسدا في هذه البقعة المكشوفة ..
و روحها تبعد أميالا عن هذه الأرض .. تسري بهدوء بعيدا عن هذه الجدران العالية ..
البـاردة ..
بعيدا عن وسع هذا المكان و خلوِّه .. بعيدا عن صور تخفيها في نفسها ..
تصارع شوقا ينخر قلبها الكبير ،،، المســـن ..
قلبها المتلوع بخفيه ..
لأيّام فقط ،، أيام ضبابية ..
مرت كغيمة محملة بقطرات ستتهاوى لتروي ذاك الجفاف الذي استبد بجزء قصيّ من روحها ..
لتلك اللحظات فقط .. اعتقدت أنها قريبة من ذاك الحنين ..
من ذاك الحلم ..
اعتقدت أنها قاب خطوة أو أدنى ..
مدت راحتيها بلهفة .. راجية .. أن تسقط الغيمة تلك القطرات ..
أن تجود بما تحمل ..
تروي ظمأ تلك السنين ،،،
و لكن الغيمة لم تفعل ..!!
أعلنت الرحيل مع إمتداد الأيــام بلا جديد ،،
مع رحيلها يوما بعد يوم .. و الحلم يصبح أبعد مما كان قبلا ..
و على ضفاف خيبة وقفت هي تشهدها ..
تلك الغيمة ..
راحلة .. تحمل القطرات .. و الشوق القديم ..
و لقاء بدا غافيا تحت أكوام التشتت ،،
لا يوقظه من سباته سوى عمر يمضي ..
مع تلك الغيمة .. إلى حيث تقبع أراضي الرحيل ..!
.
.
و على هذا الألم الذي اجترته من خافق لم يعد ينبض بغير أمل واهٍ ..
أرخت أسدال جفونها المجعدة .. المتعبة ..
معلنة رحيل تلك الدمعة ..
تعانق وجنتها الغائرة بمواساة ،،، تذوي بجفاف تلك العبرة البائسة ..
و هي تمسحها بسرعة ..
لن يراها أبدا ذاك الذي تردد الجدران الضخمة صدى صوته و هو قادم إليها ،،
قادم إلى هنا ..
ينبئها قلبها المحب بذلك ،،
و بسرعة انهمار أحزانها الغابرة تلك ،، أشرق وجهها الضئيل بابتسامة حلوة ،،
و هي تراه متجها نحوها يتحدث في الهاتف بتسلط ..
هذه النبرة .. و هذه النظرة ..
القوة ،،،
و حتى هذه الهامة العريضة ..
خطواته الواثقة .. و هو يمشي مقبلا إلى حيث تجلس ،،
ترى فيها انعكاس شباب رجل كانت تعرفه ..
رجل كان رفيق تلك الطرقات التي سلكتها في العمر السالف ..
يقف أمامها الآن و هو يغلق هاتفه بقوة ..
صوته الرجولي الخشن تترنم بصداه جدرانها ..
- السلام عليكم ..
شيء في قلبها يتضخم ،،ينشي روحها .. ينفض عنها الأحزان ..
تحبـــــه ،، إبنها أم حفيدها ..
هذا الذي احتضنت في بين ثنايا فؤادها ،، صورا عزيزة ستحملها بداخلها ما بقيت حيّه ..
صوتها يهتز بحبور ،،
- و عليكم السلام و رحمة الله ،، مرحبـــــا فديتــــــك ..
لحظات و عيناه الحادتين تمعنان النظر .. تجرد قناع الهدوء ،، لتكشف ما يخفي ..
يجلس بجانبها فيما تمسك هي - الدلة - لتصب له فنجانا من القهوة ..
- ياي من الشركة ..؟!
التقط الفنجان ،،، يتمتع بمراقبتها و هب تتوهه عما ألمّ بها في وحدتها ..
- لا ياي من بيت ابوية .. سرت أشوف البنات و أسلم عليهن .. لي أسبوعين او أكثر ما شفتهن ..
- شحالهن ..؟
هز كتفيه و هو يرتشف الفنجان دفعة واحد ،، و يمده لها ..
- بخير ما عليهن باس .. أبوي سيف وينه ..؟
تعيد ملأه..
قطرات القهوة الساخنة تتدفق من فوهة - الدلة - ،،،
- عنده شغل في المكتب .. بيخلصه و بيي ..
ابتسم لها بحنان ..
- أفااا و مودرنج اروحج هنيه ..
لم تجبه .. بل نظرت اليه بابتسامة صغيرة .. احتضنت عينه نظراتها تلك .. ليضع فنجانه أرضا .. و يقترب منها بصمت ..
يلتقط يدها الضئيلة في راحة يده الكبيرة ،، ليطبع قبلة حانية عليها ..
شيء في وجهها و هي تنظر إليه بأمل ،، شعر بأنه أهملها كثيرا في الفترة الأخيرة ..
فالشركة الجديدة أصبحت تلتهم وقته مؤخرا ،، و لكنه بذل الكثير ليصل هذا المركز ..
الكثير ..
رفع رأسه يتأمل وجهها المتأثر و دمعة هزيلة ترتعش على أطراف المقلة .. فتأوه و هو يعتصر يدها ..
- الحين بلاج يا أميه .. ؟؟
مسحت دمعتها بسرعة و هي تقول بابتسامة مرتجفة ..
- ماشي ،، بس حسيتنيه من زمان ما شفتك ..
هز رأسه بهدوء ..
- أدري إنيه مقصر يا الغالية بس الشغل آكل و شارب ويانا ..
هزت رأسها بتفهم .. و ابتلعت غصتها .. نظرت له بتردد ..
كانت تريد أن تسأله شيئا .. لكــــــــــن ،،،
لم ترد له أن يعتقد بأنها تضغط عليه .. لم ترده أن يعلم بأنها تريد ذاك ..
همست بخفوت .. و كأنما تخشى من ذاك الذي تفصلها عه الجدران أن يسمعها ..
- غيـــــــث ..
شد على كفها مجددا ،،
- عونج ..
- عانك الرحمن .. آآآ ما .. ما رمست حد قريب ..؟
عقد جبينه بعدم فهم ..
- حد مثل منوه يا أميه ..؟
قالت بخجل و شعور بالذنب يتعاظم داخلها و هي تتخيل زوجها يستمع لأسئلتها ..
- ما رمست حرمتك ..؟
للحظات لم يفهم شيئا ..!! ثم فجأة لمع الإدراك في عينيه .. شعر بشفقة هائلة و حزن غريب على حال هذه العجوز يتدفق في عروقها ..
أحمق .. أحمق ..!
كان عليه أن يدرك بأنها مشتاقة له .. تريد أدنى خبر ،، أي كلمة ..
تتلهف فقط لسماع إسمه ..
خلع - الغترة - لييريح رأسه الثقيل على ركبتها .. ماذا يقول ..؟!
أنه حتى اليوم لم يرى من يشار بأنها زوجته ..؟! أنه لو صادفها هنا لن يعرفها ..
أنها لا تعني لها شيئا البتة .. و أنها لا تشغل من حيز التفكير في دماغه المعقد شعره ..؟!
أيبوح لها بذاك السر ،، و أن أمنيتها أُستغلت من قبله بطريقة بشعة ..!!
أم يواصل الكذب كما يفعل دوما حين يتظاهر بما هو عليه ..؟!
أيحطم هذه العجوز .. أيكسر جسور الأمل البعيدة التي تبنيها يوما عن يوم ..؟!
أيحرق بقايا سفن لا تزال تطفو باستماتة على شفير اليأس ..
رفع رأسه ليلتقي بعينيها و هي تنظر له بترقب .. تضم شفتيها بقوة ..
متوترة ..!!
قال بهدوء ..
- بلى قريب رمستاا .. تسلم عليج ..!
انفرجت شفتيها عن ابتسامة حلوة ،، و هي تقول بصوت متهدج ..
- الله يسلمها ..
لم يعطها الكثير لهذه الفرحة غير المتوقعة ..!
كذبة صغيرة فقط .. ليشع وجهها سعادة ..
شعر بالذنب يكتنف روحه .. ماذا ؟؟ أيستمتع بإيهامها ..! أم أنه يفضل إزهاق حلم صامت يرى إنعكاسه على محياها ..؟
سرعان ما شتم نفسه بقوة في سره و هو يسمعها تهمس له ..
- غيث ،، ما بتييبها أشوفها ..؟!هاتها هنيه .. إعزمها .. أبا أشوفها ..! أبوك سيف ما بيقول شي لو انته لي يبتها ..
أي مأزق وضع نفسه فيه ..؟!
- ما بطيع يا أميه ..
عقدت جبينها بشدّة ..!
- ليش ..؟!
شرح لها يحاول التملص دون تحطيمها ..
- وين تيي الله يهديج .. البنت تخيّل .. و بعدين أنا بعدنيه ما خذتاا .. عسب أتحوط بها و أرتغد وياها ..
قالت بهدوء ..
- الحين هي حرمتك ع سنة الله و رسوله .. و مالك عليها .. - سحبت نفسا عميقا و هي تخنق دمعتها المتخاذلة - بس لو ما تبانيه أشوفها .. ما عليه .. ما يحتاي ..
ثم رفعت رأسها تمنع دمعتها و هي تضم طرف - الشيلة - لمقلتها ..
في تلك اللحظة شعر بأنه وغد .. بأي حق يدفع أمه للحزن .. بأي حق يضيّق الخناق على صدرها الوسيع الذي لطالما احتضن همومه ..؟
استوا جالسا و هو يحرك يده في شعره الكث القصير ..
- أفاا و الله .. كنها أم علي زعلت ..؟! خلاص يا الغالية لا تكدرين خاطرج .. و لا تضيقين صدرج .. عطينيه يومين بس و أنا برتب لج الموضوع ..
لم ترد عليه .. فقط ازداد تدفق دموعها .. فاقترب يقبل جبينها ..
- بس فديتج .. و الله ان دموعج تذبحنيه .. امسحينهن لا يشوفهن أبوية سيف ..
مسحت بقوة و هي تقول بصوت خافت ..
- الله يحفظك .. الله يخليك ..
ابتسم لها بهدوء ..
- أهم شي رضاج يا الغالية ..
انزلقت دمعتها مرة أخرى ..
- راضية .. راضية الله يرضا عليك يا حبيبي ..
.
.
عاد يستلقي مجددا و يريح رأسه في حجرها كما اعتاد منذ صغره ..
لاحقا ..
حين يختلي بنفسه ..
سيجد الوقت ليفكر بهذه المعضلة الذي ألقى بنفسه فيها ..!
في اللحظة التي دلف فيها ذاك المقهى المكتظ تعمد أن يصفق الباب بقوة و كأنما يريد أن ينبه الموجودين لوصوله ،، التفتت بعض الرؤوس إليه .. فيما نظر هو لابن عمه و واضح بأنه يكبح ابتسامة و عينيه تلمع بفرحة طفولية ،، تقدم الإثنان من طاولة خالية في صدر المكان .. كانت هذه خاصة بهما .. دوما محجوزة لهم .. يمر من بين الطاولات المتفرقة و الرجال يصيحون له و يلوحون من هنا و هناك ،، يبتسم و هو يرفع يده محييا ،، رؤيته لهذه التراحيب تنشي روحه .. و هذه العيون الحاقدة .. و الوجوه التي تدعي اللامبالاة بخسارة الأمس كانت تسليه .. توقف ابن عمه عند احدى الطاولات يتحدث مع جالسيها و يتبادلون التهاني فيما تابع هو السير حتى بلغ طاولتهم الخاصة ليستقر عليها بهدوء ..
يسترخي و يجيل بصره في المكان بمتعه شديدة ،، يعشق نظرات الإعجاب هذه .. هذه الوجوه المتطلعة إليه كبطل لهم .. و هذه الوجوه الكالحة .. أضنتها الهزيمة ، و الحقد ..
توقف النادل عند رأسه ليشير له بجلب بعض القهوة لهما ..
استقر ابن عمه على الطاولة أمامه و هو يقلب هاتفه المحول .. و يتذمر قائلا ..
- شيييييت .. عنلاتك يا الهرم ما تقوليه إن عندكم عزيمة الليلة ..
هز كتفيه بعدم إهتمام ..
- ياخي ما كنت أدري .. أبوية توه مخبرنيه قبل لا أمرك ..
قال الأول باحباط ..
- غيث خوية يتصل .. - و خشن صوته و هو يقول بغلظة قاسية - مابا أوصل إلا و انته هناك .. - ثم تنهد ببؤس - ماداني العزايم لي يسوونها عسب أشغالهم .. امنوها عازمين ..؟
ابتسم و هو يستمع له و هو يقلد اخيه الأكبر . الحقيقة أنه معجب جدا بذاك الرجل .. تمنى من قلبه لو أنه كان أخوه هو ..سنده و قوة شخصيته ،،، و تميزه عن بقية أبناء العائلة ..
تلك القسوة ..
و ذاك الغرور ،،،
ابتلع الفكرة الحمقاء و هو يفكر بأن شقيقه الأكبر يشكل حصارا خانقا دون الحاجة للتعذيب الذي يمارسه غيث على إخوته لإلزامهم ..
- واحد من معارف يدي.. شغلة مصالح ياخي .. بعدين لاحقين عدنا ساعتين نيلس فيها ،، ما قلتليه .. شوه السيارة لي لقيتها ...
الآن تتألق عيناه بحماس مجنون و هو يقول ..
- ما بتصدق ..! فتك 4.8 وسط .. و الموتر عليه .. Y2K TORBO .. MOTEC M 800 ..
ثم وضع راحتي يده على الطاولة و هو يرفع حاجبه بهدوء مستفز و حماسه قد انتقل لابن عمه الي انحنى للأمام باهتمام شديد ..
- المكينه فول استروكر .. ومن قوة النيسان يكسر القير .. ويخلي القراري مال القير مثل السلكس ..بوسته 2.4 بار... !!
الآن تتسع ابتسامته بجشع ..
- لا و يقولك يابوله SLR مكلرين وعليه غاز وماقدر يطوف النيسان .. و يتسابق ويا R1 .. صاروخ يا هزاع هب موتر.. و الله لا يكسرهم في السباق ..!
الآن يسترخي هزاع في مقعده ..
- و البدي يا بو شهاب ..؟!
هز أحمد رأسه بثقة ..
- بديه وكاله .. لا مخفف و لا شي ..! إلا بيبان الدبة من ورا .. شرايك ..؟!
قال هزاع بغرور ..
- ما بيطر الكاسر ..
شخر أحمد بسخريه ..
- مينون انته ..؟! الكاسر ما رامتله مواتر تيم [ مطراش * ].. بس صدق آخذه ..
عقد هزاع جبينه و هو يهمس ..
- وين بتحطه ..؟! في البيت ..؟
اتسعت عينا أحمد برعب ..
- صاحي انت ..!! لو يشوفه غيث قلصنيه به و شخطبيه ويلات في سباق الخرابيط ع قولته .. انته تدري انه محد يدري اننا نشارك في السباقات .. تدري أفكر أحطه في كراجات المزرعة ..؟ شرايك ..؟
حك هزاع لحيته بتفكير ..
- محد بيدريبه ..، الحين وينه الموتر ..؟
لوح بيده ببساطة ..
- عطيته واحد من الشباب يركب شعار التيم ،، [ Kings *].. و بعطيه شيك باكر الظهر يوم بستلم الموتر و تتحول الملكية ..
هز هزاع رأسه برضا ..
- ما تضيّع وقت ..!
ابتسم أحمد بكبر ..
- ولد عمك أعيبك ..
رفع هزاع رأسه بشيء من الغرور ..
- هيه تراك طالع عليّه ،، - أشار باصبعه السبابة لصدره بفخر و هو يردد كلام المقال الذي قرأه في الشبكة العنكبوتية بالأمس - هزاع بن سعيد شاب لم يتجاوز الثانية و العشرين من عمره .. يحتل المركز الأول للمرة الثالثة على التوالي لمصلحة فريق [ Kings ]..- ثم اتسعت ابتسامته فبدا طفلا كبيرا فخورا بما يفعل - أنا أشهد إن كينجس عينوا خير يوم دخلونيه أنا و انته فريقهم ..
أشار أحمد له بعينه ..
- خلاص لم ثمك .. مصبّح شوماخر ياي قدنا ..
ابتسم هزاع بغرور فائق ،،، و هو يغمز لأحمد منتظرا أن يصل مصبح لطاولتهم .. الصوت الأجش يأتيه من فوق رأسه ..
- مرحبا شباب ..
تبادلان النظرات .. قبل أن يردا معا ..
- هلا و الله ،،
مال يستند بيديه على حافة الطاولة و ابتسامة صفراء تتربع وجهه ..
- شحالكم ..؟
أحمد يرد و هزاع يرتشف القهوة ببرود ..
- بخير .. اعلوم ..؟
هز كتفيه ..
- أبد .. مبروك يا بو سلطان اللقب .. فرحنا لك ..
ارتفعت شفت هزاع العليا بتكبر ..
- الله يبارك فيك .. هه .. صدق و الله ،،، ماحيد [ لا تهاب *] يحبونيه عسب يفرحون ليه ..
نظر له مصبح بقوة ..
- و امنوه قال إنا فرحانين لسواد عينك ،، فرحانين لن ما يهزك تكنسل .. الوعد بينا السباق الياي ..
ابتسم هزاع بهدوء ..
- إن أحيانا ربك لين يومها .. يصير خير ..
كان التحدي يحتد في عيني مصبح .. و هو يواجهه ..
- بنشوف ..
و استدار دون كلمة أخرى تاركا المكان متوجها لطاولته مرةً أخرى ..
قبل أن يقول أحمد بهدوء غريب و هو يرفع فنجان القهوة ..
- ما حب هالمصبح .. و لا أرتاح له .. أحسه نذل ..
.
.
لم يجبه هزاع بعد تلك الكلمات ،،، و كأنما استطاع انتشالها من خاطره ..
ظل ساهما و ذكرى معايرته مصبح بعد خسارته الأخيرة تدور في ذهنه ..
لم يكن ودّه هذا مريحا ..
إطلاقا ..!

* * * * *
يده تعتصر شاشة الهاتف بهدوء و هو يراقب الكلمات التي ارتسمت على شاشته ،،، ابتسامة تتداعى أمام شعوره بالذنب ..
رسالتها المعاتبة أتت و كأنما شعرت بما ينوي عليه ..
تنهد بعمق قبل أن يزيح هاتفه جانبا .. التقط أوراقه الذي كان يفحصها للتو قبل أن يقاطعه صوت الرسالة ..
عاد يرجعها للمرة المليون .. و كأنما يخشى أن يتغير شيء فيها لمجرد وضعها قليلا جانبا ..
الآن يصفها بترتيب .. يضعها فوق بعضها البعض .. قبل أن يمسك الدباسة ليطبق فكيها الحديديين مطبقا على الأوراق ..
ليدسها في المظروف البني الذي عزم على تقديمه غدا للوظيفة ..!
أغمض عينيه و هو يضغط بيده عليها بتعب ،،
يختبئ للحظات خلف جفنيه عن هذا العالم الذي لا يسعى سوى لاستنزاف صبرهم ..!
منذ ما يقارب السنة و هو يركض يمنة و يسره باحثا عن عمل ما ..!
مر من حياته سنة ،، و هو ينبش الدوائر .. الشركات .. حتى الممتلكات الخاصة ..
لم يترك مكانا لم يقصده .. و لكنه لم يجد ،،، لم يوفق بأقل من القليل فيما يبحث ،،
و ها هي سنة من عمره قد ولّت بلا فائدة ..! ،، أيمها و جهودها راحت هباءً ..
لكنه لم يشتكي ،،، لكل إنسان نصيبه في الحياة .. و ليس عليه سوى أن يسعى له ..
حتى أسبوع مضى .. آمن بأنه سيقضي السنوات القادمة إحدى الدوائر أن تتخلى عن الخبرات الأجنبية لتجد له مكانا ..
لكن ذاك الصديق فتح في وجهه بابا آخر لفرج قريب ..
تثاءب بإرهاق و هو يفكر .. هه .. فرج قريب ..!!!
لا يعتقد بأن حور سترى الأمر بهذه الصورة .. متأكد بأن زوج خالته لن يعارض .. هذه حياته و هو حر فيما يفعل ..
و واثق بأنه مدرك ليأسه في البحث عن عمل .. و لن يمانع في ما ينوي عليه ..
و لكنه يعرفها .. قد تظن بأنه يستغلهم ليحقق مصالحه ..
أو ستراه خائنا ،،، سيخيب ظنها لعملها لدى من يعلم جيدا ما تخفي في نفسها لهم ..
زفر بضيق مفكرا بأنه سيقدم أوراقه غدا على كل حال ..
إذا قُبِل في العمل عندها سيجد طريقةً يخبرها بها عن الموضوع .. و ستتفهمه إن كانت حقا تراعي ظروفه ..
أمّا إن قوبل بالرفض ،،، و هذا ما يستبعده .. يمكنه أن ينسى الموضوع تماما و أن لا يأتي على ذكره ..
سيتحمل خيبة أمله تلك بصمت .. و يطويها في الخفاء مع ما سبقها ..


* * * * *

يجلس في صدر المجلس على يمينه جده الذي جاور ضيفهم .. و عن يساره جلس أبيه .. و قد تفرق المدعوين على وسع المجلس الضخـــم ،،،
بداية الأمر كانت الأحاديث تجتذبه لما تطرقت من أعمال تهمه .. أما الآن و قد انقلبت لحديث سياسي لا يعنيه فقد بدأ الملل يتسرب لنفسه ..
لا يتخيل أنه يضيّع وقته في مثل هذه الجلسات الفارغة في حين تنتظره أكوام الأعمال تلك ..!
و لكنه مضطر للمجاملة .. يدرك جيدا أنه سيحتاج لمعونة هذا الرجل عاجلا أم آجلا ..
فضل الآن أن يحول مجرى الحديث لما تهوى نفسه .. فقال بصوت واثق أدار بعض الرؤوس نحوه ..
- إلا ما قلتليه يا بو سلطان .. متى بتنزل مناقصة البيوت السكنية لي بتحطها البلدية ..؟!
انحبست الأنفاس و رأى بطرف عينه وجه أبيه الشاحب ،، كان سؤالا جريئا و مباشرا ..
الامتعاض لمع في عيني عمه و لكن الهدوء كان يلوح على وجه جده الذي استرخى أكثر في جلسته ..
واثق الآن أنه سيقود الحديث .. أما بو سلطان فقد ابتسم بإعجاب و هو يقول ..
- و الله يا بو سيف قريب إن شا الله .. ع شهر ستة بتكون المناقصة مطروحة ..
الآن كان الذهول هو ما تبدّا في الوجوه المحيطة ،،، الحقيقة أنهم لم يتوقعوا من ضيفهم أن يجيب غيث ..
ابتسم غيث بشيء من الإنتصار و النشوة و هو يقول ،،،
- لا قريب و الله .. زين .. زين ..
يمعن الجد النظر في وجهه و هو يبتسم بحكمة ،، نظرة التصميم هذه يعرفها جيدا ..
حتما ستكون المناقصة من نصيبهم ..
شي واحد أفسد صفو تفكيره و هو ينظر لوجه غيث الوسيم اللامبالي ..
حديثه الغير مهتم عن زوجته المُهملة لم يرح إطلاقا .. شعر بأن خططه قد تولي أدبارها مع الرياح دون فائدة ترجى ..
و لكن في داخله كان مصمما على أن لا يحدث ذلك .. سيعرف كيف يجعل غيث يستمر قُدما ..
لا زال وعد بينهما لم ينجز ،،، متأكد بأن حفيده الذي صنع منه هذا الرجل لن يخلفه ..
هذا ليس من شيمه .. أبــــدا ..!
.
.
.
على مقربة منه صر هو على أسنانه بغيظ ،،، دوما محط الأنظار .. دوما ذاك الغرور ،،، دوما ينال ما يريد ..
كان يتأمل وجهه القاسي بحقد و هو يرى لمعة المكر في عينيه ،،
يعلم جيدا إلى ما يسعى بتقربه من بو سلطان .. و لكنه لن يسمح له بذلك .. سيعرف كيف يوجه له ضربة قاسية تصيبه في مقتل ..
كل ا يحتاج إليه وسيلة ملتوية ..
واحدة تشبه تلك التي احترفها ذاك المنافق ليجني ما تحت يده الآن ..
يعلم جيدا أنه لا يتوانى عن فعل أي شيء للحصول على ما يريد ..
و يدرك أنه على استعداد تام ،، للدوس عليهم جميعا من أجل مصلحته ..
لا مكان للعواطف أمام الأعمال في نظره ،،، لذلك هو يكرهه .. يكره نجاحه .. غروره ..
و انبهار كبار العائلة به ..
يكره هالة القوة التي تلفه أينما كان ،،، و يكره تلك النظرة المستصغرة التي لطالما وجهها إليه ،،
قريبا جدا سيثبت له أن فارق العمر بينهما لا يعني شيئا ..
سيعلمه كيف يرفع أنفه في وجوه من حوله ..
.
.
.
ابتسم بإعجاب و ذهول و هو يقول بحماس ..
- و الله ما فينا إلا غيث .. بالله عليك طالع كيف يرمس .. تقول شيخهم .. الثقة تسوي العجايب ..
ابتسم إبن عمه بفخر ..
- شوه تبا .. طالع ع خوه ..
نظر له هزاع شزرا ..
- أقول .. إرحمنا بس .. قال أخوه .. انته لو توقف عنده بيقولون مطيرزي ..
عقد أحمد جبينه في ضيق ..
- محد غيرك يا الهرم .. أنا مطيرزي .. أقول تعرف من المطيرزي ..
ابتسم بخبث و هو يشير بعينه للأمام ..
- حارب خوك .. و الله انه نكته .. شكله تعب من صب القهوة ..
قال هزّاع بقوة ..
- خله يتعلم ع ميالس الرياييل .. كلنا يوم كنا فعمره نصف طابور كل واحد يستلم دلة ..
ضحك أحمد ..
- هذا آخر نفر فينا .. بيبطي يصب الين ما يشرفون أحفاد الشيبان .. طالع سيف مع منوه يالس .. أقول ياخي ما فتشتوه أخوكم هذا عند الباب .. عادي يي لابس حزام ناسف ..
شاركه هزاع الضحك و هو يتأمل وقار لحية أخيه ..
- بس و الله إنه شي .. يعيبك يوم ينصح ..

* * * * *

تستلقي على ظهرها تحت التلفاز و تضع يديها تحت رأسها ،، و هي تسأل أختها التي إنهمكت في كيّ الملابس ..
- يختي أبوية و نايف وينهم ..؟! من عقب المغرب ما شفتهم ..؟!
كانت هند هي من أجابت ..
- سارو بيت قوم خالوه ،، أمايا تقول معزومين ع العشا ..
رفعت نورة حاجبها بعجب ..
- ما شا الله رويتر .. عندج علوم الدار ..
عقدت حاجبيها ..
- امنوه رويتر ..
أجابتها و هي تتأوه مللا ..
- واحد من الشباب .. - ثم التفتت لأختها - دندون كويتي قميصي ..؟!
هزت دانة رأسها و عيناها معلقتان بشاشة الهاتف .. و يديها تحرك المكواة دون شعور ..
التفتت نورة لتلك الصغيرة مجددا ..
- نشي ييبيلي ماي ..
هزت تلك رأسها رفضا ..
- ماريد ..
اتسعت عينا نورة استنكارا ..
- اييييييه مزنوووه .. شوه ما تريدين ع كيفج هو .. نشي يبيلي ماي لا تتصفعين ..
تذمرت مزنة باكية و هي تشير لأختها التي استغرقت في مشاهدة التلفاز غير مبالية بهن ..
- ليش ما تطرشين هند .. كله أنا .. كله أناا .. مارييييييييد ..
قالت نورة بقوة ..
- و الله لشوتج .. يوم أقولج شي تمشين فيه .. تسمعين .. شوه قالتلج دانه اليوم .. أصغر القوم بشكارهم .. يا الله يا بشكارتنا هاتيليه ماي ..
.
.
- محد بشكارة إلا انتي .. و الله ان ما خليتن مزّون فحالها لأدبكن .. عنبوه ما تستحن انتن .. تتسلطن على هالياهل ..
احمر وجه نورة بشيء من الخجل و مزنة تمط شفتيها بحزن و هي تصيح ..
- حوووووووور .. أنااا بشكارتكم ..؟؟
قالت حور بصرامة و هي تضع يدها على خاصرتها ..
- لا انتي هب بشكارتنا .. هاي دانة و نورة بشاكير البيت .. - ثم ابتسمت لها - خلاص ..؟
هزت تلك رأسها بسرعة ..
- خلاص ..
قالت حور بنبرة آمرة ..
- يا الله عيل .. بسكن ..الساعة تسع الحين .. هند و مزنة سيرن ارقدن ..
قالت هند بهدوء ..
- باقي خمس دقايق من الحلقة ..
أجابتها حور بسرعة ..
- من تخلص سيده الحجرة و تنخمدن ..
توسلتها مزنة ...
- بسير لأمايا شويه ..
أشارت حور بيدها ..
- خمس دقايق و أشوفج في الحجرة انتي وياها .. مزنة لا تأذينها .. اروحها تعبانة ..
أومأن برؤوسهن موافقات .. لتلتفت حور لنورة ..
- امنوه لي نظف المطبخ ..؟!
تمطت نورة بكسل ..
- أنا و المها .. و عفاري خمّت الحوش ..
هزت رأسها بهدوء ..
- دانووه .. طالعي القميص لا تحرقينه لاحقة ع المسلسل ..
لكن دانة بدت مشدوهة و هي تنظر لشاشة التلفاز بلهفة ..سألت نورة بإهتمام ..
- شحالها أمايا الحين ..
تنهدت حور ..
- أحســـــن ..
انطلقت موسيقى نهاية المسلسل .. فنظرت حور لهند بحزم ..
- بتخطفين تسلمين ع أمايا قبل لا ترقدين يرّي مزنووه وياج ..
نهضت هند بطاعة و توجهت نحو غرفة والديها .. فقالت دانة بحزن ..
- فديتااا أمايا كله تعبانه هالأيام ..
قالت حور بهدوء ..
- الله يسوقلها العافية ..
خرجت مزنة و هند من غرفة أمهن متوجهات لغرفتهن ..
و نهضت نورة نحو غرفة الأم لتراها .. قالت دانة ببؤس ..
- و الله أحس قلبيه يعورنيه عليها .. ليته فينيه .. ما تستاهل أمايا ..
كانت حور تنظر للأرض بشرود و هي تجيب ..
- لا تقولين ما تستاهل هالكلمة ما يوز تقولينها لنه إعتراض على ما قدم الله ..
صمتت دانة لتعود فتقول بعد لحظة ..
- أمايا صغيرة ..!!
عقدت حور جبينها ،،، لم تفهم ما ترمي إليه أختها ..
- كيف يعني صغيرة ..؟؟؟
هزت دانة كتفيها و هي تضع الثياب المكوية فوق بعضها بغية ترتيبها في الخزانة ..
- يعني بعدها صغيرة في السن .. ما تقولين أم سبع بنات و ولد .. آآآ .. وديمة تقول إن يديه يوزها و عمرها 16 سنة ..!!
كانت حور تتأمل أختها . ما المغزى من هذا الحديث .. قالت بهدوء ..
- هيه كان عمرها 16 .. يعني كبرج ..
بدا الهم على وجهها ..
- وااايد صغيرة .. ما اتخيل إنيه أعرس و اييب عيال و عمريه 16 .. فديتج يا أميه ..
قبل أن تجد حور الفرصة للرد خرجن نورة و المها و عفرا من حجرة أمهن و أغلقن الباب خلفهن بهدوء ..
جلست عفرا بجانب حور التي سألت ..
- رقدت ..؟؟
هزت عفرا رأسها بهدوء ..
- هيه ..
حور تنظر لنورة ..
- وايقي ع البنات شوفي إذا راقدات و الا يسولفن .. بشوي شوي بطلي الباب عسب لا توعينهن لو رقدن ..
أطلت نورة برأسها داخل الغرفة المجاورة لتخرج رأسها و تغمز ..
- راقدات ..
قالت عفرا بهدوء ..
- الحمد الله خلصت دراسة باكر الصبح باقيليه أراجع بس .. ابوية متى بيرد .. ؟؟
نظرت دانة للساعة القديمة المعلقة على الجدار ..
- ع الساعة عشر بما إن نايف وياه .. عنده باكر مدرسة ..
ابتسمت عفرا ..
- عدنا نص ساعة .. بنات شرايكن نظهر الخشبة و نلعب ..؟!
تبادلت نورة و حور النظرات بلهفة .. و دانة تقول بهمس ..
- صدق و الله .. كيف ما خطرليه ..؟؟
ثم لوحت بيدها للمها ..
- مهاوي ..
ثم راحت تشير لها بحماس مجنون ما هن مقبلات عليه .. قالت حور لنورة ..
- متأكدة إنهن راقدات .. ما باهن ينشن ..؟!
هزت نورة رأسها بسرعة ..
- راقدات .. راقدات .. - ثم رفع يدها تقول - أنا أول وحدة تيلس ..
وقف حور بسرعة ..
- يا الله عيل بسرعة قبل لا أبوية يرد ..!!
أخذت دانة الثياب تدخلها بسرعة و ترفع المكواة الساخنة ،، اختفت نورة للحظات خلف المطبخ لتعود حاملة قطعة رفيعة من الخشب مربعة الشكل ،، أحد أوجهها أملس .. و على وجهها ابتسامه ضخمة ..
- محد يعرف وين داستنها .. يا الله ..
خرجت دانة تغلق الباب بهدوء قبل أن تلحق بهن للباحة الأمامية الضيقة ..
.
.
تجلس نورة على الخشبة في حين ربطت عفرا و دانة غطاء رئسيهما مشكلا حبلا تتمسك نورة في طرفه في حين شدت كل واحدة منهن طرف منه .. تقول نورة بحماس ..
- يا الله مستعدة .. واااااحد .. اثنييييييين .. ثاااااااا ... لاااااااااااااا .. ثـــــــــه ..
و انطلقت الاثنتين مع اشارتها رضا بشكل دائري في الباحة الضيقة يجرن الخشبة التي استقرت نورة عليها تقهقه بجنون ،، تشاركها حور و المها اللتان تجلسان في الصالة الداخلية تجنبا للإصطدام بهما في ضيق المساحة ..
لحظات و توقفت الإثنتين لاهثتين .. و دانه تقول ..
- بس نورة .. حشى .. غادية ثقيله .. يا الله .. حور و المها .. دوري ..
.
.
تعاقبت الأدوار بسرعة حتى ......
استقرت على الخشبة متذمرة ..
- ليش تخلونيه آخر وحدة .. الحين تعبتن ما بتسحبن زين ..
قالت دانة و هي تحكم قبضتها على طرف الغطاء من جهتها ..
- انتي العودة لازم تصبرين ..
شدّت نورة الأخرى الطرف الثاني .. و استدرن معا .. لتغمز دانة لنورة بخبث التي أخفت ابتسامتها و حور تحذرهن ..
- لا تسرعن ..! يا الله .. - و أحكمت يدها حول الغطاء - واااااااحد .. اثنييييييييين .. ثلاااااااااا .........
و بترت عبارتها مع إنطلاق الإثنتين يجرن الغطاء الذي تمسكه بأقصى سرعه ..
يدرن في الباحة الضيقة بجنون ،،، و يسحبنها بقوة .. فيما أطلقت هي صيحاتها ..
- عنلااااااااااااتكن .. لااااااااااااا تسرعاااااااان .. دااااااااانوه و الله ... ياااااااا ويلكاااااااان .. لااااااااااااااا ... خفن .. خفن .. يميييييييييييه .. و الله تتصفعن .. بااااااس ..
لكن نورة و دانه لم يتوقفن للحظة ،،، بدا أنهن انتظرن هذه اللحظة منذ بداية اللعبة .. عفرا و المها التي كانت ترى انفعالات حور المذعورة .. انفجرن ضاحكات بقوة ..سرعان ما شهقت عفرا و توقفت المها عن الضحك ..!!
توقفن الإثنتين حين شعرن بخفّة الحمولة ليلتفتن إلى الخلف ..
.
.
على الأرض تتأوه ساخطة بعد ان إنزلقت الخشبة من تحتها .. و هي تضع يدها على ظهرها ..
- و الله مااااا تروووووح لكن بلاااااااش .. و الله لداااااويكن ..
هبت حور بسرعة .. في حين فرت نورة أولا تركض إلى خلف البيت متجاوزة عفرا و المها اللواتي أصبحن يقهقهن الآن كالمجنونات .. أما دانة فقد تجمدت و هي تكتم ضحكتها بقوة .. و تتراجع مع تقدم حور ..
- و الله آسفة حووووور .. ها نوروووه قالتليه أسرع .. اذا ما استعيلت و هي تيرج كان صكيتينيه ..
حور تنظر لها و هي تقترب بغيظ ..
- نورة هاا ..؟ هاي حركاتج .. و الله لذبحج الليلة ..
انكمشت دانة و حور تمد يدها لرأسها ..
- تووووووووووووووبة ........
كانت حور تكتم ضحكتها على وقوعها و على تصرف شقيقاتها و على دانة التي بدا واضحا أنها تكاد تنفجر ضاحكة ..!
مدت يدها لشعر شقيقتها .. لتسحب ربطته فينفلت للأسفل بثقله .. لتمد يدها الأخرى فتعبث فيه بقوة ،، متعمدة إفساده .. و دانه تحاول منعها و هي تضحك ..
- حرااااام حوووور بيلعوزنيه بعدين .. دخيلج بيطيح يوم اسحييييييه .. لااااااا ..
توقفت حور بابتسامة راضية و هي ترى شعرها المنكوش .. و أشارت بيدها آمرة ..
- يا الله شلّي الخشبة و رديها قبل لا يي أبويه ..
رفعت دانه شعرها عن وجهها .. و هي تتذمر ..
- الحين تلعوزين شعريه ،، و أشل الخشبة .. و نورة شاردة و ماياها شي ..
أطلت نورة برأسها من زاوية البيت و هي تقول ..
- سبالووه سمعتج .. حور هاي حاقدة تبا تخرب امبيناا ..
أشارت حور لها بابتسامة ..
- صدق و الله ..؟؟ .. تعالي تعالي ..
قالت نورة بنبرة ضعيفة تستعطفها ..
- الدار امان ..؟؟؟
رفعت حور حاجبها بوعيد ..
- إلا أمان .. !!
و ركضت نحوها فجأة لتفر نورة هاربة تتبعها حور ..
.
.
الليل قد أقبل في ذاك الحي الفقير ..
تلك الجدران المتقشفة قد هجدت بتعب تحت ظل المساء ..
و سكّانها الذين يكابدون المرّ للحصول على لقمة عيشهم ..
فضلوا اللجوء لمخدات تنسيهم التعب ..
هذا البيت لم يختلف عن تلك البيوت كثيرا .. هنا تعب .. و هنا لقمة عسيرة ..
و هنا شقاء ..
كان يقهرونه بضحكاتهم ..

* * * * *

كانوا قد انتهوا للتو من تناول العشاء ليجلسن النساء معا في حلقة حول الجدّة يتبادلن الأحاديث المعتادة ،،،
فيما جلسن الثلاث فتيات في زاوية ردهة الاستقبال الفخمة ..
ترفع حاجبيها باستخفاف .. و هي تنحني للأمام عاقدة كفيها .. و قد ارتدت عباءتها ذات القماش القاسي .. لتتركها مفتوحة من الأمام .. ،، تنظر لتلك التي جلست مقابلها تماما تراقب أظافرها بملل ..
التفتت لجانبها لترى شقيقتها شاردة .. لكزتها بقوة لتلتفت تلك بغيض .. فتغمز لها ..
عادت تنظر للأمام .. تراقب عباءة ابنة عمّها اللماعة .. و قطع كريستال تراصت عند ركبتيها .. و صدرها و تعلم أن أخرى مثلها تتزاحم على ظهرها و هي تشكل جيوبا تملأ عباءتها ..
فقالت بصوتها الأجش باستهزاء ..
- أقول عوشة .. حلوو فستانج .. امنوه مصممنه ..
رفعت عينيها المرسومتين بالكحل بدقة تنظر لها باحتقار و هي تفهم مقصدها .. لتتشدق بغنج ..
- أنا أقول فخاطريه ،، هالأشكال شدراها بموضة البنوتات .. روضاني .. شرايج بعباتيه ..
هزت روضة رأسها بابتسامة مجاملة صغيرة ..
- كشخة ..
ابتسمت بتشفي في وجه شيخة و هي ترد بغرور ..
- هاي مفصلتنهاا في فيرست ليدي لي في الغرير يوم سرت دبي قبل اسبوعين عند خالوووه .. ترا خامتهاا طلبية يعني ما ظنتيه تحصلين شراته في السوق لو عيبج .. - ثم نظرت باشمئزاز لعباة شيخة و اشارت بطرف اصبعها - يمكن تحصلين شرات هالخامة الخامّة عند العربي الممتاز ..
و ضحكت بنفاق على تعليقها .. و هي تشير إلى أن شيخة تفصل عبائتها عند ذاك الخيّاط الرجالي ..!!
لم تهز كلماتها الطفولية شيئا في نفس الأخيرة .. التي اتسعت ابتسامتها .. فردها هذا يعني بأنها تضايقت ..
نظرت لروضة .. فوجدتها تنظر لها بعتاب .. أدارت رأسها متجاهله نظراتها .. تراقب جدتها التي جلست بين نساء العائلة ..
تدفق صوت عوشه و هي تسأل بدلال ..
- إلا ما قلتن ليه .. شخبار غيث ..؟؟؟
تصلب ظهر شيخة و رأت الدهشة على وجه روضة الهادئ .. كان سؤالها جريئا للغاية ..
بل وقحا ..!!!
أجابتها بصوت يقطر صقيعا ..
- بعده معرس ..
التفتت لها عوشه بشراسة و هي تقول بحدة ..
- أقول يا بو الشباب .. خلّك فحالك .. محد سألك ..
كان حالها دوما حين يذكر زواج أخيهن الأكبر .. يعلمن أنها معجبة به بشدة ..
روضة تراقب الوضع بصمت .. لا ترتاح للحديث مع ابنة عمها هذه التي تستطيع تأويل الأحاديث لأي شيء يستهويها و تصديقه ..!!
شعرت بتوتر الجو و عوشة تنظر لشيخة بحقد ..
تنهدت بهدوء حين وصلها صوت زوجة عمها و هي تقول بحنان ..
- بنات فديتكن .. يدكن و الشباب بيحدرون يسلمون .. لمن عماركن ..
انفجر الوضع لدى عوشة التي قفزت بسرعة تلتقط حقيبتها .. تخرج المرآة و تلقي نظرة على وجهها .. و ماكياجها المتقن ..
وضعت يدها على قلبها بلهفة تنصت لدقاته المتسارعة ..
جدها سيدخل .. إذن هو أيضا سيكون هنا ..
عوشة تهز رأسها باستخفاف و هي تهمس لروضة ..
- الله يعطينا العقل ..!!
نظرت لها روضة شزرا و هي تهمس ..
- انتي تبين المشاكل الليلة ..؟؟! .. طبيهاا ما يخصناا فيها ..
لوحت عوشة بيدها بلا إهتمام و هي تشد غطاء رأسها حول وجهها الخالي من المساحيق ..
فيما رتبت روضة عباءتها بملل .. تشعر بالضيق و هي جالسة هنا تضيّع وقتها في مراقبة الحرب الكلامية بين شيخة و عوشة .. و الكثير من الواجبات تنتظرها في البيت ..!!
وقفن جميعا مع فتح باب الردهة الكبير و تدفق الأصوات الرجوليّة معلنة وصول القادمين .. لمست مقدمة رأسها تتأكد من عدم تسلل أي شعرة خارج حجابها في اللحظة التي هسّت فيها شيخة بغيض ...
- عوشوووه .. قذلتج ظاهرة شوي من قدّام ..
لم يبدو أن عوشة قد سمعتها .. أم أنها فعلت و تعمدت التجاهل .. و هي تتقدمهن حيث توقف الجميع في منتصف الردهة ..
ابتسمت و شعور يضطرم صدرها بالفخر و هي ترى هؤلاء الرجال .. أهلٌ لها ..
لحقت بعوشة تسلم على جدها و أعمامها الثلاثة .. سلّمت على عمّها الأصغر الذي تعلقت بذراعه إبنته الوحيدة و هي تتمايل ..
و هو يقول لروضة بعتب ..
- عنبوه يا روضة .. متى آخر مرة شفتج فيها ..
شعرت بوجهها يحمر خجلا و هي تشعر بنظرات الجميع تتسلط عليها ..
- السموحة منك يا عمي مطر .. هالدراسة لعوزتنيه .. تعرف الحين آخر سنة و بتخرج ..
ابتسم عمها حين شعر بإحراجها ..
- لا معذورة .. و الله يعينج و يوفقج .. نبا هاييك الشهادة لي ترفع الراس ..
شعرت بذراع أحدهم تلتف حول كتفها .. رفع رأسها لتلتقي بعيني أحمد و هو ينفخ صدره مبتسما بغرور ..
- لا روضاني ما ينخاف عليها .. فديتاا طالعة ع خوها ..
ابتسم هزاع باستهزاء ..
- لا .. مسكينة عيل .. ما بتييب خير و الله ..
ضحك الجميع بخفة .. و الأصوات تختلط فيما يتبادل الجميع الأخبار .. نظرت لجدها الذي مر وقت لم تره فيه .. ما زال قويا كما عهدته .. يقف أخوها الأكبر إلى جانبه بسلطته و هيبته .. الحقيقة أنها تحبه كثيرا .. و تحترمه ..
.
.
و تخشاه أيضا ..!!
انتشلها صوت عميق من أفكارها ..
- شحالج روضة ..؟
التفتت بسرعة نحو صاحبه .. كان يحني رأسه ناظرا للأسفل غاضا بصره ..
- الله يعافيك .. شحالك سيف ..
- بخير الحمد الله .. يا الله أترخص أنا ..
ترك المكان دون أن يرفع عينه .. أخفت ابتسامة خفيفة و هي تراه يسارع في صعود الدرج المزخرف للأعلى ..
جميعهم يعرفون كرهه للإختلاط ..
التفتت بهدوء لتراقب نظرات الإحتقار التي راحت تطلقها شيخة بلا هوادة لعوشة التي راحت تنظر لأخيهن بلهفة فيما لم يدرك هو وجودها حتى ..
سمعت شيخة تهمس بغيظ حقيقي ..
- اخخخ .. لي ما تخيل .. ليتنيه أبوها ... كان يريتاا من هالكشة و مسحت بها القاع .. كان دفنتها حية ،، مسودة الويه ..
تنفست بعمق ،،
حمدا لله أن شيخة لم تكن أبا لعوشة ..!!

* * * * *


طرقات على باب الغرفة لتهب من مكانها و صوت أبيها يعلو عند الباب ..
- حوور .. حور ..؟! .. نشي صلي الفير و وعي خواتج ..
أسرعت تفتح الباب له .. خرجت من الغرفة و هي تعيد شعرها إلى الخلف .. و ترفع نفسها لتسلم عليه ..
- صبحك الله بالخير يا بويه ..
يمسح شعره المبتل بعد الوضوء .. و يضع عمامته حول رقبته ..
- صبحج الله بالنور .. يا الله وعي خواتج يصلن ..
- إن شا الله ..
خرج نايف من غرفته و هو يلف - الغترة - حول رأسه ..
مشى أبوها متمتما بدعاء ما .. و نايف يلحقه للخارج متوجها للمسجد ..
تثائبت بقوة .. قبل أن تسرع لتتوضأ .. لحظات و تخرج من الحمام .. تقدمت نحو غرفة أمهن مسرعة .. لتجدها تصلي .. ابتسمت بحب .. فقد اعتادت أن تتوضأ أمها قبل الأذان كي توقظ والدها للصلاة ..
لم يختلف الأمر بمرضها .. فالأمر غدى كالساعة البيولوجية متقنة التوقيت ..
فكيف لأمها أن تعتمد على منبهات الساعة و هي لا تسمع ..!!
توجهت لغرفتهن .. لتفتح الباب .. ثم تضيء النور ..
توقفت للحظة و هي ترى المنظر أمامها .. عفرا الأقرب اليها تلتف في غطائها باحكام .. و جزء من قدميها الطويلتان تخرجان من أسفله ..!!
المها بوجهها الملائكي قد نامت بسكون على ظهرها .. في فراشها المجاور لفراش حور ..
نورة بد غير مرتاحة و قد أزاحت المخدة لتنام على بطنها .. و دانة بلا غطاء في جو الغرفة البارد ..
أما هند و مزنة فقد استلقين في فراشهن المشترك في زاوية الغرفة الضيقة ..
تجاوزت بهدوء أجسادهن المترامي في كل صوب و هي تهز رأسها .. تصل لمكيّف الهواء فتغلقه بهدوء ..ثم تتوجه نحو النافذة الصغيرة لتزيح ستارتها البالية و تفتحها ،،،
تدفق صوت المؤذن يقيم الصلاة ..
فصاحت بصوت عالٍ ..
- بناااااااااااات .. صلاااااااااااة .. يا الله نشن ..
للحظات لم تبدو منهن أي حركة .. تنهدت حور و هي تقول بصوت مرتفع قرب نورة و دانة ..
- دانوووه نشي .. نورة بتحدر الحمام قبلج ..
في لحظة واحدة .. تسلل الصوت لأذني نورة التي فتحت عينيها بقوة و هي تدرك الخدعة التي تستخدمها لتسبقها دانة .. رأت أن دانة قد نهضت من مكانها لتسبقها إلى الحمام ..
فهبت تزيح الغطاء بقوة ..
ركضت دانة مع رؤية نورة تسارع للباب .. يتسابقن نحو الحمام لتصله نورة أولا و تغلقه خلفها ..
فتضرب دانة الباب بقبضتها ..
- بسرعاااااه .. لا تبطين .. ثم قال بصوت منخفض - عنلاتهاا هب سرعة عليها ..
أتاها صوت نورة ثقيلا من النوم ..
- سمعتــــــج ..
جلست دانة تتذمر بصوت منخفض في الصالة تنتظر أن تخرج نورة من الحمّام .. تثاءبت بشدة ..
و هي تستلقي على ظهرها .. خرجت حور تمسك بيدي هند و مزنة التي بدا أنها لا زالت نائمة ..
و هي تنبه هند ..
- سيرن وضّن في حمام الميلس .. امسكي مزنووه .. لا تضيع و هي تمشي ..
أمسكت هند بيد أختها النائمة تجرها خلفها ..
فُتح باب الحمام لتخرج نورة منه .. هبت دانة لتخدل بعدها بسرعة و صوت حور و هي توقظ عفرا يصل لمسامعها ..
.
.
.
لا زال ضوء النهار الوليد .. يكتسح تلك البيوت المتهاوية ،،، معلنا أنه يوم جديد ..
أشعته الخجولة تسقط على أرض الصالة عبر بابها المفتوح .. و الحركة تدب في البيت كخلية النحل ،،،
كان بو نايف قد ذهب للعمل مباشرة بعد صلاة الفجر قبل الشروق حتى كما اعتادوا ..
رفعت حور شعرها لقمة رأسها و هي تنهر نايف ..
- لا تيلس تتسحب .. بسرعة باصك يي بدري .. خلص الشندويتشة و توكل ..
قال نايف و هو يقضم قطعة الخبز ..
- انزين يختي .. عدتي هالرمسة عشر مرّات .. أوووه .. اليوم الخميس - و اتسعت ابتسامته متذكرا - ابوية بييب بطيخ عقب الغدا ..
قفز من مكانه بسرعة ،، و اختفى للحظات في غرفة أمه يودعها .. قبل أن يعود ليلتقط حزمة كتبه فيقبل خد حور بقوة ..
- يا الله أنا بسرح .. ادعوليه ..
نظرت له حور بحب ..
- الله يوفقك .. و يحفظك ..
خرجت دانة من غرفتهن و بيدها جهاز إذاعة صغير ،،، و ضعته فوق التلفاز لتديره على الموجه المحليه ..
،،، لحظات من الضرب على ظهره العتيق .. و تحريك الهوائي خاصته .. قبل أن يتدفق صوت فيروز و هي تشدو ..
درج الورد مدخل بيتنا
درج الورد جنة حمانا
و بين الورد طاير بيتنا
و تحت الورد خيمة هوانا
روح يا بلبل و اسأل عالسطوح
في بيت يا بلبل قرميد عم يلوح
ورق الورد يغمر بيتنا
زجرت نورة التي كانت ترتشب كوبا من الشاي ،،
- أخيييييه ماشي غير هالعيوز ..
نظرت لها دانة شزرا ..
- محد عيوز غيرج .. و أنا أقول شدراج بالرومنسية ،، بعدين اف ام ما تييب غير فيروز الصبح ..
مسحت حور وجهها بصبر على هذا النقاش اليومي ..
- أصبحنا و أصبح الملك لله .. دانه بندي هالاثم لا أكسره على راسج ..
أغلقت دانه بقوة ..
- اففف .. عنبوه ما تخلون الواحد يسمع ع راحته ..
- اسمعيه ع راحتج حبيبتي يوم تكونين بروحج .. هب تزيديناا اثم وياج ... عفاري حبيبتي خلصتي ..؟!
رفعت عفرا رأسها من الكتاب و هي تردد أحد المفاهيم بتمتمة و تشير بيدها أنه ما زال أمامها القليل ..
خرجت المها من غرفتهن .. و بيدها كتاب هي الأخرى .. التقطت كوبا من الشاي و خرجت للباحة الأمامية .. خافية القدمين ..
تنهدت هي براحة مع خروج مزنة من الغرفة و هي ترتدي ملابسها الداخلية .. لتسأل حور ..
- منوه بيسحي شعريه ..؟؟
أشارت لها بسرعه ..
- تعالي أنا بسحيه أمايا تعبانه ..
إقتربت منها لتجلس أرضا أمامها و هي تدير لها ظهرها .. رحت حور تمشط شعرها الحريري .. و هي تستمع للأحاديث الحماسية بين نورة و دانة عمّا سيحدث اليوم في المدرسة .. أسماء كثيرة تذكر .. معلمات ,, و زميلات .. لا شيء يمكن لهن أن ينسينه دون ذكره ..!!
.
.
لحظات و بدأن يخرجن متوجهاتٍ للمدرسة واحدة تلو الأخرى ،، نفضت حور ملابسها و هي تلتقط غطاء الصلاة و تشير لمزنة ..
- يالله الحين بيي باصج .. خلينيه أوقف لج عند الباب ..

* * * * *

في اللحظة التي خطا فيها على أرض شركته ،،، بدا أن الجميع قد تجمدوا وقوفا لحضوره ..
شيء يشعره بالنشوة .. و هو يرى أن هذه الأعمال بين يديه يديرها كيف يشاء ..
يصل للطابق الأعلى من المبنى حيث يقع مكتبه .. مدير المكتب يقف بإحترام له ..
- صباح الخير طال عمرك ..
نظرة متعجرفة .. لا تزول من عينيه .. تلك القوة تولد شعورا لا يوصف في روحه ،،
يعشقها ..
- صباح الخير .. بطي .. خل الرسايل و الفاكسات عقب الإجتماع .. عشر دقايق مابا ازعاج ..
رفع بطي عينه و هو يشير ..
- طال عمرك فيه مكالمة مهمة من ...........
قاطعة ببرود ..
- قلتلك .. عقب الاجتماع ..
و دلف مكتبه ليصفق الباب خلفه ..
تقدم من كرسيه ذو الظهر الطويل ليستوي عليه جالسا .. يخرج هاتفه ليضعه على المكتب ..
مسترخيا في مكانه .. و هو يهز مقعده بهدوء .. صوتها في أذنه و هي تذكره بأن لا ينسى ما وعدها به ..
واثقٌ بأن الأمر لن يكون عسيرا عليه .. سيحضر تلك الفتاة للمنزل الكبير ،،
و لكن عليه فعل ذلك و هو غير موجود ..
الحقيقة أن ذلك لم يضايقه البتة .. فهو لا يملك الوقت للقائها أو تعرفها ..
أم أنه لا يرغب بذلك ..!!
كل ما يهمه أن لا يتواجد في مكان واحد معها أمام جدته كي لا تكتشف تلك أحاديثه الملفقة حول من يطلق عليها زوجته و تواصله الوهمي معها ،،،
سيخيب ظنها به .. و لن تفهم موقفه ..
إذا عليه فقط أن يقوم بإرسالها إلى المنزل في غيابه ..
التقط هاتفه دون أن يضيّع وقتا ،،، يبحث عن إسم لم يتطرقه منذ فترة ..
لحظات و يقع ناظره على الإسم ..
الإتصـــــــال ،،
ثم صوت الرنين المتقطع معلنا ان المكالمة تمت ..
هل سيُرَدُّ على هذا الإتصــــــال ..؟!

* * * * *
* Kings ،، مِطْراش ،، لا تهاب ،، / أسمـــاء لأفرقه سباق وهمية لا تمت للواقع بأي صلة ..







نزلت لكم اليووم خطوتين.. وباذن الله رااح كل يومين انزل خطوتين... الى ان انزل بأذن الله كل الخطواات اللي نزلتهم الكااتبه ونصير نتاابع معهاا الاحداااث والخطواات .. خطوه بخطوه...

ولااااا تنسوون استنى الردوود.. ومشكوووورين مقدماا




.

 
 

 

عرض البوم صور زارا  

قديم 14-04-08, 12:24 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ماسي


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 53753
المشاركات: 10,517
الجنس أنثى
معدل التقييم: ارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 740

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ارادة الحياة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

السلام عليكم
يا اهلا وسهلا نورتي حياتي الله لايحرمني منج
مشكورة عمري زارا على هذا المجهود المميز والاختيار الاكثر تميز قصة رائعة بكل المقايس اذا طريقة السرد او الاحداث الرائعة حتى فكرة القصة جدا رائع وراقية
اقل ما يمكن ان يقال بحق الخطوة الاولى انها غامضة وتدفع القارئ رغم عنه بان يكون في ترقب وشوق للخطوة القادمة ليتني غريبة ابدعت في وضع هالة من الهيبة والغموض بكل شخصية من شخصيات القصة ولكنها ايضا اضفت اليها فكاهة خفيفة تمربين فترة واخرى لتبعث في نفس القارئ نسمة حلوة وبسمة رقيقة

عزيزتي زارا اسعدني تواجدك اعجبني اختيارك وانتي تعرفين من البداية رئي بالقصة والكاتبة احيج على هذا الاختيار

حياتي بالعافية عليج غيث وبنات غيث في السته الذهبية ل زارا ممنوع الاقتراب
انتظرك دائما وانتي محملة بقصص مميزة

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة ارادة الحياة ; 14-04-08 الساعة 12:43 PM
عرض البوم صور ارادة الحياة  
قديم 14-04-08, 03:28 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ملكة الالماسية


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8455
المشاركات: 10,839
الجنس أنثى
معدل التقييم: زارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالق
نقاط التقييم: 2892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زارا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

عزيزتي ابلاا ارااده.. مشكوووره الف مررره على هالرد اللي يشرح القلب.. واشكرتس جداا جداا لووقووفتس معي ضد المشفح اللي بيحااولن يااخذن ابوو سيف مني ..بس مااايقدرووون .. داام البق بووس اراادة الحيااة معي.. خخخخخخ


مع اني اكفي واوفي بس المؤاازره حلوووه..خخخخ

مشكووره على مررورتس العطر..


 
 

 

عرض البوم صور زارا  
قديم 14-04-08, 09:36 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ملكة الرومانسية


البيانات
التسجيل: Dec 2007
العضوية: 58271
المشاركات: 3,072
الجنس أنثى
معدل التقييم: فروحه عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 25

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فروحه غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


اختيار موفق يا زارا القصة جدا رائعة



حور : البنت الكبرى ولاعتماد الكلى عليها وحمل مسوولية اهلها واخواتها وتخلي عن مستقبلها من اجلهم

ولا اعتقد سوف تبقى حياتها هكذا الى الابد لان الايام تخبى لها المزيد



خطوة رائعة يا زارا مثل التي نقلتها


لك مني جزيل الشكر والتقدير


(فرووحه)

 
 

 

عرض البوم صور فروحه  
قديم 15-04-08, 05:39 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45524
المشاركات: 335
الجنس أنثى
معدل التقييم: الفنودية عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 16

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الفنودية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

الف شكر على النقل الموفق بصراحة القصة مسكتة ولي عودة للرد

 
 

 

عرض البوم صور الفنودية  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليتني غريبة, ليتني غريبة ابداع مستمر, ليتني غريبة وحشتيني يا بنت ربي يفرج عنك ياحلوة (بندقة), من ارووع القصص وارقاها.., من ارقى وأجمل القصص الخليجية, الأدب الراقي المستقى من البيئة الاماراتية بواقعيه, القسم العام للروايات, الكاتبة ليتني غريبة, ابداع الكاتبة الكبيرة ليتني غريبة, احب حور وغيث, اشتقت لحوووووووووووووووور ولغيث اووووووه يارب صبرنا, اسطورة دوما يا ليتني, اعوذ عليكِ بكلمات الله التامه من شر ماخلق..مبدعه ورب الكعبه, اقسام الروايات, حفظك الله من عيون البشر, خطوات تغفو على عتبات, خطوات تغفو على عتبات الرحيل, خطوات تغفو على عتبات الرحيل لكاتبة ليتني غريبة, خطواتٍ تغفو على عتبات الرحيل للكاتبة ليتني غريبة, روآية غير شكل آحآسيس خجوله^^, روايات مميزة, روايات خليجية, روايات كاملة, رواية خطوات تغفو على خطوات الرحيل, رواية خطوات تغفو على عتبات الرحيل كاملة, سيدة الضاد ليتني غريبة, غيثاني وربي انك مخبل فييني .الله يوفقك يااعسل.توقيذر فور ايفر.( زارتك)هخهخه, وهـ بس .. فارس فرسان الفرسان الشيخ طويل العمر غيث بن علي. المعروف بغيث زارا.., قلبي قلبي قلبي .. فديــــــــت ابوو العسل غـــــــ غيث زارا ـــيــ غيثي اناــث, قصة اماراتية تحكي الحب والبؤس والحرمان, قصة خليجية اماراتية ابداع ×ابداع
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:00 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية