كاتب الموضوع :
ثم كانت الذكري
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
نعم هذا صوته حقاً . ولكن أردت أن أتأكد من ذلك .. كنت أعرف نفسي .. لم أعد أحتمل .. كل ما يحدث منذ عرفته يزيد عن أضعاف أضعاف طاقة احتمالي .. و أنا الآن علي وشك الانفجار و كنت أريد أن أتأكد من أن انفجاري سيوجه للشخص الصحيح .. سألت: محمد؟؟ .. أجاب بصوته الرائع الذي يلفني فيشعرني بالدفء حتى في أبرد أيام الشتاء: نعم أنا محمد يا ذكري .. جيد .. لقد عرف صوتي .. حسنا هذا وقت انطلاق الحمم البركانية .. قلت: من الجيد أنك لا تزال تذكر صوتي .. ربما هذا يعني أنك لازلت تذكرني أن شخصياً أليس كذلك؟! .. قال: و هل نسيتك يوما يا عزيزتي حتى أذكرك؟؟.. يكاد قلبي يذوب من حرارة كلماته .. ولكن لا .. لا يجب أن يحدث هذا .. لقد كان يريد أن يسافر دون أن يودعني .. يجب أن أشعره بأنني غاضبه منه .. قلت:لقد سمعت أنك مسافر فأردت أن أتصل بك لأودعك ..كنت تريد أن تسافر دون أن تودعني .. هل أنت قاس إلي هذا الحد؟؟.. ثم لماذا تشاجرت مع بسنت؟؟ ألا تعرف أنها وسيلة اتصالي بك؟؟ ألا يهمك أمري إلي هذا الحد.. ألا ...... قاطعني قبل أن أكمل كلامي وقال: عزيزتي من فضلك لا تغضبي بهذا الشكل .. غضبك و حزنك هذا يمزق قلبي .. و كأنه قد سكب بحراً من الماء علي حممي البركانية فأطفأها تماما .. كلامه نسف كل ذلك الغضب المزعوم و وجدتني أقول له بكل رقه: آسفة و لكنك لا تعلم كم اشتقت إليك .. قال: و أنا أيضا يا اشتقت إليك كثيرا يا أجمل ذكري في حياتي .. أكثر مما تتخيلين .. هل أسمعه حقا؟؟؟ هل هو من يقول ذلك الكلام؟؟ ماذا حدث في العالم .. يبدو أن صمتي قد طال فوجدته يناديني: ذكري .. قلت: ها .. قال: مهما حدث أريدك أن تتذكري شيئا واحداً.. أريدك أن تتذكري دائما أني أحبك.. و وجدتني دون أن أدري أجيبه: أعرف ولكن .. قاطعني قائلا: لا لا تعرفين شيئاً .. ولن تعرفي أبدا مقدار حبي لك .. ذكري أنا أحبك.. أحبك .. أحبك بجنون .. أرجوك تذكري ذلك دائماً .. قلت: سأتذكر .. قال: و مهما حدث؟ .. قلت : نعم .. سأتذكر مهما حدث .. قال: ذكري أريد أن أراك.. ألا ترغبين في التنزه معي قبل أن أسافر.. قلت: بالطبع أرغب في ذلك .. قال حسناُ .. لنخرج معا غداً.. هل بسنت بجوارك؟؟ .. قلت نعم .. قال: حسنا.. أعطيني إياها.. أعطيت بسنت سماعه الهاتف.. كانت تتحدث إليه بجواري ولكنني لم أكن أسمع صوتها .. هل أنا هنا علي الأرض حق؟؟؟ لا بل كنت في عالم آخر تحملني أجنحة الحب الوردية و تعانقني فراشات الهوى الرقيقة.. أذلك حبيبي حقا من كنت أتحدث إليه؟؟ .. إنه رائع .. آه كم أعشقه .. سأراه غداً.. غداً.. تري متي يأتي الغد؟؟.. ما الذي أخر الغد حتى الآن.. لماذا لا يأتي؟؟ .. أفقت علي صوت بسنت يناديني للمرة الثالثة: ذكري.. أفيقي قليلا .. محمد قادم .. نظرت إليها في دهشة و سألت: متي؟؟ .. قالت: الآن.. و طلب مني ألا أتركك ترحلين حتي يأتي .. قلت لها و قلبي يكاد يطير من شده الفرح: أحقا قال ذلك؟؟.. نظرت إلي في دهشة و هزت كتفيها و لم ترد.. انتظرت قدومه مثل الطفل الذي ينتظر العيد ليرتدي ملابسه الجديدة.. مرت الدقائق بطيئة و مصبوغة بلون الملل.. ثم.. ثم دق جرس الباب و وجدتني انتفض من مكان و أقفز .. بل أطير إلي الباب .. وفتحت .. و وجدته أمامي كالحلم المتجسد .. ها أنت هنا يا عزيزي أخيرا .. ابتسمت له و ابتسم لي و لم نجروء علي الكلام .. فهذه اللحظة التي نعيشها أكبر من أي كلمات.. دخل و جلس و أخذ في الحديث مع بسنت .. كل ذلك و عيناي معلقتان به كأنها مشدودة لوجهه بخيوط لا تنقطع و كأنني أنحت في قلبي صورة لوجهه حتى لا يمحوها الزمن .. ظللنا كذلك لفترة .. حتى قطع حديثه مع بسنت و التفت إلي و ضبطني أراقبه.. شعرت بالخجل و اندفع الدم إلي وجهه و نظرت للأرض.. لمحته يبتسم و قال لبسنت: بسنت ألا تعدي لي بعض الشاي؟؟ .. ابتسمت و قالت حسناً ثم اختفت في المطبخ .. أما هو فأعتدل في جلسته و التفت إلي .. و وجدتني أزداد خجلا و نظراتي تكاد تغوص في الأرض .. نعم إنها المرة الأولي التي نكون فيها معا .. وحدنا .. و يبدو أن نفس الفكرة قد طافت برأسه فلمحته يبتسم ثم قال لي: هل قل لك أحد من قبل أنك تبدين رائعة عندما تحمرين خجلاً؟؟ .. علي أي حال أنت فاتنة في كل أحوالك .. شعرت بقلبي يدق بسرعة في صدري و كأن دقاته تخوض سباق .. اهدأ يا قلبي قليلا .. لا هذا ليس حلماً.. لا هذا ليس حلماً .. هذا واقع فلتفيق بسرعة لتعيشه قبل أن يفلت منك و يختفي مثل الأحلام .. حاولت أن أرفع عيني من الأرض ثم لمحت شيا أسود بطرف عيني لثانية واحدة التفتت لأنظر ما هو ولكني لم أجد شيئا .. ربما كانت حشرة .. و لكن لأنني أخاف من تلك الأشياء كانت تلك اللمحة كافية لتجعل جسدي يرتجف و يبدو أن رجفتي تلك كانت ملحوظة فوجدته يقول في أسي: ماذا؟؟ خائفة؟؟ مني؟؟ لا تخافي أنا أخاف عليك أكثر مما تخافين علي نفسك .. قلت بسرعة لأمحو عنه ذلك الخاطر: بالطبع لا .. لقد رأيت شيئا ما .. ربما كان صرصورا و أنا أخاف من الصراصير .. ضحك ثم قال: تخافين و أنا معك؟؟ .. لا تخافي أبدا و أنا بجوارك.. ثم صمت قليلا و قال في جدية: و إذا لم أكن بجوارك فتذكري دائما أنا قوية .. قوية بدوني لا تخافي أبدا و لا تبكي أبداً.. عديني أنك ستكونين قوية .. قلت: و لكنك ستكون بجواري دائماً.. أليس كذلك؟؟ .. قال: نعم سأكون ولكن عديني أنك ستكونين قوية حتي في عدم وجودي .. قلت: أعدك .. قال: و لن تبكي أبدا.. قلت: مادمت بجواري فلن أبكي أبداً .. قال: و حتي إن لم أكن بجوارك.. عديني هيا .. قلت : أعدك.. ابتسم لي من جديد وقال: حسناً إلي أين ترغبين في الذهاب غداً .. قلت في حماس: إلي مدينة الملاهي.. قال: يا لك من طفلة .. حسنا سآخذك هناك يا طفلتي إذا كنت تحبين ذلك .. قلت: نعم أحبه كثيراً ... نعم أحب أن أذهب معه إلي هناك كثيرا .. و لم أخبره بالسبب.. السبب أنني أشعر بالخوف دائما هناك .. وهو الشخص الوحيد الذي أشعر معه بالأمان .. و أنا أريد أن أختزن في داخلي الكثير من الأمان الذي يعطيني إياه حتي يكون مخزون لي عندما يختفي من جديد.. فأنا أعرف أنه بالتأكيد سيختفي .. فلحظات السعادة معه يعقبها دائما ساعات من الشقاء .. ابتسم لي وقال:أحب فيك كل شئ حتي طفولتك .. ذكري أحبك .. نظرت في عينيه و بدأت أغوص في ذلك البحر المتباعد الشطآن و لكن قبل أن يكتمل غوصي قاطعنا صوت بسنت يقول في مرح: الشاي.. التفت لها كلانا في غيظ شديد فقالت في ذعر : والله لقد تركت الشاي يغلي حتي كاد يفسد .. لم يمكنني التأخر أكثر من ذلك .. ضحكنا جميعا في مرح .. ثم قالت له بسنت : أنا ذاهبة لخالتي جميلة الآن سترافقني أليس كذلك .. قال لها بالطبع و لكن لماذا؟ قالت: ستسافر معا بعد غد .. أريد أن أدعو أقاربنا علي حفل خطبتي .. ساد صمت ثقيل فحاولت بسنت أن تقطعه فنظرت إلي يده اليمني و قالت في مرح: دبلة جديدة؟؟ أين دبله جدتك؟؟ .. فقد كان محمد يرتدي دائما دبلة فضيه كانت جدته رحمها الله قد اشترتها له من الأراضي الحجازية .. قالت بسنت: إنها جميلة.. ارني إياها .. في البداية حاول أن يبعد يده و لكن أمام إصرارها خلعها و أعطاها إياها .. قالت: ماذا كتبت عليها؟ .. بصراحة توقعت أن يكون كتب اسمي عليها لكنني فوجئت ببسنت تقول : عائشة؟؟ هل كتبت اسم أمك عليها؟؟ إنك حقا إنسان غريب .. ثم إن أمك هذه لا تطاق .. ابتسم لها و لم يرد .. ثم قال بعد قليل: حسنا هيا لنذهب يا طويلة اللسان.. وخرجنا معاً فقالت بسنت: لنصحب ذكري أولا إلي منزلها ثم نمضي نحن بعد ذلك .. ابتسم لي وقال: حسناً.. هيا.. ثم توقف فجأة وقال: لا .. بل تستطيع ذكري الرحيل وحدها .. أليس كذلك يا ذكري ..تذكري ما وعدتني به .. ابتلعت غصة سدت حلقتي وقلت له: نعم يمكنني ذلك .. قال : حسنا مع السلامة .. وهكذا تركني ورحل .. تبا له .. من قال أنني أستطيع الرحيل وحدي .. نعم أستطيع و لكن .. ولكن لم أكن أريد أن أمضي وحدي .. كم كانت سعادتي ستتضاعف لو صحبني لمنزلي .. علي أي حال يجب ألا أكون طماعة .. لقد حصلت اليوم علي سعادة تكفيني لسنين و أمي ليلا طويلا استعيد فيه كل ما مر بي لحظة بلحظة .. آه ما أحلي السعادة!.
|