► الخطـــــــــــــــوة الحاديـــــــــــــــــــة و الثلاثـــــــــــــــــــون◄
║ و خطوات تشتعل ..!║
(( قبل أي شيء .. و كل شيء ..
سنقف هنا ..
تنتكس أحاسيسنا حزنا .. و نضم الأكف في ابتهال صادق ..
من يوشك على القفز عن هذه الأسطر فليتجاهلها ..
و من يحوي في قلبه من الصدق ما يكفي .. تنحيت أوسع له مكانا بجانبي ..
هدوءا .. هدوءا ..
لننفح الريح دعواتنا ..
تحملها .. فتقرع أبواب السماء ..
( غيوم الشوق )
مصابك جلل أخيه ..
و لن أسهب في الحديث عن فقدك ..
قد قيل مرة على لسانٍ قلمٍ راحل ،،
( لا أصعب من الفقد .. إلا سماع نقد الفقد... ممن لم يجربه )
رحم الله والدك و أسكنه فسيح جناته ..
لك الصبر يا طيبة ..
أعانك الله و آجرك في مصيبتكِ .. وأخلفكِ خيرا منها ..
كل ثقة بأن أي روحٍ ستطوف من هنا .. ستترك دعوة صادقة في ظهر الغيب ..
لتحف الرحمة مثواه ..
.
.
اللهم أغفر لهُ وأرحمهُ وعافهِ واعفوا عنهُ , وأكرم نزلهُ ووسع مدخلهُ
وأغسله بالماء والثلج والبرد , ونقهِ من الذنوب و الخطايا كما ينقى الثوب الأبيضُ
من الدنس , اللهم أوسع عليهِ قبره , وفرش قبره من فراش الجنة ,
اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة ولا تجعلها حفرةً من حفر النارِ يا رب العالمين , اللهم أبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه , وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار .
اللهم عاملهُ بما أنت أهله ولا تعامله بما هو أهله , اللهم أجزهُ عن الإحسان إحساناً وعن الإساءةِ عفواً وغفراناً .
اللهم إن كان محسناً فزد في حسناته وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه يا رب العالمين .
اللهم أدخلهُ الجنة من غير مناقشة حساب ولا سابقةِ عذاب , اللهم آنسهُ في وحدته
وآنسه في وحشته وآنسهُ في غربته , اللهم أنزلهُ منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين .
اللهم أنزلهُ منازل الصديقين الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً , اللهم أعذه
من عذاب القبر وجاف الأرض عن جنبيه , اللهم املأ قبره بالرضا والنور والفسحةِ
والسرور , اللهم قِهِ السيئات ( ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته ) , اللهم إنه في ذمتك وحبل جوارك فقِهِ فتنة القبر وعذاب النار وأنت أهل الوفاء والحق فاغفرلهُ وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم , اللهم اغفر له في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وأفسح له في قبره ونور لهُ فيه ,
اللهم إن هذا عبدك وابن عبدك وابن أمتك خرج من روح الدنيا وسعتها ومحبوبيها وأحبائه فيها إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه , كان يشهدُ ألا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك وأنت أعلم به , اللهم إنه نزل بك وأنت خير منزولٌ به وأصبح فقيراً إلى رحمتك وأنت غنيٌ عن عذابه آته برحمتك رضاك وقه فتنة القبر وعذابه وآته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين .
اللهم أنقله من مواطن الدود وضيق اللحود إلى جنات الخلود ,اللهم ارحمه تحت الأرض واستره يوم العرض ولا تخزه يوم يبعثون , اللهم يمن كتابه ويسر حسابه وثقل بالحسنات ميزانه وثبت على الصراط أقدامه وأسكنه في أعلى الجنات في جوار نبيك ومصطفاك .
اللهم اجعل عن يمينه نوراً وعن شمالهِ نوراً ومن أمامهِ نوراً ومن فوقهِ نوراً حتى تبعثهُ آمناً مطمئناً في نورِ من نورك , اللهم انظر إليه نظرة رضا فإن من تنظرإليه نظرة رضا لا تعذبه أبداً , اللهم أسكنه فسيح الجنان واغفر له يا رحمن , اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم فإنك أنت الله الأعز الأكرم .. اللهم اعف عنه فإنك أنت القائل ( ويعفوا عن كثير ) .
اللهم إنه جاء ببابك وأناخ بجنابك , فجد عليه بعفوك وإكرامك وجودك وإحسانك ,
اللهم إن رحمتك وسعت كل شيء وهو شيء فارحمه رحمةً تطمئن بها نفسه وتَقَر بها عينه .
اللهم احشره مع المتقين إلى الرحمن وفدا , اللهم احشره في زمرة المقربين وبشره بروحِ وريحان وجنة نعيم , اللهم احشره مع أصحاب اليمين واجعل تحيته سلام لك من أصحاب اليمين.
اللهم بشره بقولك ( كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية ) , اللهم اجعله من ( الذين سُعدوا ففي الجنةِ خالدين فيها مادامت السموات والأرض ) , اللهم لانزكيه عليك ولكنا نحسب أنه آمن وعمل صالحاً فاجعل لهُ جزاء الضعف بما عمل واجعلهُ في الغرفات من الآمنين , اللهم إنهُ خاف مقامك فاجعل لهُ جنتين ذواتى أفنان بحق قولك ( ولمن خاف مقام ربهِ جنتان ) , اللهم إنه صبر على البلاء فلم يجزع فامنحهُ درجة الصابرين الذين يوفون أجورهم بغير حساب فأنت القائل ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) , اللهم إنهُ كان مصلياً فثبتهُ على الصراط يوم تزل الأقدام , اللهم إنهُ كان لك صائماً فأدخلهُ الجنةَ من باب الريان , اللهم إنهُ كان لكتابك تالياً فشفع فيهِ القرآن وارحمه يا رحمن من النيرآن واجعلهُ يا رحمن يرتقي في الجنة إلى آخر آية قرأها وآخر حرفٍ تلاه . اللهم ارزقه بكل حرفٍ من القرآن حلاوة وبكل كلمةٍ كرامة وبكل آيةٍ سعادة وبكل سورةٍ سلامة وبكل جزءٍ جزاء.
اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة وهذا الجهد وعليك التكلان , سبحان ربك رب العزةِ عن ما يصفون وسلامٌ على المرسلين , والحمد لله رب العالمين , وصلى اللهم على نبيك محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيرا
.
.
أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده ورسوله ..
إنا لله و إن إليه راجعون ))
* * * * *
بصدمة تكتسح حواسها ،، لا تبعد عينيها عما ترى ..
ينتفض قلبها بقوة ،، لتسري تلك النفضة في أوصالها ،، عبر شرايينها ..
تمر بجسدها الصغير بأكمله .. و تهزّه بقوة ..
فيما أهدابها ترفرف بجنون و هي تبدد دموعا طمست الرؤية في عينيها ..ا
ساقيها المرتعشتين عجزت عن تحملها لذلك تهاوت جالسة على الأرض و هي تضم ركبتيها لصدرها ..
بفزع طفلة بوغتت بما لا تنتظر ..
يدها المهتزة تسدّ فاهً يشهق بصدمة ،،
و دمعة تهاوت على خدها الصافي تعلن قطعا بأن الأمر لا جدال فيه ..
تلك الحقيقة تصرخ في وجهها ..
غطت بيديها عيناها الدامعتين و كأنها تستطيع الإختباء منها ،،
و تنفست بعمق تمنع تدفق الدموع المتخاذل .. و هي تهمس بصوتٍ ممزق ..
- يـــــــ..ــااا اللــــــ..ــــــــــــ..ــه ..!
قبل أن تلتمس القوة من الجدار البارد الذي تسند ظهرها عليه .. تقف على قدميها المهزوزتين ..
و تجر خطاها المتعثرة نحو فراشها المشعث ..
و يدها تنتفض باحثة بغير ثبات عن هاتفها ..
قبل أن تجده .. لتعتصره بين أناملها النحيلة .. و رؤوس أصابعها تلتمس الرقم المألوف ..
تضغط على الأزرار بضعفٍ شديد ..
كان ينبع من روحها أكثر من أي شيءٍ آخر ..
قبل أن تلصق أذنها بلهفة اليائس للهاتف ..
تحتبس أنفاسها فلا تكاد تتنفس ..
ترتقب ..
و ترقب ..
و ترتقـــــــب ..
يستمر الرنين لثوانٍ طويلة خالتها دهرا أعسر .. يأبى إلا أن أيطول ..
ليهلكها انتظارا ..
لكن ما ان اُخرِس الرنين ،، و انزلق الصوت الأنثوي الرخيم ..
يستحث انهيارها ..
حتى تفجّرت ينابيعٌ محرقة من عينيها .. و صوتها يتهدّج بقوة ..
- وديييمة .. ودييييمة .. آآآآه .. وديييمة .. أبــــــااااااااج ..
* * * * *
طالعت نورة التي كانت تحدق في شاشة التلفاز و الاشمئزاز لا يفارق وجهها فيما تطلق عبارات السخط ..
- افففف .. أكرهها .. مصدقة عمرها ويا هالويه المنفخ ..
نظرت دانة لها بمكر ..
- ليش ..؟ أنا أول ما شفتاا .. قلت نفس ضحكتج ..
ثم راحت تقلد ضحكتها ..
- ها ها ها ها ..
نظرت لها نورة بحقد ..
- فعينج .. نفس ضحكتيه أونه .. يا الله ما أسخفها ... ودي أصفعها ..
رمشت دانة بعينيها ..
- ليش .. ليش .. تصفعين هالرقة .. و هالدلع .. هاي حتى اسمها موسيقي .. حليمة بولند .. يوم انتي متضايقة .. فري ع قناة ثانية نتفرج .. تسبين بنت العرب .. و تكسبين إثم ..
غيرت نورة القناة .. و هي تواصل التذمر ..
- اتخيلي بس يحطونها في برنامج مناقشات .. و الا برنامج سياسي .. اول ما بيبدون المناقشين التخشيع ..
ثم راحت تقلد نعومتها .. و هي تشير بيدها للجهتين ..
- بس .. بس خلاااس .. آرجووكم .. خلااااس ..
ثم وضعت يدها على رأسها بصرخة يائسة ..
- لالاااا مااا آآكدر .. حرااام .. بتنخش خلااف تحت الطاولة ..
ضحكت دانة ..
- أبا أعرف ليش متضايقة من دلعها .. شوه ذنب الحرمة لو انتي دفشة و ويهج لوح ..
- محد لوح غيرج ..
- انزين أنا لوح ..بس شرايج اتشغلين troy نشوفه ..
نظرت لها نورة شزرا ..
- لوعتي بنا .. انتي ما تملين ..؟؟ شايفة الفلم فوق الستين مرة .. أنا آخرتاا بشله و بكسره .. و بعدين ما رديتي ع سؤاليه ..
عقدت دانة جبينها تتساءل ..
- أي سؤال .. وايد تسألين انتي ..
- السؤال اللي سألته قبل لا تظهر حليمة .. انتي متى بتتنازلين و بترمسين حور ..
تبخرت ابتسامة دانة .. و انعقد جبينها ببطء .. قبل أن تلتفت لنورة ..
- الحين انا لي ما أرمسها و الا هي لي ما تعبرنيه ..
رفعت نورة حاجبها ..
- تستاهلين كسر راس .. هب تطنيش وبس .. تطولين لسانج ع ختج العودة شوه ترقبين منها ..
زفرت دانة بضيق شديد ..
- نورة هب ناقصة محاظرات بليز .. أنا من أشوف الوقت مناسب اتعذرت منها ..
- و متى بيناسب الوقت ان شا الله ..؟ هاي اربع أيام خطفن و لا انتي رمستيها .. ولا تعذرتي منها ..
كان هذا الموضوع يؤرق راحتها .. يخزّها بعنف ..
لم تعتد يوما على مقاطعة حور .. و لا عدم رضائها ..
اشتاقت لتلك الحبيبة ..
و كثيرا ما خزّها الدمع كلما رأتها تمر أمامها دون كلمة ..
- خلااص ازهلينيه .. انا و حور بنتفاهم ..
.
.
تستقر عينيها على شفافية ذاك الطيف الذي استكان بهدوءٍ ملائكي خالص على أريكةٍ قريبة منها ..
شيءٌ يشبه الطمأنينة القانعة كان يلفّ الهواء حولها .. و هي تتأمل وريقات الكتاب الذي تحتضن بين يديها ..
من كان يصدّق بأنها قد تخرج من ظل تلك الكبيرة لترسم ملامح حياتها القادمة دون مساعدة أحد ..
شعرت بها كفراشة شقّت شرنقتها للتو .. تتمطى هشاشة أجنحتها .. بحذر ،،
و خشيت هي كثيرا ..
من قسوة ما قد تحمله الأيــــام ..
تخاف من أن تهتك شراستها رقة الأجنحة ..
تنهدت بهدوء ،، متسائلة إن كان ما سمعته من نورة عن جدال حور و دانة هو ما دفع حور للوقوف بحيادية .. و رفع يديها عن الموضوع ..
تاركة مطلق الحرية للمها في القبول أو الرفض دون حتى أن تتدخل بنصيحة ..
استاءت من شقاقٍ راح يلوح في أفق علاقتهن ..
عليها أن تجد طريقة لنزع الجفاء القائم بين حور و دانة ..
ترى الوحدة و الغربة تصرخ من عيني حور كلما أتت إلى هنا .. و الذنب المطلق يمزّق دانة تاركا اياها فريسة دموعٍ تكابرها كل ليلة ..
انتشلها ضياء لمع ينعكس عن ثنايا تلك الحبيبة التي التقطت نظرتها الساهمة ،،
لتجد نفسها تردّ ابتسامتها بحبٍّ عميق ،،
قبل أن تنهض من مكانها فارة من زوبعة أفكارها تلك لتجاور أختها الصامتة بهدوء ،،
هكذا .. فجأة أصبحت المها هي الأقرب لها من كل أخواتها ..
أن يجمعهما بيتٌ واحد مستقبلا .. هو أفضل ما قد يساعدها على اجتياز السنوات القاحلة التي تلوح في أفق مستقبلها القادم ،،
و بعين الخيال .. رأت صغارا يشبهون هذه الطاهرة .. وجوهٌ حلوة صافية و بريئة ،،
و تثقب الغمازات وجناتها فرحا ،،
ابتسمت بمرارة ،، هذا ما عليها اعتياده .. ترقب أطفال الغير بدلا عن إنجاب أحدهم ..!
رفعت رأسها تلتقط نظرة المها التي خطت الابتسامة شفتيها ..
هل يخيّل إليها ..؟!
أم أن بريقا مختلفا أصبح يستوطن مآقي المها ..
شيءٌ من القوة ..؟
الثقة ربّمــــا ..؟!
ضربت أنف المها الصغير بسبابتها في حركةٍ مرحة .. قبل أن تدس يدها في ذراعها ..
دون أن تتخلى المها عن ابتسامتها أو الكتاب الذي بين يديها .. و هي تطالع وجه عفرا بترقب ..
ثم ربتت الأولى بإصبعها السبابة على صدغها في اشارة الصامتة تتساءل عمّا تفكّر أختها ..
ضيّقت عفرا عينيها بمرح و هي تطالع السقف تتظاهر بالتفكير .. ثم غمزت لها بمكر و هي تشير لبنصرها الأيسر بحركة ادخال خاتم ..
مما دفع الدماء لوجه المها على الفور و هي تغضّ طرفها بخجلٍ فاضح ..
ضحكت عفرا بحب .. و قلبها يخفق بشدّة ..
يا الله ..!!
لو يعرف أحمد أي درّة بهذا الصفاء سيقتني ..!!
مسحت على ذراع المها تستدعي انتباهها .. ثم أخفت معالم ضحكتها .. و هي تقول بجديّة .. رافعة صوتها و ابهامها للأعلى في إشارة مشجّعة ..
- أحماااد ريااااال زيييين .. وااااايد زيييييين ..
قضمت لآلئ صافية شفتها السفلى القانية و هي تبعد عينيها الواسعتين بأهدابها الثقيلة عن وجه عفرا ..
فيما يقرع قلبها بجنون ..
لو تعلم فقط ان كان القرار الذي اتخذته عين الصواب .. أم أن تعجّلها هو خطأ ..؟!
كان انسحاب حور بتلك الحيادية الهادئة .. و رفع يدها عن الموضوع تاركة القرار بين يديها ..
هو أكثر ما شتتها ..
هل خشيت حور أن تنحاز في صفّ أخو زوجها .. و تدفعها للموافقة .. فيما هي تؤثر الرفض ..؟!
ربّما كان هذا هو السبب ..؟
فقد خيّل اليها في بداية الأمر أن حور تمتعض عند ذكر الموضوع .. و لم تكن راضية عن الفكرة .. ربما لاعتقادها بأن أختها غير مؤهّلة للزواج ..
لكن يبدو أنها أعادت التفكير لتدرك بأن المها لم تعد طفلة ..
و آثرت عدم التدخل في قرارها تاركة لها مطلق الحريّة لتشق طريقا جديدا لها في هذه الحياة ..!
السؤال الآن هل دوافعها هي للزواج كانت صوابا ..!
أم انها تعجّلت لتدرك حلما قد يفوتها ..
في مخيّلتها استحضرت صورة ذاك الرجل .. و هذه عادة أصبحت تمارسها مؤخرا ..
مجاهدة لخلق نوعٍ من الطمأنينة في داخلها ..
الملامح الرجوليّة الباسمة دوما .. ضحكته و ايماءات راحت تستعيدها بشيءٍ من الجهد .. محاولة أن تكون صورة حية في ذهنها لرجل ستعيش تحت ظله ..
و بدا المستقبل فجأة أمامها .. ضخما .. و مجهولا .. و ملؤه الرهبة ..
هل الاعجاب دافع كافٍ للزواج ..؟
أم يفترض بها أن تجد مقوامات أخرى تتجاوز خشيتها من أن تكون هذه فرصتها الوحيدة المميزة ..؟
الحقيقة أن الأمر كان يخيفها و يسلبها الثقة ..
قرارها الأول الذي تتخذه وحيدة دون مساعدة كان مصيريا ..
حدد لها شكلا معينا من الحياة التي ستعيشها مستقبلا ..
لو أن حور ساعدتها على اتخاذ القرار .. لما مزقتها الحيرة بهذا الشكل العنيف ..
لكن رفضها للاحتفال بعقد القران و طلب أن تكون خطبتهما دون البهرجة التي رأت في احتفال العائلة بروضة و عفرا ..
انعكس عليها سلبا .. فلم تجد معارضة حقيقية لها في ذلك ..
لكن تعجيل العقد ليكون مساء الغد أفزعها أيما فزع ..
لتدرك أن الأمر بات حقيقيا ..
وشيكا ..
أن الحلم الذي طالما خجلت من التفكير به ..
أقرب من الوريد لها الآن ..
و أنه غدا ..
في ليلة ستكون مختلفة و ان التحفت صمتا يناقض ما تحمل ..
ستغيّر مجرى حياتها الى الأبد ..
و سترسم لها قدرا يكون نهجا لأيامها ,,
ستكون ليلتها الأولى ..
ليلة فضّلت أن تشبهها ..
صامتة ..
دون صخب ..
و ليلة أحب هو أن تشبهه ..
متعجلا ..
كاسحا ..
يداهمها بما يحمل ..
تشتعل عواطفه ..
.
.
لهب ..!
* * * * *
الشحوب الذي كسا وجه أختها خلع قلبها ..
رعشة من الخوف سرت على طول ظهرها بلا سبب .. و وديمة تهمس مصدومة .. عينيها المذعورتين تطالعان حور الجالسة على طرف فراشها ..
- حور ..!! حور انتي تمزحين و الا صادقة ..؟ حور انتي تدرين شو يالسة تقولين و الا صابج شي ..؟!
رفعت يديها لتمسك بجانبي رأسها بذهول مطلق .. و تحرّكت في وسع الغرفة الفخمة بجنون ..
الرفض .. و عدم التصديق ..
حتى الاستنكار ..
يتقاطرون من نظراتها التي راحت تتوسل بها حور أن تكذّب كل ما قالت للتو ..
و هي تتمتم بصوتٍ مهتز ..
- يا الله بالعون .. يا الله ..!! حور .. حور قولي غير هالرمسة يختيه ..
انزلقت دمعة دافئة تتبع سير أخيّاتها على خدّها الندي و هي تقول بصوتها المبحوح بإنكسار ..
- و الله يا وديمة ان كل لي قلته صار .. ما نقصت و لا زدت شي من عنديه .. تخيلي ..!! تخيلي ماخذني وسيلة كسب ..!!
أشارت بسبابتها المرتجفة لصدرها بألم مبرح .. و هي تشهق باكية ..
- يعني فرتيه في بيت أبوية و تطنيشة من قبل هب لشي .. الا لن الفايدة كانت مأجلة .. و أنا فاره عمريه عليه .. و كانيه ما صدقت انه يعطينيه ويه .. و طلع آخرتااا يلعب عليّه .. يقص عليه عسب ياخذني و ياخذ من ورايه ملكية شركة ..
كانت نظرات وديمة تتحجر ببطء على ملامح أختها بالرضاعة ..
تتأمل سيل الدموع ..
تصيخ السمع لنشيجها .. و المشاكاة ..
و من أعماق القهر الذي راح يتوالد في داخلها .. انفجر الهمس الذي تلفّظت به في وجه حور المتألم ..
- الحين ها لي حارق فوادج ..؟؟ انه ماخذنج عسبة الشركة ..؟؟
هزت حور رأسها بلا كالطفلة ..
- أقولج ذلنيه .. ظربنيه .. أناا يمد ايده عليه الحيوان .. ابوية لي هو أبوية الله يرحمه .. ما قد سواها و هو يموتنا من الرعب ..
و انكسر الباقي من الثبات .. لتنهار بوجعٍ حقيقي ..
- وديمة .. سبنيه .. يقول انيه بهيمة .. أنااا .. أأ .. أنااا ........
غطت وديمة وجهها بيديها و هي تقول بخفوت ..
- بس .. بس حور .. بس .. دخييييل الله .. صخيي ..يكفي .. يكفي .. يا الله ..!!! شوه سويتي ..!! حور شوه سويتي ..!! ليش انزين ..؟؟ هذا و انتي العودة و العاقل و الرزينة .. شوه خليتي من خفة عقل لدانة و نورة .. حرااام عليج .. ليش هدمتي حياتج قبل لا تبدين بها حتى ..؟؟!
من خلف غلالة الدموع الضبابية طالعتها حور بعدم فهم ..
و وديمة تبعد يديها عن وجهها المحمر .. و تقول بقوّة خافتة من بين أسنانها ..
- بالله عليج خبرينيه .. فشوه كنتي تفكرين يوم سريتي للريال أنصاف الليالي اطلبين منه فلوس ..!!! وين مخّج ..؟؟ حد تسري لريلها و اتقوله عطنيه فلوس و الا ماباك ..؟؟ يعني افهمها يا فلان أنا ماخذتنك عشان فلوسك .. و انتي ما خليتي فيها تخمين .. عطيتيه اياها كاش في الويه .. يااا الله ..!! ما أصدق .. و الله لو انه فلم ما صدّقته ..
نظرت بحرقة لحور .. و هي تهمس ,,
- وين عايشة انتي .. هذا هب فلم .. و لا من مصاخة المسلسلات لي تشوفنها .. هاي حياتج .. سمعتي رمسة ما تعرفين ساسها من راسها .. و ربعتي تتصرفين من راسج ..!!
ارتفع صوت حور المتهدج من بين دموعها .. و لوّحت بيدها ..
- شوه تبينيه أسوي ..؟؟؟؟ أسمعه يقول انه ما يبانيه .. و لو ما عطوه الملكية ماله حاية فينيه .. كل الحركات لي كان يسويها .. و المكالمات .. رمسته .. و نظراته .. كل شي بنيت عليه مستقبليه يطلع كذبة .. انتي تعرفين شوه حسيت في هاييك اللحظة .. حسيت انيه .. انيه مقصة .. و غبية .. فرحانة باللعبة لي يلعبها عليه .. اتخيلي .. كل ردات فعليه قدامة .. أكيد كان يضحك عليها .. يتمصخر عليه بينه و بين نفسه كل ما تذكر مستحاية و الا ردوديه .. و فرحتيه بشوفته .. بس ما طول و طلع ع حقيقته .. أول ما واجهته .. فر القناع و بان كل شي .. سب و سبنيه .. و ايده و مدها عليه .. ذلنيييييه .. ذلنيييييه يا وديمة .. و حسسنيه انيه رخيصه .. انيه ولاااا شي ..
ارتفع صوت وديمة بقهر ..
- و شوه تتوقعين من ريال يايتنه حرمته و اتقول انها ما خذته الا ع سبة فلوسه .. انتي ما تفكرين .. ريال هذاااا .. أبدى ما عليه كرامته .. زين منه لي خلاج اتظهرين من بيته هاييك الليلة سالمة .. لو غيره دق اظلوعج الين اييج الموت .. هاي رمسة تنقال .. انتي هدمتي حياتج .. و كل شي بهالحركة السخيفة .. ما أصدق .. من وين لج الجرأة اتسوين هالشي ..؟؟ حور ما حيدج متهورة .. و لا خفيفة لي فراسج اتسوينه .. شوه قوات العين هاي ..؟؟ اتشارعين ريال عسبة فلوس .. انتي من ارخصتي بعمرج يوم رحتي تساومين نفسج بفلوسه .. كيف يتج القوة ..؟؟ انتي الهادية .. و العاقلة .. كيف خبصتي الدنيا و قومتيها ع راسج ..؟؟
و رفعت عيناها للسقف بعدم تصديق مطلق ..
- ادفع فينيه يا فلااان ..!! ياا رب صبرك .. معقولة ..!!! انتي .. انتي لي تسوين كذيه ..
مسحت حور خدّها بظاهر يدها في عنف .. و هي تقول لوديمة بقوة ..
- لا و الله ..؟؟ شرايج يعني ..؟ أكمل اللعبة وياه و أسوي عمريه ما سمعت شي ..؟؟ واحد يقول انه ماخذنيه لحاية و هب بعيدة يفرنيه لو انقظت حايته .. كذب عليه قرب السنة .. و عادي عنده يكررها .. و الا يمددها .. أناا ما رمت أسكت .. من حر ما فيه .. ما حقيتها ع نفسي .. داس ع كرامتيه ..
مال رأس وديمة و هي تضيق عينيها بصوتٍ مستنكر ..
- كرامتج ..؟؟؟ شوه رمسة الهنود هاي ..؟؟ أي كرامة و أي خرابيط .. و الله انيه أحس السالفة كلها مقلب .. أو كذبة بايخة .. مستحيل ..!! حور هاي حياتج .. و هذا ريلج .. ما فيه كرامة و ركزة خشم بين الريال و حرمته ،، انتي ما خليتي فيها تفاهم .. خربتي الدنيا .. ليش ..؟؟ حرااام عليج .. ليش هدمتي حياتج قبل حتى لا تبدينها ..
انفجرت حور بلوعة حقيقية ،، و طوفان مالح .. ساخن ،، راح يحرق وجنتيها ..
- ودييييييييمة .. ارحمييييييييينييييه .. دخيل الله .. انتي واقفة فصف منوووه ..؟؟!! أقولج السباااااااال يساوم عليّه شرا العنز .. يبيع و يشتري في حياتي .. و أحلامي .. و مشاعري .. غصبنيه .. ظربنيه .. سبنيه .. هدم كل شي في حياتيه .. ثقتيه بالناس ..فرحتيه .. كل شي يا وديييمة .. كل شي ..!!!
ضربت صدرها بقوّة و هي تنتحب ..
كانت المرارة تنهمر أحرفا موجعة من بين شفتيها ..
ترسم لوحة من وجع ساحق كانت ترزح تحت ثقله ..
- أي تفاهم ويا ريّال يستغل حبي له عسب يوصل للي يباه ..؟! كيف ..؟ كيف ما فكّر بيه و هو يدوس ع قلبيه عسب ياخذ لي يباه ..؟ ليش ما حشّمنيه .. قدر لي عطيته من روحيه ..
أغمضت وديمة عيناها بقوّة من هجوم حور المتألمة ،،
و انزلقت دمعة حارة على جانب وجهها ..و هي تشد قبضتها لفمها ..
أشارت حور برأس سبابتها بانهيار .. و صوتها المبحوح ينخفض شيئا فشيئا مع انزلاق كل تلك الذكريات المفجعة ،،
- حسيت انيه و لا شي .. و لا شي .. و أنا أسمعه يتفاخر قدام أبوية سيف انه بيخلينيه لو ما عطوه الملكية .. أنا ما أسوى في عيونه لدرجة انه ما يهمه لو العالم يدري شوه حايته منيه .. كان يقولها بكل ثقة .. بنت حمد ماباها .. و أنا عاقة عمريه عليه طول هالفترة .. تعرفين شوه لي يقهرنيه ..؟ ابوية سيف بعد كان ايشوفنيه و انا اتلصق به .. ياااااا الله ..
غطت وجهها بكفيها الصغيرتين .. و نشجت بقوة ..
- حرااام .. و الله حرااام .. شوه ذنبيه .. شوه سويت له ..؟ غلطة منوه هاي ..؟ غلطة ابوية سيف لي يدز ولده عسب ياخذنيه .. و الا أبوية لي فرنيه عليه .. و الا غلطته هو لي شافنيه أسهل درب عسب ياخذ لي يبا .. ليش أنااا ..؟ ليش ما اختاروا حد غيريه يلعبون عليه .. ليش أنا لي انحكم عليّه أروح بين ريولهم .. كلن يشوتنيه ع حساب مصلحته .. واحد يبا يستدرج ولده .. و الثاني يبا يراضي أبوه .. و التالي ما كان يبا غير فلوس .. محد منهم فكّر فيّه ..؟؟
مسحت بكفها وجهها في طريقة عشوائية .. بعثرت الدموع بشكلٍ محزن على صفاء بشرتها ..
- تعرفين شوه لي أحس به .. الخيبة .. خيّبونيه يا وديمة .. خيّبونيه يا ختيه .. شوه لي صار الحينه ..؟! شوفي وين وصلت الأمور .. آآآآآآه ليته كااابوس و ينقضي ..
ليت الفجر يدرك بؤس أيامها المظلمة..
بصدق ..
لم يعد في روحها رمقٌ يوشك على الفرح ..
نشقت وديمة بوجع ،،
كلمات حور لم تكن سوى رماح تنغرس بقسوة في قلبها ..
تحرّكت بثقلٍ تحت وطأة آخر شهور حملها ،، و يدها تتدارك دمعة تتعلّق بذقنها قبل السقوط ،،
كان الألم الصارخ الذي ينطق من عيني حور ،، كاسحا ،،
لفّ احاسيسها .. لتشعر بأنها تعيش ذات المعمعة الكريهة ..
تنهشها الأقدار من كل صوب ..
جلست على حافة الفراش الذي شهد مرار ليالي أختها التعسة بهدوء .. و هي تمد كفّها ناحية وجه حور المبتل ..
تحتضن وجنتها الندية .. فيما عيناها تتعلّقان بزخرفة السقف المترف ،،
و في استجابة منهزمة ،، انهار جسد حور النحيل يتكوّر في استلقاءه متعبة .. تضع ثقل رأسها .. و همّها على فخذ أختها ..
يدٌ حانية راحت تمررها على الشعر الحالك المتهدّل على الوجه الصافي ،،
و تمنّت لو أنها بذات الكف تبعد كل هذا الأذى عن هذه الروح الطيبة ..
يا الله ..!
أين حور المنطلقة ..؟!
حور المسؤولة ..؟
حور القويّة .. المندفعة ..؟
حور .. البهجة .. الطيبة ..
حور الطفلة الدفينة تحت أكوامٍ من مسؤوليّة تنتظر ..؟!
لما لا ترى سوى انعكاسٌ باهت لطيفٍ أغبر .. يكسوه الرماد ،،
ارتقبت لحظاتٍ طويلة أن تهدأ قليلا ،،
أن تنجح مجددا في خنق أنفاسها .. و إعلان الإنسحاب لجيوشٍ من أدمع راحت تغزو رقّة خديها الشاحبين ..
و شيئا فشيئا ..
راح النشيج يستحيل لشهقاتٍ قصيرة ..
تتقطع ..
رويدا .. رويدا ..
ثم تنتهي ،،
و ابتلّ ثوب وديمة القطني بأحزانها ..
شعرت بوجع حور الذي تسكبه من مآقيها يلذع فخذها ملوحه ،، ليخترق عظامها ..
بأصابع رقيقة مسحت دموعا لا تجف عن خد تلك الحبيبة .. و أعادت خصل غرّتها الناعمة خلف أذنٍ محمرّة من فرط البكاء ..
ربّما فاقتها الصدمة ،، فاندفعت في الشرح دون مراعاة وجع حور ..
لكن ذلك لا ينفي أن لها موقفا مغايرا ،، و ما يدفعها للثبات عليه هو ذات الظرف الذي استجد و دفع حور للجوء إليها الآن ..
و لو أنها تأخرت كثيرا ..و وقع الكثير من الضرر ..
شعور محرق بالأسى خالط حقدا صافيا راح يتبلور فجأة اتجاه الرجل الذي أحال الروح الوردية لهذه الطفلة حطاما لا يُجبر ..
شعور نحته جانبا بقسوة ،، فآخر ما تحتاجه الآن هو السلبية في ارشاد أختها التائهة ..
حين تغلغل الهدوء روح حور التي انكمشت أكثر تضم نفسها بضعف ..
و أحست بأنها أكثر تماسكا ..
علمت أن ساعة للحقيقة قد آنت ،،
قد لا تعجب أختها ..
و مؤكد بأنها ستبتلع الكلمات خذلانا مرا بعد قليل ،،
الصوت الذي أرادته أن يخرج قويّا ..
تكسّر على حدود الشفاه ،، فتعثّرت الكلمات ،،
و خرج الصوت هامسا ،،
يخشى بعثرة شتات النفس التي توسّدت شيئا الطمأنينة قربها .. تلتمس أمانا سُلب منها ..
- تعرفين حور .. بعض الناس يشوفون الحياة بلونين .. أبيض .. و أسود .. خير و شر ،، زين و شين .. ما عندهم أبدا أي خيارات ثانية .. الصح بيّن و الخطا بيّن .. و تشوفينهم محصورين ،، يا في الصح .. و الا في الغلط ..
و استمرّت في التربيت بأنامل من سكينة على صخب أوجاع أختها ..
- هالناس ما تعرف الرمادي .. ما تعرف انه أحيانا نحن لازم نقدم تنازلات .. نعتذر لو ما كنا غلطانين .. نعطي و نحن لي محتايين .. نضحك لو كنا مستويعين ..
و أخفضت ناظرها تراقب جانب الوجه العذب ..
- ليش ..؟ لن الحياة عسب تمشي ،، لاازم فيه أخذ و عطا .. و لو كان على حساب عمارنا ..
بسمة مرّة تهشّمت بوجع بين أسنان حور .. و صوتها المتحشرج يقول متسائلا ..
- لازم يكون فيه دايس و منداس ..؟
أغمضت وديمة عينيها لثانية .. قبل أن ترد ،،
- الحياة ما تمشي على كيف ما نريد ،، و لا تمشيها عواطفنا .. لازم الهم له من أيامنا نصيب .. و الفرح له نصيب ،، الذكي منا لي يخلي الهم وراه ،، و لا يشل وياه الا الفرح .. كم بنعيش ..؟ يوم ..؟ شهر ..؟ سنة .. و الا عشر ..؟ و عقب ..؟! ما بيضمنا الا ضيق لحودنا .. الحياة هب هيّنة .. الحياة عسرة ما تلين بلعب و طيش .. و الا تهوّر ،،
و مسحت بظاهر أصابعها خد حور .. و هي تعاتبها برقة ..
- انتي يا الغالية .. حكّمتي عواطفج و خليتيها تقودج شرات العميا ،، ما فكّرتي ،، رغم ان لي كنتي فيه ما كان يباله الا عقل حرمة .. قهرج لي عرفتيه و تصرفتي بدون لا تفكرين.. كل لي كنتي تبينه تردين الصاع له صاعين .. و تكسرين خشمه شرا ما كسر قلبج .. و شوه كانت النتيجة ..؟! هدمتي حياتج قبل حتى لا تبدينها ..
أرخت حور أهدابها بتعب .. و خرج صوتها ضعيفا للغاية ..
منهزمـــا ،،
لا يطيق فلسفةً ،، و لا حيـــــــاة ..!
- ليش أحس انج تلومينيه ..؟ و كأنيه غلطت يوم وقفت بويهه ،، و قررت آخذ حقيه بايديه .. شوه الصح لي كنتي تبينيه أسويه ..؟ أصمّ أذنيه عن الرمسة لي سمعتاا و أبلع المهانة و أيلس عند ريوله أرقب اللحظة لي يمل فيها من التمثيل و يشوتنيه ..؟!
و ارتجفت دمعة هزيلة راحت ترسم لها طريقا على وجنتها المحمرة ،،
- ما رمت .. كسر قلبيه .. تمنيت في هاييك اللحظة انيه أخنقه بايديه .. أنهيه من العالم و لا أسمع انه كان يتسلى بيه .. لكن كل حيلتي كانت الحركة لي سويتها .. لا تنشدينيه في شوه كنت أفكّر .. لنيه ما كنت أفكّر .. ما كنت أشوف .. حتى ما كنت أتنفس .. شرا الميتة أحاول بأي طريقة أهدي الويع لي آنسه من لي قاله ..
اعتصرت قبضة من ألم قلب وديمة ،،
كان الضرر قد وصل حدا تعجز هي عن إصلاحه ،،
- ما ألومج حواري .. بس تمنيت انج لجأتي ليه .. و سألتينيه .. و شرت عليج .. بدل لا تتصرفين من راسج .. اذا اتحريتي انج بهالطريقة بتكسرين راسه فانتي غلطانه .. كل لي كسبتيه حقده عليج .. و عطيتيه العذر عسب يكمّل لي سواه .. و ياذيج ..
ثم عاندت بريق دموعها بابتسامة كسيرة ..
- تعرفين شوه عيبج ..؟ انج شفافة .. و ينقصج دهاء الحريم .. هذا ريلج .. و على قد ما حبيتيه على قد ما عورج فوادج يوم دريتي باللعبة .. كان بيدج تسكتين عن الموضوع .. و تندمينه على مهل .. من غير لا تبيعين عمرج و الا تعطينه الفرصة انه ياذيج و يذلّج ..
و هوت دمعة جديدة لتتلاشى على ثوب أختها المبتل حزنا ..
- كان بيدي ..؟! لا و الله .. ما كان بيدي شي غير لي سويته .. لو كنتي مكانيه و سمعتي ريلج يرمس عنج بهالطريقة .. يقول لي سمعته .. شوه بتسوين .. ؟؟
أخفضت وديمة ناظريها بحزمٍ هادئ ..
- أي شي .. الا انيه أشوّه صورتيه و الا أحط من قدريه قدامه ،، عسب لا ياخذها عذر و يطعن فيّه .. انتي خذتي الموضوع .. موضوع كرامة .. نسيتي الرابط لي بينكم .. وضعج بالذات .. نسيتي حتى مشاعرج صوبة .. و نسيتي مشاعره هو صوبج ..
اعتدلت حور جالسة بسرعة ..
- مشاعر شوه .. هذا كذّاب .. عمره ما حس بشي صوبيه كل لي كان يسويه تمثيل في تمثيل ..
- شوه دراج ..
صاحت حور بمرارة ..
- سمعته أقولج .. قال بصريح العبارة انه يبا الشركة .. و ان الشيبة يباه ياخذنيه ..
ردّت وديمة بهدوء .. و هي تحاول اتمتصاص هياج حور ..
- يمكن كان يقول هالرمسة بس عسب يقنع يدج .. و ما يبا يعترف هو نفسه ان في خاطره شي لج .. عسب لا يستغل يدج هالشي ..
- يدي ..؟؟ شوه خص يدي في السالفة ..؟؟ و بعدين ليش ما يقوله لو صدق يحس بشي صوبيه ..؟؟ شوه مستحي ..؟؟ كيف يمكن يدي يستغل مشاعره صوبيه ..؟؟ انتي ما سمعتي لي سمعـ .....
رفعت وديمة يدها تقاطعها ..
- سمعت لي قلتيه ليّه .. انتي ما قلتي انه قال انه ما خذج الا لن يدج هو لي قاله .. و انه بياخذ الملكية يوم وافق .. عدتيها و زدتي فيها مليون مرّة .. شدراج ان الريال ما غير رايه عقب ما عرفج ..؟؟ يمكن عيبتيه .. حس بشي صوبج غير انج كرت الملكية لي يباها ..؟؟ و خاف ان يدّج لو عرف هالشي و حس بانه يمكن ياخذج بدون الملكية .. يستغل هالشي و يحرمه من الشي لي يباه من البداية .. لي هو الشركة ..؟؟ عادي يقول هالكلمتين و يحسس اليد انه مستعد يتخلى عنج خص انه متأكد انج ما بتسمعينه .. يعني ما يخسر شي من لي يباه .. لا انتي .. و لا الشركة ..!!
غطت حور وجهها بكفيها .. و نشجت بقوة ..
- وديمة ليش ..؟؟ ليش تحاولين تبررين له ..؟؟ ما كفاج لي قلتلج عليه .. و شوه سوابيه عقب العرس .. بالله هذا يحس ..؟؟ هذا حيوان ..
قطبت وديمة باستياء شديد ..
- استغفري ربّج .. ما ايوز ترمسين كذيه عن ريلج .. ريّال .. و جرحتيه و يمكن هذا دليل على انه صدق مجروح منج .. لو كنتي ما تهمينه كان خذ الشركة .. و سوالج أكبر طاف .. و حركتج البايخة ما هزت فيه شعره ..!
رفعت حور وجهها المتألم عن كفيها ..
- عشان الفلوس لي خذتها .. يموت ع الفلس .. مقهور ع المليونين ..
سرحت وديمة في ملامح أختها .. و هي تقول بصوتٍ غريب ..
- و هذا أكثر شي يحيرنيه .. هالشي لي خلانيه أشك ان في خاطره شي غير الشركة ..
بدت حور بعيدة كل البعد عن تفكير وديمة .. و هي تتحسر بصوتٍ مبحوح ..
- و شوه بيكون في خاطره غير الشركة ..
نظرت لها وديمة بحيرة حقيقية .. و التشتت يبزغ في مآقيها ..
- ليش ريّال .. بعمره .. و خبرته .. و قوّة شخصيته .. يطيع الطلب الغريب لي طلبتيه .. و يعطيج الفلوس ..؟؟ يعني الشدة لي توصفينه بها .. و انه عسر .. و قاسي .. كان عادي يتلّج من شعرج .. و ياخذ منج لي يباه بلا عرس و لا هم .. عسب يكسر عينج .. محد كان غيركم هنيه .. هذا واحد .. اثنين يروم يفرج بيت يدج .. و يوم العرس غصب عن خشمج بتحضرين .. تظنين تهديدج السخيف أثّر فيه ..؟؟ ما أظن واحد شراته صدق انج انتي .. الياهل في نظره يمكن تسوين لي قلتي عليه .. و حتى لو سويتيه .. منوه بيطيعج من عمامج و يكنسل العرس و هو ما بقى عليه غير اسبوع ..؟؟ الموقف كان و لا فلم هندي .. وضع بايخ .. و لا ينطلي على ياهل .. انتي لي مقاطعتنه شهرين .. تظهرين فجأة قدامه و هب باقي ع العرس غير اسبوع عسب تاخذين منه فلوس .. ظنتج ليش صدّق السالفة .. ؟؟
عينا حور الدامعتين ترتقبان نتيجة أخيرة لهذا التحليل الذي لم تفكّر فيه مسبقا ..
و ارتعشت أحرف السؤال خائفة من الإجابة على شفتيها ..
- ليش ..؟
لانت نظرة وديمة بغرابة و هي تهز رأسها بأسف ..
- يمكن لنه كان يفكّر بقلبه هو الثاني .. و ما شغّل مخه .. و تدرين شوه لي يحيّر أكثر ..؟؟ انه توعد لج .. و عطاج الفلوس .. و خلاج اتروحين .. ما سوى شي من لي توقعت انه يسويه .. يغصبج .. و الا يطردج .. ليش عطاج الفلوس ..؟؟ ليش ..؟؟
شخرت حور ساخرة و هوت دمعتها ..
- يمكن حس بالذنب ..؟ و يبا يعفي نفسه من ذنوب استغلالي .. قال أعطيها المليونين يسدن ثمها ..؟
ضيقت وديمة عيناها بشك ..
- يعطيج المليونين بدافع الاحساس بالذنب .. خلاف يذلج عليهن ..؟؟ ما رمت أفهم هو ليش سوى كذيه .. لكن تبين نصيحتيه ..؟
و نظرت لحور التي فجأة بدت ملامحها الساهمة أكثر هدوءا ..
قبل أن ترد عليها ..
- و أنا لشوه ساعية لج فيه غير النصيحة .. شوري عليه يا وديمة .. شوه أسوي .. الوضع انقلب الحينه .. انقلب .. لي ما كنت حاسبة حسابه صار ..
و ارتجفت شفتيها و ترقرقت دموعها في عينين لم تجفا منذ قدوم أختها .. و هي تشير للقطعة البلاستيكية الصغيرة .. التي ترقد بهدوء على طاولة السرير ..
ذات القطعة التي لم تستطع رفع عينيها عنها بصدمة .. حتى وصول وديمة ..
و انهمرت دموعها بغزارة مجددا ..
و كأن كبت الليالي الطوال راح يتدفق اليوم ..
و تفر عبراتها غير مصدّقة أنه حل الإفراج ..
بخوف طفلةٍ لا تعرف كيف تتصرف .. ضمت ركبتيها لصدرها بخوف .. و رفعت وجهها الذي التصق به شعرها ممتزجا بملوحة الدمع ..
- يا ربيه شوه أسوي ..؟؟ شوه أسوي ..؟ لو .. لو .. لو طلقنييييه .. أناا .. آآآه ......
تحركت وديمة قليلا .. لتحويها بين ذراعيها برأفة ..
- هااااه حور ..؟؟ شوه قلنا .. مشيئة رب العالمين حد يعترض عليها ..؟؟ هاي نعمة من الله .. تعوذي من ابليس ..
بكت حور و هي تدفن وجهها في صدر أختها ..
- أي نعمة يا وديمة و هذا حاليه مع هالريال .. استغفر الله .. استغفر الله العظيم من كل ذنبٍ عظيم .. اللهم لا اعتراض .. الحمد لله ع كل حاال .. الحمد لله ع كل حاااال .. يااارب استرها .. يااارب سهلها عليّه .. شوه آخرة هالحياااة لي أنا عايشتنها ..
هزتها وديمة بعتب ..
- حور .. اسمعي .. اسمعي .. انسي شويه ان غيث هو أبوه .. انسي كل لي سواه فيج .. كل لي صار .. بس ركزي ع هالياهل لي فبطنج الحينه .. بالله عليج ما تبين تكونين أم ..؟؟ ما تبين لج ياهل .. هب فرحانة بهالعطية لي من رب العالمين .. يمكن الله طارح بركة حياتج كلها فيه ..؟؟ يعوضج الهم لي شفتيه .. يكون تغيير أبوه على ييته ..؟
أبعدتها قليلا عن صدرها ..
- حور طالعينيه .. طالعينيه ..
رفعت حور عينيها الكسيرتين .. لها ..
لتبتسم وديمة بحب .. و صوتها الناعم يرسم لكآبة عيني أختها صورة أخرى ،،
جانبٌ مشرق قد لا تنجح في رؤيته ..
- تخيّلي انتي .. بيبي صغيرون .. ولدج .. قطعة منج .. شي لج .. محد له خص فيه غيرج .. ياهل تشلينه في حشاج تسع شهور .. تحسين به و هو يكبر فداخلج .. و يتحرّك .. كل يوم ترسمين له ألف صورة .. تخيليه حور يوم بيطلع .. كيف بيكون صغير .. و ناعم .. مخلوق محتاينج انتي من بد كل العالم .. لنج انتي أمه .. ما يبا غيرج .. شي لج .. كيف بتضمينه .. بتحبينه .. بتسبحينه .. و تلبسينه .. تخيليه يوم بيكبر .. يحبي .. و الا يتخطى .. تخيليه حور .. هذا ظناج .. يوم بيسير المدرسة .. و اييب الكتب .. و تدرسينه .. كيف تعلمينه ع الصلاة .. كيف يخرّب عليج .. و يتعبث بأغراضج .. تخيلي ضحكته .. صوته .. ياهل حور .. ياهل يخصج انتي .. انسي أبوه .. و انسي حياتج .. و الهم .. انتي هب فرحانه ..؟؟ هب فرحانه لن ربيه أكرمج بهالنعمة ..؟
نظرة سارحة غريبة بزغت من خلف الدموع التي تغيّم عينيها ..
و انفرجت شفتيها بتأثر واضح ..
قبل أن تعض شفتيها بألم ..
- فرحانة ..؟ وديمة .. أنا لو تطلقت عند منوه بيتم الياهل ..؟؟ هذا ظالم ما يهمه حد .. عادي يشلّه منيه .. يشل ظناية .. و يخلينيه أتلته بلاه .. و تسألينيه لو فرحانة ..؟ لو الظروف غير الظروف كان .........
قاطعتها وديمة باصرار ..
- لكن الظروف هي الظروف .. و لو تفتح عمل الشيطان .. بعدين انتي قلتي انه قال ما بيطلقج ..
هزت حور رأسها نفيا بألم ..
- قال ما شبع منيه عسب يطلقنيه .. و هنيه الفرق .. أول ما يقضي حايته بيفرنيه شرا الـ .....
كانت نبرة حور و انهزاميتها تغيظ وديمة بحق .. لذلك قالت بحنق ..
- و ليش تعطينه الفرصة انه يطلقج ..؟؟ انتي ما قلتي الأمور بينكم الحينه هادية ..
- قصدج باردة ..
- و شوه الفرق .. أهم شي ان التوتر خف عن قبل .. و انتي ترومين الحينه تتقربين منه .. و تكسبينه ..
اتسعت عينات حور بمزيج من الرفض و الاستنكار ..
- يخسي أتقرب منه .. كل لي سواه .. و تبينيه أربع وراه .. و الله ما ذل عمريه له لو حايتي في ايده ..
- الحين رضا ربج غدى مذلة ..؟!
- و شوه دخل رضا ربيه في الموضوع ..
- رضا ربج من رضا ريلج .. تصبح الملائكة و تمسي تلعنج لو هو غاضب عليج ..
زمّت حور شفتيها المرتعشتين .. و برقت دموع القهر في مآقيها ..
- لا استريحي من هالناحية .. أنا سادة كل حاياته .. و ما ظنتيه عليه قاصر عسب يغضب و الا يشوف له عذر .. شوه لي ذابحنيه غير انيه أدوس ع عمريه عسب أرضيه .. حتى كرامتيه ساويت بها القاع ..
نظرت لها وديمة بقوّة ..
- تعرفين ..؟ هاي هي مشكلتج .. كل ما قلت لج شي .. قلتي كرامتي .. و ذلني .. شوه أساس الحال لي انتي فيه غير هالكرامة لي انتي ذابحتنا بها .. سمعتي كلمتين ما تعرفين أساسهن .. و قلتي كرامتي .. و خربتي الدنيا ع راسج .. حور .. بس يا أميه .. خلي عنج خرابيط المسلسلات و الأفلام .. الريال و حرمته ما بينهم كرامة و ما كرامة .. من يتزوج الواحد حرمة .. تنهد بينهم كل الحواجز .. لو كل واحد راعى كرامته ع قولتج .. و مستواه .. و عيّا يتنازل قدام أي مشكلة . و زم بخشمة .. كيف بيعيشون ويا بعض . كرامتج هاي ويا ختج ... ربيعتج .. بنت ييرانكم .. بس ريلج تنسين هالشي وياه ..
مسحت حور عينيها بعنف ،، و صورٌ لم تشهدها وديمة تتدافع في مخيلتها ..
سهلٌ هو التحدث بهذه الأريحية و هي تتكئ بعيدا عن ذاك الوجع ..
ماذا يقول من سُقيَ المر كؤوسا مترعة ..
حتى أُتْخِم ..؟!
- راس مالي هالكرامة .. هذا و أنا بالموت أكابر مستعبدني ،، تبينيه أدلي له رقبتيه .. و الله ليدوس عليها .. أصلا لو الانسان يبيع كرامته شوه بيقى له .. كيف يعيش منكوس الراس ..؟
تنهدت وديمة .. و شعرت بيأس يتغلغل روحها ..
قد لا يكون هناك ما هو قابل للاصلاح ..
- حد قالج عفري ويهج بالتراب ..؟؟ حبي ريوله ..؟ حشى و الله ..!! أنا ما قولج تذللي له .. بس ليني شويّه .. خلي العناد .. بالله بشوه بتنفعج هالكرامة لو تميتي ع هالحال وياه و أصبحتي باكر مطلّقة و ياهل متلته بينكم ..؟ شوه بتستفيدين هاا ..؟؟ خسرتي بيتج .. ريلج .. و خسرتي الأمان لي يمكن انتي تعطينه ظناج و انتي موجودة ،، بدل لا يتغربل بينج و بين أبوه ..
هزت حور رأسها بـلا و هي تمنع عبراتها من التدفق .. صوتها خرج مقهورا من غياهب الظلم الذي قاست ..
- صدقينيه أنا هب مستعدة أتنازل عن أي شي .. و لا أسوي خطوة وحدة قداه .. و لو حد ملزوم انه يعتذر .. و الا يغير في نفسه فهو غيث .. هو البادي .. ما أقدر أعطيه أكثر من لي عطيته .. ما أقدر أنزل من نفسيه أكثر .. سهل تيلسين و تقولين هالرمسة .. لن النار ما تحرق الا ريل واطيها .. و النار ما وطيتها الا شابه في يوفي .. أحرقت كل شي في داخليه صوبه .. ما روم أعطي أكثر .. و لا أتنازل أكثر .. خلاااص .. صبري وصل حده .. الياهل ليّه .. هو ماله حق فيه .. لنه من الأساس ما كان يبا هالزواج بكبره .. ليش يبا نتيجته ..
صاحت وديمة بيأس ..
- و شوه دراج انه ما كان يباه ..؟؟!
رفعت حور يدها في وجه أختها ..
- ما ريد أعيد نفس الاسطوانة .. هو ما يباني من الأساس .. و أنا عايفتنه .. ليش أحاول أبني .. و مصير لي أبنيه الهد ..؟
ابتسامة مرّة حُفرت على شفتي وديمة .. و هي تريح يدا على بطنها ..
- عايفتنه ..؟ هه .. عليّه ..؟ و الا ع عمرج تلعبين ..؟ و الله لو انتي عايفة شي .. فانتي عايفة عمرج .. تعرفين ليش ..؟ لنج على كل لي سواه ما رمتي تظهرينه من خاطرج ..
ثم نظرت مباشرة لعيني أختها .. و نبرتها القويّة تخرج من بين أسنانها ..
نظراتها تتسلّط على ملامح حور الباكية بسطوة .. و كأنها على وشك غرس ذاك اليقين الكريه ..
- بعدج تحبينه .. تبينه .. و ميته عليه بعد .. و ان قلتي غير هالرمسة بقولج كذااابة في ويهج ..
صاحت حور بعذاب و دموعها تنزلق مجددا و قد توقفت عن محاولة ردعها ..
- لااااااا .. ماااااا حبه .. و لاااا أداني شيفته الكريهة .. شوه دراااج ..؟؟ دخلتي قلبي ..؟؟ شفتي شوه فخاطريه ..؟؟ انتي ما تعرفين غير لي قلته لج .. و اسمعيها مني .. أناا خلااااص .. مشاعريه الغبية صوبه كلها انتهت .. هو ذبحهاا هوو ........
قاطعتها وديمة باصرار ..
- كذااابة .. ما انتهت .. و هاا لي ذابحج و قالب حياتج جحيم .. انتي ما سألتي عمرج ليش غديتي بهالبرود ..؟؟ ليش كارهة عمرج و حياتج .. ليش خايفة الحينه ..؟؟ لنج تعرفين في داخلج انج تحبينه .. و تتمنين انه يحبج .. لكن لي يذبحج تفكيرج انج و لا شي عنده غير ورقة كسب و سد حاية مثل ما قال لج .. و خص عقب لي سويتيه و الفلوس لي خذتيها .. تعرفين انج طحتي بالمرة من عينه .. خايفة يطلّقج .. و خايفة انه ما يتقبل خبر حملج ..
هزّت رأسها بأسف ..
- اتحرينيه ما أدري انج ندمانة لنج خذتي منه الفلوس .. و سويتي هاك الفلم الهندي ..؟ اتحرينيه ما أحس بج و انتي تتمنين لو انج انطميتي و رضيتي به .. تتمنين لو انه يرد الريال لولي لي حبيتيه حتى لو كان ....
صاحت حور تقاطعها و هي تسد أذنيها براحتيها ..
- لاااااااااا ,, لاااااا ..
سحبت وديمة احدى راحتيها بعناد ..
- بلى .. استغلّج .. و لعب عليج .. و بعدج تحبينه ..
عضت حور شفتها السفلى حتى كادت تمزقها .. و هي تجذب يدها من قبضة وديمه ..
فيما سلسبيل مالح يرسم خطوط القنوط على وجهها ..
- لاااااااااا .. انتي ما تعرفين شوه الحقيقة .. لي صار غير كل شي .. كل شي .. حرام فيه الحب هالريال ..
فيما تابعت وديمة باصرار ..
و هي ترى هدفها يبزغ فجأة من خلف أكوام البؤس القابعة أمامها ..
- ظرب و ظربج .. و سب سبّج .. كسر فرحتج .. و ما رمتي تكرهينه .. عايبنج الذل لي تقولينه ..؟ تبينه ..؟
انهارت الأحرف بمرارة تتقاطر من بين شفتيها ..
- لاا .. ما أحبه .. مااا أبــاااه ..
و هدأ صوت وديمة .. لتصيبها في مقتل ..
- ليش يوم دريتي انه خذج عسبة الفلوس ما سرتي له بكل بساطة .. و خبرتيه .. و انسحبتي من حياته .. لااا تقولين كرامتي .. كنتي خايفة انه يأكد لج انه ما يحبج .. خايفة يقول الرمسة في ويهج .. ليش لفيتي و درتي و طلبتي فلوس و سويتي له فلم .. ليش ما كنسلتي العرس يوم انج اتنافخين أونها هب صعبة عليج .. اناااا بقولج ليش .. لنج ما ترومين تخلينه .. حتى عقب لي عرفتيه .. كنتي تبينه .. شوه تسوين في بيته الحينه ..؟؟ عايشة حياتج وياه عقب ما ظربج و سبج .. عقب ما استغلج ..؟ مرتاحة لنج حرمته ..؟ عايبنج الوضع وايد هاا ..؟
و قبضت يدها على كتف أختها النحيل لتهزّها .. و هي تشخر بسخرية ..
- و عايفتنه ..؟ اصدقي بالقول .. و لو مرّة ..!
ألم مُهلك ..
ليس كأي ألم سبق أن شاهدته وديمة .. كان يطفح من عيني حور ..
و هي تضع راحتها لتسد فمها .. و شهقات عنيفة تهز نحولها ..
تنصهر أحزانها على خدّها الصافي .. و قلبها على وشك أن ينفجر من فرط الحزن ..
و بانكسار ..
هزت رأسها بانكار أخير .. قبل أن تسقط مقاومتها ..
فتنفجر أحاسيسها المحترقة دفعة واحدة ..
و تجهش بعميق البكاء كطفلةٍ بلا حيلة ..
أن تُفضح مشاعر كانت نفسها تنكرها لأمر موجع بحق ..
الحضن الدافئ الذي جرّت له .. و يد وديمة الحانية تضمّها .. لم يفلح الا في زيادتها انهيارا ..
و أنفاسها تتقطع بجنون ..
صوتها ينبعث من الجرح العفن الذي راحت تواريه .. و تغطيه نديا عن الأعين طوال الوقت ..
حتى عاثت رائحته .. تصرخ كل الكراهية للمشاعر التي عانت في طيّها دون أن تفلح ..!
- حراااااااام علييييييه .. لييييييش سوابييييه كذيييييه ..؟؟ ليييييش ..؟ أنا شوه سويت له ..؟ ماااروم اتحمل .. و الله ماااااااروم .. تعبت .. لييييييش ..؟؟ ما أستااااهل منه كل هذاااا .. شوه ذنبيه يوم حبيته .. ليش يدوس ع قلبيه .. و يستغلنيه ..؟
.
.
خبرتوا حدٍ يبكــي على واحدٍ يبكيه؟ .. و خبرتوا حدٍ مسجون و ما يبغي افراجه ؟..
أحبه .. و لا بغظته على شيٍّ يسويه .. و لا زالـــت رقـــاب الرجــا فيه منعاجـه ..*
.
.
راحت تصارع احتضان وديمة لترفع وجهها المتورم المغرق بالدمع ..
- وديمة .. ليش ما يحبنيه ..؟ أنا شوه قاصرنيه .. عطيته كل شي .. حتى قلبيه داس عليه .. أناا ,, أنااا مااباا منه شي .. بس لا يجرحنيه زود .. و الله .. و الله ....
ثم انفجرت في عويل مريع .. مزق نياط قلب أختها ..
- و الله ايينيه الموت من حركاته و رمسته .. حرااام عليه .. ما خذ لي يباا ..؟ أناا هب قدّه .. ماروم لواحد شراته .. هذا شايف الدنيا و شابع منها .. ماخذنيه لعبة .. و باكر بيفرنيه .. تعرفين ليش مخلنيه الين الحينه ..؟ يبا يكسر راسيه لنيه اتحداه .. و انتي تبينيه اتقرب منه ..؟؟ عادي ترى يحس بالملل و يطلقنيه ..
ثم أمسكت بيد وديمة التي تحاول احتضان رأسها لتبعدها ..
في لحظة الانفجار تلك لم تكن تريد أن يلملم بعثرتها أحد ..
لم تكن ترجو سوى التلاشي بعيدا عن كل الجنون الذي يسكنها ..
راحت تضرب يسار صدرها بعجزٍ حقيقي ..
- بس أنا أستاهل لي يستوي بيه .. أستاهل زود .. و الا حد يحب واحد ظالم شراته .. هذا ما فيه من الانسانية شي .. كيف فواديه يعصانيه ..؟ أحس بالقرف من عمريه ..؟ ما لومه يوم قال بهيمة .. ثرها الا البهايم لي تحب الذل .. الله ياخذ هالقلب و أرتاح ..!!
عضت وديمة شفتها السفلى .. و دموعها لم تعد ملك يمين الكتمان ..
- لااا .. حور .. استغفري ربج .. ما ايوز تمني الموت .. خلاااص .. قلنا توكلي على الله .. هو بيصلح الحال .. ليش تحبين تقلبين فرحتج نكد .. ؟لااا تغدين مأساوية كذيه .. عيشي هاللحظة .. انسي غيث و اللي سواه .. بس خلاااص .. بالله ما تعبتي من الهم .. ردي حور لولية و لو لحظات .. اظهري من حزنج .. افرحي .. و فرحي لي تحبينهم وياج .. عيشي اللحظة .. لاا اتفكرين .. لا بماضي .. و لا مستقبل ..
ثم همست بحنان دامع .. أرهق أحاسيس حور ..
- خلي الحلم يحتويج و لو مرة ..!
عيشي اللحظة ..
عيشي اللحظة ..
عيشي اللحظة ..
.
.
و اذا مضت اللحظة بعد حين ..
ما الذي قد تعيشه و يسكنها خلا فراغٍ ..
سيقتلها ..!
من عمق تخاذلها انتشلتها كف وديمة و هي تعتصر كتفها .. تقول بلهفة مفاجئة ..
- حووور .. حوووور ..
رفعت حور عيناها الذابلتين نحوها بسرعة .. لكن كف وديمة انزلقت على طول ذرعها بسرعة .. و هي تمسك بيدها .. لتريحها على بطنها .. و عيناها تبعثر الحزن بعيدا .. و شيء من الأمل الكسير يزحف لمآقيها ..
لوهلة لم تدرك حور ما مقصد وديمة من ان تدفعها لتحسس بطنها المنتفخ ..
لكن في الثانية التالية .. هدرت نبضات قلبها بجنون ..
و أهدابها المبتلة ترفرف بقوة .. تنفض عنها الدمع الثقيل ..
ليتقاطر بعيدا عن نوافذ الروح .. التي شرّعت فجأة ليتسلل إلى الداخل احساسا آخر .. بعيدا عن اليأس الي يكتنفها في تلك اللحظة ..
قبل أن تتعثر احرفها غير مصدقة .. و هي عاجزة عن جذب يدها التي التصقت بتلك التموجات الغريبة ..
- يتحرك ..!! يتحرك .. ودوووم .. يماااه ..!!
ثم ألصقت يدها بصدرها .. و هي تشير بيدها الأخرى نحو بطن اختها البارز التي شدّت ثوبها عليه لتظهر حركة الطفل القوية ..
- وديمة شوفيه .. تشوفينه ..؟؟! تبيّن الحركة .. يا الله ..!! سبحان الله .. سبحان الله .. شوفي وديمة .. يميييه ..!! وديمة .. شوه تحسينه ..؟؟ يعورج .. ؟
و بضحكة دامعة بدت غريبة للغاية .. و هي تترنم بها وسط أشلائهن التي تناثرت منذ دقائق على الأرض ..
- هههههههه .. لا ما يعوّر .. لمستيه حور ..؟؟ حسيتي به ..
انطفأت عيني حور بشيءٍ من الخوف .. و هي تشير بسبابتها ..
- وقف ..!! وقّف .. ما يتحرك .. بسم الله عليه .. وديـ ...
قاطعتها وديمة .. و هي تنفض ثوبها ..
- عادي حوري .. هو يتحرك شويه بس .. هب دوم ..
تقطعت الكلمة من بين أنفاسها و هي تهمس غير مصدقه ..
- لمسته ..! يتحرك بقو ..!
كان خد حور لا يزال نديا من طوفان الدمع الذي سكبت ..
و كأن الرب شاء أن يسوق لها شيئا من الفرحة وسط هذه الأحزان ..
يزرع فيها لذّة الاحساس بتلك الروح التي ستحتويها قريبا ..
رحمة .. انتشرت في داخلها ..
فردت أطرافها لتغشى روحها .. و تغطي أي احساس آخر ..
رحمة .. و أنس غريب تملّكها .. و هي عاجزة عن انتزاع نظرتها عن بطن وديمة ..
ضمّت كفيها لصدرها .. و يقين يداهمها فجأة ..
شيء من الحقيقة راح يتغلغل في داخلها ..
قريبا سيصبح بطنها بهذا الحجم ..
أشهر فقط ..
و ستتحسس احتجاجات ذاك الكائن الذي ستضيق به نواحيها ..!
و أغمضت عينيها بقوة تختبئ في الظلمات القابعة خلف جفنيها ..
إلا أن صورة واحدة بزغت من العدم ..
صورة قدمين صغيرتين للغاية .. لا يتجاوز طولها الانشين ...
تلك البشرة الثلجية مخمليّة الملمس ،،
و عبقت في أنفها رائحة من العدم ،،
خليط من الطهارة و البراءة ..
و راح شيءٌ بعذوبة تلك الصورة يسري في عروقها ..
شيء ملأ الظلمات التي حاولت أن تدس روحها فيها نورا ..
* * * * *