من خلف الستارة التي صنعتها دموعي.. رأيت شبحا يمشي من بعيد.. كان القمر بدرا و شارعنا مضيئا لذلك استطعت أن أميز بسهولة ذلك الشخص الذي يمشي هناك.. أحلم مرة أخري بالتأكيد .. هل هو هو حقاً؟؟..أم أنني بدأت أهذي؟؟.. لقد عرفت الهذيان منذ عرفته فلم يعد شيئا جديدا.. كنت أعتقد دائما أنك لو فكرت كثيرا في شخص ما فسوف يتمثل أمامك.. فهل هذا محمد حقا أم أنه طيف خرج من أحلامي؟؟.. إنه هو حقا .. بالتأكيد هو .. يبدو أنه كان واقفا يحدق فيَ منذ فترة و عندما لاحظ أنني انتبهت إليه أسرع مبتعدا.. ظللت ألاحقة بنظراتي حتى ابتلعه ظلام الطريق.. إذا فقد جاء من أجلي.. جاء ليراني .. لماذا؟؟.. يطلب مني دائما أن أتخذ قرارا بتركة .. و الآن .. و عندما أجبرت نفسي أخيرا علي اتخاذ ذلك القرار يمنعني من تنفيذه؟؟.. كيف اتركه و قد جاء ليراني .. كيف أتركه و هو يحاجني بشده .. نعم يريدني أن أبتعد و لكنه يحتاج إلي.. كيف أتركه في وقت ضعفه .. أليس من الواجب علي أن أقدم له ذراعي يستند عليها ليجتاز كل تلك المصاعب التي تحيط به كطوق يخنقه؟؟؟.. لا .. لا يمكن أن أتركه الآن .. لما لا أبقي.. فقط لبعض الوقت .. ربما احتاج إلي .. ربما أرادني إلي جواره .. ربما.

في اليوم التالي نظرت بالصدفة في التقويم المعلق علي الحائط .. كيف نسيت شيئا هاما مثل ذلك .. يبدو أن المشاكل التي عشت فيها في الأيام السابقة قد أخذتني في دوامتها فأنستني الدنيا .. إلي الحد الذي نسيت معه عيد ميلاده .. كم أرغب في أن أشتري له هديه .. هدية تخبره أنني سأبقي بجواره دائما و تذكره أن يناديني كلما أحتاج إلي .. ولكن كيف سأتمكن من إعطائها له؟؟ .. بسنت لن تساعدني بالتأكيد هذه المرة .. إنها تنتظر من الآن أن أخبرها بأنني سأتركه للأبد لا بأنني أريد منحه هدية .. فكرت كثرا ثم اتصلت بها وقلت: بسنت من فضلك .. هذا آخر طلب أطلبه منك بخصوص ذلك الموضوع .. أريد فقط أن أراه للمرة الأخيرة و أن أمنحه هديه وداع.. ألا تساعديني؟؟ فقط هذه المرة.. أرجوك يا بسنت.. تنهدت بسنت في عدم رضي و قالت: حسنا .. فقط لهذه المرة.

ذهبت لأحد محلات الهدايا الكبرى .. أريد أن أمنحه شيئا مميزاً جدا خاصة و أنها أول هداياي له .. نعم الأولي ومن يدري ربما كانت الأخيرة.. في ظل ما يفعله بي هذه الأيام لم أعد متأكدة من شئ.. تري ماذا أشتري له؟؟؟.. وجدت علي أحد الرفوف قلب أحمر كبير رائع الشكل منقوشا عليه كلمه "أحبك" بعده لغات .. تمنيت أن أشتريه له.. ربما لو كانت ظروف حبنا مختلفة لفعلت .. و لكن في ظل ذلك الحب الذي أمشي فيه في كل لحظة علي حد السيف و تحيط بي النيران من كل جانب يبدو ذلك صعبا جداً.. في أحد الأركان وجدت هديتي صندوق ملئ بالزهور المجففة الرائعة .. نعم زهور لا تذبل .. زهور لا تموت .. لتعبر له عن حبي له الذي لن يموت.. طلبت من البائع أن يلفه لي في أوراق وردية رقيقة و خرجت من المكان و أنا أعد الدقائق في انتظار الميعاد الذي حددته لي بسنت .. تري هل ستعجبه هديتي؟؟.. قابلت بسنت وذهبنا معا للمكان الذي سنقابله فيه .. ما أن حضر حتى بدت عليه دهشة شديدة لرؤيتي .. سلم علينا في ارتباك و قال أنه لن يستطيع البقاء معنا إلا لدقائق قليلة فقط .. نظر لي و كأنه يتوقع مني أن أتكلم .. نظراته كانت و كأنها تتساءل ألن تعاتبيني؟؟.. لماذا أتيتِ؟؟ ألم تكرهيني بعد؟؟.. و لما وجدني صامته سأل بسنت : حسناً ما هو الأمر الهام الذي طلبت لقاءي من أجله؟؟ .. ابتسمت بسنت و أجابت لست أنا من أريدك .. إنها ذكري.. نظر لي في دهشة و ترقب و قال: حسناً؟؟ .. شعرت بالخجل فنظرت للأرض و أنا أهمس له : أردت فقط أن أقول لك عيد ميلاد سعيد .. قدمت له الهدية و أنا لازلت لا أستطيع أن أرفع بصري علي الأرض .. قال في دهشة: عيد ميلادي؟؟؟ حقاً.. إنه اليوم بالفعل .. نظرت إليه فوجدت وجهه و قد أشرق بالسعادة .. كاد قلبي أن، يقفز من صدري من الفرح.. ليته يعطيني الفرصة لكي أغرقه في بحور السعادة .. قال: أشكرك .. ثم تغير وجهه قليلا و كأنه تذكر شيئا فبدأ و كأن سحابه شفافة قد حجبت وجه الشمس.. تنهدت في عمق .. ها هو يتألم من جديد .. ثم تكلمت بسنت.. قالت: محمد.. بخصوص تلك الفتاة التي كانت معك في القناطر .. شعرت بالغضب الشديد.. لماذا تذكر تلك الحمقاء ذلك الأمر الآن.. قبل أن تكمل جملتها .. وحتى لا أمنحه فرصة ليرد عليها التفتت ليها في عنف وقلت لها: بسنت من فضلك لا تتحدثي في ذلك الموضوع .. قالت: ولكن يا ذكري... قاطعتها مرة أخري و قلت: من فضلك يا بسنت هذا الموضوع يخصني أنا وهو فقط و ليس لك الحق في الحديث عنه.. التفتت ليه فوجدته ينظر لي في دهشة وذعر شديدين .. فلاحظت ما حدث .. نعم إنها المرة الأولي التي أعبر عن مشاعري نحوه بذلك الوضوح .. فليكن و ماذا في هذا.. نظر لي لبعض الوقت و كأنه في انتظار شئ ما .. تريد أن أتشاجر معك يا عزيزي.. حسنا يبدو أنك ستنتظر طويلا جدا.. ثم منحته واحدة من أجمل ابتساماتي .. ارتسمت خيبة الأمل علي وجهه فلم أستطع أن أتمالك نفسي من الضحك .. قال: حسنا يجب أن أذهب الآن .. شكرا لك يا ذكري مرة أخري.. ثم.. ثم أعطاني ظهره وغادر .. قلت في نفسي: آآآآآآآآآآآآآآآه أيها الأحمق فقط لو أعطيتني ولو مساحة ضئيلة في حياتك فربما غيرتها لك للأبد.. تري ما الذي يحمله لي عقلك هذا في الغد؟؟؟

من خلف الستارة التي صنعتها دموعي.. رأيت شبحا يمشي من بعيد.. كان القمر بدرا و شارعنا مضيئ
اعجبتني تلك الجملة جدا
اسلوبك من اكثر الاساليب جذابية علي الاطلاق
اكرراعجابي بكي

أختي ذكري انتي موهبة فريدة من نوع خاص خلقت حقا لامتاعنا بفنون الكتابة الادبية الرائعة
الحقيقة اسلوبك جميل جدااا ومعبر لدرجة تفوق الوصف بعدة مراحل ماشاء الله عليكي

وكلي اسف علي دخولي المتأخر لكن الحقيقة بعد تعرفي عليكي في قصتك القصيرة الرائعة (انهيار)
ودعوتك الغالية والكريمة لي لقراءة قصتك الأروع (ثم كانت الذكري) تأكدت فعلا انك كتلة من الموهبة التي تشع بفن الادب وهبها الله سبحانه وتعالي لنا لنستزيد من فنها الجميل

في بداية قراتي لقصتك عاهدت نفسي ان لا اكتب لكي اي تعليق عليها....لكن من شدة تأثري وشغفي بها واندماجي في احداثها لم استطع منع نفسي من الكتابة اليكي وخاصتا بعد ان شعرت بالظلم الكبير الذي تعرضتي له من احدي القارئات دون ادني ذنب ترتكبيه

اسمحي لي ايضا ان انحني لكي احتراما لعقلك المبدع والمدرك والواعي الذي نسج لنا قصة رائعة جذبتنا من بداية سطورها ولعبت علي وتر قلوبنا باجمل ما في الحياة من معاني وهو الحب
(البطل الخفي والحقيقي والمحرك الاساسي لكل الابطال في اي عمل رومانسي )وحلقت بنا علي اجنحته الوردية برغم ما قد يسفر عنه تحليقنا معه من سعادة ربما لا تكون دائمة في معظم الاحوال والم وعذابات لا حصر لها في احوال كثيرة
ومع ذلك يتقبلها القلب وهو راضي وكل هذا في سبيل الفوز بحب العمر الذي لا يصادفه او يعيشه الانسان الا مرة واحدة في العمر من خلال عمره الافتراضي كأنسان خلق الله فيه غريزة الحب الفطرية ليحب وليتحاب

لقد اعطيتيني انتي والاخت (قبلة) وغيركما الامل في انه يوجد في مصر جيلا شابا من الفتيات يتشارك معي في حبي وعشقي وتذوقي لفن الكتابة القصصية الادبية اتمني من كل قلبي ان يزيد عددنا لنساهم معا في خلق وابداع اعمال رائعة مثل من سبقونا من ادبائنا واساتذتنا الكبار الراحلين رحمهم الله ان شاء الله والموجودين بارك الله في اعمارهم ان شاء الله

ومبارك عليكي تثبيت القصة الاروع ومتابعة معكي حتي النهاية الرائعة بكل اشكالها وهذا وعد مني لكي بذلك طالما لي قلبا ينبض وعقلا يدرك وروحا تتذوق مثل فنك الجميل



الي اللقاء يا ذكري