كاتب الموضوع :
ثم كانت الذكري
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
يحرقني التساؤل .. يحرقني .. يحولني إلي شظايا .. أتمني أن أستطيع البكاء.. أحاول بشدة .. لكن .. لا دموع .. فقط النار.. النار تشتعل في عيني فتحرقها و تحرقني و تحولني إلي رماد.. نعم أنا رماد .. هباء.. لا شئ.. نعم أنا لا شي .. كنت لا شئ بالنسبة له منذ البداية .. أو ربما .. ربما كنت شيئا ثم صرت لا شئ؟؟ .. أكرهه كثيراً الآن .. و أكرهها .. أتمني لو انفجرت المركب التي كانت تحملهما و احترقت ألف مرة .. تري ما شكلها .. كيف تبدو .. هل هي أجمل مني .. هل تحبه بقدر ما أعشقه .. هل أضاعت سنوات عمرها في انتظاره مثلي؟؟ .. بجانب الغضب الذي أشعر به اجتاحني فضول قاتل.. تري كيف تبدو .. ربما لو توقفت بسنت عن البكاء قليلا لسألتها .. بعد قليل بدأت بسنت بالهدوء .. أعرف ما تشعر به .. كان الله في عونها .. فعندما يتحطم مثلنا الأعلى لا تعود الأشياء أبدا مثلما كانت .. سألتها في فضول حزين: كيف تبدو؟ هل تعرفينها؟؟.. قالت في غضب : أعرفها بالطبع إنها فتاة تعمل في متجر التحف القريب من منزله .. فتاة مطلقة و أخلاقها ليست فوق مستوي الشبهات علي الإطلاق .. لقد ظلت تطارده لفترة طويلة حتى لم تعد تطمع في الحصول حتى علي نظرة منه .. تري كيف استسلم لها أخيرا؟ .. و اختنق صوتها بالبكاء من جديد .. و بدأت عيناها تدمعان .. تمنيت أن تهدأ فأنا لا أستطيع البكاء .. ودموعها تسقط علي ناري فتزيدها اشتعالا.. ما الذي يربطه بفتاة مثل تلك الفتاة .. أهذه هي التي تركني من أجلها؟؟ .. لا أستطيع التصديق .. عقلي لا يقبل ذلك علي الإطلاق.. هل خدعت فيه كل تلك الفترة .. هل هو شخص آخر غير من تصورته؟؟ .. كابوس .. هذا بالتأكد كابوس .. إذا لماذا لا أستيقظ .. تمنيت لو أنني لم أعرف.. لماذا ذهبت بسنت في ذلك اليوم للقناطر لتراه .. لماذا ذهب هو في ذلك اليوم .. لو أنه فقط ذهب في يوم آخر .. و لكنه أحمق .. و كأنه ذهب في وقت ذهابها لتراه .. و كأنما ضغطت هذه الكلمة زرا خفيا في رأسي .. و انتبهت إلي نقطة هامة .. كيف لم ألاحظها من قبل.. نعم .. إنه يعرف .. إنه يعرف أن بسنت ذاهبة في ذلك اليوم بالذات ... لقد قابلنا في الصباح .. فكيف يذهب مع هذه الفتاه في نفس وقت ذهابها .. أي أحمق آخر كان سيؤجل ذهابه ليوم آخر .. إذن فهل كان يتعمد أن يجعلها تراه؟؟ .. لماذا؟؟ .. بالتأكيد ليحدث ما يحدث الآن .. ستأتي بسنت و تخبرني فأنفجر في البكاء و ألعن ذلك الخائن ثم أتركه و أرحل .. هل ذلك فعلا ما قصده .. نفضت عن رأسي تلك الأفكار .. يبدو أنني أنقب له عن عذر أو مخرج .. هو خائن بالتأكيد .. لا يمكن أن تكون بسنت قد أصيبت بالعمى و من رأته كان شخص آخر .. بالتأكيد كان هو بنفسه .. و كانت معه تلك الفتاة .. بسنت لا تكذب .. وهو مدان بالخيانة .. لا شك في ذلك .. لا يجب أن أبحث له عن مخرج .. و لكن رغما عني وجدتني أسترجع كل حرف من محادثتنا ذلك الصباح.. لماذا سألني عدة مرات إذا كنت سأذهب مع بسنت أم لا؟؟ .. بالتأكيد لأنه لم يكن يجرؤ علي الظهور مع تلك الفتاة أمامي .. فأنا كنت دائما نقطة الضعف في أي خطة يدبرها للتخلص مني .. لا .. بالطبع أنا أهذي .. لا يمكن أن يكون ذلك صحيحا .. الشخص الذي يتصرف مثل هذه التصرفات إما مجنون تماما أو يكرهني حتى الموت و يتمني التخلص مني..لست واثقة و لكنني لا أعتقد أنه يكرهني.. إذا هو مجنون؟؟؟ .. أو ربما أنا المجنونة .. لماذا أحاول أن أجد له دائما مبررا لكل ما يفعل.. أنا متأكدة أنه لا يستطيع أن يؤذيني .. حتى في ذلك اليوم الذي تركني فيه انتظره .. عرفت أنه كان يراقبني من مكان قريب حتى لا أتعرض لأي أذي أو مضايقات .. حتى وهو يجرحني يخاف علي بشده .. أي إنسان هذا؟؟.. اشعر بشئ غريب في داخلي و كأنه شجار حاد بين عقلي وقلبي .. يصدق عقلي أنه لم يخونني و يكذبه القلب.. و تارة يصدق قلبي و يكذبه العقل .. رأسي يكاد ينفجر .. أتمني لو أموت الآن فينتهي كل ذلك .. هل أصدق فعلا أنه لم يخونني؟؟.. هل أصدق أنه فعل ذلك فعلا ليتخلص مني .. و لكن لماذا؟؟.. إذا كان يحبني بالفعل فلماذا يريد التخلص مني بهذا الإلحاح؟؟.. لماذا يدبر تلك الخدعة المعقدة؟؟ .. ها أنا عدت للتصديق بأنه برئ.. لا يجب علي أن أخدع نفسي .. يكفي أنه هو كان يخدعني .. رن جرس الهاتف ليخرجني من تأملاتي .. لينقذني من تلك الدوامة التي تكاد أن تبتلعني .. الفرار الفرار.. سألت بسنت التي كانت لا تزال تحاول التماسك: هلب أرد أنا .. سألتني : من؟ .. قلت رقم لا أعرفه .. ذكرت لها الرقم فقالت : أنه محمود .. سأرد أنا .. ما أن رفعت السماعة حتى بدأ الاثنان بالصراخ .. يتحدثان معا في نفس الوقت بصوت عال .. لا ينتظر أيا منهما ليستمع لما يقوله الآخر .. كأن كل منهما يستعجل إفراغ ما لديه للآخر.. و كان صوت محمود مرتفعا حتى أنني لم أكن في حاجة لضغط زر السماعة الخارجية لأسمع صوت محمود .. فقد كان يأتي لي بوضوح و كأنه يتحدث في ميكرفون.. استمعت إلي حديثه بعض الوقت حتي شعرت أنني سمعت ما يكفي فخرجت و أغلقت باب الغرفة من خلفي فأنا لا أرغب في سماع المزيد .. إذا ما توقعته كان صحيحا .. كانت خدعة مدبرة .. خدعة الغرض منها أن أظن أنه خائن فأتركه و أكرهه.. يريدني أن أكرهه و أنساه .. أو أحاول أن أتنساه .. يريد أن يتركني بطريقة تجعلني أكف عن التعلق ه تماما .. و يتوقع بعد ذلك أنني سأستطيع أن أعيش حياتي بعدها بشكل طبيعي.. أحب آخر ... و أتزوج .. و كل هذا الهراء.. أي شكل طبيعي يتحدث عنه .. الآن بدأت أتأكد بالفعل أن محمد مجنون .. نعم مجنون تماما فهذه التصرفات لا يمكن أن تصدر إلا عن شخص مجنون أو معتوه .. لا أجد أي تفسير آخر لما يحدث .. أي جنون هذا الذي يمارسه ضدي .. تمنيت أن يكون الآن أمامي لأصفعه .. فربما أفاق .. لماذا يتخيل أنني قاصر لا أستطيع التفكير و أنه الشخص الذي يجب أن يفكر عني و يختار لي حياتي .. لماذا هو غبي هكذا .. لماذا لا يصدق أنني أحبه و أنني لا أستطيع أن أعيش و لو ساعة واحدة بدونه .. لماذا يعذبني و يتعذب .. لو فقط فكر قليلا في أن يجلس معي ويتحدث .. لو أنه فقط ناقش معي مشاكله تلك لأثبتت له أن كل ما يعاني منه مشاكل تافهة لا تستحق أن يضيع عمره و يضيعني من أجلها.. و أي مشاكل يعانيها؟؟ .. مشاكل مادية؟؟ .. و ماذا في هذا الجميع يعاني الآن من مشاكل مادية.. ستحل بالتأكيد يوما ما .. ربما أحتاج إلي بضع سنوات و لكن لا يهم فسأنتظره علي أي حال.. و ماذا أيضاً؟؟.. بضع مشاكل تافهة إضافية .. أخته الكبرى علي وشك الطلاق من زوجها .. فلتطلق أو تذهب للجحيم إنها مشكلتها و ليست مشكلته .. و أخته الصغرى اكتشفت بعد خطوبة استمرت 6 سنوات أنها لا تطيق خطيبها.. لماذا لا يترك أفراد عائلته جميعا ليفعلوا ما يحلوا لهم؟؟ .. لماذا لا يفكر في نفسه قليلا و يكف عن لعب دور كبير العائلة ؟؟.. لماذا تصر عائلته علي أن تحمله دائما كل المسئولية رغم أنه الأصغر و ليس الأكبر و لماذا يختار هو دائما أن يحمل تلك المسئولية؟؟.. رد قلبي: لأنه هكذا و سيظل هكذا .. رجل .. أنت أحببته لأنه كذلك .. نعم ربما كان هذا صحيحا و لكن لماذا يصر علي تحمل مسئولية كل الناس و يهرب من تحمل مسئوليتي أنا؟؟.. ألست مسئولة منه أيضاً.. أنا الوحيدة التي تملك الحق في أن تطلب منه أن يتحمل مسئوليتها و أنا الوحيدة التي يرفض تماما أن يمنحها هذا الحق .. ربما كان هذا تفسير حلم الأمس .. بالتأكيد كان النهر هو حبه .. حبه الذي يرفض أن يمنحني قطره منه.. لماذا؟؟ لأن هذا لصالحي كما يزعم .. تبا له .. يحرقني بناره وهو يظن أنه يمنحني الجنة.. فليذهب إلي الجحيم هو وناره وجنته .. و لأول مرة في ذلك اليوم تطاوعني دموعي .. انهمرت تتسابق علي وجهي .. أي دموع تلك ؟؟.. بدلا من أن تطفئ النار التي تشتعل بداخلي تزيدها اضطراماً .. كأنها دموع من نار ولهب .. آآآآآآآآآآآآآآآآآه .. إني احترق .. لماذا لا تأتي لإنقاذي .. انفتح الباب في تلك اللحظة ودخلت بسنت .. اختفت دموعها وإن بدا علي وجهها هم شديد .. قالت: ذكري أود الحديث معك في أمر هام .. تري أي كارثة يحملها لي حديثها هذه المرة.
|