لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-05-08, 07:23 PM   المشاركة رقم: 131
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2008
العضوية: 73660
المشاركات: 299
الجنس أنثى
معدل التقييم: كحيلة العين M عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كحيلة العين M غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

وهذي التكملة
10
هذا هونفس انظباعي عنك) قال وهويستند على جذع الشجره.
(من المؤسف اصرارك على حمل اسم البرت بالنسبه للمال الذي تطمعين به بامكاننا ان نتناقش بهدوء)
(انت مغرم بالنساء الرخيصات مالذي يعجبك بهن؟) سألته بسخريه
(انهن لاتطالبن بمكان في حياة الرجل وهن لايزعجنني في حياتي) اجابها بهدوء ثم التقت نظراتهما
وادركت سابرينا انها اخطأت بالحكم عليه. لقداكتشفت في مقلتيه رجلا محترما ومتسامحا وحنونا
(انا ...) قالت سابرينا لتقطع الصمت الذي حل بينهما
(انا لااحب..)
«كم عمرك ، سابر ينا >
(ثلا ثة وعشرون عاما . كبيرة كفاية لاكون ابنتك . اذا
كنت تنوي. ان تقلم لي نصائح ابوية)
(هذه الفكرة بعيدة جدأ عني . لابد ان البرت اخبرك في
بأنني اشبه والدنا<<
>><اخبرني القليل فقط << .
«كان رجلا قاسيا .واي دليل على الحب كان يعتبره ضعفآ . انا افهم والدتي قليلا كانا مختلفين . ولكن هذا لا يعذر موقفها منه ولولا ذلك لكان الآن لا يزال حيأ» . :
تذكرت سابرينا ماضينها . حزن هذه السيدة يشبه حزن والدتها عندما كان الرجال يتخلون عنها » وخاصة في الليله الاخيره
،>» وانت ، سابرينا . كيف كانت والدتك ؟<<
>>قريبه من والدتك . لااحب الحديث عنها» .
>>هل الذنب ذنبها اذا كان الرجال . . . <<
«ماذا ! لن تتكلم من جديد عن . . . عدم خبرتي؟
حسنا. انا لااحب ان اعيش كال. . . » .
(كيف تشعرين بين ذراعي البرت؟ كما تشعرين معي؟)
هذا السؤال جعلها تتجمد اية كذبة ستخترع له ؟ لكن
تورن لم يترك لها مجالآ للتفكير » لانه رمى سيجارته وضم الفتاة بين ذراعيه » ه اجبرها على النهوض::
>>لا، تورن ارجوك <<. 0 :
(احب سماعك وانت تلفظين اسمي» وكأنة نداء قوي »
قاومته الفتاة كما قاومت نفسها لكي لاترتمي على ذلك
الجسد الذي يجذبها بقوة
( ليس الامر كذلك مع البرت <<. قالت اخيرا ووضعت يدها على صدره لتدفعه عنها.
(اتعتقدين اننى لم اكن اعلم 0؟<< همس بصوت دافىء
(اوه سابر ينا! اناارغب بك بقوة ،،
وكانت مقلتيه تلمع بالرغبة » ودقات قلبه سريعة احست بها الفتاة تحت يديها. وكانت نظراتهمامعبره اكثر من الكلام
ففهمت سابرينا انها هي ايضآ ترغب به وتبحث
عن دفىء جسده وقوته . وبحركة يائسة لكنها ارادية . رفعت
وجهها نحوه وقدمت له شفتيها
. قبل تورن جبينها وخدها، وكان فمه دافئأ علي جلدهاالحريري فبدأت ترتجف وأحاطت عنقه بيديها
(ايقبلك البرت هكذا. . . هكذا. . )
(انا ايضآ. . . انا رجعية . . . لم يسبق . .»
وكان يقبل عنقها وخلف اذنيها بحرارة . وكانت ترتعش تحت لمسات يديه الرائعة
(سابرينا، لم يسبق لي ان ضممت بين ذراعي امرأه
مثلك . . .ابدآ. . .،<
واطبق فمه على فم الفتاة يقطف اولى تنهداتها وكان يشعر بها مليئة بالرغبة وترتجف وتلتصق بصدره وتتحرق
تحت اقل لمسة منه دست يديها تحت قميصه . واكتشفت
ببطء بأصابعها جسده الدافىء وغرقت مقلتيها في مقلتي
تورن التي تعبر عن الم كما تعبر عن الرغبة
.
وبهدوء تناول فمها من جديد والتهمه بقبلة مليئة
بالانفعال . كان رقيقأ وصبورأ بشكل لم تكن تعلم بأية حجة
كانت ستقاومه . كان يلهب مشاعرها دون ان يخيفها
وكانت تشعر بخفة بين ذراعيه وبسعادة كبيرة .
هل هذه التنهدات التي تخرج من حنجرتها من اعماق
كيانها . هي تصدر عنها؟ لم تعد تعرف نفسها . وبرغبة
قوية ، التصقت به اكثر. حتى اصبحا كالجسد الواحد .
واخيرأ ابعد تورن وجهه عن وجهها وكان فمه ومقلتية
تظهران رغبته المتزايدة واخذ يداعب فمها بيده المر تجفة .
هذه الفتاة المغامرة تمثل سر كبيرأ لا يتسطيع اكتشافه .
(ارجوك << . توسلت اليه وتلألأت مقلتيها بالدموع
«>1نا . . . لم يسبق لي ان . . . <<
وكانت تتوسل اليه كي يتابع وليس لكي يتوقف
«!علم » . اجابها بحدة . . . اعلم اسكتي . . ودس يديه تحت قميصها برقه و حنان . ارتبكت الفتاة
واخذت ت ترتجف بقوه بين ذراعيه » وخافت من خضوعها
له
ولرغباتها . ولشدة انفعاله . اخذ تورن يهمس باذنيها باجمل
الكلمات
وكانت الفتاة على وشك الانهيار. كل لمسه منه تزيد في
اشتعال عاطفتها. ولم تعد قادرة على التفكير
«تورن . . . اوه . . . تورن <.
فعاد الى فمها يرشف من عسلة ويشرب خمره . « وعرفت سابرينا بين ذراعيه لذة لا تعرف حدودأ ونسيت كل تحفظاتها وخجلها
وسمعا من بعيد هدير سيارة ابعدهما عن بعض . فتأملها
تورن طويلا، «ادرك عطشها له . انه عطش متبادل .
(هاقد وصل البرت <<. واخذ نفسأ عميقأ لكنه لم
يتركها. لانه كان يخشى ان تقع اذا تركها.
>>»اوه سابرينا. انت رائعة . ولكنك له هو». ثم تركها
بسرعة و ركض الى المنزل دون ان يضيف كلمة اخرى.
اقتربت انوار مصايح سيارة البرت .
وكانت سابرينا لاتز1ل وحدها، فأحست بأنها لا تملك
القوة على مواجهة احد فركضت الى المنزل وجلست في
الصالون وادارت التليفزيون ريثما تلتقط انفاسها قبل دخول
البرت .
(هل حصل كل شيء على ما يرام)». سألها وهو يدس رأسه في فتحة الباب
(لقد عاد بسرعة . .قلت له انك ذهبت الى المدينه ».
(ولم يشك بشيء´؟ لا توجد مشاكل جديدة؟».
،>لا<<، اجابته دون ان تجرؤعلى النظر في مقلتيه .
(تصبح على خير، البرت ، الى اللقاء غدأ صباحأ».
ومرت امامه واتجهت الى غرفتها.
لكن البرت لشدة سعادته بلقاء جيسيكا، لم يايلاحظ مدى
ارتباك صديقته . وفي غرفتهاتساءلت مئات الاسئلة .
كيف استطاع تورن ان يفقدها عقلها بهذه السهولة ؟ لو
لم يأت البرت . . . اوه كانت تفضل ان لا تفكربذلك .
وكان جسدها لا يزال يرتجف من الاحساس الذي ولده
تورن في كيانها. وسالت الدموع على وجهها بغزارة .
(اوه جيسكا لوتعلمين كم اتعذب من اجل مساعدتك)
كانت تخاف من رغبتها الشخصيه اكثر من خوفها من تورن .
في صباح اليوم التالي » ارتدت بنطلون رمادي وكنزه حمراءوهي تتمنى ان تجد البرت لكنها
وجدت تورن وحده يجلس في مكان الشرف
حول الطاوله و يلعب بمنديل ورقي بعصبيه وكأنه كان في انتظارها وكان قميصه مفتوحا على صدره فذكر الفتاه بالامها وتمنت الهرب منه بسرعه.
(تفضلي بالجلوس » ايها العندليب الصغير
جون يعد لنا الفطور<< .
اصبح من المستحيل الهرب فجسلت وناولها تورن
فنجان القهوة .
(ليس هذا جيدآ بالنسبة لالبرت » قال هذا فجأه .
(عن ماذا تتكلم؟!،< .
(عن خاتمك هذا<< واشار الى يدها .
(لا يجب ان تنسي خاتما كهذا عندما ترغبين برجل آخر، كما كنت ترغبين بي) .
)انا لم..)
(لا فائدة من الكذب << . قال وهو يضع اصبعه
على فمها.
(بعد لحظات كنت سأصطحبك الى غرفتي«< .
«دعني بسلام تورن) صرخت بحدة .
(بالتأكيد لا<<. «اشعل سيجارة واخذ يتأملها.
(انت لم تأخذي تحذيراتي على محمل الج وها انت
تلقين النتائج <،.
(ما سيكون عقابي ليله في سريرك؟<< سألته بتعال . أ
(هذا لا يعجبني كثيرأ». اجابها بابتسامة عندما رأى احمرار وجهها
«لم أرغب بامرأة بهذه القوة منذ فترة طويلة«
(انا لست كما تعتقد!<<.
>>انا اعلم . لكنك انت تعقدين الموقف . من اين اتيت سابرينا)
(من نيو اورلينز0» لماذا´؟»
(كيف التقيت بالبرت «. وشرب جرعة من فنجانه (عن طريق جيسيكا،<
««انها فتاة جيده جيسكا. . . اتعلمين انها تحب اخي´؟»<
سألها مبتسما. احمر وجه سابريا . وتركت فنجانها كي لايقع من يدها .
«يبدو لي انك كنت تعلمين الا يشعرك هذا
بالخجل ؟».
«لم اكن اعتقدانك مهتم بسكرتيرات الشركة).
(انا لست غبيآ ايتها العندليب الصغير».
>>لا. ولكنانت صاحب احكام قاسيه ايها السيد
الثلاثي الاسم).
(خاصة عندما التقتي بنساء لم تخلقن من اجل انجاب الاولاد» اجابها باحتقار.
(اهذا كل ما يهمك »< سالته و قد صدمها كلامة كثيرا
(1نت تعتبر الناس كالمواشي الا وجود للبشر
في نظرك »
«على كل حال، انت لا تعتبرين كذلك . يا جميلتي
جسديا ممكن اما غير ذلك فلا<<.
»فليحمني الله) اجابتة بغضب والالم يعصر قلبها.
لمعت مقلتي تورن ببريق غريب ولكن قبل ان يتمكن من
الكلام ، دخل البرت ، وانضم اليهما
(صباح الخير ، هل اصبح الغطور جاهز) قال البرت
باشراق.
«>جون»< صرح تورن بغضب لا مبرر له.
(السيد الكبير جائع وكذلك الآخرون<<. .تمتمت
سابرينا.
)اسكتي انت »، قال لها تورن مهددا.
)hbالاتزلان تتناقشان انتما الاثنان »؟<< سالها البرت
)ستكونان زوجة اخ وابن عم)
فرمقه تورن بنظرات قاتلة
«لم يحن الوقت بعد. لا تكن مستعجلا يا اخي انت
لاتزال صغيرا<<
««وانت ايضا ماذا تنتظر) ساله البرت بقوة جديدة
)اتذكر تلك الفتاة الشقراءالتي كنت تتمنى الزواج بها والتي من اجلها هددك والدي بحرمانك من الميراث؟ ولاازال اذكر كيف حاولت اللحاق بها، كات والدي تبعك وهددكما بانة لن يكون لك مليم واحد اذا تزوجتها، ودفع
لها والدي مبلغأ لكي تتعقل . . . فقبلت . . . مسكين انت يا اخي، لقد ظهرت على حقيقتها بسرعة وانت
تخاف ان اكون انا اعمى مثلما كنت انت )).
(اذهب الى الجحيم << صرخ تورن ثم نهض وغادر
الغرفة .
((هذا فضيع !)) قالت سربرينا بذهول وانقبض قلبها فكرت بالعذاب الذي عاشه تورن .
(اردت ان يكون هذا درسأ له . ليس لان امرأة خانته ،
يجب عليه ان يفسد حياة الأخرين هيا بنا تناول فطورنا.
وسأدعوك للقيام بجولة على صهوة الجواد. فأنا لم ارك
كثيرأ مساء امس ، وسأضطر اليوم ايضأ للتغيب لكي اذهب
سرأ لاحضار اجازة زواجي<<
وخيلا قليلا حول المزرعة .وعند احد المفترقات تركهاالبرت واففا على قصة يقولانها لتورن اذا شعر بغياب اخيه.
وفضلت سابرينا ان تنتظره قرب النهر كي لا تعود
وحدها
.
فنزلت عن حصانها وسارت على ضفة النهر. وفجأة
رأت آثار اقدام غزال وتعرفت على ذلك بفضل المعلومات
التي كسبتها من جدها عن تقفي آثار الحيوانات البرية .
«هل اضعت الطريق يا ابنة المدن ؟<<. سألها صوت
مألوف ساخر، فالتفتت باتجاه الصوت . وكانت دهشتهاكبيرة عندما رأت تورن يقف قرب جوادها ويتأملها.
(لا ابدآ كنت اقتفي اثر غزال ».
انضم اليها وانحنى يتفحص الآثار .
«انهما غزالان »< . قالت لة وهي تسير الى الآثار
(هذه خطوات الانثى وتلك خطوات الذكر << .
(من علمك كل هذا><
(جدي لقد قام على تربيتى لمده قصيرة . وكان كل شيء بالنسبه لي<< .
(ماذاعلمك ايضا´؟»<
(اشياء كثيرة ليست مهمة ، كالتنبؤ بالمطر، وزراعةالخضار، كان ن مزارعآ<< .
نهض تورن وتأمل وجه الفتاة بدهشة .
(انت تقلقينني<< .
(لماذا´؟´ سألته ضاحكة بجفاف .
(الانني اعرف تميز اثر غزال ؟<< .
((لانك لا تشبهين احدأ ممن اعرفهم . لاننى اشتعل
من الرغبة بك . بامكاني ان اكرهك لهذا الضعف الذي اشعر به امامك <<.
(ولا انا، سيد تورندون لم التق برجل مثلك
اقصد. . . الآخرون كلهم تصنع وكذب اما انت . . .فصلب ،صادق . . . وعميق هذا ما كنت اقصده عندما قلت لك انني اتمنى ان اكسبك صديقأ<<.
(عشيقأ، هذا ما كان يجب ان تقوليه ! < اجابها بضحكة ساخرة .
(كنا سنكون عشيقين لولا وجود البر ت <<.
«لا اعتقد ذالك ، فأنا اخاف منك ، ولا احب طريقتك
التي تستعملها مع الآخرين لن يمكنني تحمل فكرة ان اكون . . . لعبتك ، قد تكون النساء ترغبن بأن يمتلكهن الرجل ولكن لا ان يشترين)
>>لا يوجد فرق كبير !><.
(بلى، انه فرق مهم<<. ونظرت !لي التلال القريبة
((المنطقتة هذه جميلة جدآ كيف يمكنك تحمل نيو اورلينز بعد ان تأتي الى هنا؟)
>انا اتحمل. . . .اشياء كثيرة «
فسارت نحو حصانهاولكن تورن استوقفها
(اين اخي؟)
(ذهب لاحضار فرسه ، سيعود بعد قليل <<
(هذا ليس ضروريا سابر ينا قبلينى << وضمها اليه
(قبليني انا اموت ه من الرغبه بامتلاكك . انا اتعذب قبليني)
وتناول شفتيها بحرارة>
تفاجأت الفتاة بعدم رغبتها بمقاومته انه حلم رائع قطع مساء امس وهاهو يعود من جديد وفجأة عاد اليها وعيها
فحاولت الابتعاد عنه لكنه ضمها اليه اكثر ودعاها للمساته الرائعةاغمضت عينيها وبادلته القبلات الحارة وتحسست كتفيه وظهره فتح تورن عينيه تأمل وجهها ولاحظ مدى
سعادتها. اشتعلت عواطفه اكثر واصبحت لمساته على جسدها اكثر جرأة . وسابرينا في غمرة انفعالها رددت اسمه بهمس ودست يديها تحت قميصه تداعب صدره .
فتنهد بلذة قريبه من الالم « ثم ضحك
(انت تحرقيني، سابرينا. ان المسك . . . واضمك بين ذراعي . . . لم اشعر بمثل هذا الاحساس في حياتي كلها»
امتزج قلبها بالفرح والقلق. كان الريف هادئا ولم يعد البرت باكرأ. فتنهدت وعادت تبحث عن شفتيه لتروي
ظمأها. فضمها اليه اكثر.
وقبلها بحنان كبير، فأحست بأنه جزءا منها وبأنها جزء
«>انا لم امارس الحب واقفا من تبل ». همس بأذنها.
«أرغب بالجلوس) فانتفضت بخوف وابتسم لها تورن
بحب.
«اريدك سابرينا، والا سأفقد عقلي. . . <<
اعتقدت الفتاة انها ستجن من السعادة التي اجتاحتها
وزادت كلمات تورن رغبتها. وفجأة تذكرات تحذيرات البرت . وتذكرت تلك المرأة الئتي خانت تورن. . . وببطءوبيد مرتجفة داعبت فمه بحنان
))انها كانت مجنونة تمامأ<<. قالت له
))كانت مجنونة عندما قبلت بالمال وتخلت عنك<<
هذه الكلمات اغضبت تورن كثير فأسمك شعر الغتاة
وارجع رأسها الى الخلف.
)على الاقل لم تحاول ان تلعب دور الحمل الوديع والذئب بنفس الوقت ا<
شعرت سابرينا بالإهانة . وتبدد كل مانشأ بينهما
بسرعه
(انت تؤلمني<<.
وفورأ تركهاوبصعوبة كبيرة ابعدت يديها عنه انه يعرف كيف يسيطر على مشاعرها فكرت الفتاة وهي تنظر اليه يشعل سيجارة .
عندما رفع نظره نحوها لم تجد في مقلتيه سوى الاحقار والتحدي
>>1نا احضر لك مفاجأة صغيرة » ايتها العندليب الصغيرة ،
بعد يوم اويومين يكتمل السيناريو<<.
كم هذا مثير ! لا يمكنني الصبر اكثر <<. اجابتة بجفاف .
«هل البرت على علم بذلك ؟<<.
«لا اريد ان اجر اكثر ، يكفي انك بتصرفك معي، تحضرين له لحظات فظيعة <<
كيف سيمكنها ان تشرح له بأن هذهء الخطوبه مزيفه.
انها تحبه و ترغب به وتحتاج اليه ؟؟ ايمكنها الاعتراف بسرعة
دون خوف من النتيجة : بالنسبة لرجل متكبر فظ مثله!
واخيرأ! لكي تكون صادقة مع نفسها يجب ان نعترف بأن عدة وجوه . انها ترغب به كثيرآ وافضل شيء تفعله الآن ان تهرب من امامه :0.
«سأتركك الان، سيد الثلاثي الاسم <«. قالت وهي تمتظي جوادها
(سأذهب للانضمام الى البرت <.
(استغلي وجودك معه الآن << اجابها وهو يمتطي جواده
بدوره.
>لن تستمري معه طويلا))
>>كيف كان والدك << سالتة فجاءه.
(مثلى انا. لماذا!<<.
(لقد فهمت الأن موقف والدتك <<. اجابته بحزن.
>«كم تعذبت بعد وفاته <<.
(لا تتكملي بما لاتعرفينه . الذنب كله كان ذنبها))
((لقد كلمني البرت عن والدكما. اذا كان والدك كما اتخيله ، انا متأكده انها لا تزال تبحث عن رجل بمستواه .
وانا متاكده انها لن تجد مصدر حزنهاووحدتها))
(لم يكن هناك مايقلقها كان من الممكن ان يكون حياالان لولم تحاول استفزازه <<. اجابها بحده وقد بدا يفقد صبره.
(يوجد اناس يجعلون اليحاه مستحيله بالنسبة للآخرين وذلك .برفضهم اظهار حبهم . انا اعتقد انها كانت تريد فقط ان يفهمها ويهتم بها اكثر بعد الذي حصل تصور مدى
احساسها بالذنب كيف يمكنها ان تنساه؟<<.
«يبدو انك على معرفه في بعض الامور<< اجابها
بسخريه.
دون ان تضيف اية كلمه سلكت سابرينا اتجاه الطريق حيث ينتظرها البرت انها تحب تورن حبا لاامل منه .
وهى تعلم انه يرغب بها كما ترغب به وخلف قناعه الباردتعرفت على رجل يمكنها ان تحبه وتتمنى العيش
معه . لكن القدر القاسى اراد ان يكونا عدوين.
«عندما وصل البرت حملها .ورقص بها من الفرح ،
واخبرهاانه حصل على اجازة الزواج وانه سيتزوج من جيسكا بعد ايام قليلة>
في المساء احست سابرينا بآلام الغيرة عندما رات تورن يخرج في ملابس السهرة . وتخيلته يضم ببن ذراعيه
فتاة جميلة كتلك التي كانت معه في حفلة البرت
)كل النساء تمر بين ذراعيه دون ان تؤثر بة » قال لها البرت .
»ويقول بانة لا يمكن لااحداهن ان توقعه في شباكها<<
<>لابد ان لديه اسبابة الخاصة .
(ايمكنني ان اعزف على البيانو؟
»بتأكيد وساغتم فرصة غيابه واذهب لرؤية
جسيكا«.
في اليوم التالي، عندما نزلت من غرفتها لم تجد
في غرفة الطعام غير البرت وكان يبدو قلقآ.
(تورن سيقيم حفلة مساء يوم السبت » ولقد دعا جيسكا!. >
(اوه . . . اتظن 0بانة يشك بشيء» سالته بقلق
(لست ادري . يدعي ان هذه الحفلة لاعلان خطوبتنا.
لكنه اعد لكل شيء بسرعة » ودعا بعض الاصدقاء بالهاتف . هذا ليس من عادته . . . اشعر بقلق كبير» ثم نظر الى صديقته باشفاق .
(قولي لي سابرينا. . . ايوجد في ماضيك شيء. . .»<
(لا ليس بالشيء المهم . . . » اجابته بصوت مرتجف
(لماذا؟)
>كان تورن بمزاج رائع هذا اليوم » »هذا ما يقلقني<<.
«قد يكون مضى مساء امس سهرة ممتعة ».
جاء قبل الظهر بائع العلف ، فرافقه البرت الى المدينة .
وكان تورن في مكتبه . فقررت سابريتا القيام بجولة في الغابة القريبة من المزرعة . فارتدت بنطلون جينز وقميص قطني وتركت شعرها مسترسلا على كتفيها. وبعد ان سارت
طويلا، جلست تستريح تحت سنديانة كبيرة .
>انت تشبهين آلهة الغابة ).
انتفضت الفتاة والتفتت خلفها فرأت تورن يقف ويتأملها.
>>لماذا لست مع خطيبك؟<<
««لقد ذهب لقضاء بعض اعماله . »لا ارغب بالتدخل بشؤنه) استند تورن على جذع الشجرة ، وكتف ذراعيه .
>«افسخي خطوبتك به << امرها بحزم
(لااستطيع .،<.
«انها الفرصه الاخيره التي امنحك اياها اغتنميها<<.
«هذا تهديد؟ سألته وهي تضحك بسخرية .
(بل اكثر من ذلك». »تأملها وكأنه يراها للمره الاولى.
(نت وحيده ، سابرينا. ولو لم تثبتي لي مال البرت هو كل مايهمك ، لسامحتك . ولكن للاسف لا يمكنني ان اترك اخي.يرتكب خطأ كبيرا بالزواج منك)
)هل ستقضي كل حياتك بتدمير حياة الآخرين 0::<< سألته بحدة .
)أل في الرابعه و العشرين من عمره وقادر على تحمل
مسؤلبة اعماله . لو لم تكن دائما خلفه . . .»<.
(اسمعي. _انا اعرف ماذاافعل). قاطعها واشعل سيجارة . لقد. قضيت عمري وانا احافظ على اعمال العائلة ولا ارغب في ان يفسد اخي ما حققته لهذه الشركة <<. ثم سكت قليلا ولاحظت الفتاة الحزن على
وجهه
(كان البرت صغيرأ عندما توفي والدكما ولهذا تحملت انت كل المسؤوليات <<
)بامكاني مواجهة كل مسؤولياتي دون ان تكسرني».
«من يتستطيع ان يكسرك ! انا افهمك وانت تعرف ذلك <<.
(لا اشك بذلك»<. اجابها وهوينظر اليها بقسوة .
(وانت ايضأ لم تكن حياتك سهلة حتى الآن ».
لا...لايمكنه ان يعرف شيئا عنها. . .
(كم كان عدد الشبان في حياتك ؟!».
(للحقيقة . لااحد<<.وهزت كتفيها.
(لم يكن لدي الوقت للمغامرات فأنا اعمل بدون توقف)
><اوه! مثلي تمامأ!<<
>>لا، انت غني، وانا كنت اعمل اولا في قطع تذاكر السينما، ثم عملت كبائعة للازهار.، ثم بعت السجائر في احد المطاعم . لم يكن لدب احد يدافع عني في وجه
الظروف القاسية . ولم اطلب مساعدة احد . تعلمت التصرف والدفاع عن نفسي».
اخذ تورن نفسا عميقا من سيجارته ثم داس برجله
>>ثم تعبت من كل هذاوقررت الزواج من البرت
مع انك لاتحبينه)
«من يسمح لك. . . <<
(هذا واضح . انتما لا تشعران برغبة الواحد تجاه الأخر هذا اقل ما يقال عنكما<<. ثم اقترب منها. فتراجعت بسرعه.
«انا لااحب اظهار عواطفي نحوه امام الناس)
))وعندما تكونان وحيدين؟ واذا اخذتك الآن بين ذراعى.ماذا ستفعلين!»
ونفذ القول بالفعل »ارجورك». توسلت اليه بيأس.
))وانا مثلك، سابرينا. عندما اضمك بين ذراعي افقد صوابي. الا تلاحظين ذلك؟. اوه ياالهى ، انا لااتحمل ماتفعلينه بي !<<
ارتعشت الفتاة من الخوف و الاثارة ايعرف انها ترغب به؟ ايعرف ما تشعر به عندما يلمسها؟ فانقبض قلبها. بعدايام لن تر تورن من جديد بعد زواج البرت من جيسيكا،سيعود كل شيء لسابق عهده . سينساها تورن، فنظرت الى عينيه بنظرات ملؤها الحب.
«سابرينا، افسخي خطوبتك مع البرت طالما .ان الاوان لم يفت بعد. لاترغمين على ايذائك هذه الفكرة لاتعجبني ابدا. لكن يجب على حماية البرت <<
بدون وعي منها، رفعت يدها وداعبت وجههه وتلمست جفنيه، فاخفضهما تحت لمسة يدها. ولم يتحرك وتركها تداعب وجهه. وكأنها تريد ان تحتفظ بكل تفاصيل هذا
الوجه الذي تحبه كثيرا .
تسارعت انفاس تورن .وارتجفت شفاهه فأمسك
وجهها بين ذراعيه ، وو قفت الفتاة على رؤس اصابع قدميها لتطال فمه لكنه لم يحاول تناول شفتيها.
(تورن. . . ارجوك . . .«<.
(ولكن. ماذا تريدين مني، سابرينا»
(لحظة سعادة .. ذكرى . . . ». .
فتأمل مقلتيها المدمعة . وحملها وقرب فمه من فمها.
(ذكرى لحظة من السعادة . . . ؟ بامكاني ان امنحك منها بدون حساب . فقط لو كانت الظروف مختلفة »».
فخبأت وجهها في عنقه ، لتخفي دموعها.
>>1نا ارغب بك«. اعترفت له بمصوت يدل على مدى المها .
««ترغبين بي ؟والبرت؟!<< واجبرها على النظر اليه . فكانت على وشك الاعتراف لة بكل شيء. ولكنها لم تجرؤ .
فحملها تورن ومددها على اوراق الشجر المستاقطه وتمدد قربها.
«اذا كنت تحبين المال ايتها العندليب الصغير، فكان يجب ان ترمي شباكك حولي انا. انا اكثر ثراء من البرت <<.
><1لمال لايهمني<،
(ولا الحب ايضا><. اجابها وجذبها اليه والهبها
بقبلات حاره وداعب عنقها وصدرها وهو يلهث من شدة رغبته بها
(انت جميله جدأ ورائعة لدرجة تقطع الانفاس لدرجه تجعلينني مجنونا. انت هنا وانا لا ارغب من الحياة سوى
تذوق طعمك ) وعاد يستكشف جسدها المثير . اغمضت الفتاة مقلتيها عندما قبلها بكل حب وحراره.
ولكن ظمأها لم يرتو وبدأت تتنهد من السعادة واشتعل كيان الفتاة بالحب الكبير لم تكن تتخيل ان تعيش مثل هذه اللحظات فأمسكت وجه تورن بين يديها المرتجفتين. هذا كثير لم تعد تعرف شيئأ آخر. ماذا تفعل الى اين تتجه .
فحاولت اخفاء وجهها بيديها .
«لا تخجلي<< قال لها وهو يتنهد(ان سعادتنأ متبادلة << .
وعادت شفاهه تتبع طريق يديه . وغطاها بحنانةالمشتعل.
«يا الهي !. كم ارغب بك << همس تورن (لا نحن نحن . . . لايجب ان. . . << قالت له متلعثمة .
«حتى ولو ارت الابتعاد عني ، فجسدك واحاسيسك لن تطيعك كل خلية في جسدك تناديني ، كيف تريدنني ان اقاوم!<< .
>نعم » انا اريدك . . . << .
فقاطععا بقبلة حارة ، فأحست بأنها ستختنق من لذتها
تورن يعرف كيف يثيرها وكيف يملي عليها حركات الحب التى لم يسبق لها ان قامت بها .
(انك تعلمين الحب. فقدن السيطره على النفس،
والخضوع هواقصى مراحل الحب »< .
بالفعل كانت تحبه وتحتاج اليه وتريد ان تتعلم كيف تهبه السعادة تأملها تورن قليلا ثم جلس وكان يرتجف مثلها. فضمها اليه ولكن بحنان هادىء وابتسم:
(انا لست شريفا . . . << .
(تورن ، ارجوك . . . لا تتوقف <، .
(انت لست مستعدة لان تعيشي مفامرة عابرة ) وغطى جسدها بقميصه .
(حتى ولو كنت قادرة على الاستسلام بهذه اللحظة » .
شكرأ«شكرته لانه فهمها .
(والان ، سابرينا، قولي لي انك لن تتزوجي البرت)
اذآ ، كان هذا هو هدف لمساته وقبلاته الوحيد، أن يقنعهابفسخ خطوبتها
(لا سبيل لذلك « .
ففضب تورن ورمقها بنظرة كره واحتقار .
«لديك مهلة حتى مساء غد لكي تعيدي اليه خاتمه .
واذا لم تفعلي . . . )).
(1نا آسفة . هذا مستحيل » . اجابته بصوت منخفض
وكان قلبها يتمزق من الالم نهض تورن بسرعة . ورتب ملابسة .
>>لم اكن اعلم انه يوجد نساء مرتزقات مثلك ! الا تشعر ين بالاسف و العار´؟<> .
«دوانا لم اثد0 اعتتد انك رجل قادر على اذ الاتشعرين بالاسف والعار((
(وانا لم اكن اعتقد انك رجل قادر على اغراء امرأة فقط من اجل..)
)ايصدمك هذا؟ انت تدهشينني كنت اتمنى ان استطيع اقناعك بالانسحاب من اللعبة . انا بدون شفقه ولارحمة حتى انني كنت مستعدا لادفع لك الكم الذي كنت تريدينه . وانت تعرفين ثمنك » » شحب لون سابرينا بعد هذه
الاهانه . هل هو يعلم
(اتوقع دائما لنساء ثمن مايمنحونك اياه<».
«نعم خاتم الماس ،معطف فرو ><.
ازداد شحوب سابريا، وتذكرت والدتها وهي تفارق الحياة
«اذهب الى الجحيم ، الى الجحيم ... الى الجحيم. . . ،<
صرخت بيأس وشعرت بكره كبير له لانه يشبة كل
الرجال . واجهشت بالبكاء وركضت بسرعة .
>>سابرينا اانتظري<<
~ لكنها لم تستمع له واستمرت بالركض والدموع تسيل بغزارة على وجهها
حاولت الفتاة ان تكتم حزنها، اوه ! تورن لماذا كان يجب ان تلتقية بمثل هذه الظروف؟ ان رغباتهما متبادلة ،
وكلماتها الأولى التي تبادلاهاكانت رائعة . لقد قال لها انه قادر على منحها لحظات كثيرة من السعادة فقط لوكانت الظروف مختلفه..
اوه ! ماذاسينفعها البكاء´؟ تورن يكرهها لانه يعتقد اننها
مغامره بدون قلب وبدون شرف ، ولكنه مع ذلك يرغب بها كثيرآ. انه مخطىء. وبعد يومين ستخرج نهائيآ من حياته ولن يبقى لهماسوى الذكرى
في صباح اليوم التالي، حدثهما تورن عن السهرة هذا المساء وطريقة كلامة جعلت الفتاة ترتعش من الخوف.
>ستكون هذه سهرة على ستوى رفيع « قالها تورن بتحد.
«لا تخشى شيئأ. لن ادعك تشعر بالعار لدي ثوب رائع) اجابته دون ان تجرء على النظر الى عيونه .
(انت لا تشعريننا ابدأ بالخجل سابرينا) قال البرت ثم التفت نحو اخيه
<>تبدو سعيدأ جدأ اليوم، تورن، الديك سبب
خاص؟<<
«لدي بعض الاوراق في يدي» اجابه ضاحكا ونهض ذهب البرت وسابرينا الى المدية ليزورا جيسكا
>>1نا خائفة سابرينا، اذا كان تورن قد اكتشف شيئآ فنحن لن نتزوج بعد غد<< قالت لها جيسيكا.
«لا تقلقي<< طمأنتها سابريا
«لن يشك بشيء<<
>>1نا اصدقك » ولكنك انت من يتحمل الكثير من المخاطر <<
(تورن لم يكن قاسيأ معها<< قال البرت الذي لأمان يجهل اشياء كثيرة . ولكن جيسيكا لاحظت حزن صديقتها»
فاغتنمت فرصة دخول البرت الى الحمام ، وسألتها:
(سابرينا. هل اساء اليك ؟ انا لا اريذك ان تتعذبي بسبنا<<
>>1نا احبه جيس<<
(ماذا؟»
«1نا احبه ماذا يجب ان افعل اول حب في حياتي، لكنه يعتبرني مخادعة له جيس !<< واخفت وجهها بيديها.
»واذ عرف حقتيتي سيزداد احتقاره لي. . .<<
(لا تتفوهي بالحماقات ، سابرينا» انت افضل منه بكثير».
(ليس في نظره.».
«اوه ! سابرينا، اشعر بالذنب !.».
«سأتصرف <» قالت لها سابرينا وهي تمسك يدها، بعد يومين سينتهي كل شيء، وقد استطيع نسيانه . . .»<.
(وهو؟ ماهو شعوره نحوك ؟<<.
>>انه يرغب بي كثيرأ. . . هاقد جاء البرت ، لا تقولي له شيئآ لا اريده ان يعرف حقيقة مشاعري نحواخيه).
حل السماء وامتلا منزل تورن بالضيوف
الانيقين. . . فبدا لسابرينا ثوبها ****************أ. لابد ان
تورن استقبلها بابتسامة ساخرة ، .عاد لااهتمام بضيوفه ،
وفضلت سابرينا مع البرت وجيسيكا.
(آنسة كان ؟)<<.
تفاجأت سابرينا عندما سمعت تورن يناديها. وبنفس الوقت سكتت الموسيقى والتفت الجميع نحوها، فشعرت وكأنها مجرم وقع في قبضة العدالة ، ومع ذلك رفعت رأسهاوسارت نحو مضيفها، وكان ينظر اليها تحد كبير.
)لقد قلت انك تملكين موهبة الغناء، ايمكنك ان
تسمعينا شيئأ!»<.
(بكل سرور<< وابتسمت له محاولة اخفاء أرتباكها،
واتجهت نحو الاوكسترا وتوقفت امام عازف البيانو.
وكان تورن ينتظر منها ان تغني اغنية سخيفة وهكذا يتمكن من اذلالها امام ضيوفه . فادركت الفتاة ذلك ،وقررت ان تلعب على طريقته . فابتسمت وهمست باذن عازف البيانو ببعض الكلمات ولحسن الحظ كان يملك اللحن . والا لما استطاعت ان تغني >>اكابيلا».
وابتسمت للضيوف . وانحنت قليلأ وكان تورن يقف مستندأ على الباب يحمل كأسأ بيده وينظر اليها بجفاف وتحد. وكأنه يقول لها:
(هيا ايها العندليب الصغير . اذا كنت تعتقدين ان ضيوفي سيعجبون باغ******************************** <<.
بدأ عازف البيانو، وارتفع صوت سابرينا الجميل فدهش الضيوف في بهذا الصوت الكريستالي. وقطع الجميع انفاسهم اعجابأ بموهبة هذه المغنية التي لم يتوقعوا
لقائها.واعطت سابرينا قلبها و روحها وغنت اغنية بطلة الاوبرا المشهورة مدام بوترفلي وعندما انتهت من الغناء وسكتت الموسيقى. كانت الدموع تتلألأ في عيون عدد من النساء المحترفات الموجودات .
وفي لحظات الصمت التالية . سمع صوت زجاج
يتحطم ، فالتفتت الفتاه الى حيث كان يقف تورن فوجدت
انه اختفى وحطام زجاج كأسه على الارض
(برافو.. .برافو). صرخ الجميع .
«واقتربت منها بعض النساء وقالت احداهن لقد فهمت من تورن انك تغني الروك اند رول ».
اسرعت الفتاة وانضمت لالبرت وجيسيكا.
(لقد كسر كأسه > قال لها البرت .
(كسره في يده هكذا<< .
><»وهل جرح يده ؟»< سألته بقلق . واسرعت الى غرفة مكتب تورن فوجدته يدخن سيجارة امام النافذة .
(تورن ؟<< .
(يدك . . . »< .
(ما بها بدي ؟» ولاحظ فجأة ان يده مجروحة .
(سأنظفها والفها<< قالت له ودخلت الى الحمام المجاور.
لتحضر له المطهر، فتبعها تورن . . .
حاولت الفتاة ان لا تظهر ارتباكها وهي تعالج يده .
(لم اسمع اجمل من ذلك في حياتي» قال لها تورن .
(صوتك رائع << .
(للحقيقة . كنت اتمنى ان اصبح مغنية في الاوبرا، لكنني لم اكن املك المال المتابعة دروس الموسيقى» .
>انا اعلم بانك كنت فقيرة ، لكني كنت اجهل مواهبك الفنية »
«حياتي لم تكن سهلة . وارجوك لا تعقدها اكثر<< .
فداعب تورن وجهها بحنان .
(ارحلي ما دام هناك وقت ، لدي سر، سابرينا، لا تدعيني استعمله ضدك امام البرت << .
«>1ذآ انت تعتبرني عدوة لدود)
(نعم ، لم يسبق لي ان التقيت بامرأة خطيرة مثلك افسخي خطوبتك من البرت ».
ددلماذا´؟)
>لانك ستخونينه معي »< . واطفأ سيجارته بعصبية في المغسلة .
(سابرينا ، نحن لا يمكننا العيش تحت نفس السقف
.دون ان نمارس الحب معآ . البرت هو اخي وانا احبه .لا اريد ان اكون غير شريف معه << وكان يلتهمها بعيونه ولسمة يده كانت تحرقها .
(احيانآ . انسى اي نوع من النساء انت واكتشف انك رقيقة و. . . بريئة . حسنأ ، هيا بنا ننضم للآخرين اريد ان اعلن عن خطوبتكما . . . ! »< .
وابتعد عنها بسرعة . ففهمت سابرينا ان الحرب لن تنتهي بينهما .
وقف تورن في وسط الصالون ، وقال بصوت مرتع
«سيداتي ، سادتي ، لدي خبر ازفه اليكم ،لقد اختار اخي البرت الامرأة _التي ستشاركه حياته على السراءوالضراء . انها سابرينا كان << .
ونظر الى الفتاة باحتقار شديد .
«سابرينا كان . . . الابنة الغير شرعية لامرأة فاسقة ، انجبتها من احد عشاقها الاثرياء» .
ظلت سابرينا صامتة وشحب وجهها واخذت ترتجف ،بينما ظهرت الدهشة على وجه البرت . وتلألأت دموع جيسيكا ، صمت الجميع ، فتسلمت سابرينا بكل ما اوتيت من شجاعة ، وسارت نحو تورن ، وعيونها تظهر المأ عميقأ . وكأن اخفاء سرها الذي لاتعلمه سوى صديقتها جيسيكا وهاهو تورن الان يرمي بهاالوحل امام ضيوفه
«اهنئك ) قالت له بهدوء
ددلقد كشفت عن مواهبي ايها الثلاثي الاسم . ولكن دعني اعطيك بعض التفاصيل الاخرى: والدتي كانت تحب رجلا رحل الى فيتنام ولم يعد منها. وكانت حامل منه . فرمتها عائلته في الشارع ، وقالوا لها ان السعادة لم تكن من حقها. فعملت كخادمة في المنازل لكي تدفع
ايجار في غرفة ****************ة ، وعندما ولدت انا اضطرت للعمل في وظيفة ليلية الى ان تأخرت صحتها كثيرأ».
كان الجميع يصغون اليها بانتباه كلى . ولم تكن قد لاحظت وجه تورن القاتم قربها.
>>لم يكن لديها سوى شيء واحد جمالها. وعندما لم تعد قادرة على العمل ، قبلت الخروج مع تاجر غني كان هو الاول ، واشترت لي حينها اول حذاء. ... وتلاه الثاني وكان رسامأ وصديقأ لذلك التاجر،وبعد ذلك ، تلاه آخرون . ولم نعد انا ووالدتي
نشعر بالجوع ، ثم التقت ، بهاري، كان غنيآ جدأ، لكنة كان مجنونأ كان يحب ان يضربها الى ان تفقد الوعي . . . << وبدأ صوت الفتاة يرتجف ، و رغم ذلك تابعت الكلام :
»وذات يوم عاد وكان قد شرب كثيرآ، وضربها حتى
ماتت بين يديه،وامام نظري)
«يا الهي . . . » همس تورن منهارأ.
(فأرسلت الى الملجأ» وتعلمت كيف اعيش، وحاولت الاستمرار رغمأ عني واعتقدت اننى نسيت . . . حتى هذاالمساء(
ثم رفعت نظرهانحو المدعوين. واضافت
(اعتقد انه يجب علي ان اتحمله كل حياتي ، هناك شيء آخر اريدك ان تعلمه ، سيد الثلاثي الاسم »<
ثم سحبت الخاتم من اصبعها وناولته لالبر ت ، الذي كان ينظر الى اخيه بغضب كبير.
لقد ارتكبت عملأ ****************أ<< قال لة البرت .
ددواذا لم تعتذر حالأ< فانا ساحطم رأسك . . .<<.
(انت محق . هذا غيرعادل << قال تورن .
ددانسه كان. ارجوا ان تعذريني» اضاف وهو ينظر الى عيون الفتاة
وكانت تجهش بالبكاء اذأ هذا ما كان يحذرها منه تورن ان يرمي بماضيها امام كل هؤلاء الاثرياء، وتناولت حقيبتها وفتحت باب غرفتها ، فتفاجأت بتورن يدخل
ددالديك سلاح آخر؟) .
ددلم يكن يحق لي ان . . .<<
ددلا ترهق نفسك بالاعتذار قاطعته بضحكه مرة
«لم يكن يحق لي ان آت الى هذا العالم » فانا ثمرة
حب كما يقولون . كان يجب ان ابق في الملجأ، حيث لا يحتقرني احد. . . لم يكن يجب ان اولد وارى والدتي مع كل هؤلاء الرجال »
واغمضت عينيها لتخفي المها. بينما كان تورن يتأملهاوقد اختفى صوته
ددلكني كنت اعلم انها كانت تفعل ذلك من اجلي ومع ذلك كرهتها .. . . الى ان قتلها ذلك المجرم...
لكني افتقدها كثيرأ وكرهت كل الرجال الاثرياء الذين يدفعون الامرأة البائسه الي فراشهم
ولو لم تكن مريضة لما كانت ماتت لقد مدت يدها للرجل الذي قتلها، وحتى آخر يوم في عمري سأكره كل الرجال ، ولن اصبح مثلها ابدأ، ابدأ!<.< واجهشت بالبكاء
من جديد
«هل انت سعيد الان ؟ لقد اذليتني امام ضيوفك
الاغنياء حتى هذا الثوب الذي ارتديه والذي جعلك تبتسم بسخرية ! نعم ! انه ثوبي الوحيد للسهرة . وانا بحاجة لاشياء
كثيرة في مهنتي<>
لم يلاحظ تورن ان سيجارته بدأت تحرق اصابعه.
«ولكنك اخذت منى شيكا ´. . . ><
»واعطيته لالبرت ، انه يريد تأسيس ملجىء للاطفال المحرومين . وكنا نريد طلب مساعدتك ، لقد اعطيته الشيك ، وقلت له انه هبة منك اما بالنسبة لخطوبتنا المزعومه ، فهي لم تكن سوى تمثيليه وستعرف سببها فيما بعد والآن ، اختف من امامي ، اذهب من هنا!))
(اريد ان ارافقك الى منزلك ) اجابها متلعثمأ
«شكرأ بعد اهانتك هذه . افضل ان اذهب الى آخرالعالم مشيأ»
(سابرينا. . . »
(لقد ربحت انت . الست فخورأ بنفسك ايها الثلاثي الاسم . >،
<<لا. انا اشعر بالعار. . . ء »لم يعد يستطع النظر الى
ضحيته ، فخرج واغلق الباب وراءه
فنزلت سابرينا تحمل حقيبتها، والتقت بالبرت وجيسيكا
في الصالون ، فقررت صديقتها ان ترافقها وتقضي الليل
معها . وكان البرت يبدو غاضبأ وحزينأ، وقرر ان يقطع علاقته نهائيا باخيه اللئيم هذا، لقد تخطى هذه الليلة كل حدود .
. وبينما كانت سابرينا تغادر منزل آل تورندون ، احست
بانها مراقبة ، لكنها لم تلتفت ، اوه ! يا لها من سخرية ، وياله من قدر: رغم كل ما فعله بها، لا تزال تحبه . تحبه
بجنون .
نظرت جيسيكا بقلق الى صديقتها التي تجلس على
الكنبة القديمة في قميص نومها الازرق . وهي تشرب القهوة التي اعدتها لها .
«اتشعرين بتحسن ؟) .
«بالتأكيد» اجابتها سابرينا بجفاف .
>>اذأ انت تحبين هذا الرجل حقأ؟) .
ددانه لا يستحق الحب ) .
«سابرينا، لقد رأيته بينما كنا خارجين من منزله << ولم
تجروء ان تقول لصديقتهاانهالمحت الحب في عيون تورن .
ددكان يبدو نادمأ<< .
(سينس . . على الاقل هو يعتقد انه انقذ البرت من
مخالبي ! << .
(لقد اخبره البرت بالحقيقة << .
شحب وجه سابرينا وعادت ترتجف .
(وماذا قال تورن ؟<<
ددلا شيء. لكنه صفعه بقوة وحبس نفسه في مكتبه
وقال البرت انه بستحق هذه الصفعه وانا ايضا. انا آسفة
على كل ما سببنا لك به . . . لكما انتما الاثنين 0 في الحقيقه)
(ارجوك . انا وتورن لا ننتمي الى نفس العالم . ولاشيء ممكن بيننا)
(1نت مخطئة يا عزيزتي ، البرت يؤكد ان اخاه لم يحاول ايذاءك فقط لابعادك عن اخيه الاصغر<<
«كل اولئك الضيوف . . . كلهم شهدوا اذلالي ، اتساءل كيف استطعت الوقوف والكلام امامهم »
>>1نا فخورة بك ، تورن هو الذي اهين ، لو رأيت نظراتهم اليه..»
ددالان الجميع يعلمون بحقيقتي ، سأتوقف عن الغناء و سأترك فرقة حبوب الرمل<< .
ددلا يجب ان تحطمي حياتك ، انت بحاجة لتناول
الطعام و ماذا تريدين ؟)
«قلب تورن<< اجابها بمكر
«لست جائعة . لكنني سعيدة بموقف البرت »
«وانا ايضأ . انها المرة الاولى التي يواجه اخاه بهذاالشكل<<
وبهذه اللحظة رن جرس الهاتف، فرفعت جيسيكا
السماعة . ورأتها سابرينا وقد شحب لونها وهي تجيب على الهاتف.
(...نعم..نعم اعتقد...سأقول لها...تصبح على خير<<.
ثم اقفلت السماعة .
(انه تورن . كأن يريد الاطمئنان عليك . وانك لست وحيدة يبدو. . . مننهارأ).
«فليذهب الى الجحيم <<صرخت سابرينا وهي ترتجف (هيا بنا ننام»<<.
ادركت جيسيكا عذاب تورن . واشفقت عليه كما تشفق على سابرينا لقد جعلهما القدر عدوين ونفاهما عن الحب والسعادة فهزت رأسها ونامت ، لكنها طوال الليل كانت تسمع بكاء سابرينا الذي تحاول خنقه .
تزوج البرت وجيسيكا يوم الاثنين . واصر البرت ان تكوئ سابرينا شاهدة زواجهما ولكن ماان دخلت الى الكنيسة » حتى تغاجاءت بوجود تورن، فترددت قليلا وقررت العودة ادراجها، لكن جيسيكا رأت واسرعت نحوهاوطمأنتها.
فدخلت سابرينا وهي تخشى ان يؤذيها تورن من جديد .
«لم يكن يجب علي المجىء) قالت سابرينا لصديقتها.
ددلقد وقع وكيل الفرقة عقدأ لنا في نيورك وسيدفعون لنا جيدأ، سأذهب معهم بالتأكيد . هناك . . . هناك . . . . لااحد يعرفني . . .<»
(كفي عن هذا التفكير. سابرينا لن يرو احد
المدعوين قصتك للصحافة ، ولا حتى تورن <<.
(حقأ؟<< ونظرت نحوتورن الذي كان يدير ظهره ودق
قلبها بسرعة » وهي تتذكر عناقه لها . ويجب عليها الان مواجهته من جديد .
التفت تورن ورمقها بنظرات غريبة ، فلاحظت الفتاةشحوب وجهه ، واثار السهر على عيونه . اهو ايضا لم ينم
هذه الايام ´) واتجهت جيسيكا مع زوجها نحو الكاهن
وخلال اللحظات التالية . التفتت سابرينا نحو تورن وعيونها
مليئة بالدموع ، فلاحظت انه كان يتاملها فاخفضت راسها بسرعة ، اوه ! اصحيح ما راته في عيونه ) ام ان خيالها
يخونها؟ .
قبل البرت زوجته ثم التفت يتقبل التهاني ، فاسرعت
جيسيكا الى صديقتها وقبلتها .
ددكوني سعيدة ، يا جميلتي » قالت لها سابرينا بحنان .
(سارآك بعد عودتي من شهر العسل » .
«وانا ساكون في نيورك مع الفرقة ، وسنصور هناك فيديو كليب ) .
« يبدو ان الحظ بدا يبتسم لكم ايمكنني ان اكتب لك! « .
«سيحتفظ لي رافرتي.. بكل رسائلي) .
******
11
انضم اليهما البرت وضم سابريا بين ذراعيه بمحبةاخوية وكان وجهه مشرقأ بالسعادة . لكن حاله صديقته كانت تقلقه
(انت بخير ، سابريا؟).
(،ئعم !»
«لقد ادركت ما سببناه لك انا وجيسيكا. . . <<
><كونا سعيدين، هذا كل ما يهمنى» اجابته » وارغمت نفسنها على الابتسام . وبعد ان سلم العريسان على الجميع غادراالكنيسه ليبدأ حياتهما السعيدة وبهذه الحظةأقترب تورن منها
دداريد ان اكلمك قليلا»
ددليس لدي وقت . ولن اكرس لك ولا ثانية من وقتي
ايها الثلاثي الاسم ا<. .
>>1نا افهم ردة فعلك ، وبامكاني اختصار ما سأقوله قدرالامكان ، كنت اجهل الحقيقة . اليس هذا يخفف العقوبة ؟»
كان يبدو آسفأ حقأ، فقاومت الفتاة كثيرأ كي لا ترمي بنفسها بين ذراعيه
(لقد دست علي بقدمك !» قالت له بصوت مرتجف (لم يكن احد يعرف ماضي سوى جيسيكا»
ددمن الخطير جدأ الاحتفاظ بسر مدة طويلة ، لقد حاولت
كثيرأ ان اجعلك ترحلين قبل اللحظة الحاسمة ».
(كان ذلك مستحيلا، وكنت قد وعدت بأن ادير انتباهك حتى زواجهما).
«كان يجب على البرت ان يخبرني منذ البداية بدل ان يعمد الى تمثيلية سخيفة كهذه ! انا احترم جيسيكا، و لم اكن لاعارضى لوعلمت كم يحبها<<.
ددكان يخاف منك ، انهما صديقاي الوحيدان ، فقبلت مساعدتهما، كما انني كنت اريد ان أئأرلنفسي منك بعد معاملتك لي في لقائنا الاول . . . انت . . . كنت تريد ان
تشتريني لليلة . . . » وازداد غضبنها وتابعت بصوت متقطع
(لم تكن طفولتي سوى بائسة وكل ذلك بسبب الرجال الاثرياء، لوكنت تعلم كم اكرههم ، كم . . . »»
ددقد اكون افهم ذلك اكثر مما تعتقدين ، لماذا لم تخبريني بكل ذلك عندما كانت لدينا الفرصة لذلك ؟ لقد اخطات بالحكم عليك <>
.كان ذلك انتصار لك في ذلك المساء، فتاة غير شريفة من حي وظيع !».
(0اسكتي، اسكتي، لم اكن اريد ايذاءك )0.
>حتى عندما كشفت عن ماضي امام اصدقائك الذين هم من علية المجتمع؟<».
«لقد اعتذرت ».
«اعذارأ. . . لم تمنعمك من احتقاري ».
فنظر في عيونها وكأنه يريد ان يعترف لها بسركبير.
«انت لا تعرفينني جيدأ<<.
«اوه ! بلى! انا اعرفك ، انت رجل ممنزو في برجك العاجي الذي لا تسمح لاحد بدخوله ، لا شيء يلمسك ولا شيء يرضيك ، ستنتهي وحيدأ، عجوزأ بدون حب ، لن تمنح الحب ولن تحصل عليه ولن يبقى لك سوى مالك الوسخ والنساء الرخيصات ، ستبقى وحيدأ حتى موتك <
0 0قالت له بحدة وسخرية .
»هل انتهيت ´!«، سألها وبدأت انفاسها تتسارع .
«تقريبأ، انت لم تعلن الحرب ضدي فقط لكي تنقذالبرت من مخالبي، بل لانك تكرهني لانني اكتشفت حقيقتك من خلف قناعك ).
لمعت عيون تورن بغضب كبير، وشحب لونه ، واخذ
يرتجف من الغيظ .
«اختفي من حياتي ! » .
(الم يحصل ذلك حتى الآن ؟ لقد ربحت ، كنت قد
حذرتني ، لكن كان يجب علي ان اسمع ، الوداع ،
هاميلتون ريغن تورندون ، ايها الثلائي الاسم ، اتمنى ان تعيش سعيدأ مع مالك ».
«اختفي من امامي» صرخ تورن بحدة
لن تنس سابرينا ابدأ ملامح وجهه القاسي المرتجف ،
وتركته وحده وركضت حتى لم يعد بامكانها السير. . .
مرت الاسابيع التالية ببط ء كبير، ورغم عملها مع فرقة حبوب الرمل ، كانت تتجنب البقاء وحدها وكانت ترهق نفسها بالعمل ، اعتقادأ منها انها بذلك تهرب من آلام
الذكريات .
وفي اول اسبوع لهم في نيويورك صوروا اول فيديو كليب لهم ، وكانت اغنيتهم الجديدة رماد وهواء، تعد بنجاح كبير، وكلفهم الفيلم عشرة آلاف دولار، وكان دنيس مدير الفرقة يتهرب من اجابتها، كلما سالته سابريا عن اسم المنتج الذي يسرلهم ، ولكن ماذا يهم ! كل امكانيات نجاحهم ، هي رهن بنجاح هذا الفيلم ، وكان صوت سابرينا
كنزهم الوحيد، وتم التسجيل باقل من شهر، وحصلت الفرقة على دعاية واسة في اكبر الصحف والمجلات .
وكان كل هذا يكلف ئروة كبيرة ، لكن سابرينا لم تشغل نفسها سوى بعملها لكي تنس تورن، وحبها له .
»الاعلانات تجذب الينا عددأ كبيرأ من المشاهدين قال دنيس قبل يوم من بداية عرضهم في اكبر ملاهي نيويورك
«سنضطر لتمديد اقامتنا لاسبوعين اضافيين، وسيعرض فيلمنا على شاشة التلفزيون بعد اسبوع ، نحن على طريق المجد!.».
ددهذا اذا سار كل شيء بشكل جيد)قال ريكي .
«انت وتشاؤمك !»< اجابته سابرينا «حتى الأن لم تواجهنا مشاكل .
ددوهذا ما يقلقني»
غادرت سابرينا المكان، وكانت عادة تشعر بانقباض في قلبها اكثر من مرة ذلك اليوم ويعذبها حنينها لتورن اللئيم .
، حتى ولو التقيا بظروف اخرى» لما كان تورن سيد النفط
سيهتم بها، امها من عالم آخر، والامراة التي سيفكر تورن بالزواج منها ستكون غنية وجديرة بحمل اسمه .
اوه ! طوال حياتها، لن تنسى ملامح وجهه فى . لقائهماالاخير .
ولكنها لمحت في نظراته اثناء» اكليل صديقيها نظرات تدل على الحب والحنان . . . وكادت ترمي نفسها من جديد بين ذراعيه لكي لا ترحل عنه من جديد. . . ولكن
لماذا تحي هذه القصة التي لم يكن لها بداية ولا نهاية ؟
هاميلتون ريغن تورندون ، لم يكن رجل احاسيس عميقة ،
وخاصه بالنسبة لامراة يعتبرها من سفالة المجتمع .
عادت سابرينا الى غرفتها< وتاملت وجهها الشاحب في
المرآة م انها تتعب كثيرأ، وستستمر في وهب نفسها لعملهاجسدا وروحا ولن تسمح لماضيها ان يعذبها بعد الأن ،
ووعدت نفسها وعدأ قاطعأ، ستجعل كل العالم يركع امامها. . . حتى تورن . . .
وعندما عادت الى العمل ، كان ريكي لا يزال متشائمأ»
ولكن هذه المرة كان ناقمأ على مهندس الديكور الذي
اشرف على تمديدات الاضاءه
(انا لا احب طريقة تدلي هذه الثريا. . . <<
(انت قلق دائمأ، ريكي« قالت لة سابربنا مبتسمه ددتعالى واشرب القهوه وكفاك نذمرأ»
فبى نفس المساء، واثناء ادائها لاغنيتها الثانيه سقطت الثريا التي كانت تقلق ريكي . ووقعت على رأس سابربنا،
وتحطمت على الارض وسط صراخ الجمهور الهستيري .
لم تستيقظ سابربنا الا فبى المستشفي، واحست
بغشاوه امام عينيها رأسها وكتفها يؤلمانها كثبرأ» ولم تعد تذكر
سوى ذكرى غريبه بينما كانت تغي، وقبل ان تقع ،سمعت صرخة قوية أتيه من مدخل الصاله ، في الظلام ،
صوت يبدو لها انها تعرفه ، وعادت للاغماء من جدبد
«استيقظي ، استيقظي . . . » امرها بصوت حنون
واحست بأن احدأ يهزها
(لقد اخفتني ايتها العندليب الصغبر هيا
استيقظي . . . ء فتحركت فليلأ،لكن كل جسدها كان ،يؤلمها
«هذا جيد» تابع الصوت بحنان اكبر ددهذا افضل بكثير هيا، افتحي عينيك ، نعم . . . دعبني ارى عينيك الجميلتين »
فرفعت جفنيها بثقل كبير ورات خيالأ، خيال رجل ،وحولها آلات عديده متصله بجسدها بواسطة اناببب وأشرطه . . . فحاولت الحراك لكنها لم تستطع فأغمضت عينيها
دداتشعرين بألم آنسة كان ؟<< سآلها الطبيب
فرطبت شفتيها بلسانها قبل ان تتكلم
ددرأسي. . . كتفي. . .<< وحاولت التحرك من جديد»
< لكنها صرخت من الالم ، فامتدت يد دافئة واجبرتها على ابقاء رأسها على الوسادة من جديد
)كنت في غيبوبه ولكن انتهى كل شيء الان،
< سنعطيك مهدئأ وكل شيء سيكون على ما يرأم<<.
وكانت لا تزال مغمضة العينين . لا تتمكن من فتحهما بسهولة .
فيما بعد ادركت سابرينا انها في المستشفىء وكان رأسها ثقيلأ، لكن الألم اصبح خفيفأ» واكتشفت لفات من الشاش على كتفها الايمن وعلى جبينها فرفعت يدها اليسرى. . . ولكنها احست بألم كبير
ددصباح الخير»
هذا الصوت . . . فالتفتت » ورغم حالتها بين الوعي واللاوعي انفعلت عند رؤيته وظلت تتأمله بنظرات ملؤها الحب والشوق
«تورن . . .» همست بصوت منخفض
0 فانحنى نحوها، وكان يبدو متعبأ جدأ» لكن نظراته كانت رقيقة وحنونة ، لا» لا بد انها تحلم . .
كان يرتدي بدلة سهرة ، وعلى قميصه الابيض آثار بنية ،
دم ! نعم انها اثار دماء جافة ؟.
«هل تشعرين بألم » يا جميلتي؟»
يبدو ان الحلم يستمر» لا يمكن ان يكون تورن هنا
ويناديها بهذا الحنان يا جميلتي ، فأغمضت عينيها لكي تحافظ على هذا الحلم الجميل
وعادت للغيبوبة من جديد
كان ضوء النهار قويأ فرفعت سابرينا يدها امام عينيها
ددلاء لا، هذا يعميني . . . »
ددسأغلق الستائر»
لقد سمعت صوتأ، وسمعت خطوات في الغرفة ،
فالتفتت حولها وراته من جديد، وعاد الالم ، الألم المخيف ، ادركت الآن انها لم تكن تحلم ، تورن هنا بقربها بدمه ولحمه
حاولت سابرينا ان تراه جيدأ لكن نظرها كان لا يزال ضعيفا
ددكيف تشعرين الآن ؟<> سالها تورن للمرة الثالثة
لا، لا بد ان هناك خطأ، الم يأمرها بان تختفي من حياته؟
(هذا الضوء . . . <<
«ارتاحي ، ابق مستلقية ،<
بلطف ولكن بحزم اعاد رأسها الى الوسادة
>«1وه . . . كتفي . . . <» ولاحظت انبوبأ في يدها اليسرى،
وزجاجة معلقة قرب سريرها.
(ما هذا؟» .
>>1نه من اجل تغذيتك ،< اجابها تورن وهو يجلس على كرسي قريب من رأسها
«لقد تلقيت ضربة قوية ، واصبت
بجرح في كتفك وذراعك ، ولكن اذا بقيت هادئة ستشفين
بسرعة ، الطبيب يؤكد ذلك ، بامكانك الخروج من هنا بعدايام قليلة ، وبامكانك العودة الى الغناء بعد اقل من شهر<<
(يوجد دماء على قميصك ».
«منذ متى وانا هنا؟».
«~منذ ثلاثة ايام ».
«كنت موجودأ في الصالة عندما حصل لي ذلك ´؟».
تنهد تورن واطفأ سيجارته واشعل اخرى.
«لا) اجابها اخيرأ، وكان يكذب (كنت في مانهاتن مع بعض الاصدقاء، وكنت قد وعدت دنيس بالمجيء فيما بعد، اتصل بي دنيس، فوصلت بنفس الوقت مع الاسعاف !<» اضاف مبتسما.
ددفرافقتك الى هنا<<.
. لم تفهم سابرينا شيئا. .
»لماذا جئت ؟ انت تكرهني<<.
من غيري يمكنه البقاء بقربك ؟ البرت وجيسيكا
مسافران دنيس وريكي والآخرون يجب ان ينهوا عقدهم في النادي لقد ارتبطوا مع مطرب آخر».
«من ؟<< سألته بقلق
«وما اهمية ذلك ؟».
واحست الفتاة بالحزن والتعاسة ، ففي الوقت الذي بدأفيه الحظ يبتسم لها يأتي آخر ويأخذ مكانها، فأغمضت عينيها لكي تحبس دموعها.
»لا، سابرينا لا تبكي» طلب تورن منها عندما رأى شفتها
السفلى ترتجف .
(شكرأ، لك لانك اهتممت بي، والان بامكانك العودةالى منزلك » بامكاني التصرف وحدي انا معتادة على ذلك )
نهض تورن بعصبية » ووقف يتأمل الفتاة الحزينةالمنهارة .
««ماذا سأفعل في منزلي´!» سألها فجأة . :
ددبامكانك العودة الى حياة الدون جوان بهسولة << . اجابته بضحكة باردة .
ددانا اعيش وحدي سابرينا< . راقترب منها يتأملها .
دداذأ اهلا بك في النادي << .
ددحاليأ سنترك النادي جانبآ» .
التزمت سابرينا الصمت وكانت تعلم انها بهذه الحالة بحاجة لمن يهتم بها كما انها بحاجة لمكان تستريح فية .
ددستعودين للمنزل معي<< . قال لها تورن وهو يشعل سيجارة جديدة .
>~سأهتم بك الى ان تشفين»< .
(لا)
(كنت اتوقع جوابك » . اجابها وهزكتفيه .
«ولكن لا يوجد خيار آخر امامنا، ايتها العندليب الصغير. لا يمكنك البقاء وحد ك << .
اعدني الى نيواورلينز . سأبقى في منزلي . السيد رافرتي سيهتم بي» .
»رافرتي يصر على وصفك بالقديسة او بالجنية
الصالحه)
كيف علمت ذلك ؟<>.
هز تورن كتفيه من جديد، والتغت نحو الفتاة .
ددشعرت برغبة لأن ارى كيف تعيشين 0<>.
ددلماذا؟ سألته بدهشة .
»انه كوخ قذر».
>>لا، ابدأ، انها بناية قديمه ، وايجار الشقة ليس مرتفع ،وجيراني لطفاء،! وسيهتمون بي!0.
بدأ تورن يفقد صبره .
(السيد رافرتي لا يتمكن من الاهتمام حتى بنفسه . هل انت مصرة على تحميله عناء الصعود الى شقتك عدة مرات في اليوم؟(
تلألأت الدموع في مقلتي سابرينا من0جديد. انه محق ، ليس لديهاأحد.
)انا افهمك . انت صاحبة كبرياء. وترفضين اي مساعدة مني~ ،ولكن لا خيار وانني اخاف . وانت ايضا مثلي«<.
«هذا لكن ولكن 0. . .>.
انحنى تورن. وداعب وجهها وفمها المرتجف ، وحدق
بمقلتيها.
(سابرينا لقد تسببت لك بألم كبير. . . دعيني،
ارجوك ، اغتنم الفرصة الوحيدة الممكنه . . .».
»لكي ترضي ضميرك؟) سألته بحدة .
(اعتقدي كما تشائين، على كل حال سأهتم ..بك
جيدا».
>>»و . . . الفرقة ؟»،
>>سيستمرون . وبعد نجاح الفيديو كليب
ستتمكنين من العودة الى عملك <<
>>وكيف علمت انت بهذا الفيلم؟>< سألته بدهشة
ددهذا ليس مهمأ». وحاول اخفاء ارتباكه
ددحسنأ، انا بحاجة للذهاب الى الفندق لابدل ملابسي . وهل ستكونين بخير اثناء غيابي؟»
عندئذ فهمت سابرينا
«انت . . . انت بقيت معي طوال الايام الثلاثة الماضية ؟
ملابسك . . . قميصك . . . لماذا؟.)
داعب خدها بحنان وابتسم : >>1نا احب المستشفيات خاصة قسم العناية الفائقة . كنت مستعدأ لقضاء حياتي في غرفة الانتظار اتوسل اليهم لكي يسمحوا لي برؤيتك خمسة دقائق ثلاث مرات في اليوم ! هذا بسيط . لم استطع الابتعاد عن الكنبه التي اعتدت عليها!<<
«انت . . . لم يكن يجب . . )
.
ددباتأكيد). اجابها غاضبأ. «وان اتركك في الغيوبة دون ان اسأل عنك <<
ددالغيبوبة :؟ء<
>>1نت لم تغتحي عينك الا هذا الصباح . لم اكن متأكدأمن عودتك الى الحياة رغم تأكيدات الطبيب <<
دديا لهامن مجاملة !<< اجابته ببروده وسخرية
>>1نت لا تتصوري ماكنت اشعر به »
«انتبه » ايها الثلاثي الاسم. انسي من اكون ؟ الابنة
الفير شرعية لامراة . . . ء وسكتت لان يداحطت على فمها منعتها من الكلام .
«لا ، ارجوك ، سابرينا . لقد حاولت يوم زفاف البرت ان اشرح لك كم انا آسف . ولكنك لم تصدقيني انا اتعذب اكثر منك << .
فادارت وجهها ولم تستطع النظر اليه اكثر
><1نت تعلمين »» . اضاف تورن وهو يضحك بمرارة .
(لقد دمرت صورتي امام ضيوفي . لم يعد احد من
اصدقائي يكلمني . حتى انني فقدت بعض شركائي في
العمل. مارايك ؟<< .
«وهل هذا يهمك ؟<، سالته بدهشة .
«انت لا تتصورين حالتي . لم يعد احد يدعوني لسهرةاو لتناول الغداء . كما وانني اجبر نفسي على ابتلاع الوجبات المحروقة التي يعدها لي جون . حتى هو اكتسبته الى صفك لا يبدو مستعدا لمسامحتي<! . اجابها
تورن مبتسما .
احمر وجهها وسرت لانه يبتسم . وتاثرت عندما رات نقط الدم على قميصه ، وادركت انه ضمها اليه اثناء غيبوبتها .
«ستأتين معي الى المزرعة عندئذ ، سيعود جون لاعاداد الوجبات اللذيذة ! لقد اصبحت كل سراويلي واسعه ، كما وانك انت نحفت كثيرا . وهذا سيفيدك كثيرا)0. وكانت
مقلتيه تشرق بمرح وحنان .
«حسنا ساذهب معك » .
ازدادت اشراقة وجهه «انت ستعلميني كيف اكون انسانا ، وانا ساعلمك كيف تكونين امراة <<
«انا لااريد ان اكون . . . << .
ددصه . . <> »وانحنى وقبل فمها بحنان .
«لن احاول اغراءك ابدأ . حتى .ولو توسلت الي موافقه؟»
)ولكني قد افعل . . . <» اجابته مبتسمه .
دداعلم ذلك . لا تخافي »لست وحدك ضعيفه>< .
والتقت نظراتهما للحظات طويلة تنقل بصمت
كل الكلمات التي لا تستطيع حتى الأت عبور شفاهما.
(حسنا الآن سانادي على احد يخبر الطبيب بانك
استيقظت << .
وضغط على زر جانبي ، فدخلت ممرضة بسرعة ، فتركها تورن وخرج .
انت محظوظه ياآنسه . لقد سمحنا للسيد توندون
.بالبقاء بجانبك يبدو ان وجوده قدافادك . كنا كلنا خائفين عليك انت تعلمين هناك حالات من الغيبوبه لاينجو منهاالبعض . .وكنا نحن عاجزين << .
هو. . بقتي الى جانبي كل الوقت!< .
ددلم يشا ان يتركك ابدأ . انت محظوظه فعلا(<> .
بعد اقل من ساعة عاد تورن يحمل باقة زهر وملفات كبيرة .
>>نامي< . امرها وهو يجلس قرب سريرها .
(انا ساعمل« .
كادت سابرينا تلتهمه بمقلتيها ، وتاثرت عندمأ راته
يرتدتي بدلة سوداء وقد حلق ذقنه ، وعاد لمظهر رجل الاعمال الناجح فرفع نظره نحوها وابتسم .
(نامي)
», انت ايضا بحاجه للراحة »
(لا يمكنني البقاء بعيدا عنك » . وانكب على ملفاته
يدرسها ويسجل ملاحظته . وجاءت ممرضة وحقنتها
بمهدىء فنامت ملىء مقلتيها بعد ان قالت لتورن .
<لا. . . لا تتركني» .
>>ابدا . . يا حبيبتي» . لكنها لم تسمع جوابه لانها استسلمت لنوم .
بعد اسبوع على وصولها الى الممستشفى ، اصطحبها تورن الى تكساس وكانت لا تزال ضعيفه و تعاني من الدوار لكنها كانت على طريق الشفاء .
كان عيذ الميلاد قد، اصبح قريبأ . وتفاجات سابرينا برؤيةالمزرعه مضاءة والصالون مزين بشجرة الميلاد المشعة وعند اسفلها رأت الفتاه العديد من الهدايا
كان تورن قد امر باعداد غرفة لها في الطابق السفلي .
كي لا تضطر لصعود السلالم كثيرا .
>هل ستعود والدتك في عيد الميلاد؟»< سالته الفتاة »
و كانا يجلسان في الصالون امام الشجرة المزينة .
>لا ، ستعو د بعد عيد راس السنه، في نفس الوقت مع عودة البرت وجيسيكا من المملكة العربيةالسعودية) .
>اذا لن يكون هناك سوانا في عيد راس السنه؟ » .
>،نعم<<
«ولكن. . . لمن كل هذه الهدايا؟<،
تردد تورن قليلا. واشعل سيجارة وجلس قرب ضيفته
«لقد دعيت بعض الاصدقاء لحضور عيد الميلاد معنا<».
شحب لون سابرينا و نظر ت اليه بحدة
>>لا« سابرينا، .0لن يأت احد ممن كانوا هنا ذلك المساء»
»ااعذرني تورن <<
(ستعلمين ان تثقى بي ،<. قال لها بعد صمت قصير.
.~>لقد اقسمت ان لا اجرحك ابدا، وانا لا ارمي بقسمي في الهواء»
>.حسنا<<. اجابتة بابتسامة مشرقة
(لقد دعوت السيد رافرتي، وتوأمين جنين مع والدتهما«
كما دعوت السيده المسنة التي تقيم في الطابق السفلي في بنايتك <>.
>>انت . . . ماذا سألته بدهشة وكأنها لا تصدق ما سمعته
ددانهم اصدقاؤك اليس ، اليس كذلك؟><
(نعم. ولكن. انا . . انا لم اكن لأجرؤ على . . . حتي ولا في الحلم ،>
ددلقد قلت لك انني لست سيئآ. وارغب كثيرأ بإثبات ذلك»
»واصدقاؤك . . . اصدقاؤك انت»
فاطفأ سيجارته وضحك بحرارة (ليس لدي اصدقاء<<
ددانت تعرفت على كل جيراني؟ وتعرفت على السيد رافرتي ؟)
تامل تورن جسد الفتاة النحيف في قميص نومها
الازرق.
ددلقد ذهبت لاحضار بعض ملابسك ، »لكني لم اجد.
غير قميص النوم هذا وروب وقميص اخررقيق <<.
احمر وجه الفتاة و فكرت به وهو يكشف عالمها
الخاص، وكانت تظن انه ارسلل جون لاحضار ما تحتاج اليه .
ددلم اكن اهتم بملابسي الداخلية » كنت انفق كل اموالي على ملابس العمل ». اجآبته وكانت تكذب .
>«»ولكن 0ماذا كان يبقى لك بعد ان توزعي الجزء الكبير من راتبك على جيرانك :؟».
(لقد رأيت بنفسك بؤسهم <<.
«نعم . . . انا من كان لا ينقصه شيء، لم اكن افكر كيف يعش الآخرون ».
شعرت سابرينا بالراحة ، ورفعت رجليها ووضعتها تحتها. واسندت راسها على ظهر الكنبة . هكذا يمكننها النظر الى تورن جيدأ. وابتسمت في سرها، كم هي سيعدة
برؤيته بهذا الجمال والقوة . . . والرقة . .ونسيت كل ذكرياتها السيئة ، وشعر ت بحاجتها له ، ولحبه ! وفجاة ، لاحظت انها مراقبة فابتسمت له
(اتشعرين بتحسن.:<<.
ددنعم . . . ايجب ان اعود الى نيويورك ليسحبوا لي
خيوط جروحي؟».
>>لا. بالتاكيد»>. لقد اتصلت بطبيبي الخاص وسنذهب
اليه يوم الجمعة وسيهتم بك جيدا»
«ماذا! سيفعل بي؟؟<< سالتة بقلق .
(سيجري لك فحص طبيا، لم يكونوا ليسمحوا لك
بمغادرة المستشفى لو كان هناك اي، خطر عليك <<.
»حاولت سابرينا الحراك ، لكنها صرخت من الم ذراعهافرفع تورن كم قميص نومها ونظر الى ساعدها.
«بجب ان تنتبهي وان لاتتحركي. . . << ورفع نظره نحوها.فلاحظ احمرار و جهها.
ددسابرينا! لقد اصبحت متحفظه .بعدما حصل يننا في الغابه:< قال لها ممازحا.
ذكرى ذلك اليوم .جعلتهماكليهما ينفعلان ، فداعب تورن عنقها حتى وصل قبة قميص نومها
«كنت ارغب بك كثيرا<<. همس تورن .
(وكنت ترتعشين من الرغبه ايضا، كم كنت مخطئا
بحقك .مع انني كنت اشعسر بانني مخطىء. الا ان الاشياء تطورت . لم اكن ، اجرؤ على الوثق بحدسي، لم اكن ايضا احتمل فكرة ان تكوني ملكا لالبرت . وغضبي الكبير منعني من التفكير وكنت اعمى لدرجة انني لم اكتشف
خدعتكما. . . <
ددكنت تسعى لحماية البرت . فهمت ذلك ولكن بعد ان فات الاوان .كنت اخجل كثيرأ من ماضي<<.
(لماذ:؟» سألها وهو يداعب شعرها.
(انت لم تكوني مسؤولة انت لاتستحتقين الجراح التي عانيت منها طويلا»<.
ددآخرليلة . . . عندما ضربها بقوة لاعتف . . كنت هناك. . .<» وتقطع صوتها فضمها تورن الى صدره بحنان كبير
(لقد مضى زمن طويل_ على ذلك و انتهى الآن
انتهى. . .،،.
لم تستطع الفتاة التوقف عن البكاء، وامتزج حزتها بألم كتفها
«هل .يؤلمك ؟:!<< وداعب وجهها وجبينها الذي لا يزال مغطى باللفائف.
ددتورن. . .<<.
والتقت نظراتهما» وعبرت بأكثرمماتعبر عنه الشفاه ،
فانزلقت يد تورن تحت قبة قميص نومها. فانتفضت بخوف
)دعيني المسك<» توسل اليها.
لم يكن الحذر الذي .جعلها تنتنفض. ان اقل ردة فعل
منها تخونها، وكل لمسة من تورن تحرق جسدها» وتجعلها تفقد عقلها. وكانت قد بدأت ترتجف~ وعادت اليها
احاسيسها التي كانت تعتقد انها لن تعرفها من جديد
فضمها تورن الى صدره الدافىء واسندت .راسها على كتفه . كانت ترغب به بشكل يؤلمها ويعذبها .
ددانت لست سوى ساحر . . .<<.
«انت لاتتصورين حالتي عندما اراك على سرير
المستشفى اذا الان. وانا اضمك بين ذراعي مليئه بالحياه<<
ددقالت لي الممرضه انك كنت تكلمني، وكنت تمسك
بيدي . . . <<.
<هل خانتني لدرجة ان اخبرتك بردة فعلي عندما قالوا لي بأنك قد لاتستيقضين_ ابدا من الغيبوبه؟ بكيت كالطفل الصغير . . . <<
ددبكيت !!>< «سألتة بدهشة وكأنها لا تصدق اذنيها
لكن تورن كان يفكر بشيء آخر ، كان فمة الدافى يداعب شفتيها ويدعوها للحب . ويداه تداعبان رأسهابنعومه .فتنهد ت بعمق وخبأت وجهها في عنقه.
وبلذة كبيرة اكتشفت سابرينا صدر الرجل الذي تحبه .
ودهشت كثيرا من جرأتها في تحسس جسده وكأن رغباتها تجعلها امام مرآة ينعكس الواحد فبها امام الأخر و احست بسعاده كبيره رائعه.
وعندمت التقت نظراتهم المشتعلة . قال لها بصوت خافت .
ددأنا اموت عندما اراك هكذا >.
(تورن انا)
«1ين تريدين ان اعقد زواجنا؟<<
)ارتبكت الفتأة وكأن تنظر الى مجنون امامها.
(عفوا؟)
(انت تريديننا ان نتزوج ؟ في بومون او في نيو اورلينز؟
سيصحبك السيد رافرتي الى الكنيسة وستكون جيسيكاآنسة الشرف »» .
فأبعدت الفتاة يديها عن صدره .
(لا استطيع ان اتزوجك تورن << .
(الماذا؟) سالها وهو يحاول اخفاء خوفه وقلقه
تنهدت الفتاة وابتعدت عنه ورتبت ملابسها .
ددلا استطيع هذا كل شيء<<
(بسبب مهنتك ؟<< .
فهزت رأسها، وكتفت يديها بعصبية ، اوه ! لماذا لفظ
الكلمات نفسها التي كانت تحلم بسماعها؟ انها تعبه لدرجة الموت .
(اماذ!؟) اصر .تورن
>>كيف ستعلنه :>< سألته بضحكة مره .
ددلا يمكنك الزواج من فتأة مثلي دون ان تتعرض للااقاويل ! انت تعلم هذا الزواج. لا يناسب طبقة المجتع الراقية التي تنتمي اليها! لا اريد ان اتحمل ر مسؤليتة . . . »
«فلتذهب اقاويلهم الى الجحيم ! انت لا تقولين
الحقيقه) صرخ تورن وهو ينهض بدوره
>>هذا بسبب ما فعلته بل. لانني اهنتك امام الجميع.
وتعتقدين اننى سأحاول من .. جديد . <<
ولم يجرؤ على !لنظر اليها ، فأشعل سيجاره بعصبية .
(لا!. < اجابته من اعماق قلبها
(صدقني» ليس الامركذلك . اوه!تورن انت ستشعر .
بالعار . . . »
وكأنه تلقى صفعة قوية ، فأغمض عينيه .
(الشخص الوحيد الذي اشعر بالعارمنه هو نفسي اريد ان اعمل الان » واتجه نحو الباب .
«سأأراك فيما بعد <<.
فنظر ت اليه وهو يدير ظهره ، هذا ´لا يمكنها تحمله»!.
وشعرت بأن قلبها سيتوقف» وبسرعة ادركت ان حياتها مرتبطة بخيط رفيع الأن .
«تورن !»< صرخت سابرينا بيأس.
توقفت يدتورن التي لا تزال تمسك بقبضة الباب .
ددنعم 0؟<<.
فجمعت شجاعتها. وطردت االخوف من نفسها،
وفتحت له ذراعيها وعندما تردد لحظة ، احست بأن قلبها يتمزق في صدرها. هل هي اساءت الفهم لقد انفرج وجه تورن وركض نحوها ووقع على ركبتيه »
وضمها اليه ، واسند رأسه على بطنها
كان يرتجف ، واحست الفتاة انها ستقع على الارض، لاول مرة تشعر بانه يشاركها كل احاسيسها.
ددانا احبك. . . قال لها تورن بصوت مرتجف
ددعلمت ذلك في ذلك المساء المشؤوم الذي اهنتك به .
اوه! انا احبك لدرجة الموت ! كنت اعتقد انه لن يمكنني اقترب منك ابدأ»
و ضمها اليه بكل قوة وبكل جنون وضمته سابرينا
ورغبت في ان تذوب بين يديه .
ررلم اتركك لحظع اهتممت بمهنتك حتى فيلم الفيديو كليب إ ولكن لم يتمكن . شيء من ملىء الفراغ الذي تركته في حياتي لم يعد بامكأني الاقتراب من اية امرأة اخرى
ولم اعد استطتيع تناول الطعام، والنوم وهرب مني. . .
وذلك الصباح الذي كاد ان يقضي على حياتك . اوه ! ياحبيبتي لومت ، كنت سأدفن نفسي معك، انه لا يعود هناك سبب لحياتي من بعدك»<.
~» >«تورن.. . . كم . احبك!<<.
فرفع وجهه نحوها، واشرق بسعادة كبيرة .
«حقا حتى بعد كل ما فعلته بك ؟<<.
فداعبت وجههه وجبينه بيد مرتجفة ، وكانت قوة حبها له تخيفها.
(كنت اشعر انني اعرقك جيدا، وكانك كنت ذاتي! تعذبت كثيرا وانا العب دور خطيبة البرت ، واحيانا كنت .احس بمشاعرك وادرك افكارك «.
«وانا ايضا، لقد قضيت علي بالضربة القاضية في الكنيسه، كنت غاضبا ويائسا لانك ادركت حقيقتي، كنت تعلمينى وحدتي. . . ،وكل شيء اوه! انامستعد لان ادفع .حتى آخر يوم من عمري ثمن العذاب الذي سببته لك ! (
.وكان لا يزال جاثيا على ركبتيه . فانحت وقبلته بشوق كبير.
»تزوجيني، سابرينا<< همس تورن متوسلا
«ستلاحقنا الاقاويل ، انا احذرك ».
ددليس لدى الناس. سوى ذالك يفعلونه انا احبك، وانت تحبينني ولا شيء آخر يهمنا!).
ددعلى كا حل من الصعب مناقشتك ، فانت دائما تكون على حق << .
(هكذا يقال << اجابها تورن وقبلها بحنان . ~
«تزوجيني ارجوك سننجب اطفالآ . وساشتري لك
قميص نوم جديد) اضاف مبتسمأ .
«»وسيكون بامكانك متابعة الغنأء في ملهاي! << . .
»وانا حامل وبطني منتفخة! » سالته ضاحكه .
>>ما اهمية ذلك 0؟ ) .
ددشكرا .. شكرآ يا حبيبي<< . وقبلته الى ان كادت ان تخنقه .
«ولكن تورن انت تعلم ، عندما زارني اعضاء الفرقة في المستشفى قالوا لي بان الامور تسير بشكل جيد مع المغني الجديد ، اذأ ، بالنسبة لم لي بامكاني ان اعمل في الاوبرا..) .
«لك كل ما تريدينه وكل ما ترغبين به >< .
جلست على الارض بجانبه ورمت نفسها بين ذراعيه
من جديد
(كل شيء؟ ولكن لدي الآن كل شيء . انت انت
تورن . . »< .
««ستفكرين بها بعد ايام قليله. او بعد شهور انا لن اقف في طريق فنك انا احبك كثيرا ، وانت ما اريده في الحياة <<
)بما ان كل مايهمني ان اعيش معك . واسافر معك لاشيء آخر مهم ، انا احبك . . . »< .
دديا حبيبتي. . انا<>.
دداصمت الآن .،< همست وهي تقبله واجبرته على ان يتمدد على السجادة .
(يا الهي <<. اعترض تورن
ددلا تعتقدي انك ستجذبيننى الى .فراشك قبل ان تضعي خاتم الزواج في اصبعي!<«
ددكفاك مزاحا واسكت الآن)
«فلنحدد موعدآ لزواجنا<:. ونهض وحملها بين ذراعيه
<<1لاترغبين برؤية الهدايا التي تحت الشجرة؟<<
(اذآ. معطف من الشمو لسيد رافرتي. وزوج من
الاحذية لكل واحد من التوأمين، و لوالدتهما<>
«لقد فكرت في كل اصدقائي<<
«اعلم بأن كل البؤساء في العالم هم اصدقاؤك! ولكني سأكون اغلاهم على قلبك . سنفعل جهدنا لكي نؤمن لهم مايحتاجون اليه ، ولكن. . . هل انت موافقة على ان نلاحظ لانفسنا ببعض الراحه )
فرمت نفسها بين ذر1عيه وقد غمرها الحب والامتتان
(موافقه)
وابتسما معا. وضحك تورن ضحكات كان يفتقدها منذ مده طلويلة . وحمل الفتاة وكأنها تبلغ وزن الريشه ووصعها على الصوفا، وتمدد بقربها
(كنت اعتقد باننا لن نتشارك الفراش قبل الزواج)
ددانا تكلمت عن السرير ، ولم اتكلم عن الصوفا)
اجابها ضاحكا
دداعتقد ان الباب مفتوح < قالت سابرينا مبتسمة .
)واخيرأ لا<< اجابها بحزم ونهض اغلق الباب وعاد اليها.
>«1لاتشعرين مع كل هذه الملابس )سألها وهويضحك كالاطفال
لكن سابرينا لم تكن ترغب بالمزاح واللعب . وانتظرت وهو يعريها من ملابسها بكل حنان
ورغبة ، وجذبته نحوها قبل ان ينتهي من ذلك
ددارجوك. . .» قالت له لاهثة . ا
>>1نا ايضآ ارغب بك) همس تورن . 0..< ~
(ياحبيبتي يازوجتي؟ ، يا شريكة حياتي!<<.
تردد جون قبل ان يدق على الباب الصالون ليعلم ان العشاء اصبح جاهزآ. وكان يدرك ان ما يحصل خلف هذا الباب اهم بكثي من العشاء. فابتسم وعاد الى المطبخ ليحفظ الطعام ساخنا.


........ تمت ..............
في انتظار ردودكم عشان انزل باقي الروايات ........ ياريت يكون اليوم وبكرة لأني باقي الاسبوع عندي اختبارات وما راح اكون فاضية ......... وتسلمو عالمتابعة

 
 

 

عرض البوم صور كحيلة العين M  
قديم 08-05-08, 09:25 PM   المشاركة رقم: 132
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 48689
المشاركات: 102
الجنس أنثى
معدل التقييم: ملووكه عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 14

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ملووكه غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

يسلمووووووووووووووو ع الروايه الروعه
يعطيك ربي مليوووووووون عافيه
الروايه خيال ليتك تنزلين الثانيه لو ممكن دعني احبك<<<أعرف مصختها خخخخ

تحياااتي لك

ملوووووووكه

 
 

 

عرض البوم صور ملووكه  
قديم 08-05-08, 09:44 PM   المشاركة رقم: 133
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2008
العضوية: 73660
المشاركات: 299
الجنس أنثى
معدل التقييم: كحيلة العين M عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كحيلة العين M غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

لا حبيبتي ملوكة لامسختيها ولا شيء انا في الخدمة دايما واتمنى الرواية التانية راح تعجبك وتعجب باقي الاعضاء
دعني احبك
الفصل الاول

هبت رياح شباط ( فبراير ) القارسة من الشمال ، تصفر فوق المقبرة التابعة للمعبد الموجود في قرية غلينكريغ ، ما جعل شجرتي الصنوبر العملاقتين القائمتين على جانبي بوابة المدخل تلوحان بفروعهما محتجبتين .
وقف ستروم غالبريث وحده ، وقد تصلبت قامته الفارعة ، أمام حجر صغير من الصوان ، ولم يكد يشعر بتلاعب الريح بشعره وهو يحدق في تلك الكلمات المحفورة على الحجر .

هازيل دنبار زوجة هوغ دنبار الحبيبة ...

لقد رأى أنها توفيت منذ عام . و كان عمرها ثلاثة وثلاثين عاماً فقط . ودفع بيديه في جيبي معطفه الكشميري وقد لوى شفتيه ساخراً . لقد كانت هازيل في الثامنة عشرة من عمرها فقط عندما أمضت معه وقتاً ممتعاً قبل زواجها . ثمانية عشر عاماً فقط حين منحته من حياتها ثلاثة أسابيع ... واحداً وعشرين يوماً ولكن هذه الفترة القصيرة قد غيرت حياته بأكملها . غيرت حياته ، محولة إياه من رجل منح قلبه بكل زخم عواطفه وبدون تحفظ ، إلى الرجل الذي أصبح الآن بلا قلب .

وعندما علم ، مؤخراً ، بمبلغ خيانتها وقسوتها ، تجدد غضبه القديم من تحت الرماد حاملاً معه ذكريات كان يعتقد أنه دفنها منذ سنوات ، ذكريات كانت ما تزال حية مؤلمة . وأخذ يتمتم ، يا للسافلة . ليعود فيرفع صوته مرة أخرى بنفس الكلمة ، يا للسافلة ، مصحوبة بتأوه نابع من أعماق نفسه وهو يمسح عينيه بأصابع مرتجفة . ما الذي جعله يحضر إلى المقبرة؟ طبعاً ليس لتقديم احترامه ، فهذه الكلمة الاحترام ، لا تتفق مع شعوره نحو هازيل دنبار . فما الذي جره بكل هذا العناد والتصميم إلى ....؟
وجاءه صوت من خلفه يقول :" هل أنت بخير ؟"
فجمد في مكانه لدى سماعه هذا الصوت الناعم الموسيقي النبرات . لا بد أن مخيلته تعبث به ، إذ خيل له ، في لحظه جنونية لا شعورية ، أن هذا الصوت قد جاءه من أعماق الضريح .. واستدار فجأة ، وهو مازال تحت تأثير الصدمة ، ليعود إليه رشده بشيء من الارتياح وهو يرى أن مصدر الصوت لم يكن شبحاً وإنما شخصا ً من لحم ودم كان واقفاً خلفه .
إمرأة شابة ممشوقة القوام ترتدي معطفاً لونه بيج من الصوف الطبيعي ، وحذاء بنياً عالي الكعب . و كان شعرها مغطى بعصابة عريضة مربوطة تحت ذقنها ، تحيط حواشيها الحريرية بوجه بيضاوي رقيق الملامح ذي لون عاجي شفاف تقريباً. وكان التعب يبدو منهما وهي تنظر إليه بقلق .
وعادت تقول وهي تحني كتفيها توقياً للريح :" هل أنت بخير ؟ كنت أتساءل عما ...."
فقال بشيء من العنف سببه ظهورها المفاجئ و شعوره بالمرارة :" طبعاً أنا بخير ." وشعر بالأسف للهجته تلك وهو يخاطبها ، فعاد يقول ملطفاً من لهجته : " ولم لا أكون كذلك ؟"
فنظرت إليه بعينيها تلك الكثيفتـين الأهداب ، وهي تقول بهدوء :" لقد رأيتك تنظر إلى ضريح هازيل . هل كنت تعرفها ؟"
هل كان يعرفها حقاً ؟ فكر بذلك بهزء . كلا لم يكن يعرفها بل أنه لم يعرفها قط . وهز كتفيه متجنباً الإجابة عن هذا السؤال الصريح ، بقوله :" إنني مهتم بالمقابر القديمة ."
وقبل أن تستمر في توجيه الأسئلة ، غير من الموضوع بقوله :" إنني أفكر في البقاء في هذه المنطقة عدة أيام ، فهل بإمكانك أن ترشديني إلى فندق جيد ؟"
فقطبت حاجبيها قليلاً ، ورآها تلقي نظرة متفحصة سريعة على معطفه الثمين وبنطلونه الأنيق المفصل على احدث طراز ، وعلى حذائه الإيطالي اليدوي الصنع ، ثم تقول :" انك لن تجد فندقاً مناسباً في غلينكريغ ، ولكن هنالك فندقاً صغيراً ممتازاً يطل على الوادي على بعد أربعين ميلاً من هنا اسمه هيذرفيو لا يمكن للنظر أن يخطئه . وهو يقع في آخر الأرض المخضرة ."
فقال :" أشكرك " وعندما استدار ليبتعد ، لاحظ بشيء من الفضول ، أنها كانت تحتضن بإحدى ذراعيها شيئاً كانت تحاول أن تحميه من الريح ورأته ينظر إلى ما تحمل ، فلاحت على شفتيها ابتسامة صغيرة وهي تقول :" أنها أزهار النرجس ، أحملها إلى ضريح زوجي ... فقد كانت أزهار روري المفضلة ." ورفعت عينيها إلى عينيه وهي تتابع قائلة :" لقد قتل ، هو و هازيل في نفس حادث الاصطدام ... إذ اندفعت شاحنة كبيرة وسط مجموعة من الناس في الشارع العام فمات اثنان منهم على الفور ، وجرح ستة آخرون ... كان بينهم زوج هازيل الذي أصيب برأسه وأمضى عدة اشهر غائباً عن الوعي قبل أن يموت ، لقد استرد وعيه قبل النهاية مباشرة ، حيث رجونا جميعاً أن يكون قد شفي أخيراً وذلك لأجل كيلتي ، ولكن ..."
فقال يسألها :" كيلتي ؟"
فأجابت :" أنه في الرابعة عشرة من عمره ويقترب من عامه الخامس عشر ، وهو الآن يعاني من صعوبة الحياة فقد كان فقده لوالديه معاً شيئاً مؤلماً للغاية ، كما أن .."
وسكتت فجأة ثم تجهم وجهها وهي تتابع قائلة :" إنني آسفة ، فهذا شيء لا يهمك ما دمت لا تعرف هازيل . وأنا استمر هكذا في الثرثرة بينما أنت تقف في هذا البرد .أنه يوم غير مناسب لكي يخرج المرء من بيته . أرجو أن يعجبك الفندق ."
وعندما استدارت لتتابع طريقها ، حركت الريح العصابة التي تغطي شعرها ، لتكشف عنه قليلاً ، ما جعله يلمح لون شعرها البني الفاتح المائل للحمرة ، قبل أن تعيد العصابة عليه وبحركتها تلك ، عبقت رائحة خفيفة لعطر ذكي الرائحة ، للحظة واحدة ، قبل أن تبددها الريح . ورفعت يدها تلوح له بها ببساطة ، وهي تبتسم بمودة ، ثم تستدير مبتعدة سائرة في ذلك الممر الضيق بخطوات رشيقة مليئة بالحيوية . وبعد لحظات كانت قد استدارت حول منعطف حيث اختفت عن الأنظار خلف سياج عال من الأشجار المشذبة . رفع ستروم غالبريث ياقة معطفه ، ثم ودون مبالاة بالمطر المصحوب بالثلج يتساقط على وجهه ، عاد يحدق في الحجر الصواني المتواضع دون أن يراه هذه المرة وقد نسي تلك المرأة الغريبة إنما كلماتها مازالت تتردد في ذهنه ...
كيلتي ... أذن فقد منح البعض ذلك الصبي اسماً وربماً كان ذلك أثناء طفولته ، ليلتصق به بعد ذلك .. كعادة الألقاب في هذا الجزء من العالم . وبانت الرقة في ملامحه وهو يحاول أن يبتسم ، ولكن قبل أن تصل الابتسامة تلك إلى عينيه ضغط شفتيه بقوة . لقد جاء إلى هنا ليرى الصبي و هذا هو كل شيء .. لتحقق من أن الصبي هو ابنه حقاًً . فإذا هو اقتنع بذلك ، فسيرى محاميه عند عودته إلى لندن ، ومن ثم يغير وصيته جاعلاً من هذا الغلام ، كيلتي ، وريثاً له فهذا ما يتوجب عليه عمله . ولكن هذا كان الشيء الوحيد الذي سيقوم به . فهو لن يكشف الأمر للغلام فيعلمه بأنه أبوه . لم يكن هناك مقام في حياته لأسره .. لأناس أخريين أو لتكوين مشاعر دافئة ، وبالتالي لتحمل الأحزان والآلام .
وأدار ظهره إلى ضريح المرأة التي احبها مرة ، وهو يفكر بمرارة ، في أن الحمقى هم وحدهم الذين يعرضون قلوبهم للأحزان والآلام .... أما هو ، فلم يعد أحمق .

لقد أحضرت لك أزهار النرجس يا روري .
وجثت على الأرض ، ثم أخرجت قبضة من الأزهار تنثرها على ضريح زوجها وهي تتابع قولها : " أنها أول ظهورها هذه السنة " ووضعت راحتيها فوقها تمنع الريح من أن تعصف بها وهي تشعر بغصة في حلقها . لقد كانا ، هي و روري ، قد تزوجا في شهر شباط ( فبراير ) . وأثناء السبع سنوات التي أمضياها معاً ، كان يحضر إليها في هذا الشهر من كل عام ، هذه الأزهار من حديقة منزلهما برواش . وكانت هذه الأزهار الجميلة ، التي يبدأ بها الربيع ، قد أصبحت رمزاً لطهارة ووفاء حبهما ، وشعرت بالألم يلوي قلبها . من كان يفكر في أنها هي التي ستحضرها إليه يوماً ما ... وبهذه السرعة؟؟ .
وعادت تقول : " لقد ذهب الفتيان في رحلة بحرية بعيدة ، يا عزيزي . " وكان صوتها الآن قد أصبح مجرد همس خافت تكاد الريح أن تبدده حتى قبل أن تتلفظ به بينما كانت تتابع قائلة : " وقد تدبرت هذه السنة أن يأخذ كيلتي عطلة من مدرسته ليتمكن من الذهاب معهم هو أيضاً . وقد جاءت الحافلة لنقلهم هذا الصباح وكان الجو ما يزال معتماً . وستكون برواش هادئة من دونهم أثناء الأسابيع الثلاثة القادمة ... إذ لن يبقى سواي والكلب شادو . "
وعقدت ذراعيها أمام صدرها بشدة ، وهي ترتجف وتبتلع الغصة في حلقها ، لتتابع هامسة : " أواه ، يا روري ، لقد كانت السنة الماضية شديدة علي من دونك .. "
وخاطبت نفسها ، مغالبة دموعها ، كلا ، يجب أن لا أبكي . علي أن أكون شجاعة وسأتابع طريقي .
واستقامت في وقفتها ببطء وهي تمسح دموعها التي كانت تهدد بالتدفق ، وتابعت تخاطبه قائلة بصوت أبح : " إن هناك أموراً علي أن أبت فيها يا روري . وقد نويت القيام بها في غياب الفتيان ، ولكنني لن أتحدث عن ذلك اليوم . عندما أفكر بها ملياً ، سأعود إليك لأخبارك بكل شيء . أما الآن ، فعلي أن أذهب إذ أن شقيقتي كيلا وزوجها آدم سيحضران للغداء ، ولدي عمل كثير ... إلى اللقاء في المرة القادمة ."
ومرت بأطراف أناملها المثلجة على حجارة الضريح بكل رقة وكأن الحجارة تشعر لتقف بعد ذلك عدة لحظات مغمضة العينين . وأخيراً استدارت مبتعدة لتعود في نفس الطريق الضيق الذي جاءت منه .
وعندما استدارت حول السياج ، سمعت صوت محرك سيارة خارج بوابات المقبرة وبعد ذلك بلحظات سمعت صوت انسحاق الحصى تحت عجلات السيارة التي كانت تبتعد . وفكرت هي بأنها لا بد أن تكون سيارة ذلك الرجل الأسمر ....
كم كان يبدو غريباً عن مكان كهذا في ملابس المدينة البالغة الأناقة . وكانت قد توقعت أن تجد المقبرة خالية لنفسها ، ما جعلها تجفل لرؤيته ... فقد كان أسمر اللون مطيلاً التفكير والتأمل وكأنه أحد أبطال الروايات ، إن من الغريب أن يختار يوماً عاصفاً كهذا اليوم ، لكي يأتي متفحصاً مقبرة قديمة .
ومع هذا ، فقد كان يبدو عليه الضياع ... والوحدة ... وتمنت لو أمكنها معرفة سبب الخطوط الممتلئة مرارة والتي تلوي ملامحه الهضيمة ، وتسأله عما سبب له الألم في الماضي ، ومن الذي تسبب له في أن ينظر إلى الحياة بمثل تلك العينين الفارغتين الكئيبتين .
ولكنها ما لبثت أن تنهدت بيأس ساخر وهي تردع نفسها قائلة ، أواه يا نيرن ، ألا تكفيك همومك ومشكلاتك ، لكي تحاولي التدخل في هموم الآخرين ومشكلاتهم؟ .
وحنت رأسها مقابل المطر المصحوب بحبوب البرد ، ثم اتجهت إلى كلبها الأسود الذي كان ينتظرها بصبر ، وهي تخاطبه قائلة : " هيا بنا الآن ، يا شادو . "
وسرعان ما اتجهت إلى منزلها ، موسعة من خطواتها لكي تلحق برفيقها الذي كان يقفز مسرعاً أمامها .
كانت كيلا ( أختها ) تغسل آخر كوب بلوري ، ثم تنشفه بعناية وهي تخاطبها قائلة :" إن الروستو الذي صنعته يا نير رائع ، كعادتك على الدوام ." ثم وضعت الكوب في مكانه من خزانة المطبخ ، لتستدير نحو شقيقتها نيرن التي كانت تضع صينية صغيرة في مكانها ، فأمسكتها من كتفيها موجهة إياها نحو الباب وهي تقول : " والآن اذهبي وابقي مع آدم فأنكما لم تتحدثا معاً منذ أجيال ... أما أنا فسأضع القهوة . هل علي أن أضع معها شيئاً من البسكويت؟ . "
فأجابت نيرن : " لقد صنعت أمس نوعاً من الكعك ستجدينه في ..... "
فقاطعتها كيلا : " كعك؟ آه سيسر ذلك كاتريونا كثيراً . فهي تحب الكعك الذي تصنعينه ، إنها ستكون هنا بعد قليل .... "
فقاطعتها نيرن قائلة : " هل هي آتية إلى هنا؟ لما لم تخبريني بذلك يا كيلا؟ كنت أظن أن الأولاد سيبقون في المنزل بحراسة مولي؟ ."
فحدقت كيلا بشقيقتها قائلة : " ولكنني سبق وأخبرتك بذلك . ألم تتلقي رسالتي عن ذلك في جهاز حفظ الرسائل في هاتفك؟ لقد اتصلت بك بعد الظهر ، ولكنني لم أجدك .. "
فقالت نيرن : " لقد ذهبت إلى المقبرة . "
فقالت كيلا : " نعم ، هذا ما ظننته عندما لم أجدك . وهكذا تركت لك رسالة قلت لك فيها إن أمي وأبي سيأخذان كيفين و كاتريونا إلى الحديقة العامة لكي يحضرا حفلة الأحد ، ثم تحضرهما معلمتهما بعد ذلك إلى هنا . "
فقطبت نيرن جبينها قائلة : " ولكنني لم أتلق أي رسالة . هذا غريب ، لقد تفقدت آلة الهاتف طبعاً ، بعد عودتي من المقبرة ولكنني لا بد نسيت أن أفتحها على الهاتف قبل خروجي وهكذا لم تسجل أي ....... "
فقاطعتها شقيقتها : " كلا يا نيرن . انكِ لم تنسي ِ ذلك .. لقد تركت لكِ رسالة ... "
فقالت نيرن : " ولكن ، صدقيني ، لم تكن هنا لك أية رسالة ... "
فقالت كيلا : " ربما محوتها خطأ . "
فهزت نيرن رأسها قائلة : " كلا ، لم افعل ذلك . "
فقالت كيلا : " لا بد أنها انمحت من تلقاء نفسها إذن! "
فقهقهت نيرن ضاحكة وقد تذكرت كيف خدشت بالسكين وهي طفلة لوحة زيتية كانت أمها تقوم برسمها ، وعندما سألت أمها عمن قام بذلك ، همست هي قائلة أنها أنخدشت من تلقاء نفسها .
وعادت كيلا تقول بحزم : " انك لم تنسي فتح الجهاز ، فأنا تركت لك رسالة حتماً ."
فقالت نيرن : " لماذا إذن لم أستلم .... "
وقطع كلامها صوت جرس الباب ، فحدقت في شقيقتها قائلة : " من يمكن أن يكون الطارق؟ " فألقت كيلا نظرة على ساعتها وهي تقول : " ربما هما ، كاتريونا و كيفين ، مع أن الوقت ما زال مبكراً لحضورهما ، سأذهب لأرى وأعود حالاً . "
وبينما ذهبت أختها متجهة نحو الباب ، اتجهت نيرن بدورها إلى حيث الهاتف على مكتبها . كانت قد فتحت جهاز حفظ الرسائل بعد رجوعها من المقبرة ، وكان النور الأحمر مضاء الآن ، ما يدل على أن الآلة لم تتلق رسائل منذ ذلك الحين ، فأقفلتها ثم أدارت الشريط تعيد سماعه . ولكن ، لم يكن هناك شيء مسجل على الشريط .. فما الذي حدث لرسالة كيلا إذن؟ .
على كل حال ، لم يحدث أي ضرر من وراء ذلك ، فآدم وكيلا هنا ، والولدان سيصلان في أية لحظة داخلين إلى المطبخ ، كاتريونا ذات الأربع سنوات تركض بانفعال وشعرها الأجعد يتطاير حول وجهها ، و كيفين ذو الاثني عشر عاماً يتبعها برزانته المعهودة وعلى فمه ابتسامة هادئة .
وضعت نيرن الفناجين على صينية وفكرت . الأقارب ... كم هي محظوظة لأن لها أقارب محبين كثيري العواطف .. أبوها وأمها ، شقيقتها كيلا وزوجها آدم ، وولديهما كيفين و كاتريونا ... ولم تكن تعرف ماذا كانت ستفعل ، لولاهم ، بعد موت روري زوجها ، وطبعاً ، ساعدها على ذلك أيضاً الفتيان الذين يعملون حول المنزل والذين لا يفتأون داخلين خارجين .
دخلت كيلا عائدة إلى المطبخ وهي تقول ، بينما شعرها الطويل الأسود يتأرجح حول كتفيها : " لم يكن الطفلان من في الباب . كان رجلاً يبحث عن مكان يبيت فيه كان قد رأى اللافتة على بابك عن تأجيرك غرفاً في نزلك . وأظن أن الرياح قلبتها بعد الظهر ، إلى الوجه المكتوب عليه أن ثمة غرفاً خالية ، بدلاً من مقفل ، من حسن الحظ ، أن الرياح هدأت الآن ... ولا أظن الليلة ستكون سيئة . "
كان قميصها القرمزي اللون يتألق تحت ضوء الفلورسنت وهي تفتح الخزانة تتناول العلبة التي كانت تحتوي الكعك الذي قالت نيرن أنها صنعته ، وهي تتابع : " قلت له انه لن يجد مكاناً في غلينكريغ وطلبت منه أن يتجه نحو الوادي حيث فندق هيذرفيو ولكنه رد علي قائلاً انه ذهب وتناول عشاءه هناك ، ولكن كان ثمة حفلة زفاف والغرف كلها مشغولة .... "
تجمدت يد نيرن على إناء السكر وهي تعض شفتها ، ثم قالت : " آه ، أليس هو رجلاً اسمر طويل القامة ، حسن الشكل؟ وذا لهجة إنكليزية ... "
فأجابت كيلا وهي تحدق في أختها : " آه إن له لهجة إذاعية رائعة وصوتاً جذاباً ولكن كيف عرفت ذلك؟ "
فأغمضت نيرن عينيها لحظة ، متجاهلة سؤال أختها ، ان هذا الرجل لن يجد مكاناً يبيت فيه ليلته في هذه المنطقة ، في هذه السنة . و عليه أن يمضي الساعات على الطريق ، وطريق كئيب موحش لا بد أن ....
وكانت كيلا تقول : " إن قولك حسن الشكل لا يوفي الرجل حقه . فهو رائع الوسامة ." وأطلقت آهة تكلفت فيها اليأس وهي تتابع : " إنني أفكر أحياناً في أنني أجد في نفسي كل حصة أسرتنا من العواطف المحمومة ، حتى لم يبق شيء لك أنتِ منها ماعدا حصة زائدة من الجمال والعذوبة والرزانة لكي يكون هناك توازن ..."
ولكن نيرن لم تكن تستمع إلى هذه الكلمات التي كانت تتدفق حولها ، ذلك أنها كانت توصلت إلى قرار ، فقالت : " هيا كيلا ، خذي هذا . " ودفعت بإناء السكر إلى أختها المذهولة ، ثم استدارت على عقبيها خارجة من المطبخ . ربما كان الوقت قد تأخر بها عن أن تجده ، كانت تعلم ذلك ولكن الأراضي كانت مستديرة ، وطريق السيارة يحيط بها ، فإذا هي قطعت المسافة القصيرة مخترقة شجرات الصنوبر التي تقوم بين منزلها برواش والبوابة الأمامية ، فربما أمكنها الوصول قبله .
ودون أن تهتم بإحضار سترة من الخزانة في القاعة ، فتحت الباب الخارجي بعنف ثم صفقته خلفها لتقفز فوق الدرجات المخفضة من الحجر الرملي . وفكرت وهي تجتاز الباحة الواسعة أمام البيت ، لتنطلق في الممر بين الأشجار ، في أن الحق مع كيلا ، فالليلة لن تكون سيئة . لقد همدت الريح ، ومع أن قطرات المطر كانت تتناثر فوقها وهي تحتك بفروع الأشجار ، فقد كانت السماء صافية وكان هناك أيضاً القمر وقد بدا جزء منه .
وعندما وصلت إلى طريق السيارات ، كانت تلهث بينما ضربات قلبها تعلو بعنف ولكن ، عندما رأت السيارة القوية تقف قرب البوابات ، وقد سكن محركها ، ضاعفت من سرعتها فوصلت إليها وقد أوشكت على التحرك ، فأخذت تقرع النافذة بقبضتيها وعندما توقفت السيارة ، تراجعت هي إلى الخلف . وقد شبكت ذراعيها فوق صدرها ونزل زجاج السيارة بحركة آلية ، ومال السائق نحو النافذة ليراها . ولم تكد ترى في تلك الظلمة أكثر من لمعان عينيه .
وجاءها صوته قائلاً : " ما الذي .... "
فأجابت وهي ترتجف من برودة الهواء الذي كان يتخلل قميصها الحريري :" آسفة إذ جعلتك تجفل . لقد جئت إلى بابي تسأل عن مكان تبيت فيه الليلة ، ولكن كيلا شقيقتي لم تشأ إدخالك ، ذلك أن المكان ، كما قالت هو مقفل الآن . ولكني أرحب بعودتك ، إذا شئت ، انك لن تجد مكاناً آخر في هذه الأنحاء على بعد أميال كثيرة ."
وانتبهت نيرن أثناء فترة الصمت التي تلت كلامها ذاك ، إلى أن راديو السيارة كان مسموعاً ليس على الموسيقى و إنما على نشرة مالية . لقد سمعت المذيع يقول :" أما المخزون من السندات التي يمكننا النصح بها إلى أجل قصير فهو .... " فأطفأ الراديو بعنف وهو يقول لها : " لا أريد أن السبب لكِ أي إزعاج . "
فأجابت : " انك لا تسبب لي ذلك ، كما أنني أشعر بالذنب إذ أرسلتك إلى ذلك الفندق بعد الظهر ، مما أضاع من وقتك ، إذ كنت نسيت أن هناك حفلة زفاف في الفندق ."
فقال :" آه ، انكِ ، إذن ، المرأة التي كنت قابلتها في المقبرة ...."
أجابت :" نعم . وأنا أدير نزلاً للمبيت وأقدم وجبة الفطور أيضاً أثناء فصل الصيف ولكن ليس ثمة مشكلة بالنسبة ألي إذا أنا جهزت لك غرفة لهذه الليلة . إنها ليست بجمال غرف فندق هيذرفيو بالطبع إنما ... "
وسمعت صوتاً آلياً مكتوماً وقبل أن تدرك ما هنالك ، كان هو قد فتح باب السيارة قائلاً : " اصعدي ، سأعيدك إلى المنزل . "
فقالت وقد أدركت أن ذلك الصوت الآلي ما هو إلا صوت انفتاح باب السيارة آلياً ، فقالت :" آه لا ضرورة لإزعاجك . "
فقال بصوت حوى شيئاً من فروغ الصبر : " ولكن إذا أنتِ عدتِ سيراً على الأقدام فان علي أن انتظرك في منزلك إلى حين وصولك أليس كذلك؟ "
فقالت وقد اتضحت لها شخصيته القوية : " لا بأس إذن وشكراً لك . "
كانت السيارة من نوع المرسيدس ذات الطراز الأول . كما بدا أنها ابتيعت حديثاً وذلك أنها لاحظت وهي تغوص في المقعد إلى جانب قائد السيارة ، أنها تفوح منها رائحة الجلود الجديدة المستحبة ، هذا إضافة إلى رائحة خفيفة جداً لعطر رجالي ليس من النوع الذي إعتادته عند روري ، و إنما عطر ثمين متفوق قد يكون ابتاعه من متجر هارودز العالمي ، ولكن ليس في وقت التخفيضات السنوية المعتادة في ذلك المحل ، بالتأكيد . فالرجل لم يكن من ذلك النوع الذي يقف في الصف لكي يوفر عدة جنيهات . إنها متأكد من ذلك رغم أنها لم تعرف سوى القليل عنه .
وسألته وهو يوقف سيارته بين سيارة آدم الروفر وبين سيارتها هي الفان ، قائلة :" هل لديك أمتعة؟ "
فأجاب : " حقيبة واحدة فقط موضوعة في صندوق السيارة . "
وأضاء مصباح السقف ، ثم مد يده يتناول معطفه من المقعد الخلفي . وعندما استدار عائداً ، احتك كتفه بكتف نيرن ، تراجعت إلى الخلف بسرعة وكأنما لدغت وقد اشتبكت عيناها بعينيه بحركة لا إرادية .
وتوترت عضلات فكها بشكل غريب ، وفكرت في أن كيلا كانت مخطئة إذ حتى كلمة رائع لم تكن كافية لوصف هذا الرجل . كان خلاباً ... أنيقاً وقاسياً وغشت الأوصاف ذهنها بالضباب ، وقد توقفت أنفاسها بعد نظرة واحدة ألقتها عليه استوعبت بها وجهه الهضيم بقسماته القوية وعينيه الزرقاوين النفاذتين تحت حاجبين طويلين أسودين ، وكان شعره أسود كالليل الفاحم لم تلمع فيه شعرة واحدة بيضاء رغم الخطوط التي كانت حول فمه وعينيه ، كانت تنبئ بأنه في حوالي الأربعين من عمره .
لماذا لم تلحظ كل هذه الأشياء حين تقابلا في المقبرة؟ هل كان السبب تأثرها البالغ بمظاهر الوحدة والكآبة التي كانت تلوح في عينيه؟ عينيه هاتين اللتين كانتا تنظران الآن في عينيها بطريقة غريبة؟ .
وسمعته يتمتم : " عفواً . " وبحركة سريعة فرك كتفه ، فتابعت بنظراتها حركته تلك وقلبها يخفق . وكان ذهنها موزعاً بين كنزته الكشمير الفخمة وبين ارتباكها لهذه المشاعر التي أحستها نحوه .
وعندما توقفت السيارة أمام الباب ، فتحت باب السيارة وخرجت حيث وقفت تنتظره على أعلى الدرجات . وبينما كان يحضر حقيبته من صندوق السيارة ، كانت هي ترغم نفسها على تمالك مشاعرها . وعندما واجهت الحقيقة شعرت بالذنب يصفعها على وجهها.
وارتجفت وهي تعض شفتها بينما كان ذلك الرجل الفارع القامة يصعد الدرجات ليقف بجانبها . واستدارت تفتح الباب وتدخله إلى الصالة . و بينما عادت تغلق الباب ، كانت أختها كيلا وزوجها آدم يبرزان من باب غرفة الجلوس وهما ينظران إليهما بأعين متسائلة .
و قهقهت كيلا ضاحكة وهي تقول : " آه لقد ذهبت وراءه لقد قلت لآدم انكِ لا بد خرجت لهذا السبب . "
تناولت نيرن من الغريب معطفه ، متجنبة النظر في عينيه ، ثم ابتعدت لتعلقه في الخزانة مستغلة هذه الفرصة لتتمالك مشاعرها . وعندما عادت ، قالت وهي تبتسم ببساطة وقد بان الصفاء في عينيها : " نعم . كان ذلك سبب خروجي .. وقد وجدته عند البوابة متأهباً للتحول نحو الطريق . "
ولاحظت أن الغريب كان قد وضع حقيبته قرب الباب ، فتابعت تقول : " هيا بنا نجلس قرب المدفأة ، فأنا أكاد أتجمد من البرد . إن الحق معك يا كيلا ، فهذه الليلة بديعة تماماً ، لكنها ما زالت شديدة البرودة ."

وبينما اتجهوا جميعاً نحو غرفة الجلوس الفسيحة ، قال آدم : " هل تعارفتما يا نيرن أنتِ والنزيل الجديد؟ "
فأجابت : " كلا ، مع أن هذه هي المرة الثانية التي نتقابل فيها . فقد جمعتنا المصادفة في المقبرة عصر هذا اليوم . "
ونظرت إلى الغريب قائلة وهي تمد يدها : " إنني نيرن كامبل . "
وبعد لحظة تردد قصيرة ، تمتم قائلاً : " ستروم غالبريث ." ومد يده الدافئة وضغط على يدها المثلجة ، وتملك نيرن الهلع وهي تشعر لدى ضغطه على يدها ، بنفس الشعور الذي تملكها عندما احتكت كتفه بكتفها في السيارة . لكنها الآن كانت أكثر ضبطاً لنفسها ، كما استطاعت سحب يدها من يده وهي تقدم إليه كيلا وآدم بصوت ثابت .
وعندما حول انتباهه نحو الآخرين ، نظرت هي إلى وجهه متأملة . واعترفت لنفسها بأنها لم تر رجلاً مثله قط من قبل في بلدة غلينكريغ .. ليس فقط من ناحية ملابسه الثمينة غير العادية فقد كان مظهره ينطق بكل معاني السلطة والسيطرة ابتداء من كتفيه القويتين إلى ملامحه الخشنة . كان طويلاً ضامراً قوي العضل كان من ذلك النوع من الرجال الذين يجربون كل شيء إلى أقصى حدوده والذين لا يطيقون استغفال الآخرين لهم .
كان من نوع الرجال الذين تصعب معرفتهم . من أين أتتها هذه الفكرة الأخيرة ؟ أخذت تتساءل عن هذا مع أنها كانت متأكدة من صحة حكمها ذاك ، لقد تحدث منظره بصراحة من خلال الجدار غير المرئي الذي أقامه لنفسه ... فهو يقول يمكنك أن تقترب مني بهذا القدر إنما لن أسمح لك بأكثر من هذا ، وربما لم يكن منتبهاً كما لمحت نيرن إلى أنه عندما نظرت هي إلى عينيه أثناء وجودهما في المقبرة ، لمحت لحظة واحدة ، من خلال شق في جدار نفسه ذاك ، مكاناً موحشاً كئيباً جعلتها تدرك أن لا مكان فيه لأحد .
واخترق صوت شقيقتها ، أفكارها وهي تقول : " سأحضر القهوة يا ينرن ."
فالتوت شفتاها بابتسامة وهي تجيب : " شكراً ، يا كيلا . "
ونظرت إلى الآخرين وهي تشير إلى المدفأة قائلة ببساطة :" تفضلوا بالجلوس ."
فقال آدم : " إنني أستأذن في الذهاب لتفقد الوالدين ، سأحضرهما معي ."
وتبع زوجته خارجين من الغرفة . وعندما أغلق الباب خلفهما وجدت نيرن نفسها تعبث بعصبية بخاتم زواجها ، شاعرة بالصمت الذي ساد الغرفة بعد أن أصبحت بمفردها مع ستروم غالبريث . ومن الغريب أنها كانت تعتقد دوماً أن غرفة استقبالها كبيرة المساحة ...... ولكنها تراها الليلة قد تقلص حجمها ، لوجود هذا الرجل فيها . وخامرها عدم الارتياح وهي تفكر في أنها لم يمر بها مثل هذا الموقف الغريب غير العادي ، منذ مدة طويلة . تنفست بعمق وهي تشير إلى مقعد مريح بذراعين ، قائلة : " تفضل بالجلوس ."
ولكنه بقي واقفا ً حيث كان ، على بعد عدة أقدام منها ، وهو يقول : " إنني أفضل الصعود إلى غرفتي رأساً ، إذ من الواضح أنني أبدو متطفلاً على اجتماع عائلي .."
وحك رقبته من الخلف ، وقد بدا في ملاحظته هذه ضعف لم تفصح عنه لهجته الحازمة .
فأجابت : " آه ، أرجوك أن لا تقلق لهذا الأمر ، فأنت لست ... "
وفتح الباب قبل أن تنهي كلامها ، لتدخل كيلا حاملة صينية القهوة ، وهي تقول :" لقد صعد آدم بالحقيبة إلى الطابق الأعلى ، يا نيرن لقد أخبرته أن يضعها في غرفة النوم التي تعلو المطبخ ثم يشعل نار المدفأة ."
ووضعت الصينية القهوة وهي تتابع قائلة : " إنها أكثر الغرف دفئاً ، في هذا الوقت من السنة أليس كذلك؟ "
فأجابت نيرن وهي تبتسم بأسى : " نعم إنها كذلك فمكان السرير هو فوق الموقد مباشرة . شكراً لكِ يا كيلا والآن يا سيد غالبريث ، انك ستتناول القهوة معنا قبل الصعود إلى غرفتك ، أليس كذلك؟ "
فقالت كيلا وهي تخلع حذاءها وتثني ساقيها تحتها في زاوية الأريكة : " لا يمكنك الصعود الآن إلى غرفتك . لا بد أن تجرب الكعك الذي صنعته نيرن بيديها . لقد حاز على الجائزة الأولى منذ ثلاث سنوات في معرض المنتجات الغذائية في بلدة غلينكريغ ... آه ها قد أقبل الأطفال . "
وسرعان ما فتح الباب بعنف ليدخل آدم ، كيفين و كاتريونا ذات الشعر الأسود التي شقت طريقها مجتازة أباها وأخاها وقد احمرت وجنتاها انفعالاً ، ثم وقفت أمام والدتها ووضعت يديها الصغيرتين على ركبتيها وهي تقول وقد لمعت عيناها :" قال أبى أن خالتي نيرن قد صنعت كعكاً . هل بإمكاني أن أحصل على قطعة منه؟ " فقال لها أخوها كيفين الذي كان قد تبعها ليقف خلفها يشدها بخصلة من شعرها يغيظها : " ماذا جرى لسلوكك؟ وأين تجدين موضعاً للكعك بعد أن أكلتِ كل أنواع الحلوى التي أعطاكِ إياه العجوز . "
فاستدارت كاتريونا وهي تزم شفتها السفلى باستياء ، قائلة : " لقد أكلت أنت معظمها انك تعرف هذا . "
فقال : " ولكنك كنت سبق وانتقيت كل القطع الحمراء بينما تعرفين أنني كنت أريدها ."
وضحك آدم وكيلا ولكن ابتسامة نيرن تلاشت بعد نظرة عابرة منها على وجه ستروم غالبريث ، ليعود إليها ذلك الشعور بعدم الارتياح بعد أن رأت التعبير الذي بدا على ملامحه . كان يقف متفرجاً على بعد قليل من هذا المشهد العائلي السعيد وقد تقلصت شفتاه متجهماً ، كما بدا جلده مشدوداً على عظام وجنتيه ، ما جعله يبدو مرهقاً وهذا ما لم تلحظه من قبل . وساورها إحساس عميق بمبلغ التناقض البالغ بين مظهره هذا ، وذلك الجو السعيد الضاحك المفعم بالحيوية والذي يدور على مقربة منه في هذه الغرفة التي هي نفسها توحي بالانشراح بسجادتها الوردية وجدرانها البيضاء وأغطية الأثاث القطنية الزاهية الألوان ، يقابلها هذا الغريب المتجهم العابس بملابسه القاتمة ، كنزته السوداء بنطلونه القاتم وحذائه الأسود ... ممثلاً التناقض التام لكل ما حوله .
وما أن تقدمت نيرن منه لتطلب إليه مرة أخرى ، مشاركتهم القهوة حتى التفت إليها فتشابكت نظراتهما ورأت في عينيه الزرقاوين من الكآبة ما استدعى منها جهداً خارقاً لكي تمنع نفسها عن التأوه .
وما أن فتح فمه للكلام حتى أدركت هي بغريزتها ، ما سيقوله ، فبادرته قائلة وهي تهز رأسها بصوت لا يكاد يسمع : " كلا يجب أن لا تذهب . لقد تأخر بك الوقت بالنسبة إلى الطرقات ولن يمكنك العثور على مكان تبيت فيه . "
ولما لاحظت الآخرين ما زالوا يضحكون ويلهون قرب المدفأة ، وقد نسوا كل شيء عن هذا الغريب ... اقتربت منه بدافع لم تستطع مقاومته وقالت له : " تعال معي لأريك غرفتك . "
وظنت للحظة أنه سيرفض عرضها ذاك وهي تراه ينظر متردداً إلى يدها الرقيقة الشاحبة ذات الجلد المرقط بنمش قليل والأظافر البيضاوية الخالية من أي طلاء ولكنه ما لبث أن أومأ برأسه موافقاً وهو يقول : " لا بأس ، وأشكرك . "
وخرجا معاً إلى الصالة دون أن يلحظهما أحد ، وأغلقت نيرن الباب خلفهما لتتجه معه نحو السلم . ولم يكن السلم ليسعهما ، هما الاثنين جنباً إلى جنب ، ما جعلها تتقدمه قليلاً وقد بدأت تشعر بالعصبية . ربما لم يكن ينظر إليها كما أخذت تحدث نفسها ، ولكنها هي التي كانت تشعر بالتوتر لوجوده خلفها .
وعندما وصلت إلى قمة السلم حاولت أن تتمالك نفسها . لقد كانت مخيلتها هي التي تصور لها كل ذلك ولا شيء غيره . فهذا الرجل له من مشكلاته التعسة في عالمه الخاص ، ما لا يسمح له بالالتفات إليها كامرأة . فلماذا تشعر بمثل هذه الحماقة؟
واغتصبت ابتسامة أرادتها أن تبدو عفوية ، وهي تستدير إليه لتشير إلى ناحية اليسار حيث غرفته . ولكنه كان قد افترض أنهما سيتحولان إلى ناحية اليمين . وتجمدت الابتسامة على شفتيها وهي تصطدم بكتفه العريض .
تراجعت إلى الوراء وهي تشهق محتجة ثم قالت : " إني آسفة . " آه ... من أين أتى ذلك الصوت الأبح المنفعل؟ لا يمكن أن يكون صوتها هي ؟ ولكن لا بد أنه صوتها فعلاً وإلا ما الذي جعل هذا الرجل الغريب يقطب حاجبيه وهو يقول وقد بدت في عينيه الزرقاوين نظرة ساخرة : " غرفة لأجل المبيت هذه الليلة هي كل ما أريد يا سيدة كامبل ، ولا شيء غير ذلك . " وكان في لهجته وهو يقول ذلك نوع من التحذير لا يمكن أن تخطئه .
فرفعت نيرن بصرها إليه وهي لا تكاد تصدق أذنيها ، أتراه قد ظن أنها تعمدت الاصطدام به؟ وهل كان يعني هذا بكلامه؟
كانت نيرن بطيئة الغضب بالرغم من لون شعرها البني الضارب إلى الاحمرار ولكنها تشعر الآن بثورة من الغضب تشتعل في أعماقها .. غضب مصحوب بعد
التصديق . ذلك أن هذا الغريب يبدو انه أساء تفسير الأسباب التي دفعتها إلى تقديم المأوى له . حسناً ، من الأفضل إذن أن تبدد شكوكه من هذه الناحية . ونظرت إليه وقد بان في ملامحها مزيج من الذهول والرقة والبراءة وهي تقول : " ولكن كل ما عرضته عليك يا سيد غالبريث هو غرفة لليلة واحدة . "
وبخطوات واسعة رشيقة ، تجاوزته لتعبر الصالة نحو غرفة صغيرة قائمة فوق المطبخ ، حيث فتحت الباب ووقفت جانباً تشير إليه بالدخول ، راجية أن لا يلاحظ الاحمرار الذي علا وجنتيها . وقالت له وهي تقاوم رغبة تملكتها في أن تضربه أثناء مروره من أمامها : " هذه هي الغرفة . إنها صغيرة ولكنها دافئة ومريحة . أما الفطور فسيكون في الساعة الثامنة إذا كان هذا يناسبك . "
فأجاب : " الساعة الثامنة وقت مناسب تماماً . " وأجال ببصره في الغرفة ، لحظة قبل أن يخطو على السجادة ذات اللون البيج متوجهاً نحو المدفأة حيث وقف أمامها ويداه في جيبيه ، مركزاً بصره على النار المضطرمة خلف الحاجز الأثري المصنوع من القرميد . كان حول الرجل جو من الوحدة والتعاسة أحال غضب نيرن إلى سيل من الشفقة والرحمة .
وترددت لحظة ، شاعرة بالندم لتصرفها ، المتكلف ذاك .. هذا إلى دافع لقول شيء أي شيء قد يفتح الطريق إلى إحداث صلة نزيهة بينهما .
ولكنها رأت من التعبير الذي بدا على وجهه ، والذي ازداد جهامة وتفكيراً ، رأت انه لا بد قد نسي كل شيء عنها . لقد كان مستغرقاً في مشكلات هي اكثر أهمية من الواقع الذي يدور حوله. وتركت نيرن الغرفة وهي تتأوه بأسى ثم أغلقت الباب خلفها بهدوء .


الفصـــــــــل الثانــــي


كان المنزل برواش البالغ ثلاثمائة عاماً من العمر ، مبنياً من الحجر الرملي ، وكان السقف مائلاً وإطارات النوافذ الخشبية مدهونة باللون الأبيض . كما كانت الجدران تبلغ القدمين سماكة . وكان روري و نيرن قد جهزا في الطابق الأسفل منه تدفئة مركزية ولكن لم يكن باستطاعتهما وضع نفس الشيء في الطابق الأعلى . ولهذا كانت غرف النوم باردة على الدوام في ما عدا فصل الصيف ، وكان هناك مدافىء ولكنهم كانوا يشعلونها في حالة المرض فقط لكي يشعر المريض بالدفء .
أو في مثل ظرف هذه الليلة . إذ جاءهم ضيف هو ستروم غالبريث والذي لا بد أنه يرقد الآن في فراشه بكل راحة ودفء ذلك أن غرفته تقع فوق المطبخ مباشرة كما أن النار تضطرم في المدفأة عنده .
كانت نيرن تفكر في كل ذلك وهي متكومة تحت الأغطية لم يسبق أن شعرت بالبرد قط في ما مضى . ولكن الأمر قد أصبح مختلفاً هذه السنة . وكانت صممت منذ أسابيع على أن تبتاع لنفسها بطانية كهربائية ، ولكنها ما زالت ترجئ الأمر إذ كانت دوماً تعتبر أن هناك ما هو أهم في الوقت الحاضر .


ولكنها هذه الليلة ، تأكدت من أنه لا يوجد على ظهر الأرض ما هي بحاجة إليه أكثر من تلك البطانية الدافئة ، فقد جعلها الركض بين الأشجار هذا المساء تشعر بالبرد في كل جسمها . ومع أنها جلست أمام المدفأة في غرفة الجلوس لمدة نصف ساعة تقريباً ، بعد أن خرجت كيلا و أسرتها فما زال البرد ينخر عظامها ، ورفعت ركبتيها إلى صدرها لتغطي بقميص نومها ، جسمها حتى قدميها المثلجتين ، وهي تلقي ببصرها إلى المنبه الموضوع بجانب صورة روري على المنضدة الملاصقة للفراش ...
كان الليل يقترب من منتصفه ..
ما هذا؟
وأمسكت أنفاسها . ما هذه الضجة فوقها؟ انه صوت ارتطام بالأرض ، وكأن شخصاً اصطدم بشيء ليقعا معاً على الأرض .
ودون أن تقف لتفكر في الأمر ، أنارت المصباح الموضوع على المنضدة ، ثم أزاحت الأغطية جانباً ، ومن ثم قفزت من السرير . ذلك أنه لم يكن هناك أحد في المنزل ما عداها و ذلك الضيف ستروم غالبريث ، فماذا يمكن أن يكون حدث؟ هل تراه وقع أرضاً؟ هل أصابه ضرر ما؟ أم أنه أصيب بنوبة قلبية؟
وكانت قبل دخولها الفراش قد نشرت فوق الأغطية معطفها المنزلي طلباً لمزيد من الدفء فأسرعت ترتديه وهي تسرع خارجة من الغرفة على ضوء مصباح صغير كانت قد تركته مضاءه ، قبل دخولها إلى غرفتها . وعلى ضوئه توجهت نحو غرفة ستروم .
كانت قد صممت على أن تقرع باب غرفته بعنف ، منادية إياه باسمه ولكنها ترددت عند وصولها إلى الباب . ماذا لو لم تكن الضجة آتية من غرفته . ماذا لو كان نائماً؟ انه لن يكون شاكراً لها إيقاظه من نومه في منتصف الليل.
بدلاً من ذلك ، قررت أن تفتح الباب بهدوء ثم تتسلل إلى الداخل ، دون الحاجة إلى إنارة المصباح لأن الضوء المتوهج من نار الموقد كان كافياًَ لتعرف منه ما إذا كان الضيف بخير أم لا . وهكذا ، أمسكت بمقبض الباب الخشبي ، ثم أدارته بكل حذر وصدر لذلك صوت ضئيل جعلها تعبس وهي تهمس لنفسها متجاهلة البرد الذي تشعر به في قدميها الحافيتين ، بينما ابتدأت تدفع الباب إلى الداخل بكل هدوء وأنفاسها ترتجف .
ولكنها لم تكد تفتح الباب عدة سنتمترات حتى جذب الباب من الداخل بعنف ، فشهقت ولكن قبل أن تستطيع الرجوع إلى الخلف ظهر ستروم غالبريث في العتبة مشرفاً عليها بقامته التي بدت كشبح مظلم .
لم يحاول أن يشعل المصباح , لأن المكان كما سبق وتكهنت كان مناراً بالضوء المتوهج من نار المدفأة . فاستطاعت أن ترى شعره الأسود مشعثاً.
وسألها بعنف ويداه على وركيه : " ماذا تريدين؟ "
وسرعان ما تبدد شعور نيرن بالارتياح لدى رؤيتها له واقفاً بدلاً من أن يكون مسطحاً على الأرض ، تبدد إزاء لهجته العدائية تلك بما تتضمنه من اتهام .
وعندما جالت ببصرها في أنحاء الغرفة رأت أن لا شيء في المكان قد اختل نظامه ، فقد كانت حقيبته موضوعة بجانب الخزانة ، كما كانت حافظة نقود من الجلد موضوعة على منضدة الزينة بجانب الباب ، وعدا عن ذلك وعن بعثرة أغطية الفراش ، لم يكن في الغرفة ما يدل على أنها مسكونة ، ما جعل نيرن تفكر في أن السيد ستروم غالبريث هو رجل منظم حقاً .
ولكنه كان أيضاً في هذه اللحظة رجلاً في غاية الغضب .
وقالت له بسرعة : " ظننت أنني سمعت ضجة ما ... كلا ، بل سمعتها بالتأكيد . سمعت صوت تحطم شيء ثم شيئاً ثقيلاً يرتطم بالأرض وكأنه جسد ... فظننت أنه ربما حدث لك مكروه .... "
فقال : " ما أغرب هذا ، فأنا لم أسمع شيئاً . "
ولاحظت تغير التعبير الذي كان على ملامحه ، وقد تلاشى التوتر الذي كان يضغط شفتيه ، لتظهر بدلاً من ذلك على شفتيه ابتسامة باهتة .
فقالت بعناد : " ولكن لا بد أنك سمعت إلا إذا كنت نائماً . "
فقال : " إن نومي خفيف جداً ، يا سيدة كامبل ، وأنا أؤكد لكِ أنه لو كان هناك ضجة من أي نوع كان لأيقظتني حتماً . "
فقالت : " إذن ..... " وقطع كلامها صوت قرقعة النار في المدفأة أشبه بسلسلة من المتفجرات . إن هذا طبعاً يفسر عدم سماعه أي ضجة أخرى .
وتابعت قائلة : " لا بد أن صوت قرقعة النار قد غطت على أي صوت آخر ...."
فاستند إلى جانب الباب بتراخ وهو يقول : " أو ربما لم يكن هناك أي ضجة . ربما ...... "
لقد علمت بالطبع ما سيقوله قبل ثانية واحدة من قوله هذا . علمت بالضبط ما يظنه سبب حضورها إليه في منتصف الليل.
لقد قال بلطف : " ربما يبدو المكان هنا موحشاً في ليالي الشتاء الطويلة ، ربما كنتِ تريدين رفيقاً ... " وقبل أن تدرك ما الذي يفعله ، كان يتأملها بنظرات تنم عن السخرية أكثر منها استفزازية وهو يتابع قائلاً : " ربما تشعر الأرملة الجميلة بالوحدة ... "
فتراجعت نيرن إلى الخلف ، ثم قالت بصوت حاولت أن يبدو هادئاً : " يا سيد غالبريث أن الرجل الذي يتكلم عن الأشياء البغيضة ، تلميحاً لا يعجبني ، فأنا أفضل الحديث المباشر مهماً كان فظاً . فإذا كنت تظن أنني جئت إلى غرفتك بغية التحرش بك ، فلماذا لا تقول هذا بشكل مباشر؟ "
وأدركت فجأة أنها كانت تقبض يديها بعنف ما جعل أظافرها تنغرز في راحتيها ففتحت قبضتيها ثم وضعت يديها في جيبي معطفها ، وهي تتابع قائلة :" إن هذا هو عندي أفضل كثيراً من ذلك التلميح المهين . ولكنني سأجيبك على ذلك على كل حال . نعم إنني أرملة ، ونعم يبدو البيت موحشاً ، موحشاً جداً من دون زوجي ولكنني لا أبحث عن بديل يحتل مكانه ... ولكن إذا كنت أبحث فأنا لا أظنك تصل حتى إلى التصفية النهائية بين المرشحين . فأنت رجل يبدو خالياً من أي دفء إنساني ."
هاهي قد قالت كل ما ينبغي أن يقال ، فإذا كانت قد بالغت في ذلك فهذا ما لم يكن بمقدورها تجنبه. وشعرت بقدميها كتلتين من الثلج ، حتى أنها بذلت جهداً كبيراً لتحركهما . فاستدارت عائدة إلى غرفتها وكانت طيلة الوقت تحبس أنفاسها متوقعه أن يتبعها ليعتذر إليها ، ولكنه لم يفعل .
وبعد ذلك بلحظات ، كانت قد عادت إلى فراشها وقد تأكدت بأنها لن تتمكن الآن من النوم . ليس لأنها كانت تشعر ببرد أكثر مما كانت تشعر به قبل أن تقوم بهذه الرحلة التعسة إلى غرفة ضيفها ذاك ، وإنما لتأثيره الغريب ذاك عليها والذي تعذر عليها تفسيره .
غرفة لهذه الليلة ، هذا ما قاله . حسناً إن هذا يعني ليلة واحدة فقط وهذا معناه أنه سيرحل بعد تناوله طعام الفطور . ومن الواضح الجلي أن لهذا الرجل مشكلات ، مشكلات هامة . أما هي فان لديها ما يكفي من المشكلات ، فهي تحاول أن تتدبر أمور نزلها برواش من دون زوجها ، كما أنها قلقة بالنسبة لإيجاد أعمال للفتية المراهقين الذين يعملون لديها لكي تشغلهم بها في خارج الموسم دون الحاجة إلى استخدام غيرهم . فلو كان عندها ما يكفي من الوقت لكان بإمكانها بطبيعة الحال أن تساعد هذا الرجل الغريب .... أو على الأقل ، وضعه في الطريق حيث يتابع بنفسه الوصول . ذلك أنه من المؤكد تقريباً أن هنالك شيئاً في ماضيه يعذبه .. وما لم يخرجه إلى العلن ليواجهه مباشرة ، فلن يكون في إمكانه أبداً أن يتعامل مع مستقبله . وتنهدت نيرن وهي تدعك قدميها الواحدة بالأخرى مرة بعد مرة ، مرغمة نفسها على إبعاد التفكير بهذا الرجل لتوجه أفكارها إلى أنها في بلد دافئ الآن مثل شاطئ استوائي والجو خانق الحرارة والشمس ترسل أشعتها اللاهبة على الأرض ....
وأخيراً ، ابتدأت تشعر بالدفء ولكن ما أن ابتدأت تستسلم للنوم ، حتى طرأ على ذهنها خاطر أيقظها تماماً ، وهو إذا لم يكن ما سمعته من خبط وارتطام بالأرض قد قام به ستروم غالبريث ، وليس لديها ما يدفعها إلى الاعتقاد بأنه كاذب فمن هو الفاعل إذن ؟
أترى هذه الضجة جاءت من الغرفة الصغيرة على السطح؟ ربما هي الريح قد هبت من إحدى النوافذ مما تسبب بسقوط شيء على الأرض ، فيكون هذا هو الصوت الذي سمعته والمصحوب بالارتطام بالأرض . لا بد لها من تفحص الأمر ....
وأغمضت نيرن عينيها وهي تجر الغطاء إلى ما فوق رأسها . إنها طبعاً لن تفتش عن مصباح لتصعد ذلك السلم الضيق المكشوف وحدها إلى تلك الغرفة الصغيرة لكي تطوف هناك بين الظلال متحسسة الأشياء غير عالمة بما قد تجد . كما أنه ليس بإمكانها أن تطلب من السيد ستروم غالبريث مرافقتها بعد ذلك الاستقبال الذي تلقته منه آنفاً . إنها ستؤجل تفحص تلك الغرفة إلى الصباح بعد أن يكون هو قد غادر المنزل .
كان الجو دافئاً تعبق فيه رائحة البيض المقلي والقهوة ، عندما صدر عن الكلب شادو زمجرة منخفضة عرفت هي منها أن الضيف في طريقه إليها قادماً من غرفته . فاغتصبت ابتسامة وهي تستدير إليه حاملة المقلاة في يدها ،
وفي اليد الأخرى ملعقة طويلة ، لتراه واقفاً على العتبة تشع منه رجولة فياضة بكنزته وبنطلونه الأسودين وشعره الأسود المسرح إلى الخلف بدون اهتمام . وتسارعت خفاقات قلبها قليلاً وهي ترى النظرة غير العادية التي بدت في عينيه الزرقاوين وذلك باستدارتها المفاجئة إليه على غير انتباه منه . فقد خيل إليها أنها رأت في عينيه ومضة غريبة سرعان ما أخمدها بنظراته السريعة .
وحدثت نفسها وهي تحييه بخفة ، بأنها لا بد كانت تتخيل ذلك فما الذي يجذبه فيها؟ فهي ليست من نوع نساء المدن الرشيقات الأنيقات اللاتي قد اعتاد عليهن . إنها لا تعدو أن تكون امرأة ريفية طويلة القامة ذات شعر كثيف أحمر جلب الشقاء إلى حياتها! فلماذا يجعلها وجوده تشعر بمثل هذا الضيق؟ لماذا أصبحت فجأة تهتم بمظهرها؟ وحدثت نفسها تأمرها بالهدوء . فهو سرعان ما سيرحل إنها ستقدم إليه الفطور ثم ترسله في طريقه وعندما تنتهي من تغيير ملاءات سريره وتنظيف الغرفة ستنسى كل شيء عنه وكأنه لم يكن .
وقالت له : " إنني أقدم الطعام للمستأجرين ، عادة في غرفة الطعام ولكن بما أنك بمفردك لا أظنك تمانع في تناول الفطور في المطبخ ، فهو أكثر دفئاً في فصل الشتاء ."
وأشارت بالملعقة التي في يدها إلى المائدة الخشبية المستديرة وهي تتابع قائلة : " يمكنك أن تسكب لنفسك القهوة وسأكون معك بعد لحظة . "
ورغبة منها في التظاهر بالعفوية وعدم الاهتمام ، أخذت تهمهم بأغنية خفيفة وهي تعد شرائح اللحم والبيض المقلي ، والفطر والطماطم المشوية ، ذلك أنها قررت بحزم أن أفضل ما يمكنها عمله هو أن تتظاهر بأنه لم يحدث بينهما شيء قط الليلة الماضية .
واستدارت متوقعة أن تراه جالساً إلى المائدة ولكنه كان واقفاً ينظر من خلال النافذة وظهره إليها ، فتنحنحت وهي تتقدم من المائدة تضع عليها طبقه وتقول : " لقد تغير الجو هذا الصباح فهو يبدو كأيام الربيع . كنت ارتديت سترتي السميكة عندما خرجت للتمشي من فترة ، ولكنني عند عودتي خلعتها بعد أن شعرت من حرارة الجو بأن كنزتي هذه تكفي تماماً . "
فاستدار إليها ، لترى أن بشرته كانت أشد اسمراراً مما كانت تظن . وبدا أن لونه القاتم قد أظهر زرقة عينيه الحادتين أكثر جلاء وسألها : " هل سبق لكِ الخروج هذا الصباح؟ "
فأجابت : " نعم فأنا آخذ شادو كل صباح في نزهة قصيرة . "
فقال وهو يلوي شفتيه : " نزهة قصيرة؟ كم من الوقت تبلغ هذه النزهة القصيرة يا سيدة كامبل؟ "
فألقت نيرن نظرة على الكلب الذي كان يضرب الأرض بذيله بعد إذ سمعهم يذكرون اسمه وقالت : " إننا نسير إلى الطرف الآخر من غلينكريغ ثم على امتداد البحيرة إنها تأخذ قرابة الساعة .... فهي على بعد أميال تقريباً . "
فقال ساخراً : " آه ، أهذه هي النزهة القصيرة؟ " وعاد ينظر من النافذة نحو مشاتل النباتات الممتدة إلى اليمين وهو يقول : " هل لديك مزرعة لتزويد السوق بالخضراوات ؟ "
فهمهمت وهي تشكر حظها على أنه يبدو على خلق مهذب هذا الصباح ويبدو أنه قرر هو الآخر أن يضع ما حدث الليلة الماضية خلف ظهره .
أدنت كرسياً نحو المائدة لأجله وكتمت ابتسامتها وهي ترى ومضة دهشة على ملامحه إذ رآها تجلس هي أيضاً . هل كان يتوقع منها أن تتصرف كخادمة فتنتظره إلى أن يفرغ من طعامه لتجلس وتتناول طعامها؟ وسكبت فنجانين من القهوة وانتظرت إلى أن جلس فمدت إليه يدها بفنجانه .
قالت وهي تدهن قطعة من الخبز المحمص بالمربى : " كنت تسألني عن المزرعة وسأشرح لك الأمر الآن . إنها عملية مزدوجة في الحقيقة ذلك أن المنزل مؤلف من قسمين ، المزرعة والمنزل ، فقسمي أنا هو المنزل .. وأثناء الصيف كما أخبرتك أدير نزل برواش الذي يقدم غرفة وفطوراً . أما روري والفتيان فقد كانوا يعتنون بالمزرعة فيستنبتون الخضر والفواكه لبيعها في الجنوب غالباً ولكن ..... "
فسألها مقطب الحاجبين وهو يرفع لقمة إلى فمه : " الفتيان؟ "
فأجابت : " لقد كنا أنا وزوجي ، مشتركين في مؤسسة اجتماعية تخص المنطقة قبل أن أرث نزل برواش وقد اهتممنا بعمل المؤسسة تلك بشكل خاص ، فكنا نوظف الأحداث الذين يرتكبون الأخطاء لأول مرة والذين توصينا بهم المحاكم ، فنعطيهم عملاً وتدريباً وتفهماً ، وعندما يصبح لديهم الاستعداد الكافي ، يتركوننا إلى العمل في الأسواق تاركين مكانهم لآخرين هم أكثر حاجة منهم إليه . "
سألها قائلاً : " وكم لديك الآن منهم؟ "
فأخذت رشفة من قهوتها قبل أن تجيب : " انهم ثمانية حالياً بما فيهم كيلتي ، بالرغم من أن وضعه مختلف ولكنهم ليسوا هنا حالياً . "
ولسبب ما لم تفهمه نيرن ، توتر الجو في الغرفة فوضعت الفنجان من يدها وهي تتفرس بفضول في وجه الرجل الجالس أمامها . كان قد وضع لتوه لقمة في فمه بدا أنه سيظل يمضغها دون نهاية ، إلى أن ازدردها أخيراً ،
فوضع الشوكة والسكين في طبقه ، وقال وهو يستند إلى الخلف : " الفتيان ليسوا هنا؟ "
كان في صوته بساطة متكلفة كذبها التوتر الذي بدا على ملامحه وهو يتابع : " وأين هم؟ "
فأجابت : " انهم في مكان ما في الشاطئ الغربي ... إنني لا أعرف مكانهم بالضبط حيث انهم يبحرون في سفينة ، إنها رحلة بحرية خارج البلاد وسيتغيبون لمدة ثلاثة أسابيع وهي من تخطيط المركز الإقليمي وسيثير عجبك عندما تراهم يعودون وقد امتلئوا ثقة بأنفسهم وشعوراً بالكرامة ، وحسن تهذيب ، وبالنسبة إلى البعض منهم فهي المرة الأولى ... "
وتلاشى صوتها وهي تراه منصرفاً عنها كلياً وذلك في نظراته الشاردة وتملكتها موجة انفعال ،
ليس بسببه فقط وإنما بسبب كل الآخرين الذين يتضايقون من الحديث عن المراهقين ومشكلاتهم . ألا يعلمون أنهم بإهمالهم هذه المشكلات وبعدم معالجتها من جذورها سيواجه المجتمع في السنوات القادمة مشكلات أكثر خطورة؟
ودفعت نيرن بشكل مفاجئ كرسيها إلى الوراء وجمعت جدائل شعرها الأحمر إلى ظهرها وهي تتنهد بضعف فان هذا الجهد القليل الذي تبذله في سبيل حل هذه المشكلات سينتهي وقريباً جداً حيث أن روري لم يعد هنا ليشاركها هذا العبء لقد استطاعت بمساعدة الفتيان ، أن تتدبر الأمر بدونه ، على نحو ما ، في الصيف الماضي ولكن هاهو ذا الربيع يقترب بينما هي تعلم أنه لم يعد بإمكانها أن تؤجل قرارها بعد الآن وهو أن الحالة الاقتصادية لم تعد تسمح لها بأن تتابع العمل في برواش من دونه . واستئجار شخص لمعاونتها قد أثبت استحالته لقد سبق وأجرت مقابلات لبعض طالبي العمل في الشؤون الاجتماعية ، ولكنها لم تجد الشخص الذي يجمع إلى اختصاصه ذاك ، مهارة في الزراعة والتسويق والميكانيكا وكل المهارات الأخرى التي كان روري يحسنها . المهارات التي كانت توفر عليهما الكثير من التكاليف ،
وعادت تتنهد تاركة المائدة وهي تقول : " أرجو المعذرة ، بإمكانك أن تتابع فطورك بمزيد من القهوة والخبز المحمص إذا شئت . "
فأجاب : " كلا ، علي أن أذهب الآن ، لقد كانت وجبة ممتازة . "
وأضاف الجملة الأخيرة بإيجاز وكأنه يعرف الكلمات الصحيحة ولكنه لا يعرف الطريقة الصحيحة لألقائها ،
و أزاح كرسيه إلى الخلف ، ثم هب واقفاً وهو يقول : " أريد منك الفاتورة من فضلك ."
كانت نيرن قد أعدت الفاتورة مسبقاً فناولته إياها وأخذت تنظر إليه وهو يضع يده في جيب بنطلونه الخلفي ، ثم رأته يعقد حاجبيه وهو يقول : " لقد نسيت المحفظة في غرفة النوم . "
فقالت : " لماذا لا تصعد وتحضر أشياءك انك ستجدني هنا في المطبخ حين تعود ."
أخلت نيرن المائدة ومسحتها بعد أن وضعت الأطباق في حوض الغسيل الذي سبق وملأته بالماء الساخن ومسحوق التنظيف ، ثم أسرعت تغسل الفناجين والصحون بعد أن ارتدت قفازي العمل المطاطين وكانت على وشك أن تعلق فنجاناً على العلاقة الخاصة بالفناجين عندما سمعت صوت خطوات ستروم في القاعة كانت خطواته عنيفة توحي بالغضب وزمجر الكلب وهو يخرج من مكانه الدافئ تحت الموقد قادماً نحو نيرن وقطبت هي جبينها بينما كانت تخلع قفازيها ثم ربتت على رأس الكلب وهي تهمس له : " لا بأس اهدأ ..."
" إنها غير موجودة " وكانت عينا ستروم غالبريث تقدحان شرراً وهو يقول : " كانت محفظتي موضوعة على طاولة الزينة حين نزلت ولكنها الآن غير موجودة ..... "
فقالت : " ولكن هذا مستحيل فليس هنا غيرنا نحن الاثنين ربما تراها انزلقت خلف المنضدة أو .... "
فقال مزمجراً : " ألا تفكرين في أننـــي لا بد وفتشت عنـــها في هذه الأمكنة؟ "
وحاولت نيرن أن تلتزم الهدوء فان لهذا الرجل سلوكاً خشناً يكاد يخرجها عن طورها ، وبسهولة تامة . وقالت بصوت هادئ قدر الإمكان : " دعني أصعد بنفسي وأعاود التفتيش . "
وعندما كانت تجتاز الصالة ، كانت تشعر بخطواته خلفها إلى حد كادت تحس معه بحرارة أنفاسه الغاضبة ، وأخذت تتساءل بقلق أين عسى أن تكون محفظته تلك؟ ما الذي جعلها تركض خلفه تلك الليلة؟ لماذا لم تتركه يذهب وحده؟ لقد سبق وأخبرته كيلا أن النزل يفتح أبوابه أثناء الصيف فقط .. فما الذي جعلها تركض خلفه بهذا الشكل؟ لقد سبب لها هذا الرجل من المشكلات أكثر مما سببه لها كل نزلائها معاً .
كان باب غرفة نومه مفتوحاً ، فدخلها ستروم على الفور ، بينما تحولت عيناها نحو المنضدة التي كانت رأت فوقها المحفظة في الليلة الفائتة و ......
وهتفت بحدة : " تلك هي محفظتك ، أمام عينيك! كيف لم ترها؟ "
واستدارت تحدق فيه بعينين تنطقان بالاتهام وهي تتابع قائلة : " ما الذي جعلك تقوم بهذه اللعبة؟ "
ولكنها اعترفت في داخلها بأنه فوجئ هو الآخر بل أكثر من هذا كان مصعوقاً تماماً فإذا كان يمثل عليها دوراً فهو ممثل قدير .
وقال وهو يتخلل شعره بأصابعه مذهولاً : " ولكنني أقسم .... "
فقالت بحزم وهي تأخذ المحفظة ثم تلقيها إليه : " حسناً يا سيد غالبريث فأنت لا تبدو من ذلك النوع من الرجال الذين يتهربون من دفع الفاتورة ، هل لك أن تفتح المحفظة لتتأكد من أنه لم ينقص منها شيء من فضلك؟ " وأخذت تحملق فيه وقد رفعت وجهها .
واشتد التوتر بينهما ، وهو يتحقق من محتويات المحفظة من الأوراق المالية ثم مجموعته من بطاقات البنوك .
وأخيراً قال بفتور : " لا شيء مفقود . "
وودت نيرن لو تسأله عما كان يتوقع ، ولكنها قالت بدلاً من ذلك : " هذا حسن ." ثم مدت يدها وهي تتابع ببرود : " والآن إذا شئت أن تدفع لي الحساب ثم تحمل معطفك وحقيبتك وتذهب ، فسننسى كل ما حدث . "
بدا عليه الذهول وهو يتناول الأوراق المالية من محفظته دون أن ينطق بكلمة ثم يناولها إياها ، ويستدير ليحمل حقيبته . وعندما فتح فمه ليقول شيئاً ، عاد فأطبقه بعد أن رأى نظرة اللوم في عينيها كان واضحاً أنه لم يجد من الكلام فائدة .
وبعد دقائق كانت توصله إلى الباب الأمامي وبعد تحية مختصرة جداً ألقتها عليه أغلقت الباب خلفه جيداً وهي تحدث نفسها قائلة ها قد انتهيت من السيد ستروم غالبريث و تابعت وهي تستند بظهرها إلى الباب مغمضة العينين تستمع إلى صوت هدير سيارته وهي تبتعد ، تابعت تفكر في أنه من ذلك النوع من الرجال الذين يتسببون بالمشكلات أينما يحلون . كان في نفسيته نوع من القلق كان ينتقل منه إلى نفوس المحيطين به ، كما انتقل إليها هي نفسها على الأقل . اعترفت بذلك شاعرة بالاستياء . كان كل ما تريده بعد رحيل روري هو السلام وأن تبقى وحدها مع ذكرياتها . صعدت السلالم بخطوات يملؤها التصميم وابتدأت تجمع ملاءات سرير ستروم وبعد أن ألقت بها في الغسالة ، عادت تنظف الغرفة والمدفأة وعندما عاد كل شيء كما تريد ، وغسلت يديها من الرماد وسواد الفحم ، تنفست بارتياح بعد أن أنهت هذه المهمة التي كانت تنتظرها طيلة الصباح

 
 

 

عرض البوم صور كحيلة العين M  
قديم 08-05-08, 09:47 PM   المشاركة رقم: 134
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2008
العضوية: 73660
المشاركات: 299
الجنس أنثى
معدل التقييم: كحيلة العين M عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كحيلة العين M غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

وهذي التكملة
الفصــــــل الثالث


كانت الغرفة التي تلي السقف مباشرة في المنزل ، تمتد على طول السطح ويصعد إليها بواسطة سلم خشبي حلزوني ضيق يبدأ من فجوة في الطابق الثاني .
وبينما كانت نيرن تصعد السلم المظلم ، أخذت تصفر بصوت عال . ولم تكن تشعر بالعصبية عادة ولكنها كانت تتساءل عما إذا كانت فكرة أقفالها الباب الأمامي والخلفي هي فكرة حسنة حقاً رغم أنها فكرة عديمة الذوق . ذلك أن نزل برواش كان دوماً منزلاً مفتوحاً للمراهقين العاملين في هذا المكان فهو الملجأ لهم ليلاً ونهاراً ، عندما لا يتمكنون من التصرف في منازلهم . ولم يكن من غير المعتاد أن تنزل نيرن صباحاً إلى المطبخ لتجد غلاماً مستغرقاً في النوم وقد تكوم على نفسه بجانب الكلب شادو على سجادة قرب الموقد ، ولكن روري لم يعد معها الآن لقد أصبحت امرأة تعيش بمفردها وربما من الحكمة أن تكون أكثر حذراً في المستقبل وفي نفس الوقت ذكرت نفسها عابسة بتلك الضجة التي سمعتها البارحة بينما الفتيان كانوا بعيدين عنها مئات الأميال ، فلا يمكن إذن أن يكونوا مسؤولين عن ذلك ولكنها كانت تعلم أنه لن يقر لها قرار قبل أن تعرف سبب تلك الضجة والذي قد لا يعدو كما حدثت نفسها ، أن يكون مجرد فأرة قد أوقعت المصباح النحاسي القديم .
وابتدأت تطوف في المكان عاقدة ذراعيها فوق صدرها ، ومرت عدة دقائق اقتنعت بعدها أنه لا يوجد من هو مختبئ في أحد الصناديق أو الأكياس المتراكمة تحت رفارف القرميد . لم يبق سوى مكان واحد عليها أن تبحث فيه وشعرت بنبضات قلبها تتسارع . إنها الغرفة الصغيرة في آخر السطح والتي لا تحوي شيئاً سوى سرير نحاسي أثري يبدو أن خادماً كان ينام فيه في الأيام الخوالي .
دفعت الباب بحذر بأطراف أصابعها وصدر عن مفاصله أزيز عال شق الصمت ولكنها ما أن جالت بنظراتها في أنحاء الغرفة حتى تنهدت بارتياح ، طبعاً لا يوجد هنا أحد . لقد سبق وتوقعت أن تكون الغرفة خالية ، ولكن .......
وصدرت عن نيرن شهقة وهي ترفع يدها إلى عنقها ... آه ... صحيح أن الغرفة كانت خالية تماماً ، حالياً ولكن شخصاً كان فيها ، ومنذ وقت قصير جداً وحدقت في مجموعة المفارش الواقعة على الأرض ، ويظهر أن سقوطها كان سبب تلك الضجة التي كانت سمعتها واستدارت عيناها وهي تحملق في تلك البطانية العسكرية التي كانت ملقاة على تلك الكومة في الوسط ما جعلها لا تكاد تلاحظ علبة السجائر الفارغة التي كانت على الأرض قرب رأس السرير وإلى جانبها كان غطاء علبة صفيح يحتوي على رماد السجائر و أعقابها . لقد كان هنا شخص ما ، الليلة الفائتة بينما كانت هي نائمة . شخص قد أشعل خمس سجائر كما كانت عدتها ودخنها في منزلها.
وداخلها الغضب . كان غضباً جامحاً اكتسح كل شعور بالخوف ولكنها أدركت أن الشخص الذي كان هنا ، قد رحل عن المنزل لقد أحست بذلك وإحساسها لم يسبق أن خذلها من قبل.
تنفست بعمق ، ثم تراجعت خارجة من الغرفة مغلقة الباب خلفها وحدثت نفسها بأن لا تستعظم هذا الأمر ، وأن تفسير ذلك قد يكون غاية في البساطة . انها على الأقل قد أدركت السبب في أن ستروم لم يسمع الضجة ذلك أن غرفته واقعة في الطرف الآخر من .......
وتعالى صوت عجلات سيارة على الحصى تبعها صوت الكابح بصورة عنيفة مفاجئة ما شعرت معه بالفزع لقد بدا لها وكأن شخصاً ما قد قذف بنفسه أمام السيارة فوقفت هذه بهذا الشكل أمام منزلها بالضبط ... ومهماً يكن صاحب السيارة فهو يبدو على عجلة كبيرة من أمره أتراها حالة ما مستعجلة؟
وهبطت السلم الحلزوني بأسرع ما أمكنها ، وقلبها يخفق عالياً لتتحول بعده إلى السلم الرئيسي حيث أمكنها أن تزيد من سرعتها . وما أن وصلت إلى الدرجة الأخيرة حتى تصاعد رنين جرس الباب وكان الصوت مفاجئاً لها ، ما جعلها تطلق صرخة صغيرة هتفت بعدها : " إنني قادمة . " واجتازت الصالة إلى الباب وهي تكاد تتعثر في ركضها ، ومن ثم فتحته بعنف : " ما هذا........؟ "
ولم يعد بإمكانها أن تطلق أي كلمة أخرى ... لم تستطع حتى ولو دفعت لها ثروة بأكملها .. ذلك أن المشهد الذي بدا أمامها ما كان ليطرأ على مخيلتها ولو بعد ألف عام !
كان ستروم غالبريث واقفاً أمامها وقد أوشكت ملامحه على التفجر وكأنه ابتلع لتوه شحنة من الديناميت .
كان ممسكاً برقبة غلام يكاد يبلغه طولاً ... ذا وجه شاحب قذر يبدو عليه الغضب والتوعد . غلام تعرفه هي جيداً ، غلام بإمكانها أن تميزه في أي مكان ، إذ من غيره يملك هذه القامة الشامخة ذات الأطراف الطويلة النحيلة ، وهذا الشعر ذا اللون الفاحم اللامع الميال إلى الاحمرار؟ من غيره يضع في شحمة أذنه اليسرى دبوساً ... ومن غيره يمكنه أن يختال زهواً بمثل هذا القميص القديم المقفل وهذه التنورة الجبلية السوداء الباليه المعلقة على وركيه النحيلين ، متأرجحة حول ساقيه القويتين البارزتين العضلات؟ انه كيلتي دنبار ..... آه وحدثت نيرن نفسها بهلع عما كان يفعله هنا وقد سبق ورأته بنفسها يستقل الحافلة ، صباح أمس؟ ومن المفروض أن يكون الآن في البحر في السفينة كوينز بونتي .....
وما الذي اقترفه يا ترى ليستحق هذه المعاملة التي يعامله بها ستروم غالبريث؟
فتحت نيرن الباب على مصراعيه وهي تشير إليهما بيدها بالدخول قائلة بصوت يخالطه الارتباك : " أدخلا ، لكي توضحا الأمر . "
فدفع ستروم الغلام أمامه لاوياً ذراعيه بغلظة وهو يقول له : " أدخل . " ورأت نيرن شفتيه تنطبقان بصرامة عندما أفلت كيلتي من يده ، ليتراجع متعثراً نحو القنطرة المصنوعة من خشب السنديان ، والتي تسند سقف الصالة .
التفت إليها ستروم بصوت يفور بالغضب : " نوضح الأمر؟ اسأليه هو أن يوضح ذلك هيا ، أذكر اسمك يا فتى وإياك وأن تجرب علي ألاعيبك وإلا استدعيت الشرطة . "
وكانت عينا الغلام الرماديتان خاليتين من التعبير وهو يتجنب النظر إلى وجه سائله بينما أخذ يتمتم بشيء غير مفهوم .
فصرخ به ستروم بحدة : " تكلم بصوت عال . "
فرد عليه الغلام بحدة : " دنبار . " ولم تعد عيناه الآن تتجنبان وجه ستروم فقد كانتا على العكس ، مثبتتين على وجهه وقد بان فيهما التمرد وهو يتابع بوقاحة : " سومرليد دنبار وأصدقائي يدعونني كيلتي أما أنت فيمكنك أن دعوني سومرليد ."
وحملقت نيرن في الاثنين وهي تتساءل عمن يبدو لها غريباً منهما . كانت تعرف كيلتي منذ ولادته إذ كانت أمه من أعز صديقاتها وعندما فقد والديه فاض قلبها بالحزن لأجله ولكنها لم تره أبداً من قبل بمثل هذه الوقاحة . أما ستروم غالبريث فقد عرفته منذ حوالي أربع وعشرين ساعة ومع هذا تراه وهي تنظر إليه الآن بوجهه الذي يعلوه الشحوب في هذه المواجهة المربكة بين الاثنين ما جعلها تشعر بشيء من العطف نحوه كان يبدو كما لو كان مريضاً ، مريضاً حقاً .
فقالت : " هل لأحد منكما أن يخبرني عما حدث؟ ما الذي تفعله هنا يا كيلتي؟ لماذا لست مع رفاقك؟ "
فأجابها بصوت خلا من الوقاحة : " كنت قد أخبرت السيد وبستر أنني أشعر بوعكة صحية وسألته إن كان بإمكاني العودة ، فاتصل بكِ هاتفياً ليخبرك .... "
فقاطعته قائلة : " ولكنني لم أتلق أي مكالمة هاتفية ولم تكن هناك رسالة محفوظة في آلة تسجيل المكالمات . "
فرأت الدم يتصاعد إلى وجهه وهو يقول : " لقد محوتها من آلة تسجيل هاتفك ."
فهتفت به : " ماذا؟ ومتى؟ ."
فأجاب : " لقد رأيتك تذهبين إلى المقبرة أمس عند ذلك دخلت إلى المنزل ولم أكن أريد أن يعلم أحد بعودتي . "
ومضت لحظة طويلة كانت نيرن أثناءها تحدق فيه صامتة وبعد أن استوعبت الأمر ملياً قالت له : " إذن فهو أنت الذي كان ... في الغرفة الصغيرة التي على السطح الليلة الفائتة؟ "
فنظر كيلتي إلى الأرض وهو يقول : " نعم . "
هزت نيرن رأسها ، ما الذي يحدث هنا؟ وحولت انتباهها إلى ستروم غالبريث ولكنها عندما رأت التعبير الذي بدا على ملامحه تلاشى السؤال من بين شفتيها فقد جعلتها الطريقة التي كان ينظر فيها إلى كيلتي تهتز بعنف ... ليس لأنه كان فقط ينظر إليه وإنما لأن نظرته تلك كانت تتفحصه بلهفة قريبة من الوحشية كانت تتفحص وجهه ، تتفحصه بدقة وتركيز جعلت شعرها يقف .
كان يبدو وكأنه يبحث عن شيء ما ... شيء هو وراء ملامح كيلتي الظاهرة ولكن مهما كان ذلك الشيء الذي يبحث عنه فقد كان واضحاً من الغضب الذي كان يعلو وجهه ، انه لم يكن يريد رؤية ذلك الشيء ... آه لا بد أن هذا من تصوراتها ليس إلا أم أنها قد خرجت عن عقلها؟
وأخيراً ، أخذت نفساً عميقاً لتقول بعد ذلك بحزم : " سأكون شاكرة لك يا سيد غالبريث ، إن أخبرتني بدورك بهذا الأمر بأجمعه . "
ظنت في البداية أنه لم يسمعها وأوشكت أن تعيد السؤال عندما حول نظراته بجهد واضح من الصبي إليها ودبت للحظة على وجهه مظاهر الحرج وكأنه نسي ما يدور حوله ، ليتلاشى بعد ذلك ، هذا التعبير تدريجياً وتبدو في عينيه نظرة باردة قاسية وقد عاد مرة أخرى مسيطراً على نفسه ودفع يديه في جيبي بنطلونه بعنف وهو يقول بإيجاز : " عندما تركت هذا المنزل وجدت نفسي أفكر في ما حدث الليلة الماضية بالنسبة إلى تلك الضجة التي سمعتها أنتِ وفي اختفاء محفظتي هذا الصباح واستنتجت من ذلك أنه قد يكون هناك شخص ثالث في المنزل ففكرت في أنه من الأفضل أن أعود لأعلمك بالأمر ....."
فقالت : " وهكذا صممت على العودة . "
فقال : " بالضبط وما أن دخلت البوابة حتى رأيت ..... "
فتجهم وجه كيلتي وقاطعه ناظراً إلى نيرن : " رآني أتسلل خارجاً من الباب الأمامي . "
وأخذ يعبث بقدميه وهو يتابع قائلاً : " إنني آسف يا نيرن . "
فأخذت نيرن تتخلل شعرها بأصابعها دافعة إياه من على جبينها وهي تقول : " ولكنني ما زلت لا أفهم . هل كنت أنت من أخذ تلك المحفظة يا كيلتي؟ "
فقال : " لقد أخذتها ، ولكن فقط لكي ......" وسكت مقفلاً فمه بعناد وقد بدا عليه بجلاء أنه لن يفصح عن السبب الذي جعله يأخذ المحفظة .
فعادت تسأله : " ولكنك أعدتها دون أن يفقد منها شيء مما فيها من نقود أو بطاقات مصرفية....؟ "
هز رأسه ، وكان كل جوابه هو هزة من كتفيه .
ها قد وصلت إلى طريق مسدود . وتنهدت وهي تلتفت إلى ستروم تسأله : " هل تريد أن تتصل بالشرطة؟ "
فأجاب : " لا أدري ما الذي علي فعله ولكن من الواضح أنه ليس بمقدوركِ الأشراف على تنشئة هذا الغلام . لماذا تظنين أن بمقدوركِ التعامل مع الفتيان الثمانية .. وإدارة مزرعة خضراوات للتسويق هذا عدا عن إدارة نزل يمنح السرير والفطور للنزلاء في الصيف . إذا كنتِ تريدين نصيحتي .. " وبانت في لهجته السخرية وهو يتابع قائلاً : " بيعي هذا المكان الكبير وابحثي لنفسك عن شاب لطيف تتزوجينه ثم تستقرين وتنشئين أسرة .. راجية أن يكون لك بنات صغيرات لا يسببن لك المشكلات . "
وهنا تلاشى من نفس نيرن كل العطف الذي كانت شعرت به نحو هذا الرجل منذ لحظات ، وكأنه لم يكن وازدحمت على شفتيها كلمات الغضب والامتعاض ولكن لأمر لم تستطع فهمه ، استطاعت أن تكظم كل هذا . من الأفضل لها أن لا تتكلم مطلقاً كي لا تمنح هذا الرجل الشعور بالرضى للاستياء الذي سببه لها ، مفضلة على ذلك ، النظر إليه بثبات منتظرة منه أن يخرج من المنزل ولكنه لم يتحرك ، وبدلاً من ذلك رأت لوناً خفيفاً جداً يتصاعد إلى وجنتيه وسمعته يتنحنح مرة بعد مرة ثم ولحيرتها البالغة ، قال بصوت يشوبه شيء من الحرج : " إنني أتساءل يا سيدة كامبل عما إذا كنتِ ترضين باستضافتي عدة أيام أخرى . "
ورأت نيرن نفسها تكاد تجن . هل هذا ما كان شعور ( أليس ) بطلة كتاب ، أليس في بلاد العجائب؟ الفضول ثم الفضول؟؟
لو لم يكن قد أخذها ، بسؤاله هذا على حين غرة ولو لم تكن في أشد الحاجة للانفراد بكيلتي للتحدث إليه ، لولا ذلك ، لالتفتت إليه ببرود تخبره بأن من الأفضل نظراً لظروفها الحاضرة ، أن يرحل عن المنزل ولكنها لم تفعل ، آه نعم ... لقد ابتسمت له ببرود فعلاً ،
ولكنها عندما نظرت في عينيه الزرقاوين الكحيلتين اللتين أصبح لونهما قاتماً لشدة الانفعال ، وجدت نفسها تقول وكأنها منومة مغناطيسياً : " لا بأس ." هل تراها قالت ذلك حقاً؟ وحدثها صوت خفي في داخلها بأنها تقترف غلطة كبرى ولكنها تجاهلت هذا الصوت ، لماذا؟ لم يكن لديها فكرة مطلقاً عن السبب وحولت بصرها عنه وهي تزدرد ريقها ، إلى الباب خلفه وهي تتابع قائلة : " إذا شئت ، يمكنك أن تحضر أمتعتك من السيارة وتصعد بها إلى الغرفة بينما أكون أنا قد جهزت القهوة إنما امنحني عشر دقائق من فضلك . "
هل تراه تنفس بارتياح فعلاً ، أم هي مخيلتها صورت لها ذلك؟ لماذا أصبح بقاؤه هنا مهماً بالنسبة إليه ، بهذه الصورة المفاجئة؟ وما لبثت نيرن أن أرغمت أفكارها على الابتعاد عنه . مهما كانت مشكلاته ، فهي لا تخص أحداً سواه . ذلك أن ثمة ما يجب أن تقوم به الآن وأول شيء هو أن تتحدث إلى كيلتي في أمر خاص .
أشاحت بوجهها عن ستروم ، لتضع يدها على ذراع الغلام قائلة : " تعال معي إلى المطبخ يا كيلتي . "
إنها لم تمنح نفسها سوى عشر دقائق فقط ، ولكن بإمكانها أن تتحدث إليه أثناءها وتحاول أن تعلم ما الذي حدث . فهي لم تصدق أنه عاد بسبب وعكة أصابته ، إنما تعتقد أن ثمة سبباً جعله يرفض الإبحار على السفينة لقد أراد أن يعود إلى البيت .
ولكن لماذا؟ وهل تراه سيخبرها؟
وأخذت تملأ إبريق القهوة بالماء البارد وهي تميل برأسها نحو الغلام ، تسأله : " هل تناولت شيئاً من الطعام هذا النهار؟ "
فأجاب : " كلا ، لم آكل شيئاً ."
فسألته : " هل أنت جائع؟ "
فأجاب : " نعم "
فقالت : " إذن فأنا اقترح بأن تقوم بأمرين ، وذلك حالما تخبرني بالضبط ماذا جرى . أما الأمران فهما ، أولاً : اذهب إلى بيتك وأطلب من عمتك آني أن تقدم لك الإفطار . ثانياً : ما أن تنتهي من ذلك عليك أن تهذب إلى المستوصف وتطلب من الدكتور كوغيل أن يفحصك ......"
فقاطعها قائلاً : " إن عمتي آني ليست في البيت لقد ذهبت إلى بلدة انفرنيس لتمكث مع صديقتها روبي . "
فتأوهت بفروغ صبر وهي تفكر ، طبعاً لا بد أن آني قد خططت لتأخذ عطلة أثناء ذهاب كيلتي في رحلته على تلك السفينة .
فتمتمت قائلة : " وأظن أن بيتها مقفل ولكن حتى لو استطعت الدخول ، فليس في إمكانك أن تبقى في البيت بمفردك على كل حال ...."
فسألها : " هل أستطيع البقاء هنا إلى حين عودتها ؟ "
فأجابت رافعة حاجبيها وهي تحمل بيدها إبريق القهوة : " هنا؟ ولم لا؟ يمكنك أن تستعمل إحدى غرف النزل . "
فقال : " هل يمكنني أن أنام في غرفة السطح؟ "
أجابت : " غرفة السطح؟ كلا انك ستموت من البرد فيها. "
فقال : " ولكنني لم أمت من البرد البارحة . "
وبدت في عينيه نظرة هزل ماكرة ، فلم تتمالك نفسها من الضحك وأجابت وهي تهز كتفيها : " كلا . انك لم تمت من البرد أليس كذلك؟ حسناً لم لا؟ ولكن عليك أن تتدبر أمر الفراش وسأعطيك مصباحاً وبعض الأغطية إنما هنالك شرط واحد ..."
فسألها : " وما هو؟ "
أجابت : " لا أريدك أن تدخن يا كيلتي وإذا شئت أن تدخن فعليك أن تقوم بذلك خارج البيت . فأنا لا أسمح بذلك داخل المنزل . "
فقال : " كما تشائين . لا مشكلة في هذا . " ورفع تنورته ولكن ما أن تركها حتى انحدرت مرة أخرى إلى وركيه وقال : " علي أن أعود إلى المدرسة ما دمت قد عدت من الرحلة . "
فحاولت أن تخفي ابتسامتها وهي تجيبه قائلة : " أظن هذا هو المفروض ولكن عليك أن تأكل شيئاً قبل ذلك هاك .." ووضعت على المائدة طبقاً عميقاً وملعقة وهي تقول : " ضع لنفسك بعض الحبوب الموجودة في الخزانة مع الحليب وهو في الثلاجة . "
والآن ، حان الوقت لكي تسأله عن سبب عودته فقالت بصورة عفوية وهو يسكب الحليب : " والآن ، اخبرني ، ما الذي جعلك تلغي رحلتك على متن السفينة بونتي؟ كنت أظنك متشوقاً إلى هذه الرحلة . "
فدفع إناء الحليب إلى وسط المائدة ، ثم حنى رأسه فوق طبقه وهو يجيبها قائلاً : " إنني لا أريد أن أتحدث عن هذا الأمر يا نيرن انه ... شأني الخاص . "
فاستندت إلى منضدة خلفها وهي تنظر إلى الغلام بمزيج من العطف والخيبة ، لقد عانى أكثر مما عانى أي غلام في سنه وإذا كان لديه بعض المشكلات الآن فهو لا يريد أن يشاركه أحد في أمرها وقد يكون هذا بالنسبة إليها هي على الأقل .
ومن خبرتها ، كانت تعرف الأوقات التي يمكنها بها الإلحاح أو عدم الإلحاح وهي الآن تعرف أن الإلحاح لن يأتي بفائدة .
وهكذا قالت برقة : " لا بأس ولكن تذكر عندما تقرر في أي وقت أن تتحدث بالأمر فتذكر أنني هنا . وأي شيء تخبرني به سيبقى سراً إذا كان هذا ما تريده . "
فتمتم : " شكراً يا نيرن . "
كان قد التهم الطعام وكأنه لم يأكل منذ أسبوع ونهض واقفاً وهو يقول : " أتريدين أن أضع هذه في ماكينة غسل الأطباق؟ "
فأجابت : " كلا ، بل ضعها في الحوض من فضلك . إنما اسمع يا كيلتي ..."
فقال : " نعم ."
فقالت : " بالنسبة إلى محوك للمكالمة في آلة التسجيل في الهاتف ....."
فتنهد قائلاً : " سأشتغل مقابل ذلك في عطلة الأسبوع القادمة من دون أجر . "
فقالت : " حسناً . "
استقام في وقفته وهو يقول : " حسناً سأذهب الآن . "
سألته قائلة : " هل آخذ لك موعداً من الدكتور كوغيل؟ "
ورفعت حاجبيها ساخرة ، فاحمر وجهه وهو يجيب : " كلا لن أذهب إلى الطبيب وأنا آسف لأنني كذبت على السيد وبستر بالنسبة لهذا . إن صحتي حسنة جداً سأذهب إلى المدرسة الآن وسأراك فيما بعد . "
وما أن وصل كيلتي إلى الباب ، حتى ظهر ستروم غالبريث على العتبة وما أن تجاوز أحدهما الآخر حتى ألقى كيلتي على الرجل الغريب الأسمر نظرة جامدة بينما أظلمت ملامح ستروم وظنت نيرن أنه سيقول شيئاً ولكنه فقط أطبق فمه بقوة وهو يرمق الغلام المبتعد بعينين حادتين .
وبعد ذلك بلحظات ، سمعا صوت الباب الخارجي يصفق ولم تكن نيرن قد شعرت بأنها تمسك أنفاسها إلى أن رأت نفسها تتنفس ببطء ، ذلك أن الجو سرعان ما يشحن بالتوتر كلما جمعتهما غرفة معاً . كان توتراً قلقاً بقدر ما هو غامض محير ماذا يمكن أن يكون السبب يا ترى؟
وسألت ستروم ببشاشة بينما كان يدخل المطبخ : " هل استقر بك المكان؟ "
فأجاب : " نعم أشكرك . "
فقالت : " دعني اسكب لك فنجاناً من القهوة . " وبينما كانت تقوم بذلك أخذ هو يذرع المطبخ بخطوات قلقة ومرة أخرى داخلها الضيق ما أشد الاختلاف بينه وبين روري لقد كان زوجها رجلاً سهل المعشر هادئ الطبع . كان دوماً ينجز العمل الذي يبدأ به ، وكان ينهيه دوماً دون أن يزعج أحداً كانت هذه موهبة فيه كما كانت تخبره على الدوام .
كانت موهبة يبدو بجلاء أن ستروم غالبريث هذا لا يملكها . لقد عرفت من الطريقة التي عامل بها كيلتي أنه يواجه المشكلات رأساً ويعامل أي شخص يعترض طريقه بكل غلظة وفظاظة .
ناولته فنجان القهوة ، ولكنها لم تتكلف عناء دعوته إلى الجلوس , لقد أحست بأنه اكثر قلقاً من أن يستجيب لهذا . كما أنها أحست أيضاً بأنه يريد أن يتحدث إليها ولكن في أي موضوع؟
قال فجأة : " أخبريني عن ذلك الغلام . ما هو تاريخه؟ "
حسناً ، لقد تملكتها الدهشة في الواقع ، ذلك أنها منذ وقت قصير كانت تشعر بالأسى عندما رأته يفقد اهتمامه وهي تتحدث عن الفتيان الذين يعملون لديها وهاهو ذا الآن يوجه إليها أسئلة عن واحد منهم .
فسكبت لنفسها فنجاناً من القهوة أضافت إليه السكر والحليب وأخذت تحركه قبل أن تتجه إلى المائدة حيث جلست واضعة يديها حول الفنجان وهي تقول : " كيلتي؟ انه صبي لطيف ....."
فارتسمت على شفتيه ابتسامة عدم تصديق وهو يقاطعها قائلاً : " لطيف؟ لقد كنت استنتجت مما أخبرتني به أن الفتيان الذين يعملون معك هم خارجين عن القانون ومن القليل الذي رأيته من سومرليد هذا أو كليتي أو مهما كان اسمه ...."
فقاطعته وهي ترغم نفسها على الهدوء : " قبل كل شيء نعم الفتيان الذين يعملون معي في برواش كان لهم جميعاً مشكلات مع القانون .. ولكن ما عدا كيلتي فالأمر معه مختلف . "
فسألها : " من أي ناحية؟ "
فأجابت : " إن كيلتي هو أصغر سناً من أكثرهم وهو يعمل هنا منذ وفاة والديه فقط . "
وحدقت نيرن من النافذة وهي تفكر بذهن شارد في أن كيلتي لا بد قد أطلق شادو إلى خارج المنزل . فقد كان الكلب الأسود متمدداً في الشمس على الطريق قرب سيارتها الفان وتابعت تقول : " كان دوماً بمفرده . لم ينخرط قط مع المجموعة انه غير عادي ..."
وأطلقت ضحكة أسى قصيرة وهي تقول : " لا بد انك استنتجت هذا بنفسك من الطريقة التي يرتدي بها ثيابه . "
فقال : " معك حق بالنسبة إلى ذلك . فأنا لا يمكنني أن أتصور أن كثيرين من الغلمان الذين في سنه يشعرون بالارتياح لارتداء التنورة . "
فقالت : " عندما كان في الثالثة من عمره تقريباً ، ابتدأت أمه هازيل تلبسه تنورة يوم الأحد وقد اعتاد الأطفال الذين يكبرونه سناً ، إغاظته فأطلقوا عليه لقب كيلتي ومعناها ذو التنورة ، وعندما ابتدأ بالذهاب إلى مدرسة غلينكريغ الابتدائية لم يعد يلبس التنورة مطلقاً ولكن اللقب التصق به . "
ووضعت نيرن فنجانها على المائدة ثم أخذت تمر بإصبعها على حافته وهي تتابع مفكرة : " عندما أصبح في الحادية عشرة ذهب إلى مهرجان للكشافة في أدنبرة وعندما ذهب والداه ، هازيل و هوغ ليستقبلاه في محطة القطار ، لم يعرفاه فقد استبدل بنطلونه الجينز بتلك التنورة الاسكتلندية السوداء .. وكانت في ذلك الحين تنزل إلى ما تحت ركبتيه .. كما كان صابغاً شعره بلون ارجواني كعادة سكان الجبال ومنذ ذلك الحين أصبحت التنورة دلالة عليه . "
وساد صمت في المطبخ صمت طويل ، لم يخترقه سوى صوت دقات ساعة ساحة غلينكريغ تدق الواحدة . وعندما تلاشى الصدى ، وضع ستروم فنجانه من يده ثم مشى نحو النافذة ، فاستند بكتفه على الجدار ، ثم نظر إلى نيرن وهو يعقد ذراعيه فوق صدره قائلاً : " لقد قلت إن والديه قد توفيا من يعتني بالغلام الآن؟ "
استغربت شدة اهتمامه بهذا الغلام الذي سبق وعامله بعنف وبطريقة خاطئة فقالت تجيبه : " إن القريبة الوحيدة لكيلتي هي آني لو . وهي عمة أبيه ، وقد أصبحت قانونياً الوصية على الصبي بعد موت أبيه . "
وهزت رأسها متابعة : " مسكينة آني فقد بقيت عازبة طيلة حياتها ما جعلها غير قادرة على التعامل مع كيلتي وهذا ما جعلني شريكة في الموضوع إذ طلبت مني أن أعطيه عملاً بعد الخروج من المدرسة وبهذا أتمكن من مراقبته . "
فقال وهو ينظر إليها بثبات : " يبدو أن علاقتك طيبة مع الغلام . "
فأجابت : " إنني أحبه فهو كما سبق و أخبرتك غلام لطيف ولكنني قلقة عليه فهو بسكنه مع آني وعمله معي لا يجد في حياته رجلاً يسير على منواله . "
سألها : " وماذا عنه في المدرسة؟ "
فأجابت : " انه ذكي جداً ولكنه لا ينكب على دروسه ذلك أن له هواية و حيدة في حياته وهي ....."
وقطع عليها حديثها رنين جرس الهاتف ، فاستأذنت منه وهي تهرع لترفع السماعة وجاءها صوت كيلا يقول : " نيرن لقد نسيت أن انسخ من عندك تلك الوصفة التي كنا نتحدث عنها تلك الليلة هل عندك وقت لتعطيني إياها الآن؟ "
فأجابت : " طبعاً ، انتظري برهة لكي أحضر الدفتر . "
ووضعت السماعة وهي تقول ناظرة إلى ستروم : " إنني آسفة فسأتأخر في المكالمة الهاتفية عدة دقائق هل ستخرج هذا الصباح؟ ."
فأجاب : " لقد فكرت في ذلك ، لأستكشف المكان . "
لماذا يريد رجل قادم من المدينة أن يطوف حول قرية إسكتلندية صغيرة في أكثر أيام شهر شباط ( فبراير ) كآبة ، بينما بإمكانه أن يطير إلى الريفييرا أو فلوريدا أو جزر الباهاما؟ وجدت نيرن نفسها تتساءل عن ذلك ولكنها ما لبثت أن تخلت عن هذه الأفكار فهذا شأنه .
أخرجت دفترها ومضت تقلب صفحاته وهي تقول : " إنني في العادة ، أقدم لنزلائي السرير والفطور ولكن بما أنك بمفردك وأكثر أمكنة السواح مقفلة في هذا الوقت من السنة ، فإنني أرحب بأن تتناول طعامك معي فقط دعني أعرف مقدماً ما إذا كنت لن تتناول وجبتك هنا . "
فقال : " شكراً ولكنني اليوم بالذات سأغيب حتى الساعة الخامسة . "
ارتاحت نيرن في سرها ، لكنها ما لبثت أن أجفلت وهي تتساءل عن سبب ردة الفعل هذه نحوه ، وما لبثت أن أدركت الجواب ، ذلك أنها لم تقابل قط ، رجلاً سبب لها مثل هذا القلق وذلك بمجرد وجوده ، كما أنها لم يسبق لها أن شعرت قبله قط ، بالاهتمام والانجذاب برجل ما ، ولم يكن ذلك بسبب قامته الفارعة وشعره الأسود وعينيه الزرقاوين ذات المشاعر القوية كان الذي يضايقها حقاً هو شيء أقل ظهوراً .
وفجأة ، أنهت أفكار الطائشة لتقول : " هذا حسن . "
ومشت نحو الهاتف ، بينما رفع أنامله إلى جبهته يحييها مودعاً وعلى شفتيه ابتسامة ملتوية جعلت نبض نيرن يرتفع بطريقة غريبة ما دفعها إلى التفكير بأن هذا الرجل يجب أن يسجن في الطابق الأعلى ، ثم يلقى بالمفتاح بعيداً ... فقد كان رجلاً محطماً للقلوب لم تر له من قبل مثيلاً .
وحبست أنفاسها حتى سمعت الباب الخارجي يصفق خلفه لتتنهد عند ذاك وهي تلتقط السماعة قائلة : " هل ما زالت على الخط يا كيلا؟ "
فأجابت شقيقتها قائلة : " هل أنتِ بخير يا نيرن؟ إن صوتك ليس كالمعتاد هذا الصباح ."
وكذلك نيرن لم تشعر بنفسها كالمعتاد أيضاً ، فقالت : " لا بد أن الخط ليس على ما يرام إنني بخير تماماً . "
ولكن ضربات قلبها كانت تقرع كالمطارق ما الذي حدث لها يا ترى؟ كان جواب ذلك هناك في مكان ما من رأسها ... ولكنها بدلاً من أن تفكر في جذور المسألة نقلت ذهنها بسرعة من تلك المهمة إلى الأمر الذي بين يديها فقالت : " هل بيدك قلم يا كيلا؟ حسناً هاك الوصفة . "


الفصـــــــــل الرابع


عاد كيلتي من المدرسة في الساعة الرابعة ، فكلفته نيرن على الفور بتنظيم الغرفة الصغيرة على السطح . وبعد ذلك بفترة قصيرة نزل مطمئناً نيرن أنه لم يعد هناك خطر من انهيار الفراش بعد الآن .
قال : " لقد وضعت لوحين من الخشب تحت الفراش ما أصبح سقوطه بعد ذلك مستحيلاً ، وهو في الواقع مريح أكثر من ذلك الذي أنام فوقه عند العمة آني . "
فقالت نيرن : " هذا حسن . " وكانت تقف عند الحوض تقشر البطاطس . ثم توقفت لحظة ، لتستدير إليه قائلة : " بالمناسبة ، ذهبت في الأسبوع الماضي لزيارة آني فأرتني الصور الفوتوغرافية التي ألصقتها أنت على جدار غرفة نومك إنها رائعة تماماً . "
فقال : " شكراً يا نيرن . "
لم يكن في صوته تواضع زائف ، كما لاحظت وعدا عن لون خفيف ظهر على وجنتيه ، لم يكن هناك دليل على أن إطراءها ترك أي تأثير عليه . وكان إطراؤها صادقاً فقد كانت الصور الفوتوغرافية تمثل مناظر من قرية غلينكريغ . البحيرة والمناظر التي تحيط بالجبال . وكان كل ذلك من الجمال بحيث احتبست أنفاسها وهي تنظر إليها وتابعت تقول : " ولكن آني تقول انك تركت التصوير منذ أقمت معها لماذا يا كيلتي؟ "
فهز كتفيه وهو يحول عينيه عنها ويقول : " لقد فقدت اهتمامي فقط كما أظن ومن ناحية أخرى ، أنتِ تعلمين كم هو صغير منزل آني حتى أنني لا أجد فيه زاوية يمكنني استعمالها كغرفة مظلمة أظهر فيها أفلامي لهذا حزمت كل أمتعتي ووضعتها جانباً ."
فسألته : " بما في ذلك آلة التصوير أيضاً؟ "
فعبس وهو يعبث بقدميه قائلاً : " لقد بعتها "
فلم تتمكن نيرن من منع شهقة أفلتت منها وهي تقول : " بعتها؟ أوه يا كيلتي ... كيف أمكنك هذا؟ كانت والدتك قد أخبرتني كم تعب والدك في توفير ثمن تلك الآلة لقد ضحى بأشياء كثيرة ...."
وذهلت وهي ترى الدموع تتفجر من عيني كيلتي الذي رفع يده يمسحها بكمه بخشونة وهو يمر بها أثناء ذلك دون أن يراها متابعاً قوله : " لا أريد أن أتحدث عن هذا الموضوع يا نيرن . " وتابع يقول بصوت مرتجف : " لقد فقدت اهتمامي بالتصوير .. ألا تفهمين؟ كان ذلك عملاً صبيانياً قد انتهيت منه . "
ودفع باب المطبخ وفي لحظات كانت تسمع خطواته صاعداً السلم نحو غرفته الصغيرة ليكون بمفرده وشعرت بقلبها يتمزق لأجله . ما زال في نفسه أشياء لم يفصح عنها ، أشياء جعلته يتخلى عن هوايته في التصوير . أشياء شخصية عميقة لا بد أنها تركت في نفسه ألماً عميقاً ماذا يمكن أن تكون هذه يا ترى؟ إنها طبعاً ليست عدم وجود مكان في بيت آني يجعله غرفة مظلمة لتظهير الأفلام لقد كانت أحلامه أقوى كثيراً من أن يسمح لها بالتبدد بهذه السرعة .
وأجفلت حين سمعت صوت الباب الخارجي يغلق لا بد أنه ستروم غالبريث جاء ليتناول عشاءه وأسرعت بإنهاء تقشير البطاطس وكانت تمسك بآخر حبة منها عندما سمعت خطواته في الصالة .
بعد لحظة ، كان يدخل من الباب الذي كادت كتفاه العريضتان تملأنه وما أن تقدم مقترباً منها ، حتى شعرت برغمها ، بالجو حولها يمتلئ بالحيوية والنشاط اللذين يشعان منه .
وقال يخاطبها : " إنها رائحة شهية . "
فأجابت : " انه حساء العدس . " وأسقطت البطاطس في إناء على النار تغلي فيه المياه وهي تتابع قائلة ببساطة : " ألي أين ذهبت هذا العصر؟ "
فأجاب وهو يقف في وسط المطبخ دون هدف : " آه ، هنا وهناك . "
ولاحظت نيرن أن هناك دلائل على مشاعر الرجل في نفسه ، هي فوق مستوى إدراكه وذلك في ما يتعلق بميدان المرأة ، فحاولت أن تعامله كما تعامل أي فتى من أولئك الذين ترعاهم ، فقالت وهي تناوله ملعقة طويلة اليد : " هيا تقدم واجعل من نفسك شخصاً ذا فائدة وحرك هذا الحساء . "
لم يكن الحساء بحاجة إلى تحريك .... ولكنه لن يعرف ذلك أبداً لقد عرفت ذلك عندما دخل في إحدى المرات أحد الفتيان المطبخ ليقف دون هدف لقد أراد أن يكون بقرب امرأة ولكنه لم يكن يدرك ذلك في أعماقه وسرعان ما اكتشفت هي أن في إعطائه عملاً يقوم به يجعله أكثر راحة فهل يمكن أن يفيد هذا رجلاً منعزلاً كئيباً مثل هذا الرجل؟
وعندما أخذ الملعقة منها اشتمت منه رائحة تبغ خفيفة فقالت بفتور : " آه لقد كنت إذن في مقهى رويال تتحدث إلى المواطنين . "
فانحدرت نظراته إليها ولأول مرة شاهدت عينيه تبتسمان وهو يقول لها : " هل هي خطيئة يا سيدتي؟ "
كان يقف أكثر قرباً منها مما أرادته أن يكون حين ناولته الملعقة وشعرت بالضيق لهذا ، وهذا جعلها تتراجع قليلاً إلى الخلف وهي تحول الحديث قائلة : " لقد اعتاد روري أن يقوم بذلك أحياناً فيجلس قليلاً في مقهى رويال وهو في طريقه إلى المنزل حين يذهب إلى المحطة ليرسل الخضر إلى لندن في قطار بعد الظهر . "
وساورها الآن شعور بالارتياح وهي تضع روري بينهما ، وذلك لتقطع الطريق على تلك الأحاسيس التي تتفاعل بينها وبين هذا الرجل الغريب وتابعت تقول بمرح وهي تتابع تقشير حبة البطاطس : " إن يدك رشيقة في تحريك الحساء ولا بد أن لك بعض الخبرة في ذلك هل أنت متزوج؟ "
وشعرت بالغضب من نفسها هل بعد كل تلميحاته وتعريضه بها الليلة الماضية ، تأتي الآن لتضع نفسها موضع الريبة مرة أخرى وذلك بإلقائها سؤالاً كهذا يمكنه أن يفسره برغبتها في أن تعرف ما إذا كان حراً في حياته؟
ولكنها ما لبثت أن شعرت بالارتياح وهي تراه يأخذ سؤالها هذا بنفس البراءة التي ألقتها بها ، فيجيب قائلاً وهو يتابع تحريك الحساء : " كلا لست متزوجاً ولم أتزوج قط .. وليس من المحتمل أن أتزوج وأخشى أنني مرشح ضعيف لمؤسسة الزواج المقدسة تلك .. "
فسألته : " ولماذا تظن ذلك؟ "
فأجاب بحدة : " لأنني في كل مرة تبتعد فيها تلك المرأة المسكينة عن أنظاري سأظن أنها ذهبت لملاقاة صديق أي أساس يمكن أن يكون لهذا الزواج؟ "
فقالت له بعدم تصديق واضح : " هل أنت من النوع الغيور؟ آسفة لعدم تصديقي هذا . "
فأجاب : " لا لست من النوع الغيور وإنما من النوع الساخر! . "
فقالت : " الساخر؟ و كأنك .... "
فقاطعها قائلاً : " وكأنني لم أقابل بعد امرأة تستحق ثقتي . "
إذن هذا يفسر كل شيء لا بد أن هذا الرجل كانت له خبرة سيئة مع إحدى النساء وربما مع أكثر من واحدة ، هذا إذا اعتبرنا سخريته القاسية تلك . فهل يمكن أن
يكون هذا هو سبب تجهمه ذاك وهو يتفرج على المشهد السعيد الذي كان يدور بين كيلا وأسرتها في غرفة الجلوس مساء أمس؟
وقال بسخرية رقيقة : " لا أراك أسرعت إلى الدفاع عن بنات جنسك؟ "
فنظرت إليه بهدوء وهي تجيبه قائلة : " كلا فأنا لا يمكنني أن أتحدث عن أي امرأة أخرى غير نفسي ولكنني آسفة لما نالك من سوء الحظ في ....."
فضحك هازئاً وهو يقاطعها قائلاً : " سوء الحظ؟ ليس للحظ شأن في هذا الأمر لقد كانت المرأة التي عرفتها قاسية متحايلة تعرف اثنين في وقت واحد الخلاصة أنها كانت فتاة سافلة . "
استدارت نيرن وهي تسمع صوت كيلتي خلفها ، كان واقفاً عند الباب وعندما لاحظت الشحوب الذي يعلو وجهه وتوتر ملامحه شعرت بالفزع يتملكها .
لم يكن ينظر إليها بل إلى ستروم محدقاً فيه وقد بان في عينيه مزيج من الغضب والتعاسة والفوضى . وبحركة لا إرادية اقتربت نيرن منه عدة خطوات ولكنه تراجع إلى الخلف ليصبح في الصالة مرة أخرى ثم قال بصوت مرتجف : " سأخرج الآن لقد أنهيت فروض المدرسة وسأعود في العاشرة . "
فهتفت : " كيلتي ...." ولكنه كان قد خرج قبل أن تستطيع إيقافه ليصفق الباب الخارجي خلفه بعنف تجاوبت معه أرجاء المنزل . وتساءلت بخوف عما قد يكون حدث للغلام . لم تره من قبل يتصرف بمثل هذه الغرابة كانت متأكدة من أن الأمر لا يتعلق بها هي ، إذن فلا بد من أن يكون الأمر متعلقاً بستروم غالبريث.
ولكنه لم يسبق له أن قابل هذا الرجل قبل الآن فهل يمكن أن يكون هذا الغريب قد قام بعمل جعل الغلام يستاء إلى هذا الحد؟
لقد رآه طبعاً وهو يتسلل من البيت هذا الصباح ولكن كيلتي علم تماماً أنه كان هو المخطئ في تصرفه ذلك الحين كما أنها كانت تعرف أنه ليس من الأشخاص الذين يحقدون كلا لا بد أن هناك شيئاً آخر يحمله على هذا التصرف .
وبطبيعة الحال ، كان أسهل شيء هو أن تسأل ستروم مباشرة عما فعله ليسبب عند الغلام ردة الفعل هذه ولكن غريزتها أوحت إليها بأنه مهما كان يوجد بين الاثنين فلا بد أنه شيء لا يريد أي منهما أن يخبرها عنه .
وتنهدت وهي تعود إلى المطبخ ذلك أنها طيلة الثمانية أعوام الماضية قد تمكنت من إقامة علاقات طيبة مع الفتيان الذين كانت ترعاهم ، ولكن الأمر مع كيلتي كان مختلفاً فقد كانت متعلقة جداً بالغلام وربما بطبيعة الحال ، لأنها كانت صديقة حميمة لوالدته ولأنها كانت تعرف كيلتي منذ يوم ولادته ....
سألها ستروم فجأة : " بماذا تفكرين؟ "
فأجابت وهي تسير نحو الموقد : " آه لقد كنت أفكر في اليوم الذي ولد فيه كيلتي ." وجذبت إناء البطاطس جانباً فخمد صوت غليان الماء وهي تتابع قائلة : " لقد ولد قبل أوانه بشهر ولكن وزنه مع هذا كان أكثر من أربعة كيلو غرامات كما كان طفلاً نهماً يزمجر على الدوام إنني أذكر قول والده ( حسناً لقد أقبل علينا كالأسد أليس كذلك؟ ) لقد كانت ولادته أول يوم في آذار ( مارس ) وذكرى مولده أصبح قريباً جداً .... "
فسألها : " كم سيصبح عمره؟ "
فأجابت : " خمسة عشر عاماً ، انه يبدو أكبر من سنه لطول قامته ومتانة بنيته . "
فعاد يسألها : " هل قلت انه ولد قبل الأوان؟ "
فأجابت : " لقد كان هوغ غائباً في رحلة صيد لمدة شهرين أو نحو ذلك وقد تزوجا هو و هازيل بعد رجوعه بفترة قصيرة لقد كانت آني هي القابلة التي استقبلته إنني أذكر إصرارها على أنه طفل كامل النمو ولكنها كانت قد تقدمت في السن وفي الواقع كان كيلتي هو آخر طفل استقبلته قبل أن تتقاعد وكانت مخطئة في تقديرها بطبيعة الحال ، إذ لا يمكن أن يكون طفلاً كامل النمو لأن هوغ كان في رحلة الصيد طوال شهر أيار ( مايو ) ومعظم شهر حزيران ( يونيو) ....
فقال ستروم وهو يلوي شفتيه تهكماً : " أتعنين أن الطفل إذا كان قد جاء في أوانه فان هوغ لا يمكن أن يكون والده حقاً؟ "
فأجابت بذهن شارد وهي تخرج من الدرج بعض أدوات المائدة : " بالضبط وبالطبع لا يمكن لهذا أن يكون صحيحاً . "
فقال : " ولم لا؟ "
كان في صوت ستروم شيء ما ، برود هادئ أرسل قشعريرة في جسد نيرن فنظرت إليه متسائلة وقد أدهشتها أن ترى تلك النظرة القاسية الهازئة في عينيه .
وسألته بصوت يحتوي على نوع من الدفاع : " لم لا؟ لأن هازيل لم تكن من ذلك النوع من الفتيات! وكانت تخرج مع هوغ منذ أيام الدراسة فقد كانت موعودة به."
فسألها : " موعودة به؟ "
فأجابت : " نعم . "
قال : " انهما لم يكونا خطيبين إذن . "
فأجابت : " كلا لم يكونا خطيبين لم يكن لدى هازيل خاتم خطبة ولكن كل شخص كان يعلم أن زواجهما ما هو إلا مسألة وقت فقط . "
وتساءلت عما يجعله يهتم بكيلتي ولماذا يهتم بهازيل وتبادرت إلى ذاكرتها ذكرى أول مرة رأته فيها وكان واقفاً يحدق في قبر هازيل لقد ظنت حينذاك أنه يقول شيئاً وعندما اقتربت منه كانت الكآبة والمرارة تكسوان ملامحه ، هذا إلى شيء آخر لم تستطع إدراكه حينذاك ولكنها أدركته الآن وهي ترى نفس النظرة في عينيه كانت نظرة احتقار . ولكنها عندما سألته عند ذلك عما إذا كان يعرف هازيل أنكر الأمر . على أنها عادت تصحح لنفسها قائلة ، كلا انه لم ينكر الأمر إنما غير الموضوع فقط وبدقة فائقة إذ أنه هز كتفيه قائلاً انه مهتم بالمقابر القديمة.
واهتز قلب نيرن والحقيقة تنبلج أمام بصيرتها فجأة ... هذا الرجل كان يعرف هازيل! أو أنه على الأقل كان يعلم عنها أمراً ما ولسبب ما كان يكرهها .
وشعرت نيرن وكأن شخصاً ضربها على رأسها ، فاصعقها . أي ذكرى من الماضي يراود هذا الغريب الغامض ، ولماذا؟ وإذا كان هذا يسبب له كل هذا الألم فما الذي جعله يعود ليعرض نفسه لذلك؟
وأخرجت شوكة من الدرج تختبر بها نضج البطاطس ، دون أن تعي ما تفعل وكانت هذه ناضجة تماماً فتمتمت تقول : " العفو . " وهي تمر من أمامه إلى حوض الغسيل لتصفي الخضر من مائها.
لم تعرف سبب مجيئه إلى غلينكريغ حتى أنه لا يمكنها التكهن به ولكن مجيئه قد سبب إزعاجاً ، كان كالحجر يلقى وسط مياه بحيرة هادئة ، وبصرف النظر عن نعومة الحجر وهدوء البحيرة فان التموج سيحدث ولن تعود إلى البحيرة هدوءها مرة أخرى إلى أن تتلاشى آخر موجة .
أو في هذه الحالة حتى يعود ستروم غالبريث إلى بلده .
وسألته : " من أين أقبلت يا سيد غالبريث؟ "
فأجاب : " من لندن عندي شقة هناك . "
فعادت تسأله وهي تملأ إبريق القهوة بالماء : " أي نوع من العمل تقوم به؟ "
فأجاب : " البناء . "
فسألته وهي تمد يدها تتناول مناشف قطنية ملونة من على منضدة بجانبها : " هل تبني بيوتاً أم تقيم إنشاءات تجارية؟ "
فأجاب : " إنني أشيد مساكن في أنحاء العالم .. لأجل أنصار الرياضة مثلاً وخاصة متسلقي الجبال وشركتي تدعى أكواخ قمم الجبال . "
فجمدت يد نيرن وهي تحمل المناشف ثم سألته : " أكواخ قمم الجبال؟ إن لهذه الشركة أملاكاً مجاورة لمنزلي هذا ... تبلغ حوالي المائة فدان ."
وحدقت فيه وهي تتابع قائلة : " هل أنت صاحبها؟ هل أنت صاحب أكواخ قمم الجبال؟ "
فأجاب : " نعم يا سيدة كامبل . "
فقالت : " آه أتمنى أن تكف من مناداتي سيدة كامبل إن كل إنسان يدعوني نيرن يا سيد غالبريث ..."
فقاطعها مازحاً : " ستروم . "
فقالت : " ستروم ... لماذا كنت متمسكاً بتلك الأملاك؟ إن الأرض مهملة لا تستغل منذ ... آه لا بد أن ذلك منذ خمسة عشر عاماً . "
فرفع حاجبيه ساخراً وهو يسألها : " وما الذي يهمك من هذا؟ "
فتنفست نيرن بعمق ثم قالت : " لأنني أنا و روري حاولنا أن نشتري منها خمسة فدادين منذ عدة أعوام من خلال المحامي الذي نتعامل معه ، ولكن المحامي المسؤول عن أكواخ قمم الجبال ، محاميك ، أخبرنا أن الأرض ليست للبيع . "
فسألها : " هل كنتِ تريدين أن تشتري قسماً من كريجند؟ طبعاً ليس لأجل بناء بيت ريفي لأن هذه الأرض عبارة عن صخور متراكمة وسقوف متآكلة . "
فقالت : " كلا ، ليس لأجل بناء بيت ريفي فهي قذى للعين ينبغي أن تجرف وتسوى ولكن موقعها رائع .... إذ أنها تشرف على الوادي والبحيرة ، كلا كنا نريد الأرض فقط . "
فسألها : " وماذا كنتما تريدان أن تفعلا بها؟ "
فأجابت : " كنا نريد أن نخصص قسماً منها قرب الطريق كمركز للمراهقين ، أما البقية فقد كنا نريد أن نزرعها بشجر التوت . "
قال : " آه ."
فسألته بهدوء : " وأنت؟ ماذا كانت خططك بشأنها عندما اشتريتها؟ لأنني متأكدة من أن رجل أعمال ناجح مثلك كما هو ظاهر ما كان ليشتري أملاكاً دون هدف . "
فأجاب : " كنت قد خططت في ذلك الوقت لبناء مساكن لمتسلقي الجبال . "
فقطبت نيرن حاجبيها قليلاً وهي تفكر في قوله ذاك ثم سألته : " مساكن لمتسلقي الجبال قرب نزل برواش مباشرة؟ "
فقطع عليها أفكارها قائلاً : " هل أرى من ردة فعلك عدم استحسانك لهذا؟ "
فسكتت عدة لحظات قبل أن تجيب و عندما تكلمت قالت مفكرة بصوت هادئ : " كلا أظن هذا سيكون في مصلحة غلينكريغ من نواح كثيرة فسيكون هناك أعمالاً كثيرة في هذا الوقت الذي أصبح العمل فيه شيئاً نادراً .. كما هو الآن ولكن ..."
فقال : " آه نعم . دائماً هناك ( ولكن ) هذه .... "
فقالت : " حسناً إنني اكره أن أرى منشآت عصرية في هذا المكان إنني سأتألم عندما أرى ما يفسد جمال قرية غلينكريغ الطبيعي . "
فقال : " إنني لا أفسد الأشياء الجميلة يا نيرن . "
نطق بهذه الكلمات ببساطة وإنما بحزم وهذا جعلها تنظر في عينيه . كان ينظر إليها ولأول مرة ترى عينيه صافيتين صريحتين وهو يكرر قوله : " إنني لا افسد الأشياء . " كانت لهجته هذه المرة أكثر رقة وشعرت بأنفاسها تحتبس وهي ترى تحديقه في وجهها بينما عاد هو يتمتم قائلاً : " خصوصاً الأشياء الجميلة . "
لم تتحرك في مكانها وقد أدركت ماذا يعني . وعندما نهض من مكانه متقدماً نحوها رن جرس الباب فقفزت من مكانها قائلة : " دعني أرى من في الباب . " واستطاعت بشكل ما أن تفلت من نظراته ، لم تنظر إلى الخلف وهي هاربة كان كل ما تريده هو أن تبتعد عنه قبل أن تدفعها الحماقة إلى ارتكاب ما تندم عليه .
وقفت أمام الباب لحظات تسوي من شعرها و تحاول التقاط أنفاسها . وأطلقت آهة قصيرة سرعان ما أخمدها رنين جرس الباب مرة ثانية . وازدردت ريقها بصعوبة وهي تتظاهر بالهدوء ثم فتحت الباب .
كان القادم رجلاً نحيلاً أشقر الشعر وكان يبتسم لها محيياً وهو يقول : " آه نيرن إنني مسرور لوجودك في المنزل . "
فقالت بدهشة : " أهلاً بك يا دكتور كوغيل تفضل بالدخول . "
وأشارت إلى القاعة . ما الذي يريده يا ترى؟ فهي لم تطلب إليه الحضور .. وأطلقت ضحكة عصبية وهي تسأله قائلة : " أتريدني أن آخذ معطفك؟ "
فخلع سترته المصنوعة من فروة الخروف ، وناولها إياها شاكراً منتظراً ريثما علقتها في الخزانة ثم التفتت إليه قائلة : " فلنذهب إلى غرفة الجلوس . "
ومشت أمامه وهي تغتنم هذه الفرصة لتعيد تنفسها إلى طبيعته ... وتبعد أفكارها عن ذلك الرجل المزعج في المطبخ .
وبعد أن جلسا إلى جانب المدفأة المضطرمة قالت له : " والآن أي خدمة تطلبها مني؟ "
فأجاب : " لقد تلقيت للتو مكالمة من انفرنيس من آني لو . لقد أصيبت بأزمة صحية وقد أخذت إلى مستشفى ريغمور . "
فهتفت نيرن وهي تنحني إلى الأمام بقلق : " أوه ، إنني جداً آسفة هل ستكون بخير؟"
فأجاب : " نعم ستصبح بخير ولكنني لا أظنها ستعود إلى منزلها في غلينكريغ لقد تحدثت مع الطبيب الذي عالجها فقال إنها لن تستطيع العناية بنفسها بعد الآن وهو سيبقيها في المستشفى عدة أيام ، لكي تنال قسطاً كاملاً من الراحة ثم بعد ذلك يرسلها إلى دار المسنين . انكِ تعرفين طبعاً انه كان عليها أن تدخل الدار منذ سنوات فهي قد قاربت التسعين من عمرها . "
فقالت : " ألم تقدم طلباً لحجز غرفة لها في الدار منذ سنة؟ أذكر أنهم أعطوها غرفة؟"
فأجاب : " نعم ولكن بعد وفاة هوغ و هازيل ، كان عليها أن تعتني بكيلتي فألغت الحجز وقد حاولت أنا في ذلك الحين أن أجنبها تلك الوصاية على الصبي ولكن كان البديل لذلك أن يرسل كيلتي إلى دار رعاية الأطفال فلم تقبل هي بذلك وطبعاً العناية بغلام مراهق لامرأة في سنها هو أكثر مما يمكنها احتماله . "
فقالت : " طبعاً إن دار المسنين سيكون أفضل مكان لها ولكن ماذا سيحدث لكيلتي الآن؟ فهو ليس لديه من يرعاه ؟ آه كم أتمنى لو أستطيع مد يد العون له بطريقة ما.."
فتنحنح الطبيب ثم قال : " إن لدي فكرة يا نيرن ... وأنا لا أريد منك أن تعطيني جواباً الآن لأنني أعلم أن هذا الأمر يتطلب منك تفكيراً طويلاً ... ولكن ..."
وتردد..... وتساءلت هي عما يمكن أن يطلبه منها ....... فقالت تستحثه أن يتابع كلامه : " انك تعلم أنني أفعل أي شيء لأجل كيلتي فهو فتى رائع ومن أفضل الفتيان ."
فوقف الطبيب ووضع يديه في جيبي بنطلونه محدقاً في نيرن بنظرة ثابتة طويلة من خلف نظارتيه ثم رأت ابتسامة خفيفة على شفتيه وهو يقول برقة : " عزيزتي نيرن إنني أدرك تماماً مقدار الوحدة التي تعانيها منذ وفاة روري ومع أنني أعلم كم شغلت نفسك بالعمل ، ومقدار حب والديك وأختك وزوجها لك .. فهذا كله ليس كما لو كان لديك شخص يخصك أما ما أريد أن أقول دون أن أعرف كيف أتطرق إلى الأمر بلباقة هو .... هلا فكرت في حضانة الغلام؟ "
وأخذت نيرن تذرع غرفة الجلوس في الساعة العاشرة إلا خمس دقائق في انتظار عودة كيلتي ونظرت إلى الساعة الموضوعة على رف المدفأة للمرة العشرين كان الدكتور كوغيل قد تركها لتخبر الغلام بما حدث لعمته آني وعندما أخبرته بأن الغلام كان قد أقبل ليقيم عندها ، اتفقا على أن أفضل شيء يقومان به هو أن يتركاه حيث هو إلى أن يتقرر كل شيء .
ولكن ، ماذا كانت ستقرر هي؟ كانت تتساءل بقلق عن ذلك وهي تسير نحو النافذة العريضة تنظر منها وأزاحت الستارة الوردية الثقيلة حيث أخذت تنظر إلى الظلام في الخارج .
منذ أدلى الدكتور كوغيل باقتراحه هذا لم تستطع نيرن أن تفكر في أي شيء آخر لقد عادت إلى المطبخ حيث تبادلت أحاديث عادية مع ستروم وهما يتناولان العشاء كانت أثناءها شاردة الذهن ومن حسن حظها أنه وقف بعد تناوله الفنجان الثاني من القهوة قائلاً بأنه سيخرج ليتمشى قليلاً .
أما الأسئلة التي كانت تلح عليها قبل فترة عن سبب وجود هذا الرجل في قرية غلينكريغ هذه ونوع صلته بهازيل ، ولماذا لم يشأ أن يبيع كريجند ... كل هذه الأسئلة قد أصبحت تافهة أمام تركيز أفكارها على اقتراح الدكتور ذاك .
وتصاعدت خفاقات قلبها وهي تسمع صوت الباب الخارجي يفتح ثم يغلق فأسرعت إلى باب غرفة الجلوس وفتحته لترى أن القادم كان كيلتي كما توقعت .
قالت له باسمة : " أدخل إلى هنا لقد كنت بانتظارك. "
فقال : " إنني لم أتأخر يا نيرن أليس كـــــــــــذلك؟ "
ولم يكن يرتدي سترة فوق تنورته السوداء وقميصه المقفل ومع ذلك لم يكن يبدو عليه أنه يشعر بالبرد فانحنى يخلع حذاءه ، وعندما دخل إلى غرفة الجلوس لم تحدث قدماه المرتدتين جورباً ، صوتاً على السجادة وعبقت في أنفها رائحة تبغ تفوح منه.
وقالت تسأله : " أتريد كوباً من الحليب؟ "
فقال لها : " كلا أشكرك لقد تناولت لتوي كوباً من الكاكاو. "
وبينما جلست نيرن على ذراع الأريكة ، جلس هو على كرسي ذي ذراعين وقد مد ساقيه أمامه و تنورته على ركبتيه واضعاً يديه على فخذيه ثم سألها : " هل أردتِ أن تتحدثي إلى عن شيء ما؟ "
فأجابت : " نعم . "
ذلك أنها عندما التقت عيناها بعينيه الصريحتين الذكيتين ، فكرت بأن لا فائدة من المداورة حول الموضوع ولأفضل أن تبدأ بإخباره بالأسوأ ومن ثم تنتهي من الأمر وتابعت تقول : " لقد جاء إلى هنا الدكتور كوغيل عند العشاء . لقد أصيبت عمتك آني بنوبة وأخذوها إلى مستشفى ريغمور . "
فقفز كيلتي واقفاً وهو يقول : " أتراها ستشفى؟ "
كان يزدرد ريقه بصعوبة بينما تصاعد الاحمرار إلى وجنتيه وتابع يقول : " أيمكننا الذهاب لرؤيتها؟ "
فأجابت : " إنها ستشفى . "
وكان صوتها مطمئناً قدر استطاعتها وتابعت تقول : " ولكن ليس بإمكاننا رؤيتها قبل بضعة أيام إذ أنه من المفروض أن تنال راحة كاملة ثم يعيدونها بعد ذلك بسيارة الإسعاف ... "
فقال : " إذن ، علي أن أذهب قبل ذلك إلى بيتها ، إنني أريد أن أطمئن إلى أن كل شيء في البيت على ما يرام قبل عودتها . علي أن اشتري شيئاً من الخبز والحليب والــ .... "
فقاطعته قائلة : " انك لن تعتني بها يا كيلتي ، فهم سيأخذونها إلى دار المسنين . "
وساد صمت ، أخذ الغلام أثناءه يستوعب هذه المعلومات وما أن أوشكت على الكلام مرة أخرى ، حتى رأت كتفيه المتصلبتين تسترخيان قليلاً ، ثم يقول بهدوء : " إن هذا حسن . أعني أن تجد مكاناً في دار المسنين . "
ونظر إلى نار المدفأة . ورأت نيرن الدموع تتألق في عينيه وهو يتابع قائلاً : " لقد كان من الكثير عليها أن تعتني بي ولكنها لم تكن تستمع ألي والآن ستجد هي من يعتني بها. "
وتدفقت مشاعر نيرن . كان واضحاً أنه لم يفكر مقدار ذرة في مأزقه هو في أن تغيير وضع عمته يعني تغيير وضعه هو أيضاً وهو تغير قد يؤدي إلى انقلاب عنيف آخر في حياته .
وعندما نظرت إليه ، وإلى الشجاعة التي أراد أن يظهرها في طريقته الشاذة في ملابسه وإلى الضعف الصبياني في وجه الفتي الذي كان يظهر عليه الآن بجلاء مظاهر الألم الذي عاناه في حياته عند ذلك عرفت ما عليها أن تفعل عرفت ماذا تريد أن تفعل .
وما أن قررت أمرها ، حتى شعرت بعبء ثقيل ينزاح عن قلبها وشعرت بارتياح لم تشعر به منذ شهور كثيرة . وقفت تنظر إليه وهي تشبك يديها معاً بشدة ودهشت وهي ترى راحتيها تنضحان عرقاً ولكنها تساءلت عن الغرابة في ذلك ... وهل في كل يوم تتخذ المرأة قراراً خطيراً مثل هذا؟ ولكن ماذا سيكون رأي كيلتي في ذلك؟
رفع كيلتي تنورته إلى خصره وهو يقول : " أظن من الأفضل أن أذهب إلى سريري يا نيرن . "
ولكن التنورة سرعان ما انزلقت إلى وركيه مرة أخرى وتابع يقول : " بالمناسبة لقد قررت الكف عن التدخين إنني أعرف أنكِ لا تحبينه وأنا لا أريدك أن تقلقي خوفاً من أن أشعل النار في برواش وقد رميت آخر سيكارة خارجاً قبل دخولي ."
فقالت : " ما رأيك في البقاء هنا يا كيلتي؟ "
وحالما انطلقت الكلمات من فمها شعرت نيرن بأن الغلام قد انتابه التوتر مرة أخرى فتابعت تقول : " وأنا لا أعني أن تبقى في الغرفة الصغيرة على السطح ولو أن لا بأس بها مؤقتاً ما دمت تريد ذلك ، كلا بل أعني أن تعيش هنا في برواش ما دامت عمتك آني ستدخل دار المسنين . "
فسألها قائلاً وقد بدا الحذر في عينيه : " هل تعنين بصفة دائمة؟ مثل ... أحد المستأجرين عندك؟ "
فضحكت بصوت مرتجف وهي تقول : " كلا ، آه .... "
ما كان لها أن تضحك فقد تجمدت عينا الغلام كما تصلب جسمه فقد ظن أنه نطق بحماقة ما أو بدا وقحاً وبسرعة تابعت تقول : " إن دكتور كوغيل يرى أن فكرة الحضانة هي فكرة حسنة وهذا أفضل من إرسالك إلى دار العناية إن بإمكانك أن تعيش معي وسيكون ذلك بإجراء قانوني ، فيكون كل شيء شرعياً ..."
فانحنى وأخذ يسوي ثنية جوربيه ومع سرعته في الحركة فقد تمكنت نيرن من أن ترى اللمعان في عينيه فلم تدهش وهي تراه يقف منتصباً وهو يقول : " هل فكرتِ في الأمر يا نيرن؟ هل هذا ما تريدينه أنتِ حقاً؟ "
فأجابت باسمة : " نعم ."
كانت تعلم بأنها قد صنعت القرار الصحيح وتابعت تقول : " هل تظن أن بإمكاننا القيام بالتجربة؟ "
وقبل أن يجيب تناهى إلى مسامعهما صوت فتح الباب الخارجي يقتحم فيض المشاعر التي شملتهما ورأت عينيه تغيمان ويتصلب ظهره . ما أسوأ هذا التوقيت وداخلت نيرن الخيبة . لماذا لم يبق ستروم غالبريث في الخارج عشر دقائق أخرى؟ ربما سيصعد إلى غرفته مباشرة ...
ولكنه لم يفعل وبينما كانت وكيلتي واقفين يستمعان ، فتح باب غرفة الجلوس ودخل منه ستروم وبدا عليه عدم الانتباه إلى التوتر الذي كان يسود الجو وهو يسير مباشرة نحو المدفأة قائلاً : " إنها ليلة باردة حتى بالنسبة إلى شهر شباط ( فبراير)"
قال كيلتي : " إنني صاعد إلى غرفتي يا نيرن وشكراً لإخباري عن عمتي . " وألقى نظرة قصيرة على ستروم قبل أن يستدير مرة أخرى إلى نيرن قائلاً : " وبالنسبة إلى ما كنا نتحدث عنه ، أظنها فكرة عظيمة وليس عندي خيار آخر ، أليس كذلك؟ وبعد أن مات أمي و أبي ودخلت عمتي الدار لم يبق لي أقرباء ليعتنوا بي وسأشعر بالفخر إذا اعتبرتني بمثابة ولدك . "
ولأول مرة في حياته عانق نيرن كان عناقاً سريعاً غريباً وكانت رائحة التبغ تفوح من قميصه المقفل ثم ذهب ولكن حداثته وضعفه مسا قلبها .
كانت تعرف أن هذا الأمر سينجح لأنهما كانا يودانه هما الاثنان . ولم تستطع أن تصبر عن إخبار كيلا . وفي نفس الوقت قررت بعد أن اغلق باب غرفة الجلوس وبقيت بمفردها مع ستروم غالبريث شعرت بأنها تريد أن تشارك أحداً بأخبارها وتحتفل بالمناسبة فليس في كل يوم يتيسر لامرأة أن تصبح أماً ....
واستدارت نحوه تقول ببشاشة : " هل تريد أن تتناول معي فنجان قهوة؟ فقد حدثت هذه الليلة أشياء كثيرة . "
فقال بصوت أجش وكانت عيناه قاتمتين غامضتين بعثتا قشعريرة في جسد نيرن : " لقد سمعت ، انكِ سترعين الغلام أتظنين أنه قرار حكيم؟ "
أذهلها قوله وما لبثت أن قالت بحزم : " نعم إنني متأكدة من أنه قرار حكيم ، إن كيلتي بحاجة آلي ... وأنا بحاجة إليه .. ونحن الاثنين من القوة بحيث نعترف بذلك فليس ثمة من يرغب في العيش منعزلاً يا ستروم وأنا متأكدة من أنك تعرف هذا. "
وتنفست بعمق . لقد سبق وحدثت نفسها مراراً أنه مهماً كانت مشكلات ستروم غالبريث فهي ليست من شأنها وليس لها أن تدس أنفها في مالا يخصها ولكن شيئاً في أعماقها ، شيئاً لا تستطيع السيطرة عليه كان يدفعه إلى أن تحاول مساعدة هذا الرجل فتقدمت من المدفأة تضع مزيداً من الخشب ثم نفضت يديها على قفا بنطلونها الجينز لتقف بعد ذلك وتواجهه مرة أخرى ، قائلة : " ألم تعرف في حياتك قط ما معنى أن يحتاج أحد الآخرين؟ " وأضافت برقة قائلة : " أم أنك مصنوع من الصخر؟ "

 
 

 

عرض البوم صور كحيلة العين M  
قديم 08-05-08, 09:51 PM   المشاركة رقم: 135
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2008
العضوية: 73660
المشاركات: 299
الجنس أنثى
معدل التقييم: كحيلة العين M عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كحيلة العين M غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

آآآآآآآآآآآآآ سفة للجميع لن اكمل الرواية بدون ردودكم الرائعة
وين تفاعلكم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ مافي غير حبيبتي ملوكة وبس .......
لازم الكل يرد ولا ماراح اكمل ....... ههههههههههههههههههههههههههه

 
 

 

عرض البوم صور كحيلة العين M  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:26 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية