لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-10-08, 11:00 PM   المشاركة رقم: 646
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 100963
المشاركات: 1
الجنس ذكر
معدل التقييم: مخــ"شمــا"ــاوي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مخــ"شمــا"ــاوي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

السلام عليكم و رحمة المولى ...........

إبداع...
تميز ....
طلاقة...
عربية هي كتاباتك.......
أصيلة كما لغتنا....
بعيدة جداً عن ما يسمى الخيال
واقع محض
يبكي ، أليس ذاك هو الواقع ؟!


قليل هو ما قد اكتبه في ثناءها
أبدعت بحق هو كل ما يمكنني قوله
أنالك المولى مرادك
ودمت "مبدعة بحق"

ولكن ، لم الغرابة ؟!
هل لأن كونك غربية يبعدك عن الواقع ؟!
أم أن الواقع هو الغرابة نفسها؟!
قد لا تصلك فكرتي...
ولكن ماأستنتجته هو أن الواقع غرييييب..

فمتى يغفو ؟!
أم أنه كما الخطواات .....

 
 

 

عرض البوم صور مخــ"شمــا"ــاوي  
قديم 23-10-08, 07:46 PM   المشاركة رقم: 647
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ملكة الالماسية


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8455
المشاركات: 10,839
الجنس أنثى
معدل التقييم: زارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالق
نقاط التقييم: 2892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زارا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

اشكر كل اللي ردوو على هـ الخطووه وماازالوا يردون عليها ويحرصون على التواجد فيها بشكل يومي واشووفهم داائما في اسفل الصفحه.... و واحب اقوول لكل اللي ارجعواا ونضفوا اماكنهم من الغباار اللي اصابها عودة حميده.. واحب اقوول لكل عضو جديد شارك معناا بالرد حيااكم الله واحييكم على الذوووق العالي اللي تميزتو به..لانه لولا هالذووق العالي اللي عندكم مااكنتم عرفتوا طريق الخطوات ..
وانا واثقه انه ماراح يكون التواجد الاول والاخير لكم معنا بالخطوات. حياكم الله..

اشووفكم باذن الله وقت نقل الخطوه الجايه..
بحفظ الله جميعاا..

 
 

 

عرض البوم صور زارا  
قديم 26-10-08, 08:13 PM   المشاركة رقم: 648
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ملكة الالماسية


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8455
المشاركات: 10,839
الجنس أنثى
معدل التقييم: زارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالق
نقاط التقييم: 2892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زارا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

اعــــــــــــــــــــــــــــلاااااااااااااان هـــــــــــااااام

السلاااااااااام عليكم..

متاابعين الخطووات.. وعشااااااق الخطوات .. والمتيميين بالخطواااااات زي حلااااتي.. احب اقووول لكم.. لاااااااااااااااااااااا تنااااااااااااااااااااااااامووون الليله الا بعد قراااءة الخطوه 28..
باذن الله راح تنزل الخطووووووه اليوووووووووم.. بس ادعووا ان ربي يسهلهاا على الكاااتبه وماااا تعرض لظرف قااهر يقهرناا كلنااا وماتقدر تنزل الخطووه بوقتها..

اشكر لكم جميعااا توااجدكم الداائم معناا بالخطووات>> والى ذلك الحين اترككم برعااية الله وحفظه.. ماايمديني على الفصحى المعفوسه.. هخهخه

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة زارا ; 26-10-08 الساعة 08:25 PM
عرض البوم صور زارا  
قديم 26-10-08, 10:02 PM   المشاركة رقم: 649
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ملكة الالماسية


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8455
المشاركات: 10,839
الجنس أنثى
معدل التقييم: زارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالق
نقاط التقييم: 2892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زارا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

► الخطـــــــــــــــوة الثامنـــــــــــــــــــة و العشـــــــــــــــــــرون◄


║ خطوات تبكي ..! ║


للمرة العاشرة ..!
أعاد هاتفه المحمول إلى الطاولة الصغيرة التي تجاور فراشه .. و هو يتكئ على ظهر السرير بقلق ..
عيناه ترصدان عقارب الساعة التي تقارب منتصف الليل ،،
مسح على وجهه بهدوء ..
لماذا يتملّكه القلق ..؟!
لربما أُفرغ شحن بطارية هاتف خولة ..
و غلبها النوم فلم تسمع رنين هاتف البيت ..
لكن ماذا عن ميعاد و نومها الخفيف ..؟!
لم تجب على اتصالاته أيضا ..
تنهّد بقوّة .. يزيح الإنقباض الذي تملّك منه ..
اللهم إجعله خيرا ..!
لا يملك من أمره إلا أن يرتقب الفجر ليعود إلى البيت .. و ينظر في أمرهن ..
و نفض مخاوفه بسرعة ..
لو كان قد أصابهن خطب ما .. لاتصلن به بالتأكيد ..
ليس عليه أن يوسوس هكذا ..!

* * * * *

- أمااااااه .. أمااااااااه .. أماااااااه نووووااااااه .. بااتيي الباااااب .. أماااااااااه .. !!
وضعت يدها على رأسها بيأس ..
لم تكن ترتقب إجابة بالصوت .. فلن تصلها ..
لكنها انتظرت أن يُفتح سدّ الباب بينهما ..
بيدها النحيلة .. عادت لخدش أناملها بطرقاتٍ لم تكن تبلغ مسامعها ..
لكنّها تمنّت لو أنها بالصخب الكافي كي تنتشل تلك المتوارية خلف مناعة هذا السد الخشبي من سكونها ..!
شدّت قبضتها بيأسٍ راح يتسرّب لنفسها ..
قلقة للغاية ..!
ربما أصابها مكروه ما ..!!
صدمة كتلك التي تلقّتها الليلة قادرة على قتلها ..
أرخت جفنيها برهةً في يأسٍ راح يتسرّب لها .. ما الذي قد يقاسيه قلبها الكبير خلف هذا الباب الموصد ..؟!
يدها تعود لخدش السكون الذي راح يتسرّب لداخلها ..
سكونٌ يذكّرها بالنهايات الدانية ..
و أفزعها هذا الخاطر ..!
- أمااااااااه .. أمااااااااااه .. باااااااتييي الباااااااااااب .. أمااااااااااه ..
حركة من خلفها جذبتها في استدارة .. لتستدير ناظرة لزوج ابنتها الذي أمسك بسكينٍ عملاقة و مطرقة ..
رفع الاثنتين في الهواء .. و هو يشير بخفّة لحركة طرقٍ على السكّين .. ثم يشير برأسه للباب ..
سيخلعه ..!!!
اتسعت عيناها المعبّرتين بفزعٍ شديد ..
هل ساءت الأمور لهذا الحد ..؟!
ابتعدت عن الباب تفتح المجال لحامد كي يفتح الباب عنوة ..
و يديها تتشابكان برجاءٍ صامت ..
يا قلب إمرأةٍ التمست فيه سلوىً بعد رحيل ذاك الكبير ..
قاومي ذاك الإنكسار ..
لا تتهاوي تحت وطأته ..
لا تسقطي ..!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
- أروح وين ..؟!
العينين المغروقتين بالدموع .. المشبّعتين بنظرات التوجس و الشك .. تتلقاهما عفرا بنظرة هادئة ..
- تروحين بيت ولد عمّيه العود .. البيت هنيه .. داخل حدود السور .. غيث موصّينا انوديج اهناك ..
ارتعشت الأدمع على أطراف هدبها ..
تتلقى برود عفرا .. و هدوء المها الساكنة ..
و نظراتٍ مترعة بالفضول من دانة و نورة ..
ارتجفت شفتيها ..
للحظة لم تكن هي من تفوقهن سنوات عمرها ..
لم تكن سوى طفلة تتخبّط ضائعة بين أرجل هؤلاء الغرباء ..
تفتّش عن أقل لمحةٍ من أحبتها ..
- و غيث وينه ..؟؟
النظرات الصامتة بين دهشة و مفاجئة .. و الصقيع الذي لمع في مآقي عفرا .. و هي تتبادل الصمت مع أخواتها قبل أن تقول بنبرة جافة ..
- غيث ياي في الدرب الحينه .. يباله على الأقل أربع ساعات قبل لا يوصل .. نحن نبا نظهرج من هنيه .. عسب لا اتزيد المـ .......
و التوى عنقها في استدارة متفاجئة .. شاركنها جميعا تلك الالتفاتة مع دوى ضربٍ صاخب لشيءٍ ما قادمٍ من جناح الجدين الأرضي ..
و حدها المها كانت تلتقط استدارات الرؤوس بشيءٍ من القلق .. و هي تقطب بشدّة ..
لا أصعب من أن تقرأ فزع الأعين دون أن تدرك مصدره ..!
وضعت نورة يدها على صدرها و هي تقف على قدمين ..
- شوه هالصوت ..؟
عضت عفرا شفتها السفلى و القلق يلتهم روحها ..
- حامد بيكسر باب أميه نورة ..
انفرجت شفتي دانة و هي تقف بدورها ..
- يا الله بالعون .. ليش ما ردّت .. يا رب ما استوى بها شي ..
صوتٌ بغلظةٍ مفتعلة إرتفع من خلف ظهر عفرا متسائلا ..
- شوه هالحشرة ..؟! بتهدون البيت ..!!
اتسعت عينا عفرا بصدمة و هي تستدير متفاجئة للخلف تواجه الجسد الواقف خلفها ..
لم تتبين ميعاد سوى ضآلة تختفي خلف طولها ..
و نظراتٍ فزعة .. و متوجّسة توزّعت على الأوجه بوجل ..
حتى صاحت دانة بارتياع ..
- ناااااااايف ..!!! امنوه لي يابك ..؟!!!!
تحرّك جسد الفتى من خلف عفرا و هو يتحدّث عاقد الجبين متحركا نحو الضجيج ..
- يابنيه عميه مطر انا و أبويه سيف .. بس يرمس أبويـ .........
و انخرست الكلمات و عيناه تبتلعان منظر المرأة القابعة على كرسيٍّ بعجلات ..
شابة تحني ظهرها بذاك الإنكسار .. تنظر له بضياعٍ غريب ..
فيما اجتاحه خجلٌ طفيف أمامها و هو يقول بصوتٍ غلّظه بعناية ..
- آآآآححمم .. ما قلتوليه ان عندكم حد .. !
صفقت نورة بيدها و هي تمط شفتيها ..
- ليش نحن شفناك أصلا يوم حدّرت .. ما عليه ابوية .. اتوكل الحينه هب فاضين لك ..
خفق قلبها بجنون و هي ترفع عينيها و تجيلها في أوجه أبناء أخيها ..
والدها هنا ..
وصل ..!
وصل ..!
لحظاتٍ فقط و ينتهي هذا التشرّد الذي ينمّل حواسها ..
لحظاتٍ فقط لتلتقط كفّا تدفئها .. تعرفها ..
عضت عفرا نواجذها .. و هي تستدير بقهر لميعاد التي كانت تنتفض بقوة .. و دموعها ترسم خطوطا بيّنة من بؤسٍ على وجهها الشاحب ..
- يدي يا الحينه .. لو سمحتي ما نبا نضيّع الوقت .. تحركـ .....
و للمرة الثانية تبتر عبارتها فجأة ..
لكن الصخب المتواصل لم يكن السبب هذه المرّة ..
بل الباب الذي فُتح على اتساعه ،، و الجسدين اللذان برزا على المدخل يسدّانه ..
لتتعلّق بهما الأعين ،،
صوت وحيد ..
ضعيف .. مهتزّ ..
تقطّعت أحرف نداءه .. و هي تُقتلع من حنجرة ميعاد التي شعرت فجأة بأنها على وشك أن تلقي الكرسي جانبا ..
- أبويــــــــــــــــــه ..!
جسد أباها العريض الذي يقف بالمدخل ..
نظراته القويّة التي تسلّطت بجمودٍ على جلوسهم هنا ..
تلك الملامح القريبة المألوفة .. لم تترك لها المجال كي تلتفت لشيءٍ آخر ..
و لا حتى لأخيها الذي تلتقيه للمرة الأولى ..
وحدها تفاصيل وجهه القوي الذي ملأت رأسها ..
و هي تتطلع إليه بلهفة ..
و كأن المنقذ قد وصل للتو ..
تخبّطها العسير انتهى في ذات الثانية الذي ظهر فيها والدها ..
و امتدّ خيطٌ من الدفء ليلفّ قلبها ببطء .. و شفتيها ترتجف ،، فيما تترقرق دموعٌ مختلفة في عينيها ..
كانت على وشك البكاء بصوتٍ عالٍ .. على وشك الإندفاع بكرسيّها نحوه لتدفن رأسها في حجره ..
و تجهش بآلامها .. و تصرخ أحزانها ..
روحها قاب قوسين أو أدنى من التكسّر على شفير حنانه الذي ترتقب ..
لكنّ ذلك كلّه تجمّد أمام صلابة ملامحه التي أشاحت عنها ..وجهه الذي صرفه عن النظر اليها و هو يتقدّم متجاهلا وجودها .. نحو الصخب الذي راح حامد يحدثه بغيّة تحطيم الباب ..
خيط الأمان النحيل الذي لفّها لثانيتين انقطع أمام ادباره عنها ..
شعرت بأنها دفعها لوسط تقشّف صحراءٍ جرداءٍ خالية ..
بلا كرسي .. و لا قدمين ..
ألقى بها كما فعلت أختها للتو ..
و ها هو يدير ظهره ماضيا للبعيد ..
صراخٌ صامت انطلق من أعماقها مزّق روحها و هو يرتد في جوفها فلا يسمعه أحد ..!!
راحت تناديه .. تستجديه بعينين فقط ..
عينين لم تجدان مأوىً في نظراته ..!!
عينين ترك الأمل الضئيل معلّقا فيهما .. و أقفا مبتعدا ..
و من علوّ ..
راحت تسقط ..
إلى القعر ..
تسقط ..
تسقط ..
رغم انتصابها المؤلم على كرسيها ..
رغم الجمود الذي خلّفه هجره ..!!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
بخيّبةٍ ،،
و شعور فادح بالخذلان ..
أشاح بأحاسيسه عنها ..
لم يمنحها سوى التجاهل الذي تستحق ..
أ هذه ابنته القانعة .. الراضية ..
تلك التي تسكن الظل لسنواتٍ دون أن تشتكي .. ؟!
أي جنون نبشها .. و دفعها للقدوم و دهس كل شيّءٍ تحت عجلات عجزها ..؟!
شعور خادع بالخيانة لم يكن في محلّه .. ساوره بقوّة و هو يغالب فزعا راح ينمو في داخله مع كل خطوة تختصر الطريق إليها ..
القلق يتقاطر من نظراته ،، و نبضاته التي تتسارع بخوف ..
فيما تهرول به الخطى .. و تتعثّر ..
ممزق ما بين رغبةٍ في التقدم .. و خشية ،،
ما الذي سيستقبله بعد برهةٍ واحدة ..؟!
أو كيف سيستقبله ..؟!
ترتعش تجاعيد عينيه .. و هو يحجب صورة ابنته عن مخيّلته و كل ما يغزو رأسه هو وجه تلك المرأة التي أمضت عقودا تقتات الصبر و الصمت على كل شيء لتشاركه أيامه ،،
تبتلع جفاءه ،، و قسوته ،، و تندي بحضورها كل سنواته الماضية ..
تدوس على قلبها لتتبسّم في وجهة .. و تعاندها ألف دمعةٍ تلمع متحديّة صبرها في مآقيها المتوجّعة لتصرخ بألمها الدفين ..
تتكلّم مرّات .. و مرّاتٍ تختنق بغصّات حنينها ،،
تربّت عليه بكفٍّ من مراعاةٍ ،، و هي تومئ بجلدٍ يمدّه قوّة .. تزيده جبروتا ..
لم يلن يوما لأشواقٍ صامتة في عينيها ..
لم يمنحها حقا في رؤية ابنها قبل رحيله ..
ذات النيران التي تلتهم أحشاءه ،، كانت تذروها رمادا ببطء ..
بصمت ،،
تدس عبراتها .. و الأنين في جوفها ،، في بقعةٍ لن تبلغها مسامعه و لا عينيه ،،
و كان الغدر لها خير الجزاء ..!
لم يمنحها غير طعناتٍ تنتهك أحاسيسها المنهكة .. ليسقيها الدموع كأسا من مرارة ..
و يشجّ فرحتها الوليدة بقسوة خيانته ..
كيف سيكون لقياها ..؟! كيف ..؟!
أي وجهٍ سيستقبله بعد منعطف هذا الممر الذي راح يتقلّص بسرعة مخيفة ..؟!
أ ويحتمل إنكسار آخر بعد أن فرح بعودة بريق الحياة لها بعودة أحفادها ..؟!
ربـــاه ..!
لا يريد أن يخسر عبق وجودها في أيامه ..
و انزوى في ركنٍ من القلب ذاك الإرتياع المترقّب ..
صوت الضجيج راح يتفاقم في رأسه كلّما دنى من باب جناحهم .. يسابق خطى ابنه الأصغر ..
ليبلغها ..
و مع بلوغه باب جناحه لم يستطع استيعاب شيءٍ سوى المطرقة التي راح حامد يهوي بها على مؤخّرة ساطورٍ عملاق غرس في مقبض الباب لتهشيمه ..
صوت الطرقة المدوّي حجب أي شعورٍ آخر قد يراوده بخلاف نصلٍ يشبه ذاك الساطور راح يهوي على قلبه بدوره ..
ليقطعه ..!
أم نايف ترتد بسرعه لتعدّل حجابها على برقعها مع استيعابها لوجود مطر ..
و الخوف يتعاظم في عينيها الواسعتين المذعورتين ..!
فيما ينزوي نايف واقفا إلى جوارها غير مدركا لما يحدث حوله .. و فزع طفلٍ حائر يطفح من عينيه ..!
وجد أنه يمد يدا معروقة مرتعشة .. تفتّش عن مسندٍ لها ليقبض على ذراع ابنه بخوفٍ راح يوغل في روحه و هو يستوقف حفيده بصوتٍ تسري فيه الرجفة ..
- حاااااامد ..
فيستدير حامد بتقطيبةٍ نحوه .. ثم يدير ظهره دون كلمة .. ليهوي بضربة أخير على المقبض الذي انفلت من مساميره ليقع أرضا ..
ابتعد عن الباب و هو يلقي المطرقة و الساطور جانيا ..
ملامح وجهه تنعقد قي غضبٍ شديد .. و هو عاقدٌ - غترته - بقوّة و قد شمّر عن ساعدين قويّتين لا مطلب لهما سوى كسر الحاجز الذي يخفي ضعفها خلفه ..
صوته كان يحتد دون قصد و هو يتجاهل وجود جدّه مشيرا لعمّه الواقف بتوتّر ..
- عميه مطر .. كسرت القفل بس الباب يباله دزّه ..
فهم مطر مطلبه ببساطة فأومأ برأسه على عجل .. و هو يقتلع غترته و العقال ليلقيها على طاولة قريبة .. و هو يقف إلى جوار ابن أخيه ..
نظرة واحدة يتبادلانها قبل أن يتحركان بهرولة أقرب للعدو نحو الباب ليدفعانه بكتفيهما .. فيهتز ..
ارتطام الخشب المؤذي بألواح مناكبهم لم يوقفهم ..
يتراجعان مرّة أخرى ليندفعان معا مجددا .. بنيّة تحطيم الباب الصلب ..
ضربة .. و أخرى .. قبل أن يُقتلع الباب العالق في القفل من مكانه فيرتدّ مفتوحا على وسعه .. ليتهاوى حامد على الباب .. و يتشبّث مطر بالجدار المقابل بلهاثٍ مجنون ..
ذاك الحاجز الذي إنهار أمام اصرارهم كشف فرجة مخيفة على مفاجأةٍ كانت ترتقب ..
و انخلع قلبه من مكانه كالباب الذي أُقتلع للتو ،،
على صلابة قاعٍ من خيبة ،،
تبعثرت سنوات صبرها ،، و الذكريات ..
هشاشة تلك القصور المعمّرة بأملٍ باقٍ ارتطمت بقسوة خداعه ،، لتهشّم كل إحساسٍ داخلها بالحياة ..
و تتوسدّ ألمها و الخذلان على أرضٍ من وجع ،، تجاور مسند عجزها ..
عصا استلقت بدورها تعلن غفوة .. و نهاية ..
و من البعيد ..
البعيد ..
دوى صراخ أم نايف الفزع ،، ممتزجا بصيحة مطر و هو يسابق حامد إليها ..
يتداركان أي رمقٍ باقٍ من حياة ..!
فيما تصلّب جسده بعجز ذاهل غير مصدق ..
شابه جمود جسد نايف الذي زاغت عيناه و هو يراقب الجسد الممد ..!

* * * * *

- أنا بتحرّك عقب شويه ،، ألاقيك اهناك .. فطنت ..؟! لااا .. دبي ..
كان يفرك جبينه بأصابعٍ عصبيه .. و و هو يتكلّم من بين أسنانه التي يشدّ عليها بقوّة ..
و تسلل صوت أحمد مستفهما عبر الهاتف بفضول ..
- رب ما شر يا بو سيف ..!! عيّلتوا بالردة ..
كان الغيظ يتصاعد كالبركان في جوفه ..
أحمد يطيل الكلام بلا طائل ،، إذ لن يطول الوقت حتى يفهم سبب عودته ..!
لذلك كان صوته محتدا ..
- هب شغلك .. سوو لي قلتلك عليه .. بلاقيك في المحطة لي فشارع الوصل .. و هات هزاع وياك ..
- هزاع بعد ..؟ ليكون تبانا نطب وياك في ظرابـة أبـ.......
و لم يسمع هو بقيّة سخافات أخيه الأصغر لأنه أنهى المكالمة بينهما بغضب ..
عاد للاتصال بحامد ..
كيف تصرّف ..؟!
هل فُتح الباب ..؟! لما لم يتصل به إذا حتى الآن ..؟!
حدسه ينبئه بأن خطبا جلل قد وقع ..؟!
لن يكون الخبر هينا على أمه نورة هو يعلم ذلك .. و لن تمرّ هذه الليلة بسكون ..
تبا له ..!!
لما لا يجيب على المكالمة ..
عاد للاتصال به مرّة و مرتين .. و هو يعتصر الهاتف بقبضته ..
و القهر يتغلغل أنفاسه ..
شعر بأنه عاجز عن التحرّك .. عن القيام بأدنى شيء ..
مكبّل هنا ..!!
فيما تنهار سوايا الأمور هناك ..
تحرّك بغيظ من على الفراش .. و وقف على قدميه و هو يعيد الإتصال بحامد للمرة الخامسة ..
لكنّ الخط ارتدّ أمام هاتف أخيه المغلق هذه المرّة ..
لينظر هو إلى هاتفه بعينين ثائرتين خالطتا القلق في داخله ..
شيء ما يحدث هناك ..
شيء خاطئ ..!!
و في داخله كان يغلي ..
تتفجّر في داخله دواماتٌ من غضبٍ أسود .. و حقد يتملّكه على خولة الحقيرة ..
تلك اللعينة ..
ما الذي اقترفته ..!!
انتظرت حتى فقدت الأمل بزواجه و ابتعد قليلا لتفجّر القنبلة في وجه أقرب الناس إليه ..
لتطعنه في مقتل ..
لتذبح روحا هي روحه ذاتها ..
و تسبب الألم لمن يحب ..
الغادرة .. الحقيرة ..
لم تنتظر طويلا حتى تلقي بميعاد في وجه أمّه ..
حتى تكشف أوراقها،، و دناءتها لتثبت أنه لم يكن الا على حق .. فلم تكن ترتجي من عنايتها بأختها إلا استعطافه ..
و لم تفعل سوى قذفها حالما فعل ذلك هو بها ..
توعّدها في داخله ..
و رغبة مميتة في تهشيم رأسها تتولد في داخله ..
تمنى لو تتقلّص المسافات بينهما ..
لو أنه لم يفلت قيدها بعد ..
لو أن الحواجز معدومة ليبرحها قتلا .. ذلا .. و هوانا ..
تبا ..!!
ألا تكفيه الضربة التي تلقى منذ ما يقارب ثلاثة أسابيع ..
ذهوله بأنه تعرّض للخداع الكامل لم يزل حتى الآن ..!
و ها هو يتلقّى طعنة غادرة أخرى في ظهره ..
من ذات النوع من النساء ..
إمرأة حقيرة أخرى .. انتهازيّة ..
واحدة ترتدي أقنعةً لتصل إلى ما تريد ..
هو يعرف هذا النوع جيّدا ..
صادفه قبل أن يعرفهنّ و تجرّع مرارته أشكالا .. حتى أزهقت كل رحمةٍ في قلبه ..
ها هي نسخٌ صغيرة تحيط به ..
يتزوّج بالساعية خلف المال بعد أن تلاعبت بمشاعره بين أناملها الصغيرة ..
لترتد عليه و تغرس نصلا في عمق روحه .. تثخنه جرحا لا يلتئم ..
و تريه لأي مدىً كان مغفّل ..
و يترك أخرى لتتحيّن الفرصة .. فتغرس ذات النصل المخضّب بالخداع و الغدر ..
لكن في صدر و عين شخصٍ آخر .. شخصً ما كان ليشعر بالألم القاتل هذا لو أنه تلقى الضربة عوضا عنه ..!
ضيق إكتنف صدره .. و هو يشعر بأن أسنانه تكاد تتساقط من فرط الضغط عليها ..
يده المصابة تنبض بألمٍ قاتل و هو يتحرّك بجنون في الغرفة ..
و قلبه يحتقن بالحقد .. و البغض ..
تمنى لو يلتقيها فقط ..ليقتلع عينيها بأصابعه ..
ليذيقها مرّ فعلته ..
يقسم لو أنها آذت أمّه فسيمزّقها إربا تلك الحقيرة ..
التقط الهاتف ليتّصل مرّة أخرى بحامد ..
لا زال جواب الهاتف المغلق يرتدّ عليه باستفزازٍ ساخر .. راح يزيد في احتراقه ..
رقم آخر خطر له الاتصال به ..
الساعة تقارب منتصف الليل ..
اذا عاد أبوه سيف إلى البيت .. و علم بالأمر ..
و بأصابعٍ سريعة راح يضغط على الأرقام التي يحفظها عن ظهر قلب ..
خفقاتها تتعالى لتصمّ أذنيه بجنون ..
رباه ،،
إجعل ما ينتظرني من اجابةٍ خيرا و لا غير ..
رباه ..
لا أحد لي غيرها ..
لا قلبٌ يتّسع لي كقلبها ..
لا تحرمني إياها ..
و اندفع شعور مزهقٌ بالألم لتتقطع أنفاسه تحت وطأته مع اشتباك الخط و تعالي رنينه ..
راح يتحرّك بجنون متجاهلا الألم الذي يوخز ذراعه .. و هو يمرر يده بتوتّر على لحيته و شعره ..
صوته الغليظ ارتفع بقوّة حالما انقطع الرنين معلنا إجابة فوريّة من الطرف الآخر ..
- ألووووه ..!!
- حيبه ،، مرحب الساع ..
انقبض قلبه على الفور .. هذه اجابة لا تطمئن البتّة ..
و التمس الاصطناع في صوت الرجل الذي ترعرع على يده ..
و يعرف كل انحراف نَفَسٍ من أنفاسِه ،، كل ارتعاشة حرفٍ من فاهه ..
لذلك شعر بثقلٍ يهوي في جوفه و هو يسيطر على صوته قدر الإمكان قائلا بهدوء ..
- وصلت البيت ..؟!
كان الصمت كريها للغاية و هو يرد اجابة للسؤال وقتا طويلا قبل أن تأتي الإجابة بذات الاصطناع ،،
الصوت الصارم يحاول جاهدا دس القلق و التوتر و الانفعال بعيدا عن حنكة مسامع حفيده ..
- هيه ،، واصل من شوي .. شي فخاطرك ..
قال بحزمٍ خرج يقارب الغلظة أو التأنيب و هو يتساءل ..
- يعني شفت ميعاد ..؟! أمي نورة وينها ..؟!
هل صدم ..؟!
لم يكن يتوقع أن يعلم بهذه السرعة ربما ..
لذلك أتى الصوت غريبا .. بعيدا ..
مهشّم الأحرف و الإحساس ..
- منوه قال لك ان ميعاد عندنا ..؟
مسح على وجهه ،، كانت النيران تلتهم أحشاءه ..
يوشك على الصراخ .. و التحطيم ..
- قال لي اللي قال لي .. ابويه خبّرنيه .. اميه نورة وينها الحينه ..؟؟ بطلت الباب و الا بعدها ..؟ كسرتوا الباب انتو ..؟
الرد هذه المرّة أتى مختزلا كل الخذلان الذي يفعم روح العجوز ..
القلق .. و الذنب الذي يتآكله ..
حتى كلماته خرجت موشّحة بالوجع القاتل و هو يطلق تنهيدة مرّة .. على مسامع الشخص الوحيد الذي قد يستجيب لألمه دون لوم ..
- أمك نورة بخير .. لا تخاااف ..
أمسك بفتحة قميصه يبعدها عن حلقه باختناق و هو يقول بقسوة ..
- لااا .. هب بخير .. و لا تكذب عليّه .. اميه نورة وينها ..؟ تعبت عليكم صح ..؟؟ في المستشفى و الا البيت ..؟
- أقولك أمك بخير بتكذبنيه يا صبي ..؟ يالسـ .....
قاطعه بصوتٍ واهن أجش ..
كان يشعر بالضعف يسري بأوصاله ..
مجرد فكرة أن مكروها أصابها و هو ليس هناك ليجمع شظايا حطامها ..
تقتله ..!
رفع رأسه للأعلى بألم مكتوم .. و هو يرجع شعره بيده الحره المتألمة ..
- ابويه .. ابويه .. أدري انها تعبانة .. انا قرب العين الحينه حامد خبّرنيه انها تعبت .. نص ساعة و أكون في البيت .. انتو اهناك و الا في المستشفى ..
كذبة هي كل ما يملك الآن ..
و ها هو يرتقب ارتداد الحقيقة ..
تنهيدة محرقة اخترقت أذنيه سبقت كلمات جدّه المتوجّعة ..
- أمك نورة درت عن ميعاد .. و طاحت علينا .. شليناها انا و مطر و حامد .. و هاذوه نحن في الانتظار نرقبها ..
انفجر صمام الثبات في جوفه .. لتزيغ عينيه بجنون ..
- طاحت ..؟ طاحت يعني شوه ..؟ شوه استوى عليها ..؟
هدأ جدّه من روعه و هو يقول بسرعة ..
- يقول الدكتور الضغط ارتفع عليها .. الحين هي عندهم داخل الين ما يستقر الضغط .. كانوا خايفين من جلطة .. و الا سكتة دماغيّة .. لكن الحمد لله .. سيطروا ع الوضع .. انته لا تستهم ..
جلطة ..؟!
سكتة دماغيّة ..؟!
تهاوى ثباته أمام كلمات جدّه و الفزع في جوفه يتفاقم ..
تخنقه أي كلمة يوشك على التفوّه بها .. فيما يتصاعد الغضب في فورانٍ داخله ..
ضغطه على أسنانه بات مؤلما .. و هو يتحرّك بجنون على قدميه ..
و يده تعتصر جبينه بقوة تكاد أن تهشّم جمجمته ..
و في جوفه انهال وابلٌ من الشتائم و اللعنات ينصبّ على رأس خولة ..
أمام النافذة يتوقّف ليستند على زجاجها محاولا كبح جنون انفعاله .. و هو يهمس بمشاعر محتقنه ..
- أنا ياي الحينه .. برايك ..
و ينهي خط الوصل بينهما دون انتظار اجابة ..
فيما يضغط ثقلٌ مميت على قلبه ..
أ لميعاد يدٌ في هذا كلّه ..؟
هل ساهمت في تحطيم قلب جدّته ..؟!
من الملام ..؟!
خولة ..؟ ميعاد ..؟
أم نهيّان ..؟!
كان قد اتصل بالأخير مرّاتٍ عدّة دون أن يتلقى اجابة واحدة منه يتهرّب ربما ..؟!
من سيحمل على ظهره إزر انكسارها ..؟!
هو ..؟! لقد كان يعلم بأمر تلك العمّة منذ أمد و لم يفعل شيئا لتمهيد الأمور ..
أو جدّه من يلام ..؟! الذي اقترف ذاك الجرح الأعظم في حقّها ..
استطاع انتزاع ابنها من بين أحضانها ليرميه بعيدا و يتشاغل بزواجٍ و ابنةٍ قد يقتلانها و هي تتشاغل بلملمة حطامها إثر فراق ولدها ..؟
فكرة واحدة استقرت في رأسه ..
جزءٌ من اللوم يقع عليه ..
تلك اللعينة لم تكن لتتجرأ على مثل هذا الفعل لو لم تكن تحاول ردّ طعنة طلاقها و زواجه ..
أو كان عليه أن يسبقها .. أن يجد طريقةً ما ليولج الخبر في هدوء نفس جدّته .. دون أن يشرخ ذاك الأذى روحها ..!
تصلّبت عضلات ظهره بقوّة و يده تلتف في قبضة واحدة حين تسلل صوت حركة في المطبخ القريب قادمة من خلفه ،،
شعر بالنار في جوفه تضطّرم بقسوة محرقة ..
و هو يتنفس بحدّة ..
هو مهزوز الآن بعد أذية قريبة الروح تلك .. ليس مستعدا ليتجرّد عن شيءٍ أمام تلك المرأة ..
تلك التي تجتر من أعماقه ضعفا لا يعرف منبعه ..
شعر بأن زجاج النافذة على وشك التهشّم تحت ضغط قبضته .. و هو يتجاهل وجودها بقسوة ،،
يراوده الخبيث من المشاعر أمام الضعف الذي تتقنه ..
تلك الهشاشة التي ترتديها متى أرادت تليّن مشاعره .. لتتركه فريسة إستغلالها ..
هذه النموذج الأول الذي نجح في استغفاله .. و لا تختلف خولة عنها كثيرا ..
جميعهن تعمّدن الطعن في الظهر ليحرزن منفعه .. الأولى تبحث عن مادة .. و الأخيرة مقصدها مشاعر لم يمتلكها يوما ليمنحها فأبت إلا الإنتقام ..!
تعاظمت أحقاده عليهما ..
لم يستوعب ضربة تلك الطفلة التي باغتته ،، ليتلقّى الثانية ..
هو المحنّك .. أصبح فريسة سهلة لألاعيبهن الحقيرة ..
صر على أسنانه بقوّة و هو يغمض عينيه بحقدٍ يكتسح شرايينه ..
سيمزّق إمرأته هذه .. و سيقتل خولة لما فعلته بأحبته ..
أما الآن عليه أن يعود ..
عليه أن يعود أولا لدياره كي يتدارك الدمار هناك ..!

* * * * *

و كأن السنوات التي قاتل أثرها على قوّته .. استغفلت همّه لتزحف على أكتافه ..
فتثقلها .. و تنحني ..
تكسر شموخ هامته المكابرة .. تحت ضربة شيخوخة مباغتة ..
شيخوخة روح .. و احساس ..
كان يراوغها ..
فتداركت ضعفه هذا لتصفعه بضعفه ما ان ظهر ..
تساند بيدٍ من خشية على جدار الإنتظار يرتقب طمأنينةً ما أن تهبط على روحه .. لتمنحه السلام ..
و بصيصا من فجرٍ يخشى أن ينبلج دونها ..
تخشّب أحاسيسه الرمادية أمام هذه الفكرة ..
أ و يفقدها ..؟!
أو تقف خطاها عند عتبة لتغفو ..؟!
فلا تصحو ..!
أ هي نهاية تلك التي تدنو ..؟!
نهاية الصبر ..
و أشياءٍ أخرى سيقتله انقطاعها ..
تبا ..
لا يريد أن يفقدها ..
ستقتله خسارتها .. و لن يتجاوز رحيلها .. إلا برحيلٍ آخر ..
يشد هو رحاله فيه ورائها ..
ألا يمكنها أن تقاتل للبقاء ..؟
تتشبث قليلا بفتات ما كان يمنحها .. إكراما لتفاصيل صغيرة راح يستحضرها في ذاكرته ..
تفاصيل تكاد تكون معدودة أمام جفاءه .. و حدته .. و المكابرة ..!
قليلا فقط ..
لا زال هناك ما لم يبح لها به .. بخلاف استغفال وجعها ذات فَقْد ليرتع بين أحضان أخرى ..
هناك ندم بحجم السماوات يضيق به صدره .. و كلمة أسفٍ مبتذلة لن تمحو أخطاءه المتعددة ..
و اعتذار رجلٍ بائس .. يائس ..
لم يتجاوز شفتيه ليغمرها .. و ينسيها شيئا من الألم ..
ياه ..!
ماذا لو تركته الآن ..؟!
ما حاجتها ببقاعٍ لم تزرع إلا الشقاء في جوفها القاحل ..؟
توّاقة هي للقاء بارئها .. و اللحاق بفقيد قضت سنواتٍ تنعى بعده عنها ..!
ماذا لو فضّلت غفوة .. و رحيل ..؟!
لن يتسنى له أن يخبرها بأنه آسف ..
آسف للغاية على اقتلاع شتلةٍ يانعة من روحها .. لخلّفها جرداء خلفه ..
آسف للغاية لأن له رأسا اعتاد رفعه بخيلاء حتى لم يعد يرى به إلا خواء أسقف لا تسكنها وجوه ..
فلم يعد يعرف أحدا ممن حوله .. و لا أحبته ..
لم يعد يعرف نفسه ..
هو آسف لأنه كي يفر من لوم عينيها الصامتتين ،، و حكايات الإنتظار فيها ..
أسقاها كؤوسا من جفاء .. و دس في فاه صبرها حرمانا أبديا ..
.
.
.
.
- أبوية .. ايلس الله يهديك .. الوقفة ما بتنفعها .. بتعبك .. قالوا الضغط مستقر .. و هي بخير .. الحمد الله لي عدّت سالمة ،،
ليست بخير ..
ليست كذلك ..
انكسر شيء بداخلها ..
شيء لن يجبره حتى الوقت ..
شيء ستحمل حطامه بين أضلعها حتى يواريها التّراب ..
خاوية هي النظرات التي يديرها لابنه الأصغر .. بعينين كئيبتين .. لتصطدم بالجسد الساكن خلفه على أحد المقاعد .. فيتصلّب ..
- قل لحامد يرد حرمة عمّه البيت .. يلستاا مالها داعي اهنيه ..
ادار مطر رأسه بدوره متأملا جسد المرأة النحيلة التي سكنت مقعدا من انتظار .. تحتضن لفافة من طفولة بين ذراعيها بحرص ..
- ما طاعت يا بوية .. معزرة الا ترقبها الين ما تنش ..
انكسر جمود صوت العجوز فجأة و هو يقول بخفوت ..
- بتطوّل ..
و أومأ مطر برأسه في اقتناعٍ بارد ..
- و هي بتم ترقبها
..

 
 

 

عرض البوم صور زارا  
قديم 26-10-08, 10:07 PM   المشاركة رقم: 650
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ملكة الالماسية


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8455
المشاركات: 10,839
الجنس أنثى
معدل التقييم: زارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالق
نقاط التقييم: 2892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زارا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

تجمع حاجياتها ..؟!
و كأنه لم ينطق الكلمة بذاك البرود .. بل هشّم أحرفها على رأسها و هي تستوعبها بذهول ..
تجمع حاجيتها .. و تستعد لترك المكان .. ؟؟!!
بهت الهواء حولها .. و لم تعد قادرة فجأة على جر الأنفاس لتشبع رئتيها ..
فيما تتكرر كلماته في الفراغ الفاصل بينهما ..
و تتضخم قبل أن تبلغ فكرها المتعب ..
تجمع حاجياتها ..؟!
أيعلن بها نهاية ..؟!
و انقبض قلبها و هي ترفع ملامحا من ذهولٍ مذعور ..
تطالع الوجه المسودّ من فرط التعب و الغضب الصامت ..
كررت بصوتٍ هامس لم يسمعه ..
- ألم قشاري ..!!
لماذا ..؟!
ضاق ذرعا ربّما ..
لم يعد يطيق غباءها المحكم .. و لا تحدياتها الساذجة الضعيفة .. و لا وخزاتها غير المتمكنة ..!!
و امتلأ فمها الذي أطبقته بكلماتٍ كالجمر راحت تبلعها .. لتحرق مسالك الإحساس فيها ..
سيرميها هذه الليلة بعيدا عن حياته ..
انهت بيدها و طيشها كل شيء ..
لا بد أنه لم يعد قادرا على المخاطرة بعد أن بلغ جنونها حد الأذية الجسدية ..!
لكن ..
لكن ماذا كان ما حدث بعيد انفجاره ذاك ..؟
ألم يلملم بعثرتها في أحضانه ..
و تتقطع الانفاس ..
لا تصل إلى جوفها ..
بارع هو ..
دوما سيّد الوجع ..
بيده أن يحملها بين راحتيّ الحلم ..
أن ينفحها ذرتين من احساس تكفيها الدهر كلّه ..
و بيده ان يلقيها أرضا بقوة ..
ليتردد رنين شظاياها المبعثرة ..
على أرض النسيان ..!
هلوسته و هو يعتصرها بين ذراعيه ..
أهي كلمات النهاية ..
لم يعد بحاجة إليها .. و لا لإفسادها حياته ..
و من زاوية بعيدة .. في أقصى رأسها ..
انبثق صوته من غياهب ذاكرتها ..
.
.
.
.
(( لو باقي يوم ع العرس .. و ما وراها حق .. بردّها عليك .. أنا ماليه حاية في العرس الحينه الا لنيه أبا حلاليه .. حلاليه لي تعبت عليه .. و لو ما وراها تعبيه عطيّه .. ماباها البنيّة .. ))
.
.
.
.
لم يكن يخشى التخلي عنها قبل زفافها بأسبوع .. لن يكترث اذا لهجرها بعده و هي لم تتم الأسبوعين ..!!
كان مستعدة لأن يبصقها بعد أن يكتفي من منفعتها ..
ألم يحصل على الملكية التي أراد ..؟!
ما حاجته بها ..؟!
لا سبب يدفعه للتمسك بأذيتها إلا كرامته التي طعنت ..
شلّت أطرافها و صوت صفير الأبريق الذي يغلي على النار يخترق الصمت الذي حُبك حولها بهدوء ..
فيما ارتفعت عينان زائغتين .. شاردتين إلى وجهه ..
نظراتٌ مستنجدة تفتش برود ملامحه القاسية ..
تبحث بين طياتها عن بصيص أمل واحد يعلمها بأنه غير مستعد لهجرها و هو لم يمضٍ الأسبوعين معها ..!
فيما تشكلت صورة خبيثة في رأسها ..
رسمت ملامح خيبتها و هي تجر حقائبها عائدة إلى بيت جدّها .. محمّلة بعار هجر زوجها لها .. بعد أسبوع من الزفاف ..
انتهى منها ..
بلغ مراده ..
و عاث في روحها خرابا حتى اكتفى ..
لم يعد مستعدا لابقاء جنونها معه .. فلن تحمل له الا الأذية ..
لكن ..
أ و تنحني أمام ذل هذا الرفض الصريح ..؟
أ تسمح له أن يجعلها لغمة سائغة في أفواه الناس .. تلوكها الألسنة بلا رحمة .. ؟؟
لا .. لا .. لا .. لا ..
تبا له .. ستقاومه ..
و ارتعشت عبرةٌ تسد حلقها ..
لن تدعه يهجرها و يذلها بهذه الطريقة ..
عليه أن ينتزعها انتزاعا و يلقيها بالقوة أمام بيت جده ان كان يريد التخلي عنها ..
لن تدعه ينتهك سمعتها أيضا ..
لتضمها إلى حطام أنوثتها التي سبق و داسها بلا رحمه ..
لذلك انبلجت المرارة المرسومة على وجهها من بين شفتيها في كلمة واحدة ..
قاطعة ..
- لاا ..
كلمتها التي رنت في الصمت و ارتدت في المطبخ الصغير لم تعني له شيئا و هو يطالعها ببرودٍ أسود .. فيما جسده يميل على إطار الباب و قسوة صرفة تلمع في عينيه ..
صوته أتى جافا .. و هو يسأل وحشيّة بطيئة ..
- لاا ..؟؟!
صرت على أسنانها و هي ترفع رأسها في مواجهته ..
فيما بدت المقاومة تتهاوى من البداية داخلها ..
تتظاهر بالقوة .. فيما هي ضعيفة ..
ضعيفة للغاية أمام جبروته .. و قسوته الباردة ..
- ما بلم أغراضيه .. و لااا بسير مكان ..
ألصقت قدميها في الأرض بقوة .. و الكلمات ترتجف بشكلٍ فاضح..
- بتم هنيه ..
لم يهتز رمش واحد له .. و هو يقول بصوتٍ جليدي خافت اقشعر له بدنها ..
- سمعتي شوه قلت لج ..تحركي لمي قشارج ..
هزت رأسها بـ لا .. و هي تتراجع نحو الموقد قليلا .. قبل أن تقول مجددا بضعف ..
- مابا .. هب ع كيفك ..
التوت شفتيه بحدة في ابتسامة باردة و هو يكرر تحذيره بذات الصوت البطيء و كأنما لا يريد إلا أن تعانده .. ليفجّرها ..!
- و الله واصل حديه منج .. اتحركي لمي قشارج بالطيب ..
الذعر الذي يتعاظم في نفسها .. راح يخنقها و هي تستشعر العنف قادما ..
لكنها أبت التزحزح ..
فليفعل ما يريد .. لن يكون تركها سهلا عليه ..
لم تجبه هذه المرّة .. و لم تتحرك ..
استمرّت في النظر اليه بذات العينين المذعورتين و هي تلتصق بالموقد .. و يدها تلتمس بذعرٍ مفتاح الغاز لتطفئه مع تعالي صفير غليان الماء بجنون قرب أذنها ..
رعد صوته الرجولي في ضيق جدران المطبخ بغلظة و تعبير شيطاني غاضب يغزو ملامحه ..
- حووووووور ..
همسات متوسّلة تنبثق في سرها و هي تلتزم الصمت .. و تثبّت قدميها ..
يا رب .. يا رب ..
هي لن تتحرك .. و لن يخيفها هذه المرّة ..
انخلع قلبها بذعر .. حين تحرّك جسده الضخم نحوها في خطوتين واسعتين ليبلغها
يده اختصرت المسافة بينهما لتنغرس مجددا في شعرها الطويل الذي لم يمضِ وقتٌ طويل مذ احتمل ثورته الأخيرة ..
يجرّها منه نحوه بقوة لتشعر بأنها تُسحب لا تتحرك على قدميها .. و ضخامته المرهبه تنحني عليها .. و كأنه على وشك سحقها كالحشرة ..!
فيما تلتف أصابع يده الأخرى على فكّها الصغير بقوة .. و هو يجبر رأسها على التواء ناظرا إلى أعلى .. فيما يحني رأسه بوحشيّة .. و عيناه المحمرتين بغضبٍ مجنون تزيغان على وجهها ..
يستخدم قوّته غير آبه بالجرح الندي في ذراعه .. اذ لم يبدو في ذروة هياجه أن أي ألم سيخزه قد يوقفه عن تحطيمها الليلة ..
صوته الهامس يلفح خدّها الناعم .. و أنفاسه الخشنة الحارقة تلوّحه ..
- الله يلعنج .. انتي ما بترتاحين الليلة الا يوم أكسّر اضلوعج ..
انفجرت كلماتٍ مبعثرة من بين شفتيها و هي تغمض عينيها بقوة ..
لن تهدر الدمع في هذه المواجهة .. فإن أدرك ضعفها داس عليها ..
- ببـ.. بــ..ـسم اللـ.. اللــ..ـه .. بســ..ـم .. الله .. الرحمن .. الرحيم ..
حاولت التظاهر بالثبات و شفتيها ترتعشان فيما تقاوم البكاء الداني ..
تدفع صدره الصلب بيدٍ ضئيلة .. فيما الأخرى تحاول نزع قبضته عن شعرها ..
كان الصداع الذي يغزو رأسها ينتشر مع قوة اعتصاره لخصلاتها .. و هي لم تتجاوز آلام جرّه له في الثورة الأولى لتحتمل هذا الغضب ..
تزم بشفتيها المرتجفتين .. لتقول بصوتٍ مبحوح ..
- بطل .. بطل شعريه ..
لكن قبضته لم تشتهي إلا إقتلاع شعرها ..
تكاد تشعر ببويصلاته تنتزع و هو يشدّها .. فتقتلع من جذورها ..
فيما الأنامل التي تكاد تكسر كفّها .. تهز وجهها بقوة .. و صوته يرعد قرب أذنها ..
- لااا اتحطين راسج براسي لا أكسره يا بنت الـ×××××× .. اتحركي .. لا ألمج فوق قشارج مكسرة ..
رعدته التي زلزلت كيانها الصغير .. ارتدّت بصرخة متألمة مع الشتيمة التي أطلقها .. و دمعة متمرّدة تفر من زاوية عينيها بذل ..
- ماااااااابااااااااا .. مااااااابااااااا .. بطلللل ايدييييييك .. قطعت شعرييييه ..
غرست أظافرها في قبضته التي التفت على فكها .. لتتزيحها عن وجهها بقوة رفعت قبضتها الضعيفة لتضرب بها صدره و هي تصيح بحرقة .. مع التواء ملامحه بحقد شنيع ..
- عنلااااااااااتك .. بطلللللللل شعرييييييه يا الحقيييييييييييييير .. بطلللل أقوووووووولك .. هب عبدة أبوك .. ترفع صوتك عليه و تظربنيه .. آآآآآآآآآآآآآآه ..
زاغت عينيه بشكل مخيف أمام كلماته .. و قبضته تلتوي في شعرها حتى التوت رقبتها النحيلة ..
لا حيلة لها ..
لا قوة أمامه ..
حتى و هي تكبح دموعها ..
انبثق نبع من زاوية أجفانها التي أطبقتها بقوة أمام صوته العاتي الذي ضج في رأسها ..
- عبدتيه غصبن عن خشمج .. شريتج بفلوسيه يالـ×××××× .. دفعت فيج لي ما أدفعه في قاع .. تعرفين ليش ..؟ لنج ما تسوين ماطايه .. اتعرفين ليش خذتج ..؟ عسب أحطج عند اريوليه .. وين مكانج .. و ما اقبل في شيفتج الا لو بغيتج .. انتي سد حاية .. حالج حال البهيمة ..
كان يمسك بالكلمة .. و يهوي بها ليغرسها في صميمها ..
يمزّق وشائج كرامتها .. يهتك العنفوان الضئيل المتبقي لها ..
ليجذب نصلها بحدة .. و يعود ليهوي به في ذات الصميم الدامي ..
مرة تلو الأخرى ..
كلماته .. الإهانة .. اشمئزازه .. و الإحتقار ..
كراهيته المتجلّية هدّت قوّتها .. طحنت روحها بؤسا ..
و أنهارٌ تتفجر في جوفها مع كل كلمة ..
و هي تلوّح بكفّها الصغيرة .. لتلطم بها قسوة وجهه الخشن ..
تصفع إحتقاره ..
تجاهد لمسح الملامح الشيطانية السوداء المنحوتة في وجهه ..
جارحة هي كلماته تلك .. قتلتها ..
انفجر الوضع فجأة حين أطبق بيده على معصمها ليلوي يدها التي صفعته بقوة .. وراء ظهرها ..
فترتطم هشاشة جسدها بصلابة صدره مع صرخة حادة .. امتزجت بسيل الشتائم المنساب من بين شفتيه .. و عينيه اللتان جحظتا بهيجانٍ مجنون ..
دموعٌ صريحة ترافق شهقة مرتفعة انفجرت من حلقها و هي تصيح فيه ..
- أنا هب بهيمة عندك .. كل ما اشتهيت ييتنيه .. و لو عصبت نشعت شعريه .. يوم انك هب قاصر الا سد الحاية كان خذت حد من اللوث لي يمزرن الشوارع .. أنا أسواك و أسوى لي أحسن منك .. أسواااااك .. تسسسسسمع .. أناااا هب بهيييييمة .. هب بهييييـ ....
صوتها الذي كان ينحرف بانكسار مذلّ أوغل الوجع الذي تشعر به في أعماقها ..
لذلك جرّت نفسا معذّبا .. تقاوم النحيب الذي يملأ صدرها ..
لتتهدج بوجع قاتل ..
- أنااا اذاااا ما اسسسسوى شي .. فانته هب ريااااااال .. تسمعنييييييه .. تتعنطز عليه و انته تعرف انه ما عنديه لي يردك .. اتساوي بنت عمك بالخياس لي تشوفهن .. كل ماااا بغيييت اتهد عليه اتعذرت بفلوسك .. الفلووووووس هايييييك هب حقك .. حقيه .. و أقل منه .. لاااا اتسويليه فيها شريف و مخدوووع .. حتى انته قضيت لك حااايه من هالعرس .. هاي المريلة عندك ..؟؟!! تعررررف شووووه سوييييت ..؟؟!! انته كسرررت كل شيي فداااااخلي .. كسرتنيه .. و ذلييييتنيه .. كسرت فرحة العروس فيّه .. صرقت حقيه أكون شرا أي بنية في أول حياتااا .. حتى احساسي بالخجل حرمتنيييه منه .. خذييييت كل شي منيه ..اتعرف بشوووه حسييييت ..؟؟! شوووه ياااانيه ..؟؟ تبانيه أحس انيه رخيصة ..؟؟ما يحتاي .. لي سويته كفى و وفى .. اتقوووول بهييييمة ..!!! شاطر اتعنتر ع الحريم .. و اتظربهن ..
غرست نظراتها في حدقتيه و قبضته تتصلب مع جسده في شعرها ..
الدموع النازفة على جانبي وجهها لم تعد تبالي بها .. لو كان سعيدا بانكسارها .. فسيسعد أكثر ..
هي على استعدادٍ بأن تتوسله مقابل سمعتها ..
لذلك انكسر صوتها أمام ملامحه القاسية التي سكتت أمام انفجارها ..
و كأنه يجمع بين أنامله كل الإهانات التي تخدشه بها .. ليرشقها بها بعد قليل ..
- تباااا تظرب ..؟؟؟ اظرررررب .. يااا الله .. أنااا هب قددك .. و لااااا بردك .. ما عنديه لي بيدافع عنيه .. طلع حرتك كلهاااا و لاااا اتخلييي شييي فخاطرك .. يعيبك يوم تظربنيه ..؟؟؟ رياااال ترااااك اظررررب .. بسس .. بسسس ......
بدأت كلماتها تتقطع .. و الإذلال يملأ صدرها .. يثقل أنفاسها ..
ينكس نظراتها خذلانا .. و خنوعا مرّا ..
يملأ فمها مهانة ..
ليست وحدها في المركب ..
لن يقال حور ..
بل ابنة حمد .. و ماذا فعلت كي تُطلّق بعد أسبوعٍ من زواجها ..
ستذكر كأختٍ للمها .. لعفرا .. لنورة و دانة ..
سيشار لهند و مزنة غدا بأنهن أخوات إمرأةٍ لم يستطع رجل استبقائها في بيته اسبوعا واحدا ..!
و ستلوكهم الألسنة دون رحمة ..!!
ها هي تدوس على ما تبقى من كرامتها ..
تغمض عينيها و صوتها يخبو متوجعا ..
- بسسس .. لاااا .. لااا اتردنييه اهنااااك ..
أمام هذه الفكرة .. و هي تنطلق لتصبح مسموعا لها قبل أن تكون له ..
لا تريده أن يذلّها علنا .. فليفعل ما يشاء بين جدرانٍ صمّاء ..
لكن أن يمرغ كرامتها بالتراب أمام الناس ..
و يدوس دون إكتراث على أحبتها معها ..
النشيج الذي كانت تكبح طوال المواجهة .. أصبح ينفلت بارتفاع من بين شفتيها ..
بارقة بعيدة من شعورٍ آخر .. اقتحمت زخم مشاعره الغاضبة لتبرق في مآقيه ..
فيما لا زالت يدها الملتوية خلف ظهرها .. و شعرها الذي تقطّع تحت الشد ..
تحت رحمة قوّته ..
- دد .. دخيــ..ــ .. دخيلـــكـ .. لاااا تطلــ..ــقنــ..ــيييه .. عــ.. ع الأقــ..ــل هـــب الحيــ..ــنه .. تبــ..ــااا تطلــ..ــق .. اصــ.ــبر عــ..ــليه شهــ..ــر و الا ثنيين .. لااا تفضحنــ..ــيه عنــ..ـد الخلــ..ــق .. أســ..ــألك باللــ..ــه ..
.
.
.
.
دون أن يسيطر على ذهوله .. شعر بيده الضخمة تفلت غضاضة معصمها الملتوي وراء ظهرها ..
و ذراعه النابضة بالألم تتصلّب عضلاتها متوجّعة ..
وجهها المنتكس يتقاطر أدمعا فيما تنحني كتفيها بإذلالٍ مرتعش ..
و نعومة خصلاتٍ فرت من تحت قبضته .. تتساقط لتستر جبينها المطرق ..
صوته الأجش إنطلق مرددا كلماتها الغريبة التي تلفّظت بها توا ..
- أطلقـــــــج ..؟!
لو أنها التقطت قضيبا لتهشّم رأسه لما كان أكثر صدمة في تلك اللحظة ..
يطلّقها ..؟!
أي شيطانٍ وسوس لها بهذا الهاجس ..
أ يتركها ..؟
يعتقها .. ؟؟!
لترحل عن كل أراضٍ تحتضن مواطئ خطواته ..
يحرم عليه قربها .. رؤيتها ..
يُسلب منه كل حقٍّ في أن يمتلكها ..
و أن يراقبها بعينٍ لا تشعر بها ..فيستشف خلجاتها العفوية .. تعكس صورة لفتاةٍ كان يعرفها بين جدران ذاك البيت الصغير العتيق ..
و على عتبات مجلسه ..
أ يحكم على نفسه بأن يعود لمنفى وحدته البارد .. ليتقلّب باحثا عن دفء وجودها الذي سيفقد ..
تختنق رئتيه بهواءٍ لا يحمل رائحتها ..
و تنغرس في عينيه زوايا خالية من حضورها ..
مجنونة هي ..!
لن يفعلها و الله ..
لن يبعدها عنه ..
سيتلذذ بتعذيبها .. تمزيقها .. و إهانتها ..
ستطعنه دموعها و يتظاهر بغير ذلك ..
سيترنّم بحدّة كلماتها المتحدّية ..
بمناوشاتها الجبانة .. تمد مخلبا لتخدشه .. ثم تنزوي بعيدا كي لا يؤذيها ..
سيحترق بنار قربها و هو يعلم بأنها لا تريده بل تريد استفادة من وراءه ..
لكنها ستكون له .. و له وحده ..
لن يطلق يوما قيدها لتفرّ بعيدا عن فلا تطالها قبضته ..
اللعنة ..
يحتاجها هو بشدّة ..
يحتاج لمشاعره الغريبة المتقلّبة لجنونه الذي تدفعه إليه ..
يحتاج وجودها حوله ..
و لو كانت غادرة .. و مخادعة ..
و لو عرف انها ليست سوى انتهازيّة رخيصة ساعية خلف المال ..
لن يحتمل يوما ابعادها عنه ..
لتسدل حاجزا أسودا من ستر بينها و بينه .. فلا يملك حقا فيها .. و لا عليها ..!
و أدرك مع ارتفاع شهقاتها .. أن قبضته راحت تشدّ بجنون دون أن يشعر على خصلاتها ..
راقب يدها الصغيرة تدفع صدره الذي كان يرتفع و يهبط بحدّة تحت وطأة ما يكابد داخله ..
كان الأمر جنونا ..!!
جنونا بحتا ..
هذه أطول ليلةٍ مرّت به .. و علم أن كوابيسا ستؤرّقه قبل أن يجد الراحة .. و أن وقتا طويلا سيقضيه في صراعاتٍ مختلفة قبل أن يلتمس نعومة فراشه ..
تصيبه هذه المجنونة بمسمارٍ كاد يطيش فيقتله أو يمزّق أوتار ذراعه ..
و حقيرة أخرى تلقي بأختها في بيت جدّه لتحطّم قلب تلك العظيمة ..
انفجاراتٌ تتعاقب ..
في رأسه ..
حوله ..
فيلفّ ساعده على خصرها النحيل ليجذبها بعنفٍ بارد ..
لترتد القسوة إلى الصدارة .. و هو ينحي بكفٍّ من تجاهل كل المشاعر التي اضطرم بها صدره ..
يفلت قبضته من شعرها الذي انتصب بجنون إثر شدّه .. فيمسح عليها بسخرية ثلجية .. و تنزلق يده إلى فكها المرتجف فتقبضه بقوة ..
و صوته يهمس أمام ملامحها الدامعة ..
- أطلّقج ..؟؟ لا .. لا .. عدنيه ما شبعت منج .. لاا اتحرين انج بتفتكين منيه بالهون .. بينيه و بينج حق .. ما فصلنا فيه .. و الحين تذلفين و اتلمين أغراضج .. لنا بنرد العين .. عندج عشر دقايق .. و الا يريتج بكشتج للموتر بدون أغراض .. ها حبيبي .. فهمتي ..؟!

* * * * *

- ناااااااااايف .. و الله هب ناقصتنيه حشرتك .. افففف ماااا تفهم ..؟؟!!! مليوووون مرة قلت لك ماااادري .. مااااااادري .. ماااا تشوفنيه يالسة عندك ..؟؟ و الا اتحرى عنديه علم بالغيب ..؟؟!!
كانت صرخة نورة العصبية كفيلة بأن تهدر الدمعة التي كانت تتعلق مستميتة بأهداب شقيقها و هو ينظر لها بغضبٍ و وجهه يحتقن باحمرار يخالط الألم بالعصبية ..
قبل أن تنطلق صرخة غاضبة أخرى من ركن الصالة ..
- و ليش اتصارخين عليه .. ما تعرفين ترمسين باسلوب ..؟؟ ما تشوفينه اروحه متروع من لي استوى ..؟؟
قالتها و هي تطلق نظرة مغتاظة مقصودة لجسد الفتاة المتشنج على الكرسي المتحرك الذي واجهوا صعوبة في نقلها من البيت الكبير الى بيت حور .. حيث تفرقت أجسادهم المتوترة في ردهته ..
تلك الغريبة عادت لنظراتها المذهولة غير المصدقة .. و تجمدت الصدمة التي ألجمتها حين ظهر حامد و مطر يحملان أم علي على ملامحها ،، لتخنق أي رد فعلٍ آخر لها ..
لم تستطع سوى التصلّب حتى و هم ينقلونها إلى هنا ..
و خيل إلى عفرا أن ثقلها تضاعف مرات و مرات .. بعد أن انصبّت قوالب من جمودٍ في جوفها ،، و على ملامحها حتى على أنفاسها ..
رائحة البيت بأصباغه الحديثه .. و الأثاث الجديد كانت تطبق على أنفاسهم .
و شعرت بأنها على وشك أن تختنق .. التفتت لنايف الذي لا زال يرمق نورة بنظرة متمردة دامعة ..أعلمتها بأنه على وشك التقاط شيء ليقذفه على رأسها اعتراضا ..
فزفرت قبل أن تقول بهدوء ..
- نايف .. خبرتك شوه قال حامد .. أميه نورة بخير .. لكن يبونها اتم تحت المتابعة خلاااف بييبونها البيت .. يلستك اهنه ما منها فايدة .. ليش ما ترد البيت العود و ترقد و باكر من الصبح كلنا بنسير لها ..؟؟! هااا حبيبي ؟؟
التفاتة غاضبة يمنحها اياها .. و هو يصيح باعتراضٍ متهدج ..
- شوه يااهل فعينج اتقصين عليّه ..؟؟ تبين اتسكتينيه بالرمسة .. أنااا شفتااا .. شفتااا يوم كانت طايحة .. عميه مطر ايرمسهاا و لاا ردت عليه .. صاااااخة .. حتى ايديها ما اتحركهن ..
و انطلقت شهقة معذّبة من قاع حلقه و هو يقفز على قدميه .. و ظاهر يده يتدارك تدفق دموعه .. فيما تتكسر الكلمات بخوف طفلٍ لازال يصارع المراهق بداخله ..
- شفتااا .. كااانت مثل ابوووية .. مثل ابوووية يوم رقد عند باب الميلس و لا نش عقبها .. ما تحركت .. و لا ردت علينا .. عفـ.. عـ.. عفرااا .. يمكن ماااتت ..؟! يمكن ماااتت مثل ما مات أبوية ..!!عفرا .. هي ميتة ..؟
ونين مرتفع مفاجئ تصاعد مع كلماته انبلج من ركن الصالة الفارهة .. لتستدير الأعين بقلق لدانة المتكورة على إحدى الأرائك .. و كلمات نايف المفزعة تمزّق وشائج ثباتها .. حتى و نشيجها يرتفع ..
- لاااا .. لاااا .. ما بتموووت .. يااا رب .. ياااا ربييييه ..
صاحت نورة بعصبية و الدموع تلمع في مآقيها ..
- عنلاااااتك .. اتفاااول عليها .. اذلف ارقد .. فاااااااارق الحييييينه لااا و الله أشلك بطراااق ..
صاحت عفرا بحزم و هي تتقدم نحو نايف ..
- نوروووه .. و الله ما يصك الطراق الا ويهج لو ما صخيتي عن خوج .. تسمعيييييين ..؟؟ بلااااكم انتووو ..؟ قلنا لكم يدوووه بخير و ما بها الا العافية .. شوه بتموتون المرة غصب .. نااايف نش .. نش الحينه يا الله .. دااانة سيري ودي خوج البيت .. خليه يرقد ..
لكن الإجابة الوحيدة من دانة كانت شهقة باكية .. لفظتها مع أنفاسها المحترقة و هي ترفع عينيها المحمرتين لميعاد الذاهلة بصمت ..
- كلللله منهاااا .. كلللله منهاااا .. و الله .. و الله لو استوى باميه نورة شي ان موتها حق ع ايديه ..و الله ما يردنيه عنها و لا عن ختها الـ××××××× شي ..
ثم وقفت على قدميها بجنون ..
- انتي شوووه تبين مناا ..؟؟ شوه يابج الحينه ..؟؟ يوم شفتيها ضعيفة و ما تقهر شي .. ليش ما لميتي عمرج و ختج و ظهرتي .. تبووون تذبحووونهاااا..؟؟
- داااااااااانة ..
كانت عفرا تصرخ بغضب الآن و الجنون يستبد برأسها حين بدأ الكل بالصراخ ..
تخطت الأثاث لتجر دانة بثبات نحو باب المنزل الصغير الرئيسي ..
- تحركي البيت يا الله .. قداااامي ..
مسحت دانة دموعها بعناد تجر ذراعها من قبضة عفرا .. و وجهها المحتقن ينتفخ بقهر ..
- مااااااا بظهررررر .. مااا يخصج فيييييه .. أنااا بتم هنيه و برقب حور ..
و تأكيدا على اصرارها .. جلست على أول اريكة استقبلتها بقوة .. و هي ترمق الجميع بنظراتٍ حاقدة ..
مسحت عفرا على وجهها بصبر بدأ يتضاءل في داخلها ..
توشك هي بدورها على الصراخ .. و الضرب .. و تحطيم الأشياء ..
ليس سهلا .. أن تتعرض تلك العظيمة للأذى و لا تطول أناملهم حمايتها ..!!
نظرت لنورة التي تزم شفتيها و الدموع تكابر على حدود أهدابها ..و نايف الذي عاد ليتحرك بتوتر في المكان ..
دانة تتكور على الأريكة الضخمة .. لتدفن وجهها في ركبتيها .. و قد كانت أكثرهم فزعا مذ رأت العم مطر و حامد ينقلان جسد جدتها الجامد كالجثة الفارغة من أي رمق حياة ..
عيناها تمسحان مسافة الردهة لتبلغ جسد ميعاد المتكور على المقعد .. فيتملّكها الغل لرؤيتها ..
لو فقدوا جدتهم .. فلن يكون ذلك الا بسببها ..!
.
.
.
.
أدمع باردة جامدة تلك التي تصلّبت بين أحداقها .. و هي توزع النظرات في الوجوه الواجمة حولها ..
النفور .. الحقد ..
الكراهية الصرفة هي الأحاسيس المتجلية على ملامحهم ..
فيما مساحات من ضياع تسكنها ..
و تشعر بأنها تهيم على وجهها .. بلا مأوى ..
ذهول سقوط تلك العجوز التي لم تشأ يوما ايذائها ..
و التفاتة ظهر أبيها ..
أحرقتها ..
و أذرتها رمادا باهتا في مهب رياح تقلّبات هؤلاء الذين يقاسمونها الانتظار ..
في ثانية .. راحت تتضاءل روحها ..
تنكمش ..
و تكاد تختفي ..
شعرت بكل إحساسٍ يتسرب مع أنفاسها .. و نظراتها الضائعة ..
تصغر ..
تصغر ..
لتتجمد نظراتها فجأة على رقرقة الماء الصافي الذي امتد فجأة أمامها يملأ كوبا من الزجاج الهش .. ذكرها بروحها في تلك اللحظة ..
فرق أن روحها محطمة .. ظامئة ..
و ذاك الكوب مترع .. ينشد سقياها ..!
لتزحف نظراتها الكسيحة على صفاء الماء .. و التماعة زجاج الكوب ..
تتطلع لبياض الأنامل الرقيقة التي احتضنته ..
تمسح الكف لترتفع إلى الذراع ..
ثم تشمخ لنعومة الملامح الصامتة التي كانت تتطلع إليها ..
وحدها كتلة الهدوء الصمّاء مدّت يدا أخرى لها ..
بعيدا عن الضغينة .. و الكراهية ..
بعيدا عن النفور و اللوم ..
لا تحمل أ مشاعر مؤازرة أو مؤيدة ..
البساطة وحدها و الحزن المؤنب على سحنتها الملائكية العذبة ..
إلا أنها تحمل صفاء الماء بيديها لترويها ..
تمد كفا من عطاء هي الأحوج إليها ..
لتندلق دمعة ساخنة من زواية عين ميعاد فتحرقها ..
و يدٌ مرتجفة من قبول تتلقف صمت ذاك الهدوء و ما جاد به ..
فيما يمزّقها الألم بسكونٍ يسكن عيني تلك الصماء ..
.
.
أَ رأيتم إن امتدت كف من العدم ،،
فيما نحن نهوي ..
نهوي في ذاك الفراغ الأسود ..
لا شيء حولنا نتشبث به لنوقف ذاك التهاوي ..
لا حلم .. لا أمل .. لا ذكرى صغيرة ادخرناها في أرواحنا ..
بغية العودة إليها حين نصبح معلقين هكذا ..
نواصل السقوط في تلك الفجوة الداكنة بلا قرار ..
تمتص حياتنا .. آمالنا .. تلك الطموحات المجنونة ..
و خيالاتنا اللذيذة ..
أ رأيتم ان أصبحنا بلا حياة ..
و نهوي ..
لتمتد من العدم كف مجهولة ..
لا ندري من أين .. و لا إلى أين ..
فقط تنتشلنا مما نحن فيه ..
و لا تعني انتشالا حقيقيا ..
ليست سوى لمسة من بياض ..
لكنها تعني الكثير في شؤم تلك اللحظات ..
.
.
أي امتنان قد يفي تلك الكف حقّها ..؟!

* * * * *

يتيمة ،،
و ارتسمت بسمة وجع مؤلمة شققت ملامحها .. و هي تشرد بعينيها عبر زجاج نافذة السيارة المسرعة ..
هذا ما هي عليه حقا ..
لا سند .. و لا عضيدٌ قد ترخي إليه بضعفها ..!
لذلك كان سحقها شيئا هيّنا ..
كم كان مذلا توسلها ذاك دون فائدة ..
اذ لم يكن في نيته تطليقها منذ البداية ..
مجرد فكرةٍ رسمتها مخيّلتها المضطربة بعد مشقة تلك الليلة .. لتندفع بتصرفها تحت تأثيرها ..
يا الله ..!
كم كشفت عن مخاوفها أمامه .. و تجرّدت من أكاذيب قوتها الزائفة ..
أرخت رقبتها له .. سانحةً فرصة لا تصدق لينحرها ..
أضواء الشارع التي كانت تمرّ بسرعة مجنونة على جانبي الطريق امتدت كشعاعٍ متصل من النور .. و قد بدا أنه يفرغ غضبه في دواسة البنزين .. و مؤشّر السرعة ينحني بقوّة أمام عجلته المجنونة ..
نظرة حذرة تسرقها لملامحه المتصلّبة ..
بدا وجهه هذه الليلة داكنا .. مظلما .. عينيه المتوحشتين تلمعان بتعبير كئيب أعقب مواجهتهما ..
الصمت وحده هو ما نافس الأنفاس في تردده ..
لم يتبادلا كلمة واحدة ..
كلن ينزوي في بقعة مظلمة من السكون .. يفرّ بأشلائه بعيدا عن الآخر .. بعد آخر معركة طعنٍ بينهما ..
مرّ ما يقارب الساعتين على تركهم الشقّة .. لكن لفظا واحدا لم يتخلخل جو السيارة الصامت ..
قبضته التي تعتصر المقود .. و عيناه اللتان ترتكزان على الطريق أوضحت أي مجهود يبذل في القيادة ..
انحسرت نظراتها على البقعة التي أصابت في بداية الليل بطيشها ..
و كبحت شهقة ذعر و عيناها تستوعبان الظل الداكن الممدد على بياض ثوبه مكان الجرح ،،
اللون القاتم للدم بدا أشبه بالسواد في السيارة المظلمة التي لا ينيرها إلا أضواء مصابيح الشارع ..
احتد تنفسها و هي ترى البقعة المتمددة تلطخ الثوب الذي ارتداه قبل خروجهم بدقائق ..!!
فيما تشتد يده على المقود دون أن يبالي به ..
رفعت يدها نحو ذراعه حتى منتصف الطريق لتعيدها بسرعة إلى حجرها .. و هي تشد عليها بكفها الأخرى ..
عضّت شفتها و الألم يطفر من أنفاسها ..
ورفعت اصبعين تضغطان على عينيها بقوة ..
كلّما تذكّرت منظر المسمار المشئوم يمزّقها الندم .. حتى بعد ثورته الأخيرة عليها ..
- بـــــلاج ..؟
انتفضت مع ارتفاع الصوت القوّي ببرود .. ليرتد في صمت السيارة ..
رفعت عينيها نحوه ..
لم يكن يزحزح تركيزه عن الطريق ،، ابتلعت ريقها .. و هي ترتعش قائلة بصوتٍ خافت ..
و اصبع مرتجفة تشير لذراعه المصابة ..
- دد .. د .. دم ..
نظرة لا مبالية سريعة يلقيها نحو ذراعه قبل أن يرفع عينيه إليها ..
قسوة الثلج تلمع في نظراته الجامدة .. قبل أن يعيدها للطريق متجاهلا اياها ..
كان ينحرف لمحطّة وقودٍ وسط المدينة شبه خالية في هذه الساعة المتأخرة من الليل ..
رأته يدور حولها دون أن يقترب من إحدى كبائن تعبئة الوقود .. يتلفّت يمنة و يسرة و عينيه تبحثان عن شيءٍ ما .. حتى راحت تجيل عينيها بدورها بحثا عمّا لا تعرف ..!
استدار رأسه بحدة في التفاتة مفاجئة .. و عينيه تضيقان على زاوية معيّنة .. سرعان ما لفّ المقود ليتوجّه إليها ..
تتبعت نظراته لتلتقط السيارة التي توقّفت في إحدى المواقف الخلفية للمحطة ..
توجّه نحوها بسيّارته في تأنٍ قبل أن يوقفها إلى جوارها تماما ..
لم يكد يفتح بابه حتى انفتحت الأبواب الأمامية للسيارة الأخرى بدورها ..
اتسعت عيناها لمرأى الرجلين الطويلين اللذان تحرّكا بسرعة نحوه فيما يخطو هو بتثاقل متعب نحوهما ..
يتبادلون السلام السريع .. و حديثا مطوّل زاخرا بالإشارات ..
كان يعطيها ظهره فيما انخرط أحمد في حديث ما .. قبل أن يشير هزاع باهتمام لبقعة الدم .. لتستدير الرؤوس كلها نحو ذراعه ..
لا تعلم أي تفسير قدّمه لهما ..
إيماءاتٍ عدّة .. قبل أن ينفصلوا .. فيتحرّك أحمد عائدا للسيارة نحو مقعد السائق ..
فيما يرافق هزّاع غيث نحوها .. تحركت بسرعة تسدل الغطاء على وجهها و هي تراه يتوجّه نحو بابها .. ليفتحه بسرعة ..
التفتت له بتوتر و هو يسد فتحة الباب بطوله .. و صوته الجليدي يأمرها ..
- حولي .. بنخاوي أحمد في سيارته ..
جف حلقها .. و هي تومئ بسرعة مع تنحيه لتنزل من السيارة على عجل ..
مشت وراءه بخطى متعثّرة متجاهله حتى القاء التحيّة على هزاع الذي استقل سيارة غيث .. و الأخير يقول بتسلّط ..
- البيت سيده و نحن وراك ..
لم يجب هزّاع و هو يغلق بابه .. فيما تقدم غيث من سيارة أحمد .. ليفتح باب مرافق السائق .. و يحني طوله و هو يدخلها ..
فتحت الباب الخلفي له .. لتدس جسدها الصغير في السيارة بدورها ..
تسلّم بصوتٍ هامس ظنت أن أحدا لن يسمعه .. لكن أحمد ردّ بصوته الجهوري سلامها قبل أن يقول بمرحٍ كان أبعد ما يكون عنها في تلك اللحظات الغير مفهومة ..
- مرحبــــا الســـــاع ،، حيا الله العروس .. شحالج بنت عميه ..
تمتمت بصوتٍ هامس ما ظنّت أنه - بخير - .. قبل أن يتحدّث غيث مشيرا بيده نحوها ..
- حركي ع اليسار شويّه ..
تزحزحت حتى جلست في منتصف المقعد الخلفي ..
ليعيد كرسيّه إلى الخلف بوضعٍ أفقي .. سمح له بالإستلقاء ..
ثم حرّك - غترته - الملفوفة ليضعها على وجهه و يتوسّد ذراعه ..
عاتبه أحمد بصوتٍ هادئ ملؤه الإحترام ..
- ما خبرتنا يا بو سيف انك متعوّق و الا كان وصلنا وادي البيح و يبناك .. ليش اتسوق و انت تعبان ..
لم يرد غيث على كلماته تلك .. بل أمره بتسلّط .. عكس مزاجه الأسود رغم إرهاقه ..
- مر بيتيه أول خلنا نحط حور اهناك و هزاع يبركن الموتر .. خلاف وصلنا مستشفى الـ×××××× ..
قطب أحمد باعتراض .. و هو يقول ظنا منه أن غيث ينشد مستشفىً ليغير ضماد يده ..
- بنسير مستشفى الإمارات .. أقرب لك .. يغيرون الشاش .. و نردك البيت ..
من تحت غترته .. خرج صوته الثقيل باردا ..
- حد قال انيه ساير أغير الشاش ..
التفت أحمد نحوه بعدم فهم .. و استقطب نظرات حور بدورها .. قبل أن يتابع بذات التصلّب ..
- بنسير نشوف أميه نورة ..
التفت أحمد بحدة .. و هو يهتف متفاجئً ..
- أميه نورة ..؟؟!! شوه اتسوي في المستشفى ..!!!
تجاهل غيث سؤاله و هو يوجّه أمرا صارما لحور ..
- حور .. يوم بنوصلج البيت بتحصلين عفرا و ميعاد اهناك ..
عفرا .. و من ..؟!
أخيل إليها أم انه أرفقه باسم امرأةٍ أخرى ..
كررت بهمسٍ مستفسر ..
- ميعـــاد ..؟
و التوت شفتيه بتجمع حاجياتها ..؟!
و كأنه لم ينطق الكلمة بذاك البرود .. بل هشّم أحرفها على رأسها و هي تستوعبها بذهول ..
تجمع حاجيتها .. و تستعد لترك المكان .. ؟؟!!
بهت الهواء حولها .. و لم تعد قادرة فجأة على جر الأنفاس لتشبع رئتيها ..
فيما تتكرر كلماته في الفراغ الفاصل بينهما ..
و تتضخم قبل أن تبلغ فكرها المتعب ..
تجمع حاجياتها ..؟!
أيعلن بها نهاية ..؟!
و انقبض قلبها و هي ترفع ملامحا من ذهولٍ مذعور ..
تطالع الوجه المسودّ من فرط التعب و الغضب الصامت ..
كررت بصوتٍ هامس لم يسمعه ..
- ألم قشاري ..!!
لماذا ..؟!
ضاق ذرعا ربّما ..
لم يعد يطيق غباءها المحكم .. و لا تحدياتها الساذجة الضعيفة .. و لا وخزاتها غير المتمكنة ..!!
و امتلأ فمها الذي أطبقته بكلماتٍ كالجمر راحت تبلعها .. لتحرق مسالك الإحساس فيها ..
سيرميها هذه الليلة بعيدا عن حياته ..
انهت بيدها و طيشها كل شيء ..
لا بد أنه لم يعد قادرا على المخاطرة بعد أن بلغ جنونها حد الأذية الجسدية ..!
لكن ..
لكن ماذا كان ما حدث بعيد انفجاره ذاك ..؟
ألم يلملم بعثرتها في أحضانه ..
و تتقطع الانفاس ..
لا تصل إلى جوفها ..
بارع هو ..
دوما سيّد الوجع ..
بيده أن يحملها بين راحتيّ الحلم ..
أن ينفحها ذرتين من احساس تكفيها الدهر كلّه ..
و بيده ان يلقيها أرضا بقوة ..
ليتردد رنين شظاياها المبعثرة ..
على أرض النسيان ..!
هلوسته و هو يعتصرها بين ذراعيه ..
أهي كلمات النهاية ..
لم يعد بحاجة إليها .. و لا لإفسادها حياته ..
و من زاوية بعيدة .. في أقصى رأسها ..
انبثق صوته من غياهب ذاكرتها ..
.
.
.
.
(( لو باقي يوم ع العرس .. و ما وراها حق .. بردّها عليك .. أنا ماليه حاية في العرس الحينه الا لنيه أبا حلاليه .. حلاليه لي تعبت عليه .. و لو ما وراها تعبيه عطيّه .. ماباها البنيّة .. ))
.
.
.
.
لم يكن يخشى التخلي عنها قبل زفافها بأسبوع .. لن يكترث اذا لهجرها بعده و هي لم تتم الأسبوعين ..!!
كان مستعدة لأن يبصقها بعد أن يكتفي من منفعتها ..
ألم يحصل على الملكية التي أراد ..؟!
ما حاجته بها ..؟!
لا سبب يدفعه للتمسك بأذيتها إلا كرامته التي طعنت ..
شلّت أطرافها و صوت صفير الأبريق الذي يغلي على النار يخترق الصمت الذي حُبك حولها بهدوء ..
فيما ارتفعت عينان زائغتين .. شاردتين إلى وجهه ..
نظراتٌ مستنجدة تفتش برود ملامحه القاسية ..
تبحث بين طياتها عن بصيص أمل واحد يعلمها بأنه غير مستعد لهجرها و هو لم يمضٍ الأسبوعين معها ..!
فيما تشكلت صورة خبيثة في رأسها ..
رسمت ملامح خيبتها و هي تجر حقائبها عائدة إلى بيت جدّها .. محمّلة بعار هجر زوجها لها .. بعد أسبوع من الزفاف ..
انتهى منها ..
بلغ مراده ..
و عاث في روحها خرابا حتى اكتفى ..
لم يعد مستعدا لابقاء جنونها معه .. فلن تحمل له الا الأذية ..
لكن ..
أ و تنحني أمام ذل هذا الرفض الصريح ..؟
أ تسمح له أن يجعلها لغمة سائغة في أفواه الناس .. تلوكها الألسنة بلا رحمة .. ؟؟
لا .. لا .. لا .. لا ..
تبا له .. ستقاومه ..
و ارتعشت عبرةٌ تسد حلقها ..
لن تدعه يهجرها و يذلها بهذه الطريقة ..
عليه أن ينتزعها انتزاعا و يلقيها بالقوة أمام بيت جده ان كان يريد التخلي عنها ..
لن تدعه ينتهك سمعتها أيضا ..
لتضمها إلى حطام أنوثتها التي سبق و داسها بلا رحمه ..
لذلك انبلجت المرارة المرسومة على وجهها من بين شفتيها في كلمة واحدة ..
قاطعة ..
- لاا ..
كلمتها التي رنت في الصمت و ارتدت في المطبخ الصغير لم تعني له شيئا و هو يطالعها ببرودٍ أسود .. فيما جسده يميل على إطار الباب و قسوة صرفة تلمع في عينيه ..
صوته أتى جافا .. و هو يسأل وحشيّة بطيئة ..
- لاا ..؟؟!
صرت على أسنانها و هي ترفع رأسها في مواجهته ..
فيما بدت المقاومة تتهاوى من البداية داخلها ..
تتظاهر بالقوة .. فيما هي ضعيفة ..
ضعيفة للغاية أمام جبروته .. و قسوته الباردة ..
- ما بلم أغراضيه .. و لااا بسير مكان ..
ألصقت قدميها في الأرض بقوة .. و الكلمات ترتجف بشكلٍ فاضح..
- بتم هنيه ..
لم يهتز رمش واحد له .. و هو يقول بصوتٍ جليدي خافت اقشعر له بدنها ..
- سمعتي شوه قلت لج ..تحركي لمي قشارج ..
هزت رأسها بـ لا .. و هي تتراجع نحو الموقد قليلا .. قبل أن تقول مجددا بضعف ..
- مابا .. هب ع كيفك ..
التوت شفتيه بحدة في ابتسامة باردة و هو يكرر تحذيره بذات الصوت البطيء و كأنما لا يريد إلا أن تعانده .. ليفجّرها ..!
- و الله واصل حديه منج .. اتحركي لمي قشارج بالطيب ..
الذعر الذي يتعاظم في نفسها .. راح يخنقها و هي تستشعر العنف قادما ..
لكنها أبت التزحزح ..
فليفعل ما يريد .. لن يكون تركها سهلا عليه ..
لم تجبه هذه المرّة .. و لم تتحرك ..
استمرّت في النظر اليه بذات العينين المذعورتين و هي تلتصق بالموقد .. و يدها تلتمس بذعرٍ مفتاح الغاز لتطفئه مع تعالي صفير غليان الماء بجنون قرب أذنها ..
رعد صوته الرجولي في ضيق جدران المطبخ بغلظة و تعبير شيطاني غاضب يغزو ملامحه ..
- حووووووور ..
همسات متوسّلة تنبثق في سرها و هي تلتزم الصمت .. و تثبّت قدميها ..
يا رب .. يا رب ..
هي لن تتحرك .. و لن يخيفها هذه المرّة ..
انخلع قلبها بذعر .. حين تحرّك جسده الضخم نحوها في خطوتين واسعتين ليبلغها
يده اختصرت المسافة بينهما لتنغرس مجددا في شعرها الطويل الذي لم يمضِ وقتٌ طويل مذ احتمل ثورته الأخيرة ..
يجرّها منه نحوه بقوة لتشعر بأنها تُسحب لا تتحرك على قدميها .. و ضخامته المرهبه تنحني عليها .. و كأنه على وشك سحقها كالحشرة ..!
فيما تلتف أصابع يده الأخرى على فكّها الصغير بقوة .. و هو يجبر رأسها على التواء ناظرا إلى أعلى .. فيما يحني رأسه بوحشيّة .. و عيناه المحمرتين بغضبٍ مجنون تزيغان على وجهها ..
يستخدم قوّته غير آبه بالجرح الندي في ذراعه .. اذ لم يبدو في ذروة هياجه أن أي ألم سيخزه قد يوقفه عن تحطيمها الليلة ..
صوته الهامس يلفح خدّها الناعم .. و أنفاسه الخشنة الحارقة تلوّحه ..
- الله يلعنج .. انتي ما بترتاحين الليلة الا يوم أكسّر اضلوعج ..
انفجرت كلماتٍ مبعثرة من بين شفتيها و هي تغمض عينيها بقوة ..
لن تهدر الدمع في هذه المواجهة .. فإن أدرك ضعفها داس عليها ..
- ببـ.. بــ..ـسم اللـ.. اللــ..ـه .. بســ..ـم .. الله .. الرحمن .. الرحيم ..
حاولت التظاهر بالثبات و شفتيها ترتعشان فيما تقاوم البكاء الداني ..
تدفع صدره الصلب بيدٍ ضئيلة .. فيما الأخرى تحاول نزع قبضته عن شعرها ..
كان الصداع الذي يغزو رأسها ينتشر مع قوة اعتصاره لخصلاتها .. و هي لم تتجاوز آلام جرّه له في الثورة الأولى لتحتمل هذا الغضب ..
تزم بشفتيها المرتجفتين .. لتقول بصوتٍ مبحوح ..
- بطل .. بطل شعريه ..
لكن قبضته لم تشتهي إلا إقتلاع شعرها ..
تكاد تشعر ببويصلاته تنتزع و هو يشدّها .. فتقتلع من جذورها ..
فيما الأنامل التي تكاد تكسر كفّها .. تهز وجهها بقوة .. و صوته يرعد قرب أذنها ..
- لااا اتحطين راسج براسي لا أكسره يا بنت الـ×××××× .. اتحركي .. لا ألمج فوق قشارج مكسرة ..
رعدته التي زلزلت كيانها الصغير .. ارتدّت بصرخة متألمة مع الشتيمة التي أطلقها .. و دمعة متمرّدة تفر من زاوية عينيها بذل ..
- ماااااااابااااااااا .. مااااااابااااااا .. بطلللل ايدييييييك .. قطعت شعرييييه ..
غرست أظافرها في قبضته التي التفت على فكها .. لتتزيحها عن وجهها بقوة رفعت قبضتها الضعيفة لتضرب بها صدره و هي تصيح بحرقة .. مع التواء ملامحه بحقد شنيع ..
- عنلااااااااااتك .. بطلللللللل شعرييييييه يا الحقيييييييييييييير .. بطلللل أقوووووووولك .. هب عبدة أبوك .. ترفع صوتك عليه و تظربنيه .. آآآآآآآآآآآآآآه ..
زاغت عينيه بشكل مخيف أمام كلماته .. و قبضته تلتوي في شعرها حتى التوت رقبتها النحيلة ..
لا حيلة لها ..
لا قوة أمامه ..
حتى و هي تكبح دموعها ..
انبثق نبع من زاوية أجفانها التي أطبقتها بقوة أمام صوته العاتي الذي ضج في رأسها ..
- عبدتيه غصبن عن خشمج .. شريتج بفلوسيه يالـ×××××× .. دفعت فيج لي ما أدفعه في قاع .. تعرفين ليش ..؟ لنج ما تسوين ماطايه .. اتعرفين ليش خذتج ..؟ عسب أحطج عند اريوليه .. وين مكانج .. و ما اقبل في شيفتج الا لو بغيتج .. انتي سد حاية .. حالج حال البهيمة ..
كان يمسك بالكلمة .. و يهوي بها ليغرسها في صميمها ..
يمزّق وشائج كرامتها .. يهتك العنفوان الضئيل المتبقي لها ..
ليجذب نصلها بحدة .. و يعود ليهوي به في ذات الصميم الدامي ..
مرة تلو الأخرى ..
كلماته .. الإهانة .. اشمئزازه .. و الإحتقار ..
كراهيته المتجلّية هدّت قوّتها .. طحنت روحها بؤسا ..
و أنهارٌ تتفجر في جوفها مع كل كلمة ..
و هي تلوّح بكفّها الصغيرة .. لتلطم بها قسوة وجهه الخشن ..
تصفع إحتقاره ..
تجاهد لمسح الملامح الشيطانية السوداء المنحوتة في وجهه ..
جارحة هي كلماته تلك .. قتلتها ..
انفجر الوضع فجأة حين أطبق بيده على معصمها ليلوي يدها التي صفعته بقوة .. وراء ظهرها ..
فترتطم هشاشة جسدها بصلابة صدره مع صرخة حادة .. امتزجت بسيل الشتائم المنساب من بين شفتيه .. و عينيه اللتان جحظتا بهيجانٍ مجنون ..
دموعٌ صريحة ترافق شهقة مرتفعة انفجرت من حلقها و هي تصيح فيه ..
- أنا هب بهيمة عندك .. كل ما اشتهيت ييتنيه .. و لو عصبت نشعت شعريه .. يوم انك هب قاصر الا سد الحاية كان خذت حد من اللوث لي يمزرن الشوارع .. أنا أسواك و أسوى لي أحسن منك .. أسواااااك .. تسسسسسمع .. أناااا هب بهيييييمة .. هب بهييييـ ....
صوتها الذي كان ينحرف بانكسار مذلّ أوغل الوجع الذي تشعر به في أعماقها ..
لذلك جرّت نفسا معذّبا .. تقاوم النحيب الذي يملأ صدرها ..
لتتهدج بوجع قاتل ..
- أنااا اذاااا ما اسسسسوى شي .. فانته هب ريااااااال .. تسمعنييييييه .. تتعنطز عليه و انته تعرف انه ما عنديه لي يردك .. اتساوي بنت عمك بالخياس لي تشوفهن .. كل ماااا بغيييت اتهد عليه اتعذرت بفلوسك .. الفلووووووس هايييييك هب حقك .. حقيه .. و أقل منه .. لاااا اتسويليه فيها شريف و مخدوووع .. حتى انته قضيت لك حااايه من هالعرس .. هاي المريلة عندك ..؟؟!! تعررررف شووووه سوييييت ..؟؟!! انته كسرررت كل شيي فداااااخلي .. كسرتنيه .. و ذلييييتنيه .. كسرت فرحة العروس فيّه .. صرقت حقيه أكون شرا أي بنية في أول حياتااا .. حتى احساسي بالخجل حرمتنيييه منه .. خذييييت كل شي منيه ..اتعرف بشوووه حسييييت ..؟؟! شوووه ياااانيه ..؟؟ تبانيه أحس انيه رخيصة ..؟؟ما يحتاي .. لي سويته كفى و وفى .. اتقوووول بهييييمة ..!!! شاطر اتعنتر ع الحريم .. و اتظربهن ..
غرست نظراتها في حدقتيه و قبضته تتصلب مع جسده في شعرها ..
الدموع النازفة على جانبي وجهها لم تعد تبالي بها .. لو كان سعيدا بانكسارها .. فسيسعد أكثر ..
هي على استعدادٍ بأن تتوسله مقابل سمعتها ..
لذلك انكسر صوتها أمام ملامحه القاسية التي سكتت أمام انفجارها ..
و كأنه يجمع بين أنامله كل الإهانات التي تخدشه بها .. ليرشقها بها بعد قليل ..
- تباااا تظرب ..؟؟؟ اظرررررب .. يااا الله .. أنااا هب قددك .. و لااااا بردك .. ما عنديه لي بيدافع عنيه .. طلع حرتك كلهاااا و لاااا اتخلييي شييي فخاطرك .. يعيبك يوم تظربنيه ..؟؟؟ رياااال ترااااك اظررررب .. بسس .. بسسس ......
بدأت كلماتها تتقطع .. و الإذلال يملأ صدرها .. يثقل أنفاسها ..
ينكس نظراتها خذلانا .. و خنوعا مرّا ..
يملأ فمها مهانة ..
ليست وحدها في المركب ..
لن يقال حور ..
بل ابنة حمد .. و ماذا فعلت كي تُطلّق بعد أسبوعٍ من زواجها ..
ستذكر كأختٍ للمها .. لعفرا .. لنورة و دانة ..
سيشار لهند و مزنة غدا بأنهن أخوات إمرأةٍ لم يستطع رجل استبقائها في بيته اسبوعا واحدا ..!
و ستلوكهم الألسنة دون رحمة ..!!
ها هي تدوس على ما تبقى من كرامتها ..
تغمض عينيها و صوتها يخبو متوجعا ..
- بسسس .. لاااا .. لااا اتردنييه اهنااااك ..
أمام هذه الفكرة .. و هي تنطلق لتصبح مسموعا لها قبل أن تكون له ..
لا تريده أن يذلّها علنا .. فليفعل ما يشاء بين جدرانٍ صمّاء ..
لكن أن يمرغ كرامتها بالتراب أمام الناس ..
و يدوس دون إكتراث على أحبتها معها ..
النشيج الذي كانت تكبح طوال المواجهة .. أصبح ينفلت بارتفاع من بين شفتيها ..
بارقة بعيدة من شعورٍ آخر .. اقتحمت زخم مشاعره الغاضبة لتبرق في مآقيه ..
فيما لا زالت يدها الملتوية خلف ظهرها .. و شعرها الذي تقطّع تحت الشد ..
تحت رحمة قوّته ..
- دد .. دخيــ..ــ .. دخيلـــكـ .. لاااا تطلــ..ــقنــ..ــيييه .. عــ.. ع الأقــ..ــل هـــب الحيــ..ــنه .. تبــ..ــااا تطلــ..ــق .. اصــ.ــبر عــ..ــليه شهــ..ــر و الا ثنيين .. لااا تفضحنــ..ــيه عنــ..ـد الخلــ..ــق .. أســ..ــألك باللــ..ــه ..
.
.
.
.
دون أن يسيطر على ذهوله .. شعر بيده الضخمة تفلت غضاضة معصمها الملتوي وراء ظهرها ..
و ذراعه النابضة بالألم تتصلّب عضلاتها متوجّعة ..
وجهها المنتكس يتقاطر أدمعا فيما تنحني كتفيها بإذلالٍ مرتعش ..
و نعومة خصلاتٍ فرت من تحت قبضته .. تتساقط لتستر جبينها المطرق ..
صوته الأجش إنطلق مرددا كلماتها الغريبة التي تلفّظت بها توا ..
- أطلقـــــــج ..؟!
لو أنها التقطت قضيبا لتهشّم رأسه لما كان أكثر صدمة في تلك اللحظة ..
يطلّقها ..؟!
أي شيطانٍ وسوس لها بهذا الهاجس ..
أ يتركها ..؟
يعتقها .. ؟؟!
لترحل عن كل أراضٍ تحتضن مواطئ خطواته ..
يحرم عليه قربها .. رؤيتها ..
يُسلب منه كل حقٍّ في أن يمتلكها ..
و أن يراقبها بعينٍ لا تشعر بها ..فيستشف خلجاتها العفوية .. تعكس صورة لفتاةٍ كان يعرفها بين جدران ذاك البيت الصغير العتيق ..
و على عتبات مجلسه ..
أ يحكم على نفسه بأن يعود لمنفى وحدته البارد .. ليتقلّب باحثا عن دفء وجودها الذي سيفقد ..
تختنق رئتيه بهواءٍ لا يحمل رائحتها ..
و تنغرس في عينيه زوايا خالية من حضورها ..
مجنونة هي ..!
لن يفعلها و الله ..
لن يبعدها عنه ..
سيتلذذ بتعذيبها .. تمزيقها .. و إهانتها ..
ستطعنه دموعها و يتظاهر بغير ذلك ..
سيترنّم بحدّة كلماتها المتحدّية ..
بمناوشاتها الجبانة .. تمد مخلبا لتخدشه .. ثم تنزوي بعيدا كي لا يؤذيها ..
سيحترق بنار قربها و هو يعلم بأنها لا تريده بل تريد استفادة من وراءه ..
لكنها ستكون له .. و له وحده ..
لن يطلق يوما قيدها لتفرّ بعيدا عن فلا تطالها قبضته ..
اللعنة ..
يحتاجها هو بشدّة ..
يحتاج لمشاعره الغريبة المتقلّبة لجنونه الذي تدفعه إليه ..
يحتاج وجودها حوله ..
و لو كانت غادرة .. و مخادعة ..
و لو عرف انها ليست سوى انتهازيّة رخيصة ساعية خلف المال ..
لن يحتمل يوما ابعادها عنه ..
لتسدل حاجزا أسودا من ستر بينها و بينه .. فلا يملك حقا فيها .. و لا عليها ..!
و أدرك مع ارتفاع شهقاتها .. أن قبضته راحت تشدّ بجنون دون أن يشعر على خصلاتها ..
راقب يدها الصغيرة تدفع صدره الذي كان يرتفع و يهبط بحدّة تحت وطأة ما يكابد داخله ..
كان الأمر جنونا ..!!
جنونا بحتا ..
هذه أطول ليلةٍ مرّت به .. و علم أن كوابيسا ستؤرّقه قبل أن يجد الراحة .. و أن وقتا طويلا سيقضيه في صراعاتٍ مختلفة قبل أن يلتمس نعومة فراشه ..
تصيبه هذه المجنونة بمسمارٍ كاد يطيش فيقتله أو يمزّق أوتار ذراعه ..
و حقيرة أخرى تلقي بأختها في بيت جدّه لتحطّم قلب تلك العظيمة ..
انفجاراتٌ تتعاقب ..
في رأسه ..
حوله ..
فيلفّ ساعده على خصرها النحيل ليجذبها بعنفٍ بارد ..
لترتد القسوة إلى الصدارة .. و هو ينحي بكفٍّ من تجاهل كل المشاعر التي اضطرم بها صدره ..
يفلت قبضته من شعرها الذي انتصب بجنون إثر شدّه .. فيمسح عليها بسخرية ثلجية .. و تنزلق يده إلى فكها المرتجف فتقبضه بقوة ..
و صوته يهمس أمام ملامحها الدامعة ..
- أطلّقج ..؟؟ لا .. لا .. عدنيه ما شبعت منج .. لاا اتحرين انج بتفتكين منيه بالهون .. بينيه و بينج حق .. ما فصلنا فيه .. و الحين تذلفين و اتلمين أغراضج .. لنا بنرد العين .. عندج عشر دقايق .. و الا يريتج بكشتج للموتر بدون أغراض .. ها حبيبي .. فهمتي ..؟!

* * * * *

- ناااااااااايف .. و الله هب ناقصتنيه حشرتك .. افففف ماااا تفهم ..؟؟!!! مليوووون مرة قلت لك ماااادري .. مااااااادري .. ماااا تشوفنيه يالسة عندك ..؟؟ و الا اتحرى عنديه علم بالغيب ..؟؟!!
كانت صرخة نورة العصبية كفيلة بأن تهدر الدمعة التي كانت تتعلق مستميتة بأهداب شقيقها و هو ينظر لها بغضبٍ و وجهه يحتقن باحمرار يخالط الألم بالعصبية ..
قبل أن تنطلق صرخة غاضبة أخرى من ركن الصالة ..
- و ليش اتصارخين عليه .. ما تعرفين ترمسين باسلوب ..؟؟ ما تشوفينه اروحه متروع من لي استوى ..؟؟
قالتها و هي تطلق نظرة مغتاظة مقصودة لجسد الفتاة المتشنج على الكرسي المتحرك الذي واجهوا صعوبة في نقلها من البيت الكبير الى بيت حور .. حيث تفرقت أجسادهم المتوترة في ردهته ..
تلك الغريبة عادت لنظراتها المذهولة غير المصدقة .. و تجمدت الصدمة التي ألجمتها حين ظهر حامد و مطر يحملان أم علي على ملامحها ،، لتخنق أي رد فعلٍ آخر لها ..
لم تستطع سوى التصلّب حتى و هم ينقلونها إلى هنا ..
و خيل إلى عفرا أن ثقلها تضاعف مرات و مرات .. بعد أن انصبّت قوالب من جمودٍ في جوفها ،، و على ملامحها حتى على أنفاسها ..
رائحة البيت بأصباغه الحديثه .. و الأثاث الجديد كانت تطبق على أنفاسهم .
و شعرت بأنها على وشك أن تختنق .. التفتت لنايف الذي لا زال يرمق نورة بنظرة متمردة دامعة ..أعلمتها بأنه على وشك التقاط شيء ليقذفه على رأسها اعتراضا ..
فزفرت قبل أن تقول بهدوء ..
- نايف .. خبرتك شوه قال حامد .. أميه نورة بخير .. لكن يبونها اتم تحت المتابعة خلاااف بييبونها البيت .. يلستك اهنه ما منها فايدة .. ليش ما ترد البيت العود و ترقد و باكر من الصبح كلنا بنسير لها ..؟؟! هااا حبيبي ؟؟
التفاتة غاضبة يمنحها اياها .. و هو يصيح باعتراضٍ متهدج ..
- شوه يااهل فعينج اتقصين عليّه ..؟؟ تبين اتسكتينيه بالرمسة .. أنااا شفتااا .. شفتااا يوم كانت طايحة .. عميه مطر ايرمسهاا و لاا ردت عليه .. صاااااخة .. حتى ايديها ما اتحركهن ..
و انطلقت شهقة معذّبة من قاع حلقه و هو يقفز على قدميه .. و ظاهر يده يتدارك تدفق دموعه .. فيما تتكسر الكلمات بخوف طفلٍ لازال يصارع المراهق بداخله ..
- شفتااا .. كااانت مثل ابوووية .. مثل ابوووية يوم رقد عند باب الميلس و لا نش عقبها .. ما تحركت .. و لا ردت علينا .. عفـ.. عـ.. عفرااا .. يمكن ماااتت ..؟! يمكن ماااتت مثل ما مات أبوية ..!!عفرا .. هي ميتة ..؟
ونين مرتفع مفاجئ تصاعد مع كلماته انبلج من ركن الصالة الفارهة .. لتستدير الأعين بقلق لدانة المتكورة على إحدى الأرائك .. و كلمات نايف المفزعة تمزّق وشائج ثباتها .. حتى و نشيجها يرتفع ..
- لاااا .. لاااا .. ما بتموووت .. يااا رب .. ياااا ربييييه ..
صاحت نورة بعصبية و الدموع تلمع في مآقيها ..
- عنلاااااتك .. اتفاااول عليها .. اذلف ارقد .. فاااااااارق الحييييينه لااا و الله أشلك بطراااق ..
صاحت عفرا بحزم و هي تتقدم نحو نايف ..
- نوروووه .. و الله ما يصك الطراق الا ويهج لو ما صخيتي عن خوج .. تسمعيييييين ..؟؟ بلااااكم انتووو ..؟ قلنا لكم يدوووه بخير و ما بها الا العافية .. شوه بتموتون المرة غصب .. نااايف نش .. نش الحينه يا الله .. دااانة سيري ودي خوج البيت .. خليه يرقد ..
لكن الإجابة الوحيدة من دانة كانت شهقة باكية .. لفظتها مع أنفاسها المحترقة و هي ترفع عينيها المحمرتين لميعاد الذاهلة بصمت ..
- كلللله منهاااا .. كلللله منهاااا .. و الله .. و الله لو استوى باميه نورة شي ان موتها حق ع ايديه ..و الله ما يردنيه عنها و لا عن ختها الـ××××××× شي ..
ثم وقفت على قدميها بجنون ..
- انتي شوووه تبين مناا ..؟؟ شوه يابج الحينه ..؟؟ يوم شفتيها ضعيفة و ما تقهر شي .. ليش ما لميتي عمرج و ختج و ظهرتي .. تبووون تذبحووونهاااا..؟؟
- داااااااااانة ..
كانت عفرا تصرخ بغضب الآن و الجنون يستبد برأسها حين بدأ الكل بالصراخ ..
تخطت الأثاث لتجر دانة بثبات نحو باب المنزل الصغير الرئيسي ..
- تحركي البيت يا الله .. قداااامي ..
مسحت دانة دموعها بعناد تجر ذراعها من قبضة عفرا .. و وجهها المحتقن ينتفخ بقهر ..
- مااااااا بظهررررر .. مااا يخصج فيييييه .. أنااا بتم هنيه و برقب حور ..
و تأكيدا على اصرارها .. جلست على أول اريكة استقبلتها بقوة .. و هي ترمق الجميع بنظراتٍ حاقدة ..
مسحت عفرا على وجهها بصبر بدأ يتضاءل في داخلها ..
توشك هي بدورها على الصراخ .. و الضرب .. و تحطيم الأشياء ..
ليس سهلا .. أن تتعرض تلك العظيمة للأذى و لا تطول أناملهم حمايتها ..!!
نظرت لنورة التي تزم شفتيها و الدموع تكابر على حدود أهدابها ..و نايف الذي عاد ليتحرك بتوتر في المكان ..
دانة تتكور على الأريكة الضخمة .. لتدفن وجهها في ركبتيها .. و قد كانت أكثرهم فزعا مذ رأت العم مطر و حامد ينقلان جسد جدتها الجامد كالجثة الفارغة من أي رمق حياة ..
عيناها تمسحان مسافة الردهة لتبلغ جسد ميعاد المتكور على المقعد .. فيتملّكها الغل لرؤيتها ..
لو فقدوا جدتهم .. فلن يكون ذلك الا بسببها ..!
.
.
.
.
أدمع باردة جامدة تلك التي تصلّبت بين أحداقها .. و هي توزع النظرات في الوجوه الواجمة حولها ..
النفور .. الحقد ..
الكراهية الصرفة هي الأحاسيس المتجلية على ملامحهم ..
فيما مساحات من ضياع تسكنها ..
و تشعر بأنها تهيم على وجهها .. بلا مأوى ..
ذهول سقوط تلك العجوز التي لم تشأ يوما ايذائها ..
و التفاتة ظهر أبيها ..
أحرقتها ..
و أذرتها رمادا باهتا في مهب رياح تقلّبات هؤلاء الذين يقاسمونها الانتظار ..
في ثانية .. راحت تتضاءل روحها ..
تنكمش ..
و تكاد تختفي ..
شعرت بكل إحساسٍ يتسرب مع أنفاسها .. و نظراتها الضائعة ..
تصغر ..
تصغر ..
لتتجمد نظراتها فجأة على رقرقة الماء الصافي الذي امتد فجأة أمامها يملأ كوبا من الزجاج الهش .. ذكرها بروحها في تلك اللحظة ..
فرق أن روحها محطمة .. ظامئة ..
و ذاك الكوب مترع .. ينشد سقياها ..!
لتزحف نظراتها الكسيحة على صفاء الماء .. و التماعة زجاج الكوب ..
تتطلع لبياض الأنامل الرقيقة التي احتضنته ..
تمسح الكف لترتفع إلى الذراع ..
ثم تشمخ لنعومة الملامح الصامتة التي كانت تتطلع إليها ..
وحدها كتلة الهدوء الصمّاء مدّت يدا أخرى لها ..
بعيدا عن الضغينة .. و الكراهية ..
بعيدا عن النفور و اللوم ..
لا تحمل أ مشاعر مؤازرة أو مؤيدة ..
البساطة وحدها و الحزن المؤنب على سحنتها الملائكية العذبة ..
إلا أنها تحمل صفاء الماء بيديها لترويها ..
تمد كفا من عطاء هي الأحوج إليها ..
لتندلق دمعة ساخنة من زواية عين ميعاد فتحرقها ..
و يدٌ مرتجفة من قبول تتلقف صمت ذاك الهدوء و ما جاد به ..
فيما يمزّقها الألم بسكونٍ يسكن عيني تلك الصماء ..
.
.
أَ رأيتم إن امتدت كف من العدم ،،
فيما نحن نهوي ..
نهوي في ذاك الفراغ الأسود ..
لا شيء حولنا نتشبث به لنوقف ذاك التهاوي ..
لا حلم .. لا أمل .. لا ذكرى صغيرة ادخرناها في أرواحنا ..
بغية العودة إليها حين نصبح معلقين هكذا ..
نواصل السقوط في تلك الفجوة الداكنة بلا قرار ..
تمتص حياتنا .. آمالنا .. تلك الطموحات المجنونة ..
و خيالاتنا اللذيذة ..
أ رأيتم ان أصبحنا بلا حياة ..
و نهوي ..
لتمتد من العدم كف مجهولة ..
لا ندري من أين .. و لا إلى أين ..
فقط تنتشلنا مما نحن فيه ..
و لا تعني انتشالا حقيقيا ..
ليست سوى لمسة من بياض ..
لكنها تعني الكثير في شؤم تلك اللحظات ..
.
.
أي امتنان قد يفي تلك الكف حقّها ..؟!

* * * * *

يتيمة ،،
و ارتسمت بسمة وجع مؤلمة شققت ملامحها .. و هي تشرد بعينيها عبر زجاج نافذة السيارة المسرعة ..
هذا ما هي عليه حقا ..
لا سند .. و لا عضيدٌ قد ترخي إليه بضعفها ..!
لذلك كان سحقها شيئا هيّنا ..
كم كان مذلا توسلها ذاك دون فائدة ..
اذ لم يكن في نيته تطليقها منذ البداية ..
مجرد فكرةٍ رسمتها مخيّلتها المضطربة بعد مشقة تلك الليلة .. لتندفع بتصرفها تحت تأثيرها ..
يا الله ..!
كم كشفت عن مخاوفها أمامه .. و تجرّدت من أكاذيب قوتها الزائفة ..
أرخت رقبتها له .. سانحةً فرصة لا تصدق لينحرها ..
أضواء الشارع التي كانت تمرّ بسرعة مجنونة على جانبي الطريق امتدت كشعاعٍ متصل من النور .. و قد بدا أنه يفرغ غضبه في دواسة البنزين .. و مؤشّر السرعة ينحني بقوّة أمام عجلته المجنونة ..
نظرة حذرة تسرقها لملامحه المتصلّبة ..
بدا وجهه هذه الليلة داكنا .. مظلما .. عينيه المتوحشتين تلمعان بتعبير كئيب أعقب مواجهتهما ..
الصمت وحده هو ما نافس الأنفاس في تردده ..
لم يتبادلا كلمة واحدة ..
كلن ينزوي في بقعة مظلمة من السكون .. يفرّ بأشلائه بعيدا عن الآخر .. بعد آخر معركة طعنٍ بينهما ..
مرّ ما يقارب الساعتين على تركهم الشقّة .. لكن لفظا واحدا لم يتخلخل جو السيارة الصامت ..
قبضته التي تعتصر المقود .. و عيناه اللتان ترتكزان على الطريق أوضحت أي مجهود يبذل في القيادة ..
انحسرت نظراتها على البقعة التي أصابت في بداية الليل بطيشها ..
و كبحت شهقة ذعر و عيناها تستوعبان الظل الداكن الممدد على بياض ثوبه مكان الجرح ،،
اللون القاتم للدم بدا أشبه بالسواد في السيارة المظلمة التي لا ينيرها إلا أضواء مصابيح الشارع ..
احتد تنفسها و هي ترى البقعة المتمددة تلطخ الثوب الذي ارتداه قبل خروجهم بدقائق ..!!
فيما تشتد يده على المقود دون أن يبالي به ..
رفعت يدها نحو ذراعه حتى منتصف الطريق لتعيدها بسرعة إلى حجرها .. و هي تشد عليها بكفها الأخرى ..
عضّت شفتها و الألم يطفر من أنفاسها ..
ورفعت اصبعين تضغطان على عينيها بقوة ..
كلّما تذكّرت منظر المسمار المشئوم يمزّقها الندم .. حتى بعد ثورته الأخيرة عليها ..
- بـــــلاج ..؟
انتفضت مع ارتفاع الصوت القوّي ببرود .. ليرتد في صمت السيارة ..
رفعت عينيها نحوه ..
لم يكن يزحزح تركيزه عن الطريق ،، ابتلعت ريقها .. و هي ترتعش قائلة بصوتٍ خافت ..
و اصبع مرتجفة تشير لذراعه المصابة ..
- دد .. د .. دم ..
نظرة لا مبالية سريعة يلقيها نحو ذراعه قبل أن يرفع عينيه إليها ..
قسوة الثلج تلمع في نظراته الجامدة .. قبل أن يعيدها للطريق متجاهلا اياها ..
كان ينحرف لمحطّة وقودٍ وسط المدينة شبه خالية في هذه الساعة المتأخرة من الليل ..
رأته يدور حولها دون أن يقترب من إحدى كبائن تعبئة الوقود .. يتلفّت يمنة و يسرة و عينيه تبحثان عن شيءٍ ما .. حتى راحت تجيل عينيها بدورها بحثا عمّا لا تعرف ..!
استدار رأسه بحدة في التفاتة مفاجئة .. و عينيه تضيقان على زاوية معيّنة .. سرعان ما لفّ المقود ليتوجّه إليها ..
تتبعت نظراته لتلتقط السيارة التي توقّفت في إحدى المواقف الخلفية للمحطة ..
توجّه نحوها بسيّارته في تأنٍ قبل أن يوقفها إلى جوارها تماما ..
لم يكد يفتح بابه حتى انفتحت الأبواب الأمامية للسيارة الأخرى بدورها ..
اتسعت عيناها لمرأى الرجلين الطويلين اللذان تحرّكا بسرعة نحوه فيما يخطو هو بتثاقل متعب نحوهما ..
يتبادلون السلام السريع .. و حديثا مطوّل زاخرا بالإشارات ..
كان يعطيها ظهره فيما انخرط أحمد في حديث ما .. قبل أن يشير هزاع باهتمام لبقعة الدم .. لتستدير الرؤوس كلها نحو ذراعه ..
لا تعلم أي تفسير قدّمه لهما ..
إيماءاتٍ عدّة .. قبل أن ينفصلوا .. فيتحرّك أحمد عائدا للسيارة نحو مقعد السائق ..
فيما يرافق هزّاع غيث نحوها .. تحركت بسرعة تسدل الغطاء على وجهها و هي تراه يتوجّه نحو بابها .. ليفتحه بسرعة ..
التفتت له بتوتر و هو يسد فتحة الباب بطوله .. و صوته الجليدي يأمرها ..
- حولي .. بنخاوي أحمد في سيارته ..
جف حلقها .. و هي تومئ بسرعة مع تنحيه لتنزل من السيارة على عجل ..
مشت وراءه بخطى متعثّرة متجاهله حتى القاء التحيّة على هزاع الذي استقل سيارة غيث .. و الأخير يقول بتسلّط ..
- البيت سيده و نحن وراك ..
لم يجب هزّاع و هو يغلق بابه .. فيما تقدم غيث من سيارة أحمد .. ليفتح باب مرافق السائق .. و يحني طوله و هو يدخلها ..
فتحت الباب الخلفي له .. لتدس جسدها الصغير في السيارة بدورها ..
تسلّم بصوتٍ هامس ظنت أن أحدا لن يسمعه .. لكن أحمد ردّ بصوته الجهوري سلامها قبل أن يقول بمرحٍ كان أبعد ما يكون عنها في تلك اللحظات الغير مفهومة ..
- مرحبــــا الســـــاع ،، حيا الله العروس .. شحالج بنت عميه ..
تمتمت بصوتٍ هامس ما ظنّت أنه - بخير - .. قبل أن يتحدّث غيث مشيرا بيده نحوها ..
- حركي ع اليسار شويّه ..
تزحزحت حتى جلست في منتصف المقعد الخلفي ..
ليعيد كرسيّه إلى الخلف بوضعٍ أفقي .. سمح له بالإستلقاء ..
ثم حرّك - غترته - الملفوفة ليضعها على وجهه و يتوسّد ذراعه ..
عاتبه أحمد بصوتٍ هادئ ملؤه الإحترام ..
- ما خبرتنا يا بو سيف انك متعوّق و الا كان وصلنا وادي البيح و يبناك .. ليش اتسوق و انت تعبان ..
لم يرد غيث على كلماته تلك .. بل أمره بتسلّط .. عكس مزاجه الأسود رغم إرهاقه ..
- مر بيتيه أول خلنا نحط حور اهناك و هزاع يبركن الموتر .. خلاف وصلنا مستشفى الـ×××××× ..
قطب أحمد باعتراض .. و هو يقول ظنا منه أن غيث ينشد مستشفىً ليغير ضماد يده ..
- بنسير مستشفى الإمارات .. أقرب لك .. يغيرون الشاش .. و نردك البيت ..
من تحت غترته .. خرج صوته الثقيل باردا ..
- حد قال انيه ساير أغير الشاش ..
التفت أحمد نحوه بعدم فهم .. و استقطب نظرات حور بدورها .. قبل أن يتابع بذات التصلّب ..
- بنسير نشوف أميه نورة ..
التفت أحمد بحدة .. و هو يهتف متفاجئً ..
- أميه نورة ..؟؟!! شوه اتسوي في المستشفى ..!!!
تجاهل غيث سؤاله و هو يوجّه أمرا صارما لحور ..
- حور .. يوم بنوصلج البيت بتحصلين عفرا و ميعاد اهناك ..
عفرا .. و من ..؟!
أخيل إليها أم انه أرفقه باسم امرأةٍ أخرى ..
كررت بهمسٍ مستفسر ..
- ميعـــاد ..؟
و التوت شفتيه بسخرية حقيقية من تحت الغترة التي يخفي تعبه خلفها و هو يجيب صوتها المضطرب ..
- هيه ميعاد .. عمتج ميعاد ..
.
سخرية حقيقية من تحت الغترة التي يخفي تعبه خلفها و هو يجيب صوتها المضطرب ..
- هيه ميعاد .. عمتج ميعاد ..
.

 
 

 

عرض البوم صور زارا  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليتني غريبة, ليتني غريبة ابداع مستمر, ليتني غريبة وحشتيني يا بنت ربي يفرج عنك ياحلوة (بندقة), من ارووع القصص وارقاها.., من ارقى وأجمل القصص الخليجية, الأدب الراقي المستقى من البيئة الاماراتية بواقعيه, القسم العام للروايات, الكاتبة ليتني غريبة, ابداع الكاتبة الكبيرة ليتني غريبة, احب حور وغيث, اشتقت لحوووووووووووووووور ولغيث اووووووه يارب صبرنا, اسطورة دوما يا ليتني, اعوذ عليكِ بكلمات الله التامه من شر ماخلق..مبدعه ورب الكعبه, اقسام الروايات, حفظك الله من عيون البشر, خطوات تغفو على عتبات, خطوات تغفو على عتبات الرحيل, خطوات تغفو على عتبات الرحيل لكاتبة ليتني غريبة, خطواتٍ تغفو على عتبات الرحيل للكاتبة ليتني غريبة, روآية غير شكل آحآسيس خجوله^^, روايات مميزة, روايات خليجية, روايات كاملة, رواية خطوات تغفو على خطوات الرحيل, رواية خطوات تغفو على عتبات الرحيل كاملة, سيدة الضاد ليتني غريبة, غيثاني وربي انك مخبل فييني .الله يوفقك يااعسل.توقيذر فور ايفر.( زارتك)هخهخه, وهـ بس .. فارس فرسان الفرسان الشيخ طويل العمر غيث بن علي. المعروف بغيث زارا.., قلبي قلبي قلبي .. فديــــــــت ابوو العسل غـــــــ غيث زارا ـــيــ غيثي اناــث, قصة اماراتية تحكي الحب والبؤس والحرمان, قصة خليجية اماراتية ابداع ×ابداع
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 04:36 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية