كاتب الموضوع :
الأمل الدائم
المنتدى :
الارشيف
الفصل الثالث:
تمر الأسابيع و"وولف" يزداد دهشة من السعادة التي يحسها كل يوم.
وكلما فكر في "بليندا" كان يتساءل أحيانا:
إن كانت ستتغير في يوم ما عواطفها نحوه؟ إنها صغيرة وليست لديها تجارب كثيرة في الحياة. وغالبا ما يحدث تغير عند أي شابة تبلغ سن العشرين وهو ما كان يقلقه وهو نفسه يقترب من الثلاثين.
نسيت "بليندا" شبه شقيقها ومتاعب الماضي. ولأول مرة في حياتها تفكر الشابة في إيجاد أصول لها وتقيم علاقات عائلية. كان "وولف" يملأ أيامها وكان يمثل كل شيء بالنسبة لها. وعندما يحدث لها أن تفكر في أنه قد يمل منها ويتحول إلى امرأة أخرى كانت تصارع مخاوفها وتحاول إلى امرأة أخرى كانت تصارع مخاوفها وتحاول أن تطردها من أفكارها.
لقد أقام كلاهما اتحادهما ببطء على أساس الفرحة وكانت شخصيتاهما تندمجان معا قليلا قليلا وبطريقة كاملة على أساس الحب. كانا يسبحان ويركبان القوارب ويقومان بنزهات طويلة دون أن يترك إي منهما الآخر. وبناء على إلحاح "وولف" المستمر اتصلت "بليندا" بجامعة لوس أنچيلوس" التي قلبت أوراق قيدها المدرسية.
ومن ناحيته كان "وولف" راضيا عن التصوير وكان مخرج الفيلم مسرورا من عمله وإن كان يستعجل الانتهاء من النص الذي كان مزدحما. كان يتخيل المستقبل عندما يعود هو و"بليندا" إلى كاليفورنيا. وأثناء قيامه بتمثيل وتصوير فيلم آخر تكون "بليندا" قد انتهت من الدبلوم وتبدأ حياتها المهنية دون أن يستبعد من ذلك كونها ستصبح أما وزوجة.
أما بالنسبة ل"بليندا" فقد كانت كل أيام الآحاد تتابع نشاطها البستاني وتقضي معظم الوقت مع "لوريث" حتى تستطيع أن تتقن لغتها الفرنسية استعدادا للدراسة في الجامعة. قالت الريفية الطيبة في يوم ما:
- أنت أكثر إشراقا من الوردة يا آنسة وأحب أن أسمعك وأنت تغنين. كانت الحياة جميلة ومرحة ولم تتصور "بليندا" أبدا أن أي ظل يمكن أن يشوب هذه اللوحة جميلة. ومع ذلك في مساء يوم مابعد أن انتهى "وولف" من تصوير آخر مشاهد الفيلم كان رجلان في انتظاره في مخرج الاستوديو. أعلن الأول وهو رجل قصير وبدين في الثلاثينات من عمره وأصلع.
- اسمي "هيكتور بليدسو" وأنا الوصي الشرعي ل"بليندا برونسكي" وهذا هو السيد ديزموند محامي. أنت تحاول أن تسلب مني أختي الغالية يا سيد " ويكفيلد" أضاف السيد "ديزموند" وهو يناوله ورقة أخرجها من حافظته.
- وهذا أمر رسمي وسليم.
قرأ "وولف" المستند بسرعة وهو يفكر بسرعة. هذه إذن النقطة السوداء في حياة "بليندا"؟ وتساءل.
الماذا اسم المدعو "هيكتور" بدا مألوفا لديه؟
قال موجها الكلام إلى المحامي:
- أنا في انتظار تفسيراتك.
تدخل "بليدسو":
- إن القانون يحمي الأشخاص أمثال "بليندا". وأنتم أيها الممثلون تعتقدون أنكم فوق القانون ولكنك مخطئ تماما.
أجاب "وولف" في هدوء وهو ينظر لمحدثه العدواني:
- لم أفكر أبدا في ذلك.
تساءل "وولف": ما الذي يبحث عنه بالضبط؟ إن غريزته تحذره أن ذلك المخلوق لم يأت إلى هنا إلا للأضرار بها سأله فجأة مما جعل المدعو "هيكتور" يجفل:
- ماذا تريد؟
- إن السيد "بليدسو" يريد أن يقول...
قاطعه "بليدسو".
- أنا كبير بما يكفي أن أعبر عما أريد بمفردي. إن هذا الأمر يعني ببساطة أن تترك أختي في حالها.
قرأ "وولف" المستند مرة ثانية بسرعة. قال بصوت منخفض وإن كان باردا كالثلج:
- إذا ما قرأت هذا المستند بعناية فإنني أفهم أن "بليندا" هي شبه أخت لك يا "بليدسو".
رد الثاني بوقاحة:
- لايهم. إنك لن ترى "بليندا" بعد اليوم. وكما هو مكتوب في وصية زوج أمي فهي تحت وصايتي و...
قاطعه "وولف" بجفاء:
- أريد نسخة من هذا المستند من أجل محامي أنا أيضا ومن وجهة نظري فإن جدلك القانوني لا يساوي شيئا يا سيد "بليدسو".
ألأقى في وجهه الورقة باحتقار بينما بدأت عينا السيد "ديزموند" تدوران في محجريهما, صاح "بليدسو" وهو يوشك أن يختنق:
- لا تحاول أن تخدعني واترك أختي في حالها بعيدة عن حركاتك ولا مجال لأن تجعلها عشيقتك و...
لم تتح له فرصة إتمام جملته. فقد تلقى قبضة "وولف" بصوت منخفض:
- نصيحة مفيدة يا "بليدسو" لا تقل هذه الكلمة أبدا عن "بليندا".
نبح التعس كالكلب وهو يقف بصعوبة:
- سأشكوك أمام القضاء
قص "وولف" كل شيء على "بليندا" في المساء. قالت معلقة بلهجة المنكوبة:
- هذه هي طريقة "هيكتور" وتابعه "ديزموند" لقد طارداني حتى هنا ليعيداني إلى نيويورك بالقوة ورغما عني ولكني لن أذهب أبدا.. أنا أحبك يا "وولف"
ألقت بنفسها بين ذراعيه فقال لها:
- وأنا أيضا أحبك ياحمامتي الصغيرة.
- إذن تزوجني ولن يستطيع "هيكتور" أن يفعل شيئا.
- آه لو علمت كم أرغب في ذلك يا عزيزتي! بل إنني فكرت في الأيام الأخيرة ولكنك لازلت صغيرة.
انفجرت الفضيحة في صحافة الفضائح في إنجلترا وفرنسا وعرفت "بليندا" أن مستقبل "وولف" المهني يتعرض للخطر وربما ستقضي عليه نهائيا. أما هو فلم يكن مع رأيها وأخذ يطمئنها.
تذكرت الشابة كل أحاديثهما حول أدواره وعن خياراته وأماله. لم يكن "وولف" ليعيش إلا من أجل مهنته. وكانت تشاهد البريق الجياش الذي يضيء عينيه عندما يتناقشان عن فنه. لم يكن هناك ما يبرر أن يتعرض كل هذا للخطر بسبب حياته الخاصة ولكن الجمهور والوسط السينمائي كانا هوائيين ولا أمان لهما. فيمكن أن يرفعا هذا النجم إلى السماء و الشهرة في يوم في الصباح ويخسفان به الأرض في مساء نفس اليوم. كانت تغلي وهي تفكر في كل الاحتمالات.
كانت كل طبعة أسوأ من السابقة مما زاد كربها وكان من هذه التعليقات:
النجم الصاعد"وولف ويكفيلد" في السينما الأمريكية يخدع فتاة قاصرة ليجعل منها "لوليتا" في الواقع.
قالت "بليندا" ل"وولف" بعد أسبوع من النشر المتكرر.
- لست مثل " لوليتا" الفتاة المراهقة التي أحبت كهلا فأنا أدفع فواتيري بنفسي ولست قاصرة فلماذا لا يقولون هذا أيضا؟
دست وجهها في صدره يائسة.قال يطمئنها:
- اهدئي.. هذه الإشاعة ستموت من نفسها وأنا واثق بذلك وسنكون في الولايات المتحدة بعد أيام وكل شيء سينسى.
ردت في أمل:
- الحق معك.. لنرحل بأسرع مايمكن.
أحست وهي معه بالأمان والحماية من عالم جارح به أمثال "هيكتور" ومناوراته الدنيئة. إن "وولف" يحبها وهي تحبه أيضا وسيتزوجان وستصبح أجمل حياة في العالم. ولاشيء يمكن أن ينزع منها حب "وولف".. عدا الزيارة التي. لم يراع ذلك البائس أصول الأدب وهو يقول لها من بين أسنانه:
- أتظنين حقا أنك تستطيعين أن تعيشي إلى مالا نهاية بدون شعور بالمسؤولية؟ إنك لن تلمسي ميراثك إلا بعد سنتين كما تنص وصية والديك على ذلك. وبصفتي الوصي يمكنني أن ألجا إلى المحكمة لتجبرك على أن تكفي عن التشرد وأن تعودي إلى البيت.
- في كل مرة تفتح فيها فمك الكريه يا "هيكتور" تتحدث عن المال. لقد حاولت دائما أن تسرق مني ميراثي ولكنك لن تحصل عليه أبدا. أما بالنسبة لأموال التأمين وبقية ميراثي فإنها بعيدة عن مخالبك.
كانت تتلذذ وهي تقول له ذلك قال "هيكتور":
- إذا كنت قد اتصلت بـ"بروكسي" فإن ذلك لم يكن إلا من أجل أن أطلب منه قرضا ليغطي استثمار أود أن أعمله من أجلنا أنا وأنت لأنك لم تنسي طبعا أنك ستتزوجينني.
قالت الشابة بصوت حاد كالسياط:
- لا أريد الزواج ولا الاستثمار ولا أي شيء وأرفض المناقشة في ذلك وأنا كبيرة بما يكفي , أنا أعرف ما أريد وأعرف كيف أحصل عليه سأبقى مع "وولف".
سألها "هيكتور" بنظرة تهديد:
- هل ستدمرين مهنته؟
- هذا غير صحيح تماما. ولقد قال لي ذلك بنفسه:
- حقا؟ إنهم يشيعون أنه فقد الدور الرئيسي في فيلم "الحب المجنون" وأنهم اختاروا ممثلا آخر لدور "أوراجان" ألا تعرفين ذلك؟
- أنت تكذب.
- لا. على الإطلاق. اتصلي بوكيل أعماله إذا أردت أن تعرفي. أو الأفضل اقرئي آخر الأخبار في هذه المجلة الإيطالية. إن صديقك ينهار يا صغيرتي المسكينة.
رغم أنها لم تستطع أن تترجم - بالضبط – التعليقات باللغة الإيطالية. فإن الشابة استطاعت أن تفهم ما يؤكد كلام "هيكتور". وفي نفس المساء أطلعت "وولف" على المجلة التي تركها شبه أخيها في نهاية زيارته, ولكن "وولف" هز كتفيه بلا اكتراث و ألقى بالمجلة في سلة المهملات.
- إن هذه الأدوار يسعى إليها ممثلون آخرون موهوبون يا "بليندا" أشخاص يريدونها و يعلمون جادين للحصول عليها. نحن جميعا نتنافس على الأفلام ولهذا السبب فسخت هذه العقود ولا صلة لذلك بمجلات الفضائح.
كان كل ما تتمناه "بليندا" هو أن تصدقه ولكن كلمات "هيكتور" أخذت تطارد فكرها. وكذلك عندما وقعت يدها على صحيفة أمريكية مرغت في الوحل سمعة "وولف" وعمله. طلبت شبه أخيها في التليفون وعلق "هيكتور" في النهاية قائلا في لهجة أبوية:
- الحق معك إذا رغبت في الخروج أخيرا من هذا المأزق الذي لاحل له.
- أبعد عن هذا كله يا "هيكتور" ولا أريد بأي حال من الأحوال أن أجدك في طريقي.
- ولكن...
- لقد سمعتني جيدا وسأتحول إليك إذا اقتضى الأمر ولكن لن أدع لك فرصة النجاة.. وداعا للأبد.
عاملت "بليندا" "وولفر" في تلك الليلة بمنتهى الحنان قال لها دون أن يخفي فرحته:
- إنني أعبد هذا.. إنني أحبك إلى مالانهاية.
ردت عليه بصوت خفيض مشوب بالجدية:
- سأكون لك للأبد.
طار "وولف" على جناحي العاطفة الجياشة. وفي الصباح عندما حان وقت رحيل "وولف" لآخر تسجيل صوتي أحس بأنه موضع حمى عاطفية من جانبها فزادت سعادته ونظر إلى عينيها بعمق:
- سنرحل إلى "كاليفورنيا" بعد يومين يا عزيزتي وهناك سيكون كل الوقت لنا بمفردنا.
- إلى اللقاء يا "وولف" وتمتع بنهار سعيد.
تساءل: ما هذه التحية الفاترة؟ راقبته وهو يبتعد بالسيارة, تسلحت بكل شجاعتها وكتبت كلمة موجهة إلى "وولف" وتركتها على الوسادة. ودون أن تودع "لوريث" انتظرتها حتى رحلت إلى السوق لتترك بدورها الفيلا واستأجرت دراجة لتهبط إلى القرية. ومن هناك قفزت داخل أتوبيس نقلها إلى مطار "نيس".
اشترت الشابة تذكرة لم تستعملها وقبل أن تدخل دورة المياه أخفت شعرها تحت القبعة وارتدت چينزا حائل اللون وقميص قطن وبدت في مظهر الصبي حيث ذهبت إلى محطة سكك حديد المدينة.
ما إن وقفت أمام شباك التذاكر حتى حجزت تذكرة للأكسبريس الذاهب إلى "باريس" تحت اسم مستعار لرجل.
نهاية الفصل الثالث....
الفصل الرابع.....
حلت بشائر الخريف محل الصيف. كان هواء "مانهاتن" يشوبه بعض البرودة وإن كان لطيفا نسبيا. سار "وولف" على قدميه حتى نهاية الشارع السابع نحو مطعم "جرينوتش" حيث حدد له وكيل أعماله موعدا.
إنه سيتأخر قليلا على إفطار العمل المحدد له هذا الصباح ولكن الهواء المنعش طرد ما كان يشعر به من اعتلال في المزاج أثناء الليل.
بعد أن قضى ليلة في قراءة نص. كانت صورة "بليندا" لا تزال تتردد على أحلامه كما يحدث باستمرار منذ عشر سنوات لم يرها فيها. حمد الله أن ذلك بدأ يحدث أقل فاقل وكان دائما يحس بالتمزق خاصة في اللحظات التي سيقابل فيها ممولي أي فلم جديد سيلعب بطولته. كان وكيل أعماله يذرع الرصيف ذهابا وإيابا عندما ظهر "وولف" على مرأى من المطعم. قال بمرح:
- مرحبا يا "وليام"
أجاب الأخير وهو ينظر إليه في لوم:
- إنني أنتظرك من ساعات! لقد غير الممولون مكان الموعد ويجب أن نقابلهم في مكاتبهم.
قال "وولف" بغيظ:
- وماذا أيضا ؟ من يظن هؤلاء أنفسهم ؟
رد "وليام" وهو يسحبه نحو سيارته التي تقف بعيدا:
- لا تبالغ في الأمر.
- أنت تعلم جيدا أنني لا أحب أن تجرني يمينا ويسارا. اعتمد علي وسأقول لهم ذلك.
فضل "وليام" ألا يرد. وأنزلهما السائق أمام أحد المباني التي ترتفع نحو السماء وتلمع من الزجاج والصلب.
علق" وليام" وهما يعبران البهو نحو المصاعد:
- إنهم يشغلون الطوابق الثلاثة الأخيرة.
أحس بأن "وولف" متردد وقد بدا عليه الغضب فقال:
- أسمع! أعرف تماما أنك مشدود الأعصاب جدا:
و أنت تحاول موازنة تكاليف الفيلم ولكن لقاء اليوم هو أفضل العروض المتاحة وعلى أية حال أنت الذي طلبت مني ترتيب هذا اللقاء.
زفر "وولف".
- هذا صحيح.. هيا بنا.
خلال دقائق نقلهما المصعد إلى إدارة شركة "ليندا" العالمية لمستحضرات التجميل‘ أعطى "وولف" اسمه - وهو لا يزال عصبيا - إلى فتاة الاستقبال التي أوشكت أن يغشى عليها عندما رأته أمامها ثم تماسكت لتذهب كي تفتح بابا مزدوجا معلقا عليه لافته: الإدارة.
صاح "وليام" وهو يتقدم "وولف" نحو امرأة بدا ظلها واضحا ضد الشمس التي نفذت أشعتها من النافذة التي بطول الجدار خلف الكتب:
- آه هاهي ذي! " لندا" أقدم لك "وولف ويكفيلد"
"وولف"! أقدم لك "ليندا" من شركة "ليندا" العالمية لمستحضرات التجميل.
ابتعدت السيدة من أمام النافذة واستطاع "وولف" أن يتعرف عليها أخيرا: "بليندا" ! أصيب با لشلل أو أصبح كمن أصابته صاعقة. كانت تشغل فكره من سنوات وظن أنه مصاب با لهلوسة.
سأل "وليام" في قلق :
- "وولف" ! هل كل شيء على مايرام ؟
أجاب الأخير بعد أن أرسلت له المرأة ابتسامة هادئة:
- كل شيء على مايرام.
كانت "بليندا" تنتظر لقاءه. منذ اليوم الذي تركته فيه. كانت تتابع أخباره في مهنته وتكتب له مئات الخطابات التي لم ترسلها إليه أبدا. ورغم أنها كانت قد أعدت نفسها لهذه اللحظة إلا أنها فوجئت بالانقباض الشديد بداخلها عندما رأته وعندما نظر إليها. لقد أحتفظ "وولف" بكل قوته وسحره.
أحست بالعرق يبلل بشرتها وأن قلبها يتضخم وبذلت "بليندا" كل مافي وسعها حتى تتمالك نفسها.
همس "وليام" بينما نظراته الدهشة تنتقل بينهما:
- قل أي شيء يا "وولف" !
قالت "بليندا" وهي تبتسم ابتسامة حاولت أن تكون ابتسامة سيدة الأعمال:
- نعم.. قل أي شيء.. لقد مر وقت طويل.. أليس كذلك؟
صاح "وليام" متسائلا :
- هل يعرف كل منكما الآخر؟
قال "وولف" بصوت مشوب بالتهكم اللاذع :
- أنا والآنسة "بليندا برونسكي" تعارفنا من سنوات عندما كانت لاتزال... طفلة.
إنه لايصدق عينيه ولكنها فعلا أمامه تلك الفتاة الصغيرة الوباء التي قابلها في "نيس" وقد تحولت إلى هذه المخلوقة الرائعة الناعمة كالحرير والراقية.
أجابت السيدة:
- الإنسان لايكون طفلا في سن التاسعة عشرة يا "وولف" ثم إنني من الآن فصاعدا اسمي "ليندا".
أحست بأنها تتطوح. لقد صعقها "وولف" منذ لحظة دخوله ولكنها كانت واثقة بأن ذلك نفس ما حدث له. لقد أصبح مفتونا. غرست "بليندا" أظافرها في راحة يدها لتحافظ على مظهرها. قالت وهي تشير إلى باب موجهة الحديث إلى "وليام" :
- سنجتمع في القاعة المجاورة.
فتح "وليام" الباب وتركهما بمفردهما. ساد صمت أخذ كل منهما أثناءه يتأمل الآخر وكأنهما مصارعان على وشك الاشتباك. همست "بليندا" أخيرا:
- كيف حالك يا "وولف" ؟
لقد بدأ أمامها أكثر لمعانا من قبل وفي منتهى الملاحة والقوة.. تلك القوة التي لدى الفهد ولكنه متحكم فيها رد عليها وهو يكتشف فيها تلك الرقة التي احتفظ بذكراها من عشر سنوات:
- في أحسن حال في العالم.
كانت "بليندا" لازالت تحتفظ بوجه الصبية المليحة ولكن بدلا من الضحك والمرح وعدم الاكتراث والبساطة حل نوع من التباعد والتحفظ. ولكن "بليندا" ظلت كما هي فاتنة وشديدة الجمال. ولكن هل اختفت رقتها السابقة لتحل محلها الجدية والسلوك الهجومي؟
- إذن أنت تملكين شركة "ليندا" الدولية لمستحضرات التجميل؟
- نعم..أنا بمفردي ودون شبه أخي وهذا هو المهم.
- وكيف وصلت إلى هذا؟
أجابت بابتسامة أظهرت غمازتيها مما جعل "وولف" يكتوي بنار الذكريات.
- بقوة الإصرار والعزيمة..ومرحبا بك إذن في الإدارة العامة لشركتنا.
- ويالها من إدارة عامة! بصراحة لقد تأثرت كثيرا أعتقد أن هذا هو هدف تغيير مكان اللقاء؟
أخذ يتأملها بوقاحة من رأسها لأخمص قدميها وهو راض داخليا عندما لاحظ احمرار وجهها أمام عملية الفحص. قالت المرأة وهي متوترة من وقاحته:
- نحن نعمل دائما على التأثير على عملائنا. على أية حال فأنت ستعمل معنا..أليس كذلك ؟
- ليست لدي أي فكرة ‘ إنني سأوقع معك يا "بليندا". ولماذا اهتمامك بفيلمي ريح الجنوب؟
قالت بجفاء:
- إن شركتنا معروف عنها دقتها في اختيار مواد استثماراتها.
أجاب "وولف" دون أن يتخلى عن تهكمه الساخر:
- هذا أفضل. إنني أقدر دائما الجبابرة.
في هذه الحالة سنؤدي عملا طيبا معا..لننضم إلى الآخرين الآن إذا سمحت.
سار "وولف" خطوة بخطوة معها إلى صالة الاجتماعات وكان فستانها الحريري يحدد تفاصيل جسدها بينما ارتجفت "بليندا" وهي تحس بنظراته المركزة عليها.
تمت عملية التعارف في قاعة الاجتماعات بسرعة بين المحامين. وعندما استعدت الشابة للجلوس على رأس المائدة أحست بأنفاسه في عنقها والذي سحب مقعدا لتجلس عليه.
بدأ الجميع يتناولون الإفطار وهم يتحدثون عن العمل. التهم "وولف" فطيرتي كرواسان وثلاثة أقداح من القهوة بغير سكر وهو يجيب على الأسئلة التي طرحت عليه. ولكنه وإن بدا أنه يراقب الجميع إلا أن نظره كان مركزا على "بليندا" ‘ التي تعمدت أن توجه الحديث للجميع سواه. وبعد ساعتين انقضى اجتماع العمل.
|