لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-06-08, 02:13 AM   المشاركة رقم: 226
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الاسطوره


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 71967
المشاركات: 63
الجنس أنثى
معدل التقييم: ليتني غريبة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 13

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ليتني غريبة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

بمــا إن زارا عندها امتحان - ربيه يوفقها و يسهل عليها - ،،

و طلبت منيه مسبقا الإستعجال في طرح الخطوة .. عسب ما تبطي عليكم ،،

أنا قلت أكفيها هالمرة في النقل ..

و أنقل لكم الخطوة بما ان امتحانها اليوم ..

عسب لا تتأخر عليكم بسبتيه ..

و سمحولنا ع التأخير :)

 
 

 

عرض البوم صور ليتني غريبة  
قديم 14-06-08, 02:15 AM   المشاركة رقم: 227
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الاسطوره


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 71967
المشاركات: 63
الجنس أنثى
معدل التقييم: ليتني غريبة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 13

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ليتني غريبة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

► الخطـــــــــــــــوة الحاديـــــــــــــــــــة و العشـــــــــــــــــــرون◄

║خطوات على الطريق ..║




بعد مرور أربعة أشهر ،،
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
- وقال القلبُ :

(ما فَعَلَتْ بِكِ الأيامُ يا دارُ ؟

وأينَ القاطنونَ هُنا ؟

وهلْ جاءَتْكِ بعدَ النأي ، هل جاءَتْكِ أخبارُ ؟

هُنا كانوا ، هُنا حلموا

هُنا رَسموا مشاريعَ الغدِ الآتي

فأينَ الحُلْمُ والآتي ؟ وأيْنَ هُمُو ؟

وأيْنَ هُمُو ؟)

ولمْ ينطِقُ حُطامُ الدارْ

ولمْ ينطِقْ هُناك سوى غيابِهِمُو

وصمْت الصَّمْت والهِجرانْ

وكان هُناكَ جمعُ البومِ والأشباحِ

غريبَ الوجهِ واليدِ واللسانِ ، وكان

يُحوِّمُ في حواشيها

يمدُّ أُصُولَه فيها

وكانَ الآمِرَ الناهي

وكانَ ... وكانْ ...

وغُصَّ القلبُ بالأحزان ،،*
.
.
صفقت أختها الكتاب و هي تقول من خلف غطاء وجهها مشجّعة ..
- سلامي عليج يا نوري .. على هالحفظ اتنبأ لج بنسبة تحطّم الرقم القياسي لي سجّلته الناقة السنة لي طافت ..
تناولت نورة كتابها و هن يقطعن الباحة الأمامية للمدرسة .. تنفخ صدرها بغرور ..
- من دون ما تتنبئين يا فاطمة بنت عسجم .. غصبن عنج بييبها النسبة ..! بس يا رب ما أخبص ع آخر يوم من الفرحة ..
ابتسمت دانة ..
- نورة شوه احساسج .. و انتي بتفارفين المدرسة .. و بنات المدرسة .. و المعلمات .. و الاستهبال .. و الشردة .. و المقصف ،، و تشاندي ..
تأوهت نورة بسخرية ..
- آآآه يا فواديه .. كيف بعيش عقب ما أودر المدرسة .. !!
ثم أردفت باشمئزاز ..
- و الله ما بتبكيها عينيه الساع .. و شوه بفارق غير الهم .. و اللوعة ..
- حرااااااام نواري .. الحين ما شفتي في المدرسة غير الهم و اللوعة ..؟ وين سارت ذكرياتج ويا ربيعاتج .. و خبال البنات .. و المقالب .. و الحشرة ..؟!
زفرت نورة و هن يدنون من الباب المخصص للإدارة ..
- اففف .. لا تنشدينيه عنها الا عقب عشر سنين .. الحين كارهة عمريه بسبة الامتحانات .. يمكن عقب عشر سنين تتغير مشاعريه ..! و بعدين وين بذلف انا .. بيلحقنيه الهم في الجامعة .. و خبال البنات .. و حشرتهن ..
- لااااا فديتج المدرسة غير .. شغب .. و براءة ..
رفعت نورة حاجبا ..
- و الجامعة ..؟؟
لوحت دانة بيدها و هي ترقق صوتها ..
- لازم يكون عندج برستيج .. و تعرفين أصول الاتكيت ..
ضحكت نورة ..
- عاد أنا وحدة خريش .. ما أعرف للبرستيج و لا للكيك هذا .. شوه أسوي بعمريه ..
- لا تجلبين العار للعائلة .. قري في البيت و سدي مكان حور بما انها اسبوعين و تعتزل ..
نفس عميق تسحبه نورة مع ابتداء وخز من الألم في صدرها .. قبل أن تزفره بقوة ..
- آآآآآه .. لا اتذكرينيه .. اسبوعين بس ..!! يا الله .. كيف بتكون حياتنا بلا حور .. كيف بنعيش عقبها ..
ابتسمت دانة ساخرة ..
- هيييييه الله يرحمها .. محد كان شراتهاا فينا .. لي يسمعج يا نوير يقول البنت بتموت .. ما بتسكن في نفس الحوش ..
عقدت نورة جبينها ..
- حتى و لو .. بتكون معرسة .. و عندها ريل و مسؤوليات .. و بتتغير ..
- حور أصيلة ما تتغير .. و بعدين شوه بتسوي يوم انه ريلها من الفير الين المغرب في الدوام .. أكيد بتعسكر عدنا .. و الا نحن بنلصق عندها ..
لكن نورة تنهدت ..
- فواديه يعورنيه .. ليتها ما تعرس و اتم عدنا .. تراعينا ..
اتسعت عينا دانة بصدمة ..
- اتم عندج شوه تسويبج ..؟ اتقص اظفورج .. باكر يوم بتعرسين حبيبتي .. و كلنا بنظهر وحدة ورا الثانية .. و اتم هي بروحها شوه بتفيدينها فيه ..؟ خليها تعيش حياتها حور هب صغيرة ..
ردّت نورة ببؤس ..
- أدري و الله .. بس بنشتاق لها ..!
- ليش وين بتسير ..؟ كل ما شلّج الشوق اربعي صوبها .. و بعدين كل هالمناحة لن حور بتعرس .. ليش ما انكسر خاطرج ع عفاري .. حيّها حور بتم ويانا فنفس البيت .. لكن عفاري بتبعد ..!
ابتسمت نورة بحب ..
- هبلة انتي ..؟؟ أنا شوه دابل العوق عليّه غير انهن بيعرس ورا بعض .. و بيخلا البيت علينا .. لكن أفكر فحور لنه ما بقى الا اسبوعين ع العرس .. و عفرا لاحقين نسوي لها مناحة باقي شهرين ..! فديتهن و الله ..
ثم رفعت رأسها للسماء ترجو الله ..
- يا الله يا ربيه .. يا رافع السماوات و باسط الأرض .. انك توفّق خواتيه في حياتهن .. و تسهل أمورهن .. و تثبتهن ع الخير .. يا كريم .. يا فتاح .. يا عليم ..
ضحكت نورة و دانة ترفع يدها للسماء ..
- آمييييييين .. و تعيّشهن في سبات و نبات .. و يخلفن صبيان و بنات .. و تسوق ليه ذاك السنافي .. بو عيون ذبّاحة .. و خشم شرا سلة السيف ،، ياااااااا رب .. ابااه أسمراني .. و عنده عضلات .. و يطير طرزان حوير ببوكس ..
ثم بدأت تضحك بقوة .. و نورة تشاركها الضحك ..
- يخرب بيتج حاقدة عليه الين الحين ..
- هههههههههه ،، ما نسيت هزبته يوم ظربنا عميه مطر الين الحين .. أعوذ بالله .. كيف هالريال عوف ..!
ابتسمت نورة ..
- و الله انه طيب .. يسدج ان حور مرتاحة وياه .. الله يوفقهم يا ربيه .. و يسعدها .. وايد تعبت حور ..
ابتسمت دانة بحنان و هي تبلغ البوابة الرئيسية لمبنى الإدارة ..
- غصبن عنه يسعدها .. لو تيي حور تشتكي منه .. بنقصبه و نسويه تكه و كباب ..
- كان يعشي قبيلة .. حشّى هب طول عليه ..
- هبي هباج الرب .. قولي ما شا الله .. عن تصكين الريال عين .. ما حد بيبتلي به غير حواري فديتاا ..
- هههههههههههه و الله اننا هب صاحيات .. عدنا امتحان نهائي و طايحات قرض في الريال ..
شاركتها دانة الضحك ..
- ما عليج .. تأثير آخر يوم من الفرحة .. تخبلنا ..
وقفت دانة في الردهة الأمامية تخلع عبائتها و غطاء رأسها .. و نورة تحذو حذوها قبل أن تقول الأولى ..
- شرايج عقب باكر نسوي عشا صغيرون و نعزم رويض .. و نرتبش شويه ..
فكّرت نورة بأن الأمر سيكون أكثر من رائع ..
مؤخّرا لم يعدن يجدن الوقت للجلوس مع حور و عفرا .. اقتراب امتحاناتهن ..
و انشغال حور و عفرا بالإستعداد للزفاف .. مع اصرار الأولى بأن تتجهز هي و عفرا معا بما أنه لا يفصلها عن الزفاف سوى شهرين ..
اضطّرت حور لتأجيل التزاماتها و تسوّقها حتى المساء كي تكون عفرا متواجدة في البيت ..
- ترتوب و الله .. و بنرقص و بنلعب .. و بنحتشر .. نبا نخترش قبل لا تعرس حور .. و رويض من زمان عنها .. من حددوا العرس و هي لاهية بالزهبة ..
صفقت دانة بحماس ..
- من الحين أتخيل الوناسة .. شرايج بعد نعزم عوشة ..؟؟
رفعت نورة عينها لأعلى و هي تلقي كتابها على طاولة الإستقبال الرخامية القابعة قرب الباب ..
- مادري و الله .. برايكن .. الصراحة أنا ما عرفت لها بنت عمج هاي .. مرة تحسينها فحالها .. لا لها .. و لا عليها .. و مرة باردة .. و مرة أحس في نظرتها قسوة ..!! مادري كيف .. على انها ما سوّت شي .. و كل مرة تيينا تيلس عند يدّوه .. و لا تفارقها .. لكن أحسها تتجنبنا .. و فيها خقّة شوي ..
تقدمت دانة معها نحو مخرجٍ للطالبات يضفي للساحة المكتظة بهن ..
- أعرف و الله .. عسب كذيه أقول نعزمها ..
رفعت نورة حاجبها ..
- لا و الله ..؟؟ تشوفينها تتجنبنا .. و تبين تعزمينها غصب .. يعني بتفرضين عمرج عليها ..؟؟!
وضعت دانة يدها على كتف أختها و هن يخرجن للساحة .. و ينخرطن دون جهد بالجموع المحتشدة .. و المحتدة قبل بدء الإمتحان الأخير ..
- يا الخبلة .. هذا هو المقصود .. هي اذا حسّت اننا نحن متقبلينها و نباها .. بتتقبلنا .. أنا أحس انها طيبة .. أكثر من مرة .. أشوفها حبوبة و ترمس و محد شراتاا .. و فجأة ينقلب حالها .. يبالنا نرص فيوزاتها شوي .. و بتعتدل البنية .. و بعدين معلمة الدين دوم تذكرنا بالآية ... لي يقول فيها الله سبحانه و تعالى ،، { ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ، ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم }** ،، يعني لو ندفع بالتي هي أحسن بنكسبها .. و الله انيه أحس هالبنية وحيدة .. انا على كثركن أمل أحيانا .. هاي اروحها في بيت طول و عرض شوه تسوي ..!!
رفعت نورة حاجبها ..
- و حافظة الآية ما شا الله ..!! شوه ..؟؟ محضّرة هالمحاضرة من قبل ..؟؟
ضحكت دانة و هي تدفعها ..
- لا و الله .. أول أمس امتحان الدين .. ما لحقت انساها ..!!
ثم رأت مجموعة من الفتيات يلوّحن لها .. قبل أن تبتسم بشيء من الغرور ..
- يا الله نوير .. ربيعاتيه اهناك حصلتهن .. برايج ..
لكن نورة تشبّثت بكمّها ..
- شوه برايج .. ع كيفج هوو ..؟؟ ريلي ع ريلج الين أحصل منايه .. و الله ما حوط اروحيه شرات الخبلة ..
- و الله انج ياهل .. انزين تعالي يلسي ويانا ..
- لا دخيل أمج .. وصلينيه عند ربيعتيه .. و ردي لهن .. أنا بالموت متحملتنج انتي وعفاري لنكن علمي .. تبينيه أيلس نص ساعة كاملة ويا شلّتج المخبل ..! و الله ليظهرن عيونيه ..!!!

* * * * *

تعليم عالي ..!
رفعة في اسم هذا المكان تخجل أي قادمٍ لغير العلم ..
تعيّر كل طالبٍ لغير المعرفة ..
لكن من الوجوه ما لا يبالي بذلك ..
أرواحٌ أنهكها الفساد .. اللامبالاة .. و قلّة التقدير ..
أصبحت دور العلم مجرد أماكنٍ متاحة للتباهي بشتى الأشياء ..
و قد يكون أفدحها ما وُجد هنا ..
في منتصف المقهى المكتظ بطالبات الجامعة ..
ألصقت طاولتين عنوة ببعضهما .. إجتذبت إحتقار و خشية و إشمئزاز أغلب الأعين المرتادة للمكان ..
الضجيج الناجم عن تصرفاتٍ رعناء .. لا هدف لها سوى لفت الإنتباه ..
و التباهي فاضح بإنحرافٍ لم يكن الحرم الجامعي المكان المناسب له أبدا ..!!
تلك التي رفعت إحدى ساقيها المكسوّة بالبنطال في حركة معتادة أطلقت ضحكة رجوليّة فظّة .. يستحيل أن تنزلق من حنجرة فتاة ..
جرّت الكثير من الإشمئزاز الموزّع على الوجوه ..
و بضع رعشاتٍ أُرسلت على ظهور فتياتٍ كن يصدمن بما يرين هنا ..
لتقول الجالسة إلى جوارها بأريحية و هي تمرر يدها في شعرها القصير الذي استطال قليلا .. ليصل إلى حدود كتفها .. بصوتٍ غليظ .. مغتاظ ..
- حمدان ..؟! أشوف السالفة عيبتك ..!
أطلقت تلك - الحمدان - ضحكة مجلجلة أخرى .. قبل أن تلتفت و تمد يدها الغليظة في الشعر القصير للفتاة ..
- شيخاني .. أنا من زمان هب عايبتنيه حبيبتج الفارة .. مادري شوه شايفة فيها ..؟!
ارتفع حاجبي شيخة بحدّة ..
- الحين سالي فارة ..! عيل شوه أقول أنا عن عنودتك ..؟! هاي بقرة ..
ثم ألقت نظرة منتقدة على الفتاة الجالسة معهم على نفس الطاولة و المتشاغلة بحديث مع أخرى ..
- غادية درام .. و بالموت تتحرك .. شوه شايف فيها ..؟!
ابتسمت حمدة بخبثٍ مقزز و عينين متلهفتين تلتهم وجه الفتاة المشار إليها..
- من الراحة يا حبي .. مريحنها انا ..
.
.
.
شعرت بالغثيان يتصاعد فورا في حلقها إثر كلمات حمدة تلك ..
سرعان ما ضغطت على حنجرتها بقسوة .. لترسم ابتسامة كريهة على وجهها ..
كثيرا ما تسمع مثل هذه الألفاظ المقرفة تبدر عن حمدة التي لم تعد تنمق كلامها قط ..
تلقي أحرفها الهوجاء في نفس شيخة المهزوزة ..
مخلّفة دوماتٍ عملاقة من الكراهية داخلها ..
الآن تمارس طبيعتها التي تستند عليها .. و التي ترى أنها الشيء الوحيد الذي قد تكونه ..
تبتلع كراهيتها لبعض الأمور ..
ترتدي لا مبالاتها .. و تتقنها ..
فلا تكترث لأنظار الكثيرين ممن حولها ..و لا تهرّب العديدين منها ..
و لا لقلّة دائرة أصدقائها التي لم تعد تقتصر سوى على هدى و تلك الحبيبة الجديدة التي اتخذت ..
و مجموعة حمدة هذه ..
فقط قبل مغادرتها لمبنى الجامعة ..
عليها أن تمسح تكشيرتها الصبيانية تلك ..
و تخلع رجولتها المتقنة مع عباءتها ذاك الطراز المشقق الواسع الغريب ..
و تستبدل خشونة قماشها .. بنعومة واحدة تجيد دسّها في حقيبتها .. كالسر الذي تداريه عن عيني أخيها الأكبر ..
لم تصادفه بعد تلك المرة ..
لكن الرعب يمنعها من أن تظهر مجددا بحلتها تلك ..
علمت أنه قد يمزقها بدلا عن عباءتها في المرة القادمة ..
و لم يعد يفصلها سوى يومٍ على الأرجح قبل أن يترك لها البيت .. و الحرية ..!
.
.
لكن ليس كل ذلك ما يرهقها ..
بل هو الأمر الذي سيبدأ حتما مع الظلام كما اعتادت مؤخرا ..
ففي الليل يصبح للأصوات التي تعشعش داخلها ضجيجا لا يحتمل ..
و تبدأ تفاصيل حكاية رهيبة ..
كل ليلة .. تعيشها ،،
و تقتلها ..
ببطء ..!

* * * * *

- تحت ..!!
انفلتت همستها من شفتين قرمزيّتين وسط وجهها الشاحب ..
و قد بدت أشبه بالميتة و عينيها تتعلقان بوجه نورة التي أومأت موافقة و هي تكرر ما قالت للتو ..
- هيه .. يالس عند يدوه .. و تقولج انزلي سلمي عليه ..
ازدردت لعابها و هي تشعر بالإرتعاش قد بدأ يغزو جسدها ..
هذا حالها كلّما علمت أنها ستلتقيه ..
و أنها بعد لحظات فقط .. ستستلقي وليمة على مائدة الألم ..
ينهشها الخزي .. و الذل .. و الحرج البالغ ..
و التعاسة التي تتفاقم في روحها كلّما التقت عيناه الباردتين ..
ترى انعكاس كل ما حدث لها فيها ..
و تذكّرها .. و تؤنبها ..
و توغل في جرحها ..
لا تحتاج لأي ازدراء قد يعلو ملامحه لتفهم ما الذي قد يكنه لها .. أو ما الذي يراه فيها بالضبط ..!
متأكدة بأن البرود الذي اصطدمت بها خلال المرات المعدودة التي التقته فيها من يوم عقد قرانها به .. ليس سوى كراهية صامته لاضطراره إلى الإرتباط بها ..
بجبروتٍ هزيل راحت تدفن عبراتها التي انبثقت في حلقها .. و خلف جفنيها ..
ما الذي سيفيدها به البكاء ..؟!
بكت حتى جفّت دموعها ..
و لم يتغير شيء ..
لا زالت امرأة اغتيلت عذريتها .. و انتزعت طهارتها ..
ستساق لرجل لا يكن لها سوى شفقة كريهة ..
ليمنحها اسمه .. و ستره .. و بروده ..
فقط ..!
ستُعطى دون أن تطالب ..
لا حق لها في عيش حياةٍ طبيعية .. زوجة لرجل يرى آخر حدود الكون في مقلتيها ..
ينفحها من طيب المشاعر ما يدفء روحها .. و ينسيها البرودة التي جمّدت أيامها ..
لا حق لها في أن تكون إمرأة .. تُحَب .. و تُقَدر ..
كل هذا سلب منها ..
ستعيش لنفسها تحت ظلّ رجل لا ينتظر سوى انقضاء القليل من الوقت ليجلب غيرها .. فتقوم بكامل واجباتها نحوه ..
و تكون امرأة .. و زوجة حقيقية له ..
و عليها فقط أن تراقب ذلك ..
كيف ستستمر الحياة بالنسبة لكل من حولها ..
الجميع ستمضي به الخطوات ..
سواها ..
لقد سبق و أن توقّفت خطواتها عند نقطة واحدة ..
و انتهى كل شيء ..!
لن تكون يوما زوجة .. و لا أمــا ..
فقد كان الأمر واضحا .. و أصر زوج أختها على توضيحه أكثر ..
لا طلاق ..!
هذا رباط أبدي سيجمعهما .. و اذا كانت تنوي أن تستخدم أخيه كغطاء لبعض الوقت ثم التخلص منه ..
فعليها أن تنسى الأمر برمته ..
لأن زواجهم في هذه الحاله سيكون باطلا مفعولا ..!
و ها هي الآن على بعد خطواتٍ فقط ..
من سقفٍ سيجمعهما .. و ذلٍّ ستتجرعه كلما نظرت لوجه ذاك الرجل الذي ضحّى بحياةٍ طبيعية فقط ليستر عليها ..
منهكة هي ..
تعبت ..
ممزقة الروح .. و مضنية الأحاسيس ..
ستموت دون شك اثر ذاك الوجع الذي يضغط على قلبها ..
- عفاااااااااااااااااري ..!
انتفضت بغتّة و هي تواري لمعة الدموع في عينيها .. و تدير ظهرها لأختها و تلتقط غطاء شعرها الكبير ..
قبل أن تقول بصوتها المبحوح ..
- خلاااص بنزل الحين .. سيري انتي ..
غمزت نورة ضاحكة ..
- ما يحتاي تتكشخين .. قمرر بليا شي فديتج ..
ابتسامة ميّتة رسمتها على شفتيها و هي تقول بشحوب ..
- تبينيه أنزل كذيه للريال ..! بيتروع ..!!
ضحكت نورة ..
- ههههههههه .. ما شفتيه و هو متحرقص تحت .. كان نزلتي بكشّتج .. يا الله بسرعة .. شكله مستعيل .. لا تبطين عليه ..
أومأت عفرا مجددا ..
- خلاص سيري و انا الحين بلحقج ..
تركت نورة غرفتها ..و عفرا تجر قدميها نحو المرآة ..
تحملق في الوجه الأبيض الذي ينعكس في المرآة بلا لون ..
كآبة حُفرت في عينيها لا يلاحظها أحد .. سواها ..
و شقاء نُحت على جبينها .. سيرافقها ما بقيت حيّة ..!
ألقت رأسها على برودة المرآة .. و هي تهمس بصوتٍ أثقله همها ..
- اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ..
راحت تكررها مرارا ..
بعدد دمعاتها التي تكابد لردعها ..
و ابتساماتها الواهنة التي أتقنت توزيعها و ادعاء السعادة بهذا الارتباط البائس ..
.
.
.
اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ..
اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ..
اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ..
.
.
.
الكلمات التي لم تعد تفارق شفتيها ..
وصلت لنهاية حدودها الآن ..
و أُسقط في يدها ..
لا تستطيع تغيير قدرها ..
لا تستطيع سوى توكيل أمرها للرب ..
متيقنة بأن لن يخيب لها رجاءً أبدا ..
هي أبوابة التي لا تسد في وجه مخلوقٍ ..
دوما ..
كلما ضاقت بها السبل ..
وجدت خطواتها ترتد إلى طريقه ..
سبحانك ربي .. سبحانك ربي ..
فرّج همي .. و كربي ..
سبحانك ربي ..
.
.
ثقيلة هي دمعتها التي هبطت بحرارة على وجنتها الباهتة .. و مسحتها بظاهر كفّها ..
و هي تبلع جرعة من الهواء .. لتبرّد شيئا من اللهيب الذي يسكنها ..
لفّت غطاءها حول رأسها جيّدا ..
حتى الآن لم تعتد على إظهار وجهها و شعرها ..
و حمدت ربها بأنه لا يأتي الا برفقة أحدٍ من من إخوته أو أبناء عمه في أغلب الأوقات مما يضطرها للاستتار خلف غطاءها ..
و إخفاء انكسارها ..!
أجبرت نفسها على التحرك .. و في داخلها راحت تتوسل بأن يكون الوقت قد تأخر ..
و أنه قد رحل ..
لا تريده أن ينتظرها مرغما ..
و هي تعلم أنه سيكون أسعد بالذهاب و تجاهلها ..!
تتعاقب أنفاسها و الخطوات .. و المسافة تتقلص بينهما فيما هي تهبط السلم ..
لقاعٍ من الخيبة ..
لكنّ جبينها انعقد .. و ارتياح طفيف أخفته جيدا متسائلة عن سبب سير دانة في الردهة بلا غطاء ..
- شوه سار حامد ..؟
ابتسمت دانة بمكر و هي تقفز على عتبات السلّم العريض التي تفصلهن عن بعض ..
- لا ما سار لا تصيحين .. يرقبج في الميالس لي خاري ..!
لمع الخوف في عيني عفرا ..
- في الميالس ..؟!
- هيه في حريم بين عقب شويّه .. و أميه نورة قالت له يرقبج في الميلس ..
يا الله ..!
قاومت عفرا رغبتها في اغماض عينيها و التأوه بأسى و هي تومئ لدانة .. و تجر خطواتها نزولا ..
- خلاص أنا بسير أشوفه ..
و تجاوزتها متوجّهه للمجالس الخارجيّة ..
أ يكون حظّها أكثر سوءا ..؟!
الإنفراد به لن يكون أمرا طيبا ..
فإذا تجاوزت كرهها للأمر و خوفها منه ..
يبقى السؤال معلّقا ..
كيف سيتصرف معها حين يكونان بمفردهما ..؟!
.
.
.
.
.
.
.
.
زفر بقوّة .. و هو يرفع عينيه للسقف العالي المزخرف في المجلس الأصغر المخصص للرجال ..
لو كان له أن ينقاد لرغباته .. لتحرك مسرعا و استقل سيارته ..
ليتجنب لقاءها .. و نفوره .. و كل خيط بغيض من الشعور قد يلتف في داخله .. برؤيتها ..
لكنه مكبّل بشهامته ..
قدميه عاجزتان عن الرحيل و إحراجها أمام الجميع .. حتى و ان لم يعلم احد بذهابه ..
لم يستطع أن يترك خلفه احساسا فيها بأنه يمن عليها بتضحيته ..
حسنا هو اندفع في الموضوع و لم يكن مجبرا لسترها ..
لا ..
بل كان مجبرا ..
و ان أدار ظهره لطلب أخيه تلك الليلة .. لقضى عمره في خزي لا يفارقه و هو يدرك بأنه تخلّى عن عرضه ..!
الآن يكابد الضيق .. و البغضاء ..
و يبتلع غيظه .. ليتقمص البرود فقط ..
فرغم كل ما مرت به ستظل ابنة عمّه .. و لن يبدد جهوده لحمايتها .. و حماية سمعة عائلته .. في ثورة تافهة ..
سيجد اليوم .. و الوقت المناسب مستقبلا لتفجيرها ..
عليه أن يكون حذرا ..
و يخنق كرهه الصرف إزاء كل هذا ..
هناك حدود اذا التزمتها معه .. و استمر هو في تجاهلها .. سينجح الأمر ..
و مع الوقت .. سيستطيع طمس الموضوع في رأسه ..
و الإعتياد على وجودها كقطعة أثاثٍ زائدة عن الحاجة .. ثم الإستمرار في حياته بطريقة طبيعية ..
فيتزوج .. و يعوّض نفسه عن كل شيء ..
.
.
مهلا ..
ماذا عنها ..؟!
هل ستعيش أيامها معه بصمت الجدران التي ستجمعهما ..؟!
كيف ستقضي ما تبقى من عمرها و هي في أوله بلا هدف .. و لا قيمة ..
مجرّدة من كل حق في الحلم حتى ..؟!
لا يهمّه هذا ..؟!
لم تكن غلطته أبدا ..
و ليس السبب في ما حدث لها ..
و إن لم يكن خطأها أيضا .. ليس بيده شيء يمكن أن يفعله ..!
.
.
يرتفع رأسه بحدّة نحو الباب الخشبي الكبير الذي تحرّك مقبضه ببطء قبل أن يُدفع بهدوء و ثقل ..
سامحا لأشعة شمس العصر الزائلة أن ترسم ظلا طويلا .. للفتاة التي تقف بالباب مترددة ..
أشعة الشمس من خلفها تخفي تفاصيل وجهها .. و أي خلجة قد تمر بها ..
يضيق ما بين حاجبيه .. و حاجز من البرود يرتفع في مقلتيه .. يخفي كل ما يدور بخلده ..
حين تدفق صوتها الهادئ منزلقا عبر المساحة الكبيرة الفاصلة بينهما ..
- السلام عليكم و رحمة الله ..
المرة الأولى التي يختلي بها منذ أن عقد قرانه عليها ..
إذا تجاهل ليلة - الملكة - طبعا ..!
حيث كانت الدقائق الشحيحة التي جلس فيها مكرها أصعب لحظات حياته ..
و هو يشعر بأنه يساق لمقصلة ..!
لم يتحرك .. و لم ينهض حتى .. استمر في الجلوس مكانه .. جسده الطويل متحفّز بلا سبب ..
و عيناه تحدجانها ببرود يخفي كل ما يعتمل داخله من مشاعرٍ كريهة ..
يلتقط تفاصيل وجهها العادي .. و عينيها الملتصقتين بالأرض ..
لا يذكر أنه التقى بعينيها قط ..
عليها أن تشعر بالعار لما حدث لها ..
و أن تنتكس أنظارها ذلا ..
جيد أن تشعر بالخزي ..
هذا ما يجب أن تعايشه بالضبط ..
رد سلامها بجمود و هو يراها تجر أقدامها متقدّمة ببطء .. لتجلس على أقرب مرتبة منها ..
جميل ..
عليها أن تبقى بعيدة عنه قدر الإمكان .. و أن تلزم حدودها جيّدا ..
كانت التصلب الذي يرتديه قناعا على وجهه رحمة حقيقية لها .. و هو يخفي تحته كرهه لكل ما مرت به ..
و ما تذكّره رؤيتها ..!
ملامح وجهها غير واضحة أبدا و هي لا زالت تحني رأسها .. و تكاد أن تسجد لتقبل الأرض ..
يرى يديها تعتصران طرف غطائها بقوة ..
متوترة ..!!
هه .. يفوقها في ذلك ..
اذ يبدو أن ارتعاشا طفيفا راح ينال من أطراف أصابعه و هو يرتقب منها أن تتكلم .. قبل أن ينتبه لأنه من كان موجودا قبلها ..
لذلك وجّه السؤال عن الحال لها بفتور جلي .. لن يكون أكثر تحطيما لأعصابها ..
- شحالج ..
نفس الهدوء الذي يغلّف صوتها .. يثير عجبه ..
و كأنها لا تشعر بالحرج لمعرفته ما حدث لها .. و إقدامه على الزواج بها ..!
- بخير و سهالة .. شحالك .. ربك بخير ..
لا .. ليس بخيرٍ البتة ..
يشعر بكآبة لن تصدقها ..
و هو يتمزق ما بين رغبةٍ في الصراخ بوجهها .. و تمزيقها و لومها ..
و ما بين يقينٍ متعقل يدركه .. بأن لا ذنب لها ..
و ما بين شهامة ترفض أفكاره الرعناء تلك ..
لكنه دفع الأحرف من بين شفتيه عنوه .. و هو يمد يده ليمسه على لحيته بهمٍ جلي ..
- الحمد الله ..!
.
.
.
.
هل هي اشارة لها بأن الحديث انتهى ..؟!
لا يهم .. تجاهد فقط لابتلاع عبراتها المرتعشة .. لا تريد أن تنهار أمامه ..
و قرعات قلبها بدت مدويّة .. قد تصل لمسامعه ..!!
خائفة .. مرتبكة ..
و حزينة للغاية ..!
للمرة الأولى يختلي بها ..
و هذا الموقف سيكون نسخة لحياتها الباهتة القادمة بعد شهرين فقط ..!
بدا متململا .. و باردا للغاية ..
و اقشعر جسدها لنبرته الجليدية ..
في يوغل الوجع في أعماقها ..
يكره وجوده معها ..
يكره اضطراره للتواجد هنا .. و الإدعاء بأنه يريدها ..
يكره زواجه منها ..
و يكره ما حدث لها ..
و يكرهها ..
نعم .. لا تحتاج لوضوحٍ أكثر من برودته ..
ذاك الجمود الذي تصطدم به يمزّقها ..
سيكون العيش معه جافا بشكلٍ لا يصدق ..!
آه ..!
كم ستحتمل يا ترى ..
تحاملت على كل ما يعتمل داخلها من ألمٍ لتهب واقفة نحو الطاولة المنخفضة العريضة .. التي حوت على مختلف أنواع القهوة في منتصف المجلس ..
بيدٍ مرتعشة تلتقط فنجانا .. و تمسك بإحدى الحافظات ..
غرابة وجودهما معا لم تنسيها الذوق .. و حسن التعامل ..
و هي تتقدم خطواتٍ متعثّرة .. بعينين لا تخشى سوى التقاء وجهه ..
و قراءة احتقاره الجلي .. و النفور فيه ..!
ما إن أصبحت على بعد خطواتٍ منه حتى رفعت - الدلّة - تفتحها بخفّة ..
و هي تحكم أناملا مرتجفة على الفنجان .. و عينين كستهما غشاوة الوجع تراقبان انزلاق السائل الأسود الساخن في قاع الفنجان بخفّة ..
يملأ أقل من الربع ..
ثم تنتصب هامة - الدلة - مجددا ..
خطوتين أخيرتين تتقدمهما .. و هي تمد يدها بعينٍ لا تفارق الأرض .. حيث كرامتها تستقر الآن ..!
صوت خشونة الثوب ينبهها لحركة مفاجئة .. و هي تشعر بوقوفه دون أن تراه ..
و قبل أن تتفوه بكلمة واحدة ..
سبقها قائلا بنبرة ألجمتها .. و صوته الرجولي يقارب النّهر ..
- متقهوي ..
و أنصتت لوقع خطواته يتركها .. متوجها نحو الباب ..
متجاهلا .. يدها المرتجفة .. التي لا تزال ممدودة في الهواء ..
يبتعد ..
هاربا من واقعه .. و واقعها ..
يفرّ منها .. و من ثقل ما تحمل على أكتافها ..
الفنجان المهتز لا زال متأرجحا في الفراغ ..
و ذراعها الممدودة لا تتحرك بعد تركه و نفوره الجلي منها ..
فيما ينزلق دفء عبراتها الصامتة .. بذلٍّ خفي ..
تعضّ شفتيها .. و تلملم بأنفاسها المتهدّجة شيئا من كرامتها الممرغة ..
ما الذي توقعته منه ..؟!
أن يرضى بان يشرب من يدها فنجان القهوة ..؟! يستحيل ذلك بالطبع ..!
أظهر نفوره ببراعة .. و هو يرفض تلويث نفسه بأن يشرب شيئا مما تقدم ..
و كأنما يضع حدا فاصلا ..
و فكرة واحدة ..
.
.
ما بال ذاك الألم يتمدد .. و يتمدد في جوفها ..
يخنقها بقوة ..!

* * * * *

ألقت نظرة راضية على أظافرها النظيفة المرتبة .. و يدها التي اكتسبت نعومة واضحة خلال أشهر الراحة السابقة ..
ضحكت بخفّة ..و هي ترفع عينيها لأختها بالرضاعة التي استرخت على أريكة وثيرة في الغرفة الخاصة بمركز التجميل و هي تريح يدها على بطنها المنتفخ و تقول ..
- دوم هالضحكة شعندج ..
ابتسمت حور و لمعت عينيها بحماس حقيقي متألقا مع الإرتواء الذي بدا على وجهها الباسم و الوزن الذي اكتسبته خلال الأشهر الماضية و الذي أخفى نحولها السابق ..
كان وجهها ناعما للغاية بامتلاء خدّيها و اتساع عينيها بصفاء و هي تقول ..
- يختي .. أحس انها هب ايديه .. كأنهن مركبات .. حلوات أظافريه ..
ضحكت وديمة بمرح و اهتز بطنها ..
- حلوة هاي مركبة .. لول كنتي تهرين ايديج في الصابون و الشغل .. الحين الراحة بينت عليج .. حتى و انتي متنانة شويّة .. بينصرع غيث .. بيقول بدلتوو حرمتيه ..
هزت حور كتفيها بثقة ..
- لا حبيبتي .. قلبه دليله .. لو أزيد مية كيلووو .. تقول روضة انه يتحلفليه ع سالفة الشهرين ..
ابتسمت وديمة برضا ..
- ما عليج منه .. أحسن انج طعتي شوريه و قلتي لهم انج ما تبينه يشوفج قبل شهرين .. خليه يشفّق ع الشوفة و يتوله ..
اعادت حور غرتها للخلف ..
- فديتج و الله .. أحسن بعد .. عسب يحس انيه متغيرة.. و يشوف الإختلافات .. قبل و بعد ..
ثم ابتسمت و هي تخفض بصرها ..
تخفي شيئا ما قد يعلو عينيها و يفضح شوقها الكاسح لرؤيته ..
إذ يبدو أن قرارها بابعاده شهرين ارتد سلبيا عليها ..
تشتاقه بقوّة .. و تتلهف لرؤيته ..
بدا أن سنواتٍ مرّت مذ رأته آخر مرة ..
و أن عمرا بأكمله .. يفصلها عن موعد الزفاف ..!
صوت وديمة ينتشلها من غياهب الوله الذي يسكنها و هي تتنهد ..
- يقول عبيد نص ساعة و بيشلنا ..
ابتسمت حور بحب لها و هي تقول ..
- يا الله يلعنيه أسد عوقكم يا خوانيه .. متعبلين بيه .. حد وراه دوام و حد عنده امتحان .. و انتي وكرشتج ..
لوّحت وديمة بيدها تستخف بالأمر ..
- نتيمل فيج قبل لا نفرج ع هالمسكين لي بيبتلي بج .. هب كل يوم بتعرسين ..!

* * * * *

تأملت وجه المرأة الممسكة بالأوراق .. و الأخيرة تقول بايجاز بارد ..
- خلاص .. إدارة التحرير تراجعه .. قبل النشر ..
لم تكن عوشة أقل منها برودا .. ملامح جامدة تلك التي أولتها المرأة من خلف المكتب و هي تقول بلا مبالاة ..
- ما يحتاي .. يايبتنه من مكتب بن عميد و مراجعنه .. و وصل النشر مدبس ورا ..
ثم ألقت نظرة متكبرة للوجه المتفاجئ الذي قلب الأوراق على عجل .. قبل أن تقول دون اهتمام و هي تستدير ..
- سلااام ،،
تترك المكتب بالجفاء الذي اعتادت أن ترتديه قناعا لها ..
نظرة الجفاف و التصلب هي ما يسكن عينيها مؤخرا ..
و وجه منحوتٌ من رخامٍ ..
يخفي هشاشة الرماد المتساقط داخلها ..!
لم تكن رسالته تلك عبثا ..
كم أمضى من الوقت يا ترى و هو يصف فيها كلماته ..؟!
كم استغرق ليخلق رمح الأحرف ذاك قبل أن يغرسه في روحها ..
.
.
ضربة موفّقة يا حر ..
زلزلت ركائز حياتي ..
أزهقت الكثير من معتقداتي ..
لم تعد لي أسس ثابتة أقف عليها ..
أصبحت بلا وعي أبحث عن مرادف لكل جملة كتبتها ..
تقول بأني لا أعرف الحب ..
فأبحث حولي جاهدة عن وجه أحبّه ..
لأؤكد لنفسي بأنك لست صادقا ..
رغم جزءٍ من يقين يحذّرني بأنني أبحث عن تطابق لرسالتك لا أكثر ..
أشهر مرّت مذ قرأتها .. و لم أتجاوز صدمتي إلى اليوم ..
كل كلمة رحت أجد لها مبررا في نفسي ..
أتساءل إن كنت قد عرفتني يوما .. ام أنها رسائلي من كشفتني و جرّدتني بهذا الوضوح أمامك ..؟!
أنانية ..؟!
و مجنونة أخلق جوا من ألم لأغرق فيه ..؟
و أبحث عن سبب يائس لأتوجع من أجله ..؟!
حقيقة لست أعلم ..
لكنني لا أفتأ أن أعيد قراءة كلماتك كل ليلة ..
هوس ألمَّ بي ..
أو ربما رغبة ماسوشية غير مبررة .. تدفعني كل مساء لتمزيق روحي بالنصل الذي أرسلت ..!
.
.
تبلغ باب مكتبها .. الذي تشاركه عانسا تكرهها دون مبرر .. يمارسان فن الحقد كل صباح ..
و تتراشقان الأذى كلماتٍ كالحجارة ..!
لكن المكتب لم يحوي ذاك الوجه البغيض للعانس حصّة فقط ..
الآن تراه يقف امامها بجسده العريض موليا إياها ظهره .. و هو يميل على مكتب حصّة و يضحك ..
و يا لعجبها ..!
كانت العانس تضحك أيضا ..!
ضحكة لم تصادفها عوشة يوما منذ دخولها هذا المكتب ..!
بأصابعٍ متصلبة قرعت الباب تنبّههم لوجودها .. و هي تقول ببرود مع استدارة وجه الرجل إليها ..
- هااي ..
رفع الرجل حاجبه و هو يحدجها بنظرة رخيصة تمقتها ..
- هلا و الله ..
ثم أدار ظهره إليها ..
أشاح بعينيه عن فتنتها ليحدّث العانس ذات الوجه العابس .. و هو يقول ..
- يا الله الحص أترخص أنا .. شي فخاطرج ..
رفعت عوشة حاجبا متكبّرا و شفتها تلتوي ببرود .. و هي لا تزال واقفة قرب الباب ..
فيما تنتكس أبصار حصة في خجلٍ متقن و هي ترد بصوتٍ خافت بلغ مسامع عوشة .. التي راحت تلامس الكريستالات اللامعة المرصوصة على أطراف غطاءها المزين بشيء من العصبية ..
- سلامة راسك فلاح ..
فلاح ..؟!
هل تسمع صوت انهيار حواجز هنا يا ترى ..؟!
الحص .. و فلاح بلا أستاذ ..؟!
تنحت عن فرجة الباب سامحة للجسد العريض بالتقدم للأمام .. و المرور بجوارها تاركا المكتب ..
وجدت عيني حصّة تنتصب لتلتقي عينيها الساخرتين بنظرة متحدية ..
تهادت عوشة بدلال .. و ابتسامتها المحقِّرة تنبت ببطء على شفتيها ..
قبل ان تستوي في مقعدها .. تعلم أن عيني حصّة تتابع تحركاتها .. و تنتظر منها أن تلقي كلمة ما ..
لكن عوشة فضّلت أن تمنحها وقتا للاسترخاء قبل أن تنقض عليها و تخزّها بكلمة مؤلمة ..
لذلك منحتها لحظاتٍ طويلة راحت تقلّب خلالها جريدة اليوم بحثا عن عامود قلم حر الذي كانت قد قرأته صباحا قبل قدومها للعمل ..
لكنها لا ترتوي من نهل ما يكتب ..
عينيها تلتهم كلماته و كأنها تقرأ المقال للمرة الأولى ..
نفس الأسلوب العميق الجريء ..
نفس الحدّة الساخرة التي وجه بها رسالته لها ..!
ابتعلت أسطره في لحظات ..
و وجدت نفسها تقف عند نقطة في آخر سطر ..!
شيء من الخيبة و الترقب غزتها و هي تضع الجريدة ببطء شديد على الطاولة ..
الإحساس الذي يطالها كلما انتهت من قراءة شيء مما يكتب ..
لم تقتصر على ذلك فقط ..
بعد رسالتها تلك التي نسفت أسسها ..
و ذاك الضياع الذي ألم بها ..
شعرت بجوع فادح ينهكها لمعرفة شخص ذاك الحر الذي يقف وراء صلابة تلك الكلمات ..
عادت لأرشيف الجريدة .. تنبش مقالاته السابقة جميعها ..
تطوّر أسلوبه كان واضحا من بدايته المتعثّرة في مراسلاتٍ قديمة وجدتها باسم قلم حر ..
و كان أن وجدت طرف خيطٍ هنا ..
ليس بصحفي متمرسٍ إذا ..!
بدأ كمراسلٍ للصحيفة يعرض أفكاره بطريقة ضعيفة .. تطوّرت مع الوقت ..
هل التحق بكليّة الإعلام لاحقا ..؟! هذا ما لا تملك له إجابة ..!
لكن التطور في أسلوبه كان مذهلا ..
إذ يتبوأ مكانة مرموقة بين حشود أصحاب الكلمة في مختلف الصحف ..
يحوز على إعجاب الكثيرين ..
و كانت إحداهم ..
حتى قرر أن يوجّه سلاطة لسانه عليها ..
تلك الرسالة لم يكن بها شيء من الرأفة قط ..!
تعمّد تمزيقها بعناية .. و دنا من روحها و هو يفضح أشياءً لم تكن تراها في نفسها حتى ..!
ليشعرها بأنها عارية الروح أمامه .. كشفت نفسها بغباء جلي .. في محاولات رخيصة لجذب اهتمامه ..!
كل ذلك لا يهم .. تساءلت فقط لوهلة إن كان متعجبا من سكوتها و إحجامها عن الرد على تلك الرسالة ..
لأنها لا تدري حتى لما لم تفعل ..
أ لأنها رأت انه لا يستحق الرد .. و أرادت أن يشعر بذلك ..؟!
أم أنها وجدت أن الرد على هذه الرسالة في ثورة قد تفضح أي أثر خلّفت فيها ..
رغم كل ذلك ..
حيرة كبيرة تسكنها مؤخرا ..
خصوصا أمام إقرار ذاك الحر بأنها لا تحب غيث ..!!
لا تدري هل أخذت اقراره ذاك تقريرا لواقعها .. و حقيقةً لم تفهمها يوما ..
أم أنها ابتعلت الفكرة .. و راحت تقنع نفسها بها ..
كل ما تعرفه أنها تجد نفسها مبعثرة أمام كل تصريح أدلى به قلمٌ لا يعرف عنها سوى رسائل تكتبها لشخصٍ غيره ..
شخص لم تلتقه قط ..
فتجد أن تشكيكه في حبها منطقي ..
لتقف متسائلة ..
متى أحبت غيث ..؟! و لما ..؟ و كيف ..؟
ما الذي يجذبها فيه ..؟!
و متى وجدت نفسها تسعى خلفه ..؟
كل تلك الأسئلة علّقت بلا أجوبة ..
فبحثت عن سبب لتبرر وقوعها في حبّه ..
لتكتشف أنها لا تعرف عنه شيئا .. سوى انعكاس صرامة .. و خشونة وجه تخيفها أحيانا ..
و سطوة رجولة تذهلها في كل مرة تلتقيه ..
شيء من الدفء في ذلك ..؟!
بتاتا ..!
فقط وقع الإختيار عليه كي تحبّه لأنه كان مناسبا لذلك ..!!
و أمام هذه الفكرة تقف مطولا .. مذهولة ..
ماذا عن السنوات التي قضتها في الركض وراءه بلا جدوى ..
التذمر من تجاهله لها ..
تصريحها الخالي من الحياء الذي أجادت إطلاقه على مسامعٍ أخواته ..
و حتى خالتها .. و بناتها ..!
لم تفكّر قط في إخفاء شيء مما تعتقد أنها تكنه لرجل لم يكن يوما لها ..!!
أ لهذا وقفت طويلا أمام زوجته مصدومة .. و عاجزة عن الحقد أمامها ..
لا تنكر بأنها تنفر منها ..
و لن تدعي أنها تكن شيئا من المودة التي تكنها لأخواتها ..
في تلك الحور شيء من اللطف الذي يدفعها للتفكير بأنها قد تكون منافقة ..!!
قط تصد كل محاولاتها و أخواتها في التقرب منها ببرود ..
صقيع يخلّفه مرأى زوجته .. قد لا تكون قادرة على كرهها ..
لكنها لم تستطع قط أن تميل إليها دون أدنى سبب يذكر ..!!
الآن و بسبب كلمتين من رجلٍ لا تعرفه .. وجدت نفسها مذهولة أمام مشاعرٍ تتزعزع و تنهار تحت وطأة بحثها عن تبرير لما كتب ..
بدل من أن تجد فيها شيئا لتنفي كلماته ..!
و لم تدري سر تلك الرغبة الغريبة ..!!!
الآن و بعد سنوات يدنو الرجل الذي اقتنعت بأنها تحب و عاشت أياما سوداء في انتظار اهتمامه دون أن يكترث بها .. من الإرتباط الأبدي بامرأة غيرها ..
فتقف هي ببرود يجمد أوصالها .. تراقب كل ما يجري حولها دون إحساس ..
و كأن الزمن توقف ..
و لم يعد شيء آخر يعنيها ..
.
.
بقوة تنتزع نفسها من دوامة الخواطر التي تكاد أن تبتلعها ..
لا تفارقها هذه الأفكار مؤخّرا ..
تلتفت بحقد بارد للعانس التي استقرت وسط بعثرة أوراقها بتركيز ..
لتكشّر عن ابتسامة ثلجيّة محتقرة .. و تلقي نظرة مترفعة ..
أعطتها الكثير من الوقت لتسترخي ..
آن لها أن تخزها بإحدى أشواكها السامة ..
لذلك قالت بصوتٍ ناعمٍ حاقد و هي تدق سطح مكتبها بالقلم ..
- عوانس آخر زمن ..! الوحدة فاصخة الحيا .. ترابع ورا الرياييل من الياس لي صايبنها .. تتحرى انها بتلقط لها واحد ... ما تدري انها راخصة بعمرها .. و انها لو كسرت خاطر حد و عطاها ويه .. بس ياخذها تسلية و تقزير وقت .. و الا هي .. بفففف .. ما يت ع الخاطر ..!
و لوحت بيدها تلوي شفتها باشمئزازٍ مصطنع ..
و عيناها الماكرتين تلتقطان تصلب ظهر حصّة اثر قسوة كلماتها ..
تراها الآن و هي تضع القلم الذي كان بيدها في بطء شديد ..
ترفع رأسها بهدوء لتسحب نفسا عميقا ..
قبل أن تجر عينيها لتلتقي نظرات عوشة المحمّلة بالمعاني ..
و لصدمة عوشة ..
كانت تبتسم ..!!!!
العبوس الكريه الذي تعرفه لا يلوي ملامحها العادية كما عهدت منها ..!
تمهّلت انظارها صعودا و هبوطا .. في تقييمٍ محتقر استطاعت استعارته من عوشة التي ابتلعت خفّة دهشتها .. و هي ترفع أنفها ببرود في وجهها ..
قبل أن تقول حصّة بأعرف بطيئة .. أتت متقطّعة .. و متمهّلة .. تقصد هدفا واحدا ..!
- صدق عوانس ..! ما يخيلن .. و ما يحشمن عمارهن و لا هلهن .. شغلتهن صبغ الويه .. و الترقص عند الرياييل .. مرخصات بأعمارهن .. مطنازة للياي و الغادي ..!
الآن يرتفع حاجب عوشة ببطء أمام كلماتها ..
ما الذي تعنيه بما قالت ..؟!
و كأنما زحف الإستفسار على لسانها ..
تسبقها حصة للتفسير بسؤال ساخر ..
- الا ما قلتيلنا كم عمرج ..؟! ياا .. بنت العرب ..
التوت ملامح عوشة في شراسة .. و هي ترد بصوتٍ خافت ..
- هب أكبر عنج يا أميه ..
ضحكت حصّة .. بثقل ..
و تردد رنين قهقهتها الساخرة بهدوء قبل أن ترد بدلا عن عوشة ..
- كم يعني ..؟ 29 ؟؟ 30 ؟؟
صرّت عوشة على أسنانها قبل أن ترد ..
- 27 .. كبر وحدة من بناتج ..
ثم استدرجت بخبث ..
- أوووبس ..!! سوري نسيت انج هب معرسة .. و طافج القطار شرا ما يقولون ..
كانت ابتسامة حصّة واثقة و هي ترفع حاجبا لعوشة .. و ترد بخبث يوازي خبثها ..
- لا فديتج .. القطار لحقته أنا ..
و رفعت يسراها في وجه عوشة العابس بصدمة .. لتردف ببطء شديد ..
- الخوف ع لي ما لحقوه ..
و ألقت بنظرة طويلة نحو عوشة التي تجاوزت صدمتها و هي تستخف بها قائلة ..
- و منوه هالمسكين لي داعية عليه أمه ..!
لم تكترث حصة بكلماتها المباشرة و هي تحرّك الخاتم في إصبعها ببطء و دلال من يصغرها سنا بسنوات ..
- أستاذج ..!
قطبت عوشة بغير فهم ..
- أي إستاذ ..؟؟
انتصبت أنظار حصة بجرأة على وجه عوشة الحائرة قليلا .. لتقول بقوة ..
- فلاح ..!
فتنهار ملامح عوشة ذهولا ..!

* * * * *

كان ينظر لعينيه في مرآة سيارته الأمامية الضيقة ..
سحب نفسا عميقا .. و هو يهمس لنفسه في السيارة الخالية التي توقفت أمام بيت جده ..
- آحم .. كيف .. ؟؟ كيف ..؟! هيه ..!
ثم شد ظهره و هو ينظر للأمام مباشرة .. و يلوّح بيده متسائلة .. و هو يرفع صوته العميق بقوة ..
- شحاالج يا المها ..؟! ربج بخير ..؟
سرعان ما ارتخت يده و هو يكلم نفسه بعجب .
- شوه بظارب أنا .. شوه هالصريخ .. لا .. لا ..
سحب نفسا عميقا .. و هو يعاود النظر للمرآة .. مفكرا ..
- ليش أرمس .. بتسد الإشارة .. همممم .. ! هيه ..!
ثم شد ظهره مجددا .. و هو يصوّب نظرة قويّة للأمام .. و يلوّح مجددا بشيء من الحماس ..
ثم يشير بسبابته للأمام .. و يلوّح مجددا بحركة سؤال .. قبل أن يمسح على صدره بارتياح و يرفع إبهامه بعلامة النصر ..
ثم يبتسم ..!
سرعان ما مسح الإبتسامة عن وجهه و ينظر للأمام بتساؤل .. و ملامح الإهتمام تبدو على وجهه .. ثم يرفع يديه فجأة بتلويحة رفضٍ باسمة .. و هو يصرخ بأعلى صوته ..
- معزوم .. معزوم ..
و كأنما انتشله صراخه مما يفعل .. فنظر حوله لبرهة في دهشة .. و هو يستوعب أنه كان يكلّم نفسه للتو ..
يتدرب منذ قليل على كيفية سؤالها عن الحال ..
ليصل إلى رفضه المكوث إلى العشاء ..!
لا شك انه أصيب بالجنون ..
حك لحيته بحيرة ..
و هو ينظر بحذر حوله في السيارة الخالية و كأنما خشي أن يكون أحدا قد شهد ما حدث للتو ..
قبل أن يتمتم بذهول ..
- و الله انيه خبل ..!
ثم با غتته رغبة مجنونة في الضحك ..!
انفجر في ضحكة غير مصدقة .. راحت السيارة تضج بقهقهته الحلوة ..
قبل أن يمسح وجهه و هو يبتسم ..
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. شوه استوى بيه .. اخاف صدق خبلت بيه ..!
نشوة مختلفة تسري في عروقه .. تضج بها الأوردة ..
تبلغ قلبه ..
و تتغلغل في حنايا ..
و هو يفكّر فيها ..
في تلك الروح الملائكيّة .. و هالة الهدوء التي تلفّها كلما حضرت ..
في بقعة الصمت التي تنزوي في مكانٍ ما كلّما اجتمعوا .. فيجد كل خلجاته .. كل نبضاته ..
كل فتات إحساس..
يسكن ..
متحفّزا .. مترقبا .. لأي ايماءة قد تبدر منها ..!
يتلهّف لرؤيتها .. و لو كان حاجز أسود ثقيل يفصلها عنه ..
مجرد وجودها معه في نفس المكان .. يجعل للأنفاس مذاقا غريبا ..!
أغمض عينيه في محاولة يائسة لاسترجاع ملامحٍ كان قد صادفها مرّة ..
لكن ذاكرته لم تسعفه ..
كان الأمر أشبه بصورة تبتعد ..
تذوي في الأفق ..
يفقد خطوط تفاصيلها مع الوقت ..
حتى لم يعد يتذكر سوى إحساسه الغريب بعد رؤيتها ..
أصبح مرآها في ذاك العيد .. ليس سوى غلالة شفافة من المشاعر المبهمة .. التي تضخّمت داخله مع مرورها بكل ذاك التفكير ..
أ يعقل بأنه لا زال يوجد شخص بهذا النقاء ..
روحه صفحة من بياض لم تُلطّخ بأي من خبائث الدنيا .. ؟؟
أدرك فجأة أنه يبتسم دون سبب ..!
لا شيء يدفعه للابتسام .. رغم هذا لم يستطع أن يمحو غباء تلك البسمة عن وجهه و هو يجر نفسا عميقا لصدره ..
ثم يطلق تنهيدة مسموعة و هو يعيد ترتيب - الغترة - و يترنم بأغنية ما .. بصوتٍ متحمس ..
- يا عازف العود هيا .. زيدني دندنه ..
غن لي ليت اغني من غرامي معاك ..
اطرب قلوبن عاشت في الهوا مدمنه ..
تتبع الحب لو هو في دروب الهلاك ..
يشعر بخفقات قلبه تتصاعد الآن .. و هو على وشك النزول ..
يختار المساء لزيارة بيت جدّه التي أصبحت عادة متأصله الآن ..
بحجّة تنظيم بيت أخيه الذي كان قد انتهى منه الأسبوع الماضي ..
لكنّه يبحث عن أي حجّة الآن للوصول إلى هنا ..
و المساء تكون في البيت .. و ليست في المركز التي يعلم أنها الآن ترتاده ..
ارتدى نظارته جيدا .. و هو يبتسم لوجهه في المرآة ..
- و الله انك سنافي يا أحمدوووه .. بتتولع فيك البنية ..
ثم ابتسم بقوة .. و هو يشعر بالسعادة اثر هذه الفكرة ..
قبل أن يترجل من سيارته و هو يترنم بخفوت ..
- و احمل السر مني للملا و اعلنه ..
ما علي ان نشرته بين هذا و ذاك ..
المحبة تراها داخلي مزمنه ..
و لي احبه اشوفه في عيوني ملاك ..
.
.
.
يقرع باب المدخل الأمامي بقوّة تناغمت مع نبضات خافقه الذي راح يدوي بجنون ..
- هووووووووووووووود .. هووووووووووووووووود ..
لحظاتٍ طويلة قبل أن يفتح الباب الخشبي على اتساعه ..
- هداااااااااااا .. اقرب ..
ابتسامة طفيفة علت شفته و هو يخفض ناظره للأرض ..
- قريب .. السلام عليكم ..
تنحت الفتاة جانبا .. و هي ترد عليه ..
- و عليكم السلام و الرحمه .. حياك بو شهاب ..
- الله يحييج و يبقيج .. شحالج دانة ..
أصبح يميّزهن الآن ..
تردده المتكرر على بيت جده في الشهور الماضية .. أكسبته خبرة في تمييز أصواتهن ..
رغم أن حور و دانة و نورة يتقاربن في الطول .. الا أنه يستطيع تمييز كل واحدة منهن ..
و يعلم جيدا أن أطول بنات حمد هي زوجة حامد ..
و يعرفها تلك .. صاحبة الحضور الصامت ..
يكفيه اختلاج أنفاسه ليعلم أيهن هي ..!
- بخير الله يعافيك .. شحالك انته ..
- يسرج الحال يا بنت حمد .. حد عندكم ..؟؟
- لا و الله محد غريب .. هل البيت بس ..
قالها و هو يتقدمها للردهة الفسيحة ليميز مكان جلوسهم المعتاد ..تسقط عينيه على جدّته .. و على زوجة عمّه حمد التي لا تفارقها ..
فتاتين يختفين خلف أغطيتهن العريضة ..
و هن يقفن لحضوره ..
مزنة الصغيرة و أختها هند .. و نايف وقفوا قرب التلفاز الذي أوصلوا به لعبة الكترونية .. طُرحت أجزاؤها على الأرض حيث كانوا يجلسون قبل وصوله ..!
و لا أثر لأحد آخر ..!
سلّم بصوته الجهوري و هو يتقدّم مباشرة لنايف الذي دنا هو الآخر لسلّم عليه ..
و ارتد السلام بأصواتٍ متفاوته .. نبشت مسامعه بحثا عن صوتها بينهم ..
و هو يتقدم نحو جدّته ليسلّم عليها ..و هي ترحب به في حبور ..
- مرحب .. مرحب الساااع .. حيا الله بو شهاب ..
تراجع ليجلس في الطرف الأبعد بأريحية يمثّلها .. فيما راح فؤاده يرتعش ..
ليست هنا ..
يعلم أنها ليست هنا ..
- الله يحييج و يبقيج ..
تقدّم نايف منه يصب القهوة له ..
فيما عدن أخواته للجلوس بجانب بعضهن بعضا ..
نظرتين يسترقها ناحيتهن .. قبل أن يوقن بعد تبادلهن السؤال عن الحال معه بأنها ليست أي واحدة منهن ..
لقد أدرك الأمر بمجرد دخوله ..
أصبح خبيرا في جلوسها.. في قيامها ..
أحاسيسه كلها تستشعر وجود تلك الفتاة ..
و هي الآن ليست هنا .. و الا لما سرت الخيبة على طول شريانه ..
كلماتٍ مطوّلة راح يتبادلها مع جدّته .. و تواصلٌ تدرّب عليه مرارا .. يجرّبه على كنّتها ..
يريد أن يعرف أين هي ..؟!
هذه عفرا و نورة و دانة ..! أين هي ..؟ و لما لا تجلس كالعادة معهن ..؟!
حك لحيته بشيء من التوتر قبل أن يرفع عينه لجدّته مبررا حضوره في سؤال ..
- وينها حور ..؟ بغيت أتخبرها عن شي في البيت ..
لكن من رد عليه لم تكن سوى عفرا التي قالت بهدوء ..
- حور هب هنيه .. سارت هي و المها السوق ..
و كأنما علمت لما أتى إلى هنا ..
و أرادت تثبيطه بحق ..!!
شعر بالخيبة تعتلي ملامحه ..
و تسكن عينيه ..
و تفضحه ..
لكنه لم يكترث ..
كان مجيئه إلى هنا إهدار وقتٍ لا أكثر ..!
فلم يستطع حتى رؤيتها ..!

* * * * *


<<

 
 

 

عرض البوم صور ليتني غريبة  
قديم 14-06-08, 02:16 AM   المشاركة رقم: 228
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الاسطوره


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 71967
المشاركات: 63
الجنس أنثى
معدل التقييم: ليتني غريبة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 13

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ليتني غريبة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

يميل رأسها للأمام قليلا ببؤس ..
و ابتسامة ممزقة تستشهد على شفتيها المرتعشتين ..
فيما كفّها الصغيرة تعتصر الهاتف بين يديها ..
- صوّر العرس .. عرس الحريم و الرياييل .. أبا أشوف العرس كلّه ..
ليتدفق صوته العميق عبر الهاتف مطمئنا إليها بدفءٍ محب ..
- و لا يهمّج عمتيه .. بخليهم يسوون لج نسختين عن كل شريط .. و بطرش لج نسخة من شريط الحريم و نسخة من شريط الرياييل .. واضحة و كاملة .. كل شي بنصور لج اياه .. و كانج حضرتي العرس كلّه .. شرايج ..؟!
همست بابتسامة متألمة ..
- فديتك .. حلو و الله ..
لم يكن الامر سهلا عليها أبدا ..
ها هو أول أبناء إخوتها مقدم على الزواج .. أقربهم و أحبهم إلى قلبها ..
و الوحيد الذي التقت يوما ..
سيتزوج تلك الشابة التي دفعها للقائها يوما ..
ابنة أخيها الراحل ..
و لا يحق لها بأن تكون ضمن المدعوين .. و لا أن تشاركهم الفرحة ..
فقط ستجلس على كرسيها البارد بعجز .. تنتظر أشرطة الفيديو التي ستعرض الفرحة الماضية ببرود ..
تراقب الناس كيف يتفاعلون مع ذلك الحدث ..
و كيف تصلها سعادتهم متأخرة ..
متأخرة جدا ..
فهي تقف في آخر الصف ..
آخر إهتماماتهم ..
و حين يبلغها الدور .. تجد نفسها وحيدة في ذلك ..
فالكل قد قضى وقته ..
و رحل ..
لكنها لم تستطع أن تبوح بأحزانها الرمادية تلك و تفسد شيئا من فرحة غيث ..
فقط حاولت ادعاء المرح و هي تذكّره ..
- و صور بيتك .. أبا اشوفه ..
لكن المرح الكاذب لم يخدع غيث أبدا .. اذ كان رده هادئا و هو يقول ..
- و ليش أصور لج اياه .. بتشوفينه قريب ان شا الله .. و بتزوريناا فيه ..
هه ..
( و متى هذا الوعد ان كنتم صادقين ..؟! ) ***
شعرت بزيف كلماته تلك ..
هل يتهربون منها ..؟!
لم تكن لحوحة يوم و هي تعرف ظروف زوجة أبيها الصحية .. و صعوبة ظهورها على الساحة ..
لكن حتى متى ستقضي حياتها تحت الظل ..؟!
لا احد يعرف بوجودها .. لا أهل .. لا أصحاب ..!!
خرجت الكلمات مريرة من فمها .. و هي تتمتم بيأس ..
- هيه خير ان شا الله .. يا الله غيث .. ما بطول عليك فديتك ..
و كأنما شعر بتهربها .. قال بهدوء ..
- وين ..؟ رامسين ..
تنهدت دون أن تجيب ..
ليناديها ..
- ميعاد .. شي فخاطرج ..
ازدردت لعابها ..
الكثير يجول في خاطرها ..
الكثير من الأسئلة ..
- لا حبيبي .. سلامة راسك .. بس موعد ابرتيه .. خولة بتيي تعطينيه اياها الحين ..
و على ذكر اسم أختها خرجت آهته مستهزئة ..
- آهاا .. يا الله عيل .. بخليج أنا الحين .. فداعة الله ..
همست ببطء ..
- الله يحفظك ..
و انقطع الخط بينها و بينه .. معلنا انتهاء حبل الوصل الضئيل الذي يربطها بأهلها ..
.
.
.
.
و على إطار الباب يميل جسدها بنعومة و هي تستند عليه ..
عينيها المذهلتين تراقبان تعابير أختها البائسة .. فيما يضج قلبها بحقدٍ عميق خلّفه ذكرها لاسمه ..
ذاك الكره المتأصل الذي ليس سوى فشلها في التغلب على احساسها نحو رجل لم يجد سوى تحطيم قلبها ..
تكرهه ..؟!
حتى الىن لم تنجح في الوصول إلى هذه النقطة ..
لا زالت تتمزق حين تتذكر بأنه رماها مزدريا .. مفضلا فتاة أقل شئنا و جمالا منها ..
و لا زالت الليالي طويلة للغاية .. يمتد فيها التفكير به دون نهاية ..
حيث لا نوم .. مجرد تقلباتٍ مجنونة على فراشٍ كالجمر ..
و وجه واحد يسكن مخيلتها تجاهد لطرده ..
لكن حبّها ذاك تخلخله حقد عميق .. خلقه هو بقسوته ..
و امتزجت نعومة احساسها .. بجرح أنثى فقدت حقّها في الشعور نحو من تحت ..
لتكره ذكره في قمة توقها إليه ..
و تتلهف لرؤيته حين تشمئز من حضوره ..
نقيض غريب .. لم تستطع من خلاله سوى أن تبرز كراهيتها له أمام أختها ..
و يتفاقم حقدها اتجاهه ..
و هي تعلم أنه يستمر في حياته و كأنه لم يقترف شيئا بحقها ..
لم يدفعها للتعلق به .. ثم رميها كخرقة بالية .. اما أي ارتباط حقيقي قد يجمعهما ..!
لكن ذاك لا شيء أمام أكاذيبه لميعاد ..
دائما وعوده المراوغة التي لم يحقق منها شيئا ..
تلك الوردة الهشّة .. اخذت تبذل ببطء ..
يتساقط جفاف أوراقها تدريجيا ..
و يتسرب رونقها .. فلا تعكس مقلتها ألوانا للفرح ..!
و هذا ما دفع الفكرة المجنونة في داخلها للتضخم ..
ذاك الخاطر المتهور الذي يطال مخيلتها ..
راح ينتشر داخلها في يقينٍ مؤكد ..
ماذا لو فعلتها ..؟!
ماذا لو تجرّأت و أقدمت على ما تنوي ..؟!
سيغير ذلك الكثير من الأمور .. الكثير ..
أهمها سيكون ما يخص أختها ..
تراها تجرؤ ..؟!

* * * * *

في غرفتها الفسيحة التي أصبحت مجرد أكوامٍ من الفوضى .. حين توزّعت حقائب متعددة .. اكياس .. و صناديق شتّى ،،
فساتينٌ عدّة علّقت على الجدار .. حين لم تعد الخزانة تتسع لها ..
في مساحة ضئيلة خلت من أي تراكم لجهاز عرسها ..
جلست على ركبتيها و هي تضع اللمسات الأخيرة على وجه أختها بعناية ..
قناع كثيف من اللون الأبيض لم يترك فراغا سوى بقعتين حول عينيها الواسعتين .. و دائرة مستديرة حول فمها ..
فيما جمعت غرّتها الكثيفة إلى الخلف .. و ثبّتتها ببضع دبابيس ..
قبل أن ترفع حور رأسها بانتصار و تنظر لوجه أختها أخيرا ..
- يا الله خلّصت ..
التفتت نورة نحو دانة و عفرا اللتان تجلسان على يمينها بجمود و قد بدأ القناع على أوجههن يأخذ طريقه للجفاف ..
فيما لا يزال قناع المها نديّا .. و حور تتابع صبغ وجهها بذاك الخليط اللزج أمام المرآة ..
لا تدري لما واتتها رغبة مجنونة بالضحك .. لكنها تمالكتها بذعر ..
- حواري .. الحين لو ضحكت بيتيعد ويهي صدق ..؟!
أومأت حور و هي تتكلم بملامحٍ جامدة و شفتين متقلصتين .. تخرج الأحرف من بين أسنانها ..
- هيه .. لن الماسك لو جف ع ويهج و انتي تضحكين .. بتطلع خطوط الضحك ..
ردت دانة من بين أسنانها ..
- و ما بينفعج الا نكوي ويهج .. حور الله يغربلج .. أحس ويهي يابس ..! بسير أغسله ..
التفتت حور بوجه نصف مصبوغ بالخليط ..
- لا يا غبية .. يخترب .. لازم عشرين دقيقة .. بعدين صخن شويّه .. شفن مهاوي فديتاا .. كيف يالسة و ساكتة .. أحسن تأثير بيظهر عليها ..
رفعت عفرا عينيها من خلف القناع و هي تتساءل بصوتٍ خافت .. كأنما تخشى أن تفسد القناع ..
- ليش الحين الرمسة تخرب تأثير التغذية ..
أومأت حور لها .. لتردف عفرا بشك ..
- يالخرط ..!
تابعت حور صبغ وجهها .. دون اهتمام و دانة تدير عينيها في غرفة حور باشمئزاز ..
- حور .. حجرتج اتسد النفس الصراحة .. هب حجرة عروس .. شوه هالعفسة .. متى بترتبين ..
ألقت حور نظرة طويلة على الغرفة .. قبل أن تتنهد و تعود للمرآة ..
- يختي ما لقيت وقت .. من مراكض السوق .. و الصوالين .. و كل الخرابيط .. بعدين .. برقب أميه وديمة و أميه عذيجة و ودوم يرتبن ويايه .. أنا شوه درانيه بخرابيط ترتيب الزهبة .. المهم .. ابا منكن العون ..
لكن نورة سارعت بالرد ..
- خيبة .. اميه و خالتيه ،، و ودوم ما يسدن .. و عدج تبين العون .. لااا فديتج .. نحن بنفازع بو سيف .. حليله الريّال اليوم انتقل البيت .. يمكن يبا حد يعابل كناديره . و الا يرتب مكانه .. و الا يمشط شعره ..
رفعت حور حاجبا متجاهله القناع الذي يكاد أن يجف ..
- حلفي و الله ..!! بكفيج يا نوير في شعره ..
ضحكت دانة بخفة ..
- لااا حور انتي عروس .. شوه تبين بالقمل ..
قطبت حور بقوة .. و هي تلتقط مشطا من على طاولة الزينة و تقذفه بقوة نحو دانة ..
- أخييييييييه عليج .. و بعدين غيث ما فيه قمل .. الله يخسج ..
تفادت دانة المشط بسرعة و هي تقول بمكر ..
- شدراج انتي ..؟؟ لحقتي تفتشين شعره ..؟! هذا قبل العرس و تعرفين تفاصيله .. عقب العرس شوه بتسوين ..
احمر وجه حور بشدة تحت القناع .. و يدها تبحث عن شيء تقذفه عليها ..
- جب .. جب .. جب .. يا الطفسة .. عنبوه وين وصلتي عدج ياهل ع هالسوالف ..
- الله يا الدنيا ..!! الحين أنا ياهل و انتي العودة .. أحيد ما امبينا فرق يا حور .. تكبرتي يوم طلعن لج خدود و بتعرسين ..
لكن حور التي انتهت من صبغ وجهها تقدمت لتجلس بين عفرا و المها على الأرض .. متجاهله ملاحظة دانة .. و هي تتساءل بصدق ..
- أبا أعرف ليش ما تعايبن ع عفاري شراتيه .. ما قد شفتكن تعلقن عليها ..
ابتسمت نورة لعفرا التي راحت تلامس القنع الجاف باناملها الحذرة ..
- عفرا ما تستحي شراتج .. و انتي ما نييب طاري طرزان الا و تعصبين و الا ويهج يشب ضووو ..
نظرت حور لعفرا بمكر ..
- عيب عليكن .. شوه تقصدن .. ان عفاري قليلة أدب و ما تخيّل ..؟!
اتسعت عينا نورة بصدمة ..
- حور يا بنت اللذين .. لا تغدين فتانة شرا مزنووه ..
ضربتها حور بخفة ..
- لا تقولين مزنوه فتانة ..
لكن دانة هبت واقفة باصرار ..
- فتانة و نص و ثلاثة أرباع .. اول أمس هي لي خبرت يدي سيف اننا تعبثنا بالمكتب ماله .. عنلاتهاا .. و الله انيه قفطت من الخاطر يوم تم ايطالعنا كأنا يهّال ..!
قالت حور ببرود ..
- و انتن يهال .. و الا شوه لكن تحدرن المكتب .. ؟؟ يا الفضول لي فيكن ..!!
نظرت لها دانة شزرا ..
- لااا اظاهر وايد كبرتي حور في هالشهرين .. الله يستر باكر يوم بتعرسين و تييبين درزن يهال شوه بتقولين عنا .. المهم أنا بنزل ..
ضاقت عينا عفرا ..
- تنزلين وين يا الخبلة ..؟ طالعي ويهج و لا كاسبر ..
ابتسمت دانة غير مبالية بالخطوط المتشققة في القناع ..
- هذا المطلوب .. بسير أروع مزنة و هنودة و نايف .. يلعبون سوني تحت .. من ياب غيث هالسوني و هم ماخذينه عبادة أعوذ بالله .. بس براويج ..
حذرتها حور ..
- أخاف تروعين أميه نورة و تجلطينها يا بنية ..
.
.
.
.
التصقت بالجدار و عينيها تراقبان ظهور الثلاثة اللذين تعلّقت أعينهم بالتلفاز .. كان نايف ينهر مزنة التي لم تنجح في تعلّم اللعبة بعد كما تفوقت فيها هند .. مد يده يضغط زرا في الجهاز القابع بين يديها ..
- ما تفهمين انتي .. اضغطي اكس .. افف .. منوه لي يباج تلعبين .. آخر دور لج ..
لكن مزنة قالت بصوتٍ طفولي ..
- هب ع كيفك .. بلعب دور بعد عقب هذا ..
- أنا أمج لو لعبتي .. خلصي هالدور يا الله .. و عطي هند ..
لكن هند اجابت بهدوء ..
- لا .. خلها تلعب دور بعد .. عسب لا تغثنيه خلاف أونه دورها ..
لكن نايف صرخ فجأة ..
- لفيييي يا الحولاااا .. لا ادعمين الدكتور .. ما اتشوفين انتي ..؟!!!!
تحركت دانة بخطواتٍ بطيئة تجر قدميها نحوهم .. ابتسمت بمكر و هي تقف خلفهم تماما ..
يجلسون على أرضية الردهة الفارغة .. منشغلين باللعبة دون أن يشعروا بها ..
تعلم أن جدتها تجلس على - الدكة - الخارجية برفقة أمها الآن ..
لذلك لوت ملامحها بعنف و هي تشعر بالجفاف .. قبل أن تصرخ بقوة مطلقة عواءً مريعا ملأ الردهة الخالية ..
و انتفض الثلاثة برد فعلٍ بارد لم تتوقعه ليلتفتوا لها بجمود و هي تقول بضحكة شيطانية ..
- وااااااااااااااااا .. باااكلكوووووووم ..
رفع نايف حاجبا باردا .. و هو يعيد نظره للعبة دون اكتراث ..
- ما عند أمج سالفة ..
وضعت دانة يدها على خصرها .. و مزنة تنظر لها بحذر ..
- الحين بتقوليه انك ما تروعت ..
لم يرد عليها و هند تنظر لها باهتمام ..
- هذا روب ..؟!
- لا خلطة سرية .. نحط شوية من دم مزنة لي يمصونه مصاصي الدماء في الليل و هي راقدة ..
لكن مزنة ترفع رأسها بشمم ..
- ما يخوف .. أصلا مصاصين الدماء هب صدقيين ..
- عيل شوه .. كذبيين ..؟؟
- هيه .. بس أفلام .. و خريط .. أنا ما أخاف ..من الأفلام ..
و أدارت ظهرها ..
كانت ردة فعلهم محبطة للغاية و هي تدير ظهرها عائدة للدرج بغية غسل وجهها ..
- أقول ماالت عليكم بس .. مرررة ما فيكم براءة الطفولة ..!!
لكن عدة خطوات تلك التي تقدمتها قبل أن تشعر بثقل الأقدام التي تمشي خلفها لتلتفت بتلقائية نحو القادم ..
لا يفصلها عنه سوى خطوتين لتصدم بوجوده و تطلق صرخة مدويّة متفاجئة .. مع ارتفاع العصا التي يمسكها بيده هو الآخر بمفاجأة .. و عينيه المصدومتين تتسعان بارتياع و صوته يزأر ..
- أبوووك يا علي ..
تجمدت العصا في الهواء مع وضعها يدها على صدرها و هي تلهث بخوف و تقول باندفاع ..
- روعتنييييييه ..!!
ضاقت عينيه على وجهها حين ميّز من هي ليقول بصوته الذي لم تفقده السنوات قوّته ..
- شوه هالخياس لي حاطيتنه ع ويهج ..
تذكّرت فجأة كيف يبدو وجهها ..
لتضع يدها على فمها و تستدير راكضة نحو السلّم بسرعة ..
تاركة جدّها .. يتابع قفزاتها على عتبات الدرج بذهول ..
مجنونة ..!
أخافته بتلك الهيئة التي لم يتوقّعها ..
تذكر صدمته و رفعه لعصاه بخوف .. و صراخها المتفاجئ المبالغ فيه ..
قبل أن تلتوي شفتيه بابتسامة خفيّة و هو يهز رأسه متوجّها نحو للخارج ..
.
.
.
.
اقتحمت الغرفة بقوة .. لتصرخ حور بسرعة ..
- بطلييييي الباب شوي شوي ..
أغلقت دانة الباب بقوة .. متجاهلة صرخة حور و هي تضع يدها على صدرها لاهثة ..
- أويييييييييه .. عنلاااااااااتكن .. ابويه سيف شافنيه .. و روعته ..
ثم سكتت و هي تنظر لهن مصدومة ..
قبل أن تستوعب الموقف الذي حدث قبل قليل .
و تضحك بقوّة ..
لقد أخافت الرجل بحق ..!
هزت حور رأسها بيأس ..
- الله يفضحج .. فضحتيناا في الشيبة ما بيبات الليلة من الروعة ..! و الا هذا ويه آدمية ..!!

* * * * *

كان اعتراضهم مدويّا ..
و النقاش يحتد ..
تلويحاتٌ غاضبة لا تنتهي .. و تجهّم كسا ملامح الجميع
أصواتهم الغاضبة ترتد عن جدران مجلس بو علي .. و هم يتراشقون الكلمات بقسوة ..
كلٌّ لديه رأي يعتزم فرضه ..!
وحده يمد ساقيه الطويلتين بأريحيّة .. ابتسامة متهكّمة تتلوى على شفتيه .. و هو ينظر لهم بسخرية باردة ..
يده ترتاح على إحدى ركبتيه .. و بالأخرى يمسح لحيته ..
و كأن كل ما يجري لا يعنيه ..!
عاد عمّه سعيد للإعتراض بقوّة .. في وجه جدّه الذي استقر بملامح جامدة قربه ..
- تمليك ..!!! نحن عيالك .. مسوين شراكة امبيناا .. في المجموعة .. و انته تبا تملّك غيث الشركة اليديدة اروحه ..؟!!!! يا بويه شوه هالرمسه الله يهديك ..! ما يستوي .. الحلال واحد و نحن شراكه فيه .. ما ايوز تكتب لغيث الشركة ..
أيده أحمد بهدوء ..
- يا بويه خلنا نظم الشركة اليديدة للمجموعة .. و غيث يتم رئيس مجلس ادارتاا ما عدنا خلاف .. بس التمليك صعبة و الله .. - ثم التفت لأخيه الأكبر - و الا شوه الشور يا بو غيث ..؟؟
كان علي أكثر دقّة و هو يقول لأبيه ..
- لو بتكتب لغيث شركة .. اكتب لكل واحد من العيال شركة بعد .. لا تبدي غيث عليهم ..
لكن ملامح الرجل العجوز .. تصلّبت في تجاعيد قاسية .. و هو يزأر بصوته ..
- العيال ع قولتك .. ما قبضوا شركة من صغرها و كبّروها شرا ما سوى غيث .. غيث دافن عمره من ثلاث سنين في هالشركة .. و انتو لا هين بأشغالكم .. محد وصلها للي هي فيه غيره ..
اتسعت عينا سعيد ..
- حلال هله .. و هو لي بغى يستلمها .. ما سوى غير المطلوب ..
أعاد الجد ظهره للوراء .. و هو يلتفت لأصغر أبناءه .. مزمجرا ..
- هاا يا مطر .. ما عندك شي تقوله انته بعد ..
استدارت الأعين كلها اتجاه مطر الذي كان يعتكف السكون منذ بداية الجلسة .. قبل أن يهزّ الأخير رأسه بهدوء ..
- الحلال حلالك يا بوية .. و برايك .. سو لي تباه ..
تجاهل بو علي صيحات الإعتراض من أبناءه الكبار .. و هو يشخص ببصره نحو ابنه الأصغر برضا ..
- يعني تعرفون انه الحلال حلالي .. و أنا هالحلال بشل منه شويّه .. و بعطيه غيث .. لنه يستاهل .. و لي من العيال .. بيغدي ريّال شراته .. و قد الحمل .. يبشر بالخير .. و له لي يبا ..
.
.
بلا اكتراث ..
يراقب من خلف صمته الصد و الرد .. تبادل الكلمات .. و الإعتراضات ..
طرق مختلفة راح أعمامه و أبوه يتخذونها لإقناع جدّه بالمثول لرأيهم .. و العدول عن قراره المفاجئ في منح الشركة لغيث ..
غيث الذي كان باردا .. متباعدا .. و واثقا ..
بأن الشركة ستؤول إليه في النهاية ..
و لا يمكن لأي أحد أن يؤثر على قرار جدّه ..
تلك الأموال التي أنشأها حق مكتسب آن له أن يحصده الآن ..
و لا شيء اطلاقا سيوقفه عن ذلك ..
حتى و ان غيّر الجد رأيه ..
سيلوي ذراعه قليلا فقط .. و يحصل على مبتغاه ..
يعلم جيّدا ما الذي تعنيه له ابنة حمد ..
تلك الشابة و عائلتها نجحت في تعليق جدها بهم ..
ليس جدّها فقط ..
الشهرين اللذان أصرت على فرضهما ليفصلاه عنها قبل الزواج جعلته تواقا لرؤيتها من جديد ..
و بثّها كل تلك اللهفة المجنونة التي راحت تعربد في صدره ..
كم يبدو الأسبوعين طويلين للغاية ..
ممتدين بلا نهاية ..!
متى سيلتقيها من جديد .. ليروي عطشه الغريب لرؤيتها ..
كلما فكر بأنه قليل من الوقت فقط .. و ستصبح له ..
وحده ..
تنتشي الروح منه بقوّة ..
بحاجة لأن يشعر بأنها له ..
و سيمتلكها عمّا قريب ..
حينها سيعرف فقط ما الذي يجعله عاجز الإحساس أمامها ..
غير قادر على تفسير خلجات نبضه كلّما اقترب منها .. أو داعب مسامعه دفء أنفاسها ..

* * * * *


- أقولك سويت له ترتيب ع كيفك .. كل الديزاينات لي هو طالبنها كنسلتاا ..و بدَّعت فبيته ..
رفع هزّاع حاجبه و هو يستمع لصوت أحمد في الهاتف .. فيما عينيه معلقتين بأخويه اللذان تقاربت رؤوسهما في حديث هامس ..
- اممممفف عليك .. و منوه يباك ترتب ع كيفك ..؟! انته ذوقك خايس .. ما تعرف الأصفر من الأحمر ..
ضحك أحمد بثقة ..
- و الله تكذب عينك يا ولد سلامة .. بنتلاقى في العزيمة لي فبيت أبوية سيف الليلة .. و براويك اياه ..
تساءل هزاع ,،
- و غيث ما قد شافه ..؟!
- أمس شل قشاره من بيت أبويه علي و حطه فبيته .. خلاص باقي اسبوع و شوي من العرس .. و البيت خالص .. تباهم يزفونه من بيت ابوه لبيته شرا الحريم ..
ابتسم هزاع بمكر ..
- بتقوليه ان هذا لي مخلنه مستعيل ع الردة .. و الا الشوفه لي حارمينه منها شهرين زودت الحماس ..
- شكله و الله ..!
- و شوه قال عن البيت ..؟؟
- عيبه وايد .. حتى بغى يصكنيه طراق من الفرحة ..
- ههههههههههه و تقول عيبه ..
- لا انته ما تعرف غيث خوية .. كل شي عنده بالقوة .. يعني لو ينفخك ببكوس ع عينك اعرف انه يبا يقولك شكرا ..
ابتسم هزاع ببساطة ..
- الله لا ايملني عنده .. أخاف يكسر ضلوعيه لو سويت له خدمه ..! المهم .. لا تغير السالفة يا صبي .. انته حالك هب عايبنيه ..
تدفقت الحيرة مع صوت أحمد و هو يتساءل ..
- أي حال يا بو سلطان ..
أخفض هزّاع صوته و هو ينقل بصره لوجه أمه الت حرّكت برقعها بهدوء .. منشغلة بالأخبار التي تعرض أمامها في شاشة التلفاز ..
- تعرف عن أي حال أرمس .. يوم انك مخلص بيت خوك .. ليش المسايير لي مالها راس قدا بيت ابويه سيف ..؟!
هدوء عم لثانية قبل أن يعقبه أحمد بضحكة خفيفة ..
- الحين برّي في يدي و يدتيه ماله راس ..؟
التوت شفتي هزاع بمكر ..
- و هالبر ما طاح عليك الا يوم يو قوم عميه حمد ..!
- شوه قصدك ..؟!
- لا تسوي عمرك هب فاهم ..
لكن أحمد راوعه ..
- أقول أنا ببند الحينه .. عنديه خط ..
- خط منوه أنـ ....
قاطعه أحمد ..
- بنتلاقى في العزيمة .. و اهذر ع كيفك ..
و أنهى المكالمة دون انتظار الرد من هزاع الذي لوى ملامحه بضيق .. قبل أن يرفع رأسه لسيف الذي لا زال مستغرقا في حديثه الهامس لحارب ..
- حوووه يا مطوع .. ما تعرف انه ما ايوز يتناجى اثنين دون الثالث ..؟!
رفع سيف بصره اتجاه هزاع قبل أن يتساءل بابتسامة وقور .. و هو يمسح لحيته الطويلة ..
- و منوه الثالث .. انته و الا الوالدة ..
نظر هزاع لأمه المشغولة بالتلفاز ..
- لا الوالدة تتناجى ويا التلفزيون .. انا الثالث .. شعندكم ..؟!
تنهد حارب و هو يمد ساقيه الطويلتين .. مجيبا بهدوء ..
- عندنا الخير يا بو سلطان .. انا أبا اشتري موتر يديد ..
قطب هزّاع ..
- و اللكزس ..؟!
هز حارب كتفيه ..
- ما تمشي ويايه يا بويه .. هب مرتاح لها .. ابا أبدلها ..
رد سيف عليه بقوة ..
- و انا قلت لك انه هب لازم ترتاح فيها .. اتقوا الله من الاسراف لي انتم فيه .. الواحد منكم يبدل موتره مره في السنة .. و غيركم هب محصّل يركب تكسي ..
رفع هزاع حاجبيه ..
- الحين نحن عدنا الإسراف ..؟! شوه نقول و انته لي عندك جاكوار .. قيمتاا دبل موتر حارب ..
عقد سيف حاجبيه ..
- و الله انا هب شراتك لو أسرح دواميه ع سيكل .. ما عنديه خلاف .. و انته تعرف ان موتريه .. هديّة من ابويه سيف .. و مقزر به أربع سنين .. هب شراتكم ..
أومأ هزاع باحترام لأخيه الأكبر .. و يرتشف حارب قهوته بهدوء .. حين اخرج سيف هاتفه الذي صدح رنينه من جيبه ..
يطالع الشاشة باهتمام .. قبل أن تلمع عينيه بشكلٍ فاضح ..
و هو يهب واقفا ..
ليدرك هزّاع هويّة المتصل فورا .. و يغمز لحارب بخبث ..
- وين يا بو هناد .. ما خلصت المحاضرة .. أنا ببدل موتريه بعد ..
اعتلى الارتباك وجه سيف و هو يقطب بسرعة .. مشيرا بهاتفه ..
- برد ع المكالمة ..
و هرع ليخرج من الصالة ..
حين انفجر هزّاع ضاحكا .. و حارب يراقبه بهدوء .. و يهز رأسه ..
- و الله انك غثّة .. لازم تحرجه يعني ..

* * * * *

سواد ..
و نبض ساعةٍ يخترق ذاك السكون ..
يدوي مع كل ثانية تنزلق ماضية ..
معلنة تقلص قليل فقط .. من ذاك الليل ..
.
.
في رُكنٍ من عتمة ،،
بعيد عن متناول إكتراثهم أو أدنى ملاحظة ،،
تنزوي هي ..
و تلتهم ضميرها ..
في الظلمة التي تغرق جو غرفتها بعد أن انتصف الليل ..
نفس الظلمة التي تلف روحها الآن ..
تستعيد كل ما فعلت اليوم ..
كل كلمة .. و كل حركة .. و كل لحظة ضيّعتها في رفقتهم ..
لا تعلم لما هي منجرفة لكل ذلك ..
لما تنقاد لرغبتها الشاذة تلك ..؟!
لما تقطع عرقا حيّا يضج بقيمٍ تسكبها أرضا ..
و تطمس أصوات صاخبة كانت تعترض على ما تفعله ..
كانت ..!
أما الآن ..
ففد بدأت تخفت مع الوقت ..
يبتعد صراخ الضمير الذي أمعنت في خنقه ..
لم يعد منه سوى حشرجة باهتة .. تبلغها بعد عناء ..
لتشيح بأيامها بعيدا غير مكترثة لها ..
تنقاد لهن .. تفعلن ما يفعلن بطيب خاطر ..
مسرورة لعودتها إلى حالها المعتل الأسبق ..
كل ذاك التباهي بمظهرها ..
و بما هي عليه ..
كل ذاك التكبر الفارغ .. و التحدي ..
تستلذ لنظرات الإحتقار التي تنعكس في أعين الكثيرات ممن يرتدن الجامعة ..
و سعيدة بارتباطها القوي بذاك الحمدان ..
لكن لما ..؟!
إذا انطفئت الشمس كل مساء ..
و انزوت في غرفتها ..
تطالع جدرانها بذعر غير مفهوم ..يتعاظم في نفسها ..
لتتضخم الصور التي مرّت يها في يومها ..
فتصير نظرات الإحتقار تلك مُمَزِّقة ..
و تصرّفاتها مشينة و مقرفة ..
و تخاف ..
تخاف كثيرا حين تختلي بنفسها ..
فيبدأ ضميرها المحتضر بالعواء مؤنبا ..
.
.
تندس الآن تحت غطائها .. لتغرق في السواد أكثر و أكثر ..
و كأن العتمة تلك لا تكفيها لتختبئ من نفسها ..!
ما الذي تسعى إليه ..؟!
ما الذي تريد أن تثبته ..؟!
.
.
ستنقضي ليلتها هذه .. ككثيرٍ من ليالي تمر بها ..
عينيها الجاحظتين أرقا في الظلمة .. ستستقبل خيوط الفجر الأولى بوهن ..
فصخب الأصوات المتقاتلة في نفسها يمنعها من النوم ..
السهد الذي أصبح ملازما لها كثيرا .. تقضيه في نهش ذاتها ..
لا تنام ..!
لا يداعب جفنها نعاسا هانئا ..
فقط ذنب يتضخم كفجوة تتوسط روحها ..
يهوي فيها كل طيب تحتضنه داخلها ..
و ما أقل ما تحمل من ذاك ..؟!
تعيش منفصلة الآن .. وحدها ..
كل يلهث وراء دنياه ..
و تلهث هي وراء خرابها ..!
كل صبحٍ تنطلق لتشذّ عن الطريق الذي تفرضه عليها النفس ..
ليأتي الليل حاملا معه ملامة ما فعلت ..
فتقضيه ما بين ملامه .. و تأنيب ..
شعرت بأن العفن ينتشر في نفسها ..
و أنها وسخة جدا ..!
لا تدري لما تستمر في هذا ..؟!
و لما يزول الرضا بزوال النهار ..؟!
.
.
تكره نفسها ..
تكرهها ..
لا تريد أن تكون هي ..
كم تتمنى الإنسلاخ عن هذا الجسد الحقير .. و هذه النفس الآفنة ..!
تشعر بأنها ضائعة ..
ضائعة .. و تنزلق فيما لا تدري كنهه ..
أما من يدٍ تنتشلها من كل ذلك ..؟!
سئمت ضميرها المستميت همسا مذبوحا تتجاهله ..
و ضاقت ذرعا بالتفكير الذي لا تتوقف عنه ..
تريد راحة ..
القليل منها ..
.
.
متى سيسكت صوت ضميرها ذاك ..؟
و تتوقف عن التفكير المجنون الذي يرهق عقلها ..
و تستقر روحها ..
و تنام ..؟!
.
.
متى تنام ..؟!
متى ..؟!

* * * * *

راقبت حور حركتهن النشيطة في المطبخ ..
المها تقف في الزاوية مشغولة بتزيين الليمون .. و تقطيع أنصافه لنجوم ..
فيما راحت دانة تصف أوعية اللبن ..
و نورة و عفرا ينهين تقطيع السلطة بدل الأربعة خادمات اللواتي انشغلن بالغسيل ..
كانت تجل على مقعد مستقيم الظهر في المطبخ الفسيح .. و هي تقضم تفاحة بعد أن أصبحت ممنوعة من فعل أي شيء تحت مسمى - عروس - .. ابتسمت لهن بحبور و هي تردد عبارات التشجيع ..
- بعدي و الله .. حي ذا الشوف .. عاشن بنات حمد ..
التفتت دانة و هي تصف الصحون .. و تسألها ..
- فرحانة يا العروس .. شوه يابج المطبخ .. مسويه زحمة و الشارع فاضي .. لا بتساعدينا و لا شي .. بس بتغثينا بمنظرج و انتي مرتاحة و نحن نكرف ..
- أوففف .. الحين قص السلطة و صف الصحون كراف ..!! الله يرحم زمان أول .. يوم نطبخ الذبيحة كاملة في البيت .. و تذوبن من الحر .. و لا حد منكن تشتكي ..
ردت نورة ..
- تذوبن اونه .. شوه آيسكريم .. بعدين تعالي قصي السلطة و انتي واقفة .. عنبوه نملت ريليه .. و انا على حيليه ..
أشارت لها عفرا برأسها ..
- خلاص عيل يلسي .. أنا بخلص لي باقي ..
هرعت نورة تغسل يدها قبل أن تلقي بجسدها في الكرسي المجاور لحور ..
قبل أن تلتقط تفاحة من السلّة التي توسّطت الطاولة المستديرة ..
- و أنا أقول شوه نافخ ويهج .. ما تقولين غير بوتكس .. ثره التفاح .. أحيد وحدة من ربيعاتيه قالت ليه ان التفاح ينفخ الخدود ..!!
رفعت عفرا حاجبا ..
- معلومة يديدة ..
ضحكت دانة ..
- عفاري استلمي التفاح .. عندج شهرين الين العرس .. و بعدين خلاص .. من الليلة .. ينحرم الأخ حامد من شوفتج .. هيه بعد .. هب أحسن عن غيث ..
لم ترد عفرا و هي تتشاغل بما في يدها .. فيما حور تمد ساقيها من تحت الطاولة ..
- تدرن أحس انيه غديت كسولة شويّه .. دندن .. زقري المها ..
مدت دانة يدها تربت على كتف المها التي التفتت لها متسائلة قبل أن تشير الأولى لحور بيدها .. فتنظر المها لحور التي أشارت لها بجلب وعاء الليمون و هي ترفع صوتها باشارة تقطيع ..
- هاتييييه .. هااااااتيه .. تعااااالي .. بقص ويااااااااج .. هاتييييييييه .. هنييييييه ..
و ربتت على الكرسي الذي بجوارها و دانة تقول ..
- صدق كسولة .. الحين ما ترومين توقفين و تقصين وياها ..
لكن حور ردت و هي تبتسم للمها بحب .. فيما الأخيرة تقترب منها حاملة الليمون و السكاكين ..
- فديتاا عشانها بس .. شكلها تعبت من الوقفة ..
- يعني بتسوين عمرج طيبة .. و حنونة ..
رفعت حور حاجبا تأمرها ..
- غصبن عنج حنونة .. و اشتغلي و انتي ساكتة ..
التقطت إحدى قطع الليمون تقص أطرافها بزوايا مثلثة .. و هي تنظر للمها .. و تقاطع كل قطعة باشارة أو اثنتين .. تتحدثان بحركاتٍ متقطعة عن أحوال المدرسة التي لم تعد حور ترتادها مع المها بسبب انشغالها في التجهيز لزواجها ..
فيما استرخت نورة في مقعدها و هي تقول لعفرا ..
- عقب باكر فكرنا أنا ودندن نسوي عشا خفيف و نعزم رويض و عوشة من زمان عن روضاني ..
لكن عفرا هزت كتفيها ..
- و ليش عقب باكر .. خليها عقب اسبوع يوم تطلع النسبة ..
- لا أخاف انيه راسبة و الا نسبتيه خايسة .. و تخترب فرحتيه ..
اتسعت عينا عفرا و هي تنهي ما بيدها و تتوجه للمغسلة ..
- شوه شاكة بشي ..؟؟!!
هزت نورة كتفيها ..
- و لو .. أنا نوير بنت حمد أخت عفاري ثمانية و تسعين و تبينيه أرسب .. ؟! امبوسبول ..!
قاطعت دانة حديثهن و هي تستند على حافة الخزانة الرخامية التي تمتد على طول المطبخ و هي تتسائل ..
- الحين العزيمة هاي لمنوه ..؟؟!!
ثم تحرّكت نحو النافذة المطلّة على - حوش - البيت الشاسع .. و نورة ترد ..
- حد من معارف ابوية سيف ..
قطبت عفرا ..
- ريّال و كل هالذبايح .. اسراف و الله ..
ضحكت دانة ..
- لا تخافين .. ماشي بيروح الكشرة .. ما تعرفين الرياييل ياكلون الأخضر و اليابس .. حشى هب أوادم .. قوارض هاييلا ..
ابتسمت نورة موافقة ..
- هبي .. هباج الرب .. قولي ما شا الله لا اييهم تلبك معوي الليلة عقب العشا ..
لكن دانة صاحت بحماس و عيناها لازالت تتأمل الخارج عبر النافذة ..
- حي .. يووو العمالقة .. ما شا الله .. ما شا الله .. كلهم رياييل العايلة فيهم طول .. ليش ما ورثونا شي من الطول .. محد طلع ع ابويه الا الناقة ..
قطبت عفرا بتحفز و هي ترى دانة تجهز غطاءها لتلقيه على وجهها ..
و راح قلبها ينبض بقلق ..
- عمالقة منوه ..
نظرت دانة مرة أخرى للقادمين عبر النافذة ..
- أحمد و هزاع و حارب ..
ثم نبّهت حور بصوتٍ عالٍ ..
- بنااات .. اتغشن .. الشباب يايين ..
و لم تنه كلماتها تلك حتى أعقبها صوتٌ رجولي و هن يرفعن الأغطية بسرعة على أوجههن ..
- هووووووووووود .. هوووود ..
لتقف المها باشارة مع حور و نورة .. فيما ترد عفرا التي كانت الأقرب إلى الباب ..
- هدااااااا ..
دخل هزّاع يتبعه أحمد .. و حارب .. يسلّم كل واحد منهم وراء الآخر ..
قبل أن يقف الثلاثة في منتصف المطبخ الذي ضاق فجأة بحضورهم .. و هزّاع يقول بابتسامة ..
- شحالكن يا بنياات كلن بحاله ..
رددن عليه بصوتٍ موحّد .. ليعقبه أحمد الذي راح يحرّك غترته بشيء من التوتر ..
- شحالكن يا بنات حمد .. حي ذا العين لكن .. ما شا الله ..
و راح خافقه يرتجف .. و هو يستشعر وجودها بينهن ..!
رددن عليه معا أيضا .. قبل أن يبدأ حارب بسؤالهن عن الحال في هدوء مختلف .. واحدة تلو الأخرى ..
لم يكن يعرفهن تماما .. و لا يميزهن عن بعض .. لذلك اكتفى بالسؤال دون الاشارة باسم ..
لكن هزاع ضحك ..
- العروس شوه تسوين في المطبخ ..
ردّت حور باسمة من خلف غطائها ..
- أتفقد أحوال رعيّة ..
- لو ندري انج هنيه .. كان طرشنا بو سيف يشل السلطة و الخبز و اللبن ..
لم تجب حور .. و هي تشعر بالإحراج يحرق بشرتها .. و لم تنقذها سوى عطسة أحمد القويّة ..
عطس مرتين .. قبل أن يرفع رأسه للسقف .. و يعقبها بعطسة أخيرة .. صمّت آذانهن .. و هو يقول بارتياح ..
- الحمد لله ..
رد الجميع عليه ..
- يرحمك الله ..
مسح على أنفه بابتسامة ..
- يهديكم الله و يصلح بالكم ..
لكن صوتا أتى من آخر المطبخ .. و دانة تغالب ضحكتها ..
- كسرت قلاصاتنا يا بو شهاب ..
ضحك حارب و هزاع على أحمد الذي رد بابتسامة ..
- الحين عطستيه كسرت قلاااصاتكم .. عيل ما سمعتي عطسة عميه سعيد .. !!! عمي سعيد يعطس فبيتهم .. و يطير ستاير بيتنا .. تتحدين ..؟!
وجّه له حارب لكمة قوية في ظهره ..
- هب أخس عن عطسة أبوك ..
رد هزاع بمكر ..
- هيه و الله ..! نحن ما نخم ميلسنا .. بس نعزم عمي علي ع الغدا .. و نيلسه في راس الميلس .. و يعطس .. هاااتشووووه .. و تروح الكشرة قدام .. هاتشووو .. و تروح الكشرة قدام .. و ما يظهر الا و الميلس نظيف الله يطول بعمره ..
رفع أحمد حاجبا و هو يدفع هزاع نحو السلطة التي أنهت نورة و عفرا توزيعها أثناء حديثهم ..
- شل .. شل و انته ساكت .. وايد تسولف ..
ضحكن الفتيات على مرح الإثنين الذي اعتدن عليه مؤخرا من زياراتهم المتعددة .. فيما ابتسم حارب بهدوء و هو يساعدهم في نقل اللبن و الخبز ..
.
.
.
.
كان الليل قد قارب الانتصاف حين التقطت حور كوبها الممتلئ بالشاي ..
و توجّهت للداخل .. تاركة خلفها أخواتها اللواتي التففن حول الطاولة في أحاديث مطوّلة و هن يشربن الشاي بعد الانتهاء من ترتيب المطبخ..
إعتادت مؤخرا على النوم مبكرا للحفاظ على الرونق النضر الذي اكتسبته مؤخرا ..
و ألقت في طريقها للباب الخلفي للفيلا المنفصلة عن المطبخ و ملحقاته نظرة حذرة نحو المبنى الرابض بجانب البيت ..
و تلاعبت بشفتيها ابتسامة توق و هي تفكّر به ..
ما الذي يفعله الآن يا ترى ..؟!
دلفت البيت لتتقدم في الردهة .. تتبع صوت التلفاز الذي استلقى تحته نايف مشدوها .. و هو يعتصر بين قبضتيه جهاز التحكم في اللعبة ..
توجّهت مباشرة نحو قابس الكهرباء .. لتنتزعه بقوة ..
متجاهلة صرخة نايف المعترضة ..
- لاااااا حوووور .. حرام عليج .. وصلت الدور الأخير و الله ..
تضع يدها على خصرها فيما تتشبث الأخرى بكوب الشاي الساخن ..
- ما شاا الله ..!!! تعلمت السهر حبيبي .. نش يا الله رقاااد .. لا أخير و لا أول .. يوم بتنش الصبح بتلعب .. يا الله يسد لعب .. عنبوه من عند الرياييل سيده للعب ..!! يا الله سير بدل و رقد .. باكر ما بتنش لصلاة الفير الا بالموت ..!
و نظرت له بصرامة متجاهلة تذمره و هو يضع اللعبة جانبا و يتوجه لغرفته ..
تضع كوبها جانبا و تجمع أجزاء اللعبة قبل أن يتراجع نايف لها ..
- حور .. ترى غيث ويا أبويه سيف في المكتب ..
وضعت يدها على صدرها بارتياع ..
- عنلاااتك .. ليش ما ترمس ..
و تركت أجزاء اللعبة .. و التقطت كوبها .. لتهرع نحو الدرج بسرعة ..
لكن ما ان ارتقت على أول درجاته .. حتى تصلّبت مكانها ..
و عينها تستدير لباب المكتب المغلق ببطء ..
و ابتسامة مكرٍ تنبت على شفتيها بحلاوة ..
و تعود بها الخطوات ..
لمكانٍ آخر ..!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
و يمارس هو هروبه عبر نافذة ..
إحساس مختلف يلفّه الآن ..
عاد لدياره ..!
المكان الحقيقي الذي اعتبره يوما بيته ..
لم تكن الجدران أو الأسقف تعني شيئا كما يعني له ساكنيه ..
الأب و الأم الحقيقيان اللذان عرفهما في حياته ..
ها هما يفردان الأذرع لاستقباله مجددا ..
فيما جمع هو حاجياته ..
و ترك المكان الذي كان يفترض أن يكون له بيتا ..
و للمرة الثانية ..
يرحل عن بيت أبيه .. قاصدا بيت الكبير الذي يحتضنه روحا قبل الجسد ..
سعيد للغاية بعودته ..
يشعر بأن كل الأمور عادت برجوعه لنصابها ..
الكثير من الأمور على وشك أن تتخذ صفّه .. قرب ميعاد زواجه ..
و انتقال الملكيّة التي واجهت إعتراضاتٍ مجنونة من أعمامه ..
فكّر بما قد يقوله الآخرون حين يعلمون أن جده على استعداد بأن ينقل ملكيّة الشركة كاملة باسمه ..
كيف سيكون وقع الخبر عليهم يا ترى ..؟!
شد ظهره العريض و هو يستدير بملامحٍ غامضة نحو أبيه سيف الذي استقر خلف مكتبه في حالة تفكير عميق ..
هل أثرت إعتراضات أبناءه فيه ..؟!
تراه يؤثر التراجع و الإنسحاب من الإتفاقهم ..
لا .. لا يظن بأنه قد يخاطر بتحدي غيث .. الذي ربّاه بنفسه على القتال كي يحصل على ما يريد ..
يعلم جيدا أن قد يقترف أي شيء .. أي شيء في العالم ليحصد تعبه …!
ألم يندفع يوما لتتقدم إلى فتاةٍ لا يعرفها .. يربط نفسه بها مدى العمر ليضمن شقاءه ..؟!
رفع جدّه عينيه الحادتين لوجهه ..
ما الذي يدور في خلده ..؟!
التوت شفتي غيث بابتسامة باردة .. و هو يتساءل بصوتٍ عالٍ ..
- رب ما شر يا بو علي ..
حملق الجد فيه لثانية قبل أن يقول بصوتٍ هادئ ..
- و لا شر .. أفكر فسالفة الملكيّة و الرمسة لي قالوها عمامك ..
رفع غيث حاجبا .. كان محقا إذا ..!
هذا ما يقلقه ..
تقدم ببطء .. ليشرف جسده المديد على المكتب و هو يقترح بسخرية مبطنة ..
- ما يبالها تفكير بعد .. الأوراق كلها زاهبة .. يوم الخميس الياي بتشخط بتوقيعك .. و انتهت السالفة ..
تأمل العجوز وجه حفيده الأكبر .. الرجل الذي أنشأه بيده ..
قبل أن يقول بحذر ..
- وايد أشوفك واثق ..!!
و أعاد ظهره للخلف مسترخيا في مقعده ..
- يمكن انا أبا الشركة أتم باسميه ..
كان قد مر بهذا الموقف قبلا .. تفاصيل هذا الحوار تعاد عليه الآن بسخرية ..
لذلك تشدّق في وجه العجوز و هو يقول ..
- و يمكن انا ماباها بنت حمد ..! و أردها عليك ..
رفع العجوز حاجبه متحديا ..
- بتقوليه انك بتخلي بنت عمك و هو ما باقي الا اسبوع ع العرس ..
ماذا يبتزه ..؟!
لن ينجح في الأمر .. يعرف كيف يثير قلقه .. فلا يقدر حتى على المخاطرة ..
صحيح أنه لن يفعلها .. و لن يستطيع التخلي عنها إطلاقا ..
لكن جدّه لا يعلم بذلك ..!
يجهل كل تلك الأحاسيس المجهولة .. المجنونة التي تراوده ..
و ذاك التوق المضني الذي يعايشه في بعدها ..
هذا العجوز لا يعرف إلا شيئا واحدا .. رغبة غيث المجنونة في امتلاك ما أهلك نفسه في بناءه ..
لذلك كان صوته واثقا .. قويّا ..
- لو باقي يوم ع العرس .. و ما وراها حق .. بردّها عليك .. أنا ماليه حاية في العرس الحينه الا لنيه أبا حلاليه .. حلاليه لي تعبت عليه .. و لو ما وراها تعبيه عطيّه .. ماباها البنيّة ..
- يعني ..؟!
ابتسم غيث بخبثٍ .. و هو يكشف مراوغة جدّه الخفيّة .. يحاول أن يماطل الآن فيما وعده .. رغم أنه لم يتخلّف يوما عن عهد يقطعه ..
لكن غيث يفهمه جيّدا .. و لن يترك له ثغرة واحدة ليصيبه في نقطة ضعف ..
- يعني إتفاقنا على ما هو .. انته تبانيه آخذ بنت حمد .. و أنا أبا الشركة باسميه .. تنكتب باسميه يوم الخميس .. قبل اسبوع من العرس .. أضمن حقيه .. و تضمن حقّك .. و الا كانك غيّرت رايك ..! عدنا ع البر .. و ما استوى شي .. برد لك بنت ولدك .. قبل لا آخذها .. و الله يوفقها باللي فيه النصيب ..
خاطر مخيف تملّك العجوز الذي راح يحملق في الوجه الأسمر بملامحه الباردة ..
قسوة حقيقية برقت في عيني حفيده ..
أيعقل أن يقدم على هذا ..؟!
تراه يفوقه جنونا .. و يفعلها ..؟!
ليس هذا ما أقلقه ..
إنما شعوره بأنه ارتكب خطأ فادحا بتزويج غيث لتلك الشابة ..
خطأً لا يغتفر ..
ففي نفس هذا الرجل من القسوة ما لا قد تستطيع مجابهته ..
منذ البداية كان عرضه غير منصفٍ لها .. لقد ساومه مقابل طموحه .. ليدفعه للزواج بها ..
راح ذاك اليقين يحفر عميقا في داخله ..
أخطا .. أخطأ .. أخطأ ..
لكن الوقت تأخر للتراجع ..
و لن تكون العودة للخلف سوى انغماسا في ذاك الخطأ ..
هو يحب هذا الحفيد .. الأقرب إلى قلبه ..
و لا ينكر بأن عائلة ابنه الراحل قد استفحلت مواطنا في روحه ..
غيث قيادي .. صارم .. و يمكنه أن يلاحظ بأن تلك الشابة حنون و مطيعة ..
قليل من الحظ فقط يحتاجه ليعيشا بسلام ..
و لن يفسد الأمر هو هنا ..
لذلك .. كان صوته هادئا .. مستدركا لأي سوء تفاهم .. و هو يقول ببساطة ..
- خلاص اقطعها الرمسة .. مالها داعي .. عدنا ع اتفاقنا .. و الخمـ ......
.
.
.
.
.
و أسهب في تلك التفاصيل التي صمّت أذنيها عن سماعها ..
تسد بيدٍ مرتعشة فماً مفجوعا بما سمعت ..
و بكفٍ أخرى تعتصر كوبا تناثرت سخونة ما يحوي على يدها المرتجفة ..
و هي تتهاوى ببطءٍ على الأرض ..
جسدها الملتصق بالجدار يرتخي قرب النافذة التي تحدّثت عنها أختيها يوما بطيب نيّة ..
لم يعلمن أن الأقدار قد تسوقها كي تنصت لرجلين يسومانها بضاعة مبتذلة على مائدة أعمالهم ..
مخالب الوجع التي راحت تمزّق أحشائها وسط ذهولها بما تسمع ..
منعت صراخا ترتج له أركان روحها ..
و قدميها المرتجفتين لم تقويا على حملها .. و كلماتهما التي تبادلانها للتو ترتد في رأسها مراتٍ و مرات ..
لم تملك سوى دمعة واحدة مصدومة ..
تحجّرت في مقلتها ..
و هي تعجز حتى عن جر الأنفاس لصدرها ..
عن اختراق المكتب ذاك و الصياح بانحطاطهم أمامهم ..
لتلقي كل ما سمعت في وجهيهما ..
لم تستطع استيعاب الألم الفادح الذي راح يعتصر روحها ..
و هي تنتفض بقوة ..
عاجزة حتى عن ضم جسدها المرتعش ..
كان الأمر مريعا ..
مريعا بحق ..
كابوسا فاق كل ما عاشت في حياتها ..!!
.
.
.
.
يمكنها الآن وسط صدمتها هذه أن تصغي لقلبها الذي هوى أرضا بدويٍّ تردد داخلها ..
تراقب بعينين دامعتين تناثر شظاياه ..
و صراخ فرحة تخنق ..
تزهق ..
توئد ..
قبل ولادتها حتى ..!

* * * * *
* فدوى طوقان ،،
** سورة فصلت الآية رقم ( 34 )
*** سورة الملك آية رقم ( 29 )

 
 

 

عرض البوم صور ليتني غريبة  
قديم 14-06-08, 02:31 AM   المشاركة رقم: 229
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ملكة الالماسية


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8455
المشاركات: 10,839
الجنس أنثى
معدل التقييم: زارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالق
نقاط التقييم: 2892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زارا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

وش اختباااااااااره اللي يرد زارا عن علوووووووووم غيثااااااااااني..؟؟.هههههههههههه

ليتني غريبه الف الف الف شكر.. على هالمفأجأه الاكثر من راااااااائعه.. وقسم بالله اني كنت حااسه ان الخطوه هذي بتنزلينهاا انتي شخصياا هنااا.. واسألي ابلاا اراده..

كل الشكر لتس.. ولحظووورتس الشخصي بالقصه هناااا..

الله يووفقتس ياارب...

 
 

 

عرض البوم صور زارا  
قديم 14-06-08, 05:02 AM   المشاركة رقم: 230
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
يتيمة جابر



البيانات
التسجيل: Sep 2007
العضوية: 44197
المشاركات: 13,147
الجنس أنثى
معدل التقييم: BENT EL-Q8 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 43

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
BENT EL-Q8 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

ليتنيـ خفيـ علينا شويـ
ما نقدر على كلـ هالابداعـ احنا
خطوة
مو رائعة
ولا حلوة
ولا جنــــــانـ
ااهيـ اكثر منـ هذا كلهـ
ومافيـ ولا كلمة مدحـ تقدر تعطيها حقها
تسلمـ ايدج مليــــونـ مرة عليها
حور
ما شاء اللهـ عليجـ
قلبتيـ الاحداثـ
منو كانـ يتوقعـ انـ حور تعرفـ بالسالفة
اهنيجـ على ابداعجـ
كسرتـ خاطريـ حيلـ مسكينة
والمشكلة انـ قبلـ زواجها باسبوعينـ
يعنيـ كانتـ عايشهـ طول هالفترهـ على وهمـ
وحيلـ صعبـ نكونـ عايشينـ على شيـ ونبنيـ آمالنا عليه
وفجأهـ نكتشفـ انه سرابـ واننا كنا مخدوعينـ طولـ هالفترهـ
والاصعبـ اننا ما نقدر نتخلى عنـ هالوهمـ وصار جزء منـ حياتنا
وهالشيـ صجـ انهـ حطمـ حور بسـ احسنـ منـ انها تعيشـ معاه مخدوعهـ
طبعا هذا منـ وجههـ نظرها لانها تعتقد انـ كل تصرفاتهـ معاها تمثيلـ
ماتدريـ انها قدرتـ تاخذ قلبهـ وتخليهـ يحبها
ما اقولـ غير اللهـ يعينجـ
سميتيـ شيوخهـ
قررتـ المضيـ فيـ طريقـ الضياعـ والانحرافـ غير مباليهـ بضميرها
الذيـ ما زال يقاومـ رغبتها المجنونهـ ولكنـ هلـ ستستمعـ له
امـ سترميـ بهـ عرضـ الحائطـ!!
هناكـ بصيصـ منـ الاملـ يبشر بالخير
وذالكـ حينما تمشئز من افعالـ حمدهـ او حمدانـ لا يهمـ من تكونـ لاكنها تسعى للانتقامـ من شيخهـ وجعلها تمضيـ معها في هذا الطريقـ
هداها اللهـ لهـ<<اعتذر عن الفصحة الركيكة هع
عفرا
كانتـ تتوقعـ يعاملها جذي ومو مستغربهـ ابدا من الي سواهـ
بسـ انها تتوقعـ شيـ وانهـ يصير صجـ شيـ ثانيـ
مو سهلـ انها تعيشـ معـ واحد ما يبيها
او
يبيها بسـ عشانـ يستر عليها
لانها وببساطهـ بنتـ عمهـ ولازمـ يحافظـ على عرضهـ
ما اعتقد انها رحـ تستلمـ
وكليـ امرجـ للربجـ وصدقينيـ مارحـ يردجـ خايبهـ
غيث
كلامهـ عنـ حور وجنها رخيصهـ ويقدر يستغنيـ عنها بسهولهـ
ما عجبنيـ حتى لو كانـ يحبها وبسـ جذيـ يقولـ
مسكينـ يومـ حبها صجـ درت بالسالفهـ
وديـ لو يطلعـ ويشوفها
طبعا اهيـ رحـ تكونـ منهارهـ وتقولـ انها سمعتـ كلـ شيـ
اللهـ يستر منـ اليـ بصير
احمد
حبها
بسـ موراضيـ يعترفـ
ليشـ مادريـ!!
تصرفاتهـ كلها تدلـ على هالشيـ
يدور حجهـ عشانـ يي بيتـ يدهـ
حافظـ كلـ شيـ تسويهـ
تدربهـ على الكلامـ اليـ بقولهـ لها
توترهـ لا كانتـ موجودهـ
الله يوفقهـ
ميعاد
صجـ تكسر خاطريـ
حبيـ اليـ صبرتـ كلـ هالسنينـ مارح يضرها تصبر جم سنهـ زيادهـ
ادري انهـ صعبـ بسـ ما بيدجـ شيـ تسوينهـ
الله يعينجـ
عوشهـ
ليلحينـ تفكر بكلامـ قلمـ حر
وليلحينـ تدور عنـ اشياء تثبتـ عكسـ اليـ قالهـ
معـ انها عارفهـ انـ كلامهـ صحـ
تتجنبـ بناتـ حمد لانها حبتهمـ او بدتـ تحبهمـ
لانـ معاملتهمـ معاها زينهـ
تشكـ انهمـ منافقينـ لانها تشوفهمـ مثلها
ماتدري انهمـ بصوبـ والنفاقـ بصوبـ ثانيـ
صجـ ليقالو"كلنـ يرى الناسـ بعينـ طبعه"<<انـ شاء اللهـ يكونـ صحـ هعـ
مادري ليشـ احسـ انـ فلاحـ اهو قلمـ حر نفسهـ!!
حامد
ما يكرهها ولا يحبها
بسـ يحتقرها لانها
اولا سببـ فيـ انهـ انجبر ياخذها ويتخلى عنـ احلامهـ
ثانيا لانـ شوفتها تذكرهـ باليـ صار لها معـ علمهـ انها مالها ذنبـ باليـ صار
يلبسـ قناعـ البرود عشانـ لاتعيشـ آمالـ واحلامـ وتنصدمـ بالواقعـ
بسـ هلـ رحـ يتمـ جذيـ؟!
ولا بييـ يومـ وينفجر<حلوهـ ينفجر هعـ
خولهـ
تبيـ تنتقمـ منـ غيثـ
عنـ طريقـ تنفيذ الخطهـ اليـ ببالها
اعتقد انها بتاخذ ميعاد لبيتـ اليد وتقولهمـ كلـ شيـ
او
انها تروحـ بروحهاوتقولـ كلـ شيـ
و
اللهـ يستر
آخر شيـ اعتذر على الاطالهـ
تقبلي مروري

 
 

 

عرض البوم صور BENT EL-Q8  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليتني غريبة, ليتني غريبة ابداع مستمر, ليتني غريبة وحشتيني يا بنت ربي يفرج عنك ياحلوة (بندقة), من ارووع القصص وارقاها.., من ارقى وأجمل القصص الخليجية, الأدب الراقي المستقى من البيئة الاماراتية بواقعيه, القسم العام للروايات, الكاتبة ليتني غريبة, ابداع الكاتبة الكبيرة ليتني غريبة, احب حور وغيث, اشتقت لحوووووووووووووووور ولغيث اووووووه يارب صبرنا, اسطورة دوما يا ليتني, اعوذ عليكِ بكلمات الله التامه من شر ماخلق..مبدعه ورب الكعبه, اقسام الروايات, حفظك الله من عيون البشر, خطوات تغفو على عتبات, خطوات تغفو على عتبات الرحيل, خطوات تغفو على عتبات الرحيل لكاتبة ليتني غريبة, خطواتٍ تغفو على عتبات الرحيل للكاتبة ليتني غريبة, روآية غير شكل آحآسيس خجوله^^, روايات مميزة, روايات خليجية, روايات كاملة, رواية خطوات تغفو على خطوات الرحيل, رواية خطوات تغفو على عتبات الرحيل كاملة, سيدة الضاد ليتني غريبة, غيثاني وربي انك مخبل فييني .الله يوفقك يااعسل.توقيذر فور ايفر.( زارتك)هخهخه, وهـ بس .. فارس فرسان الفرسان الشيخ طويل العمر غيث بن علي. المعروف بغيث زارا.., قلبي قلبي قلبي .. فديــــــــت ابوو العسل غـــــــ غيث زارا ـــيــ غيثي اناــث, قصة اماراتية تحكي الحب والبؤس والحرمان, قصة خليجية اماراتية ابداع ×ابداع
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:30 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية