كاتب الموضوع :
زارا
المنتدى :
الارشيف
من علوّ شاهق ،، كانت تطل همومه على المدينة ،،
فيما بدت أنفاس ذاك الليل الصيفي المتعب .. مختلفة على هذه القمة ،،
تناقض سكونها في الأسفل .. تنفض عنها الحياء لتداعبه بجرأة ..
راحت تتخلخل شعره الأسود ،، و تنحدر أنفاسا دافئة في صدره القوي ،، الذي عقد ساعديه أمامه ،،
الوجوم الشارد نحت على ملامحه السمراء و هو يستند على مقدمة سيارته ،،
يستعيد وجه شقيقه السعيد ،،
فرحة سطعت في مآقيه غشيت ما حوله ..
ليشعر هو رغما عنه بالحسد ..!
ابتسم بسخرية مؤلمة ..
هو الذي سيُجر بعد أسبوع فديةً لفضيحة ..!
سرعان ما يبست شفتيه .. و نفور يزحف لوجهه ..
مع اقتراب موعد الزفاف .. صارت صور عديدة تزاول مخيّلته ..
و هو يستعيد ما حدث لها ..
صور يقشعر لها بدنه ..
تستفز رجولته المطعونة في أقرب من له ..
زوجته ..!!
صور تشتعل نارا في جوفه .. تلتهم تعقّله ..
و أغمض عينيه بقوّة حين ابتدأت تتراءى أمامه الآن ..
لتحضر من خلف جفنيه تفاصيل وجهها الهادئ ..
بالحزن السرمدي الذي لا يفارق عينيها ..
الوجه المشبع بألم يتحدى نخوته أن يخذلها ..
و شعر بحاجة ملحّة لتنفيذ شيءٍ كان يراوده بعنفٍ هذه الأيام ..
مع دنوّ الموعد .. و بدء العد التنازلي ..
اخذت قدرته على تحمل الأمر في التناقص ..
و راحت أعصابه تشتد بتوتر ..
و من قائمة أسماء هاتفه الذي التقط .. بحث عن اسم لم يستعمله مذ أدرجه في اللائحة ..
اسم علم مسبقا أنه لن يتطرق اليه ..
و ها هو يخذل يقينه .. يلتمس ثباتا أفلت منه مع احتضاره البطيء هذا ..!
و تقطع ونين الهاتف بثقل ،،
في ذات اللحظة التي ارتعد فيها قلبه بقوّة ..
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
احتضنت نعومة القطن قامتها الطويلة الرفيعة ..
فيما انهمر تيّار أسود من قمّة رأسها يلامس ردفيها بنعومة ساحرة .. و قد التفت آخر أطرافها ..
كانت الخصل الثقيلة تتهادى ببطء مع كل حركة لها .. و هي تزحزح زخم الحقائب و الأغراض المتناثرة في وسع الغرفة ..
راحت تحركها بترتيب مدروس قرب الجدار ،،
تراكمها ،، و تصفها على نمطٍ معيّن .. ترك مظهر الغرفة أكثر تهذيبا ،، بعد الفوضى التي كانت تجثم على صدرها طوال الأسبوع ،،
عينين كسولتين تتبعان حركتها .. لتقول صاحبتها بنبرة ناعسة ثقيلة ..
- شعندها الناقة .. من وين عفدت النظافة آخر الليل ..؟!
عقدت عفرا جبينها و هي تقذف بشعرها للخلف .. قبل أن تحني قدها .. تدفع حقيبة ثقيلة .. ملأتها ببعضٍ من جهازها ..
و أحلام لا تسكنها ..
- ما داني الفوضة .. طول الاسبوع أحسها ع فواديه ..
تمطت دانة ..
- كان خليتي البشاكير يرتبنها ..
رفعت عفرا حاجبها .. بنبرة باردة ..
- يرتبن أغراضيه ..؟ لا فديتج .. بسد عنهن .. بعدين انا الغلطانة لي اسبوع أكوّد الأغراض .. كل ما أقول برتبهن يشغلنيه شي ..
- انزين اسبوع صابرة .. ما بتصبرين الليلة ..؟ ارقدي .. و باكر رتبيها .. عنبوه فيج شدة عقب الليلة ترتبينهن ..؟
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي أختها .. و هي تقول مذكّرة ..
- هيييه يا الدنيا .. الله يرحم زمان أول يوم في العزايم نحن لي نطبخ الذبايح .. و نوجب العرب .. و ننظف البيت و المطبخ .. الحين لبستي لج لبس .. و مشطتي كشتج .. و تعشيتي مع القوم .. و تعبتي ..؟ عجيب ..!
نظرت لها دانة شزرا تجيب بسرعة ..
- الحين تبين تفهمينيه انج قمة النشاط ..؟ لي يشوفج و انتي تتحركين بيقول مومياء ..
- اسمعوا منوه يرمس ..؟ دندن الفص ،، ع الأقل نافعنيه طوليه .. انتي لو نحطج في الروضة محد بينكرج ..
اتسعت عيني دانة المستديرتين ببراءة مصطنعة ..
- روضة ..؟ منوه ياب طاري روضة الحينه ..؟ أكيد شالنج الشوق صوبها .. صوبها و الا صوب أخوها ..؟ يا اللي ما تخيلين .. هذا و ما بقى ع العرس غير اسبوع .. لي مثلج تقطع عمرها من الحيا .. تاكل اظفورها .. و الا تنتف شعرها .. و انتي كل ما يبنا سالفة .. حشرتي هالحامد فيها .. !!
وقفت عفرا تنظر لأكوام الحقائب و الأكياس .. و هي تضع يديها على خاصرتها .. تقول ببرود ..
- محلاج ساكتة ..
زفرت دانة و هي تقول بنبرة متقطعة ..
- يا برودج ،، الله يعين حامد عليج ..
توجهت عفرا اتجاه طاولة الزينة تلتقط مشطا لتمرره على شعرها الطويل .. لتقول بنبرة جامدة ..
- انزين خلاص .. يا الله شلي عمرج و فارقيني .. أبا أرقد ..
تمددت دانة براحة على عرض السرير تقول بكسل ..
- آآآآآه حتى أنا ابا أرقد .. لكن أبا أعبر عن شعوري أول ..
جمعت عفرا شعرها في جديلة واحدة طويلة .. و هي تنظر لها عبر المرآة بجبين معقود ..
- أي شعور ..
- شفتي حور ..؟!
- تستهبلين ..؟ أكيد شفتها ..
هزت دانة رأسها بسرعة ..
- لا .. اطري .. أطري يوم ..
و ابتلعت ريقها و هي تقول بخفوت متأثر ..
- يوم رمستنيه ..؟
ارتفع حاجب عفرا بسخرية .. و هي تقول ..
- لا تصيحين بس .. أنا لو مكانها أشوتج .. لن لي يسوي سواتج .. يستاهل الضرب ..
- لا ضرب و لا جمع .. الحمد لله انج هب حور .. شوه هالقسوة ..! ما علينا .. يوم رمستنيه حور .. حسيت عمريه صغيرة ..
- ليش انتي متى كبرتي أصلا ..؟!
استوت دانة جالسة في غل ..
- الشرهة هب عليج .. على اللي يعبر عن مشاعره عندج ..
نظرت لها عفرا بقوة ..
- لا فديتج .. لا تعبرين عن مشاعرج .. اذا اتحرين انج الوحيدة لي ملاحظة ان حور تغيرت فانتي غلطانة .. كلنا نعرف ان حور الحينه غير عن قبل .. كلنا لاحظنا انها غدت باردة .. و نفسها فخشمها .. لكن و لا وحدة منا طولت لسانها عليها .. و غثتها برمستاا .. و لاوحدة منا زمت بخشمها ثلاث أيام .. ترقبها تعتذر و هي اللي غلطانة .. واحدة مكان حور .. كان لها علوم غير لي شفتيها .. أنا تضايقت لن حور رمستج ..
اتستعت عينا دانة بصدمة ..
- تضايقتي ..؟!! ليش ما تبين الخير لخواتج ..
تشدقت عفرا ..
- تعرفين شوه قصدي .. انتي لي غلطتي .. حتى لو حور تنرفزت .. و سبت .. حتى لو مدت ايدها .. اتم هي الكبيرة و لها القدر و الحشيمة .. المفروض اتعذرين منها و تطيبين خاطرها .. هب تزيدينها هم على هم .. بس حور هذا طبعها .. دوم كبيرة .. الواحد يحس انه كبر الذرة قدامها ..
نكست دانة نظراتها بألم ..
- انزين أنا ما كنت أفكر يوم قلت هاييك الرمسة ..
زفرت عفرا التي شعرت بأنها ثارت على دانة رغم انتهاء المشكلة .. فتقدمت نحوها تعاتبها برفق ..
- هذا درس بس .. عسب ما تغلطين نفس الغلطة مرة ثانية ..
ثم التفتت لها بنبرة متفهمة ..
- مرات اتضيق بنا الوسيعة يا دانة .. و الواحد منا ما يتحمل عمره .. لو أحبابنا ما تحملونا و شالوا الهم ويانا .. شوه خانتهم ..؟!
رفعت دانة عينين كبيرتين لامعتين تقول بأسى ..
- كنت أرقب الفرصة عسب أعتذر ..
لتبتسم عفرا بهدوء ..
- لااا .. لن ستين مليون فرصة يتج .. و حور تتخطف .. حادرة و ظاهرة من البيت .. لكن الشيطان زين لج كرامتج و ركزة الخشم هاي ..
و دفعت أنف دانة باصبعها السبابة مداعبة .. لتخفف حدة كلماتها ..
- لكن حور شافت انها عادي تسترضيج صح ..؟ الحين من اللي طلع صغير ..؟ هل ذلّت عمرها يوم راضتج ..؟ نقص قدرها يمكن ..؟
بابتسامة مريرة .. هزت دانة رأسها بلا ..
- لا و الله محد طلع صغير غيري ..
ثم تنهدت و هي ترفع رأسها ..
- مادري ليش سويت كذيه ..؟!
هزت عفرا كتفيها .. و هي تمسك بيدي دانة تجذبها لتقف على قدميها ..
- الشيطان يا حلوة .. بس ادحريه .. فكري لو تسوى الدنيا و انتي ما تضمنين انج تنشين من مكانج ..؟ بتلقين عمرج غصب طيب تسامحين .. خيركم من بدأ بالسلام ..!
ثم اندست تحت غطاء السرير الثقيل ..
- أصلا تحسين الواحد فيه رقي يوم يترفع عن الخلافات .. و يسلّم .. الحين يلا .. خلصت المحاضرة للخلف در .. بندي الليت .. و سحبي الباب وراج ..
رفعت دانة حاجبيها .. تنظر شزرا ..
- لا و الله ..! كاش فالويه .. طردة ..!!
غطت عفرا رأسها بالغطاء الثقيل ..
- لا شيك .. خلصينيه أبا أرقد ..
جرت دانة قدميها بكسل .. و هي تتذمر ..
- الحين عقب ما خشعتينيه .. و خليتينيه فلس ما أسوى .. تروغين ..؟ سويتينيه الأخت الشريرة الكريهه .. و انتي الملاك الطيب اللي يعرف خفايا الأمور ..
ثم تجاوزت الباب الذي فتحته على اتساعه .. و نظرت من فوق كتفها لعفرا التي أزاحت الغطاء عن رأسها صائحة ..
- قلت بندي الليت و الباب ..
لتمد دانة لسانها بشقاوة ..
- مابا ..
و ابتعدت في الممر .. و عفرا تصيح في أثرها ..
- دواج عنديه يا السبالة ..
و أبعدت عنها الغطاء تمشي بغلٍ اتجاه الباب لتغلقه ..
- استغفر الله العظيم ..
ثم مدت يدها لزر الانارة لتطفئه ..
و كانها بذلك أيقظت هاتفها الذي بدأ بالصياح ..
لتتوجه نحوه بتكاسل .. لن يكون المتصل غير روضة ،، و قد تذكّرت تفصيلا ما لم تضفه لاحتفال الزفاف ..!!
لذلك التقطت هاتفها من على طاولة السرير و عادت لتندس تحت اللحاف الثقيل ..
ثم رفعت الهاتف لترد ..
الا أن يدها شلّت .. و هي تتصلب بقبضةٍ قويّة مصدومة ..
و ينتصب جسدها جالسا و هي تطالع الرقم البراق في الظلمة الحالكة ..!
.
.
.
.
أغمض عينيه بقوة .. و صوتها الرخيم يتسلل لأذنيه ..
حاملا معه دفقا دافئا من هدوءٍ أذهله ..
- ألوه ..!
أ و يمكن للمرء تخمين ما حدث معها من صوتها ..
تلك الطمأنينة التي تحمل في طياته لا تفضح أي مأساةٍ نقشت على جبينها ..!
و سحب نفسا عميقا .. و كأنه يسألها شيئا ما ..
- عفــــــرا ..؟!
سكونٌ مر قابله من الطرف الآخر .. و شفته تلتوي ببطء ..
ما الذي ينتظره ..؟
اتت الإجابة متأخرة بعد هنيهة من الصمت ..
- هلا حـــــامد ..
أسند جبينه بكفٍّ متعب .. و هو يسأل بصوتٍ أجوف ..
- شحـــــالج ،،
.
.
لو يعلم عن حالها ..!
كانت تكابد عسرا الآن .. و يدها تنتفض بقوة ..
تجد صعوبة بالغة في تثبيت الهاتف على أذنها ..
يجف حلقها .. بتوجّس خائف ..
و خشيت كثيرا مما قد تحمله مكالمة ستعقب هذه المقدمة الطويلة ..
- الحمد لله ..
الذي لا يحمد على مكروهٍ سواه ..!
و تهدّجت أنفاسها .. قبل أن يخف صوتها و هي تبادره بالسؤال أيضا ..
- انته شحالك ..؟
و ما ان بلغتها إجابته الموجوعة .. حتى استحضرت مقلتيها مطرا مالحا ..
لا يهطل ..
.
.
تنهد بحرقة شديدة .. قبل أن يبتسم بألم و هو يجيب ببساطة ..
- حاليه مهب طيب ..
ثم التوت ملامحه بوجعٍ مهلك ..
مع سكوتها المر ما الذي تظنه إذا ..؟
أن يسرها الحال ..؟!
لا ..
لن يتظاهر بحقائق هي الأعلم بها ..!
تنهد بصوتٍ مرتفع ..
نفسا أطلقه .. حمّله ثقلا لا يتزحزح عن صدره ..
و تساءل في داخله لمَ اتصل بها حقا ..؟!
.
.
و تسلقت تنهيدته أسلاك الهاتف لتبلغها ..
لتنهكها ..
فانزلقت دمعة بطيئة على جانب خدّها ..
و الله إني لآسفة ..
آسفة لأن حياتك غدت امتدادا آخر لحزني ..
آسفة لأنه أنت من أُختير لتتوسد أحلامه قبرا يجاور قبر أحلامي .. و يعيش في كبد مروءته ..
آسفة على وجعك أكثر من أسفي على وجعي ..
و أسقمتها الكلمة قبل أن تخرج هامسة من بين شفتيها ..
بأصدق إحساس قد يخلقه قلب بشر ..
- آسفـــــــــة ..!
.
.
و وخزته الكلمة بقوة ..
ليغمض عينيه مجددا .. يضغط برؤوس أصابعه على فمه ..
خشية أن يؤذيها بكلماته ..
هز رأسه ببطء ..
حتى هو متأسف للغاية ..
على ما حد .. و ما سيحدث ..
و أكثر ما يقلقه هو ما سيحدث ..!
متأسف لأنه رجل ..
لا يمكنه أن يغفر لها ما حدث و ان لم يكن ذاك خطؤها ..
و تقتله غيرته قتلا كل لحظة ..
و بهمسٍ مميت .. عرف سبب اتصاله الحقيقي .. و هو يودعها السر في ذلك ..
- عفرا ,,
و سكت منصتا لأنفاسها المجروحة من الطرف الآخر .. قبل أن يقول بوجع ..
- انا خايف ..!
و دوى صمت أعقب كلمته .. ليخفض هو رأسه متابعا بوجع ..
- خايف ما كون قد وعدي لج .. خايف أتعبج وياية .. خايف أحقق كل مخاوفج ..
انفلتت شهقة باكية من الطرف الآخر .. و أوجعته ..
- عفرا .. لاا تصيحين .. ماريد أذكرج و الا أعايرج بشي .. أنا شوه أكثر ما يخوفنيه غير انيه أجرحج .. و أنا لي عطيتج كلمة بانج بتنسين الهم .. لكن ..
و أشار إلى صدره بألم و كأنها تراه .. مع صوت نشقه مرتجفة انفلتت منها ..
- أنا ما رمت أنسى ..
و أطلق زفرة موجوعة ..
- خايف أقسى ..!
.
.
حتى هي خائفة حتى الموت مما قد تحمله عليه رجولته ..
خشيت من ذلةٍ قادمة ..
خشيت من انكسارٍ أمام نظرته المحتقرة .. فيما تعجز عن رفع رأسها .. هي المدنسة ..!!
و خشيت كثيرا من لحظةٍ يستقدم فيها أنثى أخرى ليبتدئ هو حياته بعيدا عن سواد تاريخها المشؤوم ..
رجلٌ سيقتسم معها مصابها ..
لن يكون خروجه من حياتها هادئا البتة ..
لكن ما لوى قلبه بشدّة .. هو همسه المستجدي .. و هو يسألها صبرا على القادم ..
- بتتحملينيه ..؟
أ و يكون هذا استئذانا رقيقا لذبحها ..؟!
لإيذائها ..؟!
و انتفض قلبها .. و هي تمسح بأصابع مرتجفة دمعتها قبل أن تجيبه بحزنٍ هادئ ..
- على قد ما تتحملنيه ..
ثم ارتعشت كلماتها الدامعة .. و صوتها يهمس له ..
- لكن لا تذلنيه .. و لا تعايرنيه .. و لا تويعنيه في الرمسة ..
و انهمرت أدمعها مطرا في داخلها .. و هي تتوسله بقوة ..
- لا تغدي انته و الزمن عليّه يا حامد ..
.
.
أرخى أجفانه ..
و قبضته تشتد ..
ما الذي يملكه أمام ضعفها ..؟!
و أثقلته كلماتها .. حتى جلس أرضا ..
تراقب عينيه أضواء المدينة البعيدة ..
و تمنى لو أن همومه بهذه الضآله ..!
- اصبري عليّه .. اصبري عليّه يا عفرا ..
و لم تجبه ..
مر وقتٌ طويل من السكون ..اختفت فيه حتى أنفاسها ..
و علم هو أن لا شيء قد يقال بعد هذا ..
لذلك همس منهيا زحف الوجع هذا ..
- شي في الخاطر علينا ..؟
.
.
كانت راحتها تسد فمها لوقتٍ طويل ..
و هي تدس في فمها كل أوجاعٍ راحت تنفلت منه ..
تحشوه بها .. لتبلعها مختنقة بالشوك ..
كلمته الأخيرة مسّت وترا مختلفا ..
لماذا اتصل من البدء ..؟
خائفٌ صدقا من أن يؤذيها ..؟
يود أن تشاركه شيئا من همّه الثقيل ..؟
و لف قلبها شيءٌ من الدفء بعيدا عن أحزانها ..
لتقول بصدقٍ خالص .. انبعث من صميمها ..
- نبـــــاك سالـــــــم ..
و هدأةٌ كانت ..
قبل أن ينقطع خيط الوصل الرفيع بينهما ..
لتنزلق يدها بالهاتف تضمّه لصدرها ..
فيما أقبلت عبرةٌ لا تفارقها زاحفة .. تجرف الهمّ معها ..
* * * * *
ما ان تجاوزت سيارته المنعطف ،، و دخل الشارع الخاص حتى راحت عينيهما تفتّش بذعرٍ ملهوف عن أثرٍ معيّن ..
أخذت سرعة السيارة تتباطأ .. و صوت عبيد يرتفع بتوتر ..
- وينها ..؟!!
رأسه يدور بلا توقّف .. و عينيه تفتشان الشارع الغارق في الظلمة الا من انوار السور الضئيلة ..
عاد ليصيح بقلق ..
- وينها ..؟!
لكن صرير الاطارات ارتفع فجأة مع اندفاع السيارة بسرعة للأمام .. ليتوقف فجأة أيضا بذات الصرير على بعد عدة امتار .. و مايد يفتح بابه ليقفز خارجها ..
راح يجري بقوة اتجاه الكومة الملتحفة بالسواد المندسة خلف احدى الأعمدة الحجرية الضخمة التي تتوزع على طول السور ..
كانت الرؤية تهتز أمام عيني عبيد الذي لحق به راكضا بذات السرعة ..
و الذعر يتعاظم ملايين المرات و هو يرى السواد الذي تلقّفه مايد بين ذراعيه ..
كان يلهث حين بلغهم .. و مايد يجثو قرب أختهم التي جلست على الأرض تلتحف بعبائتها و غطائها .. تضم ركبتيها إلى صدرها ..
.
.
ماعاد ياسع للحزن أي ....... كرّاس ..!
وماعاد قلبـي يحتمـل ... أي ضيقـة ..
شفني رشفت من الغرابيل كـم كـاس ..!
والصبر مابلّت أمانيه .... / .. ريقـه ..
.
.
ملايين الخواطر راودته عن سبب خروجها في هذه الساعة المتأخرة للشارع ..
ملايين الأفكار المفزعة التي لم يستسغها ..!
احتضن مايد كتفيها بذراعه يمسك بيدها .. و هو يحدثها بقلق ..
- حور ..؟!!! حور شوه تسوين في الشارع .. الساعة ثلاث ..!! حور ..؟؟!! بلااااج ..؟
لكن النشيج المرتفع .. و الشهقات المتقطّعة .. مزّقت أحرفها التي كانت تنشد بها استغاثة ..
- مااا .. مااايد .. ماااايد شلنيييه .. شلنييييه من هنييييه .. مااابااا اتم هنييييه .. آآآآآآآه ..
ركع عبيد جوارها بفزع ..
- حور شوه مستوي .. حد سوابج شي ..؟؟ حور رمسي .. غيث سوابج شي .. شوه تسوين في الشارع ..؟؟!
و انخرطت في بكاءٍ عميق .. و هي تدفن وجهها في حجر مايد ..
- لاااا تردووونيه .. لاااا تردووونيه .. ماااايد .. ما ريد .. مااا ريد .. دخيلك مااايد .. ما ريييد ..
مزّق بكاؤها نياط قلب مايد الذي احتضنها بوجع .. و هو يهدئ من روعها حين لم يفهم شيئا من كلماتها ..
ما الذي دفعها للخروج من بيتها ..؟!
أين هو زوجها ..؟
- حور فديتج .. خلاااص .. عيني خير .. ليش اتصيحين .. صلي ع رسول الله .. قولي لا اله الا الله ..
تقطّعت أنفاسها .. و هي تنشج بالشهادة ..
- لااااا اله الااا الله .. لاااا اله الاا الله ..
أسندها مايد .. و هو يساعدها على الوقوف .. يشعر بشهقاتها تمزّق روحه ..
- نشي .. تعالي وياية .. تعالي ..
و قادها و هو يوشك على حملها حين تثاقلت خطواتها .. و ضياع مر يلوح على وجه عبيد و هو يقول بتوتر ..
- يا ريال يمكن محد يدري انها خاري .. ما نروم نشلها كذيه ..!! ريلها و الا يدها ..!!
لكن صرخة منخفضة انطلقت من حلق حور ..
- لاااا ... لاااا
و تشبثت بصدر ثوب مايد .. الذي طالعها بفزعٍ حقيقي ..
- لاااا مااايد .. لاااا .. دخيييلك مااايد .. ما ريد أروح عند ابوية سيف .. ظهرنيييه من هنيييه .. اننــ .. انتته .. مااا تعرف ..
و بكت بقوة .. و هي تهز رأسها ..
- بيردنيييه عليييه .. مااا ريييد .. ماااايد .. خلااااص ماااباااه الحقيييير .. ظهرووونيه من هنيييه ..
شدد مايد من احتضانه لها .. و قبس من وضوح راح يلوح من بين كلماتها المظلمة ..
ليجد ذات الادراك المهول يقع على رأس عبيد الذي كان ينظر لها بصدمة في لحظة .. و في الأخرى يشتم بقوّة و غضب فادح يقتحم ملامحه ..
- ولد الـ ×××××× .. و الله ليـ ....
لكن تشبّثها بكم عبيد الذي استدار اتجاه بوابة السور الضخمة.. تتوسله بنواحٍ مفزع ..
- لاااا عبيد .. لاااا دخيييلك .. انته هب فاهم شوه السالفة .. لااا تسوي شي .. أناا بفهمك ..
توقف عبيد ينظر لها ..
ما تجلى لفهمه .. انها اختلفت مع زوجها ..
لكن أي جنون سيدفعها للخروج إلى الشارع متجاهلة بيت جدّها ..؟!
لمَ يراها تجرجر أشلاء روحها خلفها ..
لكن ذلك لم يكن يهمّه في تلك اللحظات .. مهما كان ما اقترفته .. أو سبب خلافها ..
حطم مرآها بهذا الانكسار قلبه ..
حور الكبيرة ..
ذاك القلب الذي يتسع للكون بأسره ..
حور القويّة بهشاشة ..
تتهشّم أمامه .. و يقف هو عاجزا عن فعل شيء ..
تخترق شهقاتها صدره .. و تشل أحاسيسه العاجزة عن ردع الحزن الذي اقتحم أبواب قلبها ..
و اندفع دون شعور يجتذبها من بين يدي مايد ليحتضنها بعنف .. و هو يشعر بمرارة تملأ حلقه على مرآها ..
- و الله لو هو لي بكّاج .. و الله .. ان يعيف اللي باقي من حياته ..!!
.
.
أكبر مصيبة طيحة إنسان .. حسّـاس !
تسوى بعيني .. مـوت كـل الخليقـة !!
صعبه تشوف بعينك الحلم / ينـداس ..!
كنّك تطفي .. من دموعـك / حريقـة !
الموت ماهو لاانحني .. للتعـب/ راس !
الموت نفسك ... لانحنـت / للخليقـة !***
* * * * *
و كان هناك ألم مختلف ..
وجع كاسح راح يمسك بخناقه ..
شيءٌ امتدّ من روحه ليشعر بان جسده يتكسّر على حدته ..
يرفع رأسه لأعلى باختناق ..
و يدير رأسه في كل اتجاه ..
يقف في منتصف مكتبه بطوله الهائل ..
يديه تمسكان بجانبي رأسه .. يضغط عليه بقوّة ..
و هو يوشك على الانفجار ..
يصر على أسنانه التي توشك على التخلخل من منابتها ..
ثم يدس يده في شعره بعنف .. و هو يرفع رأسه للسقف بوجعٍ محرق ..
راح يدور في أرجاء المكتب كالأسد الحبيس ..
لا استقرار يلف جسده و لا الروح ..
تقدم من الطاولة ليسند راحتيه عليها .. و هو يحني رأسه المثقل ..
و هو يتأمل أكفه السمراء بوجعٍ هائل ..
صفعة الليلة فاقت كل الأذى الذي أهداه اياها مذ عرفها ..
لطمة شعر بأنها تصفق وجهه قبل أن تهوي على نعومة خدّها ..
أمسك بجانب صدره الأيسر حيث ربض ألم حاد .. لا يهدأ ..
كانت تعلم طوال الوقت بأنه ساوم عليها ليتزوجها ..!
كانت تعلم بأنها الثمن لامتلاك شركته ..
و اخترق صوتها الموجوع ذاكرته ..
ليحرق روحه ،،
.
.
(( ارخصت بي .. ذليتنيه .. هدمت كل شي فحياتيه .. ))
(( ارخصت بي .. ذليتنيه .. هدمت كل شي فحياتيه .. ))
(( ارخصت بي .. ذليتنيه .. هدمت كل شي فحياتيه .. ))
.
.
و بعينه رأى تلك الصورة المشوّهة ،،
صورة لوردة يانعة .. توشك على التفتح ..
حالمة .. ملؤها الحياة ،،
بأوراقها الرطبة الندية ..
برائحتها السكرية الحلوة ..
ليأتي هو و يدهسها بحذائه الكبير القذر ..
فتتفتت بتلاتها ..
تلتصق الوريقات الممزقة بالطين ..
يزهق أنفاس تلك الوردة ..
و يسلبها الحياة ..!
و انفلتت تلك الآهة المخنوقة منه و هو يدير رأسه جانبا بألم ..
هي التي كانت توضّب أحلامها .. و أمنياتها استعدادا لحياتها الجديدة ..
و هو من بعثر حقائب الفرحة بصفاقة تحديه ..
كانت تعلم طوال الوقت ..
قبل أسبوعٍ فقط .. هدم هو قصور الفرح الأبيض ..
و أتت هي إليه لتجاري خداعه .. و تطعنه بذات الخنجر المسموم الذي قتلها ..!!
من أخبرها ..؟!
كيف علمت ..؟!
و كيف صدق هو خدعتها ..؟!
أ يعقل أنه تجاهل عقله و أراد أن يصدق بيأس ٍ أنه لا يستغل تلك البراءة لبلوغ مآربه ..
أعمته أحاسيسه حين شعر بأنه ضعيف أمامها ..
امرأة تنحني لها مشاعره دون تردد ..
طفلة تأسر رجولته ..
ليجد أنه غارق في لمحات بساطتها الحلوة ..
أتت إليه منتهية .. موجوعة .. و قد أعدم فيها كل عرقٍ حيٍّ من الاحساس ..
لمثّل هو بجثمان روحها ،، غير آبهٍ لحرمة مشاعرها ..
فراح يكيل لها الطعنات و الضربات .. يريد أن تشعر بإحساس أهداه هو إليها قبل أن تذيقه إياه ..
و انقشعت الغمائم الآن ..
لتكشف ملايين التفاصيل أمام عينيه الحمراوين ..
لم يكن يعلم أي إحساسٍ يغالبه في داخله الآن ..؟!
حزن .. قهر .. أم الندم الذي راح يكتسحه ..
و هو يستعيد أفعاله بها ..
و انفجرت مشاعر اللوعة في جوفه بعنف محرق ..
شعر بأحشاءه تشتعل ألما .. و هو يغمض عينيه بقوّة .. و يصر على أسنانه ..
يتصاعد اللهب ليلتهم كل شيءٍ في داخله ..
يحيل أحاسيسه رمادا .. كما أحال هو حياتها ..
كما دمّرها ..
و بثوّرة عارمة .. لطم بيده كل ما هو أمامه على الطاولة ..
من أوراق .. و ملفات .. و أقلام ..
حتى كريّات زجاجية .. تبعثرت مرتطمة بالأرض لتتهشم ..
هاتف مكتبه تقافز للحظات قبل أن يخمد بلا أنفاسٍ على الأرض .. و هو يرعد بصوته الغليظ ضارخا بوحشيّة مؤلمة ..
- ليـــــــــــش ..؟!!!!
و كأنه لا يعرف الإجابة ..؟!
استندت أحاسيسه المتعبة على حافة المكتب و هو يلهث بألم شديد ..
هو من أفسد كل شيء ..
كل شيء ..
كان كل ما حصل غير مهم أمام لطمة الليلة ..
أن يضربها .. و هو على علمٍ بأنها لم تفعل ما فعلت الا كردة فعل ازاء خداعه و استغلاله ..
أن يشهد حطامها يتناثر أمامه .. و يدوسه بصفاقة ..
أن ينتهك أحاسيسها .. و هي تحمل طفلة ..
جعل ذلك كاختراق لا يغتفر لقدسيّة ما تمثل له ..
هي المرأة الوحيد التي توغّلت حتى بلغت عمقا لم تطأه أحاسيس بشر ..
خلّفها وراءه أجزاءً من حطامٍ لا يجمع ..
تنتثر بائسة ..
باكية ..
و هو هنا ينفّس عن ثورته ..
لمَ صعب عليه أن يحوي فتاتها بين راحتيه .. و يلملم حزنها ..
أن ينفحها الحياة .. و يعتذر مراتٍ لا تحصى .. ؟
لأنه يعلم بان كل ما فعله لا يغتفر ..
أيترك ذلك أمامه سبيلا للصالح ..؟!
ما الحل الآن ..؟
هو الذي لا ينحني .. و لا يثني كبرياءه العفن شيئا ..
كيف سيتواضع ليجبر ما كسر من روحها ..؟
أ هذه النهاية ..؟
صراخها بكلمات النهاية كان يصم أذنيه الآن ..
لا بد أنها مجنونة لتفكر بأنه قد يتركها ..!!
هو الذي أرعبته الفكرة حتى الجنون حين كان مؤمنا بأنها الخبيثة محبّة المال ..
و الآن و هي تحوي روحها تجمعهما .. بدت الفكرة تتجاوز اللا تصديق ..
و بخطى قويّة .. استدار ليترك مكتبه .. قاطعا المسافات بلهفةٍ يسترها بجمود ..
بأي وجهٍ سيقابلها الآن ..؟!
و أي كلماتٍ سينثر كإعتذرا ..؟
لا شيء كان يحضره في تلك الثواني .. و ملايين الأفكار تتنازعه ..
يريد أن يصلها الآن فقط ..
أن تتلقف عينيه رقة ملامحها الصافية البسيطة ..
لربما لاح له قبس من خلف عينيها .. ينبئه بأن تحت رفات أوجاعها المتراكمة ..
تنبض مشاعر لم تمت ..
شيء يكون هو سبب ارتعاشاتها الفاضحة في قربه ..
في ألمها أمامه ..
في انكسار المرأة التي خذلها رجل حياتها ..
و راحت الخطوات تتدافع ..
رجل السنوات الكبير .. ذو الخبرة ..
غدى طفلا حائرا لا يعرف كيف يتصرف ..
طفلا مفزوعا من فقدها ..
هي الوطن الذي احتوى غربته ..
و دفع باب الجناح الساكن .. ليقتحمه جنونا ..
يندفع وسطه كإعصار مشاعرٍ أهوج ..
لا بد أن هناك ما تبقى لكي يصلحه ..
أ و لم يحظيا بأمل أنفاسٍ طفولية ستعطر حياتهما القادمة ..؟!
و تجاوز وسع الصالة ليدخل غرفة نومهما ..
.
.
الغرفة التي كانت ترتقبه ،،
تقف أمامه بخيبة ..
و تهز رأسها بخذلان ..
و يصرخ خلوّها في وجهه مؤنبا ،،
و دارت عينيه في وسعها .. و خيل إليه أن آخر شظايا الإنفجار تملأ المكان ..
خشي كثيرا أن يمشي في الغرفة .. فيتعثّر بألمها .. أو يدهس شيئا من فتات أحاسيسها ..
باب غرفة الملابس المفتوح ..
و بقايا ملابسها التي ألقيت على الفراش ..
ليرتفع صوته الأجش مناديا .. و كأنه يستدرك أي يقينٍ برحيلها ..
- حـــــــــــور ..؟!
لكن حور لم تجب ..
حور التي عقدت آخر أفاليل وجعها في صرّة .. رحلت ..!
و تضخّم الألم في صدره حتى كاد يطحن الضلوع ..
تقدّم ببطء ليلتقط الثوب الذي كانت ترتدي من على السرير بيده الكبيرة ..
يرفعه ببطءٍ إلى وجهه ليدفن ملامح الألم الشرس في طيات نعومته ..
يستنشق بقايا عطرها الذاوي .. كحضورها الأخير ..
ليزفره بقوّة .. أزهقت روحه ..
لا بأس ..
سيتركها الليلة فقط لتبرد جراحا يعلم يقينا أنها لن تلتئم ..
و في الصباح سيقتحم قلاعها ..
سيجتاحها حبّا ..
سيحتلّ كل مواطئ الإحساس في روحها ..
و سيعتذر ..
مع اول خيوط الضوء سيتجه لبيت جدّه ..
سيخوض المعركة المميتة ..
و سيستعيد أميرته الصغيرة دون ريب ..
و اعتصر بقبضته الحرير حتى أوشك على الذوبان ..
لو علمت كم يحمل لها في قلبه المتصلّب الأسود ..؟
هل كانت ستحتوي بيديها الناعمتين جفاف سنوات عمره الطوال ..
لترويه إحساسا .. فيورق ..؟!
و كره منظر الغرفة الآثم بغيابها ..
كره الهواء الذي لا تعطّره أنفاسها ..
و كره نفسه ..!
.
.
هنا كان المسا بارد حزين ومكتئـب مقهـور..
هنا! والا هنـا! والا هنيـا صـرت مابينـي!
أنا ما طحت من عين المواجع يوم أنا مكسور..
أنا من كثر ما فيني مواجع.."طحت من عيني"!****
* * * * *
ضيقت عينيها بانتقاد و هي تعقد - الشيلة - على خصر أختها بقوّة .. حتى أن الأخيرة تأوهت و هي تعقد جبينها بضيق ..
لتشير هي إلى صدرها باعتذار .. ترفع صوتها ..
- آآآآسفة ..
و همست و هي تهز رأسها ..
- صدق انيه دفشة ..
ثم ابتعدت قليلا تنظر لها قبل أن ترفع اصبعها باشارة النصر ..
هرعت بثقلها اتجاه مدير الأقراص الذي وضعته في زاوية الغرفة لتديره بصوتٍ منخفض ..
و هي تعلم بانه لن يبلغ مسامع أختها ..
تقدّمت منها .. و هي تلوح لها بحماس ..
- انتي شوفييييي اييييديييييه ..
و راحت تصفق برتابة .. بما يتناسب مع ما كان يصدر من المسجّل ..
ثم بدأت تحرّك جسدها بتزامنٌ معيّن مع صفقة يديها ..
مع كل صفقة بيديها .. أخذت تهزّ جسدها بقوة .. فيما تضيقان عينا أختها عليها بتركيز ..
قبل أن تتقدم منها لتلتقط يدها .. و تحركها .. بإيماءة مشجعة ..
لكن البداية كانت رديئة للغاية .. صفقاتها كانت في اتجاه .. و تحركات أختها المبتدئة في اتجاهٍ آخر تماما ..!!
لتبتسم رغما عنها .. و هي تشير برأسها رفضا .. ثم تتمايل بوضوح مع كل صفقة ..
و راحت أختها تحاول مرة أخرى باجتهادٍ حقيقي .. تحرك خطوتها بتناغم كان الأبعد عن الايقاع المطلوب ..
و لم تتوقف هي حتى قطعت عليها ضحكة مختلفة تأتِ من الباب ،،
فاستدارت نحوها لتجد دانة تتكئ على الاطار بابتسامة كبيرة و هي تقول ..
- شوه تسون يا المخبل ..؟
لتتوقف نورة .. و هي تلهث قليلا .. و استدارت المها بدورها .. و الاهتمام يكسو ملامحها ..
- نرقص .. شوه تشوفين يعني ..؟؟ المها تبا تتعلم الرقص ..
رفعت دانة حاجبها بخبث ..
- تبا تتعلم الرقص .. و الا انتي تبين تعلميها غصب ..؟ يعني .. يعني .. لو فرضا انها تبا تتعلم الرقص .. ليش ما قالت ليه .. و الا لعفرا .. و الا لحور .. ما لقت الا انتي يعلمها ..؟
رفعت نورة حاجبها و هي تنظر لها شزرا ..
- ليش منوه علمج الرقص انتي غيري ..؟
هزت دانة كتفيها ..
- أيام المجد السابق يا شعبولا .. الحين يوم ترقصين .. كل شي منج يروح فصوب ..
ثم تقدّمت لتقرص عضد نورة الممتلئ ..
- خفي يخرب بيتج .. خايفة اييج يوم و تنفجرين ..
ارتفعت يد نورة لتصفق مؤخرة رأس دانة بقوة ..
- عنلاتج يا العصعص .. لا تقرصين .. و بعدين أنفجر .. و الا أنفجر .. ما يخصج .. و الا تغارين يا الهيكل ..؟
- هيكل أونه .. انتي ودج بربع رشاقتي يا الدنكر .. بس و الله صدق نورة .. ترى اخترب جسمج الحينه .. غادية كورة .. كل شي فيج منتفخ ..!!
راحت نورة ترقص بتحدي و هي تنظر لها من تحت جفنيها ..
- حلااته انزين .. أنا وحدة عايبنيه متني .. و ما بضعف .. بتم كذيه شرايج ..؟
عقدت دانة حاجبيها ..
- أونج عاد ..
لتهز نورة بثقة ..
- هيه و الله .. عيل شوه .. مادري ليش المتان مهضوم حقهن .. يعني بس الضعاف لي حلوات و المرغوبات .. و المتان محد يباهن .. ؟ أنا مادري ليش العرب ميتين ع الضعف .. و يطلع المتن في عيونهم عيب ..؟ أنا وحدة أشوف الحلاوة في المتان .. و خفة الدم فيهن .. أما الضعاف شراتج .. أعوذ بالله .. ثقيلات دم بشكل ..
- حلفي انتي بس ..؟
اقتربت نورة منها و هي تهز جسدها الثقيل برقصة غريبة عقدت دانة لها حاجبيها باستنكار ..
- عيل ..؟! .. يعني الوحدة عسب تكون جميلة لازم تكون رشيقة ..؟ و اللي مهما سوت ما تضعف شوه تسوي بعمرها ..؟؟ هي الشينة .. الدبة لي محد يباها ..؟ تعرفين شوه .. هذا الاعلام هو اللي شوه صورة الجمال و ربطه بالنحف ..
أشارت دانة بيدها ضجرة ..
- دخيل أمج .. قبل خمس ثواني سدحت لي الناقة محاضرة .. هب ناقصة عريضة في حقوق المتان ..
- يعلج فداهن ..
هزت دانة رأسها ..
- ان شا الله .. بس دزي عمرج اهناك .. نبا وسع هنيه .. ابا أرقص بعد ..
ثم ضحكت ..
- بعدين غربلج الله .. كيف تبين المها ترقص و هي ما تسمع الدقة ..؟
- تشوف الصفقة و اتهز وياها ..
هزت دانة رأسها بابتسامة تجذب يد المها تدفعها للرقص ..
- ما شوفها لاحقت الغنية .. انحولت عينيه و انا أطالعكن مساع عند الباب .. أنا عيونيه رقيصة .. أتنرفز يوم تكون الدقة فصوب و الرقصة فصوب .. تستفزون مواهبي ..
دفعتها نورة بجسها جانبا .. لتترنح دانة و الأولى تحرك حاجبيها بمكر و تصفق بيدها مع عودة المها للتحرك المخالف للنغمات ..
- الله و المواهب يا السحلية .. اللي يشوفج ترقصين بيتحراج مصروعة ..
أمسكت دانة بيد المها تنظر لنورة بنصف عين ..
- خشعتينيه الله يغربلج ..
ثم نظرت وراء نورة .. قبل أن تتسع عينيها و تشير بيدها و هي تصيح ببراءة دون أن تتوقف عن الرقص ..
- نورة في شي طاح منج ..
لكن نورة رفعت أنفها في الهواء دون أن تبالي بسخرية دانة .. و هي تبتسم بخبث ..
- يا الهبلة .. هذا واحد من فصوص تقويمج ..
.
.
و بعيدا عن ضجيجهن .. كانت هي تكافح للحاق بركب رقصهن المتناغم ..
تجتهد لتقليد حركاتهن و الايماءات .. و تلويحات الأيدي المشتتة ..!!
و عزم شديد ينعقد في داخلها هذه الليلة ..
هناك من الأشياء التي يجدر بالفتاة - الطبيعية - أن تتقنها ..
تأملها لرقصهن جميعا هذه الليلة بخلافها .. جعلها تشعر بشيءٍ من النقص ..
و هي تدرك بأن هناك الكثير من الأشياء التي لا تتقنها ..
الكثير من الأشياء التي تتخلف بها عنهن ..
و أرادت أن تدثر فجوة الاختلاف هذه بقوة ..
.
.
كانت فتاةً عادية برغبتها هذه ..
لم تفكر بأن نقاءها هذا ميزة ..
و أن كمّا من النواقص قد يجعلها بعيدا عن منأى الألم ..!
* * * * *
جلست على طرف سرير أختها القديم .. و شيلتها تنزلق على كتفيها ..
و أعادت خصلات غرتها الطويلة وراء أذنها و هي تلتقط كوب الماء من بين يدي أخيها .. لترتشفه ببطء ..
جرعتين فقط بلّت بهما حلقها الجاف بعد نوبة البكاء الهستيرية التي انتابتها ..
قبل أن تمد اتجاه مايد مرة أخرى .. و الأخير يحثها بهدوء ..
- اشربي بعد ..
لتشير ببيدها مبحوحة الصوت ..
- بس فديتك ..
مسح رأسها برفق و هو يبتسم لها بحنان ..
- هاه .. أحسن الحينه ..؟
مسحت خدها بظاهر يدها و هي تومئ موافقة .. فيما لا تفارق عينيها أرضية الحجرة ..
تبادل مايد و عبيد النظرات الهادئة .. قبل أن يسألها الأول بصبر ..
- حور فديتج .. رب ما شر ..؟ روعتينا عليج ..؟
نشقت بهدوء .. قبل أن يرتعش صوتها ..
- و لا شر ..
عاد يسألها بصبر و هو يجر خيوط التفسير من فمها ..
- شي بينج و بين ريلج ..
صمتت دون أن تمنحه اجابة على هذا السؤال .. و لا حتى بإيماءة واحدة ..
لينظر لها مايد بقوة .. يحثها ..
- حور ..؟؟
كانت أصابعها النحيلة تلعب بقماش عبائتها الأسود .. و هي ترد بهمس موجوع ..
- تضاربنا ..
عقد عبيد جبينه و هو يسألها على الفور ..
- تضاربتوا ..؟ سوابج شي ..؟
هزت رأسها ببطء ٍ أن لا .. ثم عادت لتهمس بانكسار ..
- بس ثقّل عليه بالرمسة ..
عقد مايد جبينه ..
- شوه قال .. ؟
لتهز كتفيها بتعاسة ..
أشياءً لا يمكن ذكرها أخي ..!
- رمسة ..
- مثل ..؟
تنهدت ببؤس دون أن تجيب و أشاحت بوجهها بعيدا .. آخر ما قد تحتمله الليلة هو استجواب من أي نوع ..
لكن سؤالا آخر داهمها .. و عبيد يدنو منها بهدوء ..
- انزين ليش اتصلتي بمايد ..؟ ليش ما سرتي بيت أبوج سيف يوم انها بس رمسة ..
رفعت عينيها اتجاهه و اتضح جرحٌ أخرس في محاجرها ..
ليستطرد بثبات ..
- تعرفين انه لو ما شلّتج القاع بتشلج عيوننا .. بس فيه سبب يخليج ما تسيرين بيت يدج .. و تظهرين من البيت للشارع آخر الليل ..!!
لأنه سبب المشكلة الأول ..
لأنه بؤرة الألم .. و هو الذي استخدمني أولا ..
و لأنها تخشى أن تراه بعد ان انفجرت في وجه حفيده ..
فتصرخ بكل ألمها في وجهه ..
و تهشّم الاحترام الهش الذي يسود بينهما ..
ملايين الأسباب التي قد تبعدها عن قسوة ذاك الرجل الذي لم ترى منه بادرة تشعرها بأنها قد تجد الأمان في حماه إن التجأت إليه ..
و غير أن السبب الأهم أنها أرادت أن تبتعد عنه قدر الامكان حتى تحصل على مبتغاها فيما سندٌ قوي يصلب ظهرها ..
- قلت لكم ان ابوية سيف بيردنيه عليه ..
ضاقت عيني عبيد ..
- و انتي ما تبين تردين ..؟
لمعت عيناها بالدموع و تهدجت أنفاسها ..
- لاااا ..
سأل مايد بسرعة مباغتة ..
- ليش ..؟؟
عضت شفتها السفلى و دموعها تنفلت من عقلها مجددا ..
- لنه حقير .. و ما ريد أعيش وياه .. خلااااص ..
- انزين شوه قال لج يوم ان المشكلة كلها بس رمسة ..؟
أغمضت عينيها بألم ..
- سبنيه .. و غلط عليّه .. و ترى هاي هب أول مرة .. انا من خذته .. و هو ممتحن صبريه .. كل يوم سب و شتايم ..
و نظرت لوجه مايد الذي احتقن بغضبٍ شديد متوسلة ..
- أناا مااا ريده خلااااص .. و الله لو أموت ما رد له ..
تكلّم عبيد بقهر .. و هو يشد قبضته ..
- من يوم ما خذج و ما رمستي الا الحينه .. ؟
أما مايد عقد جبينه و هو يمسك بذقنها يرفع وجهها المحمر المتورم اثر البكاء اتجاهه و هو يلاحظ الندبة التي تعلو جبينها لأول مرة .. ليتساءل بصدمة ..
- من شوه هذا ..
و ضغط بإبهامه مكان الكدمة الدامية لتتأوه بألم وسط دموعها ..
- هاي الطاولة ظربتنيه .. وخيت و الليت مبند .. ما شفتااا ..
عبيد الذي كان يعقد ذراعيه أمام صدره ضيق عينيه بدوره على الندبة و هو يتقدم اتجاهها ..
- الطاولة ..؟
لتستر ألمها .. و شيئا من الحقيقة ..
- هيه و الله .. الطاولة ظربتني ..
و تغاضت عن ذكر سبب اندفاعها اتجاه حافتها الصلبة ..!
أفلت مايد وجهها .. و هو يخفي قهره ..
- حور انتي الحينه ريحي عمرج .. و رقدي .. باكر الصبح بنرمس في الموضوع .. انزين ..؟!
و نظر لها و هي تهز رأسها كالطفلة .. تمسح بقايا دموعها .. و عيناها ترتفعان لعبيد الذي اغتصب ابتسامة أمام بؤسها ..
قبل أن يتقدم منها .. يطبع قبلة خفيفة على رأسها و يقول بخفوتٍ متآمر ..
- ريحي عمرج .. و ما بيصير خاطرج الا طيب .. بس لا تفكرين .. خلاااص ..؟
أومأت برأسها و عبيد يخرج أولا .. فيما وقف مايد لثوانٍ و هي تقف بدورها .. و الأول يشير بيده للخزانة الخشبية ..
- وديمة تحط لها ثياب هنيه يوم تطول تيلس عدنا .. شوفي لو شي منهن على قياسج .. نحن في حجرنا و لو بغيتي شي لا يردج الا لسانج ..
ثم ابتسم بخفة أمام ايماءاتها الميتة ..
- تصبحين ع خير ..
نشقت و هي ترد بهمس مبحوح ..
- و انته من اهله ..
.
.
.
.
ما ان أغلق الباب حتى استدار لعبيد الذي اتكأ على اطاره يعقد ذراعيه على صدره .. و عينيه تضيقان بقسوة ..
تحرك مايد ليحلق به أخوه .. و هو يقول بهدوء ..
- تعال حجرتيه ..
فتح مايد باب غرفته .. و انتظر من عبيد أن يدخل قبل أن يتبعه موصدا الباب خلفه ..
كان عبيد يقف قرب النافذة يستند بيده على اطارها مميلا جسده للأمام ..
خرج صوته مختنقا .. مقهورا ..
- شوه تبانا نسوي ..؟
جلس مايد على طرف فراشه .. يريح يديه على ركبتيه .. و هو يقول باتزان ..
- عقب صلاة الصبح بنييب وديمة ترمسها .. و تفهم منها شوه السالفة .. بس لا تخبر أميه انها هنيه .. يمكن ينحل الموضوع قبل لا ينشون شيابك من الرقاد ..
التفت له عبيد بعنف ..
- تبا تردها عليه ..؟ عقب اللي سمعته ..؟!
رفع مايد عينيه نحوه بهدوء ..
- اللي سمعته رمستها و هي مقهورة .. أي زوجين اتصير بينهم بعض الأمور .. تخليهم يوصلون لطريق مسدود مرات .. مشاكل و الدنيا ما تخلى منها ..
اشتد قبضة عبيد .. و هو يقول بقهر ..
- اتقولك ممتهنها من شهر .. سب و شتايم .. و انته تقول لي مشاكل ..؟ تستهبل ..؟ و ليش ما قلت الرمسة هاي في ويهها .. بدل لا تبين ويه قدامها و من وراها ويه ثاني ..
صر مايد على أسنانه بغضب ..
- كبّر عقلك انته .. أختك مالها شهر معرسة .. و غير انها مودرة بيت يدها و زابنة في بيت خالتااا .. شوه تبا الناس يقولون عنها هااا ..؟؟ فكر ياااخي ..
لوح عبيد بقبضته في عصبيه ..
- و شوه علينا من الناس ..؟ محد منهم بشايل الهم عنا ..!! الحين حدك ع هالشور رمستهم .. انت اللي كبر عقلك .. حور العاقل ما خلاها بهالحال .. و ظهرها من بيتااا للشارع تالي الليل الا شي قوي .. الكلب لي يقاله ريلها مسوي بليّة عودة .. و الا بتقوليه انها ساكتة شهر سب و شتايم و فجأة كذيه ما اتحملت .. أنا أعرفها حور .. تصبر سنة و لا عليها ..
مسح مايد وجهه بيده ..
- عبيد لا تعسرها ..
قال عبيد من بين أسنانه بقوة ..
- ما بعسرها .. لكن ما ترد له الحيوان الا يوم يزحف على ركبه .. حور هب رخيصه .. و سالفة السب هاي بنطلعها من عيونة .. و لو انته مستثقل يلستاا هنيه .. بسير وياها و بفتح بيت عميه حمد و بيلسها فيه ..
وقف مايد أمام أخيه بغضب أسود ..
- عنلاااات هاللحية يا الهرم .. انا مستثقل يلستااا ..؟ و الا انته لي تتحرا الأمور سهالات ..؟! باكر من الصبح بتشوف عيال بن سيف كلهم هنيه .. يبونها .. ما بيخلون بنتهم في حمى حضرة جنابك .. انته هب أحرص منيه على حور ..
قال عبيد بقهرٍ متحديا ..
- و لا كلب منهم يحركها من بيتنا الا برضاها .. و لو هي ما تباه .. ما بترد له النذل .. و ابا اشوف كيف بيشلونها من هنيه و هي ما تبا .. و الله لثوّر فيهم .. أختك طالبة العون .. و انته في رمسة الناس و حق عمومتهاا .. وينهم هل الحق من سنين و يوم عرفوه ودروا الكلاب عليه ..
و نظر لمايد بعينين ضيقتين مستفزا ..
- لا تخلينيه أفكر انك خايف من بن سيف لي مشغلنك ..
قال مايد بثورة غاضبة ..
- تخسي لحيتك انته و ياه ..
رفع عبيد رأسه باستفزاز و تحدٍّ ..
- عيل لا تفر ختك هالفرّة .. و هي عانية لك .. بتييب وديمة تفهم منها السالفة قبل لا تنش أمك ما عليه .. لكن لا تقول بنردها .. لنها ما بترد .. الا و هي راضية .. و خاطرها طيب .. غير هالرمسة .. ما بتشبر من البيت هذا ..
و بدا على وجهه تصميم شرس و هو يرفع رأسه بقوة ..
* * * * *
حين أقبل الصبح ،،
أقبل بوجهٍ آخر ،،
وجه لا يشبه إلا أحزانه الوليدة ،،
أقبل بهدوءٍ وقع في قلبه ليفزعه ..
هو الذي توسّد فقدها الليلة دون أن يغفو له جفن ..
لم يرى الفجر بتلك الكآبة يوما .. و هو يقطع المسافة إلى بيت جدّه يرافقه نايف عائدان من المسجد مشيا على الأقدام ..
و قد سبقهما الجدّ بخطوات .. فيما تباطأ هو لينخلف عنه عمدا ..
أراد أن يصف الكثير من الأفكار في ذهنه .
ما هو واضح .. ان جده لم يعلم بأن حفيدته قد عادت لبيته ..
و مسح على لحيته بتنهيدة قوية .. تركت صدره خاويا من الأنفاس ..
يخالف عادته في الافتراق عنهما حين يصل لمنتصف باحة البيت الأمامية ..
و بعينين ضيقيتين يراقب اختفاء جده وراء باب البيت الداخلي .. سحب نفسا عميقا و هو يأمر نايف بصوتٍ أجش ،، بذل جهده ليتحكم فيه ..
- نايف .. اطلع فوق و شف حور فحجرتاا .. و الا مر على حجر البنات بتحصلها راقدة عند حد منهن .. قلها انيه أرقبها في الميلس الداخلي ..
* * * * *
* أسماء الدخيل ..
** البدر ،،
*** / **** بركات الشمري ..
|