لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-08-08, 01:22 PM   المشاركة رقم: 576
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 68234
المشاركات: 1,360
الجنس أنثى
معدل التقييم: سوارفسكي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 18

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سوارفسكي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هلا وغلا زازا تصدقين حتى انا شكيت انها تقصدك انتي قلت البنت مهيب سهله واسطتها قويه عند غيث دخلها في الروايه<<<هههههه
.....سلمت اناملك ليتني على هالابداع......
هالخطوه فعلا تحمل معنى السكون يمكن لأنها تتكلم عن اكثر شخصيه ساكنه وهادئه اللي هي المها
بنالنسبه لزواج احمد والمها اذا جينا للمنطق والمصلحه العامه شي كويس وممتاز كمان لأن عادتا هالفئه(الصم و البكم) يا انهم ما يتزوجو او يتزوجون من نفس فئتهم مما يزيد عامل الوراثه لهذي الاعاقه في نسلهم.......
لكن في حالة زواج شخص عادي(احمد) مع شخص مصاب (المها) تقل نسبة حدوث الاعاقه في اطفالهم وبناء على ذلك تقل نسبة الاعاقه في البلد ز......
طبعا انا ضد روضه في انها عارضت احمد صحيح انها تتمنى لاخوها الافضل بس قهرتني لما انكرت اطرائها للمها سابقا .....
في نفس الوقت اعجبني احمد لما ضرب مثل له بعمه حمد وما ضر ابدا عياله وانهم على قدر من الدين و التعليم .........
....... الصراحه ودي افصل واحلل اكثر بس ما اسعفني الوقت ......
...... ايه صح مبروك عليكم شهر رمضان الله يعينا على صيامه وقيامه ويجعلنا من السباقين للخير ....
زازا دمتي بود وسعاده

 
 

 

عرض البوم صور سوارفسكي  
قديم 27-08-08, 03:05 AM   المشاركة رقم: 577
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الاسطوره


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 71967
المشاركات: 63
الجنس أنثى
معدل التقييم: ليتني غريبة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 13

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ليتني غريبة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

► الخطـــــــــــــــوة السادســـــــــــــــــــة و العشـــــــــــــــــــرون◄



║ خطوات تتحرك ..! ║






بعد مرور أسبوع ،،

.
.
.
.
.
.
.
.
متأخرة كالعادة .. لكن لن يجرؤوا على محاسبتها ..
التوت شفتها المصبوغة ببرود .. في حين تخترق نظراتها المفعمة بالنفور زجاج نظاراتها الضخمة الداكنة ..
كانت بقايا أثر الحناء لا تزال تقاوم مستميتة على بياض كفّيها الشاحبين .. و هي ترفع أظافرا حمراء .. لتشد طرف غطاء رأسها ذو الكريستالات الحمراء .. حتى بدت كأضواء ليلة عرس ..!
إلا أن الضجر نُحت على انكماش أنفها المشمئز .. و على خطواتها المتمايلة التي تجرها كارهة نحو مكتبها ..
اسبوعين من غياب .. و لم تعتد بعد نفورها من كل ما حولها ..
أخذ كل شيءٍ يهمها يأخذ شكلا مغايرا لأحاسيسها السابقة ..
و كأنما كانت تختار ما تشعر به .. اما الآن فقط أصبحت مشاعرها الباردة تفرض الفراغ من حولها ..
وصلت لمكتبها .. لتتجاوز طاولة تلك الشمطاء .. ثم تلقي بحقيبتها على سطح طاولتها ..
شعرت بعيني حصّة ترتفعان نحوها لكنها تجاهلتها و هي تنتزع نظارتها .. يمكنها أن تلمس شيئا من الثقة و الجرأة في شخصية هذه العجوز منذ ان عقدت قرانها على الأستاذ فلاح .. أحد أعضاء الإدارة ..
رمت جسدها بكسل على مقعدها .. و رفعت يديها للأعلى تدس نعومة غرّتها .. فانزلقت أكمام عبائتها الخفيفة المفتوحة حتى منتصف الساعد .. كاشفة عن ساعتها الباهظة ..
و على بياض ذراعيها الناعمتين تقطّعت خطوط الحناء الزائلة ..
طالعت روحها الواهنة نقوش الحناء المتآكلة على ذراعيها ،،
حكاياتٌ من أكاذيب تسخر منها ..
أكاذيب كانت تتلوها على مسامع أيامها ..
تضيّع بها لحظاتها ..
لن تمسحها حتى تذوي ..
تريد أن تذكّرها هذه الخطوط أطول وقتٍ ممكن .. أين سرابٍ كانت ظامئة لترشفه ..!
- مبروك ..
كان صوتها النزق هازئا ..
لذلك قلّبت عينيها المتكبّرتين بإزدراءٍ تجيده .. دون أن ترد ..
تلتقي سخرية الشمطاء بكراهية بكماء ..
- انخطبتي ..؟
لا رد قد تجده على استصغارها سوى البرود ..
حتى ابتسامتها المتكبّرة التي لطالما ألقتها لتشعرها بانحطاطها .. أصبحت عملا صعبا للغاية هذا الصباح ..!!
تدير أذنا صماء لهذا الاستفزاز .. هذه المرأة مجرد حشرة ..
و الحديث مع حشرة لا يجدي ..
لا يمكنها أن تناقش صرصارا تفاهات أمورها .. بالتأكيد لن تفعل ..!!
و على هذه الفكرة وجدت نظراتها المحتقرة طريقا لعينيها الواسعتين المثقلتين بالكحل الأسود ..
و هي تديرها نحو حصة في نظرةٍ أخيرة .. رافقتها ابتسامة واثقة ساكنة ..
لن تستطيع هذه المرأة تقصي أي شيءٍ من خلفها ..
فلتظن ما تظنه ..
من هي لتكترث بتفكيرها ..؟!
بأصابعها الطويلة تدير جهاز حاسوبها ..
مفكّرة بأن هناك رسائل قد تنتظرها ..
رسائل مثل ماذا ..؟!
أي شخصٍ قد يكترث لإرسال شيءٍ ما لصاحبة مقالاتٍ ضئيلة لا تتجاوز أسطرها أصابع اليد ..
هه .. لا احدى يثرى بالرسائل كذاك الحر ..
لا بد أنه لا يتنفس من فرط ما يقرأ من معجبيه المغفلين ..
تماما مثلها ..
كانت تكتب ذاتها بغباء ..
ترسم روحها بعناية ..
فتحت بريدها الالكتروني بعنف مع هذه الذكرى ...
نظراتها تنزلق على العناوين بسرعة ..
بعضها مهم .. و البعض الآخر قد لا يكون شيئا ..
لكن نظراتها تصلّبت أمام رسالة واحدة ..
اتسعت حدقتيها حتى كادت تتشقق .. حين احتبست رئتيها الأنفاس ..
و بيدٍ غير مصدّقة ضغطت على هذه الرسالة تفتحها ..
لم تكن تتحكم بإرتجاف أصابعها .. و هي تتابع تلك الأسطر بسرعة رهيبة ..
دون أن تفهم شيئا منها ..!!
.
.
.
.
.
(( السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،
الأخت المرسلة : عوشة مطر سيف الـ ××××××× ،،
مستشفى ×××××××××
الطابق الثالث // قسم أمراض القلب
غرفة 1076
التوقيع :
قلم حر .. ))

* * * * *

- لا خلصت الشناط ..! كيف أوديهن ..!
كان الخوف يغزو صوتها .. و يعلم هو أنها ليست واثقة مما تفعل ..
- لا تودينهن .. ظهريها للدريول قبل لا تظهرين ختج .. متى قلتي نهيان بيرد من بوظبي ..؟
- باكر الصبح .. اسمع .. أنا ... أنااا ..
و تقطّعت أنفاسها .. قبل أن يتهدج صوتها مجددا معترفة ..
- أنااا .. خااااايفة من لي بسويه ..
لكن صوته القوي لم يترك لها خيار في الخوف حتى ..
- خايفة من شوه ..؟ انتي الين متى بتمين كذيه .. لازم اتقوين قلبج .. لو هب عشانج .. عشان ختج ع الأقل .. هب كاسرة خاطرج ..؟؟ يبونها اتعيّز عندكم و هي ما عرفت هلها ..؟ تظمن عمرها أصلا و الا عمر واحد منهم .. هاذوه واحد من خوانها راح .. و ضاعت فرصة انها تشوفه للأبد .. اذا هم هب مهتمين .. و هي عاجزة .. و نهيّان ما بيتدخل لنه يباها اتم عنده .. منوه بيعطيها حقّها .. صدقينيه .. هي محتاية وقفة حقيقية .. خدمة العمر ..
ثم همس بقوة ..
- قوي قلبج .. ما بقى شي .. أنا بلاقيج في المطار .. و ترى ما عيّلت بالردة الا عشانج ..
و راح يدس الأفكار في رأسها دسّا ..
- اذا تهمّج بتتذخين القرار .. و بتسوين الخطوة .. و هي عمرها ما بتنسى هالمعروف لج .. لا تنسين .. نتلاقى .. ارقبج انا ..
و تهاوت سماعة الهاتف من يدها بلا حياة ..
كان الأمر الذي ستقدم عليه خطيرا ..
و قد تخسر الكثير لأجله ..!
.
.
.
.
أصابعها المترددة اتخذ القرار عنها لتهوي قارعة على الباب الخشبي ..
لحظتين أمضتها في الوقوف قبل أن يتناهى لمسامعها رقة صوت أختها تأذن لها بالدخول ..
قدر ما أمكنت .. راحت تمسح أي آثارٍ قد تكشف ما هو قادم لأختها .. قبل أن تجرؤ على الدخول ..
كانت أختها تستلقي على سريرها بهدوء .. و تطالع التلفاز الذي كان مدارا .. لكن ما ان دلفت هي .. حتى استقطبت أنظارها .. و جمود علا ملامحها لبرهة قبل أن تليّنها بابتسامة باهتة ..
هه .. ما الذي تتوقعه بعد الكلام الذي قالته ذاك اليوم ..
لم يتحدثوا عن الأمر إلا أنها تعلم بأن حديثها ذاك خلّف أثرا سيئا في نفس أختها .. و ضيقا لا يفارق أخاها الأكبر حتى اليوم ..!
تقدمت بهدوء لتجلس على طرف الفراش و هي ترفع رأسها للتلفاز فيما يدوي قلبها بشيء من الاضطراب ..
شعرت بأن نواياها ترتسم بالخط العريض على جبينها ..
لذلك ابتسمت لميعاد بتوتر و هي تتساءل ..
- شوه اطالعين ..؟
هزت ميعاد كتفا دون اهتمام .. اذ بدا أن عينيها تمعنان النظر في ملامح خولة أكثر من التلفاز الآن ..
- فلم .. شايفتنه من قبل ..
أومأت خولة برأسها في بلاهة غريبة ..
- آهاا .. حلو ..
لوت ميعاد شفتيها ..
- عادي ..
- هممممم ..
ثم التزمت الصمت و لم تعد تعلم ما الذي عليها أن تقوله ..
راحت تطرقع أصابعها بتوتر جلي .. قبل أن تمتد يد ميعاد الناعمة لتمسك بكفّها و هي تسألها بهدوء ..
- خير خولة ..؟ شي فخاطرج ..؟
اتسعت عينا خولة على وجهها دون أن تجد الإجابة .. ابتلعت ريقها مرتين قبل أن تهمس ..
- لااا .. ماا شي ..
- متأكدة ..؟!
كانت عينا ميعاد الهادئتين تحثّها ..!
تحثها على مَ ..؟!
على الأذى ..؟!
راح قلبها يتآكل .. ببطء .. و هي تنحي أي مشاعرٍ قد تقف في طريق حل المشكلة الوحيد .. لتقول بصوتٍ مرتعش ..
- ميعاد ..؟ انتي زعلتي من الرمسة لي قلها هاك اليوم ..؟ ترى ما كان قصدي انـ .. ميعاد و الله انج هب مثقلة عليـه بس كنت متضايقة و محتايـ ...
على كفها أطبقت أنامل ميعاد الهشّه و هي تقول بهدوءٍ مقاطعة ..
- أوششش .. بس خولة .. ما أرقب منج مبررات .. هذا حقّج و أقل من حقج بعد .. و والله انيه استانست يوم انج بديتي اتفكرين بعمرج اشويه .. الين متى بتمين دافنة حياتج هنيه ..؟ لا اتشوفينيه ع الكرسي و ماروم أسوي شي .. اروم أعتمد على عمريه .. خولة .. ما اتضايقت أنا صدقينيه .. أبا راحتج شرا ما انتي ادورين راحتيه ..
و ابتسمت بألم لم تستطع اخفاءه ..
- ما بقول ان الرمسة ما حزت فخاطريه ساعتاا .. لكن فكّرت شويه بدون أنانية .. طول عمرج و انتي تراعينيه و ادارينيه .. هب معقولة لنج فكرتي مرة فعمرج أعتب عليج .. و الا أشوفج انانية .. الأنانية أنا .. لنيه طول الوقت أعتمد عليج مع انيه أروم أدبر عمريه .. ايديه هب مشلولات .. اروم أحركهن و أشتغل ابهن .. ما عليج من رمسة نهيان .. هو تضايق لنه انصدم بسالفة السفر .. و هب حاسب حسابها عقب ما ابوية سيف رفض ..
قبضة هائلة من ألم راحت تعتصر فؤادها الذي يتقاطر وجعا و هي تنظر لأختها ..
كرهت نفسها في تلك اللحظة .. و الشك يراودها للمرة المليون ..
أيكون ما هي مقدمة عليه في مصلحتهن ..؟ ألن يؤثر ذلك على ميعاد سلبا ..؟!
كبحت جماح دموعها الساخنة .. و راحت تزدرد عبراتها باختناق .. قبل أن تهرب بأنظارها بعيدا لتحزم هذا الحديث المُحطّم و الذي لا تعرف أختها أي أثر يخلفه فيها ..
بهمسٍ متألم ..
- انزين ميعاد .. يمكن طلب ..؟
أومأت ميعاد ببساطة ..
- طلبات غناتيه .. آمري ..
يا الله ..!! كيف يخزّها الألم ..
يمزّقها ..
لكنّها الوقفة الحقيقية ..
الشيء الذي يمكن أن يقلب مسار كل الأمور ..!!

* * * * *

ُفتحت ضلفتي الباب على اتساعها بفظاظة مقصودة ..
تعمّدت الكف الدافعة من خلفها أن تجذب الأبصار الموزّعة بين طاولات المقهى الجامعي ..
ابتسامة ملتوية تلك التي لاكتها شفتيها الجافتين و هي تشمخ بنظرة كريهة على الرؤوس المتوزّعة ..
متجاهلة شتى النظرات التي توجّهت لها و لصاحبتها التي تجرّ معها ..ما بين احتقار .. و ازدراء .. و كراهية باردة ..
لا تجد سببا حقيقيا لتكلّفهم هذه المشاعر التي تصرخ بها ملامحهم .. !!
التفتت لحمدان حين انزلق صوته الخشن الثقيل يقول قرب أذنها ..
- شوفيها اللي عند الكورنر .. يلعـ ××× .. عليها جسم ..!! آآآآه فديت ميلة الخصر بس .. ليتها عنـ ....
لم تعد تنصت لسيل الكلمات المنحرفة المتدفق من فاه حمدان القذر .. ارتدت ابتسامتها الباردة المعتادة .. و من بقعة منطوية تحت أكوام الخرائب في روحها .. انطلق صراخ مفزع ..
شيء يمزّق أعصابها بجنون .. و هي تتجاهل كلمات حمدان .. لا تريدها أن تحفر عميقا في داخلها .. فيشتد صراع الظلمة لهذه الليلة ..
شعرت بيد – حمدان – الساخنة تتسلل لكتفها .. فانطلقت قشعريرة عميقة على طول ظهرها نفضتها بذعر و هي تنأى بنفسها بعيدا عن متناولها .. و تقطب ناظرة إليها بغلظة ..
- خير ..؟
التوت شفتي حمدان بابتسامة بطيئة .. فيما تتجاوز عينيها رأس شيخة لما خلفها .. و هي تومئ لها بمكر ..
تبعت شيخة نظرتها .. لتجد أنها مسلّطة على الطاولة التي تتوسط المقهى و يعتدن الجلوس عليها دوما ..
لطالما اختلقت حمدان الشجارات .. كي تثبت أحقيتها في هذا المكان ..
طريقة طفولية تافهة .. لكنها تتمتع باظهار رجولتها الكاذبة ..
الآن تقبع على الطاولة التي تخلو عادة مع قدومهن .. فتاة لا ترى منها إلا ظهرا عريضا تديره اتجاه الباب ..
زحف صوت حمدان الغليظ لمسامعها ..
- آآآه .. ع الخاطر .. من زمان وديه ألعن أم وحدة من بنات الـ ×××××× ..
تصلّب ظهرها من بذاءة الكلمة التي نطقت للتو .. و استدارت نحوها بحاجبٍ نصف مرتفع .. لتجد ابتسامة حقودة ترتسم على شفتيها .. و هي تدفعها للأمام متقدمة نحو الطاولة ..
- تعالي شيخاني .. بنلعب وياها شويّة ..
وجدت شيخة أنها تتبع خطا حمدان الآن .. تمشي بذات التبجح الرجولي المصطنع و هي تدنو من الطاولة ..
لكن ما ان اقتربت من الطاولة بابتسامتها الباردة .. حتى تصلبت شفتيها و عينيها تلتقي تلك النظرة الباردة .. لتتجمد قدميها و هي تمعن في العينين المألوفتين .. للفتاة التي تجلس مقابل طاولتهم المعتادة ترقب تقدّمها المتبجح ..
لم تبالي بحمدان و الضجة التي راحت تثيرها الآن مع الفتاة التي تحتل طاولتهم ..
و الجليد يحتجز عينيها .. قبل أن ترفع الفتاة حاجبيها ببطء ..
و تشيح شيخة ببصرها عنها .. لتتقدم نحو حمدان ..
لما العجب ..؟!
لطالما التقتها هنا .. لكن ما تعرفه من روضة أنها أنهت الفصل الدراسي .. و لا تبدأ الآن سوى الفصول الصيفية ..!!
أ يعقل أن تأخذ فصلا صيفيا و هي ستتزوج عمّا قريب ..؟!
نحّت الأفكار عنها جانبا و التوتر الذي تسلل لها يذهلها .. لم تكترث لها يوما أو لأخواتها ..
أو تبالي بهن .. لم تسعى للرفقة التي لهثت خلفها روضة ..
و لا تكترث ان كانت تنظر اليها الآن أم لا ..!
وقفت قرب حمدان و هي تنحي جميع أفكارها جانبا .. و تواجه وجه القتاة الجالسة على طاولتهن ..
سرعان ما جحظت عيناها بصدمة و هي تواجه الملامح العريضة للفتاة التي كانت حمدان تميل عليها بجسدها كلّه و تلامس خدّها بأصابعها ..
- هااا حبوو .. وين لسانج ..؟؟ هاي طاولتيه .. شوه اتسوين هنه ..
تجاهلتها الفتاة السمينة ببرود جم .. و هي تقف على قدمين متثاقلتين و تدفع يد حمدان الكبيرة باشمئزاز ثلجي .. ثم تستدير نحو شيخة بهدوء ..
- مرحباا شيخة .. من الصبح يالسة أرقبج ..
مدّت يدها تنوي السلام .. لكن شيخة استمرت في التحديق متجاهلة اليد الممدودة ..
لا يمكنها أن تصدم بوجود وجهين في أقل من دقيقة ..!!
نقلت حمدان ناظريها بينهن .. و شعرت شيخة بنظرات الجالسة على الطاولة المقابلة تخترق رأسها .. و تشارك كل من يرتقب شجارا مفتعلا ..
لكن أحدا منهن لم يتحرك .. حمدان تشخر بسخرية متسائلة ..
- شواخ .. تعرفين هالدرام ..؟؟
تجاهلتها شيخة و هي تقول ببرود مُحتقر للفتاة ..
- شوه تبين ..؟؟
كانت الفتاة ثابتة للغاية .. لا يخيفها ميلان جسد حمدان الطويل نحوها .. و هي تستعد لاستعراض قوتها ..
- ابا أرمسج ..
دفعت حمدان صدر الفتاة بيدها لترغمها على التراجع خطوة بعنف .. ثم تقف بينها و بين شيخة و تواجهها ..
- و هي ما تبااا ترمسج .. شوووه عندج ..؟؟؟
رفعت رأسها تنظر لحمدان بكراهية صامتة .. قبل أن تميل رأسها لتتجاوز حجم الجسد الماثل أمامها .. و تلتقي نظرات شيخة المتصلّبة ..
- شيخة لازم أرمسج .. فيه شي فخاطريه ..
وضعت حمدان راحة يدها على وجه الفتاة و دفعته بقوة للخلف ..
- خليه يخيس فخاطرج .. بو تمبة .. انتي ما تفهمين .. ماااااااااااا تباااااااااااا ترمسج ..
أمسكت الفتاة يد حمدان تنزلها بقوة ..
- احترمي نفسج .. و لا تلمسينيه .. ليش رازة بالويه .. انا أرمس شيخة ..
ضحكت حمدان بفظاظة مقصودة .. تعمدت أن تجذب الأنظار نحوهم أكثر فأكثر ..
- و الله ..! خفت وايد ..!!!
ثم اختفت ضحكتها و هي تجذب ياقة عباءة الفتاة نحوها بقوة ..
- ايييييييييه يا البقرة .. لا تخلينيه الحين أخبص ويهج .. و أخسس كرشج غصب .. قلنا البنت ما تبا ترمسج ..
كانت شيخة تقف دون أدنى رد فعلٍ واحد .. سوى قولها بصوتٍ فاتر ..
- أسماا توكلي .. ما بينيه و بينج شي ..
قالت أسماء بعناد و هي تحاول الافلات من قبضة حمدان ..
- بيننا أشياء .. كنتي خويتيه .. و أعرفج أحسن من هالأشكال ..
أمسكت حمدان أنف أسماء بين ركبتي اصبعيها السبابة و الوسطى .. و لوته بعنف حتى احمر وجهها و كادت عينيها تدمع ألما ..
- لااا لساانج طويل بعد .. شكلج تبينيه أقصه ..
تشبثت أسماء بيد حمدان تنتزعها من وجهها ..
- عنلااااااتج يا الحيوانة ..
قطبت شيخة و تحرّكت للمرة الأولى تكلّم حمدان ..
- حمدان ودرها .. خلها بتسير ..
التفتت حمدان نحوها ..
- خلينيه ألعن خيرها .. و أربيها ..
- ودرها .. أنا وهي نتفاهم ..
دفعتها حمدان بقوة .. متظاهرة بطاعة ساخرة .. و عادت أسماء للنظر إلى شيخة مباشرة ..
- شيخة ابا أرمسج خمس دقايق .. يمكن ..؟
رفعت شيخة حاجبها بنظرة ثلجية ..
- أسموه .. دوري سلامتج .. و انقلعي من حيث ما ييتي .. ما بينيه و بينج شي ..
سحبت أسماء نفسا عميقا قبل أن تزفر ببطء .. فيما تراقبهم حمدان و هي تجلس على الطاولة و ترفع قدميها على أحد الكراسي .. لتقول الأولى ببطء ..
- شيخة .. لا تحسبين ردة فعل البنات هاك اليوم عيبتنيه .. لو انا أعرف انهن بيسـ ..........
شعرت شيخة بالكراهية و الغثيان تطفوان على سطح مشاعرها مرة أخرى .. و الألم الأول الذي أعقب كلمات صديقاتها يتجدد بقوة ..
يندفع في شرايينها .. يتفجّر في داخلها ..
و ينفتق الجرح مرة أخرى .. عفنا .. متآكلا .. كريه الرائحة و المنظر و الإحساس ..
يكاد يقتلها سوادا ..
كم مضى على تلك الكلمات يا ترى ..؟!
الآن تذكّرت أن تعتذر عنها .. حين أوشكت هي على النسيان ..!!
و أوغلت في الضياع ..؟!
صرت على أسنانها بغضب متوجّعٍ أعمى .. و صوتها الغليظ المخشوشن يخرج نافثا سمومه ..
- ياكلن ×××× و انتي وياهن .. ما حفلتكن و لا امتحنت من رمستكن .. لنكن ما تسون ظفر ريولي اتعرفين و الا .. و الشي لي يعيبنيه انا أسويه ..
ابتلعت أسماء الإهانة و هي تقول بهدوء ..
- شيخة انتي ما كنتي كذيه ..!! كنتي غير .. شوه استوى عليج و غيرج ..
رفعت شيخة رأسها للأعلى باستهزاء يستر ألمها أمام هذا السؤال .. و أدارت رأسها لتبصق عند قدمي أسماء ..
ثم ترفع وجهها نحوها و تميل برأسها بصوتٍ حاقد ..
- و انتي شوه لج .. كنت كذيه و الا ما كنت كذيه ..
- انتي خويتيه ..
- و انتي ما تيين بمعاش خدامة فمطبخيه ..
هنا كانت شيخة قد تجاوزت الحدود كثيرا .. نظرة خيبة متألمة ارتسمت على ملامح أسماء الممتلئة .. و هي تهز رأسها بأسف ..
- مشكورة يا الشيخة .. يزاج الله خير على هالرمسة ..
هزت شيخة رأسها و هي تلوح بيدها أمام وجه أسماء ..
- عفوا .. تبين غيرها ..؟؟ عندي وايد ترى ..
التقطت أسماء حقيبتها بعد أن ركلتها حمدان من على الطاولة بضحكة عالية ساخرة ..
- ويييييييييييييييييييو .. سوّوووووولهااااااااااا ..
انتصبت قامة أسماء الممتلئة بشيء من الجهد تلقي نظرة أخيرة على شيخة ..
- تغيرتي ..!!!
التوت شفة شيخة بابتسامة كريهة .. حتى و أسماء تردف بصوتٍ خافت و هي تمر قرب شيخة ..
فلا يسمع غيرها تلك الجملة الأخيرة ..
- لا تخلين هالحثالة تضيّعج .. ترى محد خسران الا انتي ..
و سرت قشعريرة باردة على طول ظهر شيخة .. فيما أحست بأن شعرها القصير يقف دون سبب ..!
حين تزحزح جسد أسماء العريض .. كشف عن الطاولة التي تجلس عليها الفتاة الأخرى .. و هي تنهض من مكانها محدّثة صديقتها التي التقطت جهاز حاسوبها المحمول .. و يتحركن للتوجه نحو الباب ..
ما ان مررن بالطاولة التي تقف أمامها شيخة و تجلس عليها حمدان ..
حتى رفعت تلك عينيها المحتقرتين لشيخة بنظرة قويّة لائمة و خائبة ..
و تجاوزتها مع انطلاق صفرة تشبه العواء من فم حمدان الذي راحت تحدج جسد الفتاة الطويل بنظرة فاسقة ..
- آآآه فديت الطول .. بالهون حبي .. دقة الخصر تعيبني .. هيييييييه .. هييييييييه يمين .. يسار .. عطيناا ويه ..
ثم ضحكت بقوة و هي تعيد نظرها لشيخة التي نظرت لها بعنف ..
- ليش زعلانة ..؟؟ ع النظرة لي عطتج اياها .. ألين راسها لج لو تبين ..؟؟ عيبتج ..؟ يومين عطينيه و أخليها تربع وراج شرا الكلبة ..
كانت تقولها بصوتٍ متآمر منخفض .. و هي تميل نحو شيخة ..
في حين عدن بعض الجالسات حولها للتشاغل فيما بينهن ..
فيما لا زال البعض يراقب تحركات الاثنتين بالإزدراء الأبدي الذي يثقل صدرها الآن ..
رفعت عينين حاقدتين لحمدان و هي تقول بصوتٍ جاف ..
- هاي حرمة خويه ..
اتسعت عينا حمدان بصدمة .. ثم ضحكت مرة أخرى بغلظة و هي تبتلع دهشتها ..
- أوووووووه .. أوووووه .. و أنا أقول نظرتها نار و شرار .. ضبطينيه وياها .. و الله لنسيها خوج و علومه .. يلعـ ××××× ،، عليها جسم .. يا حظ خوج ..
إحساس متأخر بالغثيان راح يتفاقم بداخلها و هي تشيح بناظرها عن كتلة القذارة هذه ..!!
لترتطم بالنظرات المشمئزة المليئة بالقرف .. و الإحتقار .. و الإستصغار ..
ملامح ملتوية ..
ترمي غثيانهم من شاكلتها في وجهها ..
تصرخ بها ..
تلومها .. و تعايرها ..
أي مسخٍ هي ..
لا تختلف عن حمدان .. قريبا ستنجرف أكثر لتفوقها اتساخا ..
راحت عينيها تدوران في محاجرها بجنون ..
أوجه تشيح .. و أخرى لا تبالي بها .. تعلمها برأي أصحابها بكل وضوح ..
يا الله ..!!
كم هي قذرة .. و تنغمس في مستنقع رذيلة حمدان أكثر و أكثر ..
شتائمها .. تصرفاتها .. تبجحها بانسلاخها .. و تشوهها ..
صوت حمدانٍ يأتي من البعيد .. أحرف بطيئة .. تخترق صخب الصراخ في داخلها ..
تزحف لترتد أصداءً مضاعفة ..
صراخ .. صراخ ..
حمدان تمتدح حنايا عفرا .. زوجة أخيها هي ..!!
الكثير من القذارة ..
نظرات الإشمئزاز ..
الأوجه ..
راحت الرؤيا تهتز أمامها بجنون .. و الأصوات تتعالى في رأسها ..
لتندفع بجنون للأمام ..
تهرول بضياعٍ و فزع ..
ترتطم بهذه .. و تدفع تلك ..
سبابٌ من هنا .. و صيحات إعتراض من هناك ..
.
.
و لا تعلم ..!
كيف وصلت للحمامات التي تقصدها يوميا للتجرد من تظاهرها أمام أخيها الأكبر ..
لترتدي انحرافها .. و تصرخ به في مجتمعٍ لا تصله عيون أخيها ..
تحشر نفسها في إحدى الحجر الضيّقة .. لتنكمش في زاوية الحمام ..
قذارة .. كما هي تماما ..
تحتضن ركبتيها بارتجاف ..
و غثيانها يثور بجنونٍ في داخلها ..
يطفح في ملامحها الممزقة ..
و هي تجلس على بلاط الأرضية ..
فيما رثاءٌ غريب .. بلا سبب .. يعتصر روحها ..
و اشفاق على الذات ..
لترخي أهدابها .. و هي تنتفض تحت شهقاتها المكتومة ..
و تتشرب مرارة دموعها ..
.
.
أي انحطاط ستبلغ بعد هذا يا ترى ..؟!

* * * * *

بأطراف أناملها الناعمة ،، تداعب القائم الأسود الحديدي الذي يرفع إحدى مصابيح إضاءة التصوير المتعددة في القاعة ..
و ابتسامة رقيقة ترتسم على ملامحها العذبة .. تحفر وخز غمّازة حلوة في إحدى خديها بوضوح ..
فيما يرتسم ظلٌّ لثقل أهدابها الطويلة على وجنتها الصافية ..
متجاهلة النور الساطع الذي يغزو نظرها بتسلط ..
إحساس ضخم ينتشي به صدرها ..
يتفجّر الحماس فيها .. يطفح من عينيها .. و خلجاتها التي ترتسم على ملامحها الحلوة ..
تحركت عينيها على وسع القاعة الفسيحة .. تتأمل قوائم الإنارة الموزعة بعناية ..
أهداف التصوير المقصود التدريب عليها ..
العشرة فتيات المشاركات بالدورة خلافها .. و أربعة مشرفات ..
شعور بانها مراقبة جعلها تستدير للخلف .. لتلتقي بالعينين المهتمتين اللتان كانت تقرآن تعابيرها بوضوح ..
شابة تجاوزت العشرين بسنوات كما هو واضح .. تقف أمام أحد أعمدة الإضاءة و تتساند عليه بيدها ..
ما ان طالعتها المها حتى استقبلتها بابتسامة متّسعة .. ترحب بها .. و هي ترفع راحتها في الهواء بالتحيّة ..
ابتسامة خجولة صغيرة نمت على شفتيها الناعمتين و هي ترفع يدا مترددة بدورها ..
سرعان ما خفضتها بتوتر مع تقدّم الشابة منها .. و انكمشت أصابعها بتوتر ..
حافظت على ابتسامتها تستقبل قدوم الشابة التي تحرّكت بنشاط .. لتصل إليها في ثانيتين بيدٍ ممدودة .. و ابتسامة ودودة .. بعد ان حرّكت يدها باشارة - السلام عليكم - ،،
ردّت المها بتلقائية المعتاد على هذه الطريقة .. قبل أن تنحني كفّها لمصافحة الفتاة ..
ثم تبادلن اشارات السؤال عن الحال بسرعة ..
لا زال الاضطراب يطبق على تصرفات المها التي لم تعتد الاختلاط كثيرا طوال حياتها ..
و تمنت في داخلها لو أن الفتاة التي تبيّن من خبرتها في لغة الإشارة بأنها صمّاء أن لا تطيل الحديث ..!
فهي لا تجيد لغة الإشارة اجادة تامة ..
كانت الفتاة تسأل بيديها ان كانت المها مشتركة في الدورة كطالبة ..
فإكتفت بإيماءة ايجاب تختصر كل شي .. قبل أن تسألها من باب اللباقة السؤال ذاته .. تعيد ذات الحركات في حركة ارتدادية مؤدبة ..
لتهز الفتاة رأسها نفيا .. و تشير بيدها في إشارة معلّم ..
اتسعت عينا المها بخفّة في دهشة .. و هي تسألها مجددا ..
معلّم ..؟!!!
ابتسمت الفتاة .. و أشارت للمعهد .. و انها هنا طالبة .. و معلمة ..
قطبت المها دون أن تستوعب ذلك ..
قامت الفتاة بعدة حركاتٍ سريعة بيدها لم تستطع المها مواكبتها بعينيها ..
فاستفسرت بعينيها الصامتتين .. أن ماذا تعني بالطلب و التعليم هنا ..؟!
لكنّها لم تلقى جوابا على سؤالها الصامت .. أي أن الفتاة لم تفهم نظراتها .. فجأة التفتت الفتاة للخلف و كأن شيئا استرعى انتباهها .. و أمام دهشة المها التي راحت تراقب حركة شفتيها و هي تتحدث لإحدى المشرفات في الزاوية القاصية من القاعة ..
قبل أن تعود للمها بنظرها و ذات الابتسامة الودودة ..
ابتلعت المها دهشتها .. و رفعت يدها في إشارة كلمة - أصم - قبل أن تلوّح ناحية الفتاة ..
فضحكت الفتاة بخفة .. قبل أن تشير لها بكلمة - سليم - ثم ترفع عينها للسماء بإشارة - الحمد لله - ..!!
قطبت المها .. و حركت يدها بسرعة في حركة اشارة .. و تمنت لو أن الشابة تفهم سؤالها ..
سرعان ما أومأت الفتاة برأسها و هي تحرك يدها و الشفتين .. أشارت للإصبع الرابع في حركة ادخال خاتم ..
لم تعلم المها ان كانت هذه الاشارة تعني في اللغة المعتمدة - خطيب - لكن هذا ما فهمته من الفتاة ..
فمدّت يدها إلى حنجرتها تلتمس ضجيج صوتها .. و هي تسأل بأحرفها التي لا تسمعها .. لكنها تشثق بأنها تصل للفتاة مكسّرة ..
- خاااتيييب ..
أومأت الفتاة بحماس .. و قبل أن تعاود حركة ادخال الخاتم .. ثم تشير بكلمة - أصم - ..!!
ذهلت المها .. أمام غمزة الفتاة ..
خطيب أصم .. !!
لم تعرف بما قد تجيب ... سوى بحركة تدعو التوفيق .. ثم تشير بكلمة - الله تعالى - ،،
و كانت تتمنى التوفيق من قلبها ..
لم تذهلها فكرة أن يتزوج سليم بمعاقة ،، أو العكس ..
عايشت هذه التجربة في الواقع ما يقارب العشرون سنة .. كانت عمرها بأكمله ..
زواج أمها الضعيفة .. بقوّة أبيها السليم .. لم يكن يعطي إلا بعدا حقيقيا لمثل هذه الفكرة ..
تذكّرت خشونة تقاسيم وجهه الكالح الحبيب بألم ..
و ابتسمت بانكسار للفتاة التي تشاغلت بالإنارة ..
كم كانت تحبّه .. و تفتقده الآن ..
احساسٌ بالخواء راح يراودها مؤخّرا ..
انسحاب بعضٍ من أحبتها .. و تركهم للأدوار التي اعتادت أن يلعبوا في حياتها .. كان يبعثرها طويلا قبل أن تتحامل على نفسها و تلملم بعثرتها ..
لن تستطيع الإعتماد على الناس للأبد ..
توفي والدها ..
حور تزوّجت .. و توشك عفرا على اللحاق بها ..
و لو انتظرت فلن يطول الوقت بنورة و دانة ليسلكن ذات الطريق ..
عندها ستجد أنها برحيلهم تقف في منتصف بقاعٍ خالية بلا سند ..
و لو كانت تتمسك بالإعتماد عليهم ..
فلن يفيدها ذلك حال غيابهم ..
تشتاق لحور ..
تشتاق لها بقوّة ..
و مع حرمانها من سماع الصوت و الرؤية ..
تضاعف الشوق برؤية الغير يتغنى بتواصلها .. فيما تصلها الرسائل على ألسنتهم ..
و تلويحاتهم ..
.
.
وفّقك الرب حور ..
أبتهل له كي تكوني سعيدة ..
و أنفح مخدّتي الدعوات .. لتتقاطر دمعا أحيانا .. و أحيانا أخرى ابتسامات وله موجع ..
أرسل كل أمنية طيبة لك إلى السماء ..
لا أريد أكثر ..
سوى أن تفتح لكِ أبواب البهجة .. بعيدا عن طرقات الشقاء ..
تستحقين حياة وردية ..
تختلف عن سواد ما أرّق إحساسكِ بالهموم و المسؤوليات دوما ..
حور..
يا قلبا من ذهب ،،
كوني سعيدة ..
لأجلي على الأقل ..!

* * * * *

شمس الصيف لم تكن أقسى كما هي الآن ..
تسلّط حرارتها بجبروت الطبيعة البدائية الأزليّة لتكوي ظهر الصخور السوداء ..
تربض تحت حرارتها عمالقة الصخور .. جبال ضخمة راحت تهيّمن على الأرض بظلّها العملاق ..
و في بقعة هي الأقرب من إحدى القمم الشاهقة ..
لا تتبين الأعين .. الحصي التي ضُغط عليها بقسوة بحذاءه .. لتتفتت .. و تتزحزح ..
ثم تتساقط ممتزجة بحفنة من الصخور و الأتربة المسحوقة ..
تهوي من علوّ .. فيما تلتمس القدم المكسوّة بالحذاء اللين ذو البطانة المطاطية مكانا آمنا لها ..
تتمسك يده اليمنى الكبيرة وحدها بالنتوء البارز فيما تطبع خشونتها أثر المسحوق الأبيض على الصخرة .. و يتحامل على ثقله .. و هو يعيد اليسرى إلى الوراء يدسها في جيبه الخلفي الممتلئ بالمسحوق الأبيض الجاف .. قبل أن ينتزع جهاز زرع المسامير من جيب الحقيبة الأقرب بخفّة .. يده اليسرى وحدها تعمل بتحكم عجيب ..
جسده العملاق معلّق في الهواء .. فيما يوشك على قلع الصخور من أماكنها من فرط تعلّقه ..
جهاز غرس المسامير يصدر التكّة الصاخبة المألوفة .. قبل أن يعيده ليلتمس المسمار المدبب الغليظ .. و يحاول انتزاعه بقوة ..
يقاوم المسمار مستميتا .. ليطمئن هو إلى ثباته .. ثم يخرج إحدى الحلقات العديدة المعلّقة في السير القريب من صدره ..
يعلّق ثقبها المقصود بالمسمار .. و يثبّتها .. قبل أن يجر طرف الحبل ليدسّه في وسط الحلقة .. فيضمّها للحلقات العديدة المتفرّقة التي كان قد علّقها أثناء تسلّقه ..
رفع عينه للأعلى ليصطدم بالشمس تغرس أنصال نورها في حدقتيه القاتمتين ..
تلوّح وجهه الأسمر بقوة .. و هو يضيّق عينيه في مواجهتها ..
لم يتبقى أمامه الكثير ليصل إلى القمة ..
هذه المسافة سيثبّت فيها حلقة أخرى فقط .. ثم سيبلغها ..
رفع يده يناظر الساعة الرياضية .. الخامسة و النصف عصرا ..
أمامه ما لا يقل عن ساعة و نصف على المغيب ..
سيبلغ القمة .. ليرتاح .. ثم ينزل قبل أن يهبط الظلام ..
و أمام هذا التفكير .. راح يتحرّك بهمّة أكبر ..
أصابعه الطويلة تحكم قبضاتها على مكامن قوة الصخور بقسوة ..
فيما يدس أقدامه بعناية الخبير في المواطئ التي يعلم أنها تتحمل ثقله ..
بليونة بطيئة .. راح يتدرّج نحو القمة البادية في الأعلى .. ليتوقّف مرة واحدة .. مثبتا حلقة أخرى يمرر الحبل الغليظ عبرها .. ثم يتابع المسير متحدّيا سخونة الشمس و الصخور .. متجاهلا رغبته في نزع الخوذة ليمسح العرق الذي راح يملأ رأسه .. و جبينه .. و جانب وجهه مغرقا لحيته ..
ذات العرق الذي راح يبلل ملابسه .. منديّا الجفاف و الشمس تبخّره ..
شيئا فشيئا .. راحت القمة تدنو من يديه ..
تنحني له ..
ليبلغها ..
و بجهدٍ أخير .. رفع نفسه بقوة .. ليعتلي الرأس الصخري المستوي ذو الأرضيّة الصخريّة الخشنة المعالم .. بحوافها المتكسّرة .. و الهوة المخيفة في الأسفل ..
نصب طوله .. و هو يمدد ظهره براحة .. فيما دفق بارد من الهواء يناقض سخونة أشعة الشمس راح يلفح وجهه المبتل بالعرق ..
نزع خوذته عن رأسه .. و هو يمد ظاهر ذراعه متجاهلا يده المغطاه ببياض الطبشور .. ليمسح جبينه و جانب وجهه بشبه ابتسامه ..
كانت عضلات وركيه و الساقين و ساعديه تئنان بتعب .. هذا المجهود لم يبذله منذ ما يقارب السنة ..
تسلّق الجبال ..!
فتح عينيه على اتساعها و هو صدره ينتفخ بقوة حين سحب نفسا عميقا لرئتيه .. يتنفس نقاء الهواء هنا بعد الغبار الذي تجرعه أثناء تسلّقه ..
هوايته هذه ابتدأت منذ كان يدرس في الخارج بعيدا عن عائلته ..
يشغل أوقات فراغه في التسلّق ..
الجهد الجبار الذي يبذل .. التفكير .. خطواته المدروسة .. الحذر .. التحرك بخفّة .. و بحكمة ..
الصبر .. الصعود للأعلى .. تقوية العزيمة .. المثابرة على الوصول ..
و أخيرا ..
القمة ..
المكان الذي يعشق ..
مكانه وحدة ..
و شمخ بأنفه بنشوة حقيقية ..
شعور بالنصر يخالجه دوما كلما بلغ قمّة ما .. و لا تختلف قمم الجبال عن غيرها من القمم ..
ذات المجهود الذي يبذل .. و النيل العظيم الذي يتبعها ..
يجيل نظراته للأرض البعيدة .. و عمق الهوة في الأسفل ..
( وادي البيح ) ،، هو المكان الذي يرتاد بسريّة منذ وقتٍ طويل ..
فرصة للتحكم .. للتفكير .. و الهدوء ..
و وسيلة قوية للانضباط ..!
الإنضباط ..!
هذا بالضبط ما يحتاجه مؤخّرا ..
ابتلع جرعة من الهواء .. كادت تخنقه برودهْ .. فيما لا يزال غضب الشمس يلذعه ..
الانضباط ما يحتاجه .. و ما يمارسه ..
بخلاف تشريح روحها ببطء قاتل ..
و هو يمضغ أحاسيسها .. و كرامتها .. باستمتاع كريه ..
يتجاهل وخزات الألم ..
فيما يوغل الجراح ..
في أعماقها ..!

* * * * *

- حامد ..!! حاااامد .. حوووه .. يا بووو علي ..!!
زفر حامد بقوة .. قبل أن يرفع رأسه ناحية إزعاج أخيه بنظرة ملول ..
- حشرتنا يا ريال .. بلاك ..؟
ضيّق أحمد عينيه و هو يقفز من على الأريكة التي كان يجلس عليها .. ليجاور أخاه ..
- و يوم انيه حشرتك .. ليش ما ترد عليه ..؟ مساعة يالس أرمسك ..
أعاد حامد عينيه للتلفاز دون اهتمام ..
- أرد عليك فشوه .. يالس تعبر ليه عن حالتك الاقتصادية و الاجتماعية .. شوه تبانيه أقول لك ..
نظر أحمد للأريكة البعيدة التي تجلس عليها شيخة شبه مستلقية .. و هي ترفع قدميها عليها .. ترتدي خشونة ملابسها المعتاد ..
فضيّق عينيه عليها ..
- حوووه .. أم صروال ..
لم تلتفت إليه حتى .. فالتقط مخدّة صغيرة من على الأريكة ليقذفها بقوة فتصيب رأسها بدقة ..
التفتت إليه بقوة .. و شعرها القصير يتبعثر حول وجهها .. قبل أن تزمجر بغلظة صوتها المتعمدة ..
- عنلااااتك يا الهرم ... ليش تفرنيه بالمخدة ..
صاح أحمد بحدة ..
- و تلعن بعد .. تبينيه أنش الحينه و أفر ويهج ببوكس يطير ظروسج يا الشينة .. ذلفي انتي و صروالج يلسي فوق .. الريال بيي الحينه ..
أدارت له قفاها و عادت لمتابعة التلفاز ..
- ريال منوه ..
- هزاع .. حد غيره.. يا الله قلبي ويهج ..
لوحت بيدها غير مبالية ..
- و لشوه مسوين ميلس .. خله يقرب اهناك ..
رفع أحمد حاجبه ..
- بالله عليج ..؟ هاي لي تبانيه أنش و أدوس ببطنها ..
و هب واقفا ليمد حامد يده و يقبض على معصمه معيدا اياه لوضعية الجلوس .. و هو يزمجر لشيخة ..
- شيخة سيري فوق يا الله .. و الا بدلي هالخلاقين لي متحزمة بها ..
نظرت لهما شيخة بحقد قبل أن تقف على قدميها بسيل طويل من الشتائم الخافتة .. و أحمد يصيح في عقبها ..
- أسمعج .. لا تخلينيه أنش و أيرج من لسانج الوصخ ..
ثم التفت إلى حامد و هو يقول بضيق شديد ..
- ختك هاي ما يعيبنيه حالها امرررة .. يبالها بالمحناية الين تتكسر على ينوبها و تسنعها .. و الا هاي علوم .. با الله عليك عايبنك اتحاوط بصراولها قدامنا و نحن رياييل بلحانا .. ما تخيّل هاي ..
التقط حامد جهاز التحكم من بعد يغير القناة ..
- يوم انك مستهم وايد منها .. سير رمس أبوك .. كل من رمسها .. خشعه الشيبه و قال ع راحتها و تلبس لي تباه .. ما عليه باكر بتعرس و بتعقل ..
- منوه يباها هاي أم صراويل .. انته لو تسمعها يوم ترمس .. كنها واحد من الشباب .. شوي و بدقها خشم .. ياخي ما فيها أنوثة بالمررررة .. ليش ما تغدي شرى رويض .. نعومة و طيبة .. الواحد يرتاح يوم يرمس وياها .. هاي دوم اروحها ساده على عمرها فحجرتها .. ما ندري شوه من علوم داستنها اهناك ..
رفع حامد نظره فورا له .. و هو يقول بقوة ..
- أحمد .. لا تيلس تعق الرمسة .. شوه قصدك بالعلوم .. يعني خايسة من ورانا .. بعدين هذا بيتاا برايها تلبس لي تباه .. و صادقة .. هزاع الميلس أقرب له من البيت ..
- احلف و الله .. و من متى و نحن نقرب بهزاع في الميلس .. هو عاد هالبيت بيته .. و ما أقرب به الميلس الا لو حد فيه ..
قاطعه حامد بصوتٍ جازم ..
- و الله بيته اهناك .. هذا بيت عمه .. و المفروض تحشم خواتك و تراعي راحتهن و حرمة البيت ..
لوح أحمد بيده ..
- لا تحشرنا الحينه .. هزاع هب ياي .. بس بغيتاا تذلف عندي لك سالفة ..
اتسعت عينا حامد بصدمة ..
- رايغ ختك عسب تقول السالفة .. كان خبرتنيه ما بتسمع .. و الا نشينا ..
- عدال يا الحنون .. ما روم ع الايثار و الحساسية .. حامد خل عنك .. عنديه لك سالفة مهمة وايد .. مسألة مصيرية .. حياة أو موت ..
تنهد حامد و يده تعبث بأزرار الجهاز .. و عينه لا تفارق التلفاز ..
- شوه عندك .. بيأذن المغرب عقب شويه ..؟
سحب أحمد الجهاز و أطفأ التلفاز ..
- كل خير .. ما بطول .. بس ركز ويايه .. أبا حماس شويه ..
استدار نحوه حامد بملل و هو يشعر بأن أحمد على وشك عرض إحدى رحلاته و الطلب منهم مرافقتهم ..
- هات ..
فرك أحمد يديه بشيء من التوتر .. و قال بشيءٍ من التردد ..
- قبل لا أبدأ السالفة .. أبا أسألك سؤال ..
- سؤال شوه ..
- يوم فكرت تخطب عفرا .. لمنوه سرت أول شي ..؟؟!!
شخر حامد بسخرية مريرة ..
لم يكن هو من تقدم لخطبتها .. هو المخطوب هنا ..
و مرغمٌ أيضا .. ابتلع كراهيته لكل هذا الموضوع .. و ارتدى بروده و هو يقول ..
- ليش السؤال ..؟
أصر أحمد ..
- رد و بخبرك ..
أجاب بهدوء ..
- سرت لغيث خوية .. فاتحته بالموضوع .. و شجعنيه .. خلاف رمست الوالد .. و هو اتفاهم ويا الشيبان .. و خذوا موافقتها و في هالوقت أبويه كان مخبر الوالدة .. و ردوا علينا ..
ابتلع أحمد ريقه ..
- يعني أسير لغيث أنا الحين ..
قطب حامد بعدم فهم ..
- ليش تبا تخطب ..؟؟
رفع أحمد بصره بسرعة ..
- نعاااام .. نويت أنا .. و قريب إن شا الله ..
رفع حامد حاجبه بسخريه ..
- صدق و الله ..!! و انا أقول الريال مساعة مأذنيه بقصة حياته .. مخلص دراسة .. و شهرين تدريب .. و بتوظف .. و أنا ريال عود .. و صكيت الثلاث و عشرين .. اتحريتك بتخطبنيه ..
رمش أحمد بعينيه بكثرة مصطنعا حركة أنثوية ..
- مش حتقوزك لو كنت آخر ست على وش الدنيا ..
لكم حامد كتفه بقوة ..
- اصطلب .. و شوه الطاري ع العرس ..
- و الله يا خوك أحس بالوحدة .. و ابا حنان .. ماريد أقضي سنوات عمريه الباقية وحيد .. الوحدة تقتل ..
- با الله عليك ..؟ سبحان الله ..!! و فجأة طرى هالشي على بالك .. و بعدين لي يسمعك يقول شيبة منتهي .. طاحن ظروسه و خلوه عياله .. وين وحيد و العرب كلها حولك ..
ضاقت عينا أحمد ..
- و انته شوه لك .. أنا ما أحس بالمشاركة الا لو كان ليه نصف ثاني .. و بعدين حلال عليك و حرام على غيرك .. ابا أعرس .. شوه مشكلتك ..
- نصف ثاني ..؟ و هزاع وينه عنك ..؟
اتسعت عينا أحمد ..
- تبانيه أتيوز هزاع .. أستغفر الله .. اتق الله يا رجل ..
- لا تستهبل .. ما حيدك هاب ع طاري العرس من قبل .. مالك الا سوالف الرغيد و الهياته ..
هز أحمد كتفيه ..
- الله أصلح حاليه .. و لقيت بنت الحلال لي أستاهلها و تستاهلنيه ..
ابتسم حامد ببرود ..
- و منوه سعيدة الحظ ..؟ أكيد وحدة من هالرغيد لي اتشوفهن في المولات ..
- ما يبتها يا بو علي .. أنا أبا المها بنت حمد ..
نظر إليه حامد لثانيتين و كأنه لم يسمع ما قيل .. قبل أن يسأل بهدوء ..
- منوه ..؟
عاد أحمد يجيبه بذات الثقة ..
- المها بنت عميه حمد ..
كانت نظرة حامد حذرة الآن و صوته ينخفض بشك ..
- الصمخاا ..؟!
انتصبت نظرة أحمد عليه ينوي ردا .. لكن أحرفه شلّت و هو ينظر لما وراء ظهر حامد قبل أن يهمس ..
- الوالدة ياية .. أنا بفتح الموضوع .. حامد .. اباك توقف وياية ..
لكن حامد لم يستدر للوراء و صوت خطوات أمه و حديثها مع الخادمة يأتي من أقصى الردهة .. و هو يحملق في وجه أحمد بهدوء و يقول بذات القوة الخافتة ..
- و الله لو السالفة من مزحك الخايس .. لا تنظرب ظرب الكلاب .. محد يمزح في هالسوالف .. خص في عرضه ..
نظر له أحمد بشراسة ..
- انته هب أحرص منيه عليها .. و انا قررت و توكلت على الله .. حتى استخارة صليتها .. السفالة هب من اليوم .. انا من زمان أباها ..
- لا تتهور ..
صمت أحمد مع دنو أمه منهم .. قبل أن يقول بنبرة أخيرة ..
- كنت أبا أخبرك من وقت عسب تقول لي عندك .. بس خلاص .. مهما قلت ما بغير رايي ..
ثم هب واقفا بطوله و هو يتقدّم أمه التي تقترب بشيءٍ من التعب ..
- مرحباا .. مرحباا .. بالشيخة سلاااامة ..
و قبّل رأسها بقوّة قبل أن يتزحزح قليلا متيحا المجال لحامد كي يسلّم عليها و هي تنحني قليلا لتجلس إلى جوار الأخير بارهاق قائلة ..
- مرحبا بوية ..
ثم نظرت للطاولة بشيءٍ من الضيق و هي تضع العباءة التي كانت في يدها جانبا و تعدّل من وضع برقعها ..
- وين القهوة و الفوالة .. تفاولتوا فديتكم ..؟ حامد متى رديت يا أميه .. أتصلبك الظهر ما ترد عليه .. ابغيك اتغدى ..
أمسك حامد بيدها و هو يختلس نظرتين نحو أحمد المتحفز ..
- كان ع الصامت فديتج .. و انا مقيّل في الهندسية ..
- ربك تغديت ..؟
- تغديت الغالية .. شحالج ..؟ أشوفج اتنافخين .. رب ما شر ..
ربتت على ظهره بحنان..
- بخير يعلنيه هب بلا هالشوف .. و لا شر فديتك .. يا غير خاويت بنت خليفه تمشي ع القطعة لي ورانا .. اتريّض ..
- هيييييه يا حيكن .. و اعلوم ..
- مابه علوم شي من صوبك ..
قاطع حديثهم أحمد بشيء من المزاح المتوتر ..
- خييييييبة يا أم حامد ..!! أشوف بكرج لهف الحنان كلّه .. عطينا ويه ..
لوحت أم حامد بيدها ..
- صخ عنيه .. محد مبزاي كثرك .. هاا .. ما بتسيرون صوب عمكم سعيد ..؟؟ عنده عشا الليلة .. نسايبه رادين من خاري ..
أجاب حامد ببرود و هو يتجاهل غمزات أحمد ..
- بنصلي المغرب في المسيد هذا .. خلاف بنسري ..
التقطت عباءتها و وقفت بجهد على قدميها ..
- عيل سمحوليه فديتكم ..
اتسعت عينا أحمد و هو يقول بلهفة ..
- وين يا أم حااامد .. رامسين .. يلسي عنديه لج سالفة ..
لوّحت له أمه بيدها و هي تتوجه نحو الدرج ..
- ما عليه بوية .. بسير أتغسل و أتشخص .. ترى حريمهم بعد معزومين .. بسير أقوم بالوايب ..
صاح أحمد اثرها ..
- ما بيطيرن الحريم .. تعالي عندي لج سالفة مهمة ابا ارمسج فيها ..
لكن ما ان أنهى عبارته حتى تسلل صوت أذان المغرب عبر النوافذ العملاقة التي تحف الصالة ..
قالت أمه ..
- الله أكبر الله أكبر .. أحمدوووه سير صل .. أدريبها سوالفك .. ما وراها غنيمة ..
رفع أحمد رأسه للسماء متذمرا ..
- و اللييييييل .. انا ما صدقت أحصل فرصة .. هالعيوز دوم شاردة منيه .. كانها داريه شوه خاش لها فصدريه ..
كان حامد قد أخفض رأسه و هو يتمتم مرددا خلف الأذان .. قبل أن ينهض بإبتسامة واثقة ..
هذا سيعطي أحمد مجالا و وقتا أكثر للتفكير ..
بدت الخطوة التي يوشك على القيام بها مجنونة ..
و مهوّلة ..!!

* * * * *


<<

 
 

 

عرض البوم صور ليتني غريبة  
قديم 27-08-08, 03:06 AM   المشاركة رقم: 578
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الاسطوره


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 71967
المشاركات: 63
الجنس أنثى
معدل التقييم: ليتني غريبة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 13

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ليتني غريبة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

تتمة







كانت ضحكة وديمة غير المصدقة تزيد غيظا على غيظ .. حسنا .. يمكنها أن تلمس السخرية ..
لكنها ليس عليها أن تُقابَل بها بفضاضة ..
قالت بضيق جلي ..
- ودوووووم ..!
كبحت وديمة ضحكتها بقوّة ..و هي تسألها باستنكار ضاحك ..
- الحين خاري البلاد ما ظهرتوا قلنا ما عليه .. دبي دار سياحة .. و العرب مطاريش لاسواقها .. لكن راس الخيمة ..!!! بنقول تبون خلوة .. فيها بحر .. بس شوه وداكم وادي البيح ..؟؟!! شوه اتسوون هناك ..
رفعت حور عينيها للسقف بسخرية مريرة و هي تجيب صوت أختها الذي راح يصلها عبر خطوط الهاتف الذي تمنت فجأة لو أنها تنقطع بينهن ..!
- نيمع حصى بنلعب لقفة .. انتي شوه دراج بوادي البيح .. ما قد زرتيه .. طبيعة خلابة ..!!
- ههههههههه .. طبيعة خلابة في الشتا .. هب في الصيف .. أسميه ريلج هذا .. وينه الحين عنج ..
رفعت حور رأسها للساعة الجدارية بتوتر .. كانت تشير للسابعة و النصف مساءً ..
لم يعد حتى الآن ..!
و هذا ديدنه منذ قدومهم إلى هنا ..
- ريلي راقد .. شوه تبيبه ..
- راقد سبع و نص ..!! عليه مدرسة ..؟؟! وعيه طافته صلاة المغرب ..
- لا ما عليج .. صلى و رقد ..
- قليل الأدب .. ليش راقد و مخليج اروحج ..؟
زفرت حور و هي تشعر بأن الحديث يأخذ منحنىً تافها و بلا معنى ..
- الريال تعبان .. شوه تبينه ألصق فيه ..
- تعبان من شوه ..؟؟ هلكتي الريال ..
اتسعت عينا حور بصدمة من هذا الأسلوب الذي تتخذه وديمة ..!
- ودووووم يا السبالة و الله لابند ..!!!
ضج سمعها بضحكاتٍ مختلفة لتشهق بذهول و هي تميز الغلظة الرجولية ..
- عنلااااااااتكم .. يا السبلان .. ودموووه ... بتشوفين يا السبالة .. أنا أستاهل لي أرد عليـ ....
قاطعها صوت عبيد و هو يقهقه ..
- عيل مودرنج رجل ناضج و راقد .. تأثيرج ضعيف يا بنت حمد ..
أنهت المكالمة بغيظ ..
إخوتها و مزاحهم الثقيل ..
كانت قد توقفت عن الرد على مكالمات عبيد .. بمزحه الثقيل ..
الذي يحشرها في زاوية من إحراجٍ مؤلم ..
خزي ..
و حسرة تخالجها .. كلما راح يسعى لاحراجها بتعليقاته عن زواجها ..
لكن أي زواج ..؟!
جحيم هذا الذي تعايشه .. فيما تتضاعف قسوة زوجها يوما عن يوم ..
مرة ترتد قسوته عليه بمحاولات ادعاء قوة يائسة منها ..
و مرّات عديدة يدهسها بعناية فائقة .. يدوس عليها ببطء ..
عاد هاتفها المحمول للرنين المزعج .. ألقت نظرة ضيق لرقم عبيد ..
ربما يمازحها بحسن نيّة .. لكنها لم تعد تحتمل ..
وجودها في موقف الدفاع و الصد و الرد .. جعلها تشعر بحساسية فائقة .. و عصبية لا مبرر لها ..
هبت واقفة من على الأريكة التي تتوسط صالون الشقّة التي اتخذها غيث مقرا لهم ..
شعور غامض راودها .. بأنه اعتاد ارتياد هذه الشقة ..
شيء من الأريحية و الألفة في تجوّله بها .. و اختياره لها .. و للأماكن فيها ..
تعلمها بأنه قضى وقتا لا بأس فيه قبل قدومها إليها ..
ليس سوى مجرد شعور .. لا يمكنها اعتماد مشاعرها ..
خذلتها مرارا ..
الخائنة ..!
تنهدت و هي تقترب من النافذة ..
الفرجة الوحيدة لها للعالم الخارجي ..
مضى ما يقارب الأسبوع و زوجها يحبسها في جناح فندق ..
لنقلها إلى هنا ..
و يحتجزها بين جدران هذه الشقة الباردة ..
كريهة هذه العزلة التي تلفّها .. و تكاد تصيبها بالجنون .. لا ترى إلا إياه .. و رؤوس المارة البعيدين في الشارع ..
لا تواجه الا سموم كلماته ..
و لا تتعامل إلا مع سواد غضبه ..
يخنقها ..
و يعلم جيدا كيف يفعل ذلك ..
أين مكامن الضعف .. و كيف يصيبها ..
متى يهاجمها .. و كيف يخيفها ..
حتى و لو أبرزت أطراف مخالبها .. و استماتت لخدشه ..
ينزلق من تحت براثنها بنعومة .. ليقتلها بضربة مباشرة ..
فتحت النافذة و هي تثبّت بيدٍ حرّة غطاء رأسها كي لا يطيّره نسيم الليل القادم من الجبال ..
حمل الهواء لها رائحة مميزة ..
شيء من نقاء سفوح الوادي .. راح يتخلخل أنفاسها ..
فتلهث بلذّة .. مستمتعة بالصفاء الذي لا يفسده سوى أصوات السيارات القادمة من البعيد .. هذه الشقّة تقع في مكان يكاد أن يكون خاليا من فرط هدوءه ..
ميزة ربما ..!! لكنها تصيبها بالجنون .. و تتركها فريسة سهلة لأفكارها حين لا يشغلها شيء عنها حتى الضجيج ..
لا تلفاز .. لا مسجّل .. لا أناس سوى رجلٍ يهوى تحطيم روحها ..
ابتسامة باردة زحفت على شفتيها ببطء ..
و شيء من السخرية يتسلل إلى نفسها ..
حسنا .. هجماته تلك تلهيها قليلا .. لا ملل معه .. لا يمكنها أن تنكر ..
الكثير من الإنكسار .. و الألم .. و المقاومة .. و التحدي .. و ثواني انتصار مسروقة ..
لكن لا ملل ..
رجل شرس .. بمشاعرٍ مجنونة ..
من أين لها لحظاتٍ من سكون تغرقها ضجرا .. هه .. !!
عاد هاتفها للصياح مجددا .. فعادت بشيءٍ من الانتكاس نحوه ..
لا يهمها ان كان عبيد أو غيره ..
أي مجهولٍ ستجيب عليه لينتشلها من دوامة الأوجاع الكريهة هذه ..
لكنّ أساريرها إنفرجت فرحة نادرة .. و شاشة هاتفها تتألق برقم عفرا ..
جلست أرضا قرب الطاولة و هي تلتقط الهاتف بلهفة .. لترد بسرعة ..
- مرررررحب مليووووووووون و الله .. هلاااا و غلااااا ..
سرعان ما أبعدت الهاتف عن أذنها بسرعة حين ارتفعت أصواتٌ من الطرف الآخر .. تتعالى بجنون ..
- آآآي .. بطليه يا السبالة .. انتي أول وحدة رمستيها أمس ..
- أخيرلج بطلي .. ما يخصنيه أنا قلت نتصل بها ..
- خووووووزن .. تلفونيه .. تلفونيه .. احترمنيه يا المخبل .. انا ختكن العودة ..
- خوزي يا الناقة ..
- داااانوووه يا السبالة أظافرج .. لا تشمخين ..
- أحسن .. تستحقين ..
- بطلي ..
- مابا .. لو انتي ميته ..
- بطلي ..
- آآآآآآآآآآآآآي .. نووووووورااااه .. شعريه .. شعريه ..
- هيييييييه انتي وياها البنت ع السماعة .. بتبند ..
- خليها تبطل ..
- و الله ما بطل .. خليها اتودر التيلفون ..
- و الله أعظج ..
- بعطيج بوكس يخشع ظروسج ..
صرخة مدوّية ثقبت أذن حور .. كانت خطوط الهاتف ترتجف حاملة صوت عفرا البارد في العادة غاضبا ..
- قسم بالله انكن يهّال .. وخري ..
- آآآي ..
- و انتي هاتي ..
- لاااا .. لااااا ..
صوت خشخشة .. وشيءٍ من اللكمات التي توهمت حور أنها تتطاير بينهن .. عندها راحت تصيح حال استيقاظها من حالة الذهول ..
- حوووه .. بسم الله شياكن .. حطن سبيكر برمسكن ربااعة .. ألوووووه ..؟؟!!!! حي ..! يا عرب ..
- مرحب حور ..
كان صوت عفرا يلهث بجنون .. و في الخلفية يصلها صوت تذمر دانة و سباب نورة المتحمس ..
- عنبوووه .. شوه لي استوى قبل شويه ..؟
- داحس و الغبرا .. امبين نورة و دانة ..
صاحت نورة من بعيد ..
- محد غبرا غيرج يا الناقة .. حور ذلتنا تراها ع تيلفونها .. دقي ع رقم البيت ..
ابتسمت حور بحنان .. و هي تقول ..
- عفاري .. حطيه سبيكر ..
- انزين .. هااا .. سبيكر الحينه ..
تسلل الحماس لروحها بسرعة .. و هي تقول بابتسامة عريضة ..
- سلام عليكن بنات حمد ..
رددن السلام بصوتٍ موحّد قبل أن تصيح دانة بإخلاص ..
- يا الله يعلنيه هب بلا هالصوت يا ربيه .. حووووووور فدييييييتج .. اتولهنا عليج ..
أكدت نورة قولها بذات الدفء ..
- و الله .. و الله ان العيشة بلاج بلا .. أعوذ بالله .. كيف ملل .. و فراغ .. مع انج ما تسوين شي غير التأمر علينا .. لكن كنا نلعوزج بعلوم ريلج .. حور متى بتردين .. ما يسد اسبوع ..؟؟ و الله متولهين موووت ..
عادت دانة تقول ..
- هيه و الله .. و الله واحشني موت .. ودي ظهرك أشوت .. كافي روحة بعيد .. هاتلي ثوبن يديد ..
صاحت عفرا بهن ..
- صخن شويّة ..! أعوذ بالله .. ما خليتنها تسلّم زين ..
ثم عادت للتحدث إلى حور ..
- حور شحالج غناتيه .. ربج بخير .. ما عليج من رمستهن .. ارتاحي .. و ريحي بالج .. و استانسي .. لا تستعيلون بالردة ..
صاحت نورة باعتراض قبل أن ترد حور التي لم تعد تستطيع سوى الضحك المتواصل ..
- حور ما عليج منها .. فرحانة بالسلطة الحينه .. كله تتأمر علينا .. و تظربنا .. و تحبسنا في الاستور .. و تخلينا نغسل المواعين .. و نكوي ثيابها ..
ضحكت دانة بقوة ..
- شوه سالي ..؟؟ دخيلج عاده .. ما عليج من رمستاا .. الا ملعوزينها .. ما حضرتينا حور .. كل ما تقول شي .. نقول ناقة و تصخ .. خسارة راحت أيامج .. و القرص .. و السب .. و التحكم .. أقول حور .. شكلي غيرت رايي .. لا تيين ..
تجاهلتهن عفرا ..
- حور فديتج بخير انتي ..؟ ربج مرتاحة ..؟ علومج ..
كانت حور تضحك بقوة ..
يا الله ..!
كم اشتاقت لجنون مناوشتهن ..
- هههههههههههههههههههههه .. بسم الله .. ههههههههههه .. عطونيه فرصة .. أبا أرد .. حشى .. شكلكن اتيمعن الرمسة حق اليوم كامل و تحشرنيه بها .. أنا بخير فديتكن .. و مرتاااااحة .. أهم شي انتن .. شوه الحال عليكن .. و ع الصغارية .. ؟؟ أماية شحالها .. و مهاوي وينها عنكن ..
ردت عفرا بسرعة ..
- كلنا بخير .. و الصغارية و أمايا يسرج حالهم و يردون السلام عليج .. كانت مزنوه و هنودة يبن يرمسنج .. بس اتأخرنا و سارن يرقدن .. و نايف سار ويا أبويه سيف عزيمة فبيت عميه سعيد .. حور .. ترى مهاوي عدنا .. متى بتضبطين خدمة مكالمة الفيديو .. تبا ترمسج ..
لان قلب حور بقوة .. و هي تقول بشوق جارف ..
- فديتج عفاري .. سلمي عليها .. سلمي عليها وااااايد .. و قوليلها اني تولهت عليها .. قوليلها انيه أحبها .. تسمعين ..؟؟ خبريها .. ما رمت للخدمة ..
سمعت عفرا تنقل كلماتها بصوتٍ مرتفع .. امتزج بمزاح نورة التي قالت ..
- أحبها .. يااااي ..! ما روم للأفلام الهنديه أنا .. ليش ما تخلين ريلج يضبط لج الخدمة يوم انج ما تعرفين ..
عقدت حور جبينها و هي تتخيل بأنها تطلب هذا من غيث ..!
لن تفعلها و لو كان على ذلك يتوقف موتها و الحياة ..
- ما يعرف .. سألته ترانيه ..
قالت دانة بصوتٍ خبيث .. تعفرت حور على نبرتها التي تعمدها لاحراجها ..
- ما يعرف .. دخيلج .. صدقت أنا ..!! خسارة حور .. كان خاطرية أشوفج عقب العرس .. يقولون الوحدة من تعرس .. تحلو .. و تتدلع .. أكيد بتدلع .. ما عندها الا ريلها لي ما وراه غير المحاباة .. و مقابلها .. أقول حور شوه الأجواء عندج .. ما حلويتي .. ما تدلعتي ..
احمر وجه حور بقوّة .. و شعرت بالسخونة تغزو وجنتيها ..
- قليلة أدب .. انتي وين وصلتي ويا هالرمسة الماصخة .. يوم بتعرسين شوفي .. و ترانيه حور لولية .. ما شي تغير فينيه .. اصبري اسبوع و يايتنج ..
- ههههههههههههههه .. زين و الله .. قلت فخاطريه هاي حور الدفشة وين بتتغير ..
قبل أن ترد قاطعها صوت عفرا يرد عليها ..
- حواري .. مهوي ترد السلام عليج .. و تقول هي بعد مشتاقة .. و تحبج .. حور ما خبرناج .. بدت الدورة اليوم ..!!
تحمّست حور .. و برقت عينيها بشدّة ..
- التصوير ..؟؟
ردت نورة بذات الحماس ..
- هيه حور .. اليوم أول يوم تقول بدوا الدورة .. كنت ابا أسير وياها لكن عفاري ما خلتنيه .. تقول لازم تعتمد على عمرها .. مع انه لازم نساندها ع الأقل في البداية ..
أصرت دانة على رأي عفرا ..
- انا أشوف شور عفرا أحسن .. يعني وين بتسير هي ..؟؟ تراه نفس المركز .. بس القاعة غير .. و لو تمينا وراها .. ما بنعطيها الفرصة ..
قطبت حور بقلق ..
- عفاري انتي ما سرتي وياها اليوم ..؟؟
ردت عفرا بهدوء ..
- لا .. ما سرت .. حور .. البنية يبالها تحس بالثقة و الحرية شويه .. هب معقولة كل ما بدت في تجربة .. لقت وحدة منا .. لازم تستطلع و تستكشف اروحها .. عنبوه لو اعاقة عقلية و ما تفكر ما عليه .. لكن المها ذكية .. هب محتاية هالبزا منا ..!!
شعرت حور بالضيق الشديد و عاتبت عفرا ..
- حتى و لو .. كان سرتي وياها ع الاقل أول يوم .. يمكن احتايت شي .. و الا خافت من الناس اليدد لي وياها .. عفرا .. غلطانة انتي .. ليش ما سرتي ..؟؟
ردّ الصمت سؤالها لثانية .. قبل أن تعود عفرا للقول بذات الهدوء ..
- حور .. ترى المها أكبر عنيه .. و أعقل منيه .. لا تخنقينها و تعاملينها شرا اليهال .. و بعدين أنا سرت الجامعة اليوم أسجل مادة ..؟؟
اتسعت عينا حور ..
- أنا أعاملها شرا اليهال .. أنا أكثر وحدة فيكن أعدها عاقلة .. و شوه هالمادة لي سجلتيها و انتي بتعرسين عقب شهرين ..؟
قالت عفرا بقوة ..
- فيزيكس .. و تراها عاقلة من دون لا تعدينها .. نحن نعرف انج خايفة عليها .. لكن الخوف ما بيفيدها .. الا يحرمها من وايد أشياء ..
هبّت حور من مكانها و كانت على وشك أن تلقي ردا مدافعا لكنّها شهقت بصدمة و هي تتراجع خطوتين بخوفٍ للوراء ..
- بسم الله الرحمن الرحيم ..!!!
وجه أسمر كالح .. تسكنه حكاياتٌ من الإرهاق .. و الأغبرة ..
ذراعين مفتولتين تلتفان على صدره بهدوء ..
فيما يستقيم طول ساقيه في بنطالٍ يمتد لأسفل الركبة .. كاشفا حذائه المطاطي اللين ..
أرعبها وجوده .. و عدم احساسها به ..
دوما يزحف بثقله ليخيفها ..
كانت نظراته تنصب على وجهها المصدوم ببرود ..
فيما تسلل صوت عفرا آتيا من البعيد ..
رفعت الهاتف مجددا لإذنها .. و هي تقاوم ارتعاش نبضها المجنون ..
- آآآ .. عفااري غناتيه .. بتصلبج خلاااف ..
اتاها القلق متمثلا في صوت أختها ..
- زعلتي ..؟؟
كان يجمّد أوصالها ببروده ذاك ..!!
و يشعلها في الوقت ذاته ..
اضطرابٌ فقط يخالجها الآن و هي تزدرد لعابها ..
- آآآآم .. لاااا .. مشغولة شويّة ..
- غيث عندج ..؟
كادت تتنهد براحة .. و هي تجيب بسرعة .. فيما عينيه تلتقطان كل لمحة من خوالج نفسها ..
- هيه ..
كلمات توديع مبتورة تنهي بها المكالمة ..
تؤخّر النظر للطول الثقيل الماثل أمامها .. و هي تقلّب الهاتف بين أصابعها .. تنبش التمرد لترتديه بجرأة .. قبل أن ترفع عينين تحاكي برودة وجهه ..
ما ان فعلت .. حتى توقف خافقها عن الدوي لوهلة ..
أ خيل إليها ..؟
أم أن تعبيرا غامضا حل عقدة جفاء عينيه لثانية خادعة ..
انتفضت روحها .. و هي تبحث مجددا عن تلك اللمحة الوهمية .. قبل أن يرتد البصر خائبا حين ارتطم بقسوة مآقيه المعتمة ..
خيل اليها اذا ..!!
شعرت بجفاف حنجرتها و هي تستوعب تبعثر شعره المليء بالأتربة .. الذي تشعّث بجنون ..
و اتساخ ذراعيه و الكفيّن بغبار أبيض ..
بدا هائل الحجم في تلك اللحظة و هو يقف بهيئته المهيبة .. خيّل اليها لسبب لا تعرفه أنه خارجٌ من قبر ..!
و ارتعدت تحت وطأة هذه الفكرة المخيفة ..
- ما سمعتك يوم دخلت ..
رفع حاجبا يحدجها بنظرة باردة .. دون أن يرد ..
شعرت بالتوتر أمام تقييمه الصامت لها .. عادت تقول باندفاع و هي ترفع الهاتف للأعلى ..
- كنت أرمس هليه ..
ابتسامة قاسية لوت شفتيه ببطء .. دون أن يصل بريقها لعينين الجامدتين على اضطرابها ..
فرد ذراعه ليمسك بيده مؤخّرة عنقها و يشدّها نحوه ..
تخشّبت أطرافها بقوة .. في فزع غريزي .. و هي تنظر له بقوة مستميتة .. راحت تهتز في عينيها .. فلا تثبت لها مصداقية ..
حتى و هو يحني رأسه نحوها .. و يقول بسخرية قاتلة ..
- مرتاحة حبيبتي ..؟!
تصلّب ظهرها بقسوة و عينيها تتسعان بصدمة .. قضى وقتا طويلا في الاستماع لمحادثتها ..
كرهت ضجيج أخواتها الذي أشغلها عن الشعور بوجوده و الا كانت أكثر حذرا ..
إلى أي مدى كشفت عن نفسها ..؟؟! حاولت بذعر استعادة ما قالت اثناء المحادثة لكن ذلك لم يفدها ..
هل رأى لينها .. و سيصيبها الآن في مكامنه ..؟!
شدّت سهام هجومها على نبال الكلمات بقوّة .. في ارتداد قوي نحو موقع الدفاع ..
خير وسيلة هي الهجوم .. و ستهجم ..!
التقت عينيه ببرود .. و هي تقلّد سخريته المرّة تلك ..
- أكيد مرتاحة .. حد عنده مليونين و لا يرتاح ..؟!
اشتدّت أصابعه بقوّة على مؤخّرة عنقها .. حتى لوت رقبتها بألم متأوهة ..
مدّت يديها تحاول انتزاع يده .. و صوتها يهتز تحت ضغطه ..
- ودرنيييه ..!
شد بأنامله أكثر لترفع رأسها مرغمة بألم فاضح .. و تكسّرت أحرفها تكابد دموعا تلذع زوايا مقلتيها ..
- عـ..ـور..تنـ..ـيه ..! ببـ .. ببس ..
ضاقت عينيه بحدّة قبل أن تلين يده و هو يدفعها جانبا ..
لهثت بجنون و هي تتحرك مبتعدة عنه .. فيما ادار ظهره العريض لها دون كلمة ثانية و هو يبتعد نحو الحمام ..
ما ان تناهى لمسامعها صفق الباب حتى ارتجفت ساقيها و تهاوت أرضا .. فيما امتدت أناملها لدعك مؤخرة عنقها بألم حقيقي ..
تبا له ..!
أوشك على كسرها ..
داعبت أنفها رائحة الطعام الساخن .. لترفع عينيها نحو الطاولة القريبة من الباب ..
مجموعة أكياسٍ كبيرة .. تحوي علب الطعام .. و إلى جوارها كان قد ألقى حقيبته القماشية السوداء .. و لفافة حبل ضخمة .. أثارت ذعرها للمرة الأولى حين داهمها خاطر مرعب بأنه قد يشنقها يوما ما بغلظة هذا الحبل ..!
وقفت على قدميها متوجّهة نحو الطاولة ..
ماذا ..!
أ تدعي الإضراب عن الطعام ..
لن تفعل .. أوشكت على الموت أول يومين حين فعلتها و لم تحصل سوى على تجاهله ..
لكنّها لن ترتّب له السفرة .. ان أراد الأكل فليفعل ذلك بنفسه ..
أشاحت بنظرها عن الطعام ليسقط على سواد الحقيبة الثقيلة و لفافة الحبل الكبيرة ..
ما الذي قد يستخدم هذا الحبل فيه ..!!!
عقدت جبينها و هي تمد اناملها بفضول امرأة تلامس الحبل المتين بعناية قبل أن تنقلها لخشونة قماش الحقيبة ..
استدارت لباب الحمام المغلق باطمئنان .. قبل أن تعود للحقيبة و تفتحها بسرعة ..
باعدت بين جنباتها .. تتفحص محتوياتها ..ا و رفعت حاجبا حين واجهها بريق نصلٍ لبلطة حادة ..
حلقاتٍ متعددة بعضها دائري .. و الآخر يتخذ شكل رقم ( 8 ) اللاتيني ..
دسّت يدها للعلبة المغلقة في قعر الحقيبة .. ترفعها لتفتحها بفضول ..
كانت مجموعة كاملة لمسامير بنفس الحجم تقارب طول سبابتها مرّتين ..
قطبت دون أن تفهم حقيقة أمر كل هذه الأشياء ..
كيس قماشي مصرور ملقى في ركن الحقيبة حاز على اهتمامها لتتجاهل الآلة الوحيدة للحظة و هي ترفعه ..
كان ثقله معقولا .. و حجمه لا يتجاوز طول كفّها .. متسخ بغبارٍ أبيض .. لطخ سواد قماشه ..
فتحت الصرّة بسرعة لتلقي نظرة على ما بالداخل .. لتفاجئ ببياض المسحوق الذي يحتوي ..
تتأمله لدقيقة كامله بعدم استيعاب .. ثم ترفعه لأنفها و تشم رائحته ..
تطايرت ذرات المسحوق لأنفها ..
فعطست بقوة .. قبل أن تبعده عن وجهها بشيء من الخوف و فكرة مجنونة تخطر لها ..!
همست بذعر و يدها المرتجفة تسقط الكيس المخملي على الطاولة للتطاير ذراته البيضاء ..
- مخـــــــــــدراااااات ..!!
.
.
.
.
.
.
دفق قطرات المياه المتساقطة من دوش الإستحمام تغرقه ..
ترتطم بقمة رأسه .. و تبلل شعره الكث .. لتسيل على خشونة ملامحه المتصلّبة ..
كانت سخونة المياه لا تجدي نفعا في تشنّج عضلاته ..
شعر بذراعيه .. و ساقيه .. و ظهره متيبّسان بقوة .. اثر الجهد الجسدي الذي بذله بعد انقطاعه عن التسلق لأشهر ..
لكن ليس ذلك ما كان يشغل باله ..
احساس لذيذ بالدفء راح ينتشر في داخله .. يتدفق في عروقه .. و هو يستعيد رنين ضحكاتها داخل رأسه ..
يترنم بأصداء بهجتها النادرة ..
حماستها .. و بريق عينيها ..
.
.
(( سلمي عليها وااااايد .. و قوليلها اني تولهت عليها .. قوليلها انيه أحبها ))
.
.
التوت معدته و هو يتخيّل لو أنها تقصده بكلامها هذا ..
و انقبض قلبه بقوّة .. متخيّلا شفافيتها في تلك للحظات ..
تلك البساطة .. و الأريحية التي تتحدث بها ..
لم يكن بحاجة للتنصت إلى مكالمتها منذ بدايتها .. ليعرف مع من تتحدث ..
يكفيه الدفء الذي ينزلق مع أنفاسها ..
و الإخلاص الصادق في أحاسيسها الذي كاد أن يلمسها لمس اليد ..
أعاده كل هذا للفتاة القديمة التي ظن أنه يعرف ..
تلك الشابة النقيّة .. كانت تغرقه في وسع نظراتها .. عمق روحها المميزة ..
التقط ليفة الإستحمام و راح يفرك جسده القوي بعنفٍ لا مبرر له .. و كأنه يطرد فكرة خبيثة ..
في حين تسللت إلى صدره أمنية كريهة لا يعرف لها مصدرا ..
تمنى لو أنها لم تعلمه بشأن خداعها .. و أنها لا زالت تستغفله حتى اليوم ..
فقط ليستعيد تلك المرأة التي ظن أنه يلقّنها دروسا في الحب لأول مرة في حياتها ..
ليكتشف بعد إذٍ أنه من تلقّى درسا في الخداع دون أن يدري ..
و على هذه الفكرة .. شد بأصابعه على الليفة حتى كادت تنفتق ..
و راح يزفر أنفاسه غضبا يبعثر الماء من أمام شفتيه ..
كلما استعاد ما فعلت .. اشتهى تمزيقها بأصابعه ..
نجحت في استغفاله .. و استغلاله ..
و كأنما تدرّبت على ذاك الخبث منذ نعومة سنواتها ..!!
راح يفرك نفسه بالمنشفة في حركاتٍ قويّة .. الغضب في داخله لا يأججه سوى الذكرى و التفكير ..
يتفاقم الأمر في رأسه و على أعصابه ..
ليستعيد دوما كم كان غبيا و لعبة سهلة بين أناملها الصغيرة ..
ارتدى ازاره النظيف الأبيض ..
و وضع المنشفة حول رقبته ليفتح الباب بهدوء ..
أكثر ما يمتّعه في لعبة الإيذاء هذه .. هو تسلل هدوءه دوما لغفلتها ..
كثيرا ما يسترق النظرات لضياعها .. يلتقط لمحات ضعفها ..
و يمتّعه أكثر رؤيتها و هي تتمالك قواها و تتحفز للقتال فجأة ..
ما ان خرج للصالة حتى وجدها تقف قرب الطاولة التي كان قد وضع عليها أغراضه فور وصوله ..
ضاقت عينيه بنظراتٍ حادة و هي يتحرّك بخفّة خلفها ..
قطع المسافة دون أن تشعر به ما أعلمه أنها لا تقف إلا بقدميها في هذا المكان ..
فيما يبعد فكرها اميالا عن هنا ..!
وقف خلفها تماما لا يفصله عنها سوى خطوتين ..
يراقب مؤخّرة رأسها دون أن يتبين ما الذي يجذب انتباهها بهذا الشكل ..
كانت قد رفعت شعرها الطويل لتلويه بطريقة غريبة و تجمعه كله للأعلى .. ثم تسدل خصلاته على جانبٍ واحد ..
راقب انحناء مؤخرة رقبتها و هي تنحني بتركيز أكبر .. و رفع حاجبه ببرود .. و هو يمد سبابته .. ليمررها على رقبتها ببطء ..
لكن ما ان لامسها بتلك الخفّة ..
حتى كانت ردة فعلها التالية مجنونة ..
استدارتها المذعورة .. و شهقتها العالية كانت مبالغ فيها .. لكن ليس ذلك ما زعزعه ..
بل هو صخب تكّة مألوفة ..!
و خط النار الذي شعر به يخترق عضلات ذراعه الأيمن بقوّة أجبرته على التراجع خطوتين ..
مع تفجّر الدماء بقوّة .. و عينيه تتسعان ذهولا دون أن يستوعب ما حدث ..!!
.
.
تجمّدت أصابعها على آلة غرس المسامير الجبلية الشبيه بالمسدس العملاق لثانية ..
و هي تراقب ترنّحه مذهولا لبرهة .. قبل أن تنفلت من بين شفتيه آهه و هو يلتوي على جانبه الأيمن ..
ارتجفت يديها و هي تُسقط الآلة من بينها .. أرضا ..
و تتراجع خطوة واحدة لتصطدم بالطاولة خلفها ..
كان قد جثا على الأرض الآن و دماءٌ غزيرة تلوّث جانب صدره الأيمن .. و بياض ازاره .. و تتقاطر على الأرض بكثافة مريعة ..
وضعت يدها المرتجفة على فمها غير مصدّقة ..
قبل أن تتقدم منه و هو يرفع رأسه للسقف شادا على أسنانه يحاول ملامسة ذراعه اليمنى دون جدوى ..
و أمام عينيها المذعورتين استطاعت تبيّن رأس المسمار الذي تجاوز طوله إصبعها مرتين يخترق ذراعه كالنصل ليبرز رأسه المدبب ملوثا بالدماء من الجانب الآخر من ذراعه ..
هوت على ركبتيها تجثو أمامه بخوفٍ شديد ..
و ارتعشت دموعها و هي تدرك أنها أطلقت المسمار دون أن تشعر من الآلة ليمزق ذراعه مخترقا اياها بقوّة ..
ضمّت يديها لصدرها و ملامحه القاسية تلتوي بألمٍ مبرح ..
و هو يحاول انتزاع المسمار بطريقة مجنونة .. مما فجّر المزيد من الدماء التي راحت تغرق يده بأكملها و تسيل أرضا ..
طالعت وجهه و هي لا تصدّق ما فعلت ..
لم تدري ما الذي يجب عليها فعله .. لم تستطع الحراك حتى أمام منظر الدماء الغزيرة ..
و وجعه الفاضح أمام مقاومته لضخامة المسمار ..
انفجرت بالبكاء و هي تمد يدها نحو الجرح ثم تعيدها لحجرها قبل أن تبلغه ..
لم يكن هو منتبها حتى لنشيجها .. و عضلات ذراعه تشتد و هو يحاول مستميتا انتزاع المسمار من ذراعه بقوة ..
كان صوت نشيجها يمزّق السكون ليختلط بحدة لهاثه المتوجّع ..
و تأوهه المكتوم ..!!

* * * * *

على عتبات درج المدخل الرئيسي للبيت الضخم .. تفرقن يجلسن بملل شديد ..
عفرا لا زالت تعبث بهاتفها رغم مرور ما يقارب النصف ساعة على حديثها مع حور ..
فيما تسند دانة فكّها بكفيها .. و نظراتها الملولة تمسح المساحات الشاسعة التي تطوّقها أسوار ممتلكات جدهن ..
نورة و المها استغرقن في حديث مفعمٍ بالضجيج .. و الإشارات .. اخذت المها تعيد للمرة العاشرة على مسامع نورة ما فعلت في يومها الأول للدورة بالتفصيل ..
تنهدت عفرا و هي تلقي بهاتفها في حجرها .. و نظرت لدانة .. متسائلة بشيءٍ من القلق ..
- ما اتصلت ..
زفرت دانة ببطء ..
- ما قلتي هادم اللذات عندها ..؟! وين بتروم تتصل .. عنبوه ما واحالنا نقول ألووو .. الا و هو طاب عليها .. حشى شوه هالريال اللصقة .. ما يفك شوي .. نبا نتهنى في ختنا ..
قطبت عفرا بتوتر ..
- يمكن زعلت و تبا تبند .. و سكتتنا ..
تمطّت دانة قبل أن تستدير نحوها ..
- حتى لو زعلت .. بتيلس تعاند .. يعني تعرفين حور من أمس ؟؟ .. ما بتتأثر من كلمتين قلتيهن .. مع انها ما تزعل .. و لو صدق ما كان عندها .. كان تمت تهازب .. و تدافع عن رايها . عفاري .. تقولين رمستها كانت صح ..؟؟ ليش المها تسير أول مرة اروحها .. صح متعودة ع المركز .. لكن أكيد لعوزة انتقال من مكان لثاني .. و يمكن تخاف من أول درس و الا ما تفهم ..
أجابت عفرا بثقة ..
- لا تغدين خوافة شرات حور .. و حتى لو خافت و الا ارتبكت .. لازم تمر بهالتجربة ..لنها لو ما جربت هالشي الحين بتجربه بعدين .. خلاص البنية بتصك الواحد و عشرين سنة .. و انتن تتحكمن فيها و تديرنها .. ترى لها تفكير و تروم تعيش حياتها ويا شوية حرية ..!!
ثانيتين من التفكير .. قبل أن تعود دانة للقول بحذر ..
- أخاف رمسة حور لولية صح .. هب زين ندفعها للتجارب كلها مرة وحدة .. يمكن هالشي ما يفيدها و التغييرات في حياتها بتربكها ..!!
لكن عفرا لازلت تتشبث برأيها ذاك ..
- بالعكس هذا التحدي الحقيقي لها .. تأقلمها مع كل التغييرات في حياتها هو لي بيصقل شخصيتها .. و لو تمينا طول حياتنا نعطيها حقوقها بالقطارة خايفين على ضعفها .. نظلمها .. و ما نعطيها الفرصة ..
تنهدت دانة ..
- وجهة نظر ..!!
لم تجبها عفرا .. فيما صاحت نورة بحماس ..
- و الله خاطرية أدخل هالدورة .. ابا أصير مصورة محترفية ..
صححت عفرا لها ببرود ..
- محترفة ..
- لي هو .. المهم ..
قالت دانة و هي تبتسم للمها ..
- نشفتي ريق المسكينة .. من يوم يت من المركز و هي تعيد السالفة مليون مرة ..
ضحكت نورة ..
- متحمسة لها و الله .. كانيه انا لي بدرس في هالدورة .. شرايكن أسير وياها باكر ..
ردت عفرا فورا بحزم ..
- لااا ..
نظرت لها نورة بعين ضيقة ..
- سيده لااء ناهية .. أعوذ بالله .. المهم انا عنديه سؤال .. الاسبوع الياي بسير أسوي الفحص الطبي .. حور بتكون هنيه .. و الا شوه ..؟
قالت دانة بأمل ..
- ان شا الله ..! بنات شرايكن نطب بيت عمي علي باكر .. و نغير جو اهناك .. روضة دوووم اتيينا و نحن ما نييهم مرررة ..
التفتت لها عفرا بحدة ..
- لااا ..
قطبت دانة ..
- ليش ..؟؟ نغير جو و نستانس .. ضقت الصراحة من اليلسة بلا شغلة .. بعدين متى آخر مرة شفنا روضة فيها ..؟؟ يمكن من يومين ..
أصرت عفرا على الرفض ..
- و لو .. لو هي تبانا بتيي .. نحن أكثر منها .. و هي وحدة .. و بعدين اهناك شباب .. و بيتنا فاضي ..
عقدت نورة حاجبها ..
- شباب ..؟؟!
ثم التفتت لدانة بابتسامة متآمرة ..
- الحين حامد شباب ..؟!
أجفلت عفرا أمام ذكره .. و دانة تضحك ..
- يا الله شوه تسوين يا الغيرة .. خايفة عليه منا ..
تصلّبت ملامح عفرا ببرودٍ شديد ..
- عن المصاخة انتي وياها .. بيت عميه علي .. ما بنسير له .. و هالشوق لي بيذبحكن ع رويض بنرويه باكر .. و بنخليها تيينا ..
تذمّرت نورة ..
- انزين السالفة هب سالفة شوف و لا شوق .. يختي ملينا ,، نبا نغير جو ..
قطبت عفرا بعناد ..
- اصبرن شهرين و بتبدا المدارس .. وحدة فأول جامعة .. و الثانية ثنوية عامة .. ما بتلقن وقت تتنفسن ..
لوحت دانة بيأس ..
- أنا يوم زيادة ما روم أصبر .. يا بوج ذبحنا الروتين .. نبا آكشن ..!! معلوم آكشن .. ريد سوي زيادة حركاا داخل بيت .. مشان ما في يموت ..
لم تبالي عفرا ..
- ما بتـ ..
ثم شهقت بقوّة .. مع انعكاس أضواء سيارة قادمة من البوابة الرئيسية ..
بحركاتٍ متتالية سريعة .. رفعن أغطيتهن على وجوههن .. و رحن يركضن تباعا للداخل ..
دانة كانت الأولى و هي تقول ..
- وااااااايه يا الفشلة .. منوه هاا ..؟؟
كانت عفرا آخر وحدة دخلت بعد المها .. و هي تنتزع غطاءها عن وجهها ..
- مادري منوه .. يمكن أبوية سيف ..
ألقت نورة نظرة على ساعة معصمها ..
- الساعة ثمان و ربع .. ما قد أذن العشاا .. و عدهم ما تعشوا ..!!
ضاقت عيني دانة و هي تتحرك بفضولٍ في مكانها ..
- منوه لي ياي الحينه ..؟!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
دست معصمها تحت غطائها الثقيل .. تطالع الساعة بقلق ..
قبل أن تميل نحو أختها لتهمس في أذنها ..
- هب كانه الوقت متأخر ..؟؟ لو يايين العصر ..!!
طالعتها من خلف الغطاء لترد عليها بصوتٍ خافت ..
- ما عليج .. هي مريوم اروحها موصيتنيه ايي هالوقت .. لن بيتها ايكون خالي .. عسب ناخذ راحتنا وياها .. بعدين ما بنطول ساعة و رادين ..
ثم مدت يدها تشد على يد أختها بقوة ..
سحبت نفسا عميقا و هي تشعر بأناملها تلتف حول معصمها ..
و شعور بالإختناق لا مبرر له يكتنف صدرها ..
لم تعتد يوما على الخروج و الزيارات الاجتماعية ..
لكنها لا تريد أن تخنق أختها ..
لا تريد أن تضغط بعجزها على رقبتها حتى تقطع أنفاس الحياة عنها ..
حين سألتها مرافقتها لبيت صديقتها لم تجد بدا من الموافقة أمام إصرارها ..
ليس سوى مقدارٍ ضئيل ترد به شيئا مما تدفع خولة حياتها و جهدها للقيام به ..
تحرم نفسها حتى من الصداقات .. كي تفي بحاجاتها و عجزها ..
تنهدت ببؤس حين أخذت السيارة تأخذ طريقا داخليا خاصا .. قبل أن تجاور سورا ممتدا تبعثرت عليه الأضواء تنير الطريق إلى بوابته الرئيسية ..
لسبب لا تعرفه ..
كان صوت خولة يرتجف .. و هي تقول ..
- وصلنـــــــا ..!
و على اتساع المدخل الحديدي العملاق .. تحرّكت السيارة ببطء إلى داخل الأسوار .. لتواجه ضخامة البيت الرابض على أنفاس الأرض أمام عينيها ..
و رغم الأنوار التي انتشرت في المكان .. و الإضاءة الموزعة بعناية ..
إلا أن شيئا مظلما إمتد في جوفها ليزرع خوفا دون سبب فيها و هي تهمس لخولة ..
- بيتها وايد عود ..
لم تجبها خولة ..
كانت تدير وجهها للنافذة اليمنى تراقب شيئا ما ..
فاستدارت هي بدورها تتبع وجهتها ..
كان هناك بيتا مصغّر لا يبعد كثيرا عن يمين الفيلا العملاقة ..
غارقا في الظلام ..
و استطاعت الانصات لحدة تنفس أختها في ظلام السيارة و هي تقول للسائق بحزم ..
- وقف سيدة عند بيت عود ..
و وجدت ميعاد أن توتر العالم كله يتغلغل في صدرها و السيارة تقف أمام درجات المدخل الرئيسي للفيلا ..
خفق قلبها .. و جفاف يستبد بحنجرتها ..
و تمنت بغباءٍ أن تستمتع بالسهرة .. كي تفعل أختها بالمثل ..
لأجل خولة فقط .. أرادت أن تكون أكثر من مرتاحة ..
لذلك راحت تجاهد لخلق ابتسامة باهتة تشد أطراف فمها بشرود ..
.
.
على غفلةٍ هي ..
لا تعلم ما الذي حقا ينتظرها خلف تلك الأبواب ..!

* * * * *

 
 

 

عرض البوم صور ليتني غريبة  
قديم 27-08-08, 03:12 AM   المشاركة رقم: 579
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الاسطوره


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 71967
المشاركات: 63
الجنس أنثى
معدل التقييم: ليتني غريبة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 13

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ليتني غريبة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،

ما يحتاي أزكيها عندكم ،، و انتوا أدرى بها .. و أدرى بأخلاقها و حبها لكم ،،

لكن اذا رأيتم خيرا فاذكروه .. و انا و الله يشهد عليّه .. أشوف انها أحرص منيه ع راحتكم ،،

هاي رسالة من زارا وصلتني من يومين ،،

تعتذر فيها عن ظروف سفرها ،،

اقتباس :-  
بس اذا انتي بتقوومين بتنزيلها بليلااس بيكوون لتس كل الشكر والتقدير مني ومن كل البنات اللي هناك.. لان فيه كثير من اللي يقرونها ماايقدرون يقروونها الا هناك لانهم مو مسجلين بالم..او للحين يستنون تفعيل عضويتهم..
اتمنى ماا اكون ثقلت عليتس بطلبي.. وخصوصاا وانتي تعباانه.. بس والله لاني عارفه لهفت البنات للخطوه ودي انهم على طووول يقروونها حاالهم حال البنات اللي بالم..

ما قول غير بيّض الله ويهج ..

و فالج طيب .. ما طلبتي الساع :)

 
 

 

عرض البوم صور ليتني غريبة  
قديم 27-08-08, 04:26 AM   المشاركة رقم: 580
المعلومات
الكاتب:
dew
اللقب:
قطر الندى



البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32556
المشاركات: 8,339
الجنس أنثى
معدل التقييم: dew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسي
نقاط التقييم: 5602

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
dew غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زارا المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

عزيزتي ليتني ,,نورت الصفحة وياهلا بالمبدعة ,,بصراحة مفاجأة حلوة

زارا يا قلبي تسلمين على الرسالة اللي تدل على اهتمامك فينا تسلمون ,,أنا لسه ما قرأت الخطوة لكن حبيت أشكركم على المفاجأة

 
 

 

عرض البوم صور dew  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليتني غريبة, ليتني غريبة ابداع مستمر, ليتني غريبة وحشتيني يا بنت ربي يفرج عنك ياحلوة (بندقة), من ارووع القصص وارقاها.., من ارقى وأجمل القصص الخليجية, الأدب الراقي المستقى من البيئة الاماراتية بواقعيه, القسم العام للروايات, الكاتبة ليتني غريبة, ابداع الكاتبة الكبيرة ليتني غريبة, احب حور وغيث, اشتقت لحوووووووووووووووور ولغيث اووووووه يارب صبرنا, اسطورة دوما يا ليتني, اعوذ عليكِ بكلمات الله التامه من شر ماخلق..مبدعه ورب الكعبه, اقسام الروايات, حفظك الله من عيون البشر, خطوات تغفو على عتبات, خطوات تغفو على عتبات الرحيل, خطوات تغفو على عتبات الرحيل لكاتبة ليتني غريبة, خطواتٍ تغفو على عتبات الرحيل للكاتبة ليتني غريبة, روآية غير شكل آحآسيس خجوله^^, روايات مميزة, روايات خليجية, روايات كاملة, رواية خطوات تغفو على خطوات الرحيل, رواية خطوات تغفو على عتبات الرحيل كاملة, سيدة الضاد ليتني غريبة, غيثاني وربي انك مخبل فييني .الله يوفقك يااعسل.توقيذر فور ايفر.( زارتك)هخهخه, وهـ بس .. فارس فرسان الفرسان الشيخ طويل العمر غيث بن علي. المعروف بغيث زارا.., قلبي قلبي قلبي .. فديــــــــت ابوو العسل غـــــــ غيث زارا ـــيــ غيثي اناــث, قصة اماراتية تحكي الحب والبؤس والحرمان, قصة خليجية اماراتية ابداع ×ابداع
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 01:37 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية