لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-04-08, 02:51 PM   المشاركة رقم: 36
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45537
المشاركات: 187
الجنس أنثى
معدل التقييم: الناظر عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الناظر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
افتراضي آخر الأجزاء

 

8 _ من أنت ؟

بدا الصوت العميق ورائها أجش يحمل بعض المرح وشيئاً آخر تفاجأت ماغي فاستقامت في وقفتها واستدارت لمواجهته .
قالت معترضة : لن .. لن أقع .
مشى رافايللو الهوينى نحوها واضعاً يديه في جيبي بنطلونه لا بد أنه دخل من الباب الخاص الذي يصل بين غرفتيهما كان ما يزال مرتدياً بذلته الرسمية وقد فك عقدة ربطة عنقه وتركها متدلية على جانبي قميصه الحريري صحح لها : ليس هذا الخطر الذي قصدته أقصد هذا .
وشدها إليه بقوة .
تمتم وقد أحنى رأسه : إنه موضوع أكثر خطراً .
رأت في عينيه بريقاً جعلها تشعر باضطراب قوي في داخلها فراحت تتنفس بصعوبة محاولة أن تنسحب لتبتعد عنه : رافايللو !
لكنه بدالا غير راغب في السماح لها بالهروب ببساطة شدها بقوة أكثر إليه محركاً يده على ظهرها وكور يده الأخرى تحت شعرها الكثيف ليمسك بمؤخرة عنقها لم يبق لديها نفس في صدرها لتتكلم أو تعترض أو تصرخ أو حتى .. لتتنفس .
قال لها بنعومة : هناك طريقة واحدة لإنهاء أمسية مثل هذه .
ثم عانقها …
حدث ذلك فجأة ودون أن تتاح لها الفرصة لتفعل أو تقول شيئاً .
في لحظة كانت تحدق من النافذة إلى ليل توسكانا الرائع وهي تفكر أن الأمسية انتهت وفي اللحظة التالية ضمها رافايللو إليه وهاهو يعانقها بشوق ولهفة .
شعرت ماغي أنها ضائعة , ضائعة تماماً .. سيطر عليها إحساس قوي بقوة الألعاب النارية أصبح عناقه أعمق وأخذ الدم يتدفق في عروقها وفي أذنيها وسرعان ما التفت يداها حول عنقه لتضماه إليها بقوة .
راح يتمتم بكلمات في أذنها لكنها لم تفهم أي كلمة مما قاله لم تستطع أن تفهم سوى أنه ما زال يعانقها .. سمعته يقول : إلى غرفتي .
جاء صوته أجش … وأخيراً وجدت ماغي صوتها فتمكنت من النطق من أعماق أعماقها : رافايللو من فضلك أنا .. أنا .
قال هامساً : هش … عزيزتي ثقي بي فأنا أريدك كثيراً .
عاد يعانقها مرة أخرى وكادت أن تستسلم له بالكامل لكن الأحلام لا تصبح حقيقة وما تعيشه الآن ليس حقيقياً .. لا يعقل أن يكون حقيقياً .
ابتعدت عنه قليلاً بينما كان رافايللو يدفعها إلى الأمام .
_ رافايللو لا ! من فضلك أصغ إلي أنت لا تفهم .
لاحظ رافايللو الإلحاح في صوتها فتركها لتبتعد عنه أكثر وبحثت عيناه السوداوان عن عينيها في ذلك النور الخافت .
_ لا تخافي لن أسبب لك أي أذى أعلم انه مر وقت طويل بالنسبة لك وأن خسارتك لوالد بنجي كانت مأساة قاسية ولا تحتمل لكن عليك الاستمرار في العيش ومعانقة الحياة من جديد .
اتسعت عيناها لسماع كلماته وبدا عليها أنها تحاول الكلام لكنه لم يدعها تتكلم .
_ أنت جميلة وجذابة وحياة بأكملها قد فتحت أمامك الآن الماضي مضى عزيزتي تذكري كايس فقط من خلال الولد الذي أعطاك إياه لكن الآن استمتعي وعانقي الحياة من جديد .
ظهر الرعب على وجهها وتمكنت أخيراً من القول بضعف كايس ؟ لا أنت لا تعرف كايس ليس والد بنجي .
جمد في مكانه فجأة وكأنها ضربته ثم سألها : إذن من ؟
تجهم وجهه فما الذي يحدث أمامه ؟
شعرت بذراعيه ترتخيان حولها ورأته يتراجع إلى الوراء .
_ أنا .. أنا لا أعرف .
أصبح وجهه قاتماً من الغضب وصاح : ماذا ؟
ابتلعت ماغي غصة وقالت : أنا لا أعلم من هو والد بنجي أرأيت … ؟
ابتعد عنها أكثر والتوتر باد في كل ذرة من جسمه .
_ أنت لا تعلمين من .. هو والده ؟
لاحظ أن هناك نظرة مترددة في عينيها لكنه تجاهلها ففي داخله تضطرم نار من الغضب المدمر .
_ هل أقمت علاقات مع عدد من الرجال لدرجة أنتك لا تعرفين من هو والد ابنك ؟
قساوة كلماته اللاذعة لسعتها بقوة ومع أنها بدت مصدومة إلا أنه تابع بقسوة والعنف ذاتهما : إذاً ذلك كايس الذي تتحدثين عنه وعن تلك الخسارة المأساوية هي مجرد قصة عاطفية لتتمكني من السيطرة علي .
تراجعت خطوة أخرى إلى الوراء وهمست : أنت لا تفهم .. ولا تعرف .
التوى فمه بازدراء وقال : آه ! أنا أعرف كل شيء .. أنا أعرف الحقيقة مهما كانت حياتك صعبة وسيئة فليس هناك عذر مطلقاً لتعيشي حياة مستهترة حتى إنك لست منزعجة من عدم معرفتك لهوية والد ابنك .
ملأ الاحتقار والازدراء وجهه وهو يتابع : هل فكرت مرة باستهتارك المطلق وعدم مسئوليتك تجاه ذلك الطفل البريء ؟ ألست أنت مثالاً حياً عن عدم تحمل المسؤولية ؟ ومع ذلك تفعلين ذلك ثانية وكأن ابنك ليس من لحمك ودمك .
صرخت بمرارة وألم : بنجي لي ! لن أتركه أبداً , أبداً .
خلا وجهه من أية تعابير وهو يقول : الولد بحاجة لأبيه .
ظهر شيء من الحزن في صوته ثم قال مكرراً : الولد يحتاج لأبيه وأنت حرمت ولدك من هذا الحق حتى إنه لن يعرف من هو والده ! أم أنك ستكذبين عليه وتقولين له إن كايس والده لتخفي عنه حقيقة أمه ؟
بدا صوته مليئاً بالازدراء والإدانة بغضب سار عبر الغرفة متوجهاً نحو الباب ليصل إلى غرفته من خلاله شعر بألم في أحشائه وكأن شيئاً ما رائعاً نادراً ومدهشاً تحول فجأة إلى فطريات عفنة بين يديه .
ما إن راقبته يغادر حتى وقفت ماغي في مكانها مضطربة من العاطفة القوية إلى الغضب الشديد في عدة لحظات ! شعرت وكأنها في ثورة من الغضب وعلمت أن عليها أن تلحق به .
وصلت إلى الباب المشترك في اللحظة التي كان سيغلقه فيها ومدت يدها لتمنعه قالت بصوت منخفض ومتوتر : رافايللو أنا لا أعرف من هو والده أمر فظيع جداً لكن .. أرجوك أعط السماح والغفران لكايس .
ازداد وجهه تجهماً وعبوساً .
_ كايس ؟ أنت قلت الآن إنه لم يكن والد بنجي ؟
ابتلعت ماغي غصة وقالت : صحيح كايس لم يكن والد بنجي كايس …
ترددت قليلاً لتقول أخيراً : كايس هي والدة بنجي .
حدق بها وكأنها أصيبت بالجنون أجبرت نفسها على المتابعة : كانت كايس كشقيقة لي لم يكن للواحدة منا سوى الأخرى في كل هذا العالم عندما .. عندما عاودها السرطان .. أصيبت بشيء من الجنون على ما أعتقد كانت تعلم أنها ستموت قبل أن تبدأ حتى بالحياة وقالت لي .. قالت لي ..
شعرت بطوق من الفولاذ يضيق على عنقها جعل من الصعب عليها أن تتنفس أو أن تتحدث لكنها أجبرت نفسها على المتابعة : .. إذا كانت لا تستطيع أن تعيش وإذا كانت ستختفي عن هذا الوجود .. وأرادت أن تبرهن أنها كانت موجودة وأنها وإن كانت لا تستطيع أن تعيش فستترك جزء منها بعدها هل كانت مخطئة ؟
أصبح صوتها كالهمس وهي تتابع : هل كانت مخطئة لمحاولتها الحصول على طفل بأية وسيلة كانت لتترك شيئاً
منها ورائها ؟ هل كان بإمكاني أن أقول لها لا ؟ كيف يمكنني ذلك وأنا لا أواجه المرض والموت مثلها ؟ كل ما استطعت القيام به هو أن أعدها بأن أربي ابنها وأن أكون الأم التي لم يتسنى لها أن تكونها كانت تعلم أني لن أتخلى عن بنجي مطلقاً لأنني أنا نفسي كنت يتيمة كانت تعلم أنها يمكنها الوثوق بي لذلك أعطتني إياه ... قبل وفاتها .
راحت الدموع تنسكب على خديها بغزارة ولم تستطع إيقافها بعد هذا الفيض من الذكريات التي تجمعها بصديقتها وقفت هناك وهي تضع يدها على الباب ولم يعد بإمكانها قول المزيد .
بعد ذلك أحاطتها ذراعان قويتان ضمتاها إلى صدر رافايللو القوي وكأنهما يحمياها انسكبت الدموع أكثر فأكثر وهي تسمع كلمات باللغة الإيطالية تهمس في أذنها لكن ما شعرت به هو إحساسها بالراحة بسبب صوته العميق المطمئن .
استغرقت فترة طويلة قبل أن تتوقف عن البكاء في الأشهر الأولى لوفاة كايس كان بنجي مازال صغيراً ومحروماً فكانا يبكيان لوحدهما في الليل لكن مضى على ذلك زمن طويل وطويل جداً منذ أن بكت لم يكن لديها يومها أحد ليخفف عنها .
أخيراً لم يعد هناك أي أثر للدموع أبعد رافايللو ذراعه عن كتفها وقادها إلى غرفته وقال لها : اجلسي .
سمعت رقة في صوته لم تسمعها منه من قبل ساعدها لتجلس على كرسي بجانب المدفأة الفارغة وربض على الأرض بجانبها ثم أمسك بيديها .
_ اغفري لي غضبي وكلامي السيء لقد تحدثت عن جهل كامل بالحقيقة .
لوى شفتيه بسخرية وتابع : .. كما فعلت معك في السابق .
ثم توقف وتابع بعدها بصدق : يمكنني أن أقول شيئاً واحداً فقط وهو أن بنجي طفل محظوظ جداً لحصوله على هذا الحب الشديد منك .
قالت ماغي وكأنها تصرخ من قلبها : إنه ابني ! .
ضغط رافايللو على يديها وقال مؤكداً : إنه ابنك بالطبع وحبك له يشع كأنه مشعل في الظلام لقد أخذته إلى قلبك وسيبقى هناك إلى الأبد .
رفع يديها إلى شفته وشعر بفرح داخلي لا يمكن وصفه .. شيء رائع وواضح جداً وقف و جذبها نحوه وهو مازال ممسكاً بيديها وتحت تلك الأنوار الخافتة عانقها ..
كان عناقاً ناعماً … كالحرير .
قال لها بنعومة : أريدك جداً هل تبقين معي الليلة ؟
بدت عيناها عميقتين وغامضتين .
_ رافايللو .. أنا .. هناك شيء يجب أن تعرفه ..
ابتسم وقال موبخاً : هل لديك المزيد من الأسرار ؟ أخبريني بها كلها .
شعرت بخديها يتوردان قليلاً وقالت : منذ فترة قصيرة ظننت أني فتاة مستهترة وكنت غاضباً جداً ..
هز رأسه وقال : غضبي كان بسبب اعتقادي بعدم مسئوليتك بإنجاب طفل لن يستطيع معرفة والده لكن نظراً لما قلته .. حسناً .. ! أنا لست في وضع أستطيع انتقادك فيه إن كان لديك تجارب مثلي .
_ نعم لكن المشكلة هي …
توقفت عن الكلام وهي تشعر بالإحراج أخفضت رأسها كي لا تنظر إلى عينيه وتابعت تقول : أنا .. لا تجارب لدي مطلقاً .
سقطت كلماتها في صمت طال بينهما ثم ودون أي كلمة أبعدها عنه وسقطت يديه إلى جانبه أما هي فتابعت وهي تشعر بالخجل : أعلم أنك افترضت أن لدي على الأقل ما يكفي من التجارب حتى أصبح حاملاً لكن في الحقيقة ليس لدي أي تجربة أبداً مطلقاً .
اختفى صوتها وتمنت ماغي لو أنها تختفي في صدع في أرض الغرفة .
_ هل أنت عذراء ؟
بدت في صوته نبرة غريبة لم تعرف معناها كل ما أرادته هو أن يتسع ذلك الصدع لكي تنزلق في داخله من المؤكد أنه يفكر أنها مملة غير مثيرة باردة كان عليها أن تتذكر أن ساندريلا عادت إلى ثيابها البالية عند منتصف الليل فلا تنتظر أي اهتمام من رجل غني جذاب ولديه الكثير من التجارب مثل رافايللو دي فيسنتى قالت بتعاسة : أنا آسفة .
_ أنت آسفة ؟
سمعت تلك النبرة الغريبة في صوته مرة ثانية فحدقت في الأرض وأصابعها تلتوي على قماش تنورتها .
فجأة تقدم رافايللو منها ثانية وأمسك خديها بين أصابعه الطويلة الناعمة ثم أدار وجهها إلى الأعلى لتنظر إليه قال برقة : ألا تعلمين أن هناك أمراً واحداً فقط يمكن للمرء القيام به مع زوجته العذراء ؟
حدقت به وقد حبست أنفاسها بدا رائعاً تماماً بعينيه الجميلتين الغامضتين وشعره الأسود الناعم كاحرير وفمه المنحوت بدقة ..
أخذ رافايللو نفساً قصيراً وتابع يقول : أن يغازلها حتى يحصل عليها .
انزلقت أصابعه عن شعرها الناعم ولامست حدود خدها وشعرها المتدلي عليه ثم عانقها .. رفعت ماغي رأسها إليه وكأنها زهرة تتفتح لتشرب من رحيق الآلهة .
شعرت بكلماته تنزل على مسامعها ناعمة منعشة كرقائق الثلج الذائبة على خد حار وكأنه لم يعد في العالم سوى شخصين هي و رافايللو كان يمسك وجهها بيديه وأصابعه تلامسها بنعومة وكأنها أصابع من ريش لكن تحت تلك النعومة كان الشوق ينمو ويكبر وكانت ماغي تشعر به وتتجاوب معه من خلال عناقهما لم تعد تشعر بشيء حولها إلا ذلك الإحساس الرائع المميز …
قال بصوت منخفض أجش : أنت جميلة , جميلة جداً .
شعرت بقلبها يطير ويرتفع بسعادة لا تقاوم شعرت كأنها تذوب ولم يكن باستطاعتها تصديق ما تسمعه همست قائلة : هل أنا .. جميلة فعلاً ؟
_ وهل تشكين في ذلك ؟
وأمسك بيديها شابكاً أصابعه بأصابعها فكرت ماغي أنها في حلم فالحقيقة ليست بهذا الجمال والسحر ولا يمكن أن تكون كذلك .

9 _ أيام لا تنسى

استيقظت ماغي من نوم بدا لها دهراً ما إن توصلت إلى الوعي حتى بدت كل أفكارها مرتبكة تساءلت أين هي ؟ وأين بنجي ؟ لماذا لم يوقظها كما يفعل دائماً ؟ جلست برعب في السرير وهي ترمش بعينيها وأصبحت أكثر ارتباكاً وهي تحدق حولها غرفة النوم الغريبة عنها بعدئذ تدفقت الذكريات كلها على رأسها وشعرت في الوقت نفسه بالتعب والإرهاق .
صرخت مذعورة : بنجي !
وكأنه كان ببساطة منتظراً نداءها .. في تلك اللحظة دخل رافايللو إلى غرفة نومه عن طريق الباب المشترك وهو يحمل بنجي بين ذراعيه ابتسم الاثنان لمجرد رؤيتها وعلى الفور مد بنجي ذراعيه إليها لاحظت ماغي على الفور أن رافايللو لا يرتدي سوى بنطلونه الجينز وقد سار نحوها ليعطيها بنجي .
_ قدمت ماريا له الفطور وبدلت له ثيابه ونظفته .
جالت عيناه عليها وتابع : بدوت متعبة يا عزيزتي فتركتك نائمة .
أحنت ماغي رأسها وهي تشعر بالحرارة تلون خديها وشغلت نفسها بعناق بنجي لكن ما إن اطمأن الطفل لوجود أمه حتى ابتعد عنها وراح يختبئ تحت غطاء السرير تمنت ماغي لو أنها تستطيع القيام بذلك أيضاً فالنظر إلى رافايللو مباشرة ليس أمراً تستطيع القيام به بجسارة سألها بنعومة وقد فهم ردة فعلها : أتشعرين بالخجل عزيزتي ؟
بسرعة بدأت أفكار رافايللو تحاول استرجاع الماضي حاول أن يتذكر أية لحظات مشابهة مع أي امرأة عرفها من قبل امرأة تتورد خجلاً وتخفي عينيها عنه عندما يحييها عند الصباح فلم يتذكر أي واحدة .
ماغي بعيدة بمليون ميل عن أي امرأة مرت سابقاً في حياته ليس فقط لأنها كانت عذراء أو بسبب خجلها تساءل ما الذي يجعلها مختلفة عنهن ؟ إنه أمر لا يستطيع اكتشافه لكنه سيكتشف ذلك الأمر .
اقترب ليجلس قربها على السرير فلاحظ وهو يشعر بالتسلية كيف ابتعدت بصورة لا شعورية لتندس تحت غطاء السرير انحنى إلى الأمام ثم قال بمرح وعيناه تشعان بالسعادة : صباح سعيد !
بدت كأنها لا تعلم ما الذي يريده فعمل رافايللو على الفور على توضيح ما يريده عانقها عناقاً رقيقاً ثم انسحب ما إن ابتعد عنها حتى رأى وجهها يحمر خجلاً وهي ما تزال غير قادرة على التحديق في عينيه ابتسم ما إن رأى نظرة عينيها تتجه نحوه للحظة .
_ لا داعي للخجل عزيزتي .
إنه أمر غير عادي لقد تحولت من تلك المخلوقة الفقيرة الهزيلة غير المحبوبة حيث لا يمكن لرجل أن ينظر إليها ولو لمرة واحدة إلى إنسانة تدير الرؤوس كيفما تنقلت إحساس غريب تحرك في داخله ولم يعلم ما هو ذلك الإحساس طافت عيناه عليها مرة ثانية كانت ماغي تنظر إليه بخجل وبعدم ثقة ومع ذلك كانت الشوق يلمع يشع من عينيها رغم إحراجها اقترب منها ثانية فلقد بدت جميلة جداً وهي مستلقية على وسائده مع أنها رفعت غطاء السرير حتى ذقنها .
وفي تلك اللحظة اندفع رأس من تحت الغطاء وضرب بمرفقه وسرعان ما امتدت يد صغيرة وأمسكت بيده فسقطت يده على السرير حاملة جسمه المنحني اندفع بنجي في ضحك طفولي أشبه بصياح الديك مسروراً بما فعله وهو يظهر من مخبئه .
جلس رافايللو وقد ظهرت السخرية على وجهه لا مجال للبقاء بمفرده مع ماغي هذا الصباح هذا ما استنتجه ! بدأ يفكر بسرعة إن كان يستطيع أن يعيد بنجي إلى ماريا لتعتني به وبذلك يتمكن من الحصول على ماغي لنفسه .
لكن تبين أنه لا يستطيع ذلك فبنجي يريد أن يلعب إنه يضج بالنشاط والحيوية عند الصباح زحف الطفل نحو رافايللو ورمى بنفسه على حضنه ضاحكاً وهو يقوم بحركات ليشجعه قالت ماغي : يريدك أن ترقصه على ركبتيك .
أخيراً وجدت صوتها التكلم عن بنجي هو على الأقل أمر معقول فهو موضوع آمن وطبيعي ولا يشبه البتة ما كان يرمي إليه رافايللو فذلك أمر لا تستطيع التعامل معه بنجاح .
سألها رافايللو : أهكذا ؟
واستدار ليجلس بطريقة مستقيمة واضعاً قدميه على الأرض ثانية .
شرحت له ماغي بمرح : نعم عليك أن تضمه إليك وتلاعبه وتريه طريقة ركوب الخيل .

راقبته ماغي وهو يكرر اللعبة عدة مرات لبنجي فكاد قلبها ينفطر في صدرها تأثراً مرة بعد مرة بدا رافايللو وسيماً جداً بجسمه الرشيق الأسمر الذي يخلو من أي أثر للسمنة وذراعيه القويتين اللتين تمسكان بنجي بقوة وبعناية ووجهه ذي الوسامة الواضحة وفمه الضاحك بدت عيناه السوداوان الجميلتان متجعدتان قليلاً عند الزوايا وكان شعره الحريري الأسود يتطاير فوق جبهته راح قلبها يتلوى ويتلوى وهي تراقبهما .
الحمد لله أن بنجي موجود هنا ! رفعته عن حضن رافايللو وقد حرصت بشدة ألا تلمس هذا الرجل شعرت بنفسها سعيدة جداً لكن .. ليست سعيدة لدرجة أن تنسى أنها لا تزال تشعر بالخجل المطلق.
فلو لمسته سيعلم على الفور أنها تشتاق إليه كثيراً .
مرغت أنفها بحب في بنجي وقالت : هكذا أيها العفريت الصغير حان الوقت لتنهض .
شعر رافايللو بالحرج الذي تشعر به فأشفق عليها ونهض على الفور .
_ سآخذ بنجي إلى الطابق الأرضي وسنكون على الشرفة تعالي وانضمي إلينا لتناول الفطور هناك .
حمل بنجي من بين يديها ولم يشعر بأي حرج لملامستها وذلك على العكس مما كانت ماغي ستشعر به لو لمسته شعرت ببشرتها ترتجف حيث مست أصابعه ذراعيها بينما كانت تنقل بنجي إليه وعندما غادر الغرفة فقط تجرأت وخرجت من السرير لتذهب إلى الحمام .
وقفت هناك ترى انعكاس صورتها على المرآة وقفت تحدق ملياً وترى كم هي جميلة حقاً ! لقد حدث لها ذلك فعلاً أقرت بذلك بتعجب و اندهاش لقد حدث ذلك فعلاً !
ذلك الإحساس العميق من السعادة سيطر عليها ثانية وفي أعماقها كان هناك تعجب وألم قويان جعلاها تشعر كأن قلبها يتصدع أضاءت وجهها ابتسامة بطيئة فمهما حدث مهما حدث معها حتى آخر حياتها ستكون لها هذه اللحظة هذه اللحظة الرائعة غير المعقولة عندما أخذها أجمل رجل في العالم إلى عالمه وجعلها زوجته .
استحمت وارتدت ثيابها بسرعة وهي مليئة بقوة هائلة من الشوق لتبقى بصحبته لم تكن تعلم ما الذي سيجلبه النهار وما الذي سيحمله المستقبل كل ما تعلمه أنها الآن تريد فقط أن تكون مع رافايللو أن تشعر بحضوره وأن تشرب من وجوده وكأنه شراب من العسل .
كان رافايللو بانتظارها على الشرفة ما إن اقتربت منه حتى لمعت عيناه بنظرة تقييمية أدركت ماغي على الفور أن فستانها الصيفي الأزرق الناعم الذي اختارته من المجموعة الكبيرة التي تملأ خزانتها ينساب على جسمها الرشيق مظهراً جمالها ونحافة خصرها جلست على مقعدها وشغلت نفسها بسكب فنجان القهوة نظر إليها بنجي نظرة مختصرة وهو يلعب على دراجته وسار مبتعداً عبر الشرفة .
انحنى رافايللو نحوها كانت عضلاته المفتولة تلمع كأنها الفولاذ المصقول في ضوء الصباح المشرق .
_ حسناً عزيزتي ! ماذا ترغبين أن تفعلي هذا اليوم ؟
التعابير الواضحة التي ظهرت في عينيه جعلتها تدرك بوضوح ماذا يريد كجواب منها شعرت باللون الأحمر يصبغ خديها من جديد .
أجابت بارتباك : آه .. ! أي شيء تريده .
لكنها تابعت بسرعة : لكن أليس من المفترض أن تذهب للمكتب أو أن تقوم بشيء ما ؟
هز رافايللو رأسه وأجابها : أؤكد لك أن لا شيء أكثر إثارة للملل من الذهاب إلى هناك .
وكان ذلك صحيحاً فمجرد التفكير في الجلوس في مكتبه محاولاً تطوير شركة دي فيسنتى إلى إمبراطورية عالمية بدا أكثر الأفكار المملة في العالم لا ! عالمه اليوم مركز هنا مع هذه المرأة الجذبة وغير العادية .
عاد بنجي إليهم كأنه يتسابق وما إن لمحه رافايللو حتى تجمد في مكانه .
لقد أخذت ماغي على عاتقها تربية ابن امرأة أخرى وكأنه ابنها امرأة على حافة الموت أعطت ثقتها لماغي وأمنتها على ابنها الوحيد .
شعر بشيء ما يعتصر داخله وفكر كم يحتاج المرء إلى صفات سامية ليقوم بمثل هذا العمل ؟ إنه خيار كلفها الكثير من الناحية المادية فمن أجل صديقتها المتوفاة تقبلت تربية طفل حديث الولادة ولا معيل لها إلا ما تؤمنه من الدولة فلا عائلة لها وهي بالكاد تملك المال حتى إنها لا تملك منزلاً خاصاً بها لتتمكن من تربيته لكنها فعلت هذا .. جعلت نفسها امرأة كادحة تعيش في فقر مدقع لأنها لم ترضى أن تدير ظهرها إلى طفل وحيد لا سند له سواها .
اجتاحته عاطفة قوية .. الحمد لله أنه وجدها !
لقد أخذها بعيداً عن ذلك الفقر المدقع وأحضرها إلى هنا وحررها كأنها كانت عصفورة محبوسة في قفص وهاهي تطير بأجنحة متنوعة الألوان في دفء الصيف الرائع امتلأ قلبه بالعطف والتقدير لها وشعر بشيء ما أكثر من ذلك لم يدرك كنهه .
شعر بيد صغيرة على ركبته جذبت انتباهه يريد بنجي أن يصعد إلى الطاولة انحنى وحمله ليضعه على حضنه متعجباً من عاطفة الطفل الصادقة واستكانته بثقة على صدره قبل أن تلتف انتباهه لفائف الخبز على الطاولة .
عمل رافايللو على إطعامه وهو يضحك بينما راحت ماغي ترتشف قهوتها .
وبعد قليل أعلن رافايللو بصوت حاسم : سنمضي يوماً آخر على الشاطئ هذا ما نحتاج إليه كلنا .

**********************
_ أتريدين المزيد من القهوة ؟
هزت ماغي رأسها رافضة مع أن جزء منها أراد أن يقول نعم لأن ذلك يعني أنها ستتمكن من الجلوس لمزيد من الوقت إلى الطاولة في الطابق العلوي كان بنجي نائماً بعد أن بدا منهكاً بعد أن بدا منهكاً من شدة التعب من اللعب بفرح على شاطئ البحر .
كانا لا يزالان على الشرفة حتى في ذلك الوقت المتأخر لأن الطقس أصبح أكثر دفئاً وكانت ماغي تشعر بالفرح من روعة سماء ليل إيطاليا سمع صوت صرير المعدن على البلاط تبعه نهوض رافايللو ووقوفه على قدميه استدار من وراء الطاولة ليأتي نحوها ثم مد يده إليها وقال بنعومة : حان وقت النوم .
شعرت بأنفاسها تعلق في حلقها فهي تعلم تماماً ما الذي يريده وهي تعلم من كل قلبها أن هذا ما تريده أيضاً أرادت أن تشعر بذراعيه حولها مرة ثانية وتشعر به بقربها .
تابع وهو ينظر إليها بعينيه السوداوين كالمخمل : لقد انتظرت طوال النهار بقيت ساعات لا نهاية لها منتظراً هذه اللحظة عزيزتي عندما أمسك بيدك وأشدك إلي هكذا …
برقة لا تخلو من القوة والإصرار شدها لتقف على قدميها وهو يتابع : .. وأضع ذراعي حولك هكذا …
ضمتها ذراعاه إلى صدره وتابع : وأرفع وجهك إلي وأضمك إلى صدري …
وأحنى رأسه وعانقها .
شعرت كأنها في الجنة وهي في منتهى السعادة رأت النجوم تتحرك بشكل دائري عبر السماء السوداء بينما راح رافايللو يعانقها كأنها زهرة تتفتح من أجله فقط .
قال مرة ثانية : تعالي ! حان الوقت لنبدأ ليلتنا .
فكرت هل ما يحدث حقيقي ؟ أفكارها في ضباب وجسمها في نار هادئة .
لم يعد هناك مكان للكلام فلا قيمة للكلام مطلقاً وهي لا تريد شيء أكثر من هذا العالم .
عليها أن تحتفظ بهذه اللحظات أن تحتفظ بها إلى الأبد بهذه السعادة العارمة وبهذا القدر من الفرح الذي تشعر به .
أحبك !
تشكلت الكلمة على شفتيها واستقرت في قلبها وشعرت بقوتها وروعتها لكنها كلمة صامتة .. تنفست وهي تتلفظ بها على بشرته تقولها لنفسها فقط ..
أحبك !
وعد صامت .. وهدية ستبقى طي الكتمان .
_ رافايللو ! لا قد يشاهدنا أحدهم .
قالت ماغي ذلك عندما حملها وصعد بها الدرج .
_ من ؟ لا أحد هنا فالخدم كلهم نيام .
ثم ابتسم ابتسامة ماكرة أظهرت أسنانه البيضاء قال : لا أحد عزيزتي .. لا أحد سينقذك مني .
دار بها دورة كاملة قبل أن يدخلا معاً إلى غرفته .
ببطء وهدوء وضعها على السرير وقال بصوت كالصدى : لا أحد سينقذك مني .
نظرت ماغي مباشرة في عينيه وقالت هامسة : لا أريد أن ينقذني أحد .
و ببطء شديد عانقها وحملها معه إلى عالم سحري أشبه بالجنة .
في الصباح التالي استيقظت لتكتشف أن رافايللو استيقظ قبلها وأخذ بنجي إلى ماريا لكن اليوم بدلاً من أن يعيده معه عاد لوحده ليخبرها أن ماريا أخذت بنجي ليلعب مع أولاد أختها الصغار وانه سيكون سعيداً ولن يفتقدها للحظة .
فكرت ماغي أن هذا الأمر يناسبها تماماً فالآن لا وقت لديها على الإطلاق لأي كان إلا لرافايللو .
أما رافايللو فأبقى ماغي له بالكامل وقد أمضى معظم الصباح وإياها في حب لا ينتهي إلى أن قرر أخيراً أنه حان وقت النهوض لاستقبال يوم جديد .
وبعد نزهة رائعة إلى أبعد نقطة مأهولة استطاع رافايللو إيجادها أدركت وهي تشعر بالسعادة تماماً ما الذي يفكر به فهو يريد أن يعيشا مثل أدام وحواء في الجنة وهي تحبه وتعلم أن لا مجال للحب بشكل مختلف وأنها ضعيفة جداً أمام قوته ومع أن روعة حبه لامست أعماق أعماقها إلا أنها كانت تعلم أن هذه الحياة ليست لها .
ربما يتسنى لها أن تحيا بسعادة اليوم وغداً لكن مهما كان الوقت الذي ستمضيه برفقة أجمل رجل في العالم فإنه لن يستمر إلى الأبد ومع أنها لا تعلم لماذا قرر تغير تصرفاته نحوها ربما ذلك بسبب الفضول أو الرغبة أو أنها نزوة أراد تحقيقها لكنها تعلم أن الأمر لن يدوم وأن كل ما يحدث معها هو حلم خارج الزمن .
إنها مجر دعوة قصيرة زائلة للسعادة التي ستحترق مثل شعلة نار قبل أن تطفئ نفسها .
لكنها مع ذلك غير مبالية فالنهاية آتية لا محالة وهي سوف تستيقظ ذات يوم على عناقه الأخير ..
شعرت به يقترب منها تظلله شجرة الكستناء فاستدارت نحوه وحدقت به يائسة من شدة حبها له تمنت لو أنه لا يرى ذلك الحب وتمنت ألا يكون واضحاً في عينيها بكسل نزع رافايللو ورقة عشب طويلة ومررها على جانب خدها الإحساس بالوخز الناعم على وجهها جعلها تبتسم .
سألها بنعومة وهو يبادلها ابتسامتها : لم تبتسمين ؟
قالت له ببساطة : لأنني سعيدة .
أصبحت ابتسامته أكثر عمقاً وقال وهو يعانقها بنعومة : وأنا أيضاً عزيزتي سعيد جداً .
وللحظة طويلة نظرا إلى بعضهما البعض إلى أعماق عيونهما ففي النهاية لقد تشاركا في أجمل اللحظات الحميمة معاً والرحلة التي قاما بها معاً إلى أفاق العاطفة والشوق بدت رائعة تماماً أدركت ماغي في تلك اللحظة أن ما بينهما الآن هو أعمق من كل ما حدث سابقاً وبينما كانت تنظر إلى عينيه و رافايللو يبادلها النظرات شعرت برباط حي ينمو بينهما رباط ينتمي إلى روحيهما وليس إلى جسديهما فقط .
وكأن عاطفة جديدة غير معروفة لديها بدأت تزهر وتتفتح في أعماقها عاطفة لم تجرؤ أن تصفها ولم تجرؤ أن تعطيها اسماً عندها رأت قناعاً يخفي عينيه ورأته ينسحب بعيداً عنها .
كان ذلك مجرد أمل سرعان ما رحل بعيداً …
********************************
في اليوم التالي أخذا بنجي معهما في نزهة في الهواء الطلق وما إن عادوا إلى الفيلا مع مغيب الشمس أعطى بنجي إلى ماريا التي أسرعت بترك عملها عند وصلوهم وضعت يدها على يد ماغي وقالت ببساطة : اذهبي .
وسارت برفقتها نحو الدرج .
لم تستطع ماغي النظر إلى وجه ماريا وبالكاد تمكنت من التربيت على رأس بنجي طالبة منه ان يكون ولداً طيباً .
أكدت لها ماريا : إنه دائماً رائع سينيورا .
صعدت ماغي لدرج بسرعة شعرت أن سعادة ماريا ليست فقط بسبب تصرفات بنجي ولكن بسببهما أيضاً فمنذ أن حولها رافايللو من بجعة قبيحة إلى امرأة حقيقية أصبحت مدبرة المنزل تشع بالرضى عليهما معاً راحت تهتم برافايللو فتقدم له الكثير الطعام ومع ذلك لم يؤثر ذلك على رشاقته هذا ما فكرت به ماغي وهي تنظر باهتمام واضح إلى جسمه القوي وهو ينزع قميصه عن كتفيه أما بالنسبة لها فكانت ماريا تشرق من الفرح كلما نظرت إليها لم تقل شيئاً لكن عينيها قالتا الكثير .
ماغي تعرف السبب ماريا تعتقد أن هناك شيئاً ما حقيقياً يحددث بينهما وأن ذلك الزواج الغريب والمؤقت أصبح حقيقياً .
لكن الأمر ليس صحيحاً وهي تعلم هذا تعلم ذلك في أعماق قلبها وأفكارها وروحها وفكرت ماغي أنه بالطبع ليس مفتوناً بها لكنه متمسك بالسعادة التي غمرته من تحويلها إلى فتاة فائقة الجمال أو على الأقل إلى عصفورة ذات جناحين وتعليمها الطيران .
ضمها إليه واضعاً ذراعيه حولها فأراحت رأسها على صدره راحت أصابعه تتحرك ببطء على شعرها لم يقولا شيئاً لكن في ذلك الصمت وجدت ماغي سلاماً لم تعرفه قط من قبل .
في تلك الأمسية أخذها رافايللو لتناول العشاء خارجاً بعد ان نام بنجي .
تناولا العشاء في مطعم أنيق ورائع يشرف على الوادي جلست ماغي هناك وهي تشعر أنها أميرة بفستانها الحريري الأزرق اللون والعقد الماسي الذي يزين عنقها لكن رافايللو هو من جعلها تشعر بأنها اميرة وليس الثوب الأنيق المميز التصميم ولا العقد الذي لا يقدر بثمن بل رافايللو الرجل الذي تحب لكنها تعرف أن الأميرات يعشن فقط في القصص الخيالية لا في الحياة الواقعية .
ومع أنها لم تعد تلك الفتاة البشعة التي كانت إلا أنها لا تزال سندريلا وعقارب الساعة تتجه نحو منتصف الليل …
لم تكن تعلم متى ستدق ساعة منتصف الليل لم تكن تعلم إلى متى سيبقى رافايللو مفتوناً بها ومنشغلاً بلعبته السحرية غير المتوقعى التي حولت خادمة كئيبة إلى امرأة تستحق اهتمامه وتستحقه .
تعلم أنه لن يكون قاسياً معها ولن يبعدها عنه بوحشية لكنها تدرك وبإحساس عميق ومخيف أن جرس الهاتف سيرن ذات يوم أو سيصله بريد إلكتروني أو أن والده سيعود وأنه ببساطة سيتذكر أن حياته الواقعية لا علاقة لها مطلقاً بالمرأة التي تزوجها ليتمكن من السيطرة على الشركة التي هذذ والجه ببيعها رغماً عنه .
وعندما سيحدث هذا ستحزم حقائبها وتحمل بنجي وترحل وسوف تلقي نظرة أخيرة على الرجل الذي يحمل قلبها بين يديه هدية لم يطلبها يوماً ولن يعرف انه يمتلكها وستعود إلى حياتها السابقة ولا شيء معها غير الذكريات التي تمثل كل واحدة منها جوهرة غالية لا تقدر بثمن .. ستحفظ بها طوال حياتها …
_ ما الأمر ؟
اخترق صوته الخفيض أفكارها فأجبرت نفسها إلى الابتسام ورفعت كوبها لتشرب وهي تقول : لا شيء أشعر بالشفقة على الناس في بريطانيا رأيت عناوين جريدة إنكليزية كتب فيها أن شهر حزيران هو الأكثر مطراً منذ سنين .
أجابها وهو يبتسم : لا تفكري بأيام الصيف الرطبة في بريطانيا فقط فكري بأيام و توسكانا الرائعة .
وضعت كوبها جانباً وقالت سأتذكر هذا الصيف طوال عمري شكراً لك رافايللو أشكرك من أعماق قلبي .
التقت عيناها بعينيه وسكبت من تعابيرها كل الامتنان نحوه لأنه منحها هذه القصة الخيالية لتعيشها فترة قصيرة .
لمع شيء في أعماق عينيه لم تستطع تحديده أحنى رأسه قليلاً بطريقة رسمية جداً ثم قال : لقد أسعدني ذلك يا عزيزتي وما زال يسعدني .
مد يده عبر الطاولة وأمسك يدها ثم رفعها إلى فمه بدت قبلته ناعمة ونظرة عينيه أكثر نعومة .
كاد قلب ماغي يتوقف عن الخفقان وللحظة توقف كلياً عن الحركة وبينما كانت تحدق به بصمت حدث ذلك ثانية غطى ملامح وجهه قناع غامض ثم ترك يدها .
قال رافايللو : غداً سآخذك إلى فيرنزي .
وبينما عادت ماغي تتابع تناول طعامها شعرت بضغط ثقيل على قلبها .
بدت لها فلورنسا رائعة فالعصور الوسطى في إيطاليا تميزت بالعمران والنحت والرسوم الزيتية والمدينة غنية جداً بكنوز الفن والهندسة جعلت ماغي تصاب بالدوار .
مع ذلك كانت تشعر بالحزن أو ربما شيء جعلها هكذا وجدت نفسها تشتاق إلى ذلك اليوم الرائع في لوكا عندما لوح رافايللو بمروحته السحرية فوقها وظهرت له للمرة الأولى في أجمل وقت من حياتها كلها كامرأة تثير اهتمامه .
فعلت كل ما بوسعها لتخفي حزنها الداخلي ليس لأنه لا يحق لها أن تجعله يشعر بعدم الارتياح بسببها بأية طريقة كانت فهو لم يطلب منها أن تقع في غرامه ولم يرغب بذلك مطلقاً بل ببساطة لأنها ستخسر يوماً تلك الأيام الغالية والذهبية برفقته .
لذلك راحت تبتسم وتشبع عينيها منه وتشعر بالفرح الغامر بقربه عندما يلف ذراعه حول كتفيها وعندما يمسك بيدها وهما ينظران إلى جمال التحف التي تعود إلى العصور الوسطى أبعدت إلى أعماق أعماقها الإحساس الكئيب الذي تخشاه .
كانا يشربان القهوة في أحد المقاهي راحت ماغي تراقب الناس يسيرون أمامهما باهتمام عادي لكنها كانت تراقب باهتمام أكبر عضلات رافايللو المفتولة بقوة ورشاقة وبينما كانت تغطي يده يدها بحرارة وفجأة اقترب أحدهم منهما .
_ رافايللو ! مرحباً !
تبع ذلك فيض من الكلام الإيطالي ورأت ماغي أن المرأة الأنيقة التي حيت رافايللو هي لوسيا كان برفقتها شاب أنيق شاب أنيق شعره أشعث وشفتاه كبيرتان .
رد رافايللو التحية باحترام وسرعان ما خولت لوسيا اهتمامها إلى ماغي .
_ إذاً ها أنت تستمتعين في توسكانا حتى النهاية !
بدا صوتها فرحاً فهزت ماغي رأسها وردت عليها بالكلام المناسب .
مالت لوسيا برأسها قليلاً باتجاه رافايللو وتابعت : وأظنك .. تتمتعين أيضاً بكل ما يقدمه لك ذلك التوسكاني .. هل أنا مخطئة ؟
هذه المرة كان هناك معنى آخر واضح لكلماتها وجدت ماغي نفسها تسحب يدها من تحت يد رافايللو وبالكاد تمكنت من أن تبتسم ابتسامة خفيفة وكأنها لم تفهم ما تقصده لوسيا بوضوح رفعت المرأة كتفيها ببساطة .
_ حسناً ! اسمعي بما تشائين طالما يمكنك ذلك والآن اعذراني كارلو عديم الصبر لأنه يريد أن يريني آخر عمل رائع له .
وضعت يدها تحت ذراع الشاب بتملك ولوحت لهما بحركة أنيقة وغادرت .
جاء صوت رافايللو خشناً مثيراً للأعصاب وهو يقول : يا إلهي ! لا أصدق أنها اعتقدت أنني قد أتزوج
بها .
ثم نظر بازدراء إلى الرجل الذي يسير بجانب ابنة عمه .
وافقته ماغي : لا يبدو أنها تذوي لأجلك .
كانت لوسيا تتكئ على حبيبها الآن لتوضح للجميع موقعه بالنسبة إليها .
فجأة رفع رافايللو نظره إليها وسألها : وأنت عزيزتي هل تذوين لأجلي ؟
أتى السؤال فجأة من دون أي مقدمات .. شعرت ماغي كأنها تتجمد .
أخفضت رأسها غير قادرة على النظر إلى عيني رافايللو .
_ لا أعتقد أنك تريدني أن أشتاق إليك أليس كذلك ؟
قدمت إجابتها بصوت منخفض لكنها حاولت جاهدة ألا تظهر أية عاطفة في صوتها ما إن أنهت كلامها حتى رفعت عينيها ثانية محافظة على تعابير وجهها الهادئة .
بقي رافايللو صامتاً للحظة نظر إلى عينيها لكنها لم تستطع أن تقرأ أية تعابير على وجهه كانت لا تزال تشعر وكأنها مجمدة مكانها برهة حين هز رأسه وقال : لا ! لا أريدك أن تشتاقي إلي .
بدت في صوته نبرة غريبة لم تفهمها بدت لها كأنها إنذار أبعدت نظراتها عنه باتجاه المعبد الذي يعود تاريخه إلى القرون الوسطى والذي يقع في الجهة البعيدة للمقهى كم من الحالات الفرح والحزن مرت على هذه الحجارة وما أنا غلا مجرد حالة واحدة من تلك الحالات !
كان على هذه الفكرة أن تجلب لها العزاء والراحة لكنها لم تفعل …
ما إن استيقظت في الصباح التالي حتى أدركت أن هناك أمراً ما قد حدث كان رافايللو وافقاً بجانب النافذة وهو ينظر إلى الخارج إلى الحدائق الجميلة للفيلا وهي تتموج تحت أشعة الشمس الصباحية كان يدير ظهره إليها ويرتدي بذلة العمل ذاتها كان يرتديها في اليوم الذي تزوجا فيه وقد بدا غامضاً ومفراً .
ما إن سمعها تتحرك حتى استدار كان جسمه مرسوماً من خلال ضوء في النهار في الخارج فشعرت أن الوقت هو أبكر من الوقت الذي يستيقظان فيه عادة .
جاء صوته متسائلاً : ماغي ؟
وعندما أدرك أنها استيقظت سار نحو السرير بدا لها أطول وأكثر قساوة وهو ينظر إليها وقد حلق ذقنه وصفف شعره بطريقة شعره بطريقة عملية .
_ يجب أن أذهب إلى روما مجلس الإدارة سيجتمع اليوم ويجب أن أكون حاضراً .
بدا صوته حازماً وعملياً بدا رافايللو الذي أحبته بعمق بعيداً عن هذا الرجل الذي تراه الآن ملايين الأميال فالرجل الذي يقف أمامها هو ذلك الذين دفع لها المال كي تتزوجه والذي استأجرها لتقوم به ارتجف شيء ما في داخلها آه ! قد يكون رافايللو الذي جعل منها أميرة في قصة خيالية ما زال ما زال موجوداً لكن ليس اليوم وليس هذا الصباح فرافايللو الحقيقي وضع ذلك الرجل جانباً لقد حان الوقت ليعود إلى حياته الحقيقية .
سمعت نفسها تقول بارتباك : آه ! بالطبع .
رفعت جسمها لتتكئ بقلق على مرفقها وأبقت غطاء السرير حولها .
استمر في النظر إليها وقد بدا رائعاً وهو يقف هناك بدا كرجل الأعمال القوي والثري غريباً وبعيداً تماماً كما كان عندما وقعت عيناها عليه للمرة الأولى وهي تنظف غرفة الحمام في منزله .
تجهم وجهه وهو يدير الزر الذهبي في طوق كمه الأيسر قال على نحو مفاجئ : عندما أعود علينا أن نتكلم هل تفهمين ذلك يا عزيزتي ؟
هزت ماغي رأسها وقد شعرت بغصة تتشكل في حقلها غصة قاسية تكاد تخنقها وكأنها حجر لا تستطيع ابتلاعه .
_ نعم …
ظهر الضيق على وجهه وتابع : لقد عشنا في حلم طوال الأيام الماضية .
تضخم في حلقها وقالت : نعم …
حاولت أن تخفي تعابير وجهها كي لا يرى كم تبدو مرتعبة وقف ينظر إليها والقلق باد على وجهه ظهرت رقة مفاجئة في عينيه وللحظة عاد رافايللو الرائع ثانية الرجل الذي أخذها إلى عالم الأحلام وحملها بين ذراعيه ….
_ سأهتم بك عزيزتي كوني متأكدة من ذلك .
ثم نظر إلى ساعته وأطلق زفرة غاضبة .
_ علي أن أذهب الآن .
انحنى بسرعة واضعاً ذراعه على الحائط وعانقها أخيراً سريعاً … ورحل

10 _ العودة إلى الجنة

كانت ماغي قرب بركة السباحة مع بنجي وهي تشعر بثقل في قلبها لم يكن بإمكان رافايللو أن يجعل الأمر اكثر وضوحاً مما فعل فذلك الوقت الذهبي الساحر قد انتهى كانت تسمع صدى كلماته مراراً وتكراراً في رأسها : عندما أعود سنتحدث .
إنها ليست بحاجة إلى قدرة على رؤية المستقبل لتعلم عما يريد ان يتحدث حياة رافايللو الحقيقية طالبت باسترداده حياته الحقيقية التي جعلت منه رجل أعمال قوياً ومسيطراً يقوم بأشياء مهمة بعيدة جداً عن العبث مع امرأة لم يغرب بها منذ البداية .
كانت تعلم أن هذا سيحدث في نهاية الأمر لكن على الرغم من معرفتها ان حياتها المليئة بالسعادة ما هي إلا فترة مؤقتة فإن ذلك لم يجعل خسارتها الوشيكة محتملة إحساسها بالظلم والاضطهاد تضاعف كأنه قيد من حديد .
طرقات قوية لحذاء نسائي على الممر الحجري تقترب من البركة جعلتها تدير ر؟أسها تجمدت نظراتها ما إن رأت لوسيا تقترب منها ما الذي تفعله هنا ؟ كل حدس عند ماغي كان يخبرها أن وجود هذه المرأة لا يحمل أنباء سارة .
_ ماغي لدي أنباء سيئة !
جاء صوت المرأة الأخرى متقطعاً وشعرت ماغي بشعر رقبتها الخلفية يقف بعد مرور لحظة أخرى أدركت ان لوسيا لا تتحدث معها بشكل عدائي لكن بدا وجهها جامداً من الصدمة .
تعرض انريكو لأزمة قلبية !
أطلقت ماغي شهقة ثم وقفت على الفور عن الكرسي الطويل ووضعت بنجي على قدميه .
تابعت المرأة الأخرى حديثها الجارف : نقلوه إلى المستشفى و رافايللو الآن معه ولا أحد يعرف إن كان سينجو …..
توقفت عن الكلام وكأنها تختنق .
وقفت ماغي مكانها تعرف ما الذي تقوله فكرت آه .. ! المسكين , المسكين رافايللو أي عذاب يمر به الآن ….
سمعت نفسها تقول : إني آسفة جداً .
أخذت نفساً وهي تشعر بيأس كبير ثم تابعت تقول ه: هل هناك أي شيء أستطيع القيام به ؟
نظرت لوسيا إليها ثم هزت رأسها قائلة : من الصعب علي قول ذلك ..
توقفت عن الكلام للحظة ثم تابعت : أنا لا أقول هذا بسبب خصومتي معك عليك ان تفهمي ذلك
لكن …
توقفت للمرة الثانية ثم تابعت : أفضل شيء تقومين به الآن هو أن ترحلي .
للحظة فكرت ماغي أنها تقصد الذهاب إلى روما إلى رافايللو وفجأة شعرت كأن سكيناً إنغرز في قلبها حين أدركت أن هذا ليس ما تقصده ابنة عم رافايللو .
بدت تعابير وجه لوسيا مليئة بالارتباك وبد أن ما ستقوله لها ليس مريحاً .
_ انريكو بحاجة لرافايللو , و رافايللو بحاجة إلى انريكو لقد اعتقدت مرة …
ترددت قليلاً ثم تابعت : اعتقدت أن الوسيلة الوحيدة لجمعهما هي زواجي من رافايللو لكنني كنت مخطئة فرافايللو رأى ذلك مخططاً من والده للسيطرة عليه وهو لا يسمح لأحد بذلك وأنت من بين كل الناس تعلمين الحدود التي وصل إليها لكي يتملص من هذه السيطرة لكن الآن انريكو قد يموت ويجب أن يحصل على السلام مع ابنه كذلك الأمر بالنسبة لرافايللو .نظرت إلى عيني ماغي وتابعت : لا يمكنهما الحصول على السلام إذا كنت لا تزالين هنا لا بد أنك تعلمين ذلك .
شعرت ماغي بذلك السكين يمزق قلبها أكثر فأكثر لكن رغم الألم سمعت المنطق الذي لا مفر منه والذي كانت لوسيا تتفوه به .
_ يجب أن أتمكن من إخبار انريكو هذا إن كان ما زال حياً أنك قد رحلت عندها سيتمكن من مسامحة رافايللو والحصول على السلام معه .
أصبح الألم قوياً لدرجة ان ماغي لم تعرف كيف كانت تتحمله وكأنما بدا ذلك واضحاً على وجهها فعندما تحدثت لوسيا ثانية جاء صوتها أكثر لطفاً ورقة .
_ أعلم ان الأمر صعب عليك فلقد أغرمت بابن عمي لا ! لا تنكري ذلك بد واضحاً منذ البداية أن هذا ما سيحدث معك فكيف يمكنك ألا تقعي في غرامه ؟ بالنسبة لك هو أمير قادم من قصص الأحلام لكن مع ذلك لن تشكريني على ما سأقوله لك ما كان عليه أن يبدلك كما فعل .
تنهدت وتابعت : آه ! رافايللو لا يفهم هذه الأمور ولم يفعل ذلك يوماً لا يقصد ان يكون قاسياً لكن كل ما في الأمر أنه لا يرى أن ذلك يحدث فعلاً .
رفعت كتفيها ببساطة : لهذا السبب اعتقدت ان زواجنا قد ينجح فأنا اعرفه جيداً ولا يمكن ان اغرم به وذلك ليس بإمكانه أن يسبب لي الألم والأذى .
نظرت إلى ماغي وعيناها السوداوان تحملان تعاطفاً وهي تقول : أنت لا تعتقدين أن ما جرى بينكما يعني أي شيء له أليس كذلك ؟ لا تعتقدين انه سيستمر ؟
راح الألم يمزق أوصال ماغي حاولت السيطرة عليه راغبة بيأس ان تنكر كلام لوسيا على الرغم من التأكيد الذي تجده في قلبها .
_ لا أستطيع الذهاب هكذا من دون ان يقول رافايللو لي هذا ربما هو لا يريدني ان أذهب بعد .
أخرجت لوسيا شيئاً من حقيبة يدها شيء أصفر اللون يرفرف بينما كانت تقدمه إلى ماغي .
_ طلب مني أن أعطيك هذا .
بد صوتها متوتراً ولم تستطع النظر في عيني ماغي وما إن أخذت ماغي الورقة ونظرت إليها حتى علمت السبب .
كانت تلك الورقة شيكاً وهو محرر باسمها بقيمة عشرة آلاف يورو وبينما كانت تحدق فيها راح قلبها ينسحق وكأنه يشد بملزمة تعصر الدماء من كل خلية فيه توقيع رافايللو الأسود القوي كان يرتعش أمام عينيها .
عادت لوسيا تتحدث ثانية .
أجبرت ماغي نفسها على الإصغاء مع أنها في داخلها لم تكن تسمع سوى الصمت المرعب الذي يدور ويدور بلا نهاية .
ترددت المرأة ثانية وكأنها تدرك ما الذي تمر به ماغي ثم قالت : قال رافايللو : انه سيتصل بك فيما بعد ليتمكن من تصفية الأمور لكن الآن واجبه الأول هو البقاء مع والده وهو يتمنى أن تفهمي هذا .
غاب صوتها قليلاً قبل أن تكمل : أنا آسفة يا عزيزتي كما ترين لم يدرك ما الذي تشعرين به نحوه بالنسبة إليه هذا الزواج ان دائماً مجرد معاملة تجارية .
لم تستطع ماغي أن تقول س=شيء لا شيء سوى الموافقة المهزومة الكئيبة فالانسحاق الذي تشعر به في قلبها كان مريراً جداً .
ثم قالت لوسيا شيئاً ما وهي تنظر إلى سلعتها .
_ اعذريني لم أكن أقصد أن أسبب لك المزيد من الإزعاج لكنني بالكاد توقفت هنا في طريقي إلى المطار فأنا سأستقل الطائرة التالية إلى روما لأكون بقرب عمي هذا إذا كان لا يزال حياً .
ظهر قلق في صوتها لم تستطع ماغي تجاهله : إذا كنت لا تحتاجين إلى وقت طويل لحزم حقائبك فأستطيع اصطحابك معي إلى المطار طلب من رافايللو ان اشتري لك بطاقة سفر .
نظرت بإشفاق إلى ماغي وهي لا تزال مكانها وبنجي بجانبها يحدق بهما من دون ان يفهم شيئاً وهو ممسك بساق أمه .
بدا صوتها متعاطفاً تماماً كملامح وجهها وهي تقول : من الأفضل ألا تتأخري .
بقدمين كالرصاص جمعت ماغي حاجياتها وسارت خارج الفيلا .
**********************************

كان المطر ينهمر ويطرق السطح الرقيق للبيت المتنقل القائم على عجلات ثم ينساب على زجاج النوافذ أما بنجي فكان ينتحب بتوتر على ركبتي ماغي .
_ أعلم حبيبي أن هذا شيء كريه .. هذا المطر كله ربما غداً سيكون اليوم مشمساً .
هبت عاصفة قوية هزت أركان البيت إنه بيت قديم مهمل ولا أحد يرغب باستئجار منزل بال بالقرب من الشاطئ لكن هذا ما جعله رخيص بما فيه الكفاية لتستأجره ماغي لمدة شهر في فصل الصيف وهو رخيص بما فيه الكفاية لتشتريه .
الشاطئ بجانب البحر الجنوبي هو المكان الأفضل لتربية بنجي إذ ليس لديها أي شيء في لندن فقد خسرت مكان إقامتها كما خسرت عملها أيضاً . ليس لي أي شيء في أي مكان .
بغضب دفعت تلك الفكرة البائسة جانباً فهذا ليس صحيحاً فما زال لديها بنجي .
مررت أصابعها في شعره وفتحت صندوق الألعاب ثم أخرجت لوحة القطع المركبة أخرجت القطع القطع وهي ترفض ان تسمح للذكريات بأن تعود إليها .
لكنها أتت كلها وكان من المستحيل عليها أن تبعدها وتتخلص منها .
رافايللو الوسيم الذي من المستحيل ألا تغرم به رافايللو يضمها بين ذراعيه يبتسم لها يضحك معها يعانقها ويحبها .
لم يكن ذلك حباً كانت تلك مجرد علاقة بالنسبة إليه علاقة عابرة كانت تعلم منذ البداية أنها ستنتهي .
تدافع المزيد من الذكريات إلى ذهنها مع أنها حاولت بقوة ان تبقيها بعيدة ولكنها تسارعت وراحت تمزقها كالسكاكين .
راودتها ذكرى أخيرة في آخر مرة وقعت عيناه عليه يومها وقف هناك ينظر إليها وقد بدا الحزن على وجهه وقال : سأهتم بك .
حسناً ! لقد فعل لقد اهتم بها فعلاً تأكد من أنها عادت إلى بلادها مع ما أتت لأجله المال .
من أجل ذلك تزوجت به من أجل المال مال من أجل إيجاد منزل لبنجي لا من أجل الحب …
لم ترد أن تقبل مال الشيك قاومت ذلم لمدة أسبوعين حيث حصلت على المال الذي حصلت عليه من شركة الطيران بعد استبدال بطاقة سفر لوسيا مقابل بطاقة أرخص كما أنها طارت إلى مطار غاتويك لا إلى مطار هيثرو ثم استقلت القطار إلى الساحل الجنوبي حيث وجدت مخيماً للبيوت المتنقلة .
لكنها لا تحتاج إلى أموال رافايللو لشراء هذا البيت النقال دفعة واحدة لتجد منزلاً لها و لبنجي وسيبقى لها القليل من المال ليكفيهما لفترة ما أما ما تبقى من المال الذي وعدها به رافايللو فهي تعلم أنها لن تحصل عليه .
تماماً كما لم تقدر على أخذ الثياب التي اشتراها لها ولا حتى عقد الذهب الذي قدمه لها كما أن تلك الثياب لا تتناسب مع أسلوب حياتها الآن .
ابتسمت مع أنه من المؤلم أن تفعل ذلك .. على الأقل لديها ذكريات سوف تحتفظ بها طوال حياتها .
***********************************

بدا الشاطئ مرصوفاً بالحصى وراحت المياه تحرك تلك الحصى بعنف محدثة ضجيجاً صاخباً ربض بنجي على الأرض والتقط الحجارة الرطبة كان ينتعل جزمة وجسمه الصغير مكسو بسترة مقاومة للماء راح المطر ينهمر من جهة الغرب حاملاً معه البرد .
حدقت ماغي عبر القناة الإنكليزية بنظرتها الحزينة الكئيبة بعيداً في البحر رأت ناقلة بترول تسير في طريقها إلى الشرق لم يكن هناك أي قوارب شراعية ولم يكن هناك أحد على الشاطئ جازفت في الخروج لأنها لم تعد تستطيع البقاء في الداخل كان بنجي سريع الغضب رافضاً أن يتسلى بأي شيء وهي أيضاً قلقة تشعر بألم في قلبها وبقشعريرة تهز عظامها يوماً بعد يوم كانت الحقيقية تتعمق في داخلها لقد خرج رافايللو من حياتها .. خرج إلى الأبد .. رحل بصورة مفاجئة كما أتى .
بحزم حاولت أن تجمع شتات نفسها لا يحق لها أن تغرق في الكآبة هكذا فهي سعيدة مع بنجي ولديها صمتها قوتها ومنزل خاص بها وهذا سيكون مكاناً ملائماً لتربية بنجي هواء نقي والبحر عند عتبة بيتها .
هنا على الأقل يمكنها أن تقف تحت المطر ومع هبوب الريح عبر القناة تحدق بالجنوب باتجاه إيطاليا مع شوق يائس في قلبها لن يشفى أبداً …
أصبح خداها رطبين لكن ليس بسبب المطر …
التقط بنجي حجراً آخر ورماه بكل ما لديه من قوة في البحر سقط الحجر في البحر محدثاً صوتاً ناعماً لكنه لم يسمع بوضوح بسبب صوت الأمواج القوي بعد ذلك شعر بالملل واستدار ليسير مبتعداً تبعته ماغي وهي تشد معطفها حولها مواجهة المطر الذي لا نهاية له تساقطت حبات المطر على وجهها بينما دفعت إلى الوراء شعرها الذي تتلاعب به الرياح أدركت رقبتها لتتمكن من ربطه بعقدة كان قد انسل منها .. وقفت جامدة وحدقت … على الرصيف المليء بالحصى وفوق المد العالي وقف شخص ما هادئاً دون حراك .
رمشت بعينيها فقد مسها شيء ما .
مدت يدها إلى بنجي من دون أن ترى لتوقفه استمرت بالتحديق باتجاه اليابسة الشخص على رأس الشاطئ بدأ بالسير نحوها عاصفة من الريح ضربتها بينما كانت تمسك يد بنجي كي لا يقع وتابعت التحديق …
راح الوقت يمر ببطء شديد وبد لها أن المطر توقف في وسط السماء كذلك الرياح قد هدأت .
ساد الصمت المطبق حولها شعرت بأصابع بنجي تضغط على أصابعها شعرت به يشدها إليه لم تكن قادرة على السير فقد أصبحت قدماها من الرصاص وهي لا تستطيع أن تتحرك .
لا تستطيع أن تتنفس فالهواء قاس جداً في صدرها بقي الشخص يسير باتجاهها …
وظهر وجهه أمامها من خلال المطر ومن خلال غشاوة بصرها .. لم تستطع أن تتحرك .. لم تستطع أن تتنفس …
عندها فقط بنجي سحب يده من يدها ورأته يسير بتهاد إلى الأمام ماداً يده إلى رافايللو .
_ راف .. راف .. احملني .
رفعه رافايللو على الفور وقال : مرحباً بنجي !
ثم نظر إلى ماغي نظراته العميقة اخترقتها كالسكين وكأنها وصلت مباشرة إلى قلبها .
قال : تعالي معي إلى بيتنا تعالي معي يا عزيزتي .
ومد يده إليها .
لم تتحرك , لم تستطع ان تتحرك .
قالت هامسة وقد ضاعت كلماتها في الريح : أنا .. لا أفهم .
لوى شفتيه وقال : ولا أنا ليس عندما عدت من روما تلك الليلة لأجد أنك رحلت ليس عندما نظرت ماريا إلي نظرة مستنكرة وقالت أنك رحلت بعد رحيلي في ذلك الصباح لم أفهم شيئاً بعدئذ قالت أن زائة أتتك يومها وأوصلتك إلى المطار .
أصبح وجهها أكثر حزناً وهو يتابع : وعندما قالت لي من كانت الزائرة فهمت .
أغمض عينيه فبدت رموشه طويلة تكاد تلامس خديه قبل أن يفتحهما ثانية ليقول : يا إلهي ! عندما سمعت ذلك فهمت كل شيء !
كانت ماغي تترنح في الريح وقد اخترقت الريح جسمها حتى عظامها وأحاطت بقلبها .
_ كيف .. كيف هو والدك ؟
_ والدي ؟ آه نعم والدي .
أصبح صوته ثقيلاً وهو يتابع : يستعيد صحته بشكل ممتاز ألم تري الحقيقة بعد ؟ لوسيا كذبت عليك .
قالت بصوت ضعيف : لماذا ؟
_ لماذا ؟ لتتخلص منك بالطبع .
ابتلعت غصة وقالت بصوت متألم : كان بإمكانها الانتظار يوماً واحد فقط وبعدها .. لكانت وفرت على نفسها ثمن الرحلة .
تجهم وجه رافايللو ووضع بنجي على الأرض برفق وبينما تلهى الولد الصغير بصدفة تلمع عاد هو ليقف منتصباً وقال : لم أفهم شيئاً ! ما الذي تقصدينه ؟
لم يكن صوتها واضحاً ولكنها تمكنت من التلفظ بالكلمات .
_ لقد حذرتني في ذلك الصباح أنك .. أنك سترسلني بعيداً .
حدق بها وقال : ما هذا الذي تقولينه ؟
بدا غاضباً ولم تعرف ماغي السبب .
_ قلت لي … قلت أن علينا أن نتكلم وأنا أدركت ماذا تقصد .
_ وما الذي قصدته عزيزتي ضغطت على يديها بقوة في جيبي معطفها .
_ رافايللو أرجوك أنا أعلم..… أعلم صدقني أعلم انك كنت لطيفاً وأن تدعني احصل على حلمي الصغير أعلم ان هذا كل ما حدث وأنه لم يكن من المفترض أن تذهب بي الأفكار إلى أكثر من ذلك وأنا أفهم هذا حقاً .
ابتلعت غصة قبل أن تتابع : لقد حذرتني من قبل وفي ذلك اليوم في فلورنسا قلت إنك لا تريد ان تشتاق إلي وعندها فهمت .
نظر إليها وقد بدا تعبير غريب على وجهه لم تستطع أن تقرأه لكنها أرادت أن تحدق به أن تشرب من جماله لأنها الآن في الجنة شعاع صغير فضي من الجنة أشرق عليها بطريقة ما ليقدم لها ذكرى أخيرة لتحتفظ بها وتخفيها طوال أيامها .. فرح أخير في حياتها .
راحت تشرب من جماله كما يشرب العطشان من الماء في الصحراء تشرب من عينيه السوداوين الجميلتين ومن شعره الحريري الرطب ومن نقاط الماء على رموشه وأنفه القوي الدقيق وفمه الجميل المنحوت .
قال بصوت واضح : أنت فهمت ؟
راح بنجي يربت على ركبته مقدماً له الصدفة وبدون أي تفكير أخذها منه وتمتم شيئاً للطفل راقبته وهو يقلب الصدفة بين أصابعه وقد عادت نظراته إليها .
قال ثانية فهمت ؟
وبحركة قوية رمى الصدفة في الماء حدق بنجي به مذهولاً وقد فتح فمه من الإعجاب بقوته وحاول أن يقلده برمي حجر آخر لكن من كانا برفقته لم يكونا ينظران إليه .. كانا يتبادلان العناق …
شعرت بالجنة تحتضنها ثانية وتضمها إليها فما إن تركت الصدفة يده حتى مد يده وضمها إليه بقوة .
قال بصوت خشن : إذن افهمي هذه .
وعانقها بقوة …
أغمضت ماغي عينيها .. لم تكن واقفة على شاطئ إنكليزي متلبد تنهمر الأمطار فيه كانت تقف تحت نجوم توسكانا ورائحة الزهور تحيط بها وهواء إيطاليا المنعش يملأ رئتيها وليل إيطاليا الدافئ يحتضنها و رافايللو .. رافايللو يعانقها .
التصقت به بيأس كبير وبانفعال لا بد أن ما يحدث هو من نسج خيالها لا بد أنه كذلك فما من سبب يدفعه لمعانقتها ولا سبب يدعوه ليشدها إلى جسمه القوي والرشيق حتى شعرت بنفسها وكأنها جزء منه لا سبب يدعوه ليمسك رأسها الرطب وكأنه مرمر ثمين لا سبب يدعوه ليتمتم لها بكلمات لا تستطيع أن تصدقها .. بل يجب عليها أن ألا تصدقها .
تركها تبتعد عنه قليلاً ثم قال وعيناه تشعان بالفرح : والآن هل فهمت ؟
قالت بضعف : لا !
_ يا إلهي ! إذن تعالي معي إلى بلادي وسأمضي حياتي كلها محاولاً أن أجعلك تفهمين فأنا أحبك كثيراً .
سمعت ما قاله لكنها لم تستطع أن تصدقه رأى رافايللو ذلك على وجهها فقال بصوت منخفض : شكك يخجلني اعتقدت أني جعلت الأمر واضحاً بالنسبة إليك في كل ليلة أمضيناها معاً لكن …
أصبح صوته أكثر انخفاضاً وهو ممسك بيديها : حتى أنا لم أدرك مغزى ذلك الشعور الذي انتابني نحوك كانت تلك مشاعر جديدة علي ولم أكن أستطيع استيعابها لقد جعلتني أرتبك وجعلتني أسأل لكنها راحت تكبر في داخلي وتكبر حتى رأيتها تماماً كما هي فعلاً لهذا السبب قلت لك إنني لا أريد أن تشتاقي إلي لأنه لن يكون هناك سبب لتفعلي ذلك كنت أريد تحويل الحلم إلى حقيقة لهذا السبب كنت رزيناً جداً ذلك الصباح أدركت أن علينا جعل زواجنا حقيقياً وأنه علي أن أخبر والدي بذلك أن أخبره أنه حتى ولو لم يتحدث إلي مطلقاً قاطعاً كل الروابط معي وحتى لو باع الشركة إلى أول غريب يراه ستبقين زوجتي إلى الأبد لأنني أغرمت بك ولا أستطيع العيش ليوم واحد دونك .
شعرت ماغي كأنها ستنهار للمرة الثانية لكن سعادة عارمة راحت تجري في عروقها حابسة أنفاسها .
سألها وهو ينظر في عينيها غير مصدق : أحقاً لم تري ذلك ؟
قالت بتعجب : وكيف يمكنني ذلك ؟ كيف يمكنني أن أصدق أن مثل هذه الأعجوبة قد تحدث معي ؟
ابتسم وبدت ابتسامته رائعة كالعناق قال : أنت هي الأعجوبة بالنسبة لي ماغي أنت وبنجي تسللتما إلى قلبي كلاكما يوماً بعد يوم و الآن أنتما هناك إلى الأبد حبي لك كان في عيني ولمساتي .
تبدلت ملامح وجهه وهو يتابع : لوسيا رأت ذلك في اليوم الذي كنا فيه في فيونزي رأت أننا أغرمنا ببعضنا البعض وعلمت أنها وجدت وسيلة الانتقام لنفسها بسبب رفضي لها قررت أن تبعدنا عن بعضنا لذلك أتت إليك القصة عن مرض انريكو آه نعم لقد حصلت على الحقيقة منها راحت ترغي وتزبد في الوقت الذي تمكنت فيه من معرفة كل الأكاذيب وكل كلمة قالتها لك .
_ لكن الشيك ؟ لقد أعطتني شيكاً موقعاً منك .
دمدمة خرجت من فمه قبل أن يقول : إنه مزور ! دخلت لوسيا إلى مكتبي بحثاً عن دفتر الشيكات قبل أن تذهب لرؤيتك علمت أنها بذلك ستتمكن من إقناعك أنني بالفعل أريدك أن تغادري إيطاليا على الفور .
ظهر الحزن على وجهه وهو يقول : كيف بإمكانك أن تصدقي أكاذيبها يا عزيزتي ؟
قالت ماغي بعذاب : لقد لعبت على مخاوفي .
_ تماماً كما لعبت على هوس والدي بالحصول على حفيد وعلى هوسي بالشركة محاولة أن تسيطر
علينا جميعاً حسناً …
أصبح صوته أقسى وهو يكمل : .. انتهى كل ذلك الآن حذرتها إن حاولت مجدداً إثارة المشاكل سأقاضيها بتهمة الاحتيال والتزوير لكن ….
أصبح صوته أكثر نعومة : ذلك الشيك أعطاني الوسيلة لأتمكن من العثور عليك وإيجادك في النهاية .
حدقت ماغي به دون أن تفهم شيئاً ابتسم لها بسخرية : أوقفت الشيك لأنه مزور حبيبتي وأعلمني المصرف عنك في اللحظة التي قدمته لتقبضي المال وهكذا تمكنت من ملاحقتك .
تغير صوته للمرة الثانية : أنت لا تعلمين كم عانيت في غيابك كل يوم كان للأبدية بدونك .
ضغط على يديها بقوة آلمتها لكنها تجاهلت الألم شعرت فقط بسعادة عميقة ومجردة سيطرت على كيانها على كيانها كله .
كيف يمكن للأحلام والقصص الخيالية أن تتحقق ؟
نظرت إليه وكل الحب الذي تحمله إليه يشع في عينيها عانقها ثانية فقربت جسمها إليه وبينما كانت ذراعاه تلفانها ممسكتين بها بقوة إلى جسمه كانت تسمع دقات قلبه مع قلبها لكن أمراً واحداً ظل يعذبها رفعت وجهها إليه وقد بدت الحيرة في عينيها : رافايللو ؟
لا مس شعرها بنعومة وقال : نعم ؟
_ والدك ؟
_ إنه بخير قلت لك أن لوسيا كذبت عليك .
_ لا أقصد .. أنا لا أريد أن أفرق بينكما .
لمس حاجبها بإصبعه برقة .
_ لقد قربتنا من بعضاً أخيراً بعد تلك السنين الفارغة المليئة بالعناد والتصرفات الغبية .
نظرت إليه مستفهمة .
_ ما إن رأى والدي يأسي عندما لم أتمكن من إيجادك وحزني على خسارتك شيء ما انكسر بيننا ذلك الجدار القاسي الذي كان يفصلنا عن بعض تحطم هل فهمت ؟
ظهر شيء ما في صوته وهو يتابع : لقد ذكرته بنفسه منذ خمس عشرة سنة عندما توفيت أمي .
شعرت بيدها تمسك بيده بقوة أكبر .
_ لم أكن أعلم ..
_ وفاتها أبعدتنا عن بعضنا .. ما كان يجب حدوث ذلك لكن هذا ما حصل أصبحت شرساً أستطيع أن أرى ذلك الآن ووالدي أقفل على نفسه بعيداً عني كنا معاً نشعر بالحزن القوي لكننا لم نكن نستطيع أن نتواصل من أب إلى ابنه لكي نتمكن من تخفيف حزننا وما إن بني ذلك الجدار بيننا لم يستطع أي منا هدمه أما الآن الفضل لك حبيبتي قلبي فلقد استعدت والدي .
لكن مع ذلك بقيت ماغي تشعر بالحيرة فقالت : لا يمكن .. أنه لا يريدني .
_ بلى !
تنفس بقوة وقال : أخبرته ماغي .. أخبرته كل شيء عنك كيف أخذت طفل امرأة تحتضر لتهتمي به وتحبينه وكم أنت وفية لصديقتك وعن حبك لطفل لا أم له متخلية بذلك عن حياتك مهما كلفك ذلك بدا مصدوماً من الندم كما حدث معي وهو يتوسل إليك أن تسامحيه عزيزتي ويسألك إن كنت تقبلين هذا لترتديه كل يوم من أجله وأجلي .
مد يده إلى جيبه وأخرج علبة خاتم قديمة في داخلها خاتم مرصع بالألماس وحبات الزفير .
_ إنه الخاتم الذي كانت أمي ترتديه أبي قدمه لها كرمز عن حبه الباقي إلى الأبد وأنا أقدمه لك …
وضعه في إصبعها فانهمرت الدموع من عينيها .
قال رافايللو بصدق : لكن سعداء إلى الأبد .
عانقها بهدوء وبحب غامر أنعش روحها .
كان هناك من يشد ساقه وقال بصوت صغير : احملني .
وعلى الفور انحنى رافايللو ورفع بنجي وضمه إليه بقوة وقف الثلاثة هناك تحت المطر المنهمر والرياح العاصفة بقرب البحر الرمادي البارد وهم يضعون أذرعتهم على بعضهم البعض فكرت ماغي : هذه عائلتي ! وشعرت بقلبها يعتصر بين ضلوعها .
رفع رافايللو بنجي لا تشد شعر والدك أنت الآن ابني وعليك أن تكون مهذباً معي .
وبدأ بالسير نحو المنزل .
نادى ماغي : هيا ! لدينا رحلة بالطائرة علينا اللحاق بها ووالدي يائس ليحسن معاملتك كذلك ماريا وعمتي فهما تريدان بنجي لهما فقط وأنا يائس أنا يائس من الشوق إليك !
ومع انسحاق الحصى الصغيرة تحت قدميها أسرعت ماغي باللحاق بهما زوجها وابنها ها قد أصبح الخيال حقيقة !


النهاية

 
 

 

عرض البوم صور الناظر  
قديم 16-04-08, 05:14 PM   المشاركة رقم: 37
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

يسلمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــو
اللــــــــه يعطيك العافيــــــة

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..  
قديم 16-04-08, 05:26 PM   المشاركة رقم: 38
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 68905
المشاركات: 6
الجنس أنثى
معدل التقييم: العقد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
العقد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

رووووووووعه
يعطيك الف الف عافيه

مشكووووووووور

 
 

 

عرض البوم صور العقد  
قديم 16-04-08, 05:32 PM   المشاركة رقم: 39
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2006
العضوية: 19563
المشاركات: 141
الجنس أنثى
معدل التقييم: بياض الثلج عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 15

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بياض الثلج غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

يسلمووو ع الرواية رووووعة
والله يعطيكم العافية

 
 

 

عرض البوم صور بياض الثلج  
قديم 16-04-08, 08:29 PM   المشاركة رقم: 40
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو متألق


البيانات
التسجيل: Nov 2007
العضوية: 56096
المشاركات: 203
الجنس أنثى
معدل التقييم: جيجى22 عضو له عدد لاباس به من النقاطجيجى22 عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 114

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جيجى22 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

شكرا لكى جدا جدا جدا يا الناظر انتى و الامل الدائم القصة من اجمل القصص اللى قرأءتها فى حياتى

 
 

 

عرض البوم صور جيجى22  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:49 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية