لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-09-08, 03:45 AM   المشاركة رقم: 616
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عاشقة ملامح


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 67057
المشاركات: 5,058
الجنس أنثى
معدل التقييم: العامريه عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 64

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
العامريه غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

مرحبا مليووووون

زوووووووووووووير علي نقل
مشكوووووووووووره ع البارت

اللي كله روووووووووووووووعه

والرووووووعه شوي عليه

تسلمين ياعيووووني

التحليل
صراحه اعجبتني خوله بتصرفها اشهد انها عن
عشرة رجاااال هذا اللي مفروض اللي يصير من زمان
اما حور الله يعين ارقبتها من غيث قاااااااسي


اقول زارررررررررررررررررررر بالله عليك خلي ليتني تخلي غيثك هذه في المستشفي اطووووووول وقت ممكن علشاااااااااااااااااان يبرد قلبها مايخرج م المستشفي ويقوم علي حووووووووور المسكينها ياقلبي عليها

 
 

 

عرض البوم صور العامريه  
قديم 09-09-08, 05:27 AM   المشاركة رقم: 617
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ملكة الالماسية


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8455
المشاركات: 10,839
الجنس أنثى
معدل التقييم: زارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالق
نقاط التقييم: 2892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زارا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 



► الخطـــــــــــــــوة السابعـــــــــــــــــــة و العشـــــــــــــــــــرون◄

║ خطوات تنكسر ،، ║




على قلق تتراقص مشاعره ،،
و عينيه ترصد انزواء جدّه و أبيه ..
فيما فكرة من العدم بزغت في داخله .. راحت تصرخ به .. تصم أذنيه عن حديث هزّاع ،،
بدا و كأن كلمات رفيقه الأقرب تأتي من البعيد .. البعيد ..
لا يفقه منها شيئا ..
مشدوها للغاية .. غير مصدقٍ للفكرة المستحيلة التي خطرت في باله فجأة ..
لم تكن مستحيلة بقدر ما كانت غريبة .. و لم تطرأ قبلا في ذهنه ..!
ابتلع ريقه بحذر .. و هو يفكّر ..
ما البأس في محاولة ..؟!
على أي حال سيعلمون بالأمر عاجلا أم آجلا ..
هو أحمقٌ بحق ..
لو كان للأمر أن ينجح .. او يحتمل الرفض و القبول .. فهؤلاء هم الرؤوس المدبّرة ..
لا أحد قد يعارض قراراتهم ..
و تخبّطه ما بين آراء هزاع و روضة و سيف و انتظار ردة فعل أمه ..
كان خطأً كبيرا ..
لأن الأهم هم جدّه و والده ..
رجالٌ لن ينظروا للأمر من منظور التعاطف .. كل ما سيرونه هو جمع رأسين ..
و ستر ابنتهم اليتيمة ..
و على هذه الفكرة اتسعت ابتسامته حماسا حقيقيا ..
قبل أن يستدير لهزاع ليقطع ثرثرته ..
و هو يقول بلهفة ..
- بو سلطان .. يتنيه فكرة ..
بتر هزاع سيل كلماته المتدفق و هو يلتفت باهتمام ..
- فكرة شوه ..؟
- أروح لبوية و يديه و أخبرهم ..
اتسعت عينا هزاع برعب .. و هو يلتفت يمنة و يسرة قبل أن يقول بحدة خافتة ..
- يا الهرم .. تخبلت انته ..؟!!!
قطب أحمد و هو يقول ..
- و ليش تخبّلت ..؟؟ بعرس شوه فيها ..؟
ضاقت عينا هزاع بعدم فهم .. قبل أن تتسعان ببطء .. و هو يقول باستنكار ..
- عنلااااتك يا الهرم ..!! الحينه من يسلت و انا ارمس عمريه..؟؟ و يايب علوم سباق شهر ثمانية .. و اشاورك .. و انته همّك عرسك ..؟
رفع أحمد حاجبيه بدهشة ..
- سباق ..؟ سباق شوه ..؟؟
- سباق سياكل .. سباق شوه بعد .. اقلب ويهك .. و الله انك هب ويه سوالف .. نشفت ريقيه و أنا اعبر عن شعوريه و انته اذنك هب عنديه ..
لم يستطع أحمد استيعاب سبب غضب هزاع ..
- لا تسويلنا فيها الحينه .. السباق شهر ثمانية .. و انا هالاسبوع ابا أخلص موضوعيه .. و ما يظهر الشهر الا و انا مالك عليها ..
نظر له هزاع بغل ..
- حد قابضنك ..؟؟ اذلف و خبّرهم ..
نظر له أحمد بتوتر هامسا ..
- هزاع .. بلاك ياخي .. الحين انا أرمسك من صدقيه .. عطنيه رايك ..!!
لان قلب هزاع لنبرته تلك .. فتنهد و هو يقول ..
- يا خي قهرتنيه شويه ..
ثم رفع رأسه لعمّه و الجد .. و هو يقول ببطء مفكرا ..
- مادري شوه أقولك .. عمي علي ما دري بأي طريقة يفكّر .. لكن بويه سيف .. ما ظنتيه عنده مانع .. هاذوه يوز كل واحد من عيال ولده .. خواتاا .. يت عليك يعني ..؟؟ تعال .. ع طاري خواتاا ..عنلاااتك .. الحين بس لاحظت .. ليش مسوين يا عيال علي احتكار ع بنات عميه حمد ..؟؟! و نحن عيال البطة السودا ..؟! يمكن حد منا يبا ياخذ منهن بعد ..
رفع أحمد حاجبه بانتقاد ..
- لي يسمعك و انته ترمس بيصدق انك تبا تعرس .. و بعدين من كثركم ..؟ باقي انته و حارب و فهد .. و الا سيف و حامد و غيث .. من زمان في العسل ..
و ارتسمت ابتسامة عريضة على شفتيه و هو يردف بتفاؤلٍ حقيقي ..
- و انا قريب لاحقنهم ..
هز هزاع رأسه و هو يقول ..
- أخاف انك تحلم يا بويه .. و آخرتاا تنش ع صوت زعيق حد من هلك .. بهدم خرابيطك هاي .. شوه أقول ..؟؟ توكل على الله .. لو الموضوع بيلعب به حد .. فهم هالراسين .. و ليّها و وليّك .. و تعرفها رمسة أبوية سيف ما تنثنى .. و لو قال كلمة .. تمشي ع قص رقابنا ..
ضيق أحمد عينيه بتفكير ..
- و لو قلت لبوية قدامه .. و كان عنده اعتراض .. ما بيرمس قدام بوية سيف .. الا بيحرجه الموضوع .. شرايك ..؟
- حلو .. بتسويها ..؟؟
نفخ أحمد صدره ..
- نعااام انيه بسويها ..
جالت نظرات هزاع في مجلس أبيه الممتلئ بالرجال ..
- الحين ..؟!
همس أحمد و هو ينهض بسرعه ..
- خير البر عاجله ..
خطواتٌ مترددة .. يجرها للأمام مرة ،، و ترده بهرولة للخلف مرّتين ،، شعر بان هذا الطريق هو الأصعب ..
تخوّف من ردة فعل أمّه .. و هي تنصاع لأبيه ..
و أبيه لن يعصي للجد أمرا ..
و لكن العجوز ..!!
من يدير رأسه إن رفض ..؟!
ستكون تلك هي الصخرة التي ستهوي دون رحمة على فؤاده لتهشّمه ..!
ابتلع ريقه و هو يتوقّف أمام أبيه و جدّه .. و الأول يواصل حديثه العميق .. دون أن يكترث للثاني و هو يرفع رأسه للقادم ..
ابتسم أحمد بتوتّر و هو يسلّم عليهما ..
سرعان ما شمخت أنظار أبيه تتبع سير عيني الجد .. لتسقط على أحمد و هما يردان السلام ..
توتّر بقوّة و هو يتخذ له مجلسا بجوار أبيه .. و صوته الأجش .. يهتز قليلا ..
- رب ما قاطعت شي ..؟!
لم يرد الجد و اكتفى بنظرة جامدة .. و هو يراقب حركات أحمد التي تصرخ باضطرابه .. تاركا المجال لأبنه و هو يقول ..
- و لا شي ..
رفع يده بسرعة يتأكد من وضع - الحمدانية - و هو يقول بابتسامة شعر بها سخيفة .. و ثقيلة ..!!
- زين عيل .. انا ياينكم في موضوع ..
لا زال الجد يعتكف صمته البارد نظراته تشرّح وجه الشاب بقسوة .. و يكاد يجزم بما يحمل في طيّات صدره ..
عاد علي ليجيب على ابنه و هو يدير عينيه الحادتين في أرجاء المجلس المكتظ ..
- و الموضوع هذا ما يتأجل .. ما تشوف الميلس ممزور رياييل .. خلاف يوم بنرد البيت خبرنا شوه عندك ..
رد أحمد بسرعة ..
- ابوية .. بغيت أفاتحك في الموضوع و بوية سيف موجود ..
- ابوك سيف هب طاير .. لكن نحن في عزيمة الحينه .. و المشاور .. و مساسرة الحريم هب هنيه ..
احمر وجه أحمد بشيءٍ من الإحراج قبل أن يرد صوت الجد هذه المرة قاطعا ..
- خل الصبي يرمس يا علي .. شعندك ..؟
ارتعش قلب أحمد بقوة ..
مخالفا الاحباط الذي سرى في صدره ,,
الصبي ..؟!
هل سيكون في نظره أهلا للزواج ..؟!
رفع عينه لوجه أبيه الممتعض .. و الجد المترقّب ببرود ..
ثم جر نفسا عميقا قبل أن ينفض زخم تردده بكلمتين ..
- ابا أعرس ..
لم يخفق طرفٌ للجد .. و هو يقمع ملامحه ببرود .. لكن حاجبي أباه انعقدا باستنكار ..
- تعرس و انا عدنيه أصرف عليك ..؟
فرك أحمد يديه توترا .. هذا ما ينقصه .. تقليل من قدره و تسخيف لقراره أمام جدّه ..
- ما عليه يا بوية .. انا الجامعة و خلصتاا .. شهرين تدريب .. و آخذ شهادتيه .. و أشتغل وياكم في الشركة .. أنا ما قلت بعرس الحينه ..؟؟ لكن أبا أخبّركم عسب أحطكم في الصورة .. و البنت لي أباها أحيّرها ع الأقل الين ما أخلّص .. و لو أملك عليها يكون أحسن .. لنيه يمكن أطول الين ما أشتغل و تستقر أموريه ..
زم والده شفتيه بغيظ .. و اهتزّت لحيته المشوبة بخيوطٍ من بياض ,,
- نحيّرها ..؟! قدك متخيّر البنت و خالص ..!!
ازدرد أحمد لعابه و هو يشعر بانه وصل للجزء الأصعب ..
- و الله يا بوغيث السالفة هب سالفة تخيّر .. لكن البنية من زمان فباليه .. و قلت لا عزّمت ع العرس .. ما عنديه أخير منها ..
لا شيء كان يهوّل الموضوع كصمت جدّه الصلب .. و هو يرمقه بهذا البرود ..
خشي جدا من ردة فعله الدانية حين يتلفّظ باسمها ..
أي اجابة قد يحصل عليها يا ترى ..؟!
- و بنت منوه هاي لي مشاور عمرك فيها و خالص ..؟!
تشتد أصابعه في قبضه متعرّقه ،، و يرتفع دوي خافقه بجنون ،،
نظراته تتشبث بملامح أبيه و جدّه .. قبل أن يقول بهدوءٍ أبعد ما يكون عنه ..
- بنت عميه حمد ..
ثم استطرد بثقة أكبر مع انفجار الدهشة على وجهيهما متداركا أي سوء فهم ..
- المها .. المها بنت حمد ..
الصمت الذي هبط عليهم بعد تلك الكلمتين كان له وقع الصراخ ..!
شيء اقشعر له بدن أحمد و هو يتربص باجابة قد تبزغ في مقلة أي منهما ..
رد الفعل الأول كانت حدقتي أبيه و هما تضيقان متسائلا بحذر ..
- المها بنت خوية ..؟
شد أحمد ظهره .. و شعر أنه قد اقتحم الأصعب الآن ..
سيكافح .. سيكافح ..!
- هيه نعم ..
ثم أدار بصره بينهما و هو يقول بصلابة تناقض الضعف الذي اكتنف صوته منذ لحظات ..
- المها بنت عميه .. منيه و فينيه .. و ما ظنتيه بحصل أحسن عنها ..
أدار بو غيث رأسه ليلتقط رد فعل الجد .. فلن يرى سوى الصلابة .. و القسوة التي لمعت في عينيه ..
بعد أن تدارك صدمته الأولى ..
عدّ لحظات السكون الطويلة بتروٍ قبل أن يقول لحفيده بقوة و عيناه تحتجزان نظراته القلقة التي راح يغالبها بشجاعة ..
- معلوم ما بتحصّل أحسن عنها .. هاي المها بنت حمد .. خيرة البنات ..
ثم شمخ بأنفه في تكبّر حقيقي .. و هو يلقي نظرة استصغار على أحمد .. و يتلفّظ بكلماته التالية ببطء مقصود ..
- لكن هل انته تستاهلها ..؟!
تبعثرت الأنفاس بعيدا عن متناول رئتيه و هو ينظر لجدّه بصدمة حقيقية ..!
هذا هو الرد الذي لم يتوقّعه ..!!
و كأنما يؤكّد الجد كلماته توا ..
- تشوف عمرك الريّال لي يستاهل ياخذ المها بنت حمد ..؟؟!
جفّ حلقه بقوة .. عاجزا عن الرد و هو ينقل بصره من وجه جدّه لوجه أبيه الذي التزم الصمت حالما بدأ الجد بالحديث ..
انقطعت الأصوات فجأة من حوله ..
و خمدت كل الأنفاس ..!
فيما تساقطت أحرف الجد في جوف السكون ،، ترسم دوائر عملاقةٍ من حيرة ..
.
.
.
( لكن هل انته تستاهلها ..؟! )
( لكن هل انته تستاهلها ..؟! )
( لكن هل انته تستاهلها ..؟! )
( لكن هل انته تستاهلها ..؟! )
.
.
هل هو أهلٌ للزواج بها ..؟!
واتته رغبة مفاجئة بالضحك ..!
ثم اعتصر الألم قلبه فجأة دون أن يعلم ما السبب ..!
شعر بأنه ألقي في هوّة ..
و ها هو يتخبّط في السقوط ..
زاغت عيناه و نظراته تتخبط بضياع ..
يستحقّها ..؟!
هذا ما لم يفكّر فيه ..!!
طوال الوقت كان يفكّر بأنها ..
بأنها ....
ماذا ..؟!
ستكون ممتنة ..؟!
شعور بالخجل اجتاحه .. لتتضاءل روحه بخزي حقيقي ..
جزءٌ من بشريته الناقصة .. كانت متفاخرة بكامل صحّته .. و ترى صممها نقصا كما رآه الآخرون ..!
هو الذي تباهى أمامهم بمشاعره متحديا إعاقتها و نظرتهم لها ..!!
كان فيه من بؤس ذاك التفكير ما جعله يؤمن بأنها ستوافق دون تردد ..
شعر بنفسه تنكمش أمام هذا الإكتشاف ..
تلك الروح العذبة .. الطاهرة .. التي لم تمسها خبائث الدنيا بعد ..
هل هو أهلٌ لها ..
هو العابث .. الضاحك .. المتهوّر .. الطائش .. السريع الإنفعال ..
كم هو تافه ..!
هل يستحقّها ..؟!
هذا هو السؤال ..
و هي وحدها من تملك الإجابة .. هل ترى فيه الرجل الذي يستأهل أن تقضي حياتها معه ..
أم ترتقب مجيء غيره ..؟!
رجلٌ آخر ..
ينغمس في تلك الطهارة .. و في ذاك الصفاء الذي لم يسبقه إليها أحد ..!
رجلٌ أخر ..
يسمك بكفّها .. ليعلّمها أبجديات الحياة .. و الحب ..
رجلٌ آخر ..
يدفعها .. ينطلق معها .. يشاركها ..
رجلٌ آخر ..
هي ملكٌ له .. و يستأهلها ..!!
رجلٌ آخر ..
هو الأحق بأن تكون له .. ليمتلكها .. لتملأ أيامه ..
رجلٌ آخر ..
يكون هو الأول .. هو المرشد ..
هو الحبر الذي سينقش كل المعاني في صفحات روحها الصافية ..
رجلٌ آخر ..!
رجلٌ آخر ..!
رجلٌ آخر ..!
رجلٌ آخر ..!
رجلٌ آخر ..!
.
.
.
.
ذاك اللهيب الذي راح يتصاعد في صدره .. بزغ حرارة حارقة في عينيه و هو يقول من بين أسنانه بقوة ..
- أنا ولد عمها و أولى بها ..
لم يعد يهمّه ان كانوا يرونه الرجل الذي يستحقّها أم لا ..
راح يتمسّك يائسا بأي قشّة ستبلغه اياها ..
شعر بأن الكلمات تنتزع من جوفه و هو ينظر لأبيه و جدّه الذي رفع حاجبا صامتا ..
- انا أباها .. و أقرب لها من الغريب .. و ما ظنتيه حد بيصونها شراتيه ..
مسح الجد على لحيته الشائبة ببطء .. و عينيه القويّتين لا تتزحزحان أمام عزم هذا الشاب ..
- هب نحن لي نقرر .. الشور للبنية .. يوم بيوصلها الموضوع .. هي لي تختار .. و تقرر .. كانك تناسبها و الا لا ..
انتفض فؤاده بشيءٍ من الراحة المفاجئة التي رافقت كلمات العجوز ..
هذه موافقة مبدئية على الأقل ..
شيءٌ أفضل من العدم ..
اشارة ضئيلة بأنه أهلٌ للزواج بها .. و أنه قد يرقى لمستوى قبولها ..!!

* * * * *

نفضت يديها المرتعشتين .. قبل ان ترفعهما إلى خديّها الرطبين دون أن تتوقف عن الإرتجاف ..
قدميها تدوران في صالة الشقّة بجنون ..
و شهقاتها المتتالية تتوالى لتملأ السكون ضجيجا ..
نشجت بصوتٍ مرتفع .. و سيلٌ جديد من العبرات ينزلق على وجهها ..
فيما جسدها يرتج بقوّة .. و ما زالت تدور بجنونٍ على قدميها ..
- ياااااااا رب ..!! يااااااااااا رب .. شووووه سوييييييت .. شوووووه سوييييييت به .. يا الله .. آآآآآآآآآآآآه ..
انفجرت بتنهيدة متقطّعة .. و هي ترفع رأسها للسماء .. بقعة الدم عند الطاولة التي ضمّت سواد حقيبته و أكياس الطعام .. تقطعت بقطراتٍ تمر بالصالة حتى غرفة النوم ..
و استعادت منظره و هو يقف على قدميها جارا دمائه المتدفّقة خلفه .. ذهوله بما اقترفت يداها امتزج بألم الذي راحت تصرخ به ملامحه .. ليختفي لحظاتٍ مطوّلة في الحجرة فيما عجزت هي عن تمالك نفسها و الوقوف من أمام بركة الدماء التي خلّف وراءه ..!!
ثم يخرج و قد ارتدى ملابسه يصرّ على جرحه بقماش أغرقته الدماء .. و لطخت ملابسه .. ثم يلتقط مفاتيحه و المحفظة .. و يمشي بجنونٍ نحو الباب ..
حين رأته يوشك على تركها وسط انفجاعها بمنظره .. قفزت بجنونٍ لتهرول ناحيته .. و تتشبث به باكية ..
- ويييين .. وييين .. وين بتسييييييير ...!!!!! لا تظهرررر .. دخييلك .. دخييلك .. شوووف الددددم .. شوووفه كيف .. لاااا تسير .. و دمك يسييييييل ..
انتزع يديها المتشبّثتين بصدره بيده السليمة و ملامحه تلتوي بألم عنيف .. و هو يدفعها جانبا ..
لترتد بقوة نحوه مرّة أخرى بعد عدة خطواتٍ قلّصت المسافة نحو الباب ..
كانت تتحدث بهستيريا .. و كلماتها المبعثرة تكاد لا تفهم وسط شهقاتها ..
شعورها بانه اذا خرج بهذه الدماء لن يعود .. أرعبها حتى الموت ..
منظره و هو مبتلٌّ بالحمار قتلها ..
و هي تحاول تدارك دموعها لتبدو أكثر عقلانية في عينيه .. دون أن تنجح بتهدّج أنفاسها .. و نحيبها المتقطع ..
- خلاااص .. بتظهرر .. اظهررر .. بس بظهر ويااك .. لااا تظهر اروحك .. بظهر وياااك .. خلنيييه .. خلنييـ .. آآآآآآآه ..
انقطعت أنفاسها بشهقة و قبضته تمسك برقبتها .. فيما الجنون الأسود يطمس نظرات الألم لثانيتين و هو يجر وجهها نحوه بقوّة .. ليصر بأسنانه في قسوة كسرها الوجع الشديد ..
- انقلعي من قداميه الحينه .. لا أكسر رقبتج ..
و بقوّة ناقضت ضعفه الذي اورثه اياه الألم .. دفعها بقسوة نحو الطاولة الأقرب لترتطم بها ..
فيصطدم ظهرها بحافتها في قسوة .. أوجعتها .. و تركتها طريحة الألم لثانيتين .. قبل أن تتمالك نفسها زاحفة خلفه .. و هو يصفق الباب خلفه بقوّة ..
جعلتها تلتوي على نفسها و هي تنفجر باكية في حرارة أحرقة فؤادها ..
تركها .. و رحل ..
مضجّر بالوجع .. ينزف الألم وحيدا ..
و ها هي تدور كاللبوة الجريحة ..
ترتقب عودته التي طالت لساعة حتى الآن ..
تدور بخطواتها المجنونة في المكان .. و تتخبط ما بين هاجسٍ و هاجس ..
أين ذهب ..؟ هل قصد المشفى ..؟ هل لقي أي عناية ..
لم ينتزع المسمار .. رأت بروزه من خلال الضمادة الدامية ..
هل اقتلعه الآن ..؟؟!
ذاك الضرر الذي سيتركه .. ؟؟ أي مدى سيبلغ ..؟!
ارتعشت بقوّة لتجلس أرضا حين لم تعد قدميها قادرتان على الوقوف ..
نقاطٌ من القرمز كانت ترقّط الأرضيّة لتنقش حكاية من دم على بياض رخامها ..
هل تتصل بأحد ..؟! تتصل بمن ..؟ ماذا تقول ..؟
أصبته و خرج .. و لم يعد ..؟!
لم تجرؤ على رفع السماعة ..
لم تستطع أن تفعل ذلك ..!!
انهيارها كان وشيكا .. و هي تنشج بصوتٍ مرتفع في منتصف الصالة الخالية ..
- ياااا ربيييه .. يااااا ربييييه ..!!
.
.
رباه ،،
أعده إلى سالما ..
لا أكترث ان كان لا يحبني ..
لا يهمني ان تزوجني لأجل المال أو غيره ..
أريده سالما ..
لن تحتملني الحياة ثوانٍ اذا اصابه مكروه ..
رباه احفظه لي ..
للاحساس الذي ظننت أنه قُتل ..!
و لازال ينبض في جوفي ..

* * * * *

في بقعة ما .. استطاعت دس أحاسيسها .. و إبعاد قلبها عن هذه الحلبة ..
هل كانت تفكّر ..؟!
لا ..
حتى التفكير كان أبعد ما يكون اليها .. اذ اختلطت عليها أصوات التعقّل و التريّض ..
و أخرستها بقوّة جبّارة ..
اقتلعت أحاسيسها بالذنب و الندم من جذوتها .. و ألقتها بعيدا ..
هي هنا الآن ... في معمعة ..
و ستعود لها حالما تنهي الأمر تماما ..!
الجمود الذي اكتنف روحها .. ليحيلها إلى قطعٍ من جليد .. لم يكن سوى انكار لما تفعل ..
و كأن ما يحدث لا يحدث ..
ليست هنا .. و غير مقدمة على ما هي عليه ..!
و كأن ذاتها البعيدة خلقت في زمنٍ و بعد آخرين ..!
ليست في هذه البقاع ..
هذا كلّه مجرد مسرحٍ لأوهامها ..
هي لا تفعل هذا .. لا تفعله ..!
بذاك الجمود الذي غلّف أحاسيسها ..
تبتلع كل هذه الأفكار بصمت ...
متصلّبة الظهر .. تضم ركبتيها بقوّة إلى بعضهما ..
و ترفع وجهها ،،
ملامحها الجامدة لا تفصح عمّا قد يدور في خلدها ..
فيما انتزعت من الفراغ نظراتها و وجّهتها للفتاة الطويلة التي وجدوها في استقبالهم و هي تقدّم القهوة و - الفوالة - ،،
لا أحد غيرها ..
استطاعت أن تلتقط شبها كبيرا بينها و بين ملامح تلك الشابة التي نحتت في مخيّلتها ..
رغم أن تلك بدت أصغر .. ربما بالنسبة لذاك الرجل ..
هل التقطت ميعاد هذا الشبه أيضا ..؟!
أدارت عينا حذرة ..
عينا تجنّبت لقاء نظراتها مذ دلفن ضخامة هذا الوكر ..
لتلتقط تصلّبها القلق على كرسيّها فيما تشخص بصرها للفخامة التي تحلّقت حولها ..
الأثاث الثقيل الذي راح يصرخ بسطوة المال ،،
الجدران المزيّنة .. و السقف المزخرف .. بثرياته العملاقة ..!
أصابعها النحيلة تعتصر ذراعي كرسيها المتحرّك حتى ابيضّت مفاصلها ..!
ما ان اهتز رأس أختها و أدركت أنها على وشك الالتفات حتى فرّت بنظراتها للطويلة التي تقدّمت منها بفنجانٍ من القهوة ..
لتسألها باضطراب ..
- أم علي وينها ..؟؟!
شعرت بالتواء رقبة ميعاد و هي تلتفت اليها بسرعة ..
لكنها لم تنظر اليها .. راحت تنتظر اجابة الفتاة بتصميم ..
ابتسمت الفتاة بشيءٍ من الأدب ..
- تصلّي و من تخلص بتيي ..
ثم التفتت الفتاة لميعاد لتمدّ لها فنجانا من القهوة ..
اختلست خولة لها نظرتين تتبين ان كانت قد شكّت بشيءٍ ما ..
لن يطول الأمر .. ستعلم حتما حتى قبل أن تقدم على ما تنويه ..!
وجدت أن ميعاد تركّز نظراتها على الفتاة التي لاحظت تمعّنها فيها .. فبدأت تتحرك بعد ارتياح .. !
.
.
.
.
شعرت بنبضاتها تكاد تمزّق صدرها ..
و أنفاسها تزدحم لبلوغ رئتيها ..
خوف .. ارتباك .. قلق ..
شعور بأنها تتراقص على جمر يوشك على احراقها أفزعها ..
شعرت بأن ضخامة هذا البيت تجثم على صدرها ..
و أن جدرانه تضيق .. تضيق .. لسبب لا تعرفه ..!!
شيء غريب .. غير طبيعي .. تكاد تلمسه لمس اليد ..
لعبة القط و الفأر التي تلعبها مع نظرات أختها أفزعتها ..
شعرت بأن خولة تتجنب النظر اليها لسبب ما ..
لكن ما جمّد أوصالها هو اسم المرأة التي نطقت للتو ..
( أم علي ) ..؟! لا تذكر بأن أحد صديقات خولة القلائل تتخذ هذا الإسم لها .. الا اذا كانت مخطئة ..
لكن رنين الإسم ترك فيها احساسا أجوف بأنها لا تسمعه للمرة الأولى ..
قفزت عينيها تتشبثان بملامح الفتاة الوحيدة التي استقبلتهم بخلاف الخدم ..
الوجه الوحيد الذي قابلهم منذ قدومهم ..
تكاد تقسم بانها لا تراها للمرة الأولى ..
التقتها سابقا ..
تعرف هذه الملامح .. أو تعرف من يشبهها ..
شعرت بالفتاة تتململ أمام تحديقها .. فجرَّت نظراتها لتفتّش عن عيني خولة ..
تحتاج لقليل من الدفء الذي يسكن مآقيها ..
غربة تسكنها هنا .. تخيفها .. رغم أنها ليست سوى زائرة ،،
صوت خطواتٍ خفيفة قادمة جذب انتباههم ،،
هي و خولة .. و الفتاة .. لتلتقط عينيها الجسد الضئيل للشابة التي تتقدم منهم من أقصى الردهة تحمل بين يديها صينيّة رتّبت عليها خفائف معجّنات ..
بدت مبهمة الملامح قليلا من بعيد ..
لكن وجهها أخذ يبزغ شيئا فشيئا مع اقترابها ..
و شيئا فشيئا .. راح نبض ميعادٍ يتصاعد ببطء ..
يتسارع ..
يضجّ بين أضلعها .. يصرخ في وجهها ..
و هي تلتقط ملامح الفتاة التي تخلّت عن الصينيّة لتسلّم عليهم بأحرفها المتكسّرة ،، و هي تتقدم من خولة التي وقفت بتوتر على قدميها ..
- آآآسياااام عيييييكم ..
كتلة سدّت حلق ميعاد لتخنقها .. فتحجز الهواء عنها .. فيما شلّت أطرافها بصدمة ..
و هي تنظر للفتاة التي انحنت لتسلّم عليها دون أن تستطيع هي تحرك أنلمة واحدة ..
عدم التصديق ..
الصدمة .. و ذهولها ..
هي تعرف هذه الفتاة ..
قد لمست هذه العذوبة مرّة فحفرت في جوفها للأبد ..
تلك الرقّة .. و النقاء المتهادي على قدمين .. أذهلتها مرّة ..
لتذكّرها مرة أخرى باحساسها ذاك ..
هي ..
نعم .. انها هي ذاتها ..
ما الذي تفعله هنا .. ؟؟!!
راحت أفكارها تتخبط بجنون ،، تتلاطم كأمواجٍ تتقدم لتخبط عقلها .. ثم تنحسر تاركةً الفراغ خلفها ..!!
بغباء راحت الخطوط العريضة تتشكل أمام عينيها ببطء ،،
فخامة هذا البيت .. و البيت الصغير الذي تحتضنه حديقته ..
رنين اسم أم علي .. و ألفةٌ ارتبطت برؤية هذه الطويلة ..
و أخيرا ..
تعرّفها لهذه الفتاة ..
تلك النعومة التي جلست بهدوء على أحد الأرائك .. و هي تغض طرفها بخجلٍ ملائكيٍ هادئ ..
الدوار الذي لفّ رأسها كان رد الفعل الوحيد لعقلها الغافل و هو يستوعب دفق الشكوك كلها معا ..
تدير عينيها لخولة ..
خولة التي كانت تنظر الى كل شيءٍ عداها ..
كانت خائفة .. خائفة للغاية .. أنفاسها تتسارع .. و خفقاتها لا تهدئ .. فيما بدأ جسدها يرتعش بأكمله ..
و أحاسيسها ..!!
لم يعد هناك أي متسع لأحاسيس .. لا شيء سوى انكار مجنون ..
و بيأسٍ تمنّت لو أنها مخطئة .. و أن شوقها لهم دفعها لرؤيتهم في كل مكان ..
مدّت يدها لخولة .. تمسك يدها .. و هي تميل نحوها .. صوتها يرتجف بقوّة و هي تسألها بهدوء تحاول ادعاءه ..
- خـ.. خولـ..ـة .. ببـ.. بيـ..ـت منــ..ـوووه هـ..ـــذااا ..؟!
كانت خولة متصلّبة بشكلٍ قاسٍ .. لا تنظر اليها ..
فيما تحتاج هي لعينيها .. تريد أن ترى بأن كل ما حولها انعكاس لأوهامها .. و أن شكوكها مجرّد جنونٍ صرف ..!
لكنّ الكلمات الخافتة التي تلفّظت بها خولة .. دهست قلب ميعادٍ بلا رحمة ..
و أصابتها بالجنون ..
- بيت أبوج سيف ..
رفعت ميعاد رأسها .. و يديها لتمسكه بجنون ..
لا تصدق ..!!
هذه كذبة ..!!
بل هو أسوء كوابيسها طرا .. هذا لا يحدث الآن ..
هي ليست هنا .. و خولة لم تجلبها إلى هذا المكان ..
راحت تعض شفتيها و هي تضغط على عينيها بأصابعها ..
فيما تنتفض أطرافها بجنون ..
صوتٌ رخيمٌ هادئ .. تدفق من ناحية الفتاة الطويلة .. و هي تسألها باهتمامٍ قلق ..
- خير ختيه .. رب ما شي يعورج ..؟؟ تبين شي ..؟
فتحت عينيها المفجوعتين بما سمعت .. و مدت يدها لتمسك بيد خولة تجذبها بقوّة .. و صوتها يرد على الفتاة فيما تهرب من نظراتها بتوتّر مختنق..
- لاااااا .. لااااااا .. ما بااا شي .. نحن بنظهرررر .. مغلطيييين في البييييييت .. هذااا هب البييييت لي نباااه ..
و التفتت لخولة و هي ترتجف بجنون ..
- يااا الله خوللة .. خلينااا نسيييير عبلنااا ع العرب ..
لكن خولة لم ترد ..!!
لم تتحرك ..
تشبّثت بالجمود رغم اهتزازها بجذب ميعاد ..
شعرت ميعاد بأن عليها الهرب ..
قبل أن تتأزم الأمور ..
لم يعد عقلها يعمل ..
فقط تدير عجلات كرسيها المتحرك .. نحو الباب ..
و هي تهمس بجنون ..
- بنظهر .. نحن مغلطين .. لااازم .. لااازم نظهر .. هب هذاا البيت .. هب هذاا ..
- السلام عليكم و رحمة الله ..
و تصلّب ظهرها الذي أدارته للجلسة التي كانت منضمة اليها للتو .. حين داعب الصوت المرتعش آذاانها ..
لم تكن عينيها ترى غير الباب الخشبي الذي راح يناديها بجنون حاثا اياها على الفرار ..
هذه مصيبة ..
خولة سترتكب خطأً فادحا ..
لا ليست خولة .. ليست خولة من تفعل هذا ..
ببطءٍ و آليّة تناقض لهفتها للفرار .. ادارت عجلات الكرسي مجددا نحو مصدر الصوت الذي أتى من خلفها ..
ببطء ،، راحت الجدران تدور حولها ،،
و كأنها بالثبات .. و البيت من يتراقص مستديرا ..
و توقّفت ..
و انتهت اللحظات ،،
لم يعد شيءٌ يتحرك و عيناها تحتضنان رؤية ذاك الجسد الضئيل الذي اتّكأ على عصا و راح يتقدّم للجلسة في منتصف الردهة ببطء ..
انفرجت شفتاها و الأنفاس تستحيل إلى شهقات تنفلت من فمها ..
و فكّها يرتعش و هي توشك على البكاء ..
لم تكن المرأة التي توقّعت ..!
صورة مختلفة تماما .. لم تتخيلها ..
انحناءة الظهر تلك .. و الجسم الضئيل الذي أثقلته السنوات ..
الوجه المغضّن بتجاعيد تبيّنتها رغم المسافة بينهما ..
و تعثّر خطواتها الضعيفة و هي تتقدم منهم ..
عجوز أنهكها العمر .. تسند مرارتها .. و أوجاعها .. على عكّازها ..
و هي تخطو نحوهم ..
ترحب بهم ..
تفتح ذراعيها لمزيد من الألم ..
و كسر قلب ميعادٍ هذا ..!!
.
.
.
.
بتعبٍ تقدّمت
تستند على عصاها .. التي لم تعد تساعدها كثيرا الآن ..
فيما كل عظمةٍ منها تئن تحت وطأة آلام الروماتيزم ..
تسوق قدميها الواهنتين بخطواتٍ متعجّلة ،، و خجلٌ يراودها لتأخرها على ضيفتيها اللتان لم تتعرف اليهما حتى الآن ،،
كانت تحثّ سنوات عمرها ،، تجرّ شيخوختها ،،
تسعى ..
لألم هو لها بالمرصاد ..
لا تعلم أي أوجاعٍ ستنهش بها زائرتيها روحها المتشققة .!!
التعب نال منها بعد يومها الطويل و قدوم الليل ..
لكنها كافحت لترسم ابتسامة متجعّدة مرحّبة بالشابتين ..
تلك الوافقة في استقبالها .. و المستديرة بعجزها ترتقبها بشيءٍ من الذهول ..
تقدّم الشابة التي بدا جليا بانها الأكبر سنا من أختها ..
تلتقط كفّها الحرّة و هي تقبّل رأسها بشيءٍ من الإحترام ..
فيما أمعنت هي النظر في الوجهين الجديدين ..!!
من هن يا ترى ..؟!
لا تذكر بانها قد التقت بهن مسبقا ،،
.
.
.
.
راودها التراجع ..
هذه الهيئة الضعيفة صرخت بانها قد لا تحتمل ما تحمل إليها ..
هذا و قد فاقتها صدمتها ..
أ هذه أم علي ..؟!
لا يبدو زوجها عجوزا لهذا الحد ..! بدت أكبر منه بكثير ..
يتمتع بلياقة من يصغره بسنوات ..
لكن هذه المرأة كانت قد أنهكتها أيامها .. و قد أجبرها العمر على الإنحناء أمام ذلّ الكبر ..
بقيت عينيها تلتقطان التعاريج المنحوتة على وجهها الغابر ..
إمرأة مسنّة .. لا تتمتع بقوّة و سطوة .. و شراسة زوجها .. و لا قسوة قلبه ..!
الزمن حفر عروقه في كفوفٍ نحيلة تتساند على ذاك العكّاز فيما ترحّب بها ابتسامة قديمة .. تعبق بحنين مشبّع بماضٍ ارتعشت لانعكاسه في مقلتيها و هي تقول بصوتها المهزوز مرحّبة ..
- مرحبــــا الســـــاع حيّا الله من يـــــــا ..
دواليب كرسي ميعاد احتكت بالأرض الرخامية و هي تتقدم إلى حيث تقف العجوز أمام حركة تدل على استعداد المرأة للتقدم منها رغم أنها الأكبر ..!
كان رأس ميعادٍ مدفونٌ في صدرها .. و هي تجرّ كرسيها بشيءٍ من الإنكسار ..
كل هذا لم يكن يؤثّر فيها ،،
اقتلاعها لأحاسيسها تركها خارج المكان .. خارج الزمان ..
ليست ببطلة على هذا المسرح ..
ليست سوى متفرّجةٍ من المقاعد الخلفيّة ..
سرعان ما ستدق الطبول تعلم النهاية الوشيكة ..
لتحزم هي أحاسيسها .. و تشد الرحيل إلى حيث يمكنها لاحقا الإنفجار ..
ذاك الجمود الذي راح يقودها .. و يجمّد أوصالها ..
وحده من يتحكم بها الآن ..
حتى و ميعاد تتراجع بكرسيها لتعود إلى مكانها السابق جوارها .. ببريق أدمعٍ في عينيها ..
فيما عادت تجلس هي بذات التصلّب على مقعدها ..
عينيها تلتقط ايماءات العجوز المتعبة و هي تجلس بوهنٍ على الأريكة الأقرب ..
و صوت ميعاد الهامس يتسلل بأنفاسٍ متحشرجة ..
- لاااا .. لاااا خولة .. دخييييييلج .. لاااا تسوينهااا .. و الله ما تسويييينها .. نشي .. ردينااا البييييت .. ابااا اسير البييييت ..
و فجأة بدأ جسدها بالرتجاف .. و انفلتت شهقتين مرتفعتين من شفتيها .. و هي ترفع رأسها نحو خولة مستنجدة ..
تتوسل الرمق الأخير من اختها التي تعرف ..
لكن خولة لم تلتفت ..
بجلدٍ لم تعرف أنها تملكه .. راحت تصم أذنيها عن توسلات ميعاد ..
هي تفعل هذا من أجلها ..
لن تسمح لهم بان يرموا أختها في ظل النسيان إلى الأبد فيما تكتفي بالفتات الذي يلقى اليها من فردين فقط يعلمان بوجودها على قيد الحياة ..!
من يصدّق بانها ابنة العجوز اذا مات .. لن تنكرها الأوراق و الثبوتات .. و لكن سينكروها أبناءه ..
اذا لم يستطع هو تقبلها خلال حياته ..
من سيحتملها بعد مماته ..
وجودها حقٌّ عليها أن تكسبه ..
لن تسمح لهم أن يرموا بها كقطعة أثاثٍ مهملة بعد الآن ..
- رب ما شر يا أميه ..؟ بلاها ختج ..؟!
كان صوت العجوز الضئيل هو الذي تساءل هذه المرأة بنبرة إهتمامٍ حقيقية .. لتدير في وجوههن خولة عينا باردة .. تلتقط القلق الذي اكتسى ملامحهن على ميعاد التي ضمّت غطاء وجهها تستر ملامحها و كانما تخشى أن تفضح هويتها ..
خائفة منهم ..!!
زرعوا الرفض في أختها .. حتى أصبحت تخشى لقاءهم ..
سلبوها الحق في أن تكون منهم ..
الشخصين الوحيدين اللذان يعرفان بوجودها كانا يمنان بوجودهما في حياتها ..
يسترقان لحظاتٍ من بين أعمالهم ليأتوها خفية ..
فيما تتلقف هي حضورهم و فتات حنانهم بلهفة ..
لم تكن العاطفة و الإكتفاء و الإنتماء تنقص ساكني هذا البيت ..
لكن ميعاد لم تعرفها يوما .. منذ ولادتها حتى الآن ..
من يعلم ان كان مماتها وشيكا ..
فتدفن ..
و يدفن كل أثرٍ لها ..
كل ذكرٍ ..
لا يعلم أحد بوجودها .. بخلاف أناسٍ لا يمتون لها بصلة ..
فيما تجهل عائلتها كل شيءٍ عنها ..
اشتدت البرودة التي غلّفت فؤادها و هي تردّ على هذه العجوز بصوتٍ هادئ ..
- ما بها إلا العافية ..
لكن العجوز سألت بنبرة حانية ..
- انشديها فديتج .. شوفيها كاد شي يعورها ..
لكن خولة لم تلتفت لميعاد .. كان عيناها ترتكزان على المرأة بتصميم ..
التقطت تقطيبة الفتاة الطويلة التي كانت تجلس على يمين جدتها ..
و التوتّر الذي مسح ملامح أختها الناعمة .. و هي تعقد أصابعها الرقيقة في حجرها ..
فيما اشتد قبضة العجوز النحيلة على انحناء عكّازتها .. عادت خولة تقول بذات الجمود ..
- ما شي يعوّرها .. ما عليه يا أم علي .. استحملينا شويّة .. نحن قاصدينج .. و لنا حاية ..
استدركت المرأة أي احساسٍ بالضيق و هي تقول بسرعة ..
- ما به ضيق فديتج .. أفاا عليج .. بيت بيتكم .. و انتو هل الدار .. حادرين و نحن ظاهرين .. و حايتج مقضيّة .. امرررة .. كل ما تطول يماني ابشري به .. ما قلتي ليه فديتج من بنته انتي ..؟
و كان هذا هو السؤال الذي سيفتق كل جروحها ..!
.
.
.
.
كان اهتمامها الأكبر على الفتاة التي دسّت وجهها في صدرها .. و شهقاتٍ تهزّ جسدها ..
تملكها القلق على الفتاة التي تنزوي على الكرسي المتحرّك بعجز ..
ما خطبها ..؟! هل هي مريضة ..؟!
لم يبدو عدم الإهتمام على أختها ..
بل لسبب لا تعلم شعرت أم علي بأنها تخشى النظر لأختها الباكية ..
اذ كانت ترفض النظر اليها .. حتى و هي تلوي يديها بقسوة في حجرها ..
جرت عينيها للمرأة المتحدثة ..
ملامحٌ ناضجة .. و أنوثةٌ حادة .. ألانها دفء العسل السائل في عينيها ،،
و نعومة الشعر الذي انزلق كشلالٍ من قهوة على جبينها الحنطي الصافي ،،
كانت فاتنة ..
نضوج أنثى راح ينضح منها .. و من اتزان جلستها .. و انتصاب كتفيها ..
و هي تردّ سؤال الذي ألقت منذ لحظات ..
- أنا خولة بنت بن ظافي ،،
بن ظافي ..؟!
رن الإسم بعيدا في ذاكرتها .. و أيقنت بانها سمعته في مكانٍ ما .. لكنّها لا تذكره ..!
لكنّها أجابت المرأة بأدب ..
- و نعم و الله .. قد سمعت بهلج أنا ..
و ارتكزت على ألفة الإسم الذي كانت متأكدة بأنها قد صادفته يوما ما ..!
راحت تشنّجات القعيدة تجتذبها بين الفينة و الأخرى ..
عجبا ..
لا زال البرود يكتسح سحنة أختها و هي تفرّ من النظر اليها ..
- النعم بحالج ،، قد سمعتي بهليه أنا .. لكن هل ميعاد تعرفينهم زين ..
لم تستطع أن تفهم ما شيئا مما قالت الفتاة ..
- هل ميعاد ..؟ ميعاد من يا بنتيه ..؟
أشارت بيدٍ صارمة لأختها .. ذات الملامح المدسوسة ..
- ميعاد ختيه ..
قطبت .. مع سكوت المرأة و اختناق شهقات أختها التي رفعت وجهها المحمر فجأة ..
و هي تقول بجنون هامس بلغ مسامعها ..
- مااا تعرفيييينهم .. مااا .. تعرفيـ .... خولة .. ابااا اسيييير البيييت .. ظهرييييناااا ..
الآن أيقنت أم علي بان المرأة تكافح لتجاهل أختها .. و ملامحها تلتوي بشيءٍ من الألم ..
سألت العجوز بقلق ..
- أعرف هلها .. حد من عربنا ..؟!
كانت المرأة تقف على قدميها الآن و هي تلتقط حقيبة يدها الكبيرة .. و تقول ..
- ميعاد بنت سيف بن علي ..
نظرت للمرأة دون أن تدرك ما الغريب في الإسم الذي نطقت للتو ..
تلك الكلمات التي ألقتها بدت و كأنها على وشك تفجير شيءٍ من خلالها ..
ردت بعجب ..
- سيف بن علي ..؟!
لتضيق نظرات المرأة مع وقوف عفرا على قدميها ..
- سيف بن علي .. ريلج ..
ريلج ..؟!
شعرت بأن الكلمة ترن في رأسها العتيق دون أن تترجمها ..
هذه الشابة التي تجلس على الكرسي ذو الدواليب باكية .. تخوض غمار العشرينات من عمرها ..
هي ابنة سيف بن علي ..
زوجها هي ..!
ببطءٍ راحت حدقتيها تستديران على وجه المرأة الواقفة .. لتنقلها مرّة أخرى لتلك الجالسة ..
و الصدمة تتغلغل في عظامها الناحلة ..
لتنفضها ببرودة قلّصت أوصالها ..
فيما تتصلّب الخطوط التي نقشها الزمن على وجهها مع صياح الشابة ذات الكرسي معترضة ..
- تكذذذذذب .. تكذذذذب ... انااا ختهاااا بنت بن ظاااافي .. و رييييلج مااا عرررفه .. لااااا .. لااااا تصدقيييينها ..
كان نشيجها ينخر قلب أم علي ..
التي أطلقت النظرات بطريقة أخرى نحوها ..
تفتّش عن الخدعة في هذا كلّه ..
ما الأمر ..؟!
من هؤلاء النساء ..
ما الذي جلبهن إلى آخر أيامها ليتعسنّ رحيلها بمثل هذا المزاح الثقيل ..
صوتٌ آخر رن بحزمٍ في الردهة و هو يرد عبارات الإثنتين ..
- ما عدنااا شك انها كذبة سخيفة .. لو سمحتي .. هالسوالف محد يمزح فيها ..
كانت المرأة أمام عيني ام علي .. تفتح حقيبتها لتنتزع بضع أوراقٍ منها .. و جواز سفر و عدة بطاقات ..
لتلقيها على الطاولة أمامها متجاهلة كلمات عفرا التي قالت للتو و بكاء أختها .. و هي تقول ..
- هاي أوراق ميعاد .. جوازها .. و بطاقاتها كلها .. اترومين اتشوفين اسمها ع الثبوتيات .. و هاي الميلادية ..
ثم رفعت رأسها بجمود نحو ملامح أم علي التي انكمشت في تصلّب لم يفصح عن التصدّع الذي راح يعتمل في قلبها الآن ..
- كنت بييب لكم صورة عن خلاصة القيد تثبت هالشي .. لكنيه ما رمت أوصل لها .. أكيد هو داسنها عنكم عسب محد يشوف اسم ميعاد فيها ..
في خطوتين كانت عفرا تجمع الأوراق التي ألقيت على الطاولة دون أن تلقي نظرة واحدة عليها .. و بقوّة تقدّمت نحو المرأة لتجذب حقيبتها بقسوة .. و تدس الأوراق فيها ..
دون أن تكترث ان كانت تلك وقاحة أم لا .. و قالت بصرامة ..
- بيتنا يتعذرج يا بنت الناس .. شلي عمرج و ختج .. و توكلي على الله .. و الا بنتصل في الشرطة ..
ألقت المرأة نظرة كراهية صرفة على عفرا وسط ذهول أم علي .. و هي ترد ..
- شعليه .. هاتي الشرطة .. عسب تتأكدون من الموضوع بس ..
لكن صوت عفرا ارتفع الآن حين أصبحت تلمس متابعة جدتها الصامتة لهذا النقاش ..
- لو انتي غاوية فضايح و متعودة عليها .. نحن عرب معروفين .. و محترمين .. و أشكالج ما ييبون الا المشاكل و الشوشرة .. اظهري بالطيب لو سمحتي .. و الا بنزقر الحارس يشلج بالغصب خاري ..
- عفــــــــــــرا ،،
انطلق الصوت أقوى من اهتزازات عمرها ..
من عمق روحها كانت قد انتزعته ..
و أملٌ ضئيل واتاها بفكرة أن هذه المرأة نصّابة لا أكثر ..
لذلك أرادت أن تقطع الشك باليقين قبل أن تطردها عفرا من هنا ..
اشتدّ نحول أناملها على رأس عصاها المعقوف .. و هي توجّه سؤالها للمرأة بقوة اختزلتها من سنوات الوجع ..
- منوه انتي يا بنتيه .. و شوه تبين ..؟
نظرت لها المرأة بشيءٍ من الفتور .. و نشيج أختها يزداد ..
و تقدّمت منها بخطواتٍ واسعة ..
لكنّ قبضة عفرا التفت على ذراعها لتدفعها قليلا و هي تقول بحدة لم ترها أم علي كثيرا في طبيعة عفرا الرصينة في الغالب ..!!
- مكانج .. لا تيين صوب يدوووه ..
نظرت المرأة مرةً أخرى لعفرا بذات الكراهية العجيبة .. و كأنها تعاديها منذ سنوات .. !!
ثم عادت تلتفت لأم علي ..
- أنا بنت بن ظافي .. و عقب ما توفى أبوية بسنة .. عميه سيف خذ أميه .. ،، تمت وياه ثلاث سنين .. و عقب ما يابت ميعاد بشهرين توفّت .. و يت خالتيه من مصر عسب تربيناا ..
ثم عادت تشير لأختها دون أن تنظر اليها .. و ارتفع صوتها بحدة هستيرية ..
- هاي ميعاااد .. بنت ريلج .. صاكة ست و عشرين سنة .. و هو داسنها عنكم .. محد يعرف بها .. و حتى لو ماتت محد بيدري بعلومها ..
ثم دسّت يدا بدأت ترتجف بقوّة في حقيبتها مجددا تلتقط الأوراق التي تجعدت بيد عفرا أثناء دسّها .. و جواز السفر .. بلونه الداكن لتلقيها أرضا ..
- مااا تصدقييييين ..؟؟ تعالي شوفي الأورااااق الثبوتيه .. شوفي إسمهااا .. ميعااااد سييييف علييي الـ ××××××× ،، اذا أنا كذااابة ع قولة بنت ولدج .. فالحكومة ما تكذب .. و الأوراق ما تتزور ..
صاحت عفرا بقهرٍ و هي ترى ملامح جدّتها تسودّ بقوة ..
- انتي وحدة نصاااابة و تتبليييين ع يدي ..
لكن خولة لم تلتفت لها .. كانت تصر على التركيز على العجوز ..
همسات ميعاد التي راحت تتدفق من خلفها لم تزدها الا اصرارا .. و هي تقول بقوّة ..
- مااا تصدقييين ..؟؟ اتصلي به .. قوليله انها عندكم في البيت .. خليييه ايي يشوفها .. و بنشوف اذا بينكرهاااا .. هااااي بنته .. من صلببببه .. داسنها عنكم و انتو ما تعرفوووون .. عايشيييين في العسل .. و هي تمووووت مليوووون مررررة لن ما عندها من هلها الا أنا و خوهاااا ..
على عصاها القصيرة ..
و قدمين لا تقويان حملها من ثقل الألم الذي راح يترسب في جوفها ..
تتحامل على سنواتها .. و ضعفها ..
لتستند بظهرٍ ازداد انحناءً إثر ما سمعت و ما ألقي عليها للتو ..
لا تنظر لوجه أحد .. تحدد مواطئ خطواتها ..
و هي تجرّ خيطا طويلا من أشلاء روحها ..
ممزقة ،،
تلك المرأة أمسكت بساطورٍ من خيانةٍ امتدت لسنواتٍ تجرّعت خلالها الألم ،،
و اقتاتت جراحها زادا شائكا .. جرّح كل عرق حياةٍ فيها ..
لتهوي به على أوصال الصبر الذي مد جذوره عمرا في أعماقها ..
و بترت جذع القوّة التي كانت ترتكز عليها ..
فتساقطت أغصان كل إحساسٍ طيبٍ أرضا .. كل يقينٍ .. كل ثقة ..
تهاوت في هوّة من غدرٍ تكشّف لها في لحظة ..
لم تنتظر لتتأكد ..
ثقة المرأة جزمت بأن كل ما قالت حقيقة ..
و أنها لا تحبك خدعة رخيصة هنا ..
تزحف بما تبقّى من كرامتها .. رغم ثقلٍ أجبر رأسها على الإطراق بانكسار ..
انكسار هشّم ما تبقّى من قوّتها ..
و روحها التي تجعّدت و هي تجرّ الخطى ،،
تبتعد ،،
لتنزوي ..
و تفتّش عن ركنٍ مظلم لا يراها فيه أحدٌ غير بارئها ..
فتذوي ..!
.
.
.
.
- اييييييييه .. انتييييي ..!! وين رااااايحة ..
صاحت عفرا بالمرأة التي توجّهت لباب المدخل الخشبي بخطواتٍ واسعة ..
متجاهلة أختها ذات الكرسي ..
كانت خطاها السريعة تصرخ بنيتها في الفرار ..
تحرّكت عفرا خلفها فورا .. و المرأة تتجاوز الباب الخشبي مع اندافع اختها المقعدة بكرسيّها خلفها و هي تصيح باكية ..
- خوووووووولة .. خوووووووووولة ،،
ركضت عفرا بإصرار خلفها .. ما ان فتحت الباب حتى أعمى عينيها ضوّء السيارة المسلط على مدخل الباب ..
فترتد بجنونٍ إلى الخلف خشية وجود رجلٍ فيها ..
لكن هذا لم يوقفها كثيرا .. و أخت المرأة جاورتها بالمقعد .. و هي لا تزال تصرخ بجنونٍ خلفها ..
ألقت بطرف غطاء رأسها على وجهها .. لتخرج بحزم ..
لكنّها كانت قد تأخرت ..
إذا بدأت السيارة في الإستدارة بسرعة مجنونة ..
تقطع المسافة التي بين الفيلا .. و البوابة الرئيسية للسور الخارجي ..
وقفت عفرا مذهولة غير مصدّقة بأن المرأة قد ألقت بأختها هنا و رحلت ..!!
كانت المعنيّة قد اندفعت بكرسيّها للخارج لتراقب آخر أذيال أضواء السيارة تختفي في المنعطف بعد تجاوزها السور ..
لتتقطع أنفاسها .. و بكائها يهجد بطريقة مخيفة ..
- خـ.. خــ.. خـ..ـوو ..لـ..ـة ..
انقطع صوتها فجأة .. دون تدرّج أو أي شيءٍ آخر ..
توقفت عن الصراخ الهستيري .. و لا صوت نشيجٍ يتعالى ..
تصلّبت عفرا و هي تراقبها بتوتر ..
فقدت الوعي ربّما ..؟!
لا .. كانت ارتعاشة يدها جليّة .. و هي ترفعها للهواء قليلا .. ثم تدسّها في حجرها ..
لم تستطع عفرا التفكير بما قد تفعله في تلك اللحظة ..!!
استمرّت في الوقوف خلف كرسي الفتاة تطارد خطوط الطريق التي سلكتها المرأة في هروبها للتو ..!
انفتاح الباب خلفها دفعها للاستدارة بلهفة إلى الخلف ..
و على أنوار المدخل رأت ملامح المها و قد احتقنت بالقلق .. و خوف ..
علمت بانها لم تفهم شيئا من حديثهم منذ لحظاتٍ سوى ما قد يكون وصلها من صراخ عفرا الثائر ..!!
لوّحت المها بيدها في حركة استفسارٍ عن - ماذا - ..!!
فنظرت لها عفرا دون أن تملك اجابة واحدة على الجنون الذي سمعته هذه الليلة ..
لا تصدّق شيئا مما قيل .. لا يمكن أن يكون هذا حقيقيا أبدا ..!
جدّها لن يفعل هذا ..
جلبة آتية من ردهة .. اعلمتها بانها ثوانٍ فقط .. قبل أن تتسع دائرة المطلعين على هذا الأمر ..
و على هذه الفكرة .. انفتح باب المدخل على اتساعه .. و صوت دانة يتدفق مع خروج نورة و هي تتبعها ..
- لهالدرجة غاوي الجو الحينه ..؟؟ وين سارن الحريـ ....
و بترت عبارتها .. و عينيها تقابل ظهر الكرسي المتحرّك ،، لتضع يدها على فمها بحذر .. و تأشر بيدها دون أن تراها الشابة التي كانت لا تزال توليهن ظهر كرسيّها و نفضت الجسد فيها لا تهدأ ..
بينما تشمخ ببصرها نحو الباب الرئيسي ..
أشارت عفرا بيدها لهن حين شعرت بان وقوفهن في الخارج .. لن يجلب الا المزيد من الضجيج ،،
- بنات خلنا نحدر داخل ..
أشارت نورة التي كانت تطالع الكرسي المتحرك بشيءٍ من الذهول .. و حركت شفتيها بدون صوت و هي تتساءل ..
- و الحرمة ..؟!
نظرت لها عفرا بتردد ..
لا يمكنها أن تتركها هنا على كل حال ..
عليها أن تتجنب أي شوشرة قبل قدوم جدّها إلى هنا ..
تقدّمت بشيءٍ من الإقتضاب و هي تسألها الدخول ..
- بتدخلين ..؟!
لكنّ المرأة لم تجبها ..
وجهها الذي كان مبتلا بالدموع بدا جافا و مشدودا .. و عينيها تراقبان الباب بنظرة زجاجية فارغة ..!
بدت جامدة بشكلٍ مخيف .. و هي تحدّق بالباب .. و شيءٌ من عدم التصديق يحبك ملامحها الفارغة ..
ترددت عفرا و هي تنظر لأخواتها اللواتي رحن يرمقن المرأة بفضول ..
قبل ان تعود لتصر عليها ..
- تفضلي ويانا داخل .. يمكن ما بترد الحينه ..؟
لم ترد على كلماتها هذه أيضا ..
رفعت نظرها تستنجد بأخواتها ..
و لوّحت نورة فورا بيدها .. و هي تهمس قريبا منها ..
- خليها ع راحتاا ..
قطبت عفرا بضيق .. و مالت لتهمس لها ..
- أخليها هنيه ..؟!
أومأت نورة برأسها .. لتسأل عفرا ..
- تخبلتي ..؟؟! و لو أبوية سيف رد من العزيمة و شافها ..؟!
اتسعت عيني دانة و هي تدس رأسها بينهن و تهمس بفضول ..
- ليش بطوّل لين آخر الليل هي ..
نظرت عفرا لها دون أن تجيب .. ثم أشارت لهن بيدها .. و هي تقول بخفوت ..
- تعالن داخل ..
.
.
.
.
.
.
.
.
قلّبت دانة الأوراق بيدها و هي تتمتم بذهول ..
- عمتنـــــــــــا ..!!!!
وضعت نورة جواز السفر بصدمةٍ مماثلة ،،
- يخرب بيته الشيبة .. و الله ايي من تحت راسه .. هب هيّن ..!! أنا من زمااان شاكة ان فيه سر في حياته ،،
وحدها المها التزمت الصمت و أناملها تحتضن بطاقة ميعاد الصحيّة ..
تتأمل صورتها بهدوء ،،
و أمهن تقف قرب نافذة الردهة تراقب جلوس ميعاد الصامت في الخارج و هي تهزّ سيف الصغير بين يديها في محاولة لاسكاته .. في الوقت الذي اكتسح الغموض ملامحها .. بعد شرح عفرا لها كل الأمر ..
دون أن تظهر ردّة فعلٍ واحدة بخلاف الصدمة الأولى بالخبر ..
تحرّكت عفرا و هي تواصل الدوران بتوتر في الردهة ..
- الحين شوه الحل ..؟ كيف نتصرف .. و شوه نسوي ..؟ بنات أحس ان هالشي كله حلم ..!
ألقت نورة جواز السفر جانبا و ردّت بصدق ..
- و الله و طاحت ع روسنا ..!! لازم نخبّر حد .. بس غير أبوية سيف ..!! الصراحة أخاف من ردة فعله ..
قطبت دانة بضيق ..
- بنات انا خايفة على يدوه .. ليش امبندة بابها ..؟؟! يمكن استوى بها شي ..
تنهدت عفرا ..
- دقيت من شويّه و دقّت أمايا عليها .. و ما طاعت تبطّل .. حتى أنا أحاتيها ..!!
اقترحت نورة و هي تتحرك و تقف جوار امها تراقب جمود ميعاد ..
- هاي بتم الين متى كذيه ..؟!! عفرا .. اتصلي بحد من عماميه .. و خليه ايي يشوف السالفة ..
ضاقت عينا عفرا و هي تلتفت لها ..
- أخبرهم ..؟؟! انزين ليش ما نرقب أبوية سيف الين ما يرد و يشوف السالفة بنفسه ..؟!
رفضت دانة الفكرة .. و هي تقف بجوار أمها و نورة ..
- يعني ترقبين الين آخر الليل .. عقب ما يتعشون الرياييل و يسرون ..؟ لا اتصلي بحد من عماميه أحسن ما أظمن ردة فعل أبوية سيف .. و بعدين يمكن تكون السالفة كلها كذب و تزوير .. حرااام بنااات .. الين متى بتم خاري .. و الله تكسر الخاطر ..
زفرت عفرا بضيق ..
- شوه نسوي زين ..؟؟ ما طاعت تحدر .. حد منكن تعرف رقم حد من عمومتيه ..؟!
نظرن إلى بعض .. قبل أن تتشدق دانة ..
- لحظة أييب اللستة .. لي يسمعج يقول كل وحدة منا عندها موبايل و ما تدري وين تفره .. الحين انتي ما عندج رقم حد منهم ..
- بسألج لو عنديه ..!!
اقترحت نورة ببساطة ..
- اتصلي بحامد انزين ..

* * * * *

أناملها الناعمة تعتصر الهاتف و هي تمسكه بين يديها .. فيما تتدلى سمّاعته من أذنها ..
جنون نبضاتها راح يعجزها عن التفكير .. و هي تنتظر الرد ..
هذا هو الحل الوحيد الذي توصّلت إليه لتفسّر غموض تلك الرسالة ..
- مستشفى ×××××××××× .. أي خدمة ..؟!
ارتعشت أهدابها بلهفة .. و صوتها الناعم بنطلق بدلالٍ اعتادت استخدامه في حديثها على الهاتف ،،
- آآآآممم .. لو سمحت حولني ع الطابق الثالث .. قسم أمراض القلب ..!!
- كاونتر أو رقم غرفة ..؟
ترددت قليلا .. قبل أن تحزم أمرها بشيءٍ من الارتباك .. و كأنها توشك على ارتكاب جريمة ..
- كاونتر بليز ..
تبع كلماتها صوت موسيقى متقطّعة تعلمها بانتظار الرد ..
فزفرت بتوتر .. و هي تقفز من على سريرها ..
لتتحرك بعصبية في أرجاء الغرفة .. و تفرقع أصابعها ،،
ما ان تدفق الصوت الرسمي البارد في أذنها حتى تحفّزت بقوة ..
- مستشفى ××××××× ،، قسم أمراض القلب .. السلام عليكم ..
لم تردّ السلام بل أجابت بسرعة كما اعتادت ..
- مرحبا الشيخة .. قسم أمراض القلب ..؟
و كأنها لم تسمع التعريف منذ لحظة ..
- هيه نعم أختي .. أي خدمة .. ؟
تحرّكت في الغرفة بجنون و هي تتساءل ..
- لو سمحتي أبا أتخبرج عن اسم المريض لي في غرفة 1076 ..؟ منوه فيها ..؟
تساءلت المرأة ببرود ..
- عفوا ..؟!
زفرت عوشة بضجر .. قبل أن يتدفّق صوتها بتكبّر أكبر ..
- غرفة رقم 1076 منوه فيها ..؟
- عفوا الشيخة ما نعطي معلومات عن المرضى .. أي خدمة ثانية ..؟
رفعت عوشة حاجبا قبل أن تقول بصوتٍ حادٍ محتقر ..
- أي معلومات .. طالبة تفاصيل الحالة ..؟ ابا أعرف منوه فيها ..؟!
ردت الموظفة بذات البرود ..
- أختي ما عندي الصلاحية أخبرج .. أي خدمة ثانية ..؟؟
قالت عوشة بعزم ..
- حولينيه على الغرفة ..
لكنّ الموظّفة أخذت فكرة بأن عوشة تضمر مشكلة ما .. لذلك اعتذرت بأدب ..
- عفوا أختي .. ما عندنا الصلاحية نحوّلج .. السلام عليكم ..
ثم انتهت عبارتها بصوت طنينٍ متقطّع يعلمها بانتهاء المحادثة .. لتنظر بشيءٍ من الذهول إلى شاشة الهاتف ..
- عنلاااااااتهاااااااااااا الخاااااااايسة .. بندت في ويهي ..!! أنا عوشة عمتهااااا و عمة طوايفها تبند في ويهي ..!!!
و عادت تتصل بالمستشفى في غضبٍ حقيقي .. و لكن بنيّة أخرى ..
- مستشفى ×××××××××× .. أي خدمة ..؟!
حالما واتتها الجملة الآلية من موظف الرد .. حتى قالت بنزق ..
- لو سمحت حولني ع الطابق الثالث .. قسم أمراض القلب ..
- كاونتر أو غرفة ..؟
قالت عوشة بغرور ..
- من زين تعامل موظفينكم تحولونيه ع الكاونتر ..
- عفوا ..!!
قالت بلهجة أمرٍ ينضح منها الغرور ..
- غرفة رقم 1076،، و بسرعة ..
لم يجبها الرجل .. بل رد كلماتها صوت الطنين المتقطّع معلنا اشتباك المكالمة ،،
في اللحظة التي ملأ رأسها صوت الرنين .. أدركت ما أقدمت عليه ..
هي تتصل بالغرفة مباشرة ..
الغرفة التي لا تعلم من فيها .. و ما علاقة ساكنها بقلم حر ..!!
و دون أن تجد الفرصة لتسترسل في أفكارها ..
كان صوت الطنين قد انقطع .. ليتدفّق مكانه صوت رجلٍ غليظ ملأ أذنيها ..
- ألوووه .. مرحبـــــا ..
ارتجفت يدها الممسكة بالهاتف .. و أنفاسها تعلق في حلقها دون أن ترد ..
لحظات صمتٍ مطوّلة قبل أن يحث الصوت مجددا ..
- ألووووه ..!!
لتقطع المكالمة بيدٍ مرتجفة ..
من هذا ..؟!
قلم حر ..؟!
جلست على حافة سريرها تتملكها الرعشة ..
و الصوت يملأ رأسها ليضجّ فيه ..
من هو ..؟!
لماذا كان في الغرفة ..
و لماذا أجاب على المكالمة ..؟!

* * * * *

ضخامة جسده كانت تملأ السرير الذي استلقى على ملاءاته البيضاء بتعب .. و هو يرفع عينيه الحادتين للطبيب الذي علّق صورة الأشعّة السوداء على خلفيّة بيضاء ..
و هو يقول بحبورٍ و ابتسامة طيبة ..
- الحمد لله انها يات سليمة ،،
و مد قلما ليشير إلى بياضٍ عريض يقطع الصورة ..
- هاي عظمة الذراع ،، شوف ..
و تتبع خطّا شفافا بقلمه ،،
- و هذا المسمار .. لو انحرف المسمار شوي .. كان ممكن يخترق العظمة .. لكن الله ستر ..
صوته الأجش الغليظ رن في الحجرة الباردة .. و ملامحه القاسية اتخذت لونا رماديا شاحبا ..
- ما أحس بيدي ..!!
التفت الدكتور بهدوء .. ليجيبه ببساطه ..
- مثل ما قلت لك .. التخدير الموضعي كان لازم عسب نطلع المسمار بجراحة بسيطة .. بس لا تخاف .. نحن كنا متخوفين من شريان أو وريد قطعه المسمار .. و الا حتى أصاب أعصاب حساسه .. لكن أكثر ما ساعدك .. عضلات الذراع ..
ثم عاد لصورة أخرى اتخذت شكلا مغايرا ..
- تشوف المسمار يوم دخل .. هتّك العضلات في هالمنطقة .. و هالضرر الأكبر لي سواه .. لكن العروق .. و الأعصاب سالمة ..
أغمض عينيه بشيءٍ من التعب .. و هو يقول بصوتٍ أكثر خفوتا ..
- و الدم .. كان الجرح ينزف ..
ربت الطبيب على كتفه السليم .. و هو يطمئنه ..
- بنيتك قويّة .. ساعدتك ع التحمّل .. باذن الله انه ما يكون فيه أي مضاعفات .. نحن بنخليك تحت المراقبة الين عقب باكر .. و خلاف بنكتب لك خروج ..
التفت له غيث بحدّة ..
- أنا عقب ما أرتاح شويّة بظهر ..
ابتسم الطبيب بتسامح ..
- لااا .. لااازم تراعي صحتك يا أخ غيث .. لـ ...
نظر له غيث بقوّة ..
- لاااا تكثر في الرمسة .. ساعة أريح فيها و بظهر .. انتو ما طلعتو المسمار ؟.. و خيطّتو الجرح من داخل و برا .. و صار كل شي تمام ..
قطب الطبيب أمام تحكّمه ..
- هيه نعم .. لكن انته اتم مريض و مفروض تكون تحت الملاحظة ..
رفع غيث صوته ..
- هذا مستشفى خاص و أنا حر في لي أسويه .. عقب ساعة أنا بظهر .. ما عندي وقت .. وراي شي مهم ..
قال كلماته الأخيرة و عيناه تبرقان بقوّة رغم شحوب بشرته السمراء ..
ليقول الطبيب بتحدي ..
- أخوي انته ما تحس بالويع .. لن التخدير الموضعي ما خاز عقب الجراحة .. بس من يخوز ما بتروم تصبر ..
نظر له غيث ببرود ..
- ما فيه مسكنات يعني ..؟
قال الطبيب بحرارة ..
- فيه .. بس الرعاية الطبيـ .........
كان اصراره و ثقته مثيرة للغيظ و هو يجيب بذات الجمود ..
- اكتب الخروج دكتور .. لا تخاف .. ما بموت من الويع .. المسؤولية عليه ..
- مُصر يعني ..
أغمض غيث عينيه بهدوء ..
- هيه نعم ..
و أشاح بوجهه عن الطبيب و هو يصرّ على أسنانه ،،
شعر بالجلبة التي يحدثها الطبيب أثناء تحرّكه قبل أن يترك المكان ..
و ما ان أغلق الباب خلفه .. حتى التوت ملامحه باحساسٍ شنيعٍ من الغضب الصامت و الألم ..
الحمقاء الصغيرة ..!!
لما فعلت ذلك ..؟!
أ كانت متعمّدة ..؟!
لا .. بالتأكيد لم تكن كذلك .. انفجارها ذاك لا يوحي سوى بخطأٍ ارتكبته دون قصد ..
تذكّر تشبّثها به قبل أن يخرج للمستشفى ..
لو أنه انتظر لثانيتين لهشّم عنقها النحيل ..
كيف تتجرّأ على العبث بأغراضه ..!
ماذا لو انطلق المسمار ليخترق جزءا آخر من جسده ..
القلب .. الرأس .. !!
سبق و أن أصابت الأول بدناءة خداعها ..
و لن يتركها لتفسد الآخر ..
تنهّد بتعبٍ و الوهن يسري في جسده الكبير .. و هو يتمدد بتعبٍ على الفراش الأبيض ..
شعر بالشريط يمر في ذهنه .. منذ اصابته .. و انطلاقه للمستشفى ..
و استقبالهم الطارئ له .. و اتنزاع المسمار بجراحة صغيرة ..
.
.
قبضة من ألم اعتصرت فؤاده فجأة ..
تبا لتلك الطفلة ..
لم تعد تجيد الا ايذاءه ..!

* * * * *

 
 

 

عرض البوم صور زارا  
قديم 09-09-08, 05:28 AM   المشاركة رقم: 618
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ملكة الالماسية


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8455
المشاركات: 10,839
الجنس أنثى
معدل التقييم: زارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالق
نقاط التقييم: 2892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زارا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

- ترقية ..؟!
سأله باهتمام حقيقي .. و هو يراقب ملامح وجه السمح تنبسط في ابتسامة متفائلة ،، و هو يرد بصوته الهادئ ،،
- بإذن الله تعالى ،، رفعوا الكتاب ،،
ابتسم بتشجيع لابن عمّه .. و هو يقول ممازحا ..
- عيل ما بنزقرك بالنسيب الحينه .. بنقول يا النقيب ..
ابتسم سيف بفرح حقيقي .. و هو ينصت لحامد و هو يردد ..
- النقيب سيف سعيد سيف الـ ×××××× ،، بس تصدّق لو انك الحينه عدنا في المجموعة .. ما كنت بتحتاي ترقية و لا شي .. من الإدارة ع طول .. شوه حادنك يا سيف ع الشين ،، ليش ما تريّح عمرك و تعابل حلالك .. و حلال هلك ..
لم تتزحزح ابتسامة سيف البسيطة عن وجهه .. و هو يجيب بهدوء ،،
- يا بو علي خدمة لبلاد هب شين .. و لا شي حادنيه عليها غير أفضالها علينا .. و بعدين الله يطول فعمر الشيبان ،، و عماركم ،، هب مقصرين .. و باكر بيتخرّج هزاع .. و بيدخل وياكم ،،
هز حامد كتفيه ببساطة ،،
- محد طالع منكم يا عيال عميه سعيد الا هالهزاع ،، انته في الشرطة ،، و حارب في الطيران ،، آخرتاا شوه بيستوي عليكم ..؟؟ بتتقاعدون .. و بيقبض كل واحد منكم حلاله غصب كيف بدبرون أموركم خلاف بلا خبرة ..؟!
مسح سيف على لحيته بهدوء ..
- الين هاك اليوم بيي من الله خير ،،
قال حامد بثقة ..
- لو منك أفتك من ذل الرتب ،، و لعوزة الدوام ،، و أريّح عمريه بشغل هليه .. شوه ليه بالعثرة و الظك ،، يوقفليه واحد .. تعال .. يسير .. سو .. و الا لا تسوي ..!! الشرطة تعب .. و دوامهم خايس .. و لي بيعطونك اياه ما ايي ربع لي تصرفه ..
اتسعت عينا سيف و هو يقول ..
- و ليش دوام خايس ..؟! الا أحسن دوام .. يوم انيه أعابل أمن بلادي .. و راحة هلها .. كم واحد يعتمد علينا ..؟! كم حق رديناه ..؟! كم مجرم مسكناه و ردعناه .. كم حرمة و كم ياهل .. و كم شايب عنّاهم .. الشرطة هب كبسة حرامية و السلام .. نحن موجودين للخدمة .. زاهبين لفعل الخير نرد الحق لاصحابة .. و نعين و نعاون الناس.. يكفينا من هالشغلة اننا نفرج على المسلمين كروبهم .. و الرسول عليه الصلاة و السلام يقول في حديثٍ صحيح له ،، " من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة . ومن يسر على معسر ، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة . ومن ستر مسلما ، ستره الله في الدنيا والآخرة . والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .." . و في حديث آخر ،، يقول صلى الله عليه و سلّم :" عينان لا تمسهما النار ابداً عينٌ بكت من خشية الله و عينٌ باتت تحرس في سبيل الله " .. بعدين شوه بلاه المعاش ..؟! الإمارات أعلى معدّل في الدخل المعيشي في دول الشرق الأوسط كلها .. اذا أهل الشهادات الاعدادية في الدفاع المدني ياخذون 18 ألف .. خريجي كلية الشرطة شراتيه كم تتوقع لهم ..؟
أخذ حامد يضحك بخفّة أمام حماس سيف في الدفاع عن مهنته .. فيما تابع الآخر أمام ضحكته ..
- و في منظوري الشرطة أحسن عن التجارة .. التجارة ما أفهم فيها .. و لا في معاملاتاا .. و مشتبهاتاا وايد و هالشي لي وصانا رسول الله بتجنّبه .. بعدين لا تستخف بنا ..
في داخله كان حامد يوقن بان كلمة هي الحق بذاته ..
نبل المهنة التي امتهنها سيف تعجزه عن تحدّي كلماته .. رغم اعتراضاته الواهية عليها توّا ..
أن تعمل لغيرك .. لراحتهم ..
أن تبذل تعبك .. و الراحة ..
أن تقسم على السهر لحماية تربة تشتهي حملها على رأسك بدل أن تكون مواطئ للأقدام ..
أن تذرف دمعا .. تتقاطر عرقا .. و تبتلّ بالدم .. لأجلها ..
أن تجتر من روحك الأنفاس لتنعشها ..
أن تكون الأرض أرضك ..
و الأهل أهلك .. و العرض عرضك ..
و السيف حدّك ..
ابتسم له حامد بشيءٍ من التشجيع و الصدق .. و هو يرد ..
- ما عاش من يستخف بكم يا بو هناد .. انتو أمن البلاد .. و الدنيا من غير رحمة ربيه و جهودكم فوضة .. - و انطلق صوت رنين هاتفه معلنا عن مكالمة .. فأخرجه و هو يتابع - أنا أحترم هالمهنة و ما عنديه خلاف عليهاا و لا تغرّك رمستيه عنها لكن بيـ ....
و بتر عبارته .. و هو يراقب الرقم الغريب الذي تألق على شاشة هاتفه ..
انفرجت شفتاه كاشفة عن صف أسنانه المطبقة .. و هو يمسح على شاربه الأسود مضيّقا عينيه ..
محولا تذكّر الرقم .. لكن التفكير لم يجده نفعا ..
لا يعرف هذا الرقم ..
- رب ما شر ..؟!
قالها سيف باهتمام .. ليهز حامد كتفيه بهدوء ..
- رقم غريب !!
وقف سيف على قدميه و هو يقول ..
- رد عليه .. أنا بسير ويا أحمد و هزاع نرتب العشا ..
رفع حامد رأسه على عجل ..
- المعونة ..
ابتعد سيف بكلمته الأخيرة ،،
- كفيت المهونة ..
تاركا حامد و رقمه المجهول .. ليردّ الأخير بسرعة قبل أن تنقطع المكالمة ،،
- مرحبــــا ..
كلمة مختصرة .. تحث على إجابة ما ..!
لكنّ لحظتين مرّت دون تلك الإجابة ..
عاد يحثّ المتصل بهدوء ..
- ألوووه ..؟!
حشرجة أنفاسٍ بلغته .. رفعت أحد حاجبيه عجبا ..
و لكأن الكلمات تخنق الطرف الآخر ..!
كانت نبرته التالية أكثر قسوة .. و هو يقول ببرود مرتفع ..
- منووه ..؟!
- حامد ..؟!
اتسعت عيناه دهشة للصوت الأنثوي الرخيم .. صوتٌ مألوف ..
أين سمعه ..؟!
- هيه نعم .. منوه انتي ..؟!
تخبّطت الأحرف و هي تردّ بشيءٍ من الإضطراب ..
- أأ .. أنـاا .. عـ .. عفـــــرا ..
.
.
احتشدت الأنفاس بصدمة ..
و تقطّعت الكلمات ..
اختنقت الأحرف .. فلم ينطق ..
انعقد جبينه ما بين صدمة .. و عدم استيعاب ،، حين شلّت أحاسيسه أمام أحرف اسمها ..
في لحظة كان أبعد ما يكون عن التفكير بمصيبته المتجلية بشخصها ..
أبعد ما يكون عن تجرّع المرارة و تذكّر ما هي عليه .. و ما أصبحت بالنسبة له ..
في الوقت الذي كان قد تعمّد التناسي .. ليقتطع شهرين راحة قبل أن تقتحم حياته عنوة ..
تنبلج من العدم لتذكّره ..
شعر بأن آخر مرّة رآها فيها أو التقاها كانت منذ سنوات ..!
و لم يعد يكترث مؤخرا لإظهار النية الحسنة للجميع بالمرور و السلام عليها ..!
اعتماده على قرب موعد الزواج في تفسير أي افتراق بينهما كان يكفيه ..
من غياهب ذاكرته .. راح يستعيد تلك الليلة البعيدة التي التقاها فيها ..
مذ متى كانت ..؟!
أسبوعين ..؟! أو أكثر ..
شعر بان دهرا يفصله عن انفجارها ذاك .. و وعوده ..
و انقبض قلبه لسببٍ لا يعرفه .. فيما تقلّصت فرائصه .. دون أن يملك إجابة على تصريحها باسمها ..
عاد الصوت الرخيم يتساءل بتوتر ..
- حامـــــد ..؟!
اعتصرت قبضته القويّة هاتفه المتحرّك و هو يصيخ لاسمه يتردد عبر الهاتف ..
هذا النداء ناقض توسّل الفراق بينهما آخر مرّة ..!
هل تجاوزت الأمر اذا ..؟!
فكّرت بكلماته جيدا ربّما و تستطيع رمي كل ما حدث خلف ظهرها ..؟!
تذكّر وعده البائس بأن ينسى هو بدوره يوما ما ..!!
ما أكذبه ..!
سيموت و لا زالت أخيلة تلك الكارثة تتراقص امام عينيه .. تسخر منه ..
تمزّقه ..
اشتدّ ضغطه على أسنانه ..
و ابتلع أحاسيسه المصدومة و مبعثرة إثر مفاجأة اتصالها ..
و تقمّص هدوءه و هو يقول لها ناظرا للأوجه العديدة قربه ..
- لحظة وحدة ..
و وقف على قدميه يحث الخطى نحو الباب الخارجي ممسكا بالهاتف في قبضةٍ قاسيا ..
و مائة سؤال و سؤال يتصادمون في صدره عن سبب إتصالها ..
ما ان خرج من الملحقات و المجالس الخارجية لبيت عمّه حتى قطع - حوش - البيت بخطواتٍ واسعة متعجّلة .. مبتعدا أكثر عن أقرب أذنٍ قد تلتقط غرابة ستكسو حديثه معها ..
رفع الهاتف إلى أذنه و أزاح زخم احاسيسه و انفعاله جانبا ..
أحرفٌ يقتلعها من جوف الصمت .. راسخة .. تخترق خطوط الهاتف منبّهة ..
تعلمها أي ثباتٍ يسكنه ..
- هــــــلا عفــــــرا ،،
ذات التهدّج يبلغه ،، و أنفاسها تبوح بحجم التوتر الذي يخالجها بحديثها معه ..
- مرحبــا .. آآ .. آآحم .. شحالك ..
حالــــــه ..!
لن تتصل لتسأله عنه بالتأكيد ..
هو التمهيد لانزلاقات المرارة بينهما ربما ..
أ إستجد شيءٌ ما ..؟!
- الحمد الله .. شحالكم انتو .. و شحال يدوه ..
لمَ يلمس اهتزازات صوتها ..
و يستشعر قلق أحرفها .. ؟!
- بخير يعلك الخير .. آآمم .. مشغول ..؟
سمع أصواتٌ ترتفع من خلفيّة الصمت التي تركها تسود بعد أحرفها .. ليرد ببساطة ..
- لااا .. شي فخاطرج .. ارمسي ..؟!
تكلّمت الآن بسرعة ..
- ابوية سيف حولك ..؟!
ما دخل جدّه الآن ..؟!
- لا في الميلس و أنا في الحوش .. بلاكم ..؟!
أصواتٌ تتخبط حول صوتها .. تذمّراتٍ ربّما .. أو شيءٌ آخر ..
صخبٌ مفاجئ فقط ..
قبل أن تعود هي لتقول بعجل .. و كأنها تسعى لانهاء الأمر ..
- حـامـــــــد ،، عدنــــا مشكلة ..!!
تلاشت ملامحه بدهشة من كلمتها و هو يكرر بهدوء ..
- مشكلة ..؟!

* * * * *

لا نداءاتهم قد تنتشلها من ألمها الباذخ ذاك .. و لا التوسلات ..
فتّشت عن زاوية خافية .. لتتهاوى في ظلمتها .. بعيدا عن أي يدٍ دخيلة قد تتطفل على حطامها لتلملمه ..!
تلكّ الدمعة التي تشبّثت مستميتة بزاوية جفنها ..
هوت بتعب مرّ ،،
لتسقط على خدّها ،،
تنحدر لتخطّ أخدودا من حريق في روحها قبل الوجه ،،
ملامحٌ ذبلت ..
و أحاسيسٌ شابت ..
و روح يكسوها التجعّد ..
لا يشبه ذاك الحزن القابع في روحها شيء ،،
هو حزن النهاية ،،
يقينها بأن كل شيءٍ توقّف .. كل الخيوط الواهية تقطّعت ..
كل قصور الهواء الهشّة .. هدّت ..
هي النهاية ،،
حيث لا امتداد للطريق بعدها ،،
لا شي سوى ستارٌ يسدل على رماد أحاسيسها ..
و ترنيمة الصبر تشدو معلنة رحيل ..
و سقوط ..!
النهاية ..
و لا شيء آخر ..
تلك الكفّ المعروقة التي لطالما التقطت حبّات الدموع من وجنتيها لتدسّها بعيدا عن ناظريه ..
تشبّثت مستميتة برأس عصاتها القصيرة ..
تلتمس ثباتا أبعد ما يكون عن بقايا روحها الممزقة ..
قلبها يؤلمها ..
ألم حارق يسري في أطرافها ..
يحاكي سخونة الدمع التي تدفّقت لتنهمر سيولا تغمر شقوق الدهر في وجنتيها ..
حين انتزع ذاك ابنها من أحضانها .. و رماه في غياهب النسيان ..
قطّع سبل الوصل .. و فؤادها ..
و تلاشى الدفء من أيامها بفقد إحدى أبناءها ..
و أمام ذاك الإنكسار المرّ .. و حزنها الأبكم ..
ما الذي كان يلهيه ..؟!
هل بادلها صبرها صبرا ..؟!
كان مسند عجزها يهتزّ تحت يدها النحيلة ..
و حرارة الدمع تتصاعد أبخرة ضبابية تعمي عينيها ..
تغرق زواياها المتجعّدة.. تبلل وجهها المغضّن بالألم ،، تغرق السنوات التي دسّت بين طيّات تجاعيده ..
حتى روحه الوجلة .. راح الوجع ينحسر منها ببطء .. مخلّفا ظلمة باردة ..
راحت تغزو بكاءها .. و احساسها ..
راحت تنشل الدفء من قلبها ..
و ترتعش قبضة عصاها من بين أناملها .. قبل أن تنفلت .. لتتراقص ثانية في الهواء ..
و كأنما تريد التشبّث بصاحبتها أكثر مما تريد تلك الصاحبة ..
قبل أن تهوي ،، فترتطم انحناءة رأسها بالأرضيّة الرخامية ..
لتتقافز لثوانٍ على صلابة الأرضة ..
تنفض عن كاهليها ،، مرارة صاحبتها .. صبرها ..
و الانتظار ..!
أ هو الرحيل ..؟!
ذاك السلام الذي راح يشل أطرافها و هي تنزلق في الظلمات الأخيرة ..؟!
أهي ماضية ..؟ إلى حيث يقبع ذاك الحبيب ..؟!
صورٌ من غابرة كانت قد ادّخرتها في الذاكرة ،،
تتراقص أمام عينيها المغمضتين ..
لتنبسط أساريرها ،، مع تعلّق دمعة أخيرة على أطراف هدبها الذابل ..
و تمد يدا في الهواء .. و هي تحلّق هاوية ،،
فترتطم بأرضها ..
و تبللها دمعة ..!

* * * * *

- متأكدة انج بخير ..؟!
كلماته العصبية .. كشفت مبلغ توتّره ..
فسحب نفسا طويلا و هو يهدّئ من نفسه ،،
ارتفعت عيناه لوجهها مجددا .. لتصطدم بعينين فقط تبرزان من خلف البرقع .. و هي تجلس معه في قاعة الانتظار ..
منتظرين النداء الأخير لرحلتهم ..
عينينٍ فارغتين .. شاردتين ،،
لمعة من الزجاج الهشّ تكسوها .. تعده بدموعٍ جافة .. تحتضر في محاجرٍ عاجزة عن البكاء ..
تخشّبها في جلستها تلك .. و انعقاد يديها في حجرها بهدوء ..
سكون أنفاسها أفزعه ..
و الجمود الذي وصلت به .. حديثها المختصر بإجابتين مقتضبتين ..
لم تكن طبيعيّة .. الصورة التي أتت بها ناقضت تماما ما خشي أن تكون عليه ..
توقع انفجارا مريعا بعد ما ستقدم على فعله مع يقينه بانه أمعن في زرع أفكار مغايرة في رأسها ..
و تأكده بانه حرص على أن تعتقد بأن هذه هي الخطوة الحقيقية لانهاء معاناة أختها ..
إلا أنه توقّع بأن فراق أختها أو خذلانها بتلك الطريقة سيؤلمها ..
و سيتركها محطّمة ..
صوت أجوف اندفع من تحت انسدال برقعها الأسود ،، الذي ترك احساسا حالكا على تعابير عينيها ..
و هي تردد بغرابة ..
- بخيــــــر ..!
تدفقت الكلمة باحساسٍ أغرب ..
لم تكن اقرارا بالحالة ..
شبه سؤال .. خالطه عتب بارد ..
أو كانت تسخر بالكلمة ..؟!
تنهّد ببطء .. و هو يراقب شرودها المتجمّد ..
يتآكله القلق ،، تمنى لو أنه لم يبلغه إلا شظايا حطامها ..
لو أنها أتت مبتلّة .. مغرقة بالدموع ..
لو لامته على فكرته .. أو حتى صرخت ..
أظهرت الندم أو أي شيءٍ آخر .. !!
لكن لا شيء ..!!!
انتفاضة واحدة أفلتتها من جسدها حين ارتفع صوتٌ أنثوي بارد في قاعة الإنتظار منبّها بمكبّرات الصوت على رحلتهم ..
راقب أناملها تنكمش في قبضة قويّة .. و كأنها تكابد عسرا ما ..!!
قبل أن ينبهها ..
- خولة نشّي .. رحلتنــــــا ..
استدار رأسها نحوه ببطء شديد .. تلقي نظرة باهتة اتجاهه .. و عينيها الغائمتين لا تتركان تعبيرا واحدا يلتصق بها ..
قبل أن تنهض بتثاقل و هي تلتقط حقيبتها ..
بعد أن هشّمت ما يكفي من القلوب ..
هي لحظة للرحيل آنت ..!

* * * * *

نفس طويل ملأت به رئتيها .. و عينيها تلتصقان بزجاج النافذة .. تراقب سكون تلك الغريبة في الخارج ..
استدارت خلفها .. لتجد أن عفرا لا زالت تراقب هاتفها بتوتّر ،،
نورة تمسك بأخيها الصغير في حين راحت أمّها تحاول أن تحث جدّتها على فتح الباب الموصد ..
و دانة تتوسط زخم الأوراق الثبوتية لتراجعها بدقّة ..
و كأنما تأمل إيجاد شيءٍ ما بينها ..!
أعادت عينيها لشفافية الزجاج .. لتغدق بنظراتها على انزواء ذاك الجسد الضئيل وسط الكرسي المتحرّك ..
و مسحة من الحزن و الشفقة تسود روحها ..!
انحناءة الكتفين تلك كانت مثقلة بالخذلان ..
و تطلّع الوجه اتجاه الباب الرئيسي في ترقّب يائس .. كان موجعا ..
ما الذي دفعها لتحشر نفسها في كل هذا الألم .. و تحطّم قلوب الآخرين ..؟!
لم هذا اليأس كلّه يحيط بها هالة ..و كأنها جرّت إلى هنا عنوة ..!
أ كانت تعمد للقدوم .. أم أنها أُجبرت .. و لا يد لها في كل الدمار الذي يوشك على الوقوع ..
شفافية روحها استطاعت لمس الإنكسار في انحناءة ظهر تلك الغريبة ..
لذلك جرّت خطاها بذات الصمت الذي تسكه منذ دهور .. متوجّهة للخارج ..
ما الذي تنشده منها ..؟!
ما الذي يدفعها للشعور بالأسى على هذه الغريبة التي تسببت بالألم لتلك العظيمة ..؟!
ما الذي يشدّها .. لتجمع صمتها .. و تنثره في الخارج ..
و تجاور حطام تلك الشابة في الظلام ..
تفتح الباب الخشبي لينزلق نور الردّهة راسما طريقا طويلا من النور .. تمنّت لو تسلكه ،،
لكنّه اظلم ما ان تركت الباب ينزلق خلفها بهدوء .. و خطواتها تنتهي أمامه ..
لا حركة من جسد الغريبة قد توحي بانتباهها للقادم خلفها ..
و لا اهتمامها به ..؟!
و تساءلت في داخلها عمّا تنتظر ..؟!
ما الذي تترقب عودته ..؟!
أختها لن تعود بالتأكيد بعد أن ألقت بها هنا ..!!
بخطى تتعثر ما بين إرتباكٍ و تردد .. تحرّكت ببطء .. نحو درجات سلّم المدخل ،، متجاوزة كرسيّها .. لتجلس على أولى عتباته ،،
تسند هدوء روحها على كفٍّ من انتظار .. دون أن تتطفل على تمزّق صاحبة الكرسي ..
و تشمخ بنظرها للباب الضخم و قد شرّعت مصاريعه ..
ترتقب ..
من ..؟!
لا تدري ..
هو المجهول وحده القادم ..
و ما قد تخفيه الساعات القادمة من فك عقدة لهذه الأحجية ،،
نسائم الصيف الدافئة أيضا .. أبت إلا أن تتخلخل انتظارهما ..
تشاركهن الهدوء ..
تتراقص على ايقاع خفقاتها الهادئة .. و أنغام أنفاسها البطيئة ..
كان الهدوء يلفّها ..
يحيط روحها .. يدغدغ أحاسيسها ..
فيما تصيخ صممها .. و يستشعر قلبها قدوم شيءٍ ما ..
هناك ما يوشك على اقتحام حياتهم .. !
.
.
.
.
تقطيبة .. و زفرة حادة أفلتتها كانت الرد على دانة التي قالت بقلق و هي تطالع جلوس المها قرب الشابة في الخارج ..
- أخاف تسوي بالمها شي ..؟!
نظرت لها عفرا بقلق .. و هي تنقل عينيها بين أختها التي تحتل أولى عتبات درج المدخل .. و المرأة المستقرّة بظهرٍ منحني على كرسيها و رأسٌ متخاذل يراقب الباب الرئيسي ..
و قالت بصوتٍ تطرد منه التوتر ..
- شوه بتسوي بها يعني ..؟! ما تشوفينها هب رايمة تمشي ع ريولها ..
ألصقت نورة وجهها بالنافذة و هي تضّم أخاها لصدرها بحذر ..
- أخاف انه فخ .. و انها هب مشلولة .. بس يالسة ع الكرسي .. و فجأة تعفد ع المها .. و تخطفها ..
نظرت لها عفرا بغل .. كانت أبعد ما يكون عن خيالات نورة المجنونة ..
- شوه فلم هندي .. و الله ما عندج سالفة ..
نظرت لها نورة بطرف عينها ثم توجّهت نحو الأريكة الأقرب تضع شقيقها النائم عليها..
- خليت السوالف لج .. وينه ريلج هذا .. عنبوه من متى متصلين به ..!!
صاحت دانة بحماس .
- موووووتررر .. موووووتررر يااااااااااااااااااي ..!!! حشى لو طارية مليون يا نورة ..
دققت عفرا في السيارة القادمة .. مع قفز المها بسرعة من مكانها .. و اقتحامها الصالة ..
و هي تبحث عنهن بعينها قبل أن تلتقط وقوفهن أمام النافذة لتشير بحماس نحو الباب الذي ارتد خلفها ..
- سياااااه .. سيااااه ..
أومأت عفرا لها بسرعة و هي تقول لهن ..
- أنا بظهر .. أشوفـ ........
بترت عبارتها مع ارتفاع رنين هاتفها المتحرّك في يدها .. ترفعه محدّقة إلى رقم حامد الذي تألق بقوة على شاشته ..
احتقنت رئتها بالهواء الذي احتبسته ،،
و هي ترفع الهاتف لأذنها بيدٍ مرتعشة ..
- مرحبـــــا ،،
- أنا خاري ،،
و كأنها لا تعلم ،،
لكنّ اجابته المختصرة بصوّته العميق .. أرسلت قشعريرة باردة على طول ظهرها ،،
سحبت نفسا عميقا حين انقطع الخط بينهما ..
و التفتت لنظرات أخواتها ..
- حامد خاري .. أنا بظهر له ..
أومأت نورة موافقة بحماس و عيناها تلمعان بإثارة مفاجئة ..!
فيما هرولت دانة نحو النافذة مجددا ..
- الله وناسة .. بداا الآآآكشن ..!!
ثم أطلقت ضحكة قصيرة متحمّسة ..
دفعت عفرا خطواتها نحو الباب بعجل .. و هي تلفّ غطاء رأسها بإحكام ..
ليس هذا وقت التفكير بوضعها أو غيره ..
لو كان الموقف مغايرا لهذا .. لكنت قد فكّرت مطوّلا بأي طريقة قد تعامل هذا الرجل ..
بعد المواجهة الأخيرة .. كيف لها أن تتعايش معه ..
قال بأنه أخ لا أكثر ..
لكنّه أخ غريب و لا تعرفه .. يعلم بفضيحتها التي تدسّ عن الأعين ..
أخ لا يراها سوى وصمة عار .. و باح لها صدقا بأن ذلك يؤذيه .. و أن قربها يذكّره بذاك العار ..
و أن لا رابط بينهما سوى شهامته ..
ابتعلت أفكارها بقسوة .. و هي تشدّ على يديها مع فتحها للباب ..
و توجّهها للسيارة التي وقفت في منتصف - الحوش - ..
متجاهلة الفتاة ذات الكرسي .. و ارتعاشاتها ..
الأمر لا يتعلّق بها و به هنا ..
بل هو خارج دائرتها تماما .. و الا لما لجأت له ..
عليّها أن تحكّم عقلها تماما ،،
ستتعامل مع الأمر برمّته بعمليّة فائقة ..
و على هذه الفكرة نصبت قامتها ،، و هي تقطع المسافة بخطواتٍ متعجّلة ،،
ما ان بلغت منتصف المسافة بينهم .. حتى ترجّل حامد من سيّارته بعد أن أطفأ محركها و صفق بابها ..
و تقدّم منها ليلقاها في منتصف الطريق ،،
تلك المسافة التي تطوى بينهما .. زرعت الرهبة في أعماقها .. و ذات الخوف الأزليّ من ذلّه ..
قشعريرة باردة سرت على طول روحها .. و خطواتها تتباطأ مع اقترابه حتى توقّفت ..
لن تتقدم الآن ..
وحده من عليه بلوغها ..
كانت الجديّة تنحت ملامحه ،، و هو يتقدّم منها بعجل ..
و صوته الرجولي ،، يسابقه فيصلها ..
- السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
بيدٍ مرتبكة تلمّست مقدّمة رأسها لتتدارك أي شعرةٍ قد تفرّ خارج الغطاء .. رغم ثقتها بثباته ..!
و رعشةٌ احتوت كفّها التي تلقّفها في وسع راحته بمصافحة سريعة .. و هي تتحكم باستماتة في صوتها ..
- و عليكم السلام و الرحمه ،،
كانت عينه تطمح لما خلفها .. توقف قريبا منها ..
خطواتٌ بينهما ..
و خشيت ..
خشيت لو أن مسامعه تلتقط شيئا من جنون نبضاتها ..
هبطت عيناه لوجهها مجددا و هو يقول بسرعة ..
- شحالج ..؟!
ففرّت عيناها إلى كل مكانٍ إلا لقيا نظراته .. و هي تقول بسرعة ..
- بخير الحمد الله .. شحالك ..
وضع يده على فكّه و عينه تشمخ من جديد لما هو خلفها ..
يراقب صاحبة الكرسي باهتمامٍ حقيقي ..
- الحمد الله ،، هاي هي ..؟!
كان يشير لها ..
لتلك القابعة في الظل .. على كرسيٍّ بدواليب منزلقة ..
لتجيبه بهدوء ..
- هيه ..
أعاد نظرته لعفرا و هو يقطب ..
- ختها ما ردّت ..
فهزّت عفرا رأسها بلا صامتة ..
ليومئ هو بتفهّم .. قبل أن يشير بيده ..
- خلينا نسير لها ..
.
.
.
.
ذاك الأمل الذي انتعش حين أنارت مصابيح السيارة الطرق الداخلية للمنزل ،،
ذبل بالسرعة ذاتها التي انبثقت في روحها بتلات الفرح بعودتها ..
الإنشراح الذي لم يدم لثوانٍ و هي تملأ مآقيها بالنور القادم .. انسلّ بعيدا و تركها فريسة في الظلمة التي راحت تنهشها بصمتٍ قاتل ..
و استبشارها بعودة خولة ،، خُنق حتى قبل أن تصرخ به في أعماقها .. و هي ترى ذاك الرجل يترجّل من السيارة المعنية ..
خولة لم تعد ..
تركتها هنا ..
خولة ألقت بها في أوجه الغرباء و مضت ..!
و شلّ الخذلان أطرافها .. و أدمعها تشقّ الطريق مجددا لزوايا الجفون غير مصدّقة ..
لا .. أختها لا تفعل بها هذا ..
لم تكذب عليها .. لم تستغفلها ..
لم ترمها ..
و تهرب ..
هذا كلّه لم يحدث ..
الأمر فقط أنه ...
أنه ..
أنه ..
.
.
أنه ماذا ..؟!
الأمر .. أنها هي من تجلس الآن مجرّدة في العراء ..
ملقيّة ..
فلا أبٌ يكترث ..
و لا إخوةٌ يعلمون بوجودها ..
و الظهر الذي قضت حياتها بأكملها تستند عليه .. انسلّ بعيدا .. لتتهاوى عزائمها أرضا ..
ارتعشت ..
خائفة .. وحيدة .. محطّمة ..
لا زالت الصدمة تتخلخل عظامها ..
تجمّد أوصالها ..
و لا زال قبسٌ من أمل كاذب ..
يضيء أعماقها ،،
يخبرها بأن خولة ستعود .. لتنتشلها بعيدا عن هذه الفوضى ..
بعيدا عن هذا الرفض الصارخ ..
بعيدا عن كل أنملة قد تمتد لتخدش روحها بأذى ..
شعرت بالبلل يبرّد خدودها ..
و تعجّبت ..!!
أتبكي ..؟!
كيف وصلت لهذا الترف .. للتنفيس ..؟
فيما تشعر بأنها تختنق الآن ..
و أن ثقل ما يدور حولها .. يجثم على صدرها ..
يضغط على أنفاسها ..!
تلك القامة المديدة للرجل القادم اجتذبت أنظارها لتنفض عظامها مع اقترابه ..
صوته العميق زلزل الثبات الضئيل الذي تبقّى .. و هي تستوعب تفاصيل وجهه ..
الوجه الذي لا تراه للمرة الأولى ..
الوجه الذي تدس عنه صورة في بقعةٍ بعيدة عن هنا ..
بقعة تمنّت لو أنها تحتضنها الآن ..
- السلام عليكم و رحمة الله ..
كان يحدّثها و هو قابعٌ في أسفل سلّم المدخل حانيا رأسه ..
وحدها الفتاة الطويلة التي استقبلتهم صعدت بهدوءٍ لتقف قربها ..
كان يسلّم عليها ..
لكنّها لم تستطع اجترار الأحرف من حنجرتها للاجابة ..
لمحةٌ فيه ذكّرتها بشخصٍ آخر ..
ذكّرتها بذاك البعيد ..
ذاك الكبير الذي لو كان هنا لذاد عنها مبعدا كل ألم ..
و ارتعشت الدموع في مآقيها ..
أين هو الآن ..؟!
لما لا يأتِ .. ألا يعلم أنها بحاجته ..
و أنه لو لم يقف سدا منيعا فسينهشها استنكارهم و الرفض ..
و استرسلت دموعها و الشهقات مجددا ..
و هي تدسّ وجهها بين يديها المرتجفتين ..
و كلماتٍ متقطّعة ترسلها من بين شهقاتها مستنجدة ..
- غـ.. غيـ..ـث .. غـ..ــيييييييث .. غـ.. ـيييث .. آآآآآآه ..
و انفجرت دلائل الإستفهام على محيّا عفرا و حامد ..
و الأخير يعقد جبينه بشدّة ..
فيما تدلّى فك الأولى بذهول و هي تراقب بكاء المرأة ..
ما علاقتها بغيث ..؟!

* * * * *

توقّف أمام باب الشقّة و هو يستند على الجدار بكتفه الأيسر ..
مرهقٌ للغاية ..
دوارٌ خفيف يلفّ رأسه ،، في اللحظة التي بدا بأن ألما يزحف إلى ذراعه المضمّدة ..
باليد التي تمسك كيسا ملؤه المهدّءات و المضادات الحيوية .. حرر إصبعا يلتقط به مفاتيحه من جيب البنطال الذي يرتدي ..
كان منظره مزريا للغاية ..
الدماء تلطّخ ملابسه .. و شعره انتفض في ثورة مجنونة .. عكست شراسة ملامحه المحتدّة بألم ..
أمال جسده الفارع على الباب الخشبي ليدسّ المفتاح فيه و يديره ..
ثم دفع الباب بيده اليسرى متجنّبا تحريك اليمنى التي بدأت تنبض بألم حقيقي ..
و انسلّ بضخامته عبر الباب ليدلف إلى الشقّة ..
لحظة واحدة من صفاء اكتسحت ذهنه و هو يغلق الباب خلفه ..
قبل أن يرتمي ثقلٌ مفاجئ على صدره ليترنّح إثر الصدمة خطوتين إلى الوراء .. و هو يتشبّث بالجسد الملتصق به ..
النشيج العالي الذي اخترق مسامعه ،، و الجسد الصغير الذي استكان على صدره ..
و يدين ضئيلتين راحتا تشدّان ظهره إليها بجنون ..
شتتت تفكيره للحظاتٍ طويلة .. لم يستطع خلالها إلا الإنصات لدوي قلبه الذي فرقع بجنون .. يخالط صوتها و كلماتها تتكسر على صدره ..
و هو يكافح لالتقاط أنفاسٍ تعسّرت عليه .. و حرارة أدفأت أطرافه بقربها ..
فيما راح الدوار الذي يلفّ رأسه يشتد ..
- غيييييييث .. غيييييييث .. وييييين .. ويييييين سرررررررت .. انااااااااا خففففت عليييييييك .. ليييييييش أبطييييييت ..
توسّل طفلة تلتمس الأمان في دفئه .. أرسل رجفة في أعماقه ..
للحظة كاد أن ينغمس في تلك النشوة التي انتشرت في صدره و هي تلجأ إليه ..
تنكسر عليه ..
و يشهد ضعفها .. ليحتويها بقوّته ..
للحظة واحدة كاد أن يلفّ يده السليمة ليضمّها .. و يمسح على رأسها ..
و يهدئها ..
للحظة أوشك على أن ينحني مجددا أمام أحاسيسٍ خرقاء لطالما غررت به ..
لكنّه لم يفعل ..
جسده العريض يتصلّب بقوّة .. و يده السليمة تسقط كيس الأدوية أرضا .. لتنتزع يديها عن ظهره ..
تطبق على معصمها لتبعدها بخشونة عنه ..
لا يريد قربها هذا ..
يكره إحساسه الغريب نحوها .. و اللين الذي تصبح عليه أحاسيسه ..
نظراته القاسية ارتطمت بوجهها المحمرّ المبتلّ .. و أجفانها المنتفخة من فرط البكاء ..
و دون كلمة أخرى .. أفلت معصمها بصمت بارد .. ليتحرّك للأمام متجاوزا نحيبها ..
فارا من مشاعر الحنان التي تدفّقت في عروقه .. امام مرآها على ذاك الحال ..
باكية .. مشعّثة ..
و خائفة عليه ..!
صرّ على أسنانه بغضب يخمد جنون نبضاته المرتفعه ..
و هو يخطو بقسوة للأمام ..
و كأنما يدوس على جماح قلبه في طريقه ..!
.
.
.
.
لم تصدّق أنه هنا .. و أنها تراه ..
و أنه سليما معافى ..
مخضّب بالدم .. لكنّه بخير ..
شعورها الرهيب الذي مزّقها رعبا في الساعات الأخيرة انحسر فور رؤيته تاركا الصدارة للطمأنينة التي تغلغلت روحها برؤية ملامحه السمراء الملتوية بألم ..
لينفجر قلبها في اللحظة التي دلف فيها ..
غير مصدّقة بأنها تلمسه .. و أنه ماثلٌ أمام عينيها ..
حي .. و بصحّة جيّدة ..
تلك الصلابة أفضل من هجومٍ توقّعته .. رغم أن انسلاله البارد من بين يديها أوجعها ..
كانت لا تملك زمام دموعها التي راحت تتدفق بقوّة ..
تعلم أنه غاضب منها ..
لكنّها لم تقصد إيذاءه .. الرب يعلم أن كل ذلك حدث دون أن تفهم كيف ..!!
شهقاتها راحت تهزّ جسدها الصغير .. و هي تبعد بكفّها شعرها الملتصق بوجهها الندي ..
تجاوزها متقدّما لغرفة النوم .. و وقعت عيناها على الكيس الذي أسقط للتو ،،
حاملا علامة المركز الصحي ..
خنقها الألم .. و هرولت خلفه بسرعة .. متجاهلة ثبات خطواته المواصلة ..
و تشبّثت بطرف فانيلته القطنيّة .. و هي تنشج ..
- غيييييث .. غييييييث .. أنااا آآآسفة .. آآآسفة ..
كان يتقدّم متجاهلا تخبّط كلماتها ..
بكت بشدّة أمام جمود ملامحه الغاضبة .. و شراسة نظراته السوداء ..
توقّفت في طريقه و هي تضع يديها على صدره لتوقفه ..
- و الله .. و الله ما كنت متعمدة .. و حتى .. حتى ما ادررري كيف اشتغلت المكينة اروحهاااا ... و الله انيييه هب قاااصدة .. انت روعتنييييه .. و اللـ ....
بتر عبارتها بزمجرة مدوّية ..
انطلقت غلظة صوته لترتدّ عن الجدران .. و ترتج لها نوافذ و هو يصرخ بوجهها .. في ذات اللحظة التي امتدت يده لتنغرس في شعرها و تشدّه بقسوة .. جارا جسدها كلّه نحوه ..
- باااااااااااااااااااااس .. بااااااااااس .. صخيييي .. و لااا أسمع كلمة وحدة .. بسسس .. و لاااا كلمة ..
اختنقت كلماتها و بكاءها يحتشد في حلقها و استمرتّ الشهاقات بالإنفلات في قوّة أمام قسوة قبضته ..
شعرت بأنها تقف على أطراف أصابعها من فرط جذبه لشعرها .. و أنفاسه الساخنة المنفعلة تلفح وجهها ..
خشونتها تخدش مسامعها .. و حرارتها تجرح وجنتيها ..
هزّ قبضته المطبقة على شعرها بقوّة .. متجاهلا شهقاتها .. و هي تمدّ يدا تحاول إفلات قبضته .. و يدا تستند بها إلى صدره الذي راح يعلو و يهبط بجنون ..
- انتيييي ما تسمعيييين .. ؟؟؟ أقوووولج ما ريييد أسمع صوووووتج .. حتى نصخج .. مااا أرييييد أسمع شي ..
على وشك أن يقتلع شعرها .. يشدّه بقبضة مجنونة .. أصابتها بالدوار ..
لكنّ أكثر ما أصابها بالذعر هو صراخه القويّ .. و لمعان عينيه القاسيتين بوحشيّة مميتة ..
سدّت فمها بإحدى يديها لتخنق شهقاتها .. و يدٌ ضعيفة مرتعشة راحت تدفع صدره في محاولاتٍ هزيلة ..
فيما تجرّ الدموع بعضها بعض على جوانب وجهها ..
إعتصر الألم رأسها لتغلق عينيها بخوف ..
تختبئ من تلك الوحشيّة السوداء في عينيه ..
تختفي من أمام غضبه ..
تحتبس حتى أنفاسها .. و تكتم شهقاتها كي لا تثيره ..
في اللحظة التي ظنّت أنها على وشك أن تفقد وعيها .. انفلتت قبضته .. لتنزلق على مؤخّرة رقبتها .. و هو يجرّها لصدره بعنف ..
فيرتطم وجهها بصلابته ..
و احدى ذراعيه تلفّها بقوّة ..
تضمّها لقوّته .. و هو يشدّ عليها ..
حتى بلغها ضجيج خافقه الذي تعالى ملتصقا بجبينها ..
.
.
أغمض هو عينيه بقوّة .. و قلبه يتقافز في صدره بعنف ..
فيما يحتويها بين يديه ..
آلمه ذعرها الشديد منه رغم أنه واجهه مراتٍ و مرات ..!
لكنّ انكسارها الليلة كان فضحا ..
فادحا ..
و عبراتها الصادقة توجعه ..
هذه إمرأة لا يعرف الهدوء قربها ..!
.
.
ما ان وجدت أنها تلتمس الأمان بحقٍّ حتى انفجرت بالبكاء مجددا ..
و يديها تعتصران فانيلته القطنيّة ..
كان نواحها يختنق على صدره الذي راح يشدّها إليه و كأنما يريد إيلاجها بين أضلعه ..
و صوتٌ هامسٌ ينفث قمّة رأسها و هو يتّكئ عليها بتعب و أنفاسه الثائرة تبعثر شعرها ..
- ليش .. ؟ ليش دوم اتحدينيه على الأذيّه ..؟ ليش اتخلينيه أظهر أخس ما فيّه عليج ..
ثانية فقط أعقبت كلماته .. قبل أن يسقط ذراعه من حولها .. ليجذب نفسه بعيدا عنها ..
تركه لها فجأة أورثها شعورا بالهجران و هو يتركها متوجّها للغرفة ..
غطّت وجهها بكفيّها .. تخنق نشيجها الذي راحت تقاوم للسيطرة عليه ..
لا حيلة لها سوى البكاء ..
للمرة الأولى تراه يتألم .. يعاني ..
للمرة الأولى تلمس إحساسا بشريا صادقة ..
لكنّ ما يقتلها هو أن تكون سببا في إيلامه ..
توجّهت للمطبخ الصغير .. بنيّة التماسك هناك ..
ارتشفت بعضا من الماء بين شهقاتها .. قبل أن تغرق وجهها بصفائه لينحسر حاملا معه دموعها ..
أمسكت برأسها الذي بدأ يضجّ بصداعٍ مؤلم إثر الساعات التي قضتها في البكاء المتواصل ..
ما الذي ستفعله الآن ..؟!
تقف مكتوفة اليدين .. ؟!
لا .. لن تفعل ذلك .. خرجت للصالة لتجلس فيها .. فسقطت عينيها على أكياس الطعام التي كان قد تركها قبل الحادثة على الطاولة .. ثم راحت تفتّش بعينيها عن كيس الدواء الذي أسقطه ..
تفكير جيد ..
الطعام .. و الدواء ..
أقل ما قد تقدّمه بعد الأذية التي ألحقت به ..
عله يغفر لها تلك الغلطة ..!
.
.
.
.
في اللحظة التي دلف فيها غرفة النوم داهمه رنين هاتفه المزعج ..
نظر له شزرا متجاهلا المكالمة .. و هو يفتّش في الأدراج عن شيءٍ يبدّل به ثيابه المتّسخة ..
سرعان ما اختنق تقافز الهاتف .. و خمد هادئا على الطاولة أمام تجاهله ..
لكنّ هدوءه لم يستمرّ طويلا .. فانطلق ضجيجه بعد لحظاتٍ ليكسر الهدوء .. و يستفزّ اعصابه المرهقة ..
تقدّم من الهاتف ليلتقطه بسرعة .. دون أن ينظر للرقم .. و يجيب ببرود أبعد ما يكون عنه ..
- ألوه ..؟!
- غيث وينك عن تيلفونك ياخي .. متصلبك فوق العشر مرات ..!!
ملأ رأسه صوت حامد الذي تحدّث بفروغ صبر ،، لينطلق صوته بذات النبرة الجليدية ..
- كنت راقد .. شوه عندك ..
انخمد صوت حامد لبرهة .. قبل أن يأتيه معتذرا بحرج ..
- اسمحليه و الله .. ما دريت ..
رفع غيث حاجبا و هو يقول بصوتٍ قاسٍ ..
- متصل تتعذر .. خلصنا .. شعندك .. ؟؟
ردّ السكون إجابة لسؤاله .. قبل أن يأتيه صوت حامد أكثر هدوءا ..
- عندي ميعاد ..
لم تهتز ملامحه الثابتة و هو يقول ببرود ..
- ميعاد شوه ..؟
كانت اجابة حامد أكثر حذرا الآن ..
- قل ميعاد من ..؟ ميعاد بنت أبوية سيف .. ما تعرفها ..
اتسعت حدقتيه .. و هو يقف على قدميه فيما تعتصر قبضته الهاتف المحمول ..
- شووووووووووه ..؟؟!!!!!!
قال حامد بسرعة مفسّرا ..
- اصبر بفهّمك .. فيه حرمة يت بيت أبوية سيف .. و وياها ختها .. ياية مسيّرة لأميه نورة .. و يوم يلست وياهن .. قالت لها .. هاي ينت ريلج سيف .. و اسمها ميعاد .. و هو خاشنها .. و مادري شوه من علوم .. و ظهّرت أوراااق ثبوتيّة .. يا خوك لوراق كلها كاملة .. قانونية .. و الإسم ما فيه شك .. ميعاد سيف علي بن ××××× الـ ××××××× ،، و الــ ......
قاطعته زمجرة غيث الذي راح يتحرّك بجنون في الغرفة ..
- أميه نورة شوه سوت ..؟؟ شي استوى عليها ..؟! شوه قالت ..؟؟ يالسة الحينه ..؟ و الا تانس شي ..
صوت حامد المتوتّر فجر دوامات القلق في جوفه ..
- سادة عليها باب حجرتاا و ما طاعت تبطّل لحد .. و لا وحدة من البنات .. و لا أنا .. حتى حرمة عميه حمد دقّت الين بغت تكسّر الباب بس محد رد عليها ..!!
صرخ غيث بغضب ..
- انته غبييييي .. ترد علييييك شووووه ..؟؟ اذلف و اكسر البااااب يمكن استوى شي عليها و انتووو ترقبونها تبطّل .. ابووووية سيف وينه عنكم ..؟؟
- ابوية سيف في بيت عميه سعيد . عندهم عشا اهناك ..
أمسك غيث برأسه الذي راح ينبض بالألم .. و ذراعه التي توشك على التمزّق من فرط الوجع الساري بها ..
- و البنيّة ..؟؟ البنيّة وينهااا ..؟؟ وين سارت ..
سأله حامد باضطراب ..
- أي بنيّة فيهم ..
ليرد غيث بقسوة ..
- المشلولة .. ميعاااد وينها ..
- شوه درّاك انها مسلولـ ....
صرخ غيث بجنون ..
- ارمس ..
و انغرست الإجابة التالية رمحا في صميمه .. ليعتصر قبضته .. و يصر أسنانه و هو يوشك على تحطيم كل ما حوله ..
- فرتها ختها عندنا و شردت .. الحينه هي فاتحه مناحة مادري شوه سالفتاا ..!!
أمسك غيث رأسه بقوّة .. قبل أن يرفع عينه للسقف ..
اللعينة ..!
خولة .. لا بد أنها هي .. لا أحد غيرها قد يقدم على شيءٍ كهذا ..
ما الذي حدث ..؟
كيف تجرأت خولة على احضارها للبيت الكبير ..
أين نهيّان ..؟!
عليه أن يتصرّف .. عليه أن يتحرّك الآن ..
أعاد شعره الكث بأصابعٍ عصبية للوراء ..
صوته يرتفع مفرقعا .. آمرا .. يناقض ضعف الألم الذي راح يوهن قواه ..
- اسمع .. لي أقولك الحينه .. تسويه .. تسير و تشل البنية انته و عفرا .. افتحوا بيتي .. و خلوها فيه .. قل لعفرا تيلس عندها الين ما اوصل .. تسمع و الا لا ..؟؟! لا تفارقها الين أييكم .. يمكن خمس و الا ست ساعات و أنا واصل ..
- ان شا الله ..
تابع بقوّة ..
- باب حجرة أميه نورة تكسرونه .. تكسره اروحك .. اتييب عامل .. تثوّر في القفل .. سوو لي تسويه .. الباب ينكسر .. و أول ما تبطّل الباب تتصل بيه عسب أرمسها .. تسمع .. تتصلبيه يا حامد و اطمنيه عليها ..
الوجل يتسلل لقلبه ..
و الذعر على مخلوقين عزيزين ألقيا في دوّامة فجّر مخاوفة ..
لكنّ أكبر القلق ارتكز على أمّه ..
تلك الكبيرة التي أوصدت بابا على أوجاعها ..
أي مرٍّ تقاسي الآن لوحدها ..!

* * * * *

- عميه علي ما طاع ..؟! و الا أبوية سيف ردّك ..؟ ارمس يا ريال ..؟ بلاك ..!!
رفع أحمد نظره لهزاع المتعجّب ،، ثم أدار عينيه متأملا رحيل آخر الضيوف .. ليخلو مجلس عمّه الا منهم و من أعمامه ..
كان جدّه أيضا قد وقف مع ابنه مطر و حفيده نايف .. بنيّة واضحة للذهاب ..
شعر بأن أضلعه تضيق على الإحساس الذي يتضخم في داخله ..
و الكلمة لا زالت تبعثره .. و تجمعه ..
أ يستحقها ..؟!
نفخ بقوّة ..
نفث شعورا بالحرقة راح يخزّ صدره و رئتيه ...
تنهد هزاع و هو يقول بنبرة أخيرة ..
- انته بترمس و الا شوه ..؟!
رد أحمد بضيق ..
- أرمس .. شوه أقول ..؟
نظر له هزاع بقوّة ..
- شوه استوى بك .. سرت شويّة عند ابوية سيف و أبوك .. و رديت و حالك منقلب ..؟ حد منهم قال لك شي ..؟!
ابتسم أحمد بسخرية مريرة ..
سخرية من ذاته ..
ثم آلمته تلك السخرية .. فعضّ شفته بوجع و هو يتنهّد بقوة ... قبل أن يلتفت لهزّاع ..
- هزاع أنا تافه ..
نظر له هزاع ببرود ..
- ثرك من اليوم تافه ..؟ انته من عرفتك و انته تافه .. شوه اليديد ..؟
بطرف عينه ألقى عليه نظرة حقد ..
- محد تافه غيرك يا البطيخة ..
ضحك هزاع ..
- و انا شوه يخصنيه .. اروحك قلت انك تافه ..!! الاعتراف بالحق فضيلة ..
غطى أحمد وجهه بيده ..
- هزاع قسم بالله هب وقته ..!!
شعر هزاع بجديّة الموضوع .. فاستوى في جلسته ..
- أحمد .. ارمس .. شوه الموضوع .. هميتنيه عليك يا خويه ..
نظر له أحمد بألم ..
- أخاف أطيح من عينك ..!!
هز هزاع رسه ..
- لااا تخاف من هالناحية .. انته طايح من زمان .. خبرنيه .. الموضوع يخص المها ..؟!
نظر له أحمد بشيءٍ من العصبية ..
كره أن ينطق هزاع أسمها بهذه الأريحية .. أو حتى يتحدّث عنها ...
التقط هزاع نظرته بذكاء ..
- عن المها يعني ..؟! آآهاا .. رمست أبوك و ابوية سيف و ما طاوعوك ..؟!
شرد أحمد ببصره للأمام ..
- لااا هب هاي السالفة ..
- عيل شوه ..
سحب أحمد نفسا مختنقا عميقا و هو يضيّع نظراته في الفراغ ..
- تعرف أبوية سيف شوه قال يوم درى بالسالفة ..؟!
- شوه قال .. ؟!
التوت شفتا أحمد بمرارة بطيئة ..
- قاليه .. انته تشوف عمرك تستاهل المها ..؟!
أعاد هزاع ظهره بحذر للوراء .. و هو يترقّب ردة فعل أحمد على هذا الكلام ..
لكن الأخيرة نكس رأسه بألم ..
- تعرف شوه اكتشفت حزّتاا ..؟! انيه طول الوقت أقنع عمريه انيه باخذها .. و ماكل هم لي حوليه .. و شوه بيقولون .. أنا أباها .. و كيف بوصل لها .. أمايا ما بطيع .. و روضة متضايقة .. و هزاع يقول شفقة .. كيف أقنعهم انيه أتيوزها ..؟! تخيل هزاع ..!! مستهم من عمريه وايد .. و أناا وااثق انيه باخذها .. انها ليّه .. ما فكّرت فيها كانسانة .. غديت أخس عنكم كلكم .. و فخاطريه تحمد ربها انيه الصحيح المعافى باخذها .. يمكن ما كانت هالفكرة فباليه .. لكن كنت واثق انها بتوافق .. و ليش ترد واحد شراتيه .. شباب و صحّة .. و مال ..
ضحك بألم ..
ضحكة صدئة ..
مؤلمة .. أحرقت جوفه و هو يقتلعها ..
و فتتت قلب هزاع .. و روحه تلتوي وجعا على تمزّق ملامح أحمد تحت وطأة أفكاره ..
- بطران هاا ..؟ واثق من عمريه و انها ناقصة .. هزاع مادري كيف حسيت انيه خسيس .. و الله أحبها .. هي انسانة .. هب صخلة و الا بليّة .. يفرونها عليّه عسب يسترون بنتهم .. مادري كيف انحدرت أفكاريه و فكرت كذيه .. ما فكرت بعقليه .. بس كان في داخلي هالقناعة الخايسة انها تتمنى واحد صحيح .. و ما بتردنيه ..
جرّ عينيه الموشّحتان بالوجع ..
- أنا أستاهلها و الا لا ..؟! أنا ما أستاهل وحدة مثلها .. أنا و أفكاري الحقيرة هاي .. بس هزااع .. أحبهااا ..و الله انها في داخليه .. ما اعرفها .. و لا أعرف شوه فخاطرها .. لكنها دخلت قلبيه .. و دوم أفكّر فيها .. هزاع يا خويه .. ماريد أخسرها ..! ماريد ..!!
كلماته .. كانت تهوي كالحمم على روح هزاع فتحرقها ..
قربه الروحي من صديقه هذا جعله يقتسم الألم معه .. حتى و لو لم يكن له يدٌ فيه ..
مدّت كفّه ليشد على كتف أحمد بقوّة .. و يقابل انكسار نظرته بصلابة ..
- و إن شا الله انك ما بتخسرها .. و لو ردتك مرة .. حاول مرتين .. و ثلاث .. و عشر .. لا تخلي كل عثرة في دربك تردّك .. المها لك .. و لو قال غيرك هالرمسة .. و محد يستاهلها الا انته ..
لم يكن واثقا مما يقول ..
لكنّه راح يجتر الكلمات من أعماقه ليزرع الثبات في قلب أحمد ..
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
- نايف اسبق ابوية .. و هو بيي وراك الحينه ..
ما إن أوقف مطر السيارة في - حوش - بيت أبيه حتى نطق بتلك العبارة الآمرة لابن أخيه الذي نقل بصره بينهما قبل أن يترجل بسرعة .. و يغلق باب السيارة خلفه ..
شمخ مطر بنظره نحو البيت الكبير عبر النافذة .. يشعر بسطوة وجود أباه بجانبه ،،
سحب نفسا عميقا ..
لم يكن يعلم كيف يمكن أن يبلغه خبرا كهذا ..؟!
أراد أن يستشف الحقيقة من ردة فعله بعد تلقيه للخبر ..
كان تأكيد حامد في الهاتف قاطعا .. لا مجال للشك .. كل الأوراق صحيحة ..
و تصرّف غيث لم يكن إلا تأكيدا لذلك ..!
ما إن ارتفع صوت أبيه الغليظ الذي يناقض سنوات عمره بقوّته في السيّارة ..
- شوه عندك يا مطر ..؟
حتّى أيقن بأن التصريح المباشر هو الحل الوحيد ..
أنفاسه الهادئة .. ناقضت نظراته المتفحّصة لملامح كهولة أبيه ،، و نبضاته الثائرة ..
و هو يقول بصوتٍ معتدل ..
- ميعاد بنتك ترقبك داخل ..
تصلّبت أوصاله .. و وجهه يبهت بقوّة ..
شعر بأنه يتوهّم ما سمع للتو ..
لذلك خبت نبرته القوية و هو يسأل ..
- شوه ..؟!
أشاح مطر بنظره للأمام .. بعيدا عن شحوب ملامح والده ..
بعيدا عن صدمته ..
بعيدا عن الحقيقة التي تجلّت لحظة في طيّات تعابيره ..
ليكرر بهدوء .. فيما يتضخّم السخط .. الألم .. المرارة في قلبه ..
- ميعاد ..؟ نسيت بنتك ..؟ داخل بيتك الحينه ..!

* * * * *

 
 

 

عرض البوم صور زارا  
قديم 09-09-08, 05:47 AM   المشاركة رقم: 619
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ملكة الالماسية


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8455
المشاركات: 10,839
الجنس أنثى
معدل التقييم: زارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالقزارا عضو متالق
نقاط التقييم: 2892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زارا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

بسم الله الرحمن الرحيم ،،

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،

الخطوة القادمة بإذن الله بتكون عقب العيد ،،

تقبل الله منا و منكم الطاعات و صالح الأعمال ،،

و أثابكم كل خير ..

.
.

،،

 
 

 

عرض البوم صور زارا  
قديم 09-09-08, 06:05 AM   المشاركة رقم: 620
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 49564
المشاركات: 104
الجنس أنثى
معدل التقييم: رحلة أمل عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
رحلة أمل غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 


اهلين زوزو ازيك صباحك عسل
انا لست رحلة أمل
انا ام الرحله ياختي
طيب اذا انتهت القصه بقرائها وابشري من عيوني بقولك رأيي أما قصص غير مكتمله ماأحب أتعذب فيها..
والمندوب ابشري أنا مسويه له

 
 

 

عرض البوم صور رحلة أمل  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليتني غريبة, ليتني غريبة ابداع مستمر, ليتني غريبة وحشتيني يا بنت ربي يفرج عنك ياحلوة (بندقة), من ارووع القصص وارقاها.., من ارقى وأجمل القصص الخليجية, الأدب الراقي المستقى من البيئة الاماراتية بواقعيه, القسم العام للروايات, الكاتبة ليتني غريبة, ابداع الكاتبة الكبيرة ليتني غريبة, احب حور وغيث, اشتقت لحوووووووووووووووور ولغيث اووووووه يارب صبرنا, اسطورة دوما يا ليتني, اعوذ عليكِ بكلمات الله التامه من شر ماخلق..مبدعه ورب الكعبه, اقسام الروايات, حفظك الله من عيون البشر, خطوات تغفو على عتبات, خطوات تغفو على عتبات الرحيل, خطوات تغفو على عتبات الرحيل لكاتبة ليتني غريبة, خطواتٍ تغفو على عتبات الرحيل للكاتبة ليتني غريبة, روآية غير شكل آحآسيس خجوله^^, روايات مميزة, روايات خليجية, روايات كاملة, رواية خطوات تغفو على خطوات الرحيل, رواية خطوات تغفو على عتبات الرحيل كاملة, سيدة الضاد ليتني غريبة, غيثاني وربي انك مخبل فييني .الله يوفقك يااعسل.توقيذر فور ايفر.( زارتك)هخهخه, وهـ بس .. فارس فرسان الفرسان الشيخ طويل العمر غيث بن علي. المعروف بغيث زارا.., قلبي قلبي قلبي .. فديــــــــت ابوو العسل غـــــــ غيث زارا ـــيــ غيثي اناــث, قصة اماراتية تحكي الحب والبؤس والحرمان, قصة خليجية اماراتية ابداع ×ابداع
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:30 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية