لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-07-08, 04:28 PM   المشاركة رقم: 316
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2007
العضوية: 58369
المشاركات: 60
الجنس أنثى
معدل التقييم: مس نجد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 16

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مس نجد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
Talking

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ماادري وش اقول في القصه تهبل خطيرررررررررره روعــــــــه

زارا مشكووووووووووووورررررررررررررره على نقل ها الابداع لنا

ماادري وش اقول مااعرف احط رد لان ردودي تسنه وجهي

بس بعلق على شخصيه او ثنتين في القصه وهو غيث اناني اكرهه ماهمه الا نفسه كرهته كره في البارت اللي راح

حور :ها الانسانه شي وربي شي رحمتها لادرجة اني جلست اصيح مالقت لقفتها تتطلع الا اليوووم

وليتني والله انك مبدعه بمعنى الكلمه ومافي كلمه توصف ابداعك

زارا مبرررررررررروووووووك النجاح عقبال الدكتوره من قدس افتكيتي من المدرسه عقبالي يارب

ونتظرك في الخطوه الجايه

 
 

 

عرض البوم صور مس نجد  
قديم 04-07-08, 06:21 PM   المشاركة رقم: 317
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 79793
المشاركات: 451
الجنس أنثى
معدل التقييم: رفيف عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدAustralia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
رفيف غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أول شي بدي اقول اني مش من قارأت الروايات العربية <امكن تخصصي ماثرة فيه > بس قبل فترة

يعني قبل تسجيلي هنا في المنتدى اللي سجلت فيه بتشجيع من استاذتي الغالية والقديرة

( سعودية حيل
) "أم ليان" الله يرجعها بسلامه لاهلها وبناتها سالمة ان شاءالله , وقالت لي على روايات سعودية

هنا في المنتدى من كاتبات المنتدى وفي منتدى الم بس بصراحة مرررررررره عجبتني عن جد أعجبني

اسلوبهم وبراعتهم في الكتابه ماشاءالله ( الله يحفظهم ) على العموم بعد هذه الخطوه جات المغامرة

اني اقرأ (خطوات...) برضوا كانت طلب من استاذتي الغاليه (أم ليان ) والله في البداية مره رفضت مش

لشي في القصة بس عشان اللهجة الاماراتية فيها بغض المفردات ماأستوعبها بس والله بتشجيع من ام

ليان وتفسيرها لي للمفردات اللي ماأفهمها مره انسجمت مع القصة وحمت ربي انه وقتي لقرأت

القصة لم يذهب هباء منثورا استمتعت بقرأتها بصراحة ...

زارا يعطيك الف العافيه على هذا النقل الرائع عن جد قصة في منتهى الروعة بالرغم اني ماكملت قراتها

بس حبيت انقل بعض مافي نفسي عن هذه القصة بس ان شاءالله اول ماانتهي من اخر بارت نازل راح

اكتب تعليقي ممفصل عن القصة لانه عن جد قصة تتستحق التعليق عليها

شكرا استاذتي الغاليه ام ليان لتشجيعي لقرأت القصة اللي كنت متأكدة أنها مش اي قصة لانها مو اي

قصة بتشجيعينا لقرأتها الا لمن تكون ممتعة ورائعه والاهم مفيدة .

زارا معليش التعبير مش ولابد لانه شكله العرق ضرب عندي , على العموم انتظريني بس انتهي من قراتها وانزل تعليقي بادن الله .


لحظة على فكرة ألف مبروك التخرج عقبال الجامعة ان شاءالله

 
 

 

عرض البوم صور رفيف  
قديم 05-07-08, 02:02 AM   المشاركة رقم: 318
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ملكة الالماسية


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8455
المشاركات: 10,839
الجنس أنثى
معدل التقييم: زارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالق
نقاط التقييم: 2892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زارا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

► الخطـــــــــــــــوة الثانيـــــــــــــــــــة و العشـــــــــــــــــــرون◄

║ خطواتٌ على الشوك ..! ║


بياض صفحة تفتحها ،، لتلتقط قلما و تنكس رأسه ذلا .. فيتقاطر كلماتٍ لم تعد سوى سلوىً لكل ما تمر به من تحطم ،،
.
.
(( إليكِ ..
أسبوعين فقط ..
و سيساق الرجل الذي لم يبارح مرادي يوما .. لامرأة اختارها دوني ..!
أسبوعين من برود ..
من جمود ..
من ذهول ..
من إحساسٍ لم يعد يخالجني ..
من شكٍّ في كل نبضة كنت قد أطلقتها .. أو خفقتها عمدا إزاء حضوره ..!
كيف استطاع حرٌّ أن يقتلعني من إحساس كنت أغرق فيه ..؟
كيف .. كيف ..
كيف استطاع تجريدي من كل يقينٍ أعايشه .. ليتركني فارغة بشكلٍ كريه ..
لأجد نفسي بلا هدف .. و قد قضيت ما يفوق عمري بأكمله .. ألهث وراء الزائل من السراب ....!
بحاجة لأن أبكي يا أنتِ ..
أشتهي أن أُغرق حِجري دمعا ..
و أن أصم أذني صراخا ..
و أن يواسيني أحد ..
لكن الدمع يستعصي ..
و لا صوت بي يصرخ ..
و ما من أحد ..!
تلك مدنٌ تسكنني ،،
بسماواتٍ رمادية .. و شمسٍ مطفئة ،،
و أبوابٍ موصدة ،،
بنوافذٌ لمبانٍ لن تشرّع مصاريعها فرحـا ،،
و شوارعٍ زلقة ..
و هواءٍ ملبد ..
مدنٌ شاسعة .. طرقاتها باردة ..
خالية .. خالية .. خالية ..
مدنٌ تخنقني .. بأضوائها الذاوية ..! ))
.
.
قذفت قلمها على الورقة و هي تترك سريرها الوثير لتقطع أرضية الغرفة الواسعة الباردة .. تتقدم نحو المرآة الماثلة أمامها ..
توقفت على بعد انشاتٍ منها ..
تبحث حول عينيها و فمها عن خطوط حقيقة السنوات التي قضت في انتظار رجل لم يكن لها يوما ..!
عانس ..!
هي عانس ..!
ابنة عمّها التي تصغرها بسنواتٍ ستتزوج بعد أقل من شهرين ..
كم مضى من عمرها ..
ستة و عشرون ..؟ سبعة و عشرون ..؟
وقتٌ طويل ..
لم تفكر يوما بما أنفقته ..
و فيما كان ..!
ترفع اناملها المرتعشة و هي تلامس بشرتها الناعمة حول عينيها ..
تنبش جمالها باحثة عن شائبة ..
أو عذرٍ يبرر جلوسها حتى الآن بلا زواج ..
اعتادت من أن بلغت سن الزواج أن يتردد الخطاب على أبيها فلا تتوانى في صدّهم ..
الآن ..؟!
لا تذكر متى أتى أبيها ليطلب رأيها في خاطب جديد ..!
تراهم يئسوا من موافقتها ..
فلا استطاعت نيل الغيث .. و لا الارتواء منهم ..!

* * * * *

بذمتك قول ..
وش اقول ..؟
قول .. قول .. قول .. قول
الله يخرب بيت بيتك
توني يا دوبي بديت
بعت عمري واشتريتك
خطوه خطوه واشتريت
توني باطراف البدايه
مدري وشلون
انتهيت ..؟

ياخي حس ..!!
والله عيب اللي تبيه ..
اني ارحل من حياتك ..
واشعل عيوني بــ ليه ..

لا جبينك شمس و احساسك مطر ..
لا عيونك شوق وشعورك دفا ..
جبت لك بـايدي ابتسامات العمر ..
ليه تكسرها على اطراف الشفا ..؟؟
شوف ..!!
بعثرني احتياجي بالنظر..
شوف ..!!
وجهي امتلا منك بــ أفا ..

ماتجي منك ..
ولكن يابشر ..
منت اول من طعني بالجفا
ابرا منك كل جروحي بالسهر
و لا افكر من ورى قلبك شفا
ول يا قلبك ..!!
مايجيب الا القهر ..
ول يا عمرك ..!!
ماعرف طعم الوفا ..

والا انا ..!!
مثل النهر ابقى نهر..
من تحوسه ترجع تشوفه صفا ..!!
فيني والله احساس لا منه ظهر..
يشعل ضلوعك اذا قلبك طفا ..

هذا هو اللي تبيه ..؟!!
وهذا هو اللي قدرته ..
وقدرك ربي عليه ..

بذمتك هذا كلام ..؟؟!!
اني ارجع من جديد..
ارجع افرش كل تعب عمري ..
وانام ..

وين اروح ..؟؟؟
شلون اجي من قلبي المجروح ....
روح
هذا هو اللي تبيه ..!!*
.
.
تجلس على سريرها الوثير ..
كفيها الصغيرتين منعقدتين في حجرها ،،
و حولها تناثرت أكوام من جهاز عرسها ..
علب الأحذية الجديدة ،، و أكياس الملابس ..
حقائب فارغة .. و أخرى ملأى بكل ما قضت الأشهر الماضية في شراءه ..
حقائب أسهبت في تعبئتها بالأحلام ..
وضّبت ذكرياتها ،، و أيامها ..
و حزمت أمنياتها ،، لتدس كل احساس بين طيّاتها ..
استعدادا لترك كل شيء خلف ظهرها .. و البدء من جديد ..
حياة جديدة معه ..
مع الرجل الذي تحب .. و الذي آمنت بأنه يريدها ..
نظرة فارغة تجيلها في أرجاء الغرفة الصارخة بفرحة عروس .. لم تعد لها ..
برود اعتلى ملامحها الشاحبة ..
لم يفصح عن الثورة المجنونة التي تتصاعد داخلها ..
تتصاعد في جوفها ..
تخنقها ..
على وشك الإنفجار .. !
.
.
.
( و يمكن انا ماباها بنت حمد ..! و أردها عليك .. ! )
( و يمكن انا ماباها بنت حمد ..! و أردها عليك .. ! )
( و يمكن انا ماباها بنت حمد ..! و أردها عليك .. ! )
.
.
.
أغمضت عينيها بقوة تقاوم طوفان الألم الذي كاد يطفح من عينيها ..
عينيها العاجزتين حتى عن البكاء ..
تشعر بحدقاتها الجافة على وشك التشقق ..
لم تبكي ..!
و لن تفعل ..
لأنها عاجزة حتى عن إراقة الدموع أمام اللهب الذي راح يلتهم أحشائها ..
تسري النيران في أوردتها ..
و هي تعتصر قبضاتها الصغيرة ..
كان يستغلّها ..!
الوضيع راح يعلّقها به .. و يوهمها باهتمامه ..
لتندفع ملهوفة خلف كل قطعة إحساسٍ يرميها في طريقها ..
فيما يضحك عليها من وراء ظهرها .. متأملا إنجرافها المخزي ..
يا الله ..!
كم سخر منها ..!
لا بد أنه استمتع كثيرا بلعبته الصغيرة ..
رجل بمثل خبرته .. و حنكته .. يتلهّى بها ليصل إلى ما يريد ..!
صرّت على أسنانها .. و هي تثبّت قدميها على الأرض ..
و ترغم جسدها على المكوث هادئا ..
في حين تشتهي الإنفجار ..
و تمزيق كل هذه الملابس التي جهّزتها لإسعاده ..
و تحطيم كل ما استعدّت به له ..
و الصراخ ..
و عقلها يعمل بجنون ..
في حلقات مفرغة ..
يوم الخميس سيحقق مآربه و سينجح في الحصول على كل ما خطط ..
سيجني ثمار خداعه لها ذهبا .. يثريه ..
لن تستطيع فعل شيء لمنع ذلك قبل الخميس ..؟!
ما الذي بيدها ..؟ أن توقف هذا الزواج ..؟!!
يستحيل ذلك بالطبع ..
لن يتضرر أحدٌ بذلك غيرها ..
إلغاء زواجها قبل أسبوع من الإحتفال به ..؟!
ستلوكها الألسن بلا رحمة .. و لن يمسه السوء ..
لن تستطيع إيقاف الزفاف .. و لن تفعل ..
فرغم ذاك الألم الذي يبعثر قلبها أشلاء ..لن تغامر بسمعتها لمجرد أن ذاك الحقير يتزوجها لأجل المال ..
لكنها لن تسكت ..
صرفت أسنانها .. حتى شعرت بها تتخلخل تحت ضغطها عليها ..
و أنفاسها ترتفع ..
فيما يخنقها الحقد و الغثيان ..
كأس الخداع المر الذي أسقاها إياه ..
سيذوقه قبل لذّة الإنتصار ..
و نفس الخنجر الذي أغمد في قلبها ..
سيلتوي .. لتغرسه هي في روحه العفنة ..
راحت أنفاسها المتهدجة تستحيل شهقاتٍ متوجّعة .. فيما تهيج عبراتها براكينا تثور ..
لكنها لن تنفجر ..
لن تبكي ذاك الحقير .. لن تبكيه ..
و كان ذاك صراعا مستميتا مع الدموع ..
تشعر بأنها مخدوعة بشكلٍ مهين و مخزي ..
و أنها ساذجة للغاية .. و مغفّلة ..
كيف تلاعب بها دون اكتراث .. مضغ قلبها في ثوانٍ و سيبصقه حالما يصل لمراده ..
تبا له .. لن يستمتع بذلك حتى ..
ستدوس على قلبها و على كرامته ..
و ستباغت مكره بذلٍّ لن تنساه رجولته ..
لو كان يظن أنه انتصر في لعبته .. و على وشك الإحتفال ..
ستقلب الطاولة عليه ..
و ستريه كيف يمكن أن يكون هو المخدوع .. فيما هي تستهزئ بغبائه ..
.
.
عليها فقط أن تبتلع هذا الألم أولا ..
و أن تنحي أحاسيسها الثائرة في أقاصي الروح ..
يجب أن تخلع حبّها له .. و تنتزع عنها كل شعور يتملكها نحوه ..
لترتدي لا مبالاتها ..
و تتقمص كرامتها و الكبرياء الذي يسري في عروقها ..
ذاك الذي ورثته أبا عن جد ..
.
.
مطلقا ..!
ليس هناك أشرس من أنثى سُقِيَت الغدر كأسا من ذل ..!
و أستغفلت ..!

* * * * *

زفرت بهدوء و هي تردّ على إلحاحه عبر الهاتف .. و كأن الأميال التي تفصلهما لم تمنعه من ممارسة الضغط عليها ..
- يا عمر افهم .. كم مرة بقولها .. أنا العرس مالي به .. و حياب معرّس .. شوه لي حادنه يرد ع طير ياللي ..
رد عمر ببساطة و كأن اعتراضها لا يعني شيئا ..
- لنه يحبج و يباج من قبل لا ياخذ حرمته .. و من قبل لا يخطبج مضيّع المذهب بن سيف .. و عده الريّال رايدنج يا خولة لا تضيعينه من ايدج .. انتي اتحرين عمرج صغيرة ..؟؟ لي كبرج يربن عيال عيالهن ..
شعرت بجملته الأخيرة تخترق صدرها بقوّة آلمتها ..
تهدج صوتها و هي ترد عليه بعتب ممزق ..
- تعايرنيه يا ولد خوية ..؟
أنكر عمر بصدق ..
- لا و الله .. صدقينيه .. هب قصديه أعق عليج رمسة و الا أضايقج .. بس أباج تفكرين فعمرج شوي .. باكر لو سيف بن علي خذ بنته .. منوه بيتم لج انتي ..؟ فكري فعمرج و لو مرّة ..
قالت بصوتٍ قانع ..
- أنا راضية باللي أنا فيه .. و بعدين يوم انك فاضي و تبا تيوزنيه .. سير يوز عمرك أول ..
تنهد عمر ..
- على ايدج .. اخطبيليه .. و أخطب لج .. و نعرس فليلة ..
ضحكت خولة بخفّة .. و انسل صوتها الناعم عبر الهاتف ..
- ما شا الله عليك .. تلف و ادور و اترد لنفس الموضوع .. انته من ترد عقب اسبوع فااالك طيب .. أخطب لك شيخة البنات .. لكن أنا خلاااص .. طابت نفسيه من العرس .. تجربة وحدة اتكفي ..
انزلقت لمسامعها كراهية عمر و هو يرد ..
- بس غيرج ما طابت نفسه .. و سمعنا ان عرسه الاسبوع الياي ..؟!
بجهدٍ مضني .. ابتلعت صرخة متألمة .. اثر كلمته التي وخزت روحها .. و اصطنعت البرود و هي تقول بحقد ..
- ما حفلته .. لو زفته الليلة .. يعله ما يتوفق ..
خرجت الكلمة الأخيرة من صميمها .. و أضحكت عمر و هو يقول ..
- حاقدة عليه بالقوو .. انزين أنا عنديه لج شور ..
تنهد و هي تتناسى ألمها ,،
- شور عليّه .. شوه عندك ..؟
- شرايج أيوزج حياب .. و تيوزينيه ختج بنت سيف ..؟ عسب لا تستهمين عليها ..
لكن المزحة كانت ثقيلة للغاية ..
و لم تضحك عليها خولة ..
حين باغتها شعور مجهول بالفزع ..!

* * * * *

في وسع تلك الرّدهة يجلسون ..
كانت الشمس قد غرقت يائسة في الأفق منذ ساعات ..
تاركة النصرة للظلام ..!
ذات الظلام الذي لم بإحساسها الممزق ..
و هي تلتهم شهقاتها .. و ترتشف دموعها المختنقة ..
تجسّد ملامحها برودة تشعر بكل فوضى إياها ..
متجاهلة وجود جدتها و أمها اللتان تجلسان على أريكة بجوارها ..
و جدها الذي التقط سيف الصغير من بين يدي أمها للتو ..
و صراخ نايف و مزنة المتحمس أمام التلفاز ..
كل ما حولها لم يكن يعنيها .. و هي تشعر بأنها تذوي في مكانها بصمت ..!
و كأن الأيام لم تلبث إلا ما لزمها لتشحذ قسوتها ..
كي تكشّر عن أنيابها .. و تغرسها في طراوة عودها و القلب ..
موعدٌ مع الألم ذاك الذي تربّص بها ..
طحنت الصدمة قلبها طحنا .. بعثرت شعورها .. لتتركها ذاهلة الروح لا تملك من أمرها شيئا ..
سوى استيعاب هول ذاك الإستغلال ..
فيما تدور الصور .. و المشاهد كفلمٍ سيّء الإخراج .. تافهة .. يصطنعون ممثلوه أدوارهم بلا اتقان ..
كل شيءٍ راح ينهال على رأسها ..
كلماته .. نظراته .. المواقف التي جمعتها به .. سواء كان ذلك في بيت أبيها .. أو هنا ..
ليالٍ طوال أسرفتها في التسامر معه عبر الهاتف .. بصمتٍ يفوق ما قد تقوله الكلمات ..
و مشاعر تسكبها ببذخ في طريقه كل ما التقته ..
فرحها بقرب التقائهما .. بعد الفراق الطويل الذي فرضت عليه ..
تراه كان يضحك على سذاجة قرارها ذاك ..؟!
أم أنه تنهد براحة متخلّصا من ثقل دوره الذي يلعب أمامها ..؟!
أرخت جفنيها تبتلع غمّها ..
كان الجرح الذي يستوطن فؤادها عميقا للغاية ..
أوغلت كلماته في تمزيقها ..
عضّت شفتها السفلى المرتعشة بألم ..
و كل شيء يعاود الظهور أمامها ..
شريط يعاد ببطءٍ كريه ..
يعيرها بما يحمل ..
تكاد تراه بعينيها .. ساخرا ..
متلاعبا بها ..
كم كانت سهلة المنال ..!!
لم يحتج سوى القليل لتسقط صريعة أمامه ..
كيف استطاع فعل ذلك بها ..؟
أ لم يؤنبه ضميره اثر خداعها ..؟!
راح الألم يتعاظم في داخلها .. فيما تجاهد هي لدفعه إلى القاع ..
ليس الآن ..!
ستجد الوقت للرثاء .. و الانهيار .. و إدرار الدموع ..
لكن ليس قبل أن تنتزع حقّها من عينيه الخبيثتين ..
تبا له ..
حملت له قلبها بين كفيّها الصغيرتين ..
تمنحه إحساسها الهش بسذاجة ..
ليهشمه بكل عجرفة ..!
خواطر مجنونة تدور في بالها ..
و هي تتذكر مرة بوحه لها بأنه اندفع لخطبتها اثر طلبٍ من جده الذي اشتاق لابنه و أراد القرب ..
لكنها ظنت بأن شيئا ما نسج بينهما ..
حبلٌ متين من المودة يربطهما ..
لم يخطر ببالها أنه لا يراها أكثر من ورقة رابحة للحصول على المال ..!
كيف استطاع جدها أن يفعل ذلك بها ..؟!
ألم يفكر بها ..؟!
و لو كان على خلافٍ مع ابنه ..!!
ألم يتوانى لذهنه الأناني بأن هناك روحا تسكن وسيلة الاتصال أو الابتزاز الذي أراد بها ..؟!
.
.
بين يديه لفافةحلم ..
بقايا من راحل ..
شيءٌ تركه خلفه .. ليؤنبه عمرا ..
و يذكّره في كل يومٍ بما بينهما ..
تأمل الملامح الصغيرة الغافية في حجره و هو يرفعه ببطء ..
يلامس جبينه بقبله دافئة .. بعد أن همس بإحساس ممزق ..
- بسم الله ..
تململت غضاضة الوجه الصغير إثر لمسته ..
تراه شعر بثقل ما حمّله تلك القبلة ..؟
من ندم .. و وجع .. و اشتياقٍ مر ..؟!
ربـاه ..!
كم يمزّقه الحنين لابنه ذاك ..
يقتله ببطء ..
عبّأ صدره رئتيه من بروده الهواء .. يخمد شيئا من الإشتعال الذي بدأ في الإستعار الآن ..
حاله كل ما وقعت عينه على أحد أبناء ابنه الراحل ..
.
.
.
.
و بعينين أنهكها حُزنٌ آخر .. راحت ترصد خطوط حكايةٍ من شوقٍ أجوف ..
يسكن عيني ذاك العجوز الذي يحتضن أخاها الأصغر بقوة .. و كأنما يخشى عليه أن يتبخر ..
كل هذا الحب ..؟!
لما إذا لفظ إبنه خارج حياتهم ..؟!
لما قطع كل صلةٍ به ..
و تركه شريدا بلا عائلة تضمّه ..!
ببطءٍ انسلّت .. من المكان كي لا يشعر بها ..
هناك ما شعرت بأنه يتوجب عليها أن تمنحه اياه ..!
.
.
.
.
لا يزال الطفل في حجره .. لكن بصره الآن تعلّق بوجه تلك الشابه الشارد ..
عينين طمس وجعٌ غريب بريقها .. و قد لوّح الألم وجهها ..
انفبض قلبه بقوّة .. و كذلك الحاجبين منه ..
ما خطبها ..؟!
ما بال الحزن يعبث بجرأة في ملامحها الصافية ..
.
.
كل كلمة راحت تستعيدها .. تشعر بزيف إحساس ذاك المنحط في كل لمحة .. و كل لحظة تجمعهما ..!
و أسوأ ما طرأ على بالها .. أن يكون لحامد دورٌ في هذا ..!!
تقدّمه السريع لخطبة عفرا .. فور وصولهم ..!
هل مُنِّي هو أيضا بغنيمة سيحصل عليها إثر زواجه بأختها ..؟!
أفزعها ذاك الخاطر ..
كيف يمكنها التأكد .. دون أن تبوح بما سمعت و ما اكتشفت ..
لا تريد لأحد أن يعلم باكتشافها الأمر ..
حتى ذاك الحقير ..
كي لا يراوده بأن كل ما سيبدر منها مجرد رد فعلٍ على كلماته ..
و أنه تمكن من خداعها .. و أن ما قد يحدث مستقبلا هو إثر جرحه لمشاعرها الساذجة ..
لن يعلم أبدا أنه نجح في الأمر ..
فالخطة التي رسمت في ذهنها كانت محكمة ..
سدّت كل ثغراتها ..
و استعادت كل حوارٍ يمكن أن يتبادلانه ..
.
.
لكن حامد ..؟!
لا .. لا تظن ..
لن يدفعها فعل أخيه القذر للشك بكل من حولها .. لن يسلبها الثقة ..
.
.
السافل .. !!
راح الغضب يتصارع مع ألمها الساحق .. فيما أنفاسها تعلو بقوة و هي تتنفس بوجع حقيقي ..
من كان يتوقع أن بهجة العروس ستخطف قبل إكتمالها ..
لا أحد ..
لا أحد قط
يدرك حقا ما الذي ينتظره في المنعطف التالي من حياته ..!!
.
.
انتفضت بغتّة حين انهمر عليها ذاك الصوت الرجولي العميق موجّها الحديث لها بحزم ..
- حور ..
رفعت عينيها تلتقي عيني جدّها الذي كان يجلس أمامها مباشرة ..
لم يكن ينظر اليها بل يصوّب عينيه لبقعة ما فوق رأسها بالضبط .. و هو يقول بصوته العميق الجاف ..
- رب ما شر ..؟ شي يعورج ..؟!
انفجر قلبها بوجع .. و هي تُبكم روحها التي راحت تصمّها بالصراخ ..
نعم .. نعم ..
قلبي يؤلمني بشدة ..
يقتلني ..!
لما كان عليك أن تبيعني له ..؟!
لما كان عليهم ان يستخدموني وسيلة لحاجاتهم بأنانية مطلقة ..
أنت تريد ابنك .. و ابنك يريد القرب منك .. و ذاك الزوج لا ينشد سوى المال ..
و أنا الوحيدة التي وقعت تحت أقدامكم .. لتدهسوني مطيّة لرغباتكم ..
ألم يخفض أحدكم ناظر الإحساس ليدرك أن روحي زهقت تحت أقدامكم ..؟!
أما من قيمة لشعوري ..؟!
لما كان على مشاعري أن تُقدّم قربانا كي يحصل كل منكم على ما يريد .. ؟!
.
.
لكن شيئا من نزيفها ذاك لم يبلغ جدّها الذي صدّت سؤاله بواجهة جليدية .. و هي تدس وجعها في جوفها بعيدا عن كل عينٍ قد ترصد ذلّها ذاك ..
- ما بيه إلا العافية ..!
قطب العجوز و هو ينظر لها بإمعان .. لكن تقدّم عفرا قطع أي سؤال آخر .. و هي تتوجه مباشرة نحو جدّها ..
خطواتها المصممة كانت تقصد الرجل العجوز رأسا ..
مما استرعى انتباهه و انتباه جدّتها .. و أختها الكبرى ..
حتى أمها لاحظت خط سير العيون .. لتتبعه ..
تحتضن كفي عفرا قطعة مميزة من قماش قديم ..
ليثب قلب حور في حلقها و هي تراقب جسد أختها الطويل يجثو عند قدمي جدّها الذي كان ينظر اليها بتقطيبة حذرة ..
تعرف ما تحمل عفرا بين يديها ..
تعرف تلك القطعة المهترئة ..
نفسها التي قضت أوقاتا تفركها بحبٍ بين يديها ..
تلك العمامة التي مالت عن رأس صاحبها ذات يومٍ و هو يتهاوى عند عتبة ..
قبل أن تسقط ..
حاضنةً بين حنايا قطرات عرق ..
و ذكرياته الساكنة في رأسه ..
أحلامه التي لا تفارقه ..
و رحيل ..!
.
.
.
.
.
تغوص عينيها في عمق حيرة العجوز الذي نظر لكفّها التي تحتضن العمامة دون أن يفهم ..
رفعتها أمام عينيه للحظة .. قبل أن تدفن وجهها فيها ..
و بحنينٍ جارف تستنشق العمامة ..
رائحتها القديمة تسللت لداخلها .. خيوطا من حب .. راحت تنسج في أعماقها حكاية غريبة ..
تجهل تفاصيلها ..
خليط من وله صامت .. و نظراتٍ مترعة بالمرارة .. و غصّاتٍ لا تسكن إلا صدورهم ..
لكلٍّ منهم وجع يعايشه .. يقاسي تفاصيله ..
و يظن أن لا احد يمكنه أن يكابد الألم مثله ..
متجاهلا بأن الآخرين أيضا .. لهم ذات الأسرار الحزينة التي لا تطفح منهم إلا في الوحدة .. و الظلام ..
هي أيضا لها قصّة طويلة مع الألم ..
واحدة تعلّمت كيف تخفيها .. و تنسى فصولها أحيانا ..
كي تعيش للحظاتٍ حقيقية ..
الآن بدا وجعها بلا معنى أمام ذكرى فقد ذاك الحبيب ..
الفقد ..!
هو الإحساس الوحيد الذي لا يمكنك أن تستسيغه مع الوقت ..
قد يتناسى البعض ما فقدوا .. و قد ينهمكون في سد احساسهم ذاك بأي شيءٍ آخر ..
رغم ذلك لا تفارقهم فجوة خلّفها الفقد فيهم ..
فراغ أسود .. لا يمكنهم ملؤه .. و لا تغيير لونه ..!
تفتقد أباها ..!
كثيرا ما تفعل .. يتيمة هي ..
تتنازعها الأقدار ..
و تتلاطم أمواج خيبتها و الحزن ..
بعيدة شواطئ الأمان التي قد تحتضن روحها ..
لا تملك سوى الغرق بصمتٍ مفجع ..
.
.
أبي ..!
هل أخبرتك يوما بمدى حاجتي إليك في حياتي ..؟
و كم أحبك و إن لم أقل ذلك ..
و أن مهابتك لم تكن تزرع في سوى الإحترام و تبجيلٍ حقيقي لأبوّتك ..؟!
وددت لو أني أسترجع لحظاتٍ فقط .. لأقبّل جبينك و أخبرك بصدق أنك الحياة .. الثقة ..
أنك الأمان .. أو أكثر ..
كان فقدك صدمة لم أستطع استيعابها حتى يومي ..
ألم لا زال يلسع روحي بسوط الرحيل حتى الآن ..
.
.
ما دريت وش صار فيني ..
يوم غاب عني صوتك ..
رحت أضم لك صورة عندي
على الأقل أسمع سكوتك ..!!
.
.
وش أسوي مالي حيلة
غير بروازك أشيلة
و أشكي همي و أشتكي له
شوف جرحي لا يفوتك
يوم عني غاب صوتك
.
.
" ليتني أنا مكانك "
و ليت بهالدنيا بقيت
بس ما أفقد حنانك
مهما رحت و مهما جيت
.
.
و بيدٍ تطاولت على أحزانها .. و على حواجزٍ قائمة أمام عينيها .. و بين قلوبهم ..
رفعت يدٌ مرتعشة ..
تستغل يديه المقيدتين بطفل ..
بحنان حزين ..
ترفع عمامته الحمراء المنشاة .. النظيفة ..
لتضعها جانبا ..
قبل أن تشمخ ببصرٍ تخنقه ملوحة الدمع .. و هي تضع على رأسه عمامة أبيها القديمة وسط ذهول جدّها الذي لم يستوعب جرأة فعلها ذاك بعد ..
ابتسامة أغرقتها الدموع تلك التي ناوشت شفتيها المرتعشتين ..
و هي تستعيد اوقاتا ماضية اعتلت تلك العمامة رأس أبيها الحبيب ..
تعانق دمعتها ابتسامة حانية .. قبل أن تبوح له بهمسٍ ممزق ..
- هاي غترة أبويه ..
و انتفضت أهدابه بألمٍ ساحق .. و فكّه بنقبض بحزنٍ باغته فلم يستطع اخفاءه ..
لم تُرد التطفّل على وجعه ..
على الأسرار التي يخفي بين أضلعه ..
وقفت بطولها .. تدير ظهرها لخطوط التجاعيد التي اشتدّت على وجهه ..
تتقدم من حور .. لتجلس جوارها ..
تنظر لجانب وجه أختها الكبرى ..
تتبع بعينيها مسير تلك الدمعة الدافئة التي انزلقت على جانب وجهها الناعم .. و هي تراقب عمامة أبيها بألم ..
تهمس بإخلاص ..
- الله يرحمه ..!

* * * * *

خصلاتٍ من ضياءٍ تدلّت من أفق ذاك الفجر الوليد ،،
تلتف جدائلا من نور ..
استرسلت على حدود السماء الزرقاء ،،

يريح رأسه على فخذها .. و هو يشعر بنحوله تحت رأسه الثقيل ..
هذه البقعة الوحيدة من العالم التي تذكّره دوما كم هو ضعيف ..!
و كم هو مهموم .. حتى و لو لم يكن كذلك ..
في حجر هذه العظيمة الذي أوى طفولته يوما ..
يسكب كل ما قد يثقل روحه .. دون أن يتكلم .. و دون أن يضطر حتى لفعل شيء ..
ليس عليه سوى زرع أنفاسه في أحضانها .. و استنشاق كل قديم يعبق به حضورها ..
هذه العتيقة هي الحياة له .. قد لا يعرفه أحدٌ كما تفعل هي و زوجها ..
و ها هو الآن قد عاد ..!
ترك الفراغ الذي خلّفه رحيله عن هذه الأسوار منذ أشهرٍ في بيت أبيه ..
لتردّه الخطى عجلة ..
نحو إحساسه الحقيقي بالحياة .. بالأمان ..
المكان الوحيد الذي يعرفه بيتا حقيقيا ..
ذاك الكبير كان قد ضمّه في عز ضياعه تحت جناحه ..
علّمه .. و أنشأه .. مكث سنواتٍ بقربه .. يمسك بكفّه الصغيرة ليدلّه أين السبيل وسط دهاليز الحياة المتعرّجة ..
و لم يفقد الطريق بعدها ..
كل شيء أصبح مرسوم أمام عينيه بدقّه ..
يريد هذا .. اذا يمكنه الحصول عليه ..
ليس هناك شيء مستحيل في الحياة .. هناك صعوبة بالغة فقط .. يستطيع تجاوزها بقليل من الحنكة و الوقت ..
تعلّم أن الحياة لن تقف في جانبه حتّى يكسبها هو ..
و راح يكسب الشيء الكثير ..
و يعلم أنه يخسر أكثر ..
حياة جافة مليئة بالعمل .. بالدراسة .. بالتعلم .. و بالخبرات المؤلمة ..
لا يلطّف قساوتها سوى وجود قلبها الندي في حياته ..
كان دوما يعود إلى هنا كلما ابتعد ..
واثقٌ بأن له أمٌ كالجميع .. لا .. لم تكن كأمهاتهم ..
مختلفة هي ..
مختلفة تماما ..
لذلك يحبّها بذاك العمق ..
و لطالما أوجعها انكسارها الصامت .. و تألمها الخفي على فراق ابنها الراحل ..
سنواتٍ عايش فيها شوقها ذاك الذي ذبح ذات ليلة بالخبر الذي حمل لها ..
مفاده أن تقلع عن الإنتظار و الصبر ..
لأن ما ترتجيه قد ولّى .. و ما من سبيل كي يعود ..!
الآن هو هنا .. و هذا هو المهم ..
لطالما خالجه شيء يشبه هذا الإحساس حين اعتاد على السفر للدراسة ..
ثم انشغاله بالتنقل من أجل العمل ..
حنين كاسح يلتهم حواسه في بعده عن الدفء الذي يغزوه ما ان تطأ أرضه هذا المكان ..

* * * * *

نفثت نفسا رماديا كانت قد جرّته من السيجارة المتآكلة بين أناملها .. و تشدّقت بصوتها الرجولي ..
فيما تجلس باسترخاءٍ و قد باعدت بين ساقيها ،، يمنحها بنطالها الخشن الحريّة في ذلك ..
- يعني تخافين منه ..؟!
رمقتها تلك الجالسة جوارها بنظرة ضيّقة .. و هي ترد بغلظة ..
- و ليش ماخاف ..؟! خوية العود .. و لو عصّب ما يعرف أمه من أبوه ..!! و بعدين حتى لو مادرى بالسالفة .. أنا قلت لك من قبل .. اللمات و حفلاتكم المشبوهة هاي ,, ماليه حاية فيها .. يانيه لي يسدنيه من مرة ..
و رمقتها بنظرة مشمئزّة .. أطلقت - حمدان - إثرها ضحكة مجلجلة .. قبل أن تخرج من ساق حذائها سيجارة طويلة .. تضعها بين شفتيها و تمضغها ببطء مطمئنة في هذا المكان المنعزل ..
تنهدت بقوة .. و هي تقول ..
- مادري ليش تضايقتي .. لو تحبينيه بنقول غيره .. لكن ما تحبينيه .. و بعدين ليش زعلانه .. لي صار حرية شخصية .. و كل شي ايوز في الحب و الحرب ..
لم ترد عليها شيخة و هي تحفر الأرض بحذائها الطويل .. أخرجت - حمدان - ولاّعة حديدية أنيقة الشكل .. و كانت تقرّبها من رأس السيجارة .. حين مدّت شيخة يدها تنتزع الولاعة و هي تقول محذرة ..
- كم مرة قلتلك لا ادخن عنديه ..؟! أحمد خوية مرة شم ريحة الزقاير فينيه ..
ضحك حمدان ..
- انزين جربيها مرة بس .. و بتقولين لخوج هذا يلتعن في ستين داهية ..
قلبت شيخة الولاعة بين يديها بملل .. قبل أن تقول ببساطة ..
- فكنا زين .. ما فيّه لهالخرابيط .. نش نسير الكوفي .. ابا اشرب شي ..
نفخت - حمدان - بقوّة و صوتها الغليظ يرد بضجر ..
- أذيتيناا تراج .. الكوفي .. الكوفي .. الكوفي .. ما في هالجامعة الا الكوفي ..؟! يخي شوفي مكااناا هذا .. أحسن شي بعيد لا به من يشوف .. و لا يرمس ..
رفعت شيخة حاجبا و هي تنحني لتربط حذائها الرياضي ..
- و ليش ندسس .. خلنا نسير نتطمش على خلق الله .. و بعدين عنديه محاضرة عقب نص ساعة .. عسـ ..
و بترت أحرفها بشهقة مرتاعة و هي تنتصب بسرعة حين شعرت بيدٍ ثقيلة تمرر على جسدها من الخلف .. رفعت رأسها وجدت تلك الحمدان دانية للغاية منها .. و هي تحني رأسها حتى كاد يلتصق بوجه شيخة التي دفعت صدرها بقوة .. مع محاولة حمدان امساك خصرها .. لتهب واقفة .. و رعشة رهيبة تسري على طول ظهرها فيما وهنت قدميها و هي تلوي ملامحها باشمئزاز ..
- كم مرة قلت لك ما حب حد يلمسنيه ..؟؟
أطلقت حمدان ضحكة كريهة و عينيها تلمعان بنظرة فاسقة ..
- تؤ تؤ .. أعصابج حبوو .. بس اباج اتشوفين ليش ندسس .. و بعدين شوه ما تحبين حد يلمسج ..؟؟ أشوفج ما تضايقين من حبيبتج ..
أغمضت شيخة عينيها بقوة تغالب الغثيان الذي راح يتصاعد في داخلها ..
تكبح الضيق الذي راح يهيج في صدرها ..
و تسيطر على رجفتها ..
بحاجة لأن تتقيء .. او تصرخ ..
أن تهرب بعيدا .. أن تفر لآخر حدود الكون ..
ألا تكون هي ذاتها .. المنغمسة في هذه الأوساخ ..!
لوّحت بيدها لحمدان و هي تشيح بوجهها مبتعدة ..
- لم ثمك و ما يخصك في حبيبتيه .. خلك ع عنوده ..
و تحرّكت نحو مقهى الجامعة .. و هي واثقة بأن الخطى التي تتردد خلفها .. نفس الخطى التي تتبعها هي للدمار ..
خطى - حمدان - ..!

* * * * *

أناملٌ هشّة تلك التي مدّتها على حدود جسد اليعسوب العملاق الذي ارتسم على صورة أمام الباب ..
تتبع برؤوس أصابعها حدود جسدها الدقيقة التي تضخّم في الصورة ..
و هي تقف على اخضرار ورقة نديّة ..
أثقلتها قطرات ماء ..
ما كان يحيّرها هو وضوح ورقة النبات بلونها المنعش الفاتح .. و جسد اليعسوب الدقيق .. و قطرات الماء التي تناثرت باستدارة لآلئ عليها .. فيما اتخذ ما خلفها شكل الضباب ..
و بدت الخلفيّة مبهمة ..
و كأنها تعتمد التركيز على منظر اليعسوب ..
رمشت بعينيها الواسعتين و هي تتأملها بعناية ..
لا يخفى عليها التوقيع في زاوية الصورة ..
يحمل أحرفا انكليزية لا تفهمها .. و لا تنطقها ..
هل هي صورة حقيقية ..؟! بالطبع هي كذلك ..!
لن يكون الرسم بدقّة الخلق هكذا .. اذا هي صورة ..
كالتي تراها في الكتب و المجلات و التلفاز ..
لكن كيف أصبحت بهذه الدرجة العالية من النقاء و الوضوح ..؟!
بدا و كأنها على وشك مد أناملها و اختراق الصور لمداعبة جسد السعوب المتضخم .. و تخويفه ليطير بعيدا ..
و التربيت على ظهر الورقة .. و جمع بعثرة قطرات الماء تلك ..!
مرّت أربعة أشهر مذ زارت المركز للمرة الأولى ..
أربعة أشهر حافلة .. بما لم تكن به خلال حياتها كلها ..
لا تذكر بأنها تلقّت من الخبرات أثناء حياتها ذاك الهم الهائل .. و لا التقت بأشخاص مختلفين ..
وجود حور معها في أول شهرين جعلها تتقبل المكان و هذه التجربة الجديدة عليها بمرونة فائقة..
اذ كان حضورها يمنحها اطمئنانا و أمانا لا تشعره سوى بوجود عائلتها ..
و لم تكن الأوجه الغريبة التي تقابلها تخيفها ..
لكن سرعان ما راح حضور حور يتعثر أمام انشغالها باستعداداتها للزواج ..
مما جعلها و لمرة الأولى في حياتها .. وحيدة أمام تحدٍ مع نفسها ..
يغالبا الخوف .. و القلق .. رغم كل الأمن و السلام الذي يلف هذه الأجواء ..
و المساعدة الدائمة من القائمين على المركز .. وجودهم حولها و متابعتهم لها .. لم تمنحها الشعور بالثقة ..
و لم تستطع الاستقرار سوى مع الوقت ..
وجدت أنها تتقدم بسهولة لذيذة .. تخطئ .. و تعود للتتعلم ..
ما يمنحها احساسا بالثقة هو أنها أفضل من الكثيرين .. هي لم تتوقف أمام عجزها و تطلق العنان للجهل ..
كانت تقرأ .. و يمكنها أن تكتب أيضا ..
خطّها رديء لا تنكر .. لكنها تكتب .. و تفهم ما تكتبه .. و هذا يكفي ..
هناك من يتعلّم الأبجديّة الآن بعمرٍ يفوق عمرها ..
و هي قد تجاوزت ذلك .. و قد يكون محصول قراءاتها وفيرا ..
أكثر مما لدى أيٍّ من أخواتها .. أو من المشاركين معها ..
بعد جهدٍ و كثير من العناء النفسي ..
استطاعت الآن تعلّم أبجديات الإشارة .. يمكنها تكون الأسماء و الألفاظ ..
تفهم أهم ركائز هذه اللغة و هذا يكفيها الآن ..
السنة المقبلة ستبدأ بدراسة منتظمة و ....
انتفضت و هي تنظر للخلف متفاجئة حين وضعت يد على كتفها .. لتلتقي عينيها وجه مديرة المركز ..
ابتسمت نشوى حريز بهدوء لها و هي تشير للصورة المعلقة .. و ترفع يدها باشارة النصر ..
بادلتها المها ابتسامة خجولة .. و هي ترفع ثلاث أصابع بمعنى الكمال .. و تهمس بصوتٍ لا تسمعه ..
- هلوووو ..
أشارت لا نشوى بأن تتبعها و تجاهلت السؤال في عيني المها ..
تقدمت المها خلفها نحو المكتب القريب الذي سبق أن زاته مرارا ..لتدلفه بهدوء و تستقر على كرسي أمام المكتب العريض .. فيما تقدمت نشوى من خزانة ملفاتٍ زجاجية قرب انافذة .. تنبشها بحثا عن شيءٍ ما ..
لحظاتٍ مرّت قبل أن تستدير للمها و في يدها ملف عملاق .. تقدّمت من المكتب لتضع أمام المها و تشير لها بأن تتصفحه ..
بخجلٍ جلي راحت يدها تلامس غلاف الملف الضخم .. قبل أن تفتحه بهدوء ..
أول ما طالعها كانت صورة نقيّة بدرجات البني الباهتة .. تصوّر جدارا أسند عليه درج خشبي بالٍ يلقي بظلاله عليه ..
بدت صورة بسيطة للغاية .. لكنّها جذبتها بعمق .. فأسهبت في تأملها ..
قبل أن تطويها ببطء ..
الصورة التالية .. كانت لمرتفع كثبانٍ رمليّة .. طبعت عليه أثار أقدامٍ تمشي في منحنى واضح ..
قلبتها ببطء .. لتصطدم عينيها بواحدةٍ أخرى صوّرت كفي طفلٍ تعبث بالتربة التي بللها الماء ..
صورة ملوّنه .. نقيّة للغاية .. لامست شغاف قلبها و هي تنظر بامعان لكفي الطفل الصغيرتين و كأنها قادرة على اختراق الملف لمداعبة انامله ..!
سلسلة طويلة من الصور .. راحت تتفرج عليها و تقلّبها باستمتاع شديد ..
تعود لصورة دون أخرى .. تتوقف عند واحدة .. و تبتسم بذهول من أخرى ..
دقيقة للغاية ..!
كانت قد انتهت من كل مكا في الملف دون ان تشعر .. لترفع عينيها نحو مديرة المركز التي استقرت خلف مكتبها بابتسامة حنونة ..
قبل أن تجيب على نظرة المها المستفسرة بهزّة رأس و هي تمد يدها بكتيّبٍ صغير .. لا يحوي سوى بضع ورقات ..
التقطته المها من بين أناملها بسرعة ..
و عيناها تلتهمان عنوانه الكبير ..
.
.
( دورة تصوير البورتريه و توزيع الإضاءة في مركز ××××××× لصيف عام 2008 بإشراف قسم التصوير الضوئي )
كان اسم المركز الذي ترتاده ..
رفعت عينيها بتساؤل صامت مرة أخرة نحو نشوى ,, لتجدها مشغولة بكتابة شيءٍ ما على ورقة ..
انتظرتها لبرهة قبل أن ترفع الأخيرة رأسها و هي تمد للمها بالورقة ..
يدٌ مترددة تلك التي تلقّفت بياض الصفحة .. قبل ان تعود لقراءتها ..
( الدورة ستقام بعد ثلاثة اسابيع .. أي بعد اسبوعٍ من انتهائكِ .. ان شئتِ يمكنني تسجيل اسمك لتشاركي فيها .. أرى أن لديكِ اهتماما بالغا نحو الصور الموزّعة على جدران المركز .. لا تتعجلي برأيكِ فكّري بالأمر جيدا.. و سأبعث بتبليغ يحمل كافة التفاصيل يمكنك تقديمه لولي أمرك إن أردتِ الإنضمام )
رفعت المها رأسها نحو المديرة بذهول .. عاجزة عن ايجاد أي اشارة قد تحمّلها المفاجأة .. أو زخم الأسئلة في داخلها ..
تصوير ..؟!
لا تنكر بأن الصور المنتشرة في المركز .. و الدقيقة بشكلٍ مذهل تستهويها ..
و لكن أن تكون هي من يلتقطها ..
يبدو ذلك ضربا من الخيال ..!
تفكّر ..؟
عليها أن تستيقظ من حالة الذهول هذه أولا ..!

* * * * *

- اففففف .. دندن .. أذيتينا تراج بهالسالفة .. فكيناا من ريحتج يا بنت الحلال ..
قالتها نورة بعصبية و هي تدفع بصينيّة اللحم في الفرن متجاهلة وجود الخادمتين اللتان نظرتا إليها بدهشة اثر حدة كلماتها ..
لكن دانة لم تكترث لرأي نورة .. واصلت تقطيع الخضار على الطاولة بهدوء .. و هي تتنهد ..
- و الله مستهمة عليها .. مادري ليش .. شوه أقولج يا نورة .. أحسها وحيدة .. الحين بالله عليج .. متى آخر مرة شفناها ..؟! أنا تخبرت رويض و قالت انها يمكن فوق الخمس شهور ما طبت بيتهم .. عند منوه تسير هالبنية ..
رفعت نورة حاجبها و هي تلوح بضجر ..
- اشتكت لج اخت دانة ..؟؟! ياخي هي حرّة .. تدبر عمرها .. ادل الدرب متى ما بغت اتيي عدنا .. و بعدين لا تنسين قوم خالتاا .. و على ما سمعت انها نص عمرها متربية بين بيت يدي و بيت خالتاا .. أكيد تسير لهم ..
ضيقت دانة عينيها و هي تهوي بالسكين على حبة بطاطا تشطرها بقسوة ..
- تضرب خط الين دبي كل يوم ..؟؟! بالعقل يعني .. و بعدين لا تنسين دوامها .. نوري شوفي نحن كيف نتقرب من رويض .. يمكن لن ختها بوية ما تهمنا .. لكن عوشة تعيبني وايد و الله .. خاطريه نتقرب منها .. تحيدين يوم لعبت ويانا ورقة ..؟؟؟ حسيتاا من زمان ما لعبت ويا حد .. و وايد استانست ويانا ..
تأوهت نورة ساخرة و هي تقف قرب المغسلة تساعد الخادمة على غسيل الأوعية التي قامت بتوسيخها ..
- سلااامي عليج يا المحللة النفسية .. و شوه خططج ان شا الله لاحتضان ضياع بنت عمنا ..؟؟!
ربتت دانة بالسكين على لوح التقطيع و هي تقول بتفكير ..
- شرايج نعفد على بيتها فجأة .. نسوي لها سربرايز و نزورها .. خاطريه أشوف بيت عميه مطر كيف ..؟! بيت عود محد ساكن فيه غير هو و بنته .. لا حرمه .. و لا ياهل .. يميييييييه .. أحس انيه بختنق في جو شرات هذا ..!! الحمد الله انكم قطيع من الأغنام يا عيال حمد .. لو ولّى واحد .. سد الثاني مكانه ..
رمت نورة من بعيد قطعة الإسفنج الممتلئة بالماء لتحط على الطاولة على بعد انشاتٍ من دانة التي لوت ملامحها باشمئزاز و نورة تصيح ..
- هبي هباج الرب .. قولي ما شا الله لا يستوي بنا شي الحينه ..
صاحت دانة و هي ترفع الاسفنجة الممتلئة بالسكين و تقذفها نحو نورة بقوة .. لترتطم بظهر نورة .. مفرغة قليلا من الماء على ثوبها ..
- يا الوصخخخخة .. ما تشوفين الخضرة هنيـ .......
و شهقت بقوة .. و نورة تقذف ما في كوب الماء في وجهها ..
- لااااااااااااا .. يا السبالة .. و الله ما خطفها ..
و قفزت على قدميها مندفعة خلف نورة التي انطلقت تركض خارج المطبخ ..
تعدو بحماس هربا من دانة التي التقطت وعاء ماءٍ راح يطفح بملئ ما فيه مع ركضها .. سرعان ما تجمّدت في مكانها مع اصطدام نورة بجدّها الذي ظهر من العدم .. لتستدير دانة عائدة هربا من الغضب البارد الذي لاح في تقطيبة العجوز .. و ترتد على خطاها بهرولة ..
خطوتين فقط تلك التي تحركتها بعجل ..
قبل أن تجد جسدها يطير بشكل أفقي لجزءٍ من الثانية .. و يرتطم بالأرض بعد أن انزلقت بالماء الذي كانت قد أراقته على الأرض الرخامية و هي تجري خلف نورة ..
لتطلق صرخة مروّعة و هي تغمض عينيها .. و تمسح على ظهرها بألم ..
تناهت لمسمعها هرولت الخطوات الثقيلة قبل أن تشعر باليد التي رفعتها على قدميها بسهولة و الصوت الرجولي الغاضب الذي زأر في أذنها ..
- انتن ما بتوتبن ..؟ و ما بتودرن خبالكن .. عنبوه حريم الوحدة طول اليدار و قدنيه بيوزكن .. و عدكن تلعبن بالماي شرا اليهال .. لو متكسرة الحينه و الا مستوي بج شي .. شوه بينفعج به اللعب ..؟!
فتحت عين .. و هي تغمض الأخرى بخشية ..
تراقب ملامحه الصارمة القاسية ..
كان وجهه مكتسٍ بالقلق عليها يمسكها بقوة ..
و يده ترتجف ..

* * * * *

 
 

 

عرض البوم صور زارا  
قديم 05-07-08, 02:04 AM   المشاركة رقم: 319
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ملكة الالماسية


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8455
المشاركات: 10,839
الجنس أنثى
معدل التقييم: زارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالق
نقاط التقييم: 2892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زارا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

ببطء .. التف خيطٌ من الهواء حول رئتها و هي تجر أنفاسها بحذر ..
نظراتها لا تفارق وجه أختها الكبرى الشاحب .. و عينيها تتسعان بنظرة يئسٍ غريبة ..
فيما تراقب بياض الفستان المنتفخ الذي علّق في زاوية الغرفة البعيدة ..
كان قد أحضر اليوم .. و رفضت تجربته ..!
و الآن تجلس على طرف فراشها .. و قد استرسل شعرها الطويل بخصلاته الثقيلة الملساء ..
أطراف حلكة ظلمته تقبل نعومة اللحاف الذي احتضنت عليه ركبتيها .. و تحدق في الفستان ..
وجهها الممتلئ بياضا اكتسى بحزنٍ غير مفهوم .. بدا مناقضا لحاجبيها اللذان عقدا باستياء ..
شعرت بأن أختها تبعد أميالا عن هذه الغرفة .. لا يقبع منها هنا إلا الجسد .. فيما ارتحلت روحها الى البعيد ..
بخطواتٍ بطيئة ساكنة .. دنت منها .. لتجلس إلى جوارها ..
تحرك الفراش بهدوء تحتها .. لتخفض الكبرى رأسها بهدوء ..
لم تكن تعلم كيف لها أن توصل شيئا مما يخالجها لأختها ..
حزينة لأنها ستتزوج و تتركهم .. و سعيدة لأجلها .. و للحياة الجديدة التي ستعيشها ..
ستشتاق بشدّة لوجودها بينهم .. و سيفتقدونها كثيرا ..
لكن عليها أن تمضي في هذه الحياة .. بشجاعة ..!
تود لو كان بامكانها أن تميل على أذنها لتهمس لها بكلمات المداعبة .. و النكات الخفيفة .. و مواساةٍ قد تحتاجها كل فتاة على وشك توديع حياتها .. و الروتين ..
لكن حاجزا من الصمت كان حائلا بينهما ..!
لذلك رفعت أناملها البيضاء الرقيقة .. لتمسح على سواد شعرها .. متأملة وجهها المطرق ..
تنزلق يدها بحنان على شعرها .. مراتٍ عدّة .. قبل أن تمد يدا أخرى .. و تلتقط كفها ..
رفعت راحتها الحبيبة ببطء ..
تلك الراحة التي نالها الكثير من العمل لأجلهم .. و التي لطالما أنهكتها لراحتهم ..
و طبعت قبلة من نورٍ وسطها .. قبل أن تضمّها لصدرها بقوّة ..
و هي تضع عينيها في عيني حور التي رفعتها ..
ابتسامة مكسورة تلك التي علت شفتيها .. و هي ترفع يدها تمسك بمؤخرة رأس المها .. و تدسّه في عنقها .. و هي تشمخ بعينيها المتألمتين للسقف ..
تخفي دمعة أغرقت مقلتها .. مبعدة خيال الفستان القابع في الزاوية عن وجعها ..
تلك الغصّة التي في صدرها تتضخم بقوّة .. تضيق بها أضلعها .. و تؤلمها ..
عضّت شفتها السفلى بحزنٍ عميق و هي تهمس بحرقة تثق أنها لن تصل لمسامع المها ..
- الله يهد كِبْرك يا غيث .. شرا ما هدِّيت فرحتيه ..

* * * * *

- الصمخا ..!!
هتف هزّاع مستنكرا بذلك .. و عينيه تحفران ملامح احمد الذي تململ بضيق امام اللهجة التي استخدمها هزاع في قوله - الصمخا - ..
قطب أحمد و هو يقول بهدوء ..
- هيه سمعتنيه .. و بعدين بلاها هاي الصمخا .. البنية عندها اسم ..
اتسعت عينا هزاع و هو يضحك ..
- عندها اسم و صمخا .. انته صاحي ..؟!! و الا فيوزاتك ضاربة .. حوووه يا الحبيب .. اظاهر مثقل في العشا .. سير ابويه ارقد .. و عين من الله خير .. و باكر الصبح بنتشاوف .. و بندرس الفاينل رباعـ .......
ضاقت عينا أحمد و هو يضغط بيده على هاتفه المتحرك ..
- شوه أصغر عيالك تسكتنيه .. لكن هب منك .. من لي يرد عليك و يخبّرك يا البطيخة ..
ابتسم هزاع غير مصدقا ..
- تخبرنيه بشوه .. انته من صدقك الحينه و الا يالس تمزح ..
حدق فيه أحمد بهدوء و هو يراقب تحرك ابن عمّه المتململ في مجلس أبيه الفارغ ..
- لا ما أمزح .. انته تخبرتنيه و أنا قلتلك .. أحبها ..
- تحب صمخا ..؟! أنا اشهد انك مضيّع .. تخبلت انته ..؟!
صر أحمد على أسنانه .. كان هزّاع منفعلا .. و يتعامل مع الموضوع بطريقة كريهة .. زفر الأول قوّة و هي يحتد قليلا ..
- و انته شوه حارنك .. صمخا .. و الا ان شا الله عميا .. ما شاورتك .. و بعدين ليش زعلان ..؟ ما حلفت عليك تحبها ويايه ..
شخر هزاع بسخرية و هو يرفع عينيه للسقف ..
- و الله لونيه ميّت ما حبيت و لا خذت صمخا .. و لو فوقها مليون ..
زمجر أحمد بصوتٍ غاضب و هو يقف بسرعة ..
- هزااااااع .. ثمن رمستك ..
نظر له هزّاع ببرود .. لا يعقل أن يكون أحمد جادا في هذا الموضوع ..
صمّاء ..
بالله عليه ..! كيف فكّر بها ..!
- أعصابك زين .. تعال خبرنيه .. كيف حبيتاا ..؟؟ من سوالفها ..؟؟ و الا شكلها .. تراها وايد ترمس ما شا الله .. تعرف انيه من يوم ما عرفت قوم عمك حمد .. ما سمعتها الا تحاولنيه .. و هي ماكلة نص الحروف ..؟ بتخبرنيه كيف تولعت بها ..؟ و الا حبك تخاطر عن بعد ..
سحب نفسا عميقا .. ¸شعر بنفسه يتوتر .. لا ينكر أنه يتعارض أحيانا كثيرة مع هزاع .. و سرعان ما يتجاوزون الأمر ببساطة ..
لكنه وجد أنه يصارع رغبته في تهشيم وجه ابن عمه و صديقه الأقرب ..
و هو يقول من يبن اسنانه بغيظٍ مكبوح ..
- أنا هب ياي أطلب رايك .. البنيّة لو هي عميا بكما .. أنا شارنها و اباها .. هزاع .. بلاك يا ريّال .. انا ياي أرمسك .. لنك أقرب واحد ليه .. افهمنيه .. أحبها .. ياخي و الله مابات الليل أهويس ابها .. بعذر و بلاه أربع بيت يدّي .. لو الود ودي أمسيت عند الباب .. وديه انيه أعرفها و أشوفها .. أبا أكون فحياتها .. لا تطنز .. ما قد سولفت ليه .. و لا عرفت شخصيّتها .. لكن ربّك ياخي .. زرع لها هالشعور فينيه .. اباها ليه حليلة في بيتي و حياتي ..
نظر له هزّاع بقوّة و هو يرد بوضوح ..
- أحمد لا تخلط شعورك بالشفقة عليها .. بالحب .. الحب غير .. ما ايي منا و الدرب .. يباله عشرة و معرفة و ....
قاطعة أحمد بعنف ..
- أي شفقة يا هزاع .. أقولك أبا أخطبها و تقول ليه شفقة .. لو شفقة هب بايع عمريه .. أحبهاااا .. افهمنيه ..
تصلّبت ملامح هزّاع أمام ثقة أحمد و عناده .. صمت مطوّل راح أحمد يرتقب ردا خلاله ..
ليأتيه أخيرا .. جافا .. حين هبّ هزاع من مكانه ببطء ..
- خلاص هب مشكلة .. حبها لين تشبع بس العرس دور لك غيرها.. لا تتيوز الصمخاا وتعق عمرك في مصيبـ ..
لم ينه كلمته الأخيرة .. لأن قبضة أحمد تفجرت في وجه بلكمة أطاحت بصواب هزّاع الذي ترنح بقوّة و هو ينظر بذهول لأحمد محاولا استيعاب الألم الذي تدفق في جانب أنفه ..
خرجت الكلمات مبعثرة من شفتي هزّاع .. و هو يصيح بأحمد الذي جذبه الآن من ياقته ..
- عنلاااتك يااااا الهررررم .. شووووه سوييييييييت .. تخبلللللت انته ..
ضغط أحمد على أسنانه و مرارة تنطق من عينيه الطيبتين اللتان لم يعتد منها هزاع بريق العدائية الغريب هذا ..
- أنا اتخبلت و الا هاي رمسة تنقال عن بنت عمك ..؟ حبها لين تشبع .. و تيوز غيرها ..
أمسك هزاع بيدي أحمد بعنف ليفكّها من ياقته و هو يدفعه بقوة للخلف ..
- عنبو ذا اللحية لك .. يوم انك بتمد ايدك عسبة حرمة ..
لم يرد أحمد عليه و هو يرمي نظرة خيبة أخيرة على هزّاع قبل أن يغادر مجلس أبيه .. صافقا الباب خلفه ..
تاركا الحوار الخشن الذي تبادلاه معلّقا دون نهاية ..
مجرد مشاحنة غاضبة انتهت بمشاجرة عنيفة ..
ألم هائل ضغط على صدر هزّاع و هو يمسح خيط الدم الرفيع الذي انزلق من أنفه ..
لم يكن متوجّعا من الضربة ..
ما آلمه هو إدراكه بأنها المرة الأولى التي يقدم فيها احمد على إيذاءه ..
المرة الأولى التي يدير فيها له ظهره ..
و يمضي ..!

* * * * *

قتامة تلك الليلة التي هجدت تحتها أعينهم المتعبة ..
لا تشبه إلا شعورها الأسود بالحياة ..
بالأمس فقط ..
بين راحتين من حلم ..
كانت تحتضن قلبها ..
مندفعة خلف كل ضياء لاح لها أفقا ..
تظن بأن الفرح حقٌّ لها .. و أن السعادة ليست سوى قدر يتربص بإحساسها ..
و أنها سترتدي الأساور .. و تكتسي الفرح بياضا ..
و تخضّب كفيّها و القدمين .. بنقوشٍ من حب .. قرمزيّة ..
حمراء تضج بالعشق الذي كانت تنغمس فيه ..
تدلي قلبها في عمقه كل ليله ..
قبل أن تشدّه ولها ..
ليعود مترعا بأحاسيسها تلك ..
لكن في لحظة واحدة ..
ثانية كانت بحد ذاتها المصير ..
لو كانت قد قرأت سيناريو تلك الصدفة الساذجة في مكان ما ..
لضحكت ملئ شدقيها على سخافته ..
فكيف بالقدر أن ينتظر حتى يغدو الحلم قاب قوسٍ أو أدنى من تحقيق ..
لينهيه بيقظة .. تشبه تلك التي باغتتها ..
هه ..
أ ليست الحياة مسرحا عملاقا .. تتراقص عليه أرواحهم ..
كدمى قماشية مهترئة تتلوى ما بين ضحكةٍ و وجع ..؟!
.
.
بكفٍّ مرتعشة .. تضم الغطاء حولها بعناية ..
عينين متصلبتين تخفي ما يمزّقها من ألم ..
و هي تحثّ الخطوات هربا ..
تركت تعقّلها و الحذر بين جدران غرفتها التي تركت في هذه الساعة المتأخرة من الليل ..
واثقة بأن لا عين قد ترصد خطاها المتهوّرة تلك ..
سوى من اعتلى على سبعٍ و لا يعرف غفوة ..
لذلك ضمّ فؤادها الصغير كفيّن من قلق ..
و راح يبتهل له .. يلتمس برجاءٍ ممزق تسهيلا .. و توفيقا ..
جنون .. جنون .. جنون ..
ذاك الذي راحت تجر خطواتها عليه ..
و لا تبالي ..
شيء من الاكتراث ذبح به زوجها آخر بقاياه بالأمس ..
قطع حبل التعقّل الذي تربط به إحساسها ..
ليتركها معلّقة ما بين الغائر من الجرح .. و كرامة ..!
بجهدٍ بالغ ..
تلتهم قدميها الصغيرتين المسافة العظيمة التي تفصل ما بين حجرتها .. للباب الأمامي للمنزل العملاق ،،
لا يقطع ذاك السكون الذي يلف المكان
سوى وقع قدميها ..
و حفيف ثوبها القطني ..
الذي راح يحذّرها في كل اندفاع من مغبّة ما قد تقدم عليه ..
لكنها لم تعد تكترث بشيء ..
في الغد ..
ستفرش كرامتها على ورق .. يساومونه عليها ..
يُدفع لرجل كي يتزوجها ..
أي مبلغٍ قد تصله الإهانة لانوثتها غير هذا ..؟!
و على هذه الفكرة كادت دمعة خائنة توشك على الفرار ..
و على فضح مبلغ ألمها الساحق ..
فابتلعت الهواء بعمق .. تعيدها لقعر روحها المتوجعة ..!
.
.
.
.
.
.
.
.
انزلاق رأس القلم الذليل على الورق دون توقف أرهقه ،،
عرق أسود راح يسيّله على بياض كل صفحة تتعلق بها عيناه بعناية ،،
الآن .. يفصله حاجز عن كل ما حوله ..
لا يرى عقارب الساعة التي قيّدت معصمه .. و قد تجاوزت منتصف الليل ..
مبعثر الفكر ما بين أوراقه التي توسّدت سطح المكتب ،، و جهاز الحاسب المحمول الذي اتكأ متأملا عمل صاحبه السريع ..
يشعر بأنه في سباق مع الزمن ..
الكثير من الأمور عليه أن ينهيها قبل أن يستلم ملكيّة الشركة بعد يومين .. التزامات مالية ..
قروض .. و اتفاقات مسجّلة ..
العديد من الخطط المستقبلية ستتغير .. و سيسعى بكل قواه ليزدهر هذا الجهد و يتضخم ..
الآن يقف على مكاسبه الشخصيّة ..
يومين و يعتصر بين قبضته حلما لم يعد بعيدا ..
و أسبوعا آخر قبل أن تحتوي جدران هذا البيت حيرة إحساسه معها ..
بعد أسبوعٍ و نيف .. لن تعود حياته كما كانت ..!
سيتغير كل شيءٍ فيها ..
يجزم بأنه الرابح لا محالة ..
سيحصل على ما كان يريـ ......
.
.
و يرتفع رأسه بتحفّز صفرٍ على وشك الإنقضاض ..
يرهف السمع جيّدا ..
لا تخطئ أذنه هذا الصوت ..!
صرير الباب الأمامي للبيت الذي انتهى أحمد من متابعة تزيينه و تأثيثه منذ أسبوعين ..
و تردد صوت انغلاقه بعد هينهه ..
ببطء .. ينحنيان حاجبيه الغليظين في ترقّب و عينه تنتصبان على الباب ..
من هو القادم ..؟!
جدّه ..؟ أحد أخوانه ..؟!
لا يعقل أن تكون جدّته .. يعلم بأنها نائمة الآن اذا تجاهل الجهد الذي ستبذله في هذه الساعة المتأخرة كي تصل إليه دون اتصال ..؟!
من هو ..؟!
انتظر أن يقطع الإنتظار صوتا ينهي به القادم الجديد جهله لهويته ..
.
.
دقائق طويلة مرّت دون أثرٍ لأحد ..
لا قرع على الباب ..
و لا وجه يقتحم خلوته ..؟!
تراه كان يتوهم ذاك الصوت ..؟!
يعيد بصره للأوراق الأماميّة .. و هو يخفض رأسه ليقابل شعره الكث الباب بغير اكتراث ..
يديه الكبيرتين تقلّبان الأوراق بين أصابعه السمراء الطويلة ..
و ذهنه يعمل بجنون دون توقف ..
ينغمس حتّى أذنيه فيما يفعل .. غافل تماما عن تردد ذاك الجسد الضئيل خلف لوح الخشب الذي يفصلهما ..
.
.
و دقائق أخرى تمر .. قبل أن يرفع رأسه بحدّة مقطبا بنظرة ضيّقة ..
حين أدير مقبض الباب ببطء مصدرا تكّة مكتومة التقطتها أذنيه وسط هذا الصمت ..
يزحف الباب ببطء شديد .. فيما تشتد أنامله على القلم بقوة .. مترقبا .. متحفزا .. لسبب لا يعلمه ..
تلك الفرجة تتسع .. تتسع .. آذنة للظلام بالتسلل ..
فيما يشعّ النور خارجا .. يكشف حدودا مألوفة لذاك القادم الجديد ..
لذلك انتفض قلبه بقوّة .. و هو يقبض الأنفاس عن رئتيه ..
جفنيه الثقيلين بأهدابه الطويلة يرتعش ..
و هو يمعن بدهشة غير مصدّق ..فيما يحتشد الهواء في حلقٍ سدّته أحرف ..
تلوّح عينيه السوداوين القويتين ملامحها التي حُرِم رؤيتها شهرين ..
فيما تقف هي في الباب المفتوح .. بجمود أشعره بأن ما يراه مجرّد طيفٍ استحضره ذهنه المنهك ..
شعر بنبضاته تتسارع و عيناه تضيقان عليها ..
هل تقف حقّا أمامه الآن ..؟! أيمكنه مد أنامل الشوق لينهي شهرين من حنين .. و يلامسها ..!!
لا بد انه واهم ..؟!
لما تقف بهذا الجمود على عتبة الباب دون أن تتجاوزها .. و لما هذه النظرة الغير مفهومة التي تسكن مقلتها ..؟!
ينهي حيرته .. و هو يجتر من روحه السؤال ببطء .. في شكٍّ سخيف ..
- حور ..؟!
.
.
.
.
.
.
و خمدت نبضات خافقها برؤيته ..!
ذاك الصراع التي كابدته من نفسها و الذعر منذ لحظات .. حسمته بإندفاع مجنون اقترفته على حين غرّة و فتحت المكتب المضاء ..
و هي متيقنة بأنه هنا ..
منذ أن تركت غرفتها .. و أغلقت الباب على ما تبقّى من التعقل فيها .. أدركت بأنها تسير نحو المصير ..
تخطو على طرقاتٍ لم تألفها ..
حافية .. تدوس على الأشواك التي وزّعت .. لتدمي قدميّ احساسها المنهك ..
ألم يتضخّم داخلها .. يخنقها ..
لكن ما ان اجتازت الباب الأمامي للبيت الذي يفترض بأن يكون حلمها الذي يجمعها به ..
حتى شعرت بقلبها كصخرة ..
ألقيت بيدٍ عابثة في بئرٍ عميقة ..
تهوي ..
تهوي ..
تهوي ..
لا قرار لسقوطها ذاك ..
لم يفزعها الإنحدار الذي شعرت بأنها تسلكه .. و هي تتأرجح ما بين آلامها .. و الجرح الذي سببه بنصل كلماته القاسية تلك ..!
شيء من الإحساس تقطّع بقوة .. مطلقا في روحها موجة قاسية من الحزن المدقع ..
و ما ان تجرّأت و اقتحمت خلوته تلك ..
حتى ارتد في داخلها صوت ارتطام قلبها الهش بالأرض ..
و عينيها تلتقطان خشونة ملامحه .. و قسوة عينيه ..
برود امتزج بكبرياء أخذ ينوح مستغيثا بداخلها .. مستنجدا اياها أن تلملم ما تبقى منه ..
و أدركت أن حضورها كان أبعد من الخيال ..
لمَ عليه أن يتوقع أن تقطع شهري الفراق السخيفين التي فرضتهما عليه .. كي تلتقيه ..؟!
لا بد أنه شعر بالراحة من ذاك القرار الذي اتخذته بحجّة تأجيج الشوق .. و استمتع بالراحة التي خلّفها ابتعادها عنه ..!
استوطنت ملامحه صدمة التقطتها فور دخولها .. لتعلم أنها تفوّقت في عنصر المفاجأة على الأقل ..
هي هنا .. الآن ..
و لا يعلم ما الذي قد يدفعها لزيارته في هذا الوقت ..
لذلك عليها أن تباغته ..
تتأمل ملامحه الحادة .. نفسها التي نُحتت في إحدى زوايا الروح ..
كانت جامدة حتى اندفع اسمها متسائلا من بين شفتيه ..
ليذر الملح على الجرح الذي لم يلتئم بعد .. نفس الصوت اندفع في رأسها ..
يتردد صداه وسط جمجمتها ..
و هي تربطه بالوجه الماثل أمامها ..!
.
.
(( لو باقي يوم ع العرس .. و ما وراها حق .. بردّها عليك .. أنا ماليه حاية في العرس الحينه الا لنيه أبا حلاليه .. حلاليه لي تعبت عليه .. و لو ما وراها تعبيه عطيّه .. ماباها البنيّة .. ))
.
.
(( .. بردّها عليك .. ماباها البنيّة .. ))
(( .. بردّها عليك .. ماباها البنيّة .. ))
(( .. بردّها عليك .. ماباها البنيّة .. ))
.
.
و تحجّر قلبها ..
كل الوجع الذي راح يصرخ داخلها .. تتجاهله ..
و تشيح بكرامتها عن قلبها الممزق ..
و هي ترفع رأسه الذي غمره نور المكتب و هي تتقدم خطوتين للداخل ..
متجاهله مظهر الغرفة المتكلّف .. بأرضيّته اللامعة .. و المكتب الفاخر ..
و الرجل الضخم الذي هبّ واقفا على قدميه الآن ليفرض طوله الفارع سطوة خزّت قلبها تذكّرها برعشة حنين كانت تراودها كلّما لاح لها طيفه ..!
اختنق شوقها الأحمق .. و كل احساسٍ قد يليّن موقفها .. و هي تستحضر كلماته القبيحة تلك ..
و علمت انها أثارت قلقه و عينيه تلمعان بصدمة .. و صوته مثقل بالخوف ..
- حد استوابه شي ..؟! ابويه سيف ..؟ أميه نورة ..؟! حور ..!! رب ما شر ..
تراقب ملامحه الخشنة السمراء .. و هو يلتف حول الطاولة و يتقدم نحوها ..
ثانيتين فقط قبل أن تتنحى بسرعة و تلجأ للأريكة الوحيدة التي تنزوي في الطرف الأبعد ..
تبذل مجهودا خارقا لرسم ملامح الجمود تلك على وجهها .. و هي ترد ببرود ..
- بلاك متروع ..!! محد استوا به شي ..! العرب رقود .. بس أنا ياية أبا أرمسك فموضوع ..
ضاقت عينيه الحادتين و هو يقف قليلا في المكان الذي ناورته فيه للتو ..
يواري بسرعة خارقة عدم تصديقه .. و دهشته .. و الشك ..!
تتمهل نظراته على جسدها الصغير الذي اتكأ على طرف الأريكة بارتياح كاذب ..
صعودا حتى وجهها ..
و عينيه تنطقان بحملقة حارّة ،، يلتهم ملامحها بخليط فاضح من الشّوق و الإعجاب ..
تبّا له ..!
كيف استطاع اختلاق الأحاسيس و زرعها في مقلتيه بهذه الطريقة ..
لتتمرد خفقاتها بجنون أمام نظراته ..
الحقير .. الكاذب ..
يريد استغفالها .. و يظن أنها لا تزال ضحيّة خداعه ..
شدت قبضتها الصغيرة بقوّة .. حين اجتاحتها موجة من غضب هادر .. و ألم مجنون راح ينهشها ..
و عقدت ذراعيها على صدرها تقاومها ..
في حين كان كلّ ما تريد هو التقاط أي شيء تقع عليه يدها لتلقيه في وجهه و تهشّم جبروت رجولته الطاغية ..
تريد أن تهاجمه لتمزّق بأظافرها كذبه و خداعه المر ..
أن تقطّع بأسنانها تبجّحه الأرعن بتلاعبه بقلبها الصغير ..
تريد أن تصرخ عاليا .. بصوتٍ مبحوح .. و تبكي ..
لتغرق المكان دموعا لا تنضب ..
و تسأله لما كان على الأيام أن تضعها في طريقه .. و تحطيمه لقلبها بلا رحمه ..!
لكنّ صوته الأجش .. زحف لمسامعها ببطء انتفض له قلبها و هي تلتقي عينيه الدافئتين .. تسمعه يكرّر بحنان دافق .. ضخّم الحقد في صدرها ..
- تبين ترمسينيه في سالفة ..؟!
.
.
غرابة تلفّها ..!
لا زال متيقّنا بأنها وهم خلقه ذهنه المنهك ..!
ما الذي تفعله إذا بجسدها الغض تسنده على أريكة مكتبه ..
و تطالعه بوجهها الصافي الذي بدا نديّا مع امتلاءه ..
ناعما بشكلٍ لا يصدّق .. و اشتاق أن يحتضن رقّته بين كفيه الكبيرتين ..
أي ضرورة قد تدفعها لقطع شهريّ الفراق اللذان فرضتهما عليه قبل انتهائهما باسبوع ..؟!
شعر بأنه حائرٌ قليلا ..
لا يعلم لما وقف مكانه جامدا .. يعقد ساعديه على صدره العريض و هو يطالعها بحنين جارف ..
يحدق في ملامحها و التغيير اللذيذ الذي طرأ عليها ..
بدت مختلفة .. يانعة ..
حتّى و هي تتخشب على طرف الأريكة .. و تقابله بذراعين معقودتين ..
و ذاك التصلّب يغشى ملامحها و الأطراف ..
لم تبادره السلام ..! و لا السؤال عن الحال ..
و لم يستطع هو أن يفعل .. و لا يدري سببا لذلك ..
فقط راح ينهل من رؤيتها ليروي ظمأه .. و هي ترتدي صمتها الغامض .. و تقف بعيدا عن متناوله ..
بتملّك يغزوه .. قطع المسافة الفاصلة بينهما في بضع خطواتٍ واسعة ..
ليجد أنه يقف أمامها .. يشرف بطوله الفارع عليها ..
و يستشعر قربها ..
لا يفصلهما .. سوى نفس واحد .. ودوي خافقه الذي تراقص على ايقاعه بريق عينيها الغريب ..
و بتحكم هائل .. لازال يشد على ساعديها .. ناظرا إليها بوله .. قبل أن يسألها بحنان ..
- انزين و لو تبينيه فسالفة .. ماشي السلام عليك ..؟ و لا شحالك ..؟
لكنّها لم تنطق .. كانت تحملق في جبينه متجنّبة النظر إلى عينيه بتركيز غريب ..!
فيما انفلت خيطين من لهفة .. لينسلا بعيدا عن قبضته ..
و هو يمد ظاهر أنامله يمررها على خدّها الممتلئ ببطء .. و هو يهمس لها ..
- اشتقت لج ..!
و كان صادقا .. إذا أعقب تصريحه ذاك تنهيدة حارة انزلقت من صدره .. و هو يتأمل جمودها ..
تراها تخجل منه ..؟!
لما لا ترد عليه ..؟!
رآها تشيح بوجهها بعيدا عنه .. و هي تصوّب نظراتها أرضا .. تضغط بقوّة على شفتيها المرتعشتين ..
يكاد يقسم بأنه هناك ما هو غير طبيعي فيها .. ما خطبها ..؟! تبدو مختلفة تماما ..!
ضيّق عينيه و هو يوجّه السؤال الأهم .. جاذبا ذراعا للأسفل نحو الأريكة يرغمها على الجلوس ..
انكمشت بعيدا عنه .. و هي تتجنب النظر إليه .. حالما جلس جوار و مدد ساقيه الطويلتين .. و ابتلع ابتسامة متسلّية و هو يقول ..
- انزين قلتي تبينيه في موضوع ..؟! الموضوع لي يابج في هالحزه .. و ما ينقال في التيلفون أكيد مهم ..؟!
ثم نظر لجانب وجهها الذي تبعده عنه ..
أخفض بصره ليديها الصغيرتين .. و رأى أنها تشد على قبضتيها حتى ابيضت مفاصل أصابعها ..
أيقن بأنها تتآكل توترا الآن .. و لا تستطيع البدء فيما تريد قوله ..
مد راحته الضخمة يغطي قبضتها و هو يقول بهدوء ..
- حور غناتيه .. شي فخاطرج ..؟ قولي .. تبين شي ..؟ محتاية شي ..؟ تبين تقولين ليه شي ..؟! ارمسي ..
جرّت يديها من بين يده و هي تقف عن الأريكة .. تاركة فارغا محبطا جواره ..
تتقدم بسرعة نحو النافذة لتقف عندها .. ربما تريد الابتعاد لتنسى ارتباكها .. لذلك استرخى في الأريكة و هو يراقب ظهرها ..
لحظاتٍ مرّت قبل أن يعاود سؤالها ،،
- حور .. ارمسي ..؟ بلاج ..؟!
و كأنها تنتظر سؤاله فقط ..
التفتت له ببطء شديد .. لازال نبضه يتسارع و هو يمعن في التغيير الجميل الذي اتخذه وجهها بامتلائه ..
شوق جارف سرى في عروقه و هو يرغم جسده على البقاء جالسا ..
فيما تحدّق عينيه بلهفة في وجهها .. مترقبا ما قد تقوله ..
و حين تحرّكت شفتيها .. بدت عينيها باهتتين .. خاليتين من أي بريق يسكنها .. و وجها متشنّجا ..
صوتها كان ثقيلا .. باردا .. بدا و كأنه لم يخرج من جوفها ..
- أبــــا فلـــــوس ..
لثانيتين لم تنحني أهدابه و هو ينتظر أن تقول شيئا آخرا ..
لكنها لم تردف بحرف واحد .. استمرت بالنظر اليه ..
فقط هذا ما تريده ..!
كل هذا القلق و الارتباك ..؟! من أجل طلب التافه ..
انفرجت أساريره .. و وجد أنه يبتسم لها برقّة و يقول بحنان بعد أن نحّى القلق جانبا ..
- بس فلوس ..؟! فالج طيب يا بنت حمد .. و الله ما طلبتي الساع ..
و بخطواتٍ بطيئة يدنو منها .. دون ان تقوم هي بأي حركة ..
- كم محتاية ..؟ باكر من الصبح بحوّل لج المبلغ ع حسابج لي حطينا لج فيه مهرج ..
ارتد صوتها الأجوف عن الجدران مجددا .. النفور يخالجه إزاء نبرتها الغريبة .. و هي تردّ بسرعة مع اقترابه ..
- ماريد تحويله اكتبليه شيك ..
توقف عن الإقتراب .. و هو يرفع عينيه متفاجئا ..
تبا ..
ما الأمر ..؟! يشعر بغرابة تلف هذه الأجواء .. هل يتوهم ..؟!
رؤيتها بعد كل هذا الوقت زعزعت ثباته بما يكفي .. لما عليها أن تبدو متباعدة و باردة بهذا الشكل..
رمقها بنظرة حذرة .. إذ بدت على وشك الوثب ان اقترب منها و هي تنظر له بتوجّس ..
- انزين ليش الشيك و لعوزة صرفه .. التحويله أخيرلج ..
عينيها الواسعتين تتجمدان على نقطة ما خلفه .. و هي تردّ بسرعة .. و كأنها قد حفظت سيناريو هذا اللقاء الغريب مسبقا ..
- ماريد الفلوس على هالحساب .. أبا أصرفها و أفتح لها حساب ثاني ..
ملحّة في طلبها ..؟!
عقد ذراعيه .. و صوته الرجولي يرن في سكون الغرفة ..
- حور محتاية شي ..؟! قاصر عليج شي ..؟! ارمسي و لي تبينه امررة ياج ..
و التقطت عينيه التواء زاوية فمها في شبه ابتسامة و هي تقول ببرود ..
- قلت لك أبا فلوس .. اكتب ليه شيك ..
نبرة أمر ..؟!
رفع حاجبه ببطء .. و هو يسلّط نظراته الباردة على جسدها الضئيل ..
شيء هنا لا يروق له ..
لما هذه الحاجة الملحّة للمال ..؟!
لا يعقل بأنها قد صرفت مهرها بأكمله في تجهيز نفسها ..
لا .. ربما تحتاج لشراء شيء ٍ ضروري للغاية ..
و الا لما قطعت شهريّ البعد اللذان فرضتهما لتراه قبل الزفاف باسبوع .. و تطالبه بهذا الأمر السخيف ..
ابتلع جرعة دافئة من الهواء ،، و هو يعقد في صدره رغباتٍ منفلتة راحت تحثّه على كسر هالة الغموض و البرود التي تلفّها ..
و اجبارها بطرقٍ مختلفة على النظر مباشرة لعينيه ..
لكن الوقت ليس ملائم لذلك ..
ليس الآن على الأقل ..! اسبوع و يجتمع بها مجددا هنا .. و سيجرّدها ببطء من كل خجلٍ قد يعزله عنها ..
لذلك تقدّم بهدوء نحو المكتب الذي تقف خلفه .. ليمد يده ما ان اقترب منه و يلتقط دفتر الشيكات الذي كان ملقى سلفا على سطحه .. فرده بحركة سريعة و هو يلتقط قلمه ..
يرفع رأسه نحوها .. ليجدها تقف بذات التصلّب .. و عينيها تجحظان بنظرة فارغة على البقعة الخيالية الموجودة في الجدار المقابل ..
يصر أسنانه بقوّة .. و هو يكبح جماح غيظٍ غريب ..
بدت باردة بالنسبة للشابة لم تلتقِ زوجها من شهرين .. لا ينعكس على محياها الدفء الذي يألفه في حور البسيطة ..
التوت شفتيه بخبث ،، و هو يخرج أحرفه المثقله بالوله .. و عيناه تركّزان في حدقتيها الشاردتين ..
- حبيبي .. كم تبين ..
غامت عيناها و هي تنظر له منفضة إثر كلمة التحبب تلك .. تلتقي عينيه بعينيها ..
يأسر نظراتها بتملّك .. و هو يمعن النظر إليها بدفء ..
لم تفته ارتعاشة أهدابها .. و لا ارتجاف شفتها السفلى قبل أن تعض عليها بتوتر فاضح و هي تشيح بنظرها للنافذة بعيدا عنه ..
زحفت ابتسامة راضية على شفتيه و هو يرى لمحة ضئيلة تبزغ في مقلتيها تشبه فتاته التي يعرف ..
يدها تنقبض بقوّة .. و ترد بصوتٍ مهتز .. خرج محتدّا ..
- مليونين ..
تلك الإبتسامة الراضية .. اتسعت أكثر .. لتتحول إلى ضحكة رجوليّة بطيئة .. و متسلية ..
و هو يرى سرعة ارتداد خجلها للغيظ ..
نظر لاستقامة ظهرها الذي تديره له و هو يتساءل ممازحا بخفف من توترها ..
- شوه بتسوين بها ..؟؟ تشترين أرض .. ؟ و الا تبنين بيت ..
أتاه الرد فوريّا .. قارص البرودة ..
- بفكر خلاف ..
رفع حاجبا و هو يتأمل قفاها بابتسامة كسولة .. هذه طريقة لم يعتدها منها لتخفي ارتباكها .. الواجهة الباردة تستفزه .. لكنه تجاهل الأمر و هو يتساءل مرة أخرى ..
- كم تبين ..؟
- مليونين ..
و ابتسم مجددا .. و بسخرية هذه المرة ..
- و تبينها كلها فشيك واحد .. و الا أقسمها ع الدفتر ..
- فشيك واحد طبعا ..!
شيء ما يتحرك في صدره متململا بلا سبب .. كانت تتكلم بلامبالاة و تنبلج أحرفها ثلجيّة ..
رفع عينيه للساعة التي تعانق معصمه .. عقاربها تخطّت الواحدة بعد منتصف الليل بدقائق ..
قطب و هو يلقي نظرة متعجّلة لظهرها .. صوته القوي أتى هادئا هذه المرّة ..
- الساعة وحدة و شي .. يمكن حد ينش و لا يحصلج في البيت ..!
اشتد كتفاها .. و هو يقطب باستياء .. لما تشيح بوجهها عنه ..
و في محاولة أخيرة لانهاء هذا اللقاء الذي بدأ يحيّره بشدّة .. حتى شعر أنه لازال تحت صدمة رؤيتها .. و عاجزا عن فهم أي شيء مما يدور ..
- حور .. خبرينيه كم تبين .. عسب تردين البيت .. ليش ما ترييتي الين الصبح كان طرشت لي تبينه .. و الا اتصلتيبيه .. !!
ثم أردف و هو يحثّها بلطف ..
- كم محتايه .. خمسه ألف ..؟ عشرة ألف ..؟!
- مليونين ..
- حور هب وقت المزح الحينه ..! كم تبين ..؟؟ عشرة تسدج ..
لكنها استدارت ببطء .. تسكن مآقيها نظرة زجاجيّة متجمدة .. و هي تقول بقوّة ..
- و أنا هب فاضية أمزح وياك ..
سحب نفسا عميقا .. و هو يسيطر على الغيظ الذي انبثق في أعماقه ازاء تصرفاتها الغير مفهومة .. و طريقتها الكريهة في التحدث ..
- انزين خلصينا كم تبين ..
شمخت ببصرها تلتقي عينيه القويتين .. و وجهه المتجهّم ..
و في اللحظة التي نظرت فيها اليه .. سرت على طول ظهره قشعريرة كريهة ..
و عينيه الضيقتين تتسعان بقوّة .. حين قابلته ملامحها التي تلتوي بحقدٍ فاضح .. أسبغ على وجهها الناعم البسيط مظهرا شنيعا ..
و هي تقول من بين أسنانها ..
- أبا مليونين .. تكتب لي اياها فشيك و تعطينيه اياها الحين .. و أنا بصرفها بمعرفتيه ..
تجاوز صدمته مما لاح على وجهها منذ برهة .. و هو يقطب فيما يعيد كتفيه العريضين للخلف ..
- حور .. هب وقت المزح ..
- و انا هب فاضية أيي آخر الليل عسب أنكت لك .. خلصنيه .. اكتب الشيك ..
- شيك شوه ..؟! تستهبلين ..؟
- و ليش استهبل ..؟!
و أجالت بصرها فيما حولها بنظر ساخرة مريرة .. قبل أن تردف بقوة ..
- لا تقول ليه انه ما عندك هالمبلغ ..!! المليونين ما تيي قيمة وحدة من الأراضي لي داخل سور هالبيت ..
الآن ارتفع ستار حديدي على عينيه .. يخفي خلفه كل ما قد بخالجه .. و هو يجاريها في هذه المزحة السمجة ..
- آهااا .. و ليش أعطيج المليونين ان شا الله ...؟!
أراحت كفيها على الطاولة و هي ترمقه بنظرة كريهة ..
- لنيه وافقت آخذك ..
التوت شفته ببطء و صوته الغليظ يرد بسرعة ساخرا ..
- الحين انتي تنازلتي و وافقتي .. و تبين تعويض لنج ضحيتي بنفسج و تزوجتينيه ..؟!
و كاد يلوّح لها .. و يخبرها أن المزحة لا تروق له و أنه لا يفهم سببا تافها واحدا يدفعها لـ .....
لكنها جلست على مقعده الجلدي الأسود .. ترفع ساقا على ساق .. و تسند ذقنها باصبعٍ و تنفث الثلج من بين أسنانها ..
- تؤ تؤ .. لااا تقول تعويض .. قول حق .. المليونين جزء بسيط من حقيه و حق خوانيه .. و أنا أريده الحينه .. تكتب ليه اياه يا غيث .. و تخلينيه أتوكل ..
ببطء يرتفع حاجبه .. هامته العريضة تنتصب بقوة .. و هو يسلّط نظرة جليدية عليها .. فيما يرن صوته القارص ..
- أي حق لج عنديه ..؟!
- حقيه و حق أخوانيه .. و الا ناسي انك سنين ترافس في هالنعمة .. و نحن ساكنين فقوطي ..؟! و ترى كل لي عندك من حلال يدّك .. لي نحن عيال ولده .. يعني لنا نصيب منها .. عسب كذيه .. تكرم .. و عطنيه جزء صغيروني من لي لنا عندكم ..
عقد ساعديه أمام صدره الذي انتفخ بقوّة و هو يكبح غضبا تزاحم في داخله ..
- و اذا ما كتبت الشيك ..؟
تنهدت و هي ترفع عينيها للسقف .. قبل أن تقول بنبرة حاقدة ..
- ما بيصير طيب يا ولد عميه ..
تهدد ..!!
هذه الطفلة تحتل مقعده و تطالبه بملغٍ خيالي .. و تهدده ..!!
كاد يضحك ملئ شدقيه الا أن الأمر لم يكن مضحكا ..
كان كريها بشكلٍ لا يصدّق ،، حتى الآن يغلب شعوره بالنفور إحساسه بالغضب ..!
- صدق و الله ..! و شوه بتسوين عمتيه حور ..؟! بتروغينيه من البيت ..؟ و الا بتظربينيه ..؟
رسمت ابتسامة زائفة على شفتها .. و هي تنظر له بامعان ..
- لا هذا .. و لا ذاك .. عاده اسبوع باقي ع العرس ..
ثم همست و عيناها تنخفضان في أسى مصطنع ..
- بقولك باي باي حبيبي .. و كل واحد منا ايدل دربه ..
تجاهل اختلاج نبضاته اثر كلمة التحبب و هو يقول باستخفاف ..
- تكنسلين العرس ..؟!
و كبح ضحكة ساخرة .. لو أطلقها .. لانهار عليها السقف ..
و أنصت لها باستهزاء و هي تقول بقوّة ..
- و ليش ما كنسله .. ؟! انا ماليه حاية في العرس .. و ما اباك .. لكن ايي من وراك خير و منفعة .. انته تبا تعرس .. و أنا أبا الفلوس .. عطنيه لي أباه منك .. و لك لي تباه منيه .. لكن لو ما وراك شي .. فأنا هب بايعة عمريه .. و أعق شبابيه ع حسابك .. أدور غيرك ..
لم تكن تتحدث ..!!
كانت تمسك بثقل الكلمات و ترشقه بها ..
لترتطم بوجه .. و كرامته ..
الذهول الذي زرع في عينيه اثر قولها ذاك تركه جامدا للحظاتٍ طويلة ..
لا .. هذا ليس بمزاحٍ أبدا ..!!
اتّقدت نار فوريّة في أحشاءه و هو يراقب ملامحها الباردة .. و قد بدت له شيطانية في تلك اللحظة ..
و تساءل بنبرة مفزعة ..
- قصدج انج ما وافقتي عليّه الا لنج تبين الفلوس ..؟!
أطلقت ضحكة مفتعلة و هي تعيد رأسها للوراء ..
- لا لنيه أحبك و ما روم أخليك تصدّق عاد ..
و ضحكت بسخريّة مريرة ..
ضحكة غطست في أذنه .. تتغلغل داخله مخلّفة احساسا بشعا ..
ذاك اللهيب الذي يسري على طول شريانه راح يستعر ..
و هو يحدّق في وجه لا يعرفه لهذه الزوجة ..
لا يعقل ..!
أشهرٌ و هي تستغفله لتصل لهذه الغاية .. !!
بريق عينيها .. و بساطة تلك الروح التي شدّته .. كانت من اختلاقها ..!!
كل اللحظات التي شاركته اياها كانت مجرّد دورٍ تلعبه ..!
اختلاج الأنفاس التي كان يسابقها عليها ..
و ارتعاشات الهدب ..
الضياء الساكن في عينيها .. و نقاء الروح التي جذبته ..
خجلها اللذيذ ..
و لحظاتٍ مسروقة من عمر .. أنهكته و هو ينغمس في عمق طفلة ظن أنه يعرفها ..
اللهفة .. و الصدق ..
و عذوبة أحاسيسٍ داعبت حناياه بوجودها ..
حيّز من التفكير و قلبه كانت قد شغلت ..
كل ذاك كان مجرّد خدعة ..!
تمثيل متقن لتصل هي إلى مبتغاها ..
كان يرتشف أكاذيبها من بين راحتيها بنهم .. يتلهف للمزيد ..
فيما تخفي خبثها ..
و للحظات كاد أن يصدّق بأنه قد يكون واقعا في حبــ ...
كان على وشك بأنه يقر بأنها قد احتلّت يقعة من قلبه ..
تخدعه ..!
كانت تتسلى به .. تخدعه .. طوال الوقت ..
و ينقاد هو خلفها كالأحمق ..
الآن يدق الألم مسماره الأول في جدار قلبه ..
لينغرس ..صرّ أسنانه .. و هو يشعر بأن اللهب المتصاعد في صدره ينحدر خارجا مع زفراته ..
و صدره العريض يعلو و يهبط بجنون ..
فيما تواجهه هي بثقة .. عودها الغض ينتصب بوداعة زائفة أمامه و هي تترك كرسيّه ..
لحظتها شعر بأن تمالكه لنفسه أخذ ينتفخ .. يمتلئ بالغضب الشديد .. و احساسٍ مظلم ..
يتفاقم غيظه بجنون .. مع ألم غير مفهوم .. اوهن روحه .. و هو ينظر إليها ..
و انفجر وجعه القاسي و مرارته التي خلّفها احساسه بالغدر دفعة واحدة..!
.
.
.
.
انتفض قلبها بين أضلعها بذعر شديد .. و أخذت شجاعتها تتسرب ببطء ..
و هي ترى ملامحه القويّة تلتوي بغضبٍ أسود .. و يطفح الجنون من عينيه القويّتين ..
خطوتين تلك التي قطعهما بخفّة الفهد لتجد يقف أمامها ،، مهابة تلك الضخامة تشرف عليها لتفزعها ..
و نظرته الشيطانيّة الحاقدة تنضح بأحرف لا تنطق .. و هو يطبق على عنقها بأصابعه القويّة ..
تبخّرت شجاعتها و البرود .. و هي ترتجف بذعر .. تشعر بيده تضغط على عنقها و تكاد تخنقها ..
حرقة سببها غطاء رأسها الذي يغطّي عنقها و هو يجرها نحو بقسوة ..
تحاول الفكاك من قبضته بيد .. و بيدها الأخرى .. تدفع صدره القويّ الذي ارتد عنه جسدها ..
شعرت بالإختناق و هو يميل برأسه نحوها .. متجاهلا وجهها المحمر .. و الدموع التي راحت تندفع من خلف جفنيها .. لتغرق الرّؤية أمامها ..
- تلعبين ويا منوه انتي ..؟!
أنفاسه الساخنة تلفح وجهها .. و هي تجاهد لاختلاس حفنتي هواءٍ و دسّها في رئتها ..
بدا و كأنه فقد صوابه فجأة ..!! و لا يدرك ما الذي يفعله حقّا ..
لم تعد تكترث لشيءٍ سوى خوفها من الموت بين يديه ..
بدا قادرا للغاية و هو يقف بجسده الضخم على سحقها دون هواده ..
همست بصوتٍ يحتقن .. و الأحرف تنحبس تحت قبضته التي يشدّها على عنقها ..
و هي تستند بتشنّج على جسده الملتصق بها ..
- و .. در .. ـنيـه .. خنقـ .. تنـ .. ـه ..
و راحت تضرب بقبضتها اليائسة صدره الفسيح .. تلطم كتفيه بذعر .. و تجاهد للتنفس ..
قبل أن يدفعها بقوة للخلف باشمئزازٍ جليّ ..
ارتطمت بالكرسي قبل أن تنهار جالسة على الأرض و هي تضع يدها على عنقها .. و تلهث بقوة ..
سوادٌ يغشى ناظريها لوهلة .. و دوار يهزّ العالم حولها .. قبل أن تتمالك نفسها ..
و ترفع عينيها للون الأبيض أمامها .. يتسلّق بصرها طوله .. صعودا إلى عينيه .. اللتان لمعتا بكراهية و غضب شنيع ..
يشدّ قبضتيه بقوّة و كأنه يمنع نفسه من الهجوم عليها ..
يشعر بالغضب ..؟! الخداع ..؟ و الاحساس المر الذي يخلّفه الغدر ..؟!
فليذق شيئا مما ذاقت ..!
تحاملت على نفسها و هي تجبر قدميها على الوقوف ..
كانت قد تعدّت حدودها و تعلم ذلك جيّدا .. لكنها لن تتراجع بعد كل ما جاهدت لاظهاره ..
لذلك مسحت زوايا عينيها تمنع انزلاق عبراتها .. و هي تقف بهوانٍ على قدميها ..
تتراجع خطواتٍ عدّة إلى الخلف ..
و صوتها المهتز يخرج في سخرية متقطّعة ..
- لـ .. ليش .. لـيش زعـ..ـلااان ..؟ هاا ..؟ الحــ .. الحق حق .. انته تبا .. تعرس .. و أنا أبا الفلوس .. عطنيه فلوسي .. و نمشي الأمور مثل مــا كاانت ..
و ألم رهيب يعتصر قلبها .. رغم أنفه ترفع رأسها بشمم .. و هي تحدّق بوجه الأسمر و قد احتقن الغضب و القهر في ملامحه ..
- و لوو .. ما .. ما تباا .. أناا مابااك بعـ..ـد .. و خلنيه أشوف نصيبـ .. نصيبيه ..
و ازدردت لعابها .. و الدمعة التي تسللت لحلقها ..
حين شدّ على كتفيها بقوّة و راح يهزّها بجنون .. حتى شعرت بعظامها تتزعزع من مكانها .. شدّت على عينيها بقوّة ..
و صوته الرجولي يصرخ بغلظة في وجهها ..
- و ليش يا بنت الـ ××××× مارمستي من قبل ..؟! يايه قبل العرس باسبوع تبين الفلوس .. اتحرين الدنيا رغيد .. غصبا عن خشمج بتعرسين الخميس الياي يا ويه الفقر .. نحن ما نلعب .. تبين و الا ما تبين .. بتمشين منوه ع كيفج .. ؟؟ منوه لي بيخيلج تكنسلين العرس قبل اسبوع .. ؟
فتحت عينيها و هي تصيح بقهر .. مع شعورها بأنها على شفير الانهيار ..
- تخسسسسسي .. بكنسله .. و محد يروم يغصبنيه .. منوه بيغصب بنت حمد اليتيمة ..!! هاااا ..
و اختلقت ضحكة مصطنعة كريهة ..
- حرااام .. اليتيمة .. منوه بيغصبهااا ..!! و حتى لو غصبونيييه .. و الله لسود عيشتهم في هالاسبوع .. بشرررد .. و الا بنتحررر .. و الا بلتعن في أي مصييبة .. ما بخلي حد ما بقوله انهم غصبووونيه .. و الله لافضحكم .. و ....
و أدارت وجهها اللطمة التي هوت على وجهها .. و أطارت شيئا من تفكيرها .. و هي تتأرجح لثانية في الهواء قبل أن تسقط أرضا ..
شعرت بالظلام يوغل في قلبها الذي راح يتآكل ببطء .. و هي ترفع أناملها المرتجفة لخدّها .. و بيدٍ أخرى تستند على الأرض ..
أسننها كادت تتحطم من قوّة راحته التي صفقت خدّها الناعم ..
سمعت خطواته الثقيلة تبتعد ناحية المكتب .. و لم تجرؤ .. أو تقدر على رفع عينيها ..
أرخت جفنيها ببطء .. تصبّر ينابيع الدموع التي تفجّرت داخلها ..
تعض على شفتها السفلى بقوّة .. تخنق الآهة التي كادت تفضح مبلغ ألمها ..
ثوانٍ يتعاقب فيها صوت الورق .. و شقّه ..
الخطوات الثقيلة تدنو منها ..
تدنو ..
تدنو ..
لتشهق بخوفٍ صريح .. حين أطبقت أصابعه على ذراعها بقسوة كادت تخلعه ..
يرفعها عن الأرض ليواجهها ..
اصطدمت عيناها بوجهه القاسي المشبع بالحقد .. و الغضب ..
لكنّه كان يبتسم .. ابتسامة صفراء لم تصل لعينيه الباردتين ..
يدنيها منه بقسوة .. و هو يرفع ذراعها .. حتى أيقنت بأنه سيقتلعه هذه الليلة ..
و يقول بصوتٍ جليدي قاسٍ أرسل قشعريرة على طول ظهرها ..
- تعرفين شوه تسوين المليونين يا اميه .. ؟؟ المليونين ما بتييب لج أرض لو ما تدرين .. تبين المليونين ..؟!
ارتفعت يده الأخرى لتسد ورقة بيضاء مطويّة في ياقة ثوبها بعناية ..
- هاي مليون .. و المليون الثاني بيتحول لحسابج عقب يومين ..
و يحني رأسه نحوها حتى كاد يلمس وجهها المذعور .. أغمضت عينيها بارتياع رغما عنها ..
صوته المخيف يرتد في أذنيها و هو يقول بسخرية ..
- يا انج قنوعة .. و الا انج ما تسوين قيمة أرض ..! أنا أظنها الثانية .. لنج ولا شي .. حتى الرخص محشوم عنج .. بس تدرين شوه ..؟!
صمت لثانية قبل أن يهمس بوحشيّة أمام وجهها و يده تشتد بقسوة على زندها ..
- هالمليونين بطلّعهن من عيونج يا بنت حمد ..بدفّعج لي يساويهن دم .. هب أنا لي تتعبث بيه بنيّة ..
و نفضها بقوّة عن يده باشمئزاز .. و هو يشيح عنها بوجهه .. مديرا ظهره لها ..
و بأصابعٍ مرتعشة تخرج الورقة التي حشرت في ياقتها بعنف ..
و هي تمسح دمعة انزلقت على جانب وجهها بتمرّد ..
قبل أن تطلق العنان لروحها .. تندقع هاربة للخارج ..
تجري بجنون .. تاركة كل شيء خلفها ..
.
.
يهدر الدم في أذنيه و صدره يكاد ينفجر و هو يميل لأمام قليلا ..
مغمضا عينيه بقوّة .. يثبّت قدميه أرضا ..
حين تسلل لأذنه وقع هرولتها .. و انزلاق الباب الصاخب خلفها ..
بذل جهدا خارقا كي يتمالك نفسه و لا يفسد الانضباط الذي ربط به غضبه ..
تلك الغبية الصغيرة التافهة ..
من تظن نفسها .. ؟! كان بإمكانه أن يهشّم عظامها الصغيرة في ثوانٍ حين بلغ ذروة غضبه ..
في اللّحظة التي لطم وجهها فيها .. اشتهى أن يسحقها بين يديه ..
لكنّ شيئا في داخله ألجمه و هي تتهاوى أرضا ..
شيء شلّ يده عن تحطيمها لشظايا لا تجمع ..
بقبضة مضمومة ضرب صدره بعنف .. يبعثر الألم الذي راح يتجمّع ببطء و دون معنى في جوفه ..
ناوشته ضحكة مجنونة و ساخرة ..
منذ ان نشأ و هو يطوّع كل شيءٍ لصالحه ..
كل الأمور يستطيع قلبها كي يستفيد منها .. حتى اندفاعه للزواج منها .. كي يجني شقاه حقا مكتسبا .. أحاله مع الوقت لهدف آخر ..
نسفته تلك الحقيرة الصغيرة للتو ..
شعور بالغضب يتفجّر في داخله .. و خفّة في رأسه أشعرته بانه توهم كل ذاك المشهد الذي جمعه و اياها ..
لم يكن صعبا عليه أن يقذف المال في وجهها .. أو كان بإمكانه ركلها إلى الخارج دون مالٍ و لا زواج ..
ليس هو من يحشر في زاوية ليجبر على ما يريد ..
لكنه أعطاها المال .. لا يدري لما ..
ليس بالمبلغ الهيّن .. لكنّه قليل أمام جشعها ..!
أراد ان يعطيها المال .. أراد ذلك ..!! لما ..؟!
ليقتل إحساسه بالذنب حين استخدمها وسيلة للوصول إلى مبتغاه ..؟!
تهوّر و قذف بذلك المبلغ في وجهها .. تلك التي تجرأت على التلاعب به ..
لم يكن فعله ذلك سويّا .. ففي الحقيقة يريد أن يمزظّقها بيديه المجردتين لأشلاء ..
يريد أن يبتلع صدمته و عدم التصديق بأن طفلة مثلها استطاعت التلاعب بها ..
ليدوس بعدها عليها بلا رحمة .. يريها أي مقدارٍ حقيقي قد تسوايه ..
صرّ على أسنانه بغضبٍ قاتل راح ينهش روحه .. و هو يشد على قبضتيه ..
مانعا نفسه من الاندفاع لتهشيم كل ما هو أمامه و تفجير غصبه .. و الألم الذي يتسلل ببطء تحت شغاف قلبه ..
ليلذعه ..
سحب نفسا عميقا ..
تجرأت تلك التافهة .. و تطاولت .. و نجحت في خداعه ..
استغفلته بسهولة .. فيما يجلس هو هادئا معتقدا بانه من يتلاعب هنا ..!
بيده الكبيرة .. لوّح بضربة هشّمت مصباح المكتب الأنيق الذي طار ليصطدم بالدجار القريب محدثا جلبة كبيرة .. قبل أن يتهوى أرضا .. و يتناثر شظايا ..
مثل هذا الزجاج .. سيطحنها .. سيذيقها مرّ فعلتها ..
سيخرج المال الذي دفع من تحت جلدها ..
و سيكويها بالحرقة التي تستعر داخله ..
يقسم على ذلك ..
سيبكيها ..
و سيحيل حياتها جحيما حقيقيا .. و لن تعرف للهدوء طعما معه ..
تلك الحقيرة الصغيرة ..
أوه كم سيتسلى بتلقينها درسا .. و تعليمها كيف عليها أن تعبث بمن يفوقها ..
.
.
إلا ... ابكيها و تجي تتوسل
الا...اخليها بعد ما تزعل
الا... اموتها علي من القهر
و الله اموتها علي من القهر
اتوب.. و بعد ما تتدلل

الا... اخليها تموت قبالي
ينكسرهذا خشمها العالي
انا هيج تسوي هي بحالي
الا... اخليها صدق تتخبل

الا... اخليها على بابي تنتظر
الا...اشوفها انا نجوم الظهر
الا.. اخلي دموعها تنزل مطر
الا... اخلي عيونها تدمع جمر
.
.
.
.
.
.
.
لا تدري كيف أوصلتها قدميها الواهنتين إلى هنا .. كيف استدلّت عينيها الغارقتين على الطريق ..
وجدت نفسها في مكانها تعانق الأرض ذلا .. و هي تنتحب ..
جسدها الملقى عند قاعدة السرير أرضا يرتجف بقوة ..
قبضتها تعتصر الورقة و تدفنها في حجرها .. و شهقاتها تنفلت بدون سيطرة من بين شفتيها ..
لقد باعت روحها ..!
راحت تتبجح بكرامتها و قوّة كاذبة و ساومت على حبّها ..
لن تطفئ ألسنة الناس .. و لا كبرياءها .. و لا تشفيها حر اللهيب الذي يلتهم فؤادها الصغير ..
و هي تستلقي أرضا .. تحتضن نفسها بألمٍ يمزّقها ..
شهقاتها ترتفع ..
و أنفاسها تتهدج ..
قبل أن تنفجر أوجاعها في نشيجٍ عالٍ راحت تجاهد لكتمه بيدها المرتعشة ..
دون جدوى ..!
حطامً هي الآن ..
لن تجبر ..!

* * * * *

* ليه / سالم السيار ،،

 
 

 

عرض البوم صور زارا  
قديم 05-07-08, 02:13 AM   المشاركة رقم: 320
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ملكة الالماسية


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8455
المشاركات: 10,839
الجنس أنثى
معدل التقييم: زارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالق
نقاط التقييم: 2892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زارا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

السلاام عليكم متاابعين الخطواات في ليلااس..

للكااتبه الرائعه ليتني غريبه كلماات قالتها قبل مااتطرح الخطووه بس انا من فرحتي بالخطوه وعشااني عارفه انكم تنتظروونها نسيت احطهاا.. بس هي لااازم تكوون مووجوده لان فيهاا مفااجأه حلووه لكل محبي الخطواات..

وهذي كلمة الكاتبه اللي اعتذر منها لاني تاخرت في وضعها هنا..


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،

صباح السكّر ،،

متخلّفة كالعادة .. و ألتمس من قلوبكم النقيّة لي عذرا ..

قبل أن أضع الخطوة أردت أن أبوح بشيءٍ لكم ..

من لا يشكر الناس .. لا يشكر الله ..

اعلم و تعلمون أن ردودكم و المتابعة هي دعمٌ حقيقي لي ..

لكنّي متخلّفة بكثير منها .. و قد لا أجد وقتا يسنح لي لمتابعتها و حتى ذاك الحين أعتذر لتقصيري ..

كل حرف يخطّ هنا لأجلي و لخطواتٍ يعني الكثير لي و الله ..

يعني دافعا .. و شيئا يدعمني للاستمرار ..

شيئا أجدني عاجزة عن إيفائكم حقّه امتنانا ..

لذلك أجد أن الصمت هو أفضل لي .. كي لا أفسد مساحات البياض التي تفترش روحي بمداد كلماتكم ..

أسماءٌ قد يعتبرها أصحابها - مرورا عابرا - لكنّي أتذكّرها ..

و كثيرا ما أصادفها في متابعة صامتة ..

و أسماءٌ التقيتها في بداية مسيري لهذه الخطوات و شاءت الظروف أن تغيب عن المتصفّح .. أبتهل لله بأن تكون بخير و أن توفق أينما حلّت ..

و أسماء لم تغيب و أثق أنها لن تفعل .. لأنها مرتبطة بروحي ..

أصحاب القلوب البيضاء .. الأنامل الطيبة .. أصحاب ما أسميه ( الدعم الخفّي ) ،، تشع لوحة تحكّمي و بريدي الخاص بنبضهم الطاهر ..

لمسات الخفاء تلك التي تذكّرني بالحسنة التي تنفق فلا تعلم الشمال ما جادت به اليمين ..

خيطٌ دافئ يَحبك أحاسيسهم داخلي ..

كم تعني لي لمساتكم تلك إخوتي ..

الأسماء الصامتة التي ألاحظ تواجدها الدائم بسكونٍ عذب .. يكفيني أن تقرئوني ..

كذلك أريد شكر الأختين ..

- الماس - من - مجالس أهل الكرم -

و - زارا - من - منتديات ليلاس -

على جهودهن في النقل و متابعة الردود و الدعم العظيم الذي أتلقاه منهن .. جزيتن عنّي خير جزاء .. و لا زلت أتابع ساحاتكن ..

ملاحظتين أخيرتين ..

أولا .. كنت قد نبّهت للردود المخالفة .. لكنّي أجد أنه - ما عندي سالفة .. و كلن يخالف على كيفه - ..

لا يتضرر بالردود المخالفة سوى القصّة التي ستتعرض للإغلاق ،،

و القرّاء الذين يضيعون بين صفحات الشكر ..!

أرجو منكم الإلتزام إخوتي بالردود .. كل كلمات الشكر تصلني بحضوركم الطيب ..

الملاحظة الثانية هي أني سأعود لنظامي الأسبوعي ،،

كل اسبوعٍ ستطرح خطوة حتى يشاء رب العالمين .. إلا إذا عرقلتني ظروفٌ ما ..

و ذلك ابتداءً من الأسبوع القادم .. و عذرا منكم إن اضطررت للتأخر في التعقيب على الردود ..

أخيرا ،،

تعلمون أنكم لستم مجرّد - قرّاء - ..

كل ما يكتب هنا هو مدادٌ لأحاسيسكم .. شيء من الشعور نتشاركه .. و نقتسمه كالخبز ..

جزيتم خيرا على الدعم .. و على التواجد .. و على الكلمة الطيبة ..

و بارك الله فيكم و لكم ..

شكرا من أعماق روحي أنفحها إياكم ..

ممتنة و الله ..




ليتني

 
 

 

عرض البوم صور زارا  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليتني غريبة, ليتني غريبة ابداع مستمر, ليتني غريبة وحشتيني يا بنت ربي يفرج عنك ياحلوة (بندقة), من ارووع القصص وارقاها.., من ارقى وأجمل القصص الخليجية, الأدب الراقي المستقى من البيئة الاماراتية بواقعيه, القسم العام للروايات, الكاتبة ليتني غريبة, ابداع الكاتبة الكبيرة ليتني غريبة, احب حور وغيث, اشتقت لحوووووووووووووووور ولغيث اووووووه يارب صبرنا, اسطورة دوما يا ليتني, اعوذ عليكِ بكلمات الله التامه من شر ماخلق..مبدعه ورب الكعبه, اقسام الروايات, حفظك الله من عيون البشر, خطوات تغفو على عتبات, خطوات تغفو على عتبات الرحيل, خطوات تغفو على عتبات الرحيل لكاتبة ليتني غريبة, خطواتٍ تغفو على عتبات الرحيل للكاتبة ليتني غريبة, روآية غير شكل آحآسيس خجوله^^, روايات مميزة, روايات خليجية, روايات كاملة, رواية خطوات تغفو على خطوات الرحيل, رواية خطوات تغفو على عتبات الرحيل كاملة, سيدة الضاد ليتني غريبة, غيثاني وربي انك مخبل فييني .الله يوفقك يااعسل.توقيذر فور ايفر.( زارتك)هخهخه, وهـ بس .. فارس فرسان الفرسان الشيخ طويل العمر غيث بن علي. المعروف بغيث زارا.., قلبي قلبي قلبي .. فديــــــــت ابوو العسل غـــــــ غيث زارا ـــيــ غيثي اناــث, قصة اماراتية تحكي الحب والبؤس والحرمان, قصة خليجية اماراتية ابداع ×ابداع
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:42 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية