كاتب الموضوع :
ثم كانت الذكري
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
و علي عكس مخاوفي استمرت أيام السعادة .. لا شئ جديد بالنسبة لكم ربما .. مكالمات هاتفية تتكرر فيها نفس الكلمات كل عدة أيام سؤال عن صحتي و نصيحة أن أذاكر بجد ولا شئ أكثر.. كلمات قديمة و مستهلكة بالنسبة لكم و لكنها بالنسبة لي دائما جديدة .. لماذا تبدو لنا الكلمات العادية رائعة ممن نحب؟؟ لست أدري.. صحيح أنني كثيرا ما كنت أشعر بالقلق عليه بلا سبب .. ربما لأن في صوته دائما رنه غريبة كأنها قلق أو حزن .. أو ربما بسبب شئ ما يشعر به قلبي و لا أستطيع تفسيره .. و لكنني كنت دائما أزيح هذا القلق جانبا .. أحاول تجاهله لأستمتع بكل لحظة معه .. فلأترك القلق الآن .. بالتأكيد قريبا سأحصل علي أطنان من القلق عندما يسافر عائدا لعمله فلماذا استعجل القلق من الآن.. و لكن متي سيسافر .. لم أجرؤ يوما علي أن أوجه له هذا السؤال فمن يجروء علي أن يسأل متي تختنق أحلامي أو متي سيكون تاريخ وفاتي .. إنها أسئلة ربما ينتابنا الفضول لمعرفة إجابتها أحيانا و لكننا غالبا لا نريد تلك الإجابة أبدا.. و أنا لم أكن أريد أن أعرف .. لا أريد أن أستيقظ من الحلم حتي ينتهي.. مرت شهور ولم ينته الحلم بعد .. لماذا لم يعد لعمله .. هل سيبقي للأبد ؟؟ .. كان من المفترض أن يفرحني هذا الخاطر بشدة و لكنني لا أعرف لماذا كنت أشعر بالانقباض في ذلك اليوم .. ظللت طوال الليل مستيقظة.. هناك شئ ما يحدث له .. شيء لست أدريه و لكنني أشعر به بقوه .. أشعر و كأن هناك من يريد أن يختطفه مني و أمد يدي في ظلام مخدعي لأنقذه فلا أتمسك إلا بالهواء.
ذهبت لبسنت في اليوم التالي فور استيقاظي .. يجب أن أعرف ماذا هناك .. ما أن فتحت لي الباب حتي عرفت أنها لم تنم ليلتها هي الأخري و كأنما الخيالات المزعجة التي أرقتني قد زارتها أيضاً .. سألتها عما بها فقالت إنه مجرد تعب بسيط و سيزول .. كانت تكذب أنا واثقة .. هناك شئ حدث له .. لم أجروء علي سؤالها مباشرة و كأنني أخاف مما سأعرفه .. أريد أن أعرف و لا أريد أن أعرف .. انتظرت أن تقول شيئا و لكنها لم تقل .. لماذا نصر دائما علي معرفة ما نحن متأكدين أنه سيقتلنا .. لماذا أصر دائما علي أن أحفر قبري بيدي و أتمدد فيه ثم ألوم الآخرين علي قسوتهم .. دائما ما أسئل نفسي عن ذلك و رغم ذلك أستمر في حفر القبر .. خرجت من صمتي و سألتها : بسنت لماذا لم يعد محمد لعمله حتي الآن؟؟.. لم تجروء علي النظر في عيني .. حاولت أن ترسم علي شفتيها شبح ابتسامه ة هي تقول لي: هل مللتي منه بهذه السرعة ؟ .. جاء صوتها أشبه بالبكاء و لمحت دموعا تتأرجح في عينيها و تحاول إخفائها عني .. بالتأكيد شيء فظيع حدث له .. يجب أن تخبرني .. قلت لها: اعرف أن شيء شرير يحدث له .. ارحميني و قولي ماذا هناك .. قالت ودموعها قد نجحت في الإفلات رغما عنها: ألا أرحمك أكثر بألا أخبرك .. قلت: بالله عليك أريد أن أعرف لقد شارفت علي الجنون .. و كأنها استراحت لأن هناك من يريد أن يحمل معها السر الذي يثقلها أخذت تحكي لي .. لماذا سألتها؟؟ .. ليتني لم أسأل .. قالت: قبل أن يسافر محمد المرة السابقة أستأجر مع أصدقائه سيارة لحضور زفاف صديق لهم و لكن شريكه في العمل أتصل به ليحضر فورا فترك السيارة لأصدقائه و سافرو نسي أنه كان الضامن لهم و أنه ترك بطاقة هويته لدي صاحب مكتب تأجير السيارات. عندما قاد أصدقائه السيارة حدثت لهم حادثة . لم يصب منهم أحد و الحمد لله و لكن السيارة تهشمت. ذهبوا لصاحب مكتب التأجير و دفعوا تعويضا كبيرا له و لكنهم نسوا استرداد بطاقة هوية محمد أيضا . صاحب مكتب تأجير السيارات كان رجل فاسد الذمة فأقام دعوي ضد محمد و عندما عاد هذه المرة وجد هذه الدعوة قائمة و ذلك ما يمنعه من السفر.
كنت أشعر بأن الموضوع أكبر من ذلك .. قلت لها: بماذا يطالب ذلك الرجل؟ بتعويض؟ فليدفع له محمد أي تعويض مناسب إذا كان ذلك سيبعد شره عنه .. قالت : أنت لا تفهمين يبدو أن محمد كان قد كتب إقرار بسلامة السيارة أو شئ من هذا القبيل . لست أفهم في هذه الأشياء جيدا و لكن محمود عندما اتصل بي ليخبرني قال لي أنهم سيحكمون عليه بالحبس أيضا. و لقد ذهبا أمس للتفاهم مع ذلك الرجل و لكنهم تشاجروا معه و أصر الرجل علي أن يحبسه .. شعرت بالدوار .. أحسست أنني أسقط في بئر عميقة ليس لها قرار حاولت أن أتشبث بأي شيء .. قلت لها و كم هي مده الحبس؟؟ .. قالت : يقول محمود أنها ستكون من ثلاث إلي سبع سنوات.. ثلاث سنوات أو سبع سنوات أخذ الرقمان يدقان في رأسي كالمطارق.. ثلاث أو سبع سنوات .. لست أصدق أن ذلك يمكن أن يحدث .. لماذا يحدث لي وله ذلك دائما .. لماذا لا نجتمع حتي نفترق .. ولكن هذه المرة مختلفة .. ليست سفرا عاديا .. إنه سجن .. سجن له حوائط أربع و بدون نوافذ .. سجن لي و له و لحبنا و حريتنا و لكل شيء.. سجن لأحلامنا و لكلامنا البريء التي نتبادلها عبر الهاتف .. سيأخذونه بعيدا جدا عني .. لن أراه .. لن أسمع صوته .. لن أحس بوجوده بجواري .. لن يكون هنا من أجلي علي الإطلاق .. وماذا سأفعل أنا؟؟ سأجلس لأفكر في شقائه طوال اليوم و أتعذب لنا معاً ؟؟ .. هل سأرسل له الخطابات .. و هل ستصلح الخطابات .. ماذا سأقول له فيها .. سيذهب .. بعيدا هذه المرة .. سيذهب رغما عنه .. اكره أن اراه يفعل أي شيء رغما عنه .. كان دائما قويا .. و أنا أحبه قويا .. انتشلتني بسنت من الغرق في أفكاري و سألتني و الدموع لازلت تغرق صوتها فلا تظهر مقاطعه: ماذا ستفعلين؟ هل...... هل ستتركينه؟
سؤالها استطاع أن ينتزع ابتسامه مريضة من داخل أحزاني .. نظرت لها و قلت : أتركه؟؟؟ إنه قدري و هل يهرب أحد من قدره؟؟؟؟؟
|