كاتب الموضوع :
زارا
المنتدى :
الارشيف
- خلاااص قلت لك .. عقب اسبوعين ما عنديه خلااف .. لكن الحينه هب فاضية ..
رفعت عينيها بملل نحو التلفاز الذي تقلّب قنواته قبل أن تقذف جهاز التحكم على الأريكة ،، و هي تستمع لصوت حمدة أو حمدان كما تطلق على نفسها يلح عليها ..
- انزين انتي شوه بيضرج الحينه .. و الا عقب اسبوعين ..
حركت شعرها القصيرة و هي تتأفف بضجر ..
- الحينه مشغولين بعرس ختيه و خوية ..
- حلااااته يا الخبلة .. عسب تاخذين راحتج و محد يحاسبج ..
كانت تأخذ راحتها بالحديث في صالة الطابق العلوي .. و هي تعلم بأنها تخلو الا منها و من روضة القابعة بهدوء داخل حجرتها ..
- أنا أقول عقب اسبوعين و الا بكنسل السالفة .. امبونيه رافضة سالفة الحفلات و هالخرابيط لا تخلينيه الحينه صدق أكنسل ..
سكون أجابها لثوانٍ طويلة علمت خلالها بانها تتمادى في نظر حمدان ..
فلا أحد قد يعارض رغباته مثلها ..
ثم أتى الصوت بطيئا .. قذرا ..
- هب مشكلة حبّووو .. لي صبّرنا شهور يصبرنا اسبوعين .. بس ..
قاطعتها شيخة بسرعة و هي ترى روضة تفتح غرفتها ..
- خلااااص .. أوكيه .. انا برمسج خلااف ..
و دون انتظار اجابة أنهت المكالمة مع اقتراب روضة .. و جلوسها على الأريكة المجاورة ..
لم يتبادلن كلمة واحدة و روضة تلتقط جهاز التحكم لتبدّل القناة ..و تستقر على أخرى تدير عرضا للأزياء ..
نظرت شيخة إليها بحاجبٍ مرفوع قبل أن تقول بغلظة و هي ترفع ساقها المكسوة بالبنطال على الطاولة المجاورة ..
- حوووه .. ما تشوفينيه أطالع المباراة ..
لم تهتم روضة كثيرا و هي تهز كتفيها ..
- المباراة مخلصة .. و انتي كنتي ترمسين في التيلفون ..
ابتلعت شيخة رغبتها في التحرش و هي تتأمل جانب وجه روضة الفاتن ..
قريبا ستفقدها و تفقد تواجدها .. رغم العلاقة المعدومة بينهما ..
لما كان عليهن أن يكنّ بعيداتٍ عن بعض بهذا الشكل ..
لم يكن الاختلاف فقط ..
لكن روضة لم تفكر قط بمد أواصر العلاقة بينهما ..
الغريب أنها سعت للتقرب من بنات حمد ..
ألم يكن لديها المقدرة على التقرب منها قبلهن ..؟
.
.
يقفن على أبعد من قطبين متنافرين ..
و هي على وشك أن تفقد روضة ..
دون أن تشعر بانها قد كسبتها يوما ..!
* * * * *
و سرق الدهر يومين ..
في غفلةٍ منهم ..!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
- الين متى بتمين زامة بعمرج انتي و هالضروس .. خطفن يومين ع السالفة .. ليش ما طعتي تسيرين لبيت حور ويا عفاري و رويض .. تعرفين انه ميعاد ما تروم اتيي هنيه .. و مالها الا نحن نسير عليها و تشوفنا ..
كان الضيق جليا في صوت نورة و هي تخاطب أختها ..
لم يكن الوضع يريحها البتة ..
فعلى مر السنوات اعتدن تقبّل نقد حور و عتابها بصدرٍ رحب .. و كلهن ثقة بأنها لا تنشد الا مصلحتهن ..
لكن البرود لم يتزعزع من عيني دانة و هي تصلب نظراتها على شاشة التلفاز ..
- كيفي عاد .. ماريد أسير بيتاا عقب الموشح لي سوت لي اياه .. و ليت السالفة ترزا .. لو المسبة ع قدر المغبة كان قلت ما عليه .. لكن أكره ما عليّه انه ايي واحد و محتر من غيري و يفرغ غيظه فيّه .. حتى ما فكرت تطيب خاطريه بكلمتين .. يعني انها تشوف ان السالفة ما تستاهل .. و لو زعلت و الا قعدت بالطقاق ..
ثم نظرت لنورة و نظرة مجروحة تسكن عينيها ..
- دام زعليه عادي ،، و لمراضاتي أحلى طاف .. خلينيه أفكها من حشرتيه .. و ألزم حدوديه .. أخاف خلاف أضايق الشيخة حور برمستية الماصخة و الا شي ..!!
قطبت نورة و هي تستنكر أسلوب دانة في الحديث عن أختها الكبرى ..
- حوووه .. دانة .. شهالأسلوب الخايس لي ترمسين به .. هاي حواري .. طول عمرها تخشعنا بالرمسة و ما قد اشتكينا .. و حتى لو كثّرت في الرمسة آخر مرة .. لا تنكرين ان لي قالته صح .. نحن مرات نبالغ في المزح .. و نطوف حدودنا ..
التفتت لها دانة .. و الألم يختلط بالغضب في عينيها ..
- أنا ما قلت صح و الا لا .. لكن أكره هاك الإسلوب لي رمستنيه به .. من متى و حور تهازب بصريخ عسب كلمتين ..؟؟ لو حور ختيه لي أعرفها .. و تعرفنيه و متأكدة انها خايفة عليّه ميودة داس و اتحش رقبتيه ما بَوِن و الله لا أحني الراس .. و تنحرنيه .. ما بقول لااا .. لكن هاي هب حور .. هاي وحدة ثانية .. وين حور لي نعرفها ..؟؟ حور ختيه لي ربت ويانا و ربتنا .. الطيبة .. القوية .. حور الحنونة .. لي تدارينا .. تخاف علينا .. لااا اتقولين هاي هي .. هاي وحدة باردة .. ميتة .. حور من عرست تغيرت علينا .. و عافتنا ..
ابتلعت ريقها بقوة .. تنزل الغصة التي تصاعدت في صدرها .. قبل أن تقول بصوتٍ متوجع ثائر ..
- شوفي ويهها ،، يوم اتيي عدنا .. كنها مغصوبة و الا حد يارنها من خشمها .. كل شي غدت تسويه من دون نفس .. أقل شي ينرفزها .. و يعصب بها .. من عرست حتى الضحكة تطلع منها بالغصب .. انقلب حالها بالمرة و غدت وحدة ما نعرفها .. وحدة بس تبا تتحكم .. و تتأمر .. و تتعنطز علينا.. !
- أنا بس أبا أتحكم و أتأمر و أتعنطز عليكم ..؟!
رفعت نورة و دانة رؤوسهن نحو الصوت الهادئ بصدمة حقيقية ..
ليجدن حور تقف عند فتحة المدخل المضفية إلى الردهة ..
تعقد ذراعيها أمام صدرها بهدوء .. فيما تتحجر ملامحها ببرودٍ شديد ..
كان صوت دانة المنفعل يجرّها جرا إلى هنا منذ اللحظة التي دخلت فيها الردهة .. تستغل وجود عفرا و روضة لتسلية ميعاد ..
السبب الأول الذي دفعها للقدوم إلى هنا لم يكن أكثر من دانة .. تعذّر حضورها معهن .. دفعها للاحساس بالذنب .. و قاد خطاها إلى هنا بغيّة استرضائها بعد نزاعها الأخير لها ..
لكن المفاجأة أن دانة لم تكن تنتظر قدومها الا بهياجٍ ساخط راحت تقذفه بأعلى صوتها ..
ليرتطم بقلب حور .. فيشجّه ..
آخر ما كانت تنتظره هو كلماتٍ كهذه ..
اضطربت ملامح نورة بشدة .. و هي تنقل بصرها بين حور و دانة قبل أن تستقر على الأولى ..
- مرحبا حواري .. ما حسينا بج يوم حدرتي ..
أشاحت دانة بوجهها نحو التلفاز تتجاهل وقوف حور .. فيما الأخيرة تقول بصوتٍ يتقاطر منه البرد .. ناقض النيران التي راحت تلتهم أحاسيسها ..
- أدريبكن ما حسيتن .. و الا ما كانت الأخت - و أشارت برأسها إلى دانة - ماخذه راحتها و تعبر عن شعورها بهالصراحة ..!
وقفت نورة على قدميها تستدرك أي احتدامٍ قد يحدث ،،
- لااا حور .. فديتج .. دانة ما كانت تقصد لي سمعتيه .. يمكن هي .. يعني .. كااانت ....
و راحت تلوّح بيدها في الهواء بشكلٍ عشوائي في محاولة فاشلة للتبرير .. فيما استمرت دانة في النظر للتلفاز بلا مبالاة واضحة ..
ضيقها من تجاهل حور لها اليومين الفائتين أثار حنقها .. و أرادت ارضاء غيظها بشيءٍ من التجاهل ..
لكن صوت حور البارد كان مستفزا أكثر و هي تقول بسخرية جليدية .. راحت تلسع قفا دانة المغتاظة ..
- لاا اترقعين لها .. لو ما كانت قد رمستاا و تعنيها .. ما يلست تزاعق و تسمع الكون انها ضحيّة ،،
كانت المرارة تملأ فمها و هي تتكلّم .. شعور بالغدر باغتها و هي تمسك بلسان دانة يغتابها في غفلةٍ منها ..!
عقدت ذراعيها و هي تحوّل عينيها لمؤخّر الرأس الذي كان يتجاهلها .. ترفع صوتها بلهجةٍ لاذعة ..
- انزين أخت دانة .. ليش صخيتي يوم وصلت ..؟ عبري عن شعورج و خذي راحتج .. متى تحكّمت فيج و تأمرت عليج ..؟!
استمرت دانة في التمسك بالصمت .. متجاهله نبرة حور الاستفزازية .. فيما سألت الأخيرة بقسوة ..
- ارمسي .. و الا شاطرة تتعنترين بالرمسة و تحشين اذا ما كنت موجودة .. شي فخاطرج طلعيه .. لا تخافين ..
قفزت دانة من مكانها تنظر لحور بقوة ..
- أنا هب خايفة .. و الرمسة لي قلتها أعنيها ..
وضعت حور يدها على ذقنها و هي ترفع حاجبيها باستنكار ..
- و متى تأمرت عليج ان شا الله .. و الا لنيه أعلمج تلمين ثمج عن الرمسة الوصخة غديت أتعنطز عليكن ..؟!
اتسعت عينا دانة و الضيق يتفجر في وجهها ..
- الحين انتي بتمين ميودة هالكلمتين عليه طول العمر .. ما ترزا هالمزحة لي قلتها ..
رفعت حور صوتها و هي تفرغ شيئا من انفعالاتها الحبيسة ..
- مزحتج بااايخة .. و ما فيها من الأدب و الاحترام شي .. و مرة ثانية تعلمي تلزمين حدودج ..
نظرت نورة لوجه حور بغرابة ..
كان الاختلاف ينطق من ملامحها الصافية التي بدت غريبة عنهن تماما في تلك اللحظة .. لم تكن حور من قبل تتكلم بهذا البرود الكريه المطبق للنفس ..
- حور .. دانة .. عينن من الله خير ,، السالفة ما تستاهل و انتهت ..
نظرة الجرح العميق التي سكنت مقلة دانة عكست شعورا بالخيبة .. و هي تقول لنورة ..
- يوم أقولج انها هب لولية ..
شعرت حور بالغيظ يتفجّر منها ..
غضب من الذات يفوق غضبها من الوضع الذي راحت تحشر نفسها فيه ..
احساس بالضيق و كراهية مطلقة للنفس .. جعلتها على وشك اطلاق النيران مع أنفاسها .. و هي ترد بقسوة ..
- خير الأخت .. غادية محللة شخصيات بعد ..
نظرت نورة لحور بحذر ..
- حور .. شوه ياج .. بتيلسين لها ع كل كلمة اتقولها ..
نظرت لها حور بشراسة .. آخر ما تريده في تلك اللحظات فرد آخر من أحبتها يستنكر وجعها الصامت ..
- يالسة تستعرض فراستها .. و تبينيه أسكت لها .. شوه شايفة عليّه ..
صاحت دانة و الدموع تهتز فجأة في عينيها ..
- انتي تشوفين اسلوبج الحينه و انتي ترمسين ..؟؟ ليش هالاحتقار .. شوه لي سويته و يستاهل .. و الا عسبة كلمتين قلتها .. خلاص خذتيهن عذر .. انتي وااايد تغيرتي .. غديتي بااردة و قاسية .. كل شي تسوينه بدون نفس .. اترمسينا بدون نفس .. و تيلسين ويانا غصبن عنج .. دوم نفسج فخشمج .. شوه ياج و قلب حالج .. ما يرزا علينا هالعرس لي غير علومج ..
ضغطت حور على أسنانها بقوة .. و الحقيقة الفجة تصفعها بهذا الشكل ..
إلا أنها لم تكن مستعدة للتنازل و الاعتراف في تلك اللحظة ..
كان ضيقها يخنقها من كل شيءٍ حولها ..
كل شيء ..
حتى أنفاسها ..
الذهول طفح على وجه نورة لثانية قبل أن ترفع صوتها نحو دانة ..
- دانة بس .. خلااااص .. شوه بتقلبونها ظرااابة الحين ..
لكن حور هي من ردت عليها ..
- و ليش اتسكتينها ..؟؟ خليها تكمل .. و متحكمة و متأمرة بعد ..
ثم نظرت لدانة بسخرية مريرة ..
- صح ..؟
صاحت دانة و دمعة تنساب على وجهها مسحتها بظاهر كفها غاضبة ..
- صح و نص ..
صاحت نورة بينهن ..
- بنااااات خلااااااااص .. عنبوووه ما تستاهل السالفة .. تعوذن من ابليس ..
صرخت حور بعنفٍ حقيقي نبع من قهرها ..
- متى اتأمرت على وحدة منكن .. و اتحكمت فيها ..؟؟ هااااااااه ..؟؟
ردت دانة تلوح بيدها ..
- و لي تسوينه في المها شوه يسمونه ..؟؟؟ اتعرفين انها تميل لأحمد .. و عادي توافق عليه لو ما انتي تضغطين عليها ..
اتعست عينا حور بصدمة و هي ترفع سبابتها لصدرها ..
- انا أضغط ع المها ..؟؟ أناا ..؟؟
ردت دانة بثقة ..
- هيه انتي .. اروحها قالت انها تفكر بالموضوع لكن انتي مهب راضية عنه .. و هي شكلها بترفض عشانج .. ليش دوم تبين تتحكمين في حياتها .. مرة ما تبينها تدخل الدورة .. و مرة ما تبينها اتسير بروحها .. و الحين ما تبينها تعرس و تعيش شرات البنات ..
ألجم هذا التفسير حور و لم تعد قادرة على النطق لثانيتين ..
مذهولة ..
و تابعت دانة بصوتٍ أكثر هدوءا ..
- و الا لنج عرستي و عايشة حياتج .. عادي المها تيلس تحت ظلج طول العمر .. ترا انتي هب دايمة لها .. لاا اتكونين أنانية .. اتعرفين انها تتبع شورج و لو اتحس بس احساس انج ما تبين أحمد بترفضه .. انتي غديتي تتخذين كل قراراتهاا كأنها ياهل مع انها أكبر مناا .. لو تحطينها في قوطي و تبندين عليها هب أحسن ..؟
انفجر شيء في صدر حور ..
خوفها و حرصها على المها .. أصبح .......
و ردّت بغير تصديق في نبرة مستنكرة مهزوزة ..
- أنانية ..؟؟؟؟!
نظرت لنورة التي غطت وجهها بيديها .. و تمتمت بصوتٍ كسير ..
- يا ربيييه ..
سحبت نفسا تطمس به شيئا من الألم و الحرقة التي تدافعت داخلها ..
لكنها لم تفلح الا بزيادة اشتعالها ..
- أنا أنانية ..؟؟ يوم أخاف عليها .. و أفكر في مصلحتاا غديت أنانية ..
ركزت دانة عينيها المحمرتين في عيني حور المتألمتين ..
- و ليش اتخافين عليها .. تراها هب ياهل .. خليها تعيش حياتها .. و تاخذ قراراتها .. بلااه أحمد ..؟؟ ريال و سنافي .. و طيب .. هب أخو ريلج ..؟؟ ما شوفج اعرضتي ع حامد يوم خطب عفرا .. الا شجعتيها ... و وقفتي وياها ..
هذه هي المصيبة ..
أنه أخوه ..
ما الذي يضمن بأن سيلا من القسوة لا يجري في عروقه كحال أخيه ..
هي لم تحتمل ..
و ها هي تتهاوى ببطء ..
ماذا عن المها اذا ..؟!
تلك النسمة الرقيقة ..
ستبعثرها خشونة أنفاسه ..
و سيسحق روحها الهشة ان كان كأخيه ..
شعرت فجأة بأنها تقف هنا .. و يفصل العالم بينها و بين أحبتها ..
هل تحرم المها من حق الاختيار ..؟
أ هي من يخنق أحلامها ..
ليس بيدها ..
تخشى عليها حتى الموت من أن تعيش ما تكابده هي الآن ..
نظرة خيبة مريرة ،، حملت كل الخذلان الذي شعرت به في تلك اللحظة ،،
و إحساسٌ بالظلم يراودها و هي تنظر لدانة قبل أن تقول ..
- و انتي تشوفين أحمد هو لي مناسب لها .. و تبينها توافق ..؟!
رفعت دانة رأسها تستعيد هدوئها فيما انغرست نظرة حور في قلبها بقسوة ..
لتشعرها بأن لا تساوي شيئا ..
- أنا ما أفكر في أحمد و لا في غيره .. أنا أفكر في المها .. عطيها حقها .. عطيها حياتها .. حسسيها بالحرية شويّة .. ليش دايما انتي لي تاخذين عنها قراراتها ..؟؟
ارتفع طرف شفة حور العليا و هي تهز رأسها بابتسامة بالية ..
- يعني هالحشرة كلها عشان المها ..؟ و الا فخاطرج شي ثاني .. و ترقعينه بسالفتاا ..؟!
* * * * *
بعيدا عن هامات المباني ،،
عن زحام السيارات في شوارع المدينة أسفلا ..
عن انعكاسات الصباح ،، و اشراقات الشمس البهيجة على زجاج العمارات المقابلة ،،
نظراته تصل لحدود الأفق ،، تفتّش عن ثغرةٍ قد تندس فيها ،،
يبحث عن طوقٍ من الهدوء لتتعلق روحه به لحظاتٍ من راحة ..
بعيدا عن تلك القيود التي تكبّله الآن ،،
تلك التي ستحني ظهره بعد اسبوعين ثقلا لا يحتمل ..!
من خلفه كان صوت أخيه الأكبر يحدّث سكرتيره بنبرة مسيطرة قويّة .. ذكرته بإحكام المأزق الذي يلفّه الآن ،،
شيءٌ كالوتد راح يشقّ صدره بقسوة ،، و هو يتخيل لثوانٍ كيف سيجمعهما سقف .. و اسم ،،
كيف سيعاملها .. و كيف سيبتلع غصّته مما حدث لها و يتجاهل الأمر ليمضي في حياته ببساطة ..؟
هل بإمكانه صدقا أن يحتمل رؤية وجهها كل صباح لتذكّره بأن أحدهم صفعه على قفاه و سلب عرضه ..؟!
أن حثالة ما غرس إصبعا ليفقأ عين شرفه فيعميه .. و فرّ دون عقاب ..؟!
هل سيستطيع التنفس بهدوء في حضورها دون أن يفكّر بأن أنفاسه تخالط قذارة أنفاس ذاك الوغد ..؟
و هل سيحادثها .. و ينظر إليها .. من غير أن يتخيّل أي وضعٍ كانت به يوما ..!!
رفع إصبعه ليبعد ياقة ثوبه عن رقبته بضيق و هو يزفر بقوة ،،
إحساسه بالإختناق يزداد يوما بعد يوم مع دنو موعد الزفاف الوشيك ..
خشيته بأنه لن يستطيع إتمام لعبه لدور ابن العم الشهم المنقذ .. توتره ..
تبا لكل ذلك ..!!
لا يستطيع التطلع في الوجوه المترقبة لهذا الحفل التعس بسعادة ..
يقتله إحتفالهم الباذخ بطعنةٍ في الظهر عليه أن يحمل ندبتها ألما دون ذنبٍ منه ..
سوى أنه الرجل المناسب في المكان المناسب ..
- التفكير بيتعبك ..!!
دس يديه في جيبه دون أن يستدير نحو أخيه الأكبر ..
انعكاسٌ باهت للحجرة في الزجاج أمامه أعلمه بخلوّها إلا منهما ..
لذلك سحب نفسا عميقا يملأ به صدره دون أن يرد ..
هناك نارٌ تستعر .. وقودها الوقت المتقلّص .. الذي راح ينفذ بجنون ..!!
عاد الصوت العميق يصله من وراء ظهره ،،
- حالك هب عايبنيه هالأيـــــام ..!!
تساءل في سرّه إن كان شيئا ما قد يعجب غيث قط ..؟!
لذلك ارتفعت شفته بسخرية مريرة دون شعور ..
- و ليش ما يعيبك .. ريال و ع ويه عرس .. حدي متحمس ..
و صر على أسنانه بغيظ حين لمس جرحه بقوة ،،
خطوات مختنقة على شعر السجادة الفخمة سبقت الظل العريض الذي وقع على النافذة ..
كان صوت غيث قريبا للغاية .. و هادئا و هو يتساءل ..
- ندمت لنك وافقت ع الموضوع ..؟
أيصدقه القول يا ترى ..؟!
بأي حجمٍ سيتركه ذلك أمام أخيه ..؟!
صوته خرج من قرار الجوف ميتا بلا إحساس .. يجيب على سؤال تساءل عن إجابته ملايين المرات في داخله دون أن يصل لحلّه ..
- لااا ،، أندم ع شوه ..؟! هه .. حد يحصل له يستر على فضيحة و يقول لا ..؟!
ثم التوت رقبته بقوة و هو يرفع رأسه للأعلى بألم مبرح ..!!
ذاك النصل الذي يهوي به عبثا في كل إتجاه .. لا يمزّق إلا روحه ..!
و من وراءه شد غيث على قبضته بقوّة و غضبٌ يعتمل في داخله ..
كان الوضع كريها للغاية ..
شعوره بأنه يقمع حياة أخاه في قمقم من تعاسة و لو لحقبةٍ قصيرة .. جعل القهر يتفجر في داخله ..
و أكثر ما يسحقه هو إحساسه بأنه ظلم ابنة عمه في هذا الأمر بشكلٍ ما ..
نفور حامد الواضح من الموضوع و ازدراءه لوضعها ..
تركها أشبه بالمغدورة في نظره و لا يعلم لم ..
لا ينكر بأن تلك الغصة الأبدية لا زالت تزهق أنفاسه ،، لكن شفقة هائلة تستبد به كلما فكّر بها ..
شيءٌ من الرحمة يغلب صورا عديدة تتزاحم في مخيلته ..
لو كان في قلبه ذرة شك بأن لها يدٌ فيما حصل لها لمزّقها بأظافره ..
لكن يقينه بأنها بريئة لم يجعلها طاهرة في نظرة ..
لازالت لطخة السواد تصبغ اسمها ،، شيءٌ في داخله يرفض إلا أن يذكّره بأنها موجودة على وجه الأرض .. و أنها تحمل وصمة عارٍ طمست طهارتها للأبد ..
تساءل في سرّه ان كان سيختار أحدا غير حامد لو عاد له الخيار مرّة أخرى ..؟!
ثم زحفت قشعريرة باردة على ظهره ..
كلا ..
كان حامد هو الخيار الوحيد ..
هو الشخص الوحيد الذي كان موجودا نصب أعينه .. الحل الأمثل ..!
لكنه قلق الآن ..
و قلق عليها أكثر من قلقه على أخيه ..
إذ أن حامد رجل و سيتجاوز الأمر .. غدٍ أو بعده ..
فكيف لها هي أن تتجاوزه أبدا ..؟!
خشي عليها من شهامته ،، من غيرته ..
من وجعه الفاضح .. و شعوره حيال ما جرى لها ..
و لم يدّخر وقتا في التفكير ،، كان القول أسبق من حدّ السيف ،،
- حامد .. عادك ع البر ،، لو تشوف انك هب قد المسؤولية .. و لا مستعد تاخذها .. عاده اسبوعين قدامنا ع العرس .. و وايد ظروف تستوي بين العرب و تخليهم يأجلون .. و خلاف ينفصلون سكّاتي ..
ثم ارتفعت نبرته بقوّة .. في قسوة غير متعمّدة ،،
- لكن انك تمن عليها ،، و تذل أسلافها على هالسالفة و تاخذها عذر تجرح ع الطالعة و النازلة .. لاااا .. تراك هب الضحية الوحيدة ،، انته شوه خسران غير اسمك و وجودها في حياتك شرا وحدة من خواتك .. باكر انته بتسير و بتنقي بنت الحلال لي خاطرك فيها و بتمشي حياتك .. و هي اروحها لي بتاكلها .. لاا حياة شرات العالم و لا راحة بتلقاها ،، لاا تسويلنا فيها المضحي و الشهيد .. لو ندمان خبرنيه و الحينه بظهر من هنيه و أكنسل الموضوع بكبره ..
لم يهتز رمق من قفى حامد الجامد ،، و شعر غيث بالغضب يتصاعد في داخله مرة أخرى ،،
- لاا تيلس تطري هالسالفة كل شوي .. تحرق يوفي .. و تقهر عمرك و تذل المسكينة لي متكلة على الله ثم عليك .. ذليتنا ياخي .. شف شكلك .. ما تقول معرس .. الا عنز يارينها المصلخ .. العرب كلها درت انك ما تبا تعرس .. نادم لنك وافقت ..؟؟ أنا أبري ذمتك الحينه .. هاذوه الباب .. اظهر منه و لك منيه انيه أنا أخلص السالفة شرا ما بديتاا .. لكن انيه أشرّد البنية من ذل عسب أفرها فذل فهالشي لي ما أباه ..
استدارة بطيئة كانت الاستجابة الأولى من حامد .. لتصدم عينا غيث ملامحه الباردة .. و صوته الهادئ يقول بجمود ..
- ليش ..؟ منوه قالك ان السالفة بيدك ..؟ و منوه انته عسب تحكم و تقضي فيها ..؟ الموضوع طلع من نطاقك الحول .. أنا اروحيه لي أحكم فيه الحينه .. لا تيلس تسوي ليه مواعظ و انته هب عايش الوضع لي أنا فيه .. البنية باخذها ،، عاد أعاملها كيف ..؟ و ليش ..؟ هالشي ما يخصّك ..
كان عرضه لأخيه بأن يترك عفرا مقامرة كبيرة ..
قصد منها استفزاز نخوته و شهامته ليحصل على وعدٍ باكرامها ..
لكن ردُّ حامد هذا أثار قلقه أكثر من قبل ..
تخشّب وجهه الأسمر بقوّة ،، و صوته المتكبّر يردّ ،،،
- يمكن ما يخصنيه يوم بتغدي في بيتك ..
ثم انخفض صوته بشكلٍ منذرٍ و خطير .. و ملامحه تلتوي في شراسة مخيفة ..
- لكن أقسم بالله العظيم .. لو سمعت انها اشتكت منك مرة و الا أذيتها و الا ذليتهاا يا حامد .. حرام يا أخليك تعيف عمرك ..
و لم يهتز رمقٌ لحامد أمام هذا التهديد .. كان رد فعله الأخير هو ابتسامة صغيرة جليدية ..
- انته هب أحرص منيه ع بنت عميه .. و هاي آخر مرة نفتح فيها هالموضوع .. ماريد أرمس عن هليه و ياك ..
عصفت مشاعرٌ سوداء بملامح غيث .. لكنّه لم يظهر ثورته و هو يقول بهدوءٍ بارد ..
- وصلتك الرمسة ..
كان قد وضع حد القصاص لأذية عفرا نصب عيني أخيه ..
و لم يعد لديه شيءٌ يضيفه ..
ابتسامة حامد الميتة لم تتبدل و هو يربّت بخفة على كتف غيث ،، منهيا حديثا شعر بأنه يأخذ منحنى بعيدا و ثقيلا عليه ..
- هييييه يا بو سيف .. ما تحرق النار الا ريل واطيها ..
* * * * *
في حجرها تستقر حقيبةٌ جلديّة سوداء ،،
واحدة تستطيع احتوائها بين أكفّها ،،
إلا أن ما تعنيه لا يمكن لأضلعها أن تطبق على انفلاته ،،
بين أناملها يغفو الحلم ,, الأمل .. العطاء ..!
يتوسّد رقّة تلك الأصابع يقينها بأنها قادرة على فعل شيء ،، على الإبداع ..
لذلك رنت بلمسة حنونة ،، تمسح أطراف حافظة الكاميرا بحب ,,
قبل أن تضعها بلطف على طاولة السرير ..
طوال دقائق الصمت الطويلة كانت تتشاغل بالكاميرا عن حور التي وقفت تستند على اطار النافذة تنظر للخارج ..
تعلم جيدا لما هي هنا ..
و هذا ما ضاعف ارتباكها ..
نظرت لأناملها الناعمة في حجرها و هي تعقدها ..
لا تنكر تلك الفرحة العظيمة التي تضيق بها أضلعها كلما استعادت الموضوع و اختلت بنفسها ..
نشوة فتاةٍ تشعر بأنها مميزة ،، مختلفة ..
بهجةٌ خالصة تستعمرها .. و تستوطن أركان قلبها الطاهر ..
مع ادراكها بأنها ليست مختلفة عن بقية الفتيات .. و هناك من يراها أفضلهن .. و يخطب ودها ..
شعورٌ حلو بالخجل يتغلغل في روحها ،،
هناك رجلٌ يريدها ..
يريدها هي دون سواها ..
ليس عليها أن ترتقب واحدا قد لا يأتي ،، و ان أتى فلن يكون ذاك الفارس الذي يغزو أحلامها ..
هي كغيرها من الفتيات ..
ربما لا يرى أحدٌ مما حولها ذلك ..
و ربما يقمع الغير فكرها تحت مفهوم الإعاقة ..
إلا أنها أنثى ..
و ان نسوا ذلك ..
لها أحلامها .. و أمنياتها ..
لها مشاعرها ..
و لها قلبٌ عطش ،، و روحٌ ظامئة .. تتوق لتعيش الحياة الحقيقية ..
ارتعشت أهدابها الطويلة و هي تلتصق بخدّها المتورّد الناعم ،،
و شفتيها الورديتين تزهران ابتسامة صغيرة حالمة ،،
فيما يخفق قلبها بعنف ..
خجلا .. و ارتباكا .. و خوفا لا تنكره ..
كلما استحضرت في ذهنها صورة ذاك الرجل الذي ظهر فجأة يطالب بها ..
يتوق للقياها و مشاركتها حياتها ..
و يرتقب الآن ردّها على نار ..
سرعان ما ذَبُلت ابتسامتها على شفتيها .. و رفعت نظرة منهزمة لظهر حور ..
تأملتها طويلا ..
لا يمكنها إلا أن تشعر بضيق و توجّس حور من هذا الأمر ..
لن تمضي فيه ان شعرت بأن مجرد ذرّة من رفض تسكن نفس هذه الحبيبة ..
و هذا ما تركها في تناقض كريه .. شتت مشاعرها بقوة ،،
زفرت بهدوء .. لتحين من حور التفاتة بطيئة نحوها ..
فاحمر وجهها على الفور ..
و شعرت بأن حور قد تقرأ لهفتها للموضوع في عينيها ..
فأخفضت أهدابها بخجلٍ فاضح ..
شعرت بظل حور يسقط عليها .. قبل أن تجلس بجوارها على الفراش ..
و رفعت هي رأسها رغما عنها حين التقطت حور كفها بين يديها ..
فالتقطت ابتسامة حور الناعمة ،،
ابتسامة خالفت البرود الذي كان يكسو ملامحها مؤخرا ..
و انحنت لتطبع على خدها المتورد قبلة دافئة بثّتها كل الثبات الذي كانت تحتاجه في تلك اللحظات ..
.
.
.
.
قد تكون مندفعة خلف اتهامات دانة ..
لكنها على الأقل استطاعت تبين شيءٍ مهم ..
هو تقبّل المها و تحمسها للموضوع ..
و رغما عن ذلك هي على استعدادٍ برفض الأمر برمته دون تردد ان شعرت بانها هي لا توافق على ذلك ..!
و هذا ما مسها بعمق ..
أيحق لها أن تتخذ عنها هذا القرار أيضا ..؟
أن تسلبها حقها في الإختيار .. ؟!
* * * * *
(( تبكيكِ البقاع ..
بكمـــاء هي الأحرف أمام حزنكِ غزة ،،
لا تطرقي خيبةً لسكوتهم ..
و لا تصفقي كفا بكف ..
هم هكذا ..
يرتقبون دوما اشتداد الأذى .. ليتنحنحوا متظاهرين بأنهم لم يعلموا بغائر جراحك إلا توا ..
هم هكذا ..
يرفعون أصواتهم ،، و يحركون أيديهم .. يتشاغلون .. و يتناسون ..
و يغضون البصر .. خشية ..
هم هكذا .. عاجزين عن إيجاد السلام فيما بينهم ..
يرفع أحدهم غصن زيتون ..
و يطلق آخر بياض حمام ..
فيما هم غارقين حتى خيبتهم .. في صراعاتهم الداخلية ..
يرفعون أكفا من استسلام ،،
فإذا انفجر بكِ الوجع ،، و ارتفع الصراخ ..
راحوا يتلفتون حولهم بغباء ..
بحثا عمّا ينتهك فيهم ..
أواهٍ يا غزة ..
لكِ الله ..!
ففيما يجتمعون هم على مائدة الإقتصاد تنديدا بسلام لأجلكِ ..
يموت أطفالكِ .. و تبكي نساؤكِ .. و يذبح رجالكِ ..
و عنّا ..
نحن اولئك القابعين في بيوتنا ..
ماذا عنا ..
لأخبرك الموجع المضحك غزة ،،
كوب القهوة ذاك الذي ارتشفه لسنواتٍ من احدى الشركات الداعمة لتمزيقك ..
أتركه مرغما بغيّة المشاركة في مقاطعة ..
لأعود له بعد يومين ..
حين أنسى أن أشاهد الأخبار .. او أطلع على جريدة ..
فإن ذكرتك و الكوب فارغ ..
هززت كتفا متهاونا .. ما الذي ستفعله دراهمي بأهلها ..؟
متغافلا حتى عن رفع يدي حتى بدعاءٍ صامت ..
.
.
عذرا أطفال غزة ..
عليكم أن تُقتلوا كل عام ..
فقط ليتذكّر العالم الغافل بأن فلسطين لا زالت محتلة تنتهك ..
و لا سلام ..! )) *
.
.
.
.
طوت الصحيفة ببطء قبل أن تضعها بهدوءٍ جوارها ..
يكتب ..
كيف ..؟!
و ما علاقة غرفة مريض القلب بقلم حر ..
لما تلك الرسالة المبهمة ..
لم يكن أمامها سبيلا للحل ان كانت ستخلى الأسبوع القادم ..
فهي ستقطع الخيط الوحيد الذي قد يقوده إليها ..
عليها أن تجد سبيلا لمعرفة ساكن الغرفة .. و علاقته بقلم حر ..
تراها تغامر بالذهاب إلى هناك .. و معرفة من هو ..؟!
رغم هذا .. و بعيدا عن اهتمامها به ..
كان المقال الذي كتب موجعا للغاية ..
لما تشعر بأنها بعيدة كل البعد عن ألم ذاك الشعب .. و أنه لا يصلها منه شيء ..
كانت قد نسيته تماما إلى أن تذكّرته حين قرأت المقال ..
لوت شفتيها بسخرية ..
تماما كما قال ..!
هذا هو حالهم .. اذا اشتدت الأوجاع تذكروا بأن فلسطين لا زالت تحت خط النار ..
.
.
.
.
و تبكي أحجار ،،
ينوح الشارع المطمور و الأشجار ..
و أي أشجار ..؟
ترى الباقي غصن مكسور .. و أوراقٍ كلتها النار ..
و يبكي بيته العصفور ..!!
قبل يطلق جناحاته .. هرب خايف ..
عسى انه لا يجيه الدور ..!
و قبل لا يرتفع لأعلى ،، على غزة رمى نظرة ،،
يطالع كل ما فيها ،، وسط جفنه بيحويها ..
بغى هالذكرى يحفظها لآخر يوم في عمره ..!
لجل لا ضاقت الدنيا .. و ملت كل أراضيها ..
ذكر ان له وطن فيها ..
و إن العش ينتظره ..!
تأملها من العالي .. و بكت عينه من الحسرة ..
بيوتٍ ما بقى منها سوى الآثار ..
و دمعة شايبٍ مقهور .. جلس يبكي حطام الدار ..
و صراخ أمٍّ ثكّلوها ..
أحلام عذرا بعثروها .. طموح شابٍ اكسروها ..
و أعراض قومٍ اهتكوها ..
رموا طهر العرب بالعار ..!
و لا أنصار ..!
شوارع امتلت بغبار ..
رماد الهد ..
طمس شوف الأمل في الغد ..
و أصبح يومهم في الليل ،،
و قنابل تمطر فظلمة .. و تقلب ليلهم قنديل ..!!
على صوت انفجار أمسوا ،،
من اللي نام ..؟
على صوت الرصاصة قام ..
من اللي يخدع عيونه ..؟
يقول الخيرة استسلام ..؟
و غض بعينه يعميها ..
عن أجسادٍ ذرتها رياح ..
ما بين الموت و الا جراح ..
مذاق الويل ..
مذاق الويل ..
أذانه سدّ ..
و لا يسمع صدى لصياح ..
يبكّي حيل ..!
و لا أنصـــار ..
أمانة يا عرب شوفوا ..
مناظر ما بقت أسرار ..
في شاشات العرب و الغرب ..
في المذياع .. و الأخبار ..
جرايد تنشر الذلّة ..
و لا دم العروبة فار ..
لا فزعة .. و لا نخوة .. لا غيرة ..
و لا ينطق لسان بـ لا .. سوى قلّة ..!
أمانة يا عرب شوفوا ..
قلب الأم فوسطه كم حمل علّه ..؟
على فقد السند و البيت ..
يتيم الطفل .. بقى من له ..؟!
هوان القوم هز جبال ..
ذل شعوب و قهر رجال ..
و حيرة نظرة الأطفال ..
تنشدنا عن اللي صار ..؟
هنا بالأمس مدرستي .. و هذا مكان للملعب ..
و هذي الكومة كانت بيت عمي فلان ..
أطيب جار ..!!
من اللي هدّم الأسوار ..؟!
من اللي أحرق الأشجار ..؟!
من اللي يخنق الأزهار ..؟!
من الخاين ..؟ من الغدار ..؟!
علام السما تمطر هم ..
تروي القاع سيول الدم ..
بدل الأمطار ..؟!
يا ربي ليه ..؟ ما أفهم ..
اذا ما فيه مكان للعب ..
و لا باقي وقت للحب ..
و أصبح ضحكنا ممنوع ،،
بدال البسمة شرب دموع ..
حتى الدين يفنونه ..؟!
و خلّوا له بقايا جدار ..
و قبة مسجدٍ انهار ..؟!
.
.
و غمّض عينه العصفور ..
بقى فترة ..
يغالب دمعه اللي يثور ..
نفذ صبره ..
على قاع الطهر و النور ..
زرع عبره ..
قبل يطلق جناحاته ..هرب خايف ..
عسى انه لا يجيه الدور ..!
بعد عنها .. كسير القلب ..
و شبت وسط روحه نار ..
غصب .. مجبور ..!
كره انه يفارقها .. و رغما عنه طار ..
طار ..
طار ..
طار ..
و لكن قبل لا يبعد ..
خط رصاص تبع أثره ..
قبل لا يبتعد عنها ..
لحق به .. و اخترق صدره ..
و ناظر قلبه المثقوب ..
ضحك فرحة .. ضحك منكوب ..
و هز الراس بالحسرة ..
ذرف عبرة ..
و على أرضه حفر قبره ..!!
.
.
وش اللي صار ..؟
من اللي ينهي هذا العار ..؟
من اللي يحتوي غزة ..
من اللي يعود بالعزّة ..
و على ايده يرد الثار ..؟! **
* * * * *
|