لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-04-08, 05:20 PM   المشاركة رقم: 76
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 70240
المشاركات: 113
الجنس أنثى
معدل التقييم: الأمل الدائم عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 28

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الأمل الدائم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
Congrats التكمله

 

الفصل السابع : رقص الأقنعة



عند السابعة إلا ربعا بالضبط قرع جرس الباب.
- رجال الأعمال دقيقون في مواعيدهم كما هي حالهم بالنسبة إلى أي شيء آخر.
تمتمت موللي بذلك و هي تسير إلى الباب لتفتحه. وعندما رأت نك حبست أنفاسها.ظهر ذلك اليوم بدا لها وسيما بما يكفي لتعود إليها شهيتها للطعام.أما الآن فهي تعلم لماذا تريد النساء أن يرتدي الرجال ملابس السهرة.إنها تسبغ عليهم روعة خلابة.سألها وهو يشملها بنظراته: "جاهزة؟"
ظنت نفسها قد رأت شعلة من اللهب في عينيه.
- تقريبا,أدخل و تعرف إلى جارتي شيلي.
قامت بواجب التعارف بسرعة شاعرة بالتسلية لرؤية الحذر على وجه نك و الارتياب على وجه شيلي.
سألها نك:" كانت الخطبة الزائفة فكرتك,أليس كذلك؟"
فأومأت:" لكنك أحدثت تغييرا.لم يكن في خطتي رجل."
- ما كان الأمر لينجح.
- وهل هذا سينجح؟ ماذا لو أن أحدا اكتشف الخدعة؟
- مادام الأمر في سبيل شفاء أمي فلا ضرر في ذلك.
فقالت موللي وهي تتناول معطفا خفيفا:" المعذرة. ليس لدي ما أقوله في هذا الأمر."
فقال نك لها بجمود:" هل نذهب؟"
فقالت شيلي:" استمتعا بوقتكما.ولا تنسي يا موللي ما قالته أمي."
ثم خرجت قبلهما و دخلت بابا في آخر الممشى. عندما اطمأنت موللي إلى أن بابها مقفل سألها نك عن آخر ما قالته شيلي. تصورت ملامحه إذا هي أخبرته فقالت:" لا شيء,مجرد نصيحة أم. هل هناك شيء علي أن أعرفه قبل أن نصل إلى هناك أم أن علي أن أبقى هاربة طوال الليل؟"
- سنجلس مع بعض الأصدقاء,آل بيترسن و آل هاربل.فأنا أعرف الرجلين منذ سنوات.زوجة تيم بيترسن هي زوجته الثانية و قد تزوجا منذ أشهر فقط أما بيتسي و باكستر هاربل فقد تزوجا منذ أيام الجامعة.
- هل عرفتهما في الجامعة؟
كانا قد وصلا إلى السيارة ففتح لها الباب لتصعد. و ارتجفت قليلا في برودة الليل فقد كان الضباب يغطي سان فرانسيسكو.وكانت أضواء الليل تبدو متألقة و جلس نك وراء المقود وما لبث أن اتجه بالسيارة إلى فندق "ريفال" حيث تقام الحفلة الخيرية الراقصة.
قالت تذكره:" كنا نتحدث عن أصدقائك وهل هما من أيام الجامعة."
- لا بل منذ الطفولة.
- هل كانا يعيشان في جوار منزلكم؟
- لا بل كنا نرى بعضنا البعض في مدرسة السيدة بورتر للرقص التي كانت أمي تصر على أن أحضرها كما يفعل الآخرون.
فتمتمت:" مدرسة للرقص؟"
- إياك أن تتفوهي بكلمة عن هذا أمام أحد!
فضحكت برقة:" سأتذكر هذا.إذا صديقاك القديمان متزوجان بينما أنت عازب؟"
- نعم
- و لم تتزوج قط؟
- لا
- ولن تتزوج على الإطلاق؟
بقي لحظة صامتا:" أتوقع ذلك يوما ما. وأنت؟"
- نعم إذا وجدت الرجل المناسب.
- وكيف تعرفين بأنه مناسب؟
- أرجو أن أعرف توأم روحي عندما يظهر.إذا أردت زواجا طويل الأمد على أن أحرص أن لا أقترف أي غلطة.
- لكن الطلاق سهل.
- ليس بالنسبة إلي.أنا سأتزوج بنية البقاء كذلك حتى أموت كوالدتي ووالديك. أمك مازالت تحب أباك كما تعلم.
لم يجب نك.و أدركت موللي أن حركة السير ليست السبب..فقد كانت خفيفة. وسرعان ما ركن السيارة في موقف الفندق.
خرجت من السيارة و انتظرت نك الذي أمسك بذراعها ثم دخلا الفندق. من الآن فصاعدا عليها أن تتذكر أنها خطيبة رجل بالغ الأهمية, و هي ترجو أن تتمكن من تأدية دورها ببراعة بحيث تخدع العالم و خصوا كارمن هيرناندز.
وجدا مائدتهما بسهولة و سرعان ما تعرف موللي إلى صديقي نك القديمين. أحبتهما و كذلك انسجمت مع زوجتيهما. و كانت انيسا زوجة تيم الثانية أصغر من الآخرين بسنوات حتى إنها اصغر من موللي. وكانت جميلة ودودا و تبدو كما تكهنت موللي في الثالثة و العشرين من العمر. هل كان تيم قد اجتاز أزمة منتصف العمر فاقتنى عروسا صغيرة دليلا على انتصاره؟ ونظرت إلى نك. ربمما انتظار الشريك المناسب هو أكثر عقلانية فهي لا تريد أبدا أن تحطم قلبها بالطلاق.
بعد تعارفهما هي و تيم قال هذا:" ليس من عادة نك أن يفاجئنا.لكنه فعل ذلك الان بالنسبة إليك.آخر مرة رأيته فيها كان يسير مع..."
و سكت فجأة و نظر إلى نك بما يشبه الذعر.فقال نك بسهولة:" كارمن! لا تخف لأن موللي تعرف كل شيء عن كارمن."
مالت نحوه و ابتسمت وهي تقول هامسة بإغراء:" كل شيء عنها؟"
ضحك الآخرون و اشتبكت عينا نك بعينيها. و للحظة شعرت موللي بأنهما وحدهما. ارتفعت يده و كأنه لم يستطع أن يقاوم ولامس خدها وأجاب:" مل الأشياء المهمة."
فقال باكستر :" آه, آه, لقد فتنته منذ الآن."
فقال نك و عيناه لا تفارقان عينيها:" بل سحرته."
كادت موللي تصدقه.حتما عندما يقع في غرام امرأة سيخلص لها طوال حياتها.يا لها من امرأة محظوظة!
ابتدأت الموسيقى فنهض نك و مد يده إلى موللي:" هل نرقص؟"
اعترض الآخرون قائلين إنهم يريدون أن يتعرفوا إلى موللي بشكل أفضل, لكنه ابتسم لهم ثم أخذها بيدها إلى حلبة الرقص. وقالت موللي وهو يأخذها بين ذراعيه:" في المرة التالية سأخبرهم بكل شيء مسبقا. فأنا أشعر و كأن علي أن أشرح قصة حياتي باستمرار."
قادها نك في الرقص بانسجام تام و كانا يتحركان على الأنغام بخيرة بالغة فقالت:" كلية الرقص فعلت فعلها حتما."
- التساؤل سيدوم تسعة أيام و بعد ذلك هذه الخطوبة سيطويها النسيان. لو أنني لم أوافق من قبل على الحضور لبقينا بعيدين. لكن القدوم من دونك سيشير الأقاويل في صفحة المحليات وهذا ستلحظه أمي على الفور.
- كانت تبدو أحسن اليوم.
- هذا صحيح و هذا سبب استمرارنا معا.
- مازلت أظن أننا إذا أخبرنها فستصاب بصدمة.
توقفت الموسيقى وعاد الاثنان إلى مائدتهما. وعندما اقتربا رأت موللي كارمن جالسة مكانها. تنفست بعمق استعدادا لمواجهة أخرى مع ( القنبلة الاسبانية) وقالت له:" صديقتك عنيدة و أنا أشهد لها بذلك.:
شعرت به يتوقف لحظة و قد بدا عليه الغضب تقريبا:" هذا أكثر من مجرد العناد."
- مرحبا يا حبيبي.
قالت له كارمن هذا وهي تبتسم بغرور. و نظرت إلى الآخرين حول المائدة متباهية بالأعين المنصبة عليها.
- قال لها نك:" لا أعتقد أن هذه طاولتك."
- و أنا لا أعتقد أنك مخطوب. إن ما يعنيه الواحد منا للآخر هو أكبر من أن يجعلك تغرق بحب امرأة أخرى خلال الأسابيع القليلة التي افترقنا فيها. إذا كنت تحاول إثارة غيرتي, فأنا اعترف بأنك نجحت في ذلك. والآن تخلص منها.
فقال تيم بنعومة:" آه, يا إلهي."
وقالت موللي وهي تمسك بذراعه و تضغط بصدرها عليه:"آه, يا حبيبي لا تصغ إليها.فأنا أحبك و قد خلقنا لبعضنا البعض فلا تدعها تأخذك مني يا حبيبي. لا أحتمل الحياة بدونك."
نظر إليها و كأنها فقدت صوابها ثم إذا به يأخذها بين ذراعيه و يعانقها بشدة حتى ذابت عظامها و أحست بالعالم بأسره يتلاشى من حولها لدرجة أنها نسيت مسألة التمثيلية ولم تشعر سوى بقوة هذا الرجل وجاذبيته و إثارته التي لا يمكن لها أن تنكرها. استمرت العناق طويلا طويلا و أخيرا ابتدأ يتضح لها العالم الخارجي فتأوهت بصوت ناعم.
وقف نك وهو يبتعد عنها ببطء و عيناه عليها:" هل يقنعكم هذا بأنني مأسور تماما؟"
مضت لحظة شعرت فيها موللي فيها بأنها أسيرة شعورين مختلفين : الأول هو أن نك يحبها حفا و قد أرى العالم ذلك و الثاني خطتهما الموضوعة لخداع الجميع بأي طريقة كانت.
قالت بتسي :" أنا مقتنعة."
و قالت أنيسا:" و أنا أيضا.أنت لم تعانقني قط بهذا الشكل يا تيم."
- لا أظن أن امرأة في العالم تلقت عناقا بهذه الطريقة يا حبيبتي."
حملقت فيهم كارمن ثم انتفضت واقفة و انطلقت مبتعدة كالعاصفة. صفق باكستر وهو يقول:" هذا حسن للغاية. بعض الناس لا يفهمون إلا أذا تلقوا ضربة على الرأس."
جلست موللي و حاولت أن تشترك معهم في مداعباتهم و مزاحهم لكن عقلها كان مركزا على ذلك العناق, و تساءلت متى تهدأ خفقات قلبها؟ لم تستطع أن تمنع نفسها من النظر إلى نك خلسة من تحت أجفانها. كان يتأملها و ابتسمت راجية أن تبدو حقا تلك الخطيبة الشغوف التي يريدها أن تمثلها. ما كانت تريده الآن هو العودة إلى شقتها و الابتعاد عن الأعين الفضولية و حقل الألغام الذي يتخلل الأحاديث... و بالأخص الابتعاد عن إغراء نك بايلي.
كانت تعلم أنها هي التي طلبت منه أن يتصرف كالمفتون. ولكن هل كان مضطرا إلى القيام بذلك بهذا الشكل الرائع؟ لن يكون بإمكانه أن يبعد نفسه عنها الآن بعد أن أقنع الجميع بأنهما غارقان في الحب. و إذا لم تتحكم في مشاعرها فسوف تفقد عقلها من دون شك و بالتالي قلبها.
سألتها نيسا:" ما هو مجال عملك يا موللي؟"
- أنا اعمل كمصممة فنون تخطيطية في شركة زنتك.
أجابت موللي بذلك مسرورة لتحويل ذهنها عن نك.فسألها باكستر: "زنتك؟ أليست هي إحدى الشركات التقنية القائمة في منطقة باي؟"
فأومأت بالإيجاب.
- كيف تعارفتما إذن؟
- عرفنا دوني ببعضنا البعض.
قال نك هذا و ذراعه ممتدة على ظهر كرسي موللي و أصابعه ترسم خطوطا على كتفها. لم تستطع موللي أن تركز على الحديث.فقد كان ذهنها منصرفا إلى ملامسات نك و ما تثيره فيها من احاسيس أليس لديه فكرة عما يفعله بها؟
سأله تيم:" متى موعد الزفاف؟"
فقالت موللي بسرعة :" لم نقرر بعد. والداي في رحلة بحرية و نريد أن ننتظر عودتهما قبل أن نقرر شيئا."
و سأل باكستر نك:" كيف حال أمك؟"
- إنها تتماثل للشفاء.شكرا.
فسألته بيتسي بابتسامة عريضة:" وهل هي سعيدة لأن ستتزوج؟" أرهن على أنها متلهفة لتصبح جدة."
نظرت موللي إلى نك وكادت تضحك لملامحه المذهولة.أكثر الناس يتوقعون أن ينجبوا أولادا بعد الزواج ولكن يبدو أن هذه الفكرة لم تخطر ببال نك قط.
فأجاب: "لم تقل هذا."
ابتدأ الندل يشقون طريقهم خلال الموائد يقدمون الطعام. ومالبثت الموسيقى أن تيرت فأصبحت ناعمة. وفي نهاية الوجبة أعلن عن مجموع التبرعات التي جمعت. وعندما انتهى التصفيق عزفت موسيقى أخرى فأمسك نك بيد موللي و أخذها إلى حلبة الرقص.
- الأمر يسير بشكل حسن أليس كذلك؟
قالت له و هما يرقصان على انغام الموسيقى الحالمة:" الجميع يظن أني اعبدك.أنا ممثلة عظيمة حقا و ربما كان علي أن أحترف التمثيل."
نظر إليها ثم شدد قليلا من احتضانها:" لا تغتري بنفسك فأنا أعرف هؤلاء الناس منذ وقت طويل."
- وما هو رأيك؟
- لست واثقا من أنهم اقتنعوا.
نظرت إلى المائدة و لكنها كانت خاوية فقد ذهب الآخرون هو أيضا إلى الرقص :" وكيف يمكنك أن تقول ذلك؟ لقد ظننوا ما بيننا حبا عاصفا."
- ربما صدقوا هذه الليلة و لكن عدم معرفتك بشقتي عندما ذكروا المشهد الذي تطل عليه أثار ارتياب تيم.
- لكن إذا عرفوا الحقيقة لن يخبروا أمك أليس كذلك؟
- بالطبع لن يذهب أحد إلى بيتها ليقرع الباب ليخبرها بأنني لست مخطوبا لكن الأخبار تنتشر. انظري إلى الوضع الذي نحن فيه.
- حسنا لم يكن لدي فكرة عن أن حفلة زنتك سيكون فيها مصورو
صحف أو سيكون لديهم أي اهتمام بخطوبتي الزائفة.كان على ابن خالتك أن يخبرني بشخصيتك الحقيقية بدلا من أن يعقد الاتفاقية.
- ربما كان يظن أنك سبق و عرفت ذلك.
- هل عدنا إلى ذلك مرة أخرى؟ صدقني يا نك بأنني لا أدري كيف تسير بك الأيام بكل هذه الشكوك التي تساورك.
و تبددت بهجة الرقص:" أريد أن أذهب إلى بيتي. لقد جئنا و رآنا الناس و أهانتنا عشيقتك السابقة و رأى أصدقاؤك عرض حبنا العميق الراسخ فما الذي يبقينا هنا؟"
فشدها إليه:" ولماذا العجلة؟ ألا تحبين الرقص؟"
- مع شخص يعجبني.
- ألست من تلك الفئة؟
هزت كتفيها و فجأة ابتسمت في عينيه مباشرة وهمست بحيث يسمعها وحده:" كارمن إلى يساري."
و بعد ذلك بلحظة قالت بصوت مرتفع:" يمكننا أن نذهب إلى شقتي يا حبيبي."
أدرك أنها قالت هذا لتسمعها كارمن التي لا بد تقترب منهما.لكنه اجفل وهو يدرك أنه يريد فعلا الذهاب إلى شقة موللي. لقد تعب من هذه الليللة و من التعامل مع الأفكار و المناورات... شقة موللي هادئة طبيعية غير متكلفة.
- فلنذهب إذن ونودعهم.
و بعد دقائق كانا في سيارة نك متجهين إلى الحي الصيني. استرخت موللي في مقعدها وهي لا تزال تترنم بآخر أغنية:" أمضينا جميعا وقتا طيبا."
سألها نك:"تبدين كدهوشة.أما كنت تتوقعين ذلك؟"
- لا كل ذلك في الحقيقة لم أتعوده.كنت خائفة من أن أقترف غلطة شنيعة و يشفق عليك جميع أصدقائك لخطبتك لي.
أحقا؟
ملأه ذلك بالفضول.لم يستطع أن يتصور أيا من النساء اللاتي عرفهن تفكر بهذا الشكل او تعترف به بصوت مرتفع.كلهن كن متحمسات للظهور معه و آخر ما كن يفكرن فيه آراء أصدقائه فيهن. عندما بقيت صامتة خطر بباله مدى الفضول الذي تثيره موللي في نفسه. مازال غير واثق من ان تعارفهما كان مصادقة تماما.لكنها لم تندفع لتستحوذ على انتباهه كما هو المفروض.كانت واثقة من نفسها بهدوء. تبدو راضية بحياتها كما هي. في الحقيقة لم تطلب شيئا قط. قطب نك حاجبيه... هذا غير معقول!
فالجميع يريد منه شيئا. لكنها رفضت حتى تعويضها عن إلغائها قضاء إجازة الأسبوع في المنتجع. للمرة الأولى ابتدأ نك يتساءل إن كانت تصرفات موللي حقيقية و ليست تمثيلا. هل يوجد نساء لا يخرجن مع رجل لهدف حقيقي؟
عندما اوقف نك السيارة قالت له:" أظنك مستعجلا للذهاب إلى بيتك؟"
- ادعيني إلى فنجان قهوة.
فنظرت إليه بدهشة.
- قهوة فقط؟
نزل يفتح لها باب السيارة. لم يكن لديه موعد هذه الليلة وموللي تبدو حلم كل رجل في هذا الثوب وهذه التسريحة. كان شعرها يتوسل ان يطلق سبيله لينهار على كتفيها و هاتان الكتفان المغطاتان الآن بمعطفها كانتا تجذبانه طوال السهرة.
عندما دخلا الشقة خلعت معطفها و ألقت به على كرسي, ثم سارت إلى المطبخ. فك ربطة عنقه و خلع سترته. لقد أصبح الجو حرا فجأة.
تبعها و اتكأ على الطاولة مشبكا ذراعيه على صدره بينما كانت هي تعد القهوة و كانت تنظر إليه من وقت لآخر. هل تشعر نحوه بنفس انجذابه نحوها؟ أم أنها لا تفكر إلا في التخلص منه؟
- يمكنك أن تنتظر في غرفة الجلوس.
- أتحاولين التخلص مني؟
واجهنه قائلة:" نعم أن توتر أعصابي."
تقدم منها وهي تتراجع حتى اصطدمت بحوض الغسيل فوضع يدا على كل جانب منها ثم مال إلى الأمام:" حقا؟"
بسطت راحتها على صدره فانتظر إن كانت ستدفعه عنها لكنها لم تفعل. وببطء مال إلى الأمام ليعانقها. لقد اشتاق إلى ضمها إليه.
- هذه ليست فكرة جيدة.
و تأوهت برقة و هي تغمض عينيها.كان عناقا رقيقا عذبا حنونا. قاطعهما أزيز غليان إبريق الماء فتركها ببطء رغم رغبته في المزيد. قالت:" اذهب إلى غرفة الجلوس و سأحضر القهوة إلى هناك."
أومأ وهو يغادر المطبخ الصغير. وعندما دخل الغرفة تذكر ما أخبرت به أمه عن طلائها. كانت الجدران عالية.إذا أرادت أن تفعل هذه مرة أخرى فهو يرجو أن تستخدم دهانا.
كان يفصل غرفة النوم عن غرفة الجلوس نصف جدار.أراد أن يصعد السلم ليرى غرفتها. هل لديها سرير مزدوج أم مفرد؟
صرف تلك الأفكار من ذهنه و أخذ يتأمل اللوحة الموضوعة بجانب النافذة. وتكهن بأنها تجسد" حديقة الشاي اليابانية" في الصباح الباكر
وكان الضباب يسبغ على المشهد سكونا وصفاء رائعين.لم يكن يعلم أنها موهوبة بهذا الشكل.
سألته:" هل تضع السكر في قهوتك."
فالتفت دون أن يبتعد عن اللوحة:" لا. هل لديك شار لهذه اللوحة؟"
سارت إليه تناوله الفنجان ثم هزت رأسها نفيا.
- من يدير اعمالك؟
- لدي بعض اللوحات في معرضين للفنون.معرض"بوكارد" في السوق و معرض " صامويل" عند المرفأ.
عاد ينظر إلى اللوحة :" سأشتري هذه."
رشفت موللي الشاي و تاملت الصورة ثم نظرت إلى نك بفضول: "لماذا؟"
- ماذا تعنين بقولك لماذا؟ أليست للبيع؟
- أظنني مدهوشة فقط, هذا كل شيء.
نظر إلى الصور المعلقة على الجدران متأملا كل منها.كانت الأولى تمثل مشهدا بحريا فيه تحد و جرأة و كان نك يشعر بمذاق الملح في الهواء. واللوحة التي بجانب الكرسي و المصباح كانت تمثل حديقة في الريف الإنكليزي فيها أزهار كثيرة و شاعرية بحيث تعجب النساء في كل مكان. أما الثالثة و هي قرب خزانة الكتب فقد كانت تمثل ناحية أخرى من حديقة " البوابة الذهبية" العامة حيث الأرض وفيرة العشب وتتنزه فيها الأسر و يلعب الأولاد.
التفت ينظر إليها:" لماذا تعملين في زنتك طالما كنت بإمكانك أن تكوني ثروة من الرسم؟"
فقالت:" زنتك هي الأساس."
- ستبيعينني هذه اللوحة؟
- بكل تأكيد . ذكرت له ثمنا رأه زهيدا بشكل سخيف, لكنه لم يساومها لرفع الثمن.إذا كان هذا هو الثمن الذي تطلبه فليكن.
جلست على الأريكة ثانية ساقيها تحتها. ووضعت كوب قهوتها على الطاولة ثم نظرت إليه:" لقد قرأت الورقة التي كتبها دوني عنك قبل أن أذهب لزيارة امك من باب الاحتياط. لكنه لم يدون أي هواية.هل تعمل طوال الوقت؟"
جلس بجانبها و كان من القرب منها بحيث توترت اعصابها.وضع فنجانه بجانب فنجانها ثم استند إلى الخلف على الوسائد:" ليس لدي وقت للهوايات إلا إذا اعتبرت الركض هواية.إنني احاول ان افعل ذلك بضع ساعات في الأسبوع.لكن فنادق ماغيللان تاخذ معظم وقتي.ليس الفندق الذي هنا فقط ولكن كل تلك الممتدة على طول الساحل.احيانا اظن نفسي أعيش في طائرة."
- هل تقرأ أثناء وجودك في الطائرة؟
- بكل تأكيد.التقارير الأوراق تحليلات السوق.لماذا تهتمين بذلك؟
- من باب الاحتياط فقط.
- الاحتياط؟
- ستسألني امك عن كل شيء اثناء وجودي معها و سوف تستغرب أذا كنت لا اعرف شيئا عن حياتك.أخبرتني عن نشأتك لكنها لم تخبرني عن مدرسة السيدة بورتر للرقص.
- تلك المعلومات ليست للتداول كما ان عليك ان لا تنشريها.
ضحكت فضاع عقل نك فمد يده إليها و سره ان جاءته طائعة.
لكنها لم تمنحه سوى عناق سريع ثم تراجعت عنه ملامسة خده بخفة و هي تنهض:" عليك أن تخرج."
فوقف بجانبها وهو يحيط عنقها بيده و يدنيها منه:" أو أبقى."
لكنها بقيت حازمة:" لا. لا يمكنك أن تبقى يا نك.إنها خطبة زائفة اتفقنا عليها فقط لمساعدة أمك على الشفاء وأنا لست من تلك الفتيات العابثات."
- وهل تظنين أنني أعبث مع أي امرأة؟
- يمكن لكارمن أن تجيب على هذا السؤال.
هزها برفق ثم تركها:" ربما لدي علاقة أو اثنتان في الماضي.هل تتوقعين مني في هذا العمر أن أكون راهبا؟"
- أنا لا أتوقع شيئا منك, ما عدا أن تغادر بيتي الآن.
سألها وهو يتناول سترته:" ماذا ستفعلين غدا؟"
- بعض الأعمال المنزلية لماذا؟
- أعمال منزلية؟
- الغسيل التنظيف وما شابه.أي شيء مفروض القيام به.
فقال :" امضي النهار معي.إذا سألتني أمي لا تريدينني أن أكذب أليس كذلك؟"
فضحكت:" كل هذه التمثيلية هي كذب في كذب ماذا لو أضفت كذبة جديدة؟"
- امضي النهار معي.
- ماذا ستفعل؟
كانت تعلم انه لا ينبغي لها ذلك لكن الإغراء كان قويا. إنها تريد أن تمضي معه مزيدا من الوقت قبل أن يفسخا خطبتهما.و إذا استمر شفاء أمه بهذه السرعة فسيكون عليهما الانفصال قريبا جدا قبل عودة والديها من رحلتهما بوقت طويل.
- ما تشائين.
- آه هذا شيء مغر للغاية
فأضاف بسرعة:" إنما بالمعقول."
- منذ متى لم تركب الترام؟
- ماذا؟
فابتسمت:" حسنا. هذه هي الاتفاقية.نتقابل في أول شارع لومبارد ثم نسير متجهين نحو المرفأ.يمكننا أن نتسكع هناك فترة ثم نركب "الترام" إلى المدينة الصينية حيث نتناول الغداء.هل فريق العمالقة يلعب غدا؟ يمكننا أن نذهب إلى الملعب و نتفرج على المباراة.أنا لست مجنونة بكرة القدم لكنني لا أمانع في التفرج على البيزبول سيكون ذلك رائعا غدا."
- يبدو و كأنها نزهة سياحية تتضمن كل الأماكن الجديرة بالمشاهدة في المدينة.
- لماذا يحصل السياح وحدهم على كل المتع؟ إننا نعيش عنا وعلينا أن نتمتع بكل تلك المشاهد الممتعة.
- الساعة العاشرة؟
- أول شارع لومبارد. أومأ برأسه ثم خرج. حدقت موللي في الباب لحظة طويلة و قد أذهلتها موافقته.لم تكن تتوقع ذلك.هل سيتمتع بيومه؟ تمنت ذلك و بالنسبة إليها يمكنها على الأقل أن تختزن ذكرى هذه النزهة معه لتستمتع بذكراها في سنواتها القادمة.

الفصل الثامن: القرصان:



في العاشرة بالضبط وصلت موللي إلى أول شارع لومبارد حيث كانت الأشجار وفي أوج إزهارها و ألوانها الزرقاء والوردية تزيد المشاهد الجميلة جمالا. كانت قد ربطت شعرها لتبعده عن وجهها إزاء هواء البحر.وكانت ترتدي بنطلون جينز فوقه و كنزة ناعمة و تساءلت عما سيلبس نك.ربما سروال الركض ذاك!
ضحكت لهذه الفكرة و أخذت تنظر إلى السيارات التي كانت تمر بقربها
نظرت إلى ساعتها.كانت تظن أن نك دقيق دوما في مواعيده فقد كانت الساعة اجتازت العاشرة بدقيقتين.
وقال من خلفها:" ركن السيارة هو معاناة في هذا المكان."
و عندما التفتت انحنى نك يعانقها وكأن ذلك شيء عادي.
- أنا اركب الترام وهذا يجنبني متاعب توقيف السيارة
- ألم يكن لديك يوما سيارة؟
فهزت رأسها:" ولماذا أزعج نفسي طالما أن المواصلات حولي سهلة للغاية؟ أأنت جاهز؟"
- هيا بنا. و شبك أصابعه بأصابعها ثم ابتدآ نهار الأحد معا.
أمسكت بيده مستمتعة بالتظاهر بأنهما خطيبان و أنها تخرج معه الآن لتكوين ذكريات سعيدة و مستمتعة بقضاء النهار معا. لم يحاول جاستين قط أن يبذل جهدا لأجلها غلا إذا ألحت هي بطلب شيء.كان كل وقتهما مكرسا من اجله هو.كيف أقنعت نفسها بأنها تشعر بأي شيء تجاه ذلك الرجل؟
- أنت لم تعترض حين اقترحت عليك الذهاب إلى مطعم صيني لتناول الغداء. هل تحب هذا النوع من الطعام؟
- أنسيت أن طاهيتنا صينية؟ أنها تعمل عند أمي منذ سنوات و كثيرا ما تطهي لنا طعاما صينيا. عندما كنت صغيرا كنت أحب أن أمضي وقت العاصر في المطبخ أراقبها وهي تطهي وكانت دوما تشركني معها في اختيار الطعام وهكذا كنت أبدأ بالعشاء باكرا.
- أنا أحبه أيضا و بإمكاني أن أتغدى طعاما صينيا يوميا إذا استطعت.لكن معظم زملائي في العمل لا يهتمون به إلى هذا الحد لذا لا آكله إلا مرة أو مرتين شهريا.
- وهل تحبين الطعام الياباني أيضا؟
و هكذا أخذا يتحدثان عن الطعام طوال سيرهما.
و عندما صعدا إلى التلال بدا الخليج الأزرق يمتد أمامهما و الأمواج المزبدة تلوح في الأفق. شعرت موللي بحر شديد وكانت يدها في يد نك فلم يصعب عليها مجاراته في السير خصوصا وهو غير مسرع في سيره. وأخيرا وصلا إلى المرفأ حيث احتشد الكثير من الناس و قد فتنها نك بطريقة حمايته لها إذ كان يبعدها عن طريق بعض المراهقين المشاكسين أو يمنع بنظرة واحدة بائعي الشوارع من إزعاجها. وتمنت لو بإمكانها أن تفوز بتلك النظرة. وفي الواقع تمنت لو بإمكانها أن تفوز بكل النهار, ذلك أنها كانت مستمتعة أكثر مما تتوقع بكثير.فقد كان وجودها مع نك شيئا بالغ البهجة.
لقد ذهب ثري الفنادق المتشكك ذاك ليحي محله رجل عادي راغب في تمضية يوم رائع برفقتها. لكنها عادت فذكرت نفسها بأن ذلك كله مجرد ادعاء. عندما تجاوزا معرض صامويل للفنون, توقف نك ثم عاد وهو يجذب موللي معه.
- أليس هذا أحد المعرضين اللذين يعرضان لوحاتك؟
- بلى. دهشت موللي لتذكره ذلك. وقبل أن تتمكن من قول أي شيء قادها معه إلى الداخل.
قال :" أريني"
أشارت إلى اليسار حيث كانت لوحاتها معروضة و اخذت تنظر إليه وهو يتامل كلا منها. لم تكشف ملامحه الجامدة عن شيء فأخذت تتساءل بقلق عما إذا كان عملها قد أعجبه أم انه يبحث عن طريقة يظهر فيها العكس بشكل مهذب.
نظر اليها :" إنها لوحات جميلة."
- شكرا.
- أعجبتني لوحة الزورق الشراعي بشكل خاص.
فابتسمت:" و أنا أيضا. بذلت محاولات كثيرة لكي أستطيع رسم البحر كما أريد."
اقترب البائع منهما متسائلا:" هل يمكنني المساعدة؟"
سحب نك محفظته و أخرج بطاقته الخاصة وناولها إلى البائع:" أريد أن أشتري هذه اللوحات."
قال هذا مشيرا إلى لوحات موللي. طرف الرجل بعينيه و هو يقرأ البطاقة ثم نظر إلى نك:" كل اللوحات؟"
- كل لوحات موللي ماغاير.
- ماذا؟ هل أنت مجنون يا نك؟ لا يمكنك أن تشتري كل اللوحات. هتفت موللي بهذا معترضة ذاهلة لمجرد الفكرة.
- لدي ثمانية فنادق فخمة و نحن نزينها بقطع فنية قيمة فلماذا لا يمكنني أن أضيف اللوحات إلى مجموعتنا؟
لم تعرف موللي ماذا تقول. إنها سبع لوحات و قد استغرق منها رسمها أكثر من سنتين. هل هو جاد في شرائها كلها لفنادقه؟
لماذا ينفق كل هذه النقود على تلك اللوحات لمجرد أنه يعرف من ريمها؟ لا بدا أن هناك غرضا خفيا لا تعرفه.
نقل البائع النظرات بين الاثنين لا يعرف ما عليه أن يفعل و كادت تبتسم لحيرته هذه لأنه لم يحدث قط أن اشترى رجل سبع لوحات مرة واحدة... خصوصا بأسعار وضعها صامويل نفسه.
- سأعطيك العناوين غدا لترسل اللوحات.لا اريدها كلها إلى فندق واحد. هل لشركتك أن ترسل الفاتورة؟
تنحنح الرجل:" المعذرة لحظة, لا أدري كيف سأقوم بهذا الأمر."
و اتجه بسرعة إلى مؤخرة المعرض, بينما عاد نك يتأمل اللوحات.
فقالت:" أنت لست مضطرا لشرائها."
فقال بغطرسة:" طبعا لست مضطرا. لكنني سأكون أحمق لو تجاهلت الأعمال الجيدة عندما أراها.ومن ناحية أخرى أتوقع أن يرتفع سعرها."
شعرت موللي بانتعاش داخلي. رجل الأعمال هذا يشتري لوحاتها لأنه يظن أن سعرها سيرتفع! هذا كان احسن مدح لعملها تلقته على الإطلاق. و إذا بهارولد صامويل يأتي من مؤخرة المعرض و في إثره البائع:" آه يا عزيزتي موللي.ما أجمل أن أراك و كذلك يا سيد بايلي! زيارتك للمعرض شرف كبير."
ثم عاد بنظره إلى موللي بابتسامة عريضة:" و أظن على أن اهنئك.لقد رأيت المقالة في الصحيفة عن خطبتك."
ابتسمت و كبحة آهة أترى العالم كله رأى تلك المقالة؟
و قال لنك:" يسعدنا أن نرسل اللوحات إلى المكان الذي تريده,يا سيد بايلي. نرجو أن تزودنا بالعناوين غدا فنرسلها لك يوم الأربعاء."
و أشار إلى البائع بأن يتقدم ثم قال له:" موللي هي الفنانة و هذا خطيبها.إنها بادرة رومانسية أن تشتري مجموعتها لتوزعها على فنادقك.و أنت لن تندم لأن موللي ترسم بشكل رائع."
فقال نك :" أظن ذلك."
- لكنك اخذت كل لوحاتها التي لدي.
و هز رأسه ناظرا إلى موللي:" متى يمكنني أن أتوقع المزيد؟"
فقالت وهي تنظر إلى نك:" قريبا لأن اللوحة التي أنهيتها لتوي قد بيعت."
فقال نك:" تلك لمجموعتي الخاصة."
تمتمت و هما يتابعان السير على رصيف المرفأ:" لا أدري ماذا أقول"
كانت تسير متجنبة السياح ناظرة إلى طيور النورس من بعيد. ثمن اللوحات السبع الإجمالي كان مذهلا. عندما علقها المعرض لأول مرة ظنت الثمن الذي وضعه لها باهظا جدا. لكن نك لم يفكر حتى في المساومة.ربما هارولد كان يعرف ماذا يفعل!
سألها:" أتودين أن تأتي معي لنختار المكان المناسب لتعليق اللوحات في كل فندق؟"
نظرت إليه مترددة.أتراه يمزح؟ هذا محتمل جدا. فرئيس الشركة لا يعلق لوحاته بنفسه و لديه عشرات الموظفين لمثل هذه المهمات. هزت كتفيها و لم تجب. فمن غير الوارد أن تدعه يعلم كم تود رؤية لوحاتها معلقة في ردهات فنادق ماغيللان.ربما تذهب إلى الفندق في ساحة يونيون لترى إن كانوا يعرضون إحدى لوحاتها.
سألها:" هل تشعرين بالجوع؟"
- نعم.
كانت أشعة الشمس و الهواء النقي قد أثارا شهيتها. فقررا أن يسيرا إلى الحي الصيني وراحا يتأملان تغير المباني من الجديدة الطراز قرب المرفأ إلى القديمة منها. نظرت إلى المطعم الذي أكلا فيه منذ أيام وهما يمران به.لقد أصبح لديها ذكريات مع نك.
و سرعان ما انعطفا إلى الشارع الكبير حيث كانت موللي تشعر دوما بأنها في تايوان. كانت الروائح المنبعثة من المطاعم شهية للغاية ومنظر النسوة اللاتي يحملن الأكياس و يسرن منحنيات تحت ثقل أحفادهن الصغار المشدودين إلى ظهورهن يظهر حضارة مختلفة للغاية.
سار أمامها إلى مطعم معروف ثم دخلا و إذا بها تذهل وهي ترى أنهما وحدهما من غير الآسيويين في المكان. قالت عندما أجلسهما النادل على الفور:
- المكان رائع هنا.
- أشهى طعام في المدينة.
عندما طلبا منم النادل ما يريدانه اكتفت بالنظر. لو سألها عما تختاره لطلبت أن تتذوق كل الأنواع حتى تلك التي لا تعرفها.
طلب الطعام باللغة الصينية و ليس بالإشارة إلى الأطباق المعروضة. وكانت تعلم أنه تعلم ذلك من طاهيتهم شو ــ وين.
قالت بعد أن تذوقت أول لقمة:" لذيذة, هل تطهي شو ــ وين هذا النوع؟"
- أحيانا في الدعوات الكبرى.
عند ذلك رن جرس هاتفه الخليوي, فأجاب فورا. تناولت لقمة أخرى و أخذت تنظر حولها محاولة عدم الاستماع إلى ما يقوله رغم استحالة ذلك لقربه منها.
- نعم في الحقيقة إنها هنا.
عند ذلك نظرت إليه فقال لها:" المكالمة لك."
فأخذت منه الهاتف:" آلو."
- موللي عزيزتي توقعت أن تكونا معا. يسعدني أن نك يعطل نفسه عن العمل لعض الوقت ليمضيه معك.لقد استمتعت بالغداء معا أمس.
قالت ايلين هذا بحرارة فقالت موللي:" و أنا أيضا."
- ما هذه الضجة عندك؟
- إننا نتغدى في المطعم.
- آه توقيت مكالمتي سيء. لن أعطلك يا عزيزتي.أردت فقط أن أعلم إذا كنت غير مشغولة مساء السبت القادم.أفكر أن أدعو مجموعة صغيرة من أصدقاء الأسرة ليتعرفوا إليك. لن تكون حفلة خطبة رسمية فأنا أعلم أنك تنتظرين عودة والديك. لكنني متلهفة للمباهاة بك أمام أصدقائي.
نظرت موللي إلى نك بذعر فأخذ منها الهاتف:" ماذا هناك يا أمي؟"
و رأت موللي وجهه يسود:" لا, لا تفعلي ذلك. عليك أن ترتاحي لتتحسن صحتك قبل أن تستضيفي الناس."
سكت لحظة ثم تنفس بعمق:" أمي, هل يمكننا التحدث في هذا الأمر فيما بعد؟ ... لا في الواقع لقد خططنا لزيارة بعض الفنادق الأخرى.سنغيب طوال العطلة الأسبوعية."
انحبست أنفاسها. هل سيغيبان معا في العطلة الأسبوعية؟ لم تكن تظن ذلك.إنه يتحجج بذلك فقط ليقنع أمه . أقفل الهاتف بعد لحظة:" الأمور تخرج عن السيطرة."
- ربما و لكن يبدو أن خطتنا تنجح, فهي تشعر بتحسن كبير أليس كذلك؟
- سترهق نفسها إذا أقامت حفلة في العطلة الأسبوعية القادمة مهما كان عدد المدعوين قليلا. على كل حال أخبرتها أننا لن نكون في المدينة.
فتنحنحت :" هذا يبدو عذرا جيدا."
- عذر جيد؟
- اعني إذا ظنت أننا خراج المدينة فكأننا فعلا خارج المددينة.أليس كذلك؟
- لكنني كنت أعني ذلك.سنذهب بالطائرة إلى لوس أنجلس أو سان دييغو و نقيم هناك في الفندق.
فقالت معترضة:" ربما تعودت أن تأمر مستخدميك لكنني لا أتلقى الأوامر منك."
- ماذا؟
- ربما لدي خططي الخاصة للأسبوع القادم.
- أحقا؟
توقف ذهنها عن التفكير.لا بد أن هناك ما تدعيه:" على مراجعة مفكرتي."
- هيا يا موللي. ليس هناك ما لا يمكن تأجيله. سبق و ألغيت زيارتك
إلى المنتجع.دعيني أعوضك عن ذلك برحلة إلى فندقنا في سان دييغو. إنه رائع و يقع على شاطئ خليج ميشين تماما حيث الزوارق و الرمال الذهبية و وجبات الطعام التي تبهج الحواس.
فقالت ضاحكة:" أنت تتحدث و كأنك مندوب تجاري."
- أنا فخور بفنادقنا خصوصا هذا الفندق.
- لماذا ذلك الفندق بالذات؟
- لأنه فندقي. لقد اقتنيته منذ مات أبي و بنيت له شهرة بأفكار مبتكرة. وهو الآن أحد أكثر فنادقنا شعبية.
ثم أوقف عربة تحمل أطعمة ليطلب لها نوعين إضافيين. وكانت قد ابتدأت تشعر بالشبع لكن الطعام كان من اللذة بحيث لم تشأ أن تتوقف.
سألته:" هل السعي وراء المال هو الذي أملى عليك أن تشتري فندق سان دييغو.؟"
فهز رأسه:" كان ذلك مقامرة.الفنادق التي تركها أبي كانت ناجحة, ولكن ليس بشكل كبير.كان المال قليلا نوعا ما فابتدأت ألتمس تمويلا لها. لكني وجدت فندقا معروضا في السوق, اشتريته."
- مجازفة
- طبعا, ولكن إذا أردت شيئا من كل قلبك فهو يستحق كل مجازفة.
- ولكن لماذا أردته؟ أعني ألم يكن ما لديك كافيا؟
- كان كافيا فعلا, لكنها كانت من إنشاء أبي و جدي من قبله.فأردت شيئا يثبت أن بإمكاني أنا أيضا أن أنشئ شيئا مختلفا.أردت شيئا لأظهر للموظفين في كل الفنادق التي أعرفها أن بإمكاني أن أقود الشركة للتغيير و أن بإمكاني أن أقود الشركة في اتجاه جديد و أجعلها مزدهرة.
- وقد نجحت لأن فنادق ماغيللان ذات شهرة عالمية.
أومأ بهدوء ثم وضع قطعة حلوى أخرى في صحنه.
- هل كان ذلك مخيفا؟
- بل كان تحديا.
كانت تعلم أن الرجال ينظرون إلى الأمور بشكل مختلف. ولكن أن يعرض الرجل شركة ناجحة للخطر من خلال مجازفته بمشروع جديد فإن ذلك يستلزم عزيمة و إرادة قوية و ثقة بالغة بالنفس.
- هل ستأتين إذن لتري فندقي؟
- يمكننا أن ندعي أننا سافرنا إلى هناك إذا لم يجب أي منا على هاتفه أثناء تلك العطلة.أمك لن تعرف أبدا أننا في المدينة كما أنه ليس بإمكانها الخروج لتتجسس علينا.
- أنا أود أن تأتي معي.
لم تتوقع ذلك فسألته:" لماذا؟"
- لكي تري الفندق. لقد فاتتك الرحلة إلى المنتجع فدعيني أعوضك عن ذلك لعونك لي في الخروج من مأزقي.
- لكنك فعلت بشرائك سبع لوحات. و هز رأسها ومازالت ذاهلة لعمله ذاك.
- لوحة الزورق ستكون رائعة في ردهة فندق سان دييغو. تعالي معي يا موللي انظري إليها هناك.
رن جرس هاتفه مرة أخرى فقال متذمرا وهو يفتح الخط:" تبا! ألا يمكن للمرء أن يأخذ نهار عطلة؟"
سرت موللي لانقطاع الحديث.لم تستطع أن تتصور نفسها تمضي عطلة نهاية الأسبوع مع نك. حتى لو كانت علاقتهما مختلفة, هي ليست من نوع النساء اللاتي يمضين عطلات نهاية الأسبوع مع الرجال, وعلاقتهما ليست كما يدعيانها. و لكن إذا أمكنها أن تملي بعض الشروط فهل تجرؤ على اغتنام الفرصة؟ لم تنزل قط من قبل في أي من فنادق ماغيللان, وربما لن تنزل فيها أبدا في المستقبل, فهي غالية الأجر, فلماذا لا تطلق لنفسها العنان ما دامت علاقتهما رسمية أمام الناس وكل منهما يعرف حدودها؟
- سأكون هناك حالا.
اخترقت أفكارها كلمات نك هذه فنظرت إليه وهو يقفل الهاتف و يقول: "علي أن أذهب."
ثم رفع يده يستدعي النادل ليدفع الحساب.
- ماذا هناك؟ هل هي أمك؟
أترى حدث لأمه شيء بين المكالمتين؟
- لا.دوني أمسك بشخص يعتقد بأنه هو من يختلس النقود من البار.وأنا أود أن أتحدث إليه قبل أن نستدعي الشرطة. كانت المسافة من المطعم إلى ساحة يونيون قصيرة للغاية فأوسع نك خطواته.
- أليس من الأفضل أن تدع الشرطة تستجوبه؟
- بلى لكنني أريد أن أقابله أولا. فقد اختلس من فندقي.
وصلا إلى الفندق فتوجه نك رأسا إلى المصعد الذي اتجه بهما إلى الطابق الثالث عشر.
- هل مكتب الفندق في الطابق الثالث عشر.
سألته في أنهم لو كانوا سألوها لاختارت الطابق لجمال المنظر.
- بعض الناس يتشاءمون من الرقم 13 لذا فهم يرفضون الإقامة في هذا الطابق مع أن المنظر منه يضاهي الطابق الأخير جمالا.
قال هذا بشرود فأدركت أن أفكاره كانت منصبة على ما اخبره به دوني.
كانت المكاتب فخمة رائعة و لون الجدران رماديا فاتحا علقت عليه أعمال فنية أصلية و فرشت بسجادات سميكة.كانت مكاتب زنتك الفاخرة مخصصة فقط للموظفين الرفيعي الشأن. أما في فندق ماغيللان فجميع الموظفين يستمتعون بهذه الأمكنة المرفهة. خرج نك من المصعد و بعد لحظة كان يدفع باب أحد المكاتب.
وقفت موللي عند الباب و نظرت إلى الداخل فرأت دوني واقفا بجانب النافذة و قد تبدل من الرجل اللطيف إلى رجل حازم مخيف مثل نك. أخذا يحملقان في الرجل الجالس على كرسي أمام المكتب والذي كانت يتململ ارتباكا و قد بدا عليه التوتر. حاول أن يبدو شجاعا لكن الرهبة كانت تتملكه إزاء الرجلين الواقفين أمامه.
- سأنتظر في الخارج. تمتمت موللي بذلك وهي تتراجع مغلقة الباب خلفها.ثم جلست بجانب مكتب السكرتيرة.و أخذت تفكر.
مع نك لا يمكن للسأم أن يتملكها. إنه يثير فضولها يوما بعد يوم.هو ممتع و يتصرف بمرح و ذهن خال من أي هم لكنها تعلم أن ذلك مجرد تمثيل و أنه دوما وراء مظهره السطحي يركز على أولوياته.وعمله كان في القمة. حتى الآن لم تكتشف أي دلالة علة مناورة أو تملق لأجل مكسب كما كان الحال مع جاستين.
قطبت جبينها متمنية لو أنها لم تفكر في جاستين.لم يكن حكمها صائبا عليه.كيف فكرت يوما في أنه يحبها أو أنها تحبه؟
إنها تعرف الآن... و توقف ذهن موللي عن التفكير.
لا لم تكن تريد أن تقول أنها تعرف الآن الفرق.فهي لا تعرف شيئا ولن تفكر في ذلك والواقع أنها لم ولن تحب نك بايلي!
ليس بينهما أي قاسم مشترك. ولولا الرجل الذي اختلس نقود البار ما تعارفا.وهكذا عقدا اتفاقية مؤقتة لتسريع شفاء أمه. وهذا لا يعني حتى أن عليهما أن يكونا صديقين. فهي لا تحبه !!
نهضت... و نظرت إلى الباب ثم اتخذت قرارها. هو لن يفتقدها أبدا.وعليها أن تنشئ لنفسها حياة خاصة بها, حياة بعيدة عن تأثير نك بايلي المزعج والأفكار المتعلقة به.
أخذت ورقة عن المكتب و كتبت كلمة سريعة و تركتها حيث يراها نك ثم انطلقت خارجة كالسهم.بقاؤها مع نك أشبه باللعب بالنار.وما دامت بلغت هدفها فقد أصبح عليها أن تخرج من حياته بأسرع وقت ممكن ذلك أن من الجنون المستحكم أن تنمي أي شعور نحو ذلك الرجل.
لكنها وهي تنزل بالمصعد خافت من أن يكون الأوان قد فات.خرجت إلى أشعة الشمس لكن البهجة بالنهار بددها القلق من أن تكون قد ارتكبت خطأ فادحا مثل الوقوع في حب ذلك الرجل.
قد يفيد الهواء النقي في أخلاء ذهنها من الحماقات لكنها بقيت تفكر في كل دقيقة أمضتها مع نك.من الرقص بين ذراعيه الليلة الماضية إلى أول مرة رأته فيها إلى المعانقات التي تبادلاها.
أجفلت حين رفعت رأسها فرأت نفسها أمام بيتها, فهو يبعد عن ساحة يونيون أميالا.اندفعت إلى الداخل ثم أخذت تقرع جرس شيلي بنفاذ صبر ففتحت هذه لها الباب دهشة.
- هيه موللي. ظننتك خرجت اليوم مع ذلك الرجل؟
اندفعت موللي إلى الداخل واتجهت إلى غرفة الجلوس وهي تقول:" أنا غاضبة للغاية."
- ألم ينجح موعدكما؟
قالت شيلي و هي تنظر إلى موللي التي كانت تذرع الغرفة بضيق. فلوحت بيدها:" بل كان بأحسن حال حتى قبض على اللص و أظنني وقعت في غرام ذلك الرجل المدمر."
- أحببت اللص؟
- لا ... بل نك بايلي.
فابتسمت شيلي:" وما هي المشكلة إذن؟ سبق و أخبرتك أن الوقوع في حب رجل ثري هو بنفس سهولة الوقوع في حب رجل فقير. فكري كم سيسعدك أن تمضي الليل في فندق مختلف منى شئت!"
- لا يهمني أبدا النزول في الفنادق. فأنا أملك شقة رائعة في هذا المبنى.
- لكنك لن تمكثي فيها إذا تزوجت نك.لا أظنه سيرب في السكن هنا.
- الزواج؟ نحن أبعد ما يكون عن الزواج.أنت تعرفين غايته من كل هذه التمثيلية.ما إن تشفى أمه حتى يقول وداعا يا موللي.
- وربما لا. بدا لي أنه يعزك عندما جاء ليأخذك .هل عانقك مرة؟
هزت موللي كتفيها:" ربما مرة أو اثنتين.لكن ذلك لا يعني شيئا. لقد عانقني جاستين لكن ذلك لم يسفر عن شيء أيضا .
فقالت شيلي بجفاء:" ما كنت لأضع نك بايلي وجاستين في الخانة نفسها. إنهما غير متشابهين بشيء."
توقفت موللي عن السير و نظرت إلى صديقتها:"ماذا سأفعل؟"
- بأي شأن؟
- هجر جاستين لي بذلك الشكل الفظ آذى شعوري. لكن هذا الأمر الآن أكبر بكثير,شيلي. نحن نتحدث هنا عن قلبي.
تقدمت شيلي منها تحتضنها بسرعة و أشارت إلى الأريكة:" اجلسي لنتحدث عن ذلك. ربما بإمكانك أن تجعليه يحبك."
- آه لا. أنت لم تري كارمن... لتعرفي نوع النساء اللاتي يعاشرهن. صدقيني سأتوقف عن رؤيته الآن. ألا تظنين أنني ربما أتخيل كل ذلك
و أن كل هذا مجرد أمنيات تساورني كردة فعل لهجر جستين لي؟
- بكل تأكيد.المثل يقول: بعيد عن العين بعيد عن القلب. يمكنك أن تبقي بعيدة طوال الأسبوع مشغولة بعملك و في العطلة الأسبوعية اذهبي إلى المنتجع كما خططت سابقا. عند ذلك تكون أمه قد تعافت تماما فتخرجين من هذه المشكلة!
أومأت موللي و حاولت أن تشعر بالحماسة لاقتراح شيلي.بإمكانها أن تشرع برحلتها المرجأة لكنها لم تستطع أن تمنع نفسها من التفكير في عطلة أسبوعية في أحد فنادق ماغيللان في سان دييغو.
قالت ببطء:" لقد اشترى كل لوحاتي."
- ماذا؟
- ذهبنا إلى المرفأ فتذكر أن معرض صامويل للفنون يعرض بعض أعمالي فذهبنا إليه و اشتراها جميعها.
حدقت شيلي إليها:" أنت تمزحين!"
- لا.حتى لم يساوم. وقد طلب مني اللوحة التي أرسمها حاليا أيضا.
- أووووه .... يا لها من لفتة شاعرية.
و اتسعت عيناها وهي تفكر في هذا الخبر.
-لا بل هذا مجرد عمل. لديهم لوحات جميلة في فنادقهم.وهي نسخ أصلية, وهو يريد أن يضيف لوحاتي إلى مجموعة الفندق.ما عدا اللوحة التي أنهيتها لتوي فقد قال تلك لمجموعته الشخصية.
- ربما عليك أن تبرئيه فأنت لم تري منه سوءا.فأنا لم أسمع قط عن شخص اشترى مجموعة أعمال كاملة لفنان غير معروف نسبيا.
- لقد رأيت مدى قسوته مع كارمن. وكان عليك أن تريه عندما دخل على اللص... لم يظهر أي رحمة على الإطلاق. و أنا لا أريد أن أكون يوما في ذلك الموقف. إذا قطعت علاقتي به الآن بإمكاني أن أنساه بسرعة. ربما أنا أسبغ معنى عاطفيا على الأمر كله لا سيما و أننا استمتعنا معا هذا الصباح.
فقالت شيلي بحيرة:" أنا لا أفهمك."
قفزت موللي واقفة:" ولا أنا أفهم نفسي. سأذهب إلى بيتي و أعد كوبا من الكاكاو و أفكر في كيف عساي أنسى نك بايلي."
وقفت شيلي هي أيضا ورافقت موللي إلى الباب:" امنحي نفسك فرصة. أنت فتاة رائعة يا موللي. ولا ادري لماذا لا يقع في غرامك."
احتضنتها موللي قائلة:" أنت صديقة مخلصة.أتريدين أن نذهب إلى السينما معا هذا الأسبوع؟ سيكون لدي وقت فراغ."
- أحقا لن تريه مجددا؟
- وما الفائدة؟ لا أظن فعلي هذا ينبئ عن ذكاء كبير.يمكنه أن يخبر أمه أننا نرى بعضنا البعض و يختلق شيئا عن انشغالي البالغ عن زيارتها و عندما تشفى يخبرها بأننا انفصلنا.
و ابتسمت آملة بألا تلحظ شيلي الكآبة التي تغلف قلبها.ثم اتجهت إلى شقتها.
و لكن رغم كلماتها الشجاعة اغرورقت عيناها بالدموع و غاص قلبها بالألم.كانت مغرمة بالرجل. ويا له من مأزق! حاولت أن تخرج من وضع سيء فأوقعت نفسها في وضع أسوأ. هذا بالإضافة إلى أنها تشك في أنها ستنساه في فترة قصيرة.
وعندما انفردت بنفسها في غرفتها سارت إلى اللوحة وهي تمسح دموعها. لقد أعجبه عملها و هو يريد اللوحة ليضمها إلى مجموعته الخاصة. عندما ينظر إليها هل سيفكر في الفنانة التي رسمتها؟ أم أنه سيرى فقط الصباح البارد في " حديقة البوابة الذهبية" العامة؟
رم جرس الهاتف فتجاهلته. ثم استمعت إلى الرسالة التي تركها المتصل:" موللي أنا نك. هل أنت في البيت؟ اتصلي بي عندما تصلين."
ثم أقفل الخط.سارت إلى الهاتف و أعادت الصوت مصغية إلى صوته ثم محته. لن تنوح كالمراهقات. استدارت و رفعت الصورة. غدا ستأخذها و تؤطرها ثم تضعها في صندوق و تشحنها إلى عنوانه.
وهكذا ينتهي الأمر.
الفصل التاسع:فردوس استوائي:




مع حلول يوم الأربعاء ابتدأت موللي تفكر في أنه كان عليها أن تواجه نك و توضح له أنها تريد إنهاء الاتفاقية. لقد ساعدها ليلة واحدة و من المؤكد أن كل ما ساعدته به حتى الآن قد سددت به حسابه عليها.
كانت يوم الثلاثاء قد فتحت المجيب الصوتي إذ لم يعد بإمكانها إبقاؤه مقفلا لكثرة الرسائل التي محتها دونما الاستماع إليها. ربما سترسل إليه رسالة قصيرة و بذلك لا تضطر إلى رؤيته مرة أخرى بل توضح له أن علاقتهما انتهت و أن عليه أن يختلق قصة لأمه كي يفسر سبب فسخ خطبتهما. وكلما أسرعت بذلك كان أفضل فهي تمضي من وقتها في التفكير به أكثر مما تمضيه في العمل. لقد امضت في تأمل هذا اللتخطيط أمامها عشر دقائق دون أن تتذكر ما يمثل.
و فجأة تملكها القلق فرفعت نظرها و إذا بها ترى نك يجتاز القاعة المكشوفة و كأنه مالك شركة زنتك و لكن حتى المالك لا يسير بهذه الغطرسة. وضعت القلم من يدها و استجمعت شجاعتها.بدا رائعا كعادته و أقرب إلى القرصان الغاضب. التقت نظراته بنظراتها فلم تستطع أن تشيح بنظرها.ربما كان عليها أن تجيب على مكالمة واحدة على الأقل.
قال نك دون تحية وهو يقف بجانب مكتبها يحملق فيها:" هل المجيب الصوتي في هاتفك معطل أم انك لا تجيبين؟"
فرطبت شفتيها الجافتين مجيبة:" ولماذا أفعل هذا؟"
- هذا سؤال حسن ليس لدي الإجابة عليه.احاول الاتصال بك منذ يوم السبت.لماذا خرجت بذلك الشكل المفاجئ؟
- لم اكن اعلم كم سيستغرق التحقيق مع الرجل الذي تشك فيه.هل كان مذنبا؟ هل هو الشخص الذي اختلس النقود؟
- نعم وهو في حراسة الشرطة الآن.
- عمل دوني في البار انتهى الآن ؟
أومأ وقد ضاقت عيناه قليلا ثم نظر إلى ساعته وقال :" حان وقت الغداء تقريبا, أحضري حقيبتك و سنذهب لنتغدى معا."
كانت تعلم أن عليها أن تعترض ففتحت فمها لترفض و إذا بجاستين يظهر.كان مؤخرا يعمل مع ناثان في عمل فني لكنه استمر ينظر في اتجاه موللي.
نظرت إلى نك بابتسامة حب متألقة:" ما أجمل هذا يا حبيبي! كم أحب ذلك"
تناولت محفظة يدها وهي تقول:" فليكن مطعما عاديا لأن ثيابي لا تليق بمكان فخم."
ثم تأبطت ذراعه وهي تخفق له بأهدابها. توترت عضلات ذقنه: "مسرور جدا يا حبيبتي لأنك منحتني من وقتك."
- وقتي كله لك يا حبيبي.
قالت هذا بصوت مرتفع ليسمعه جاستين و يقتنع بأنهما هي ونك مازالا حبيبين!
عندما استدار رأى نك جاستين فأومأ باتجاهه ثم نظر أمامه.
- ما الذي يجري يا موللي؟ تتجاهلينني حتى تعود حاجتك إلي فتتمسكي بي لتخدعي خصمك.
- خصمي؟
- أعني جاستين.
- نك, أنت دعوتني إلى الغداء و نحن مخطوبان على كل حال.فلماذا لا يسرني أن أرى خطيبي؟
- أخبريني أولا لماذا تجاهلت مكالماتي؟
سكتت حتى أصبحا في المصعد فتخلت عن مظهر الشغف الذي كانت تتظاهر به.و كان الراكبان الآخران في المصعد يجعلان من الحديث بينهما مستحيلا, فانتظرت حتى يصبحا وحدهما. ثم قالت له و هما يسيران نحو "ماركت ستريت":" كنت مشغولة هذا الأسبوع."
- مشغولة إلى حد أنك لم تستطيعي الاتصال بي لتخبريني بأنك مشغولة؟ أو لتجيبي على مكالمات أمي؟
لم تكن أصغت إلى المكالمات بعد اليوم الأول ظنا منها أنها كلها منه:"لم أكن أعرف."
- إنها تريد جوابا لاقتراحها إقامة حفلة عشاء صغيرة في العطلة الأسبوعية القادمة.
- أنا خارجة من البلد.
- هذا ما أخبرتها به. سنذهب إلى سان دييغو لنشرف على تعليق لوحاتك.
توقفت عن السير متجاهلة دفع الناس لها و هي تقف فجأة, وحملقت فيه: " ماذا فعلت؟"
أمسك ذراعها يقودها على الرصيف المزدحم:" تحدثنا عن ذلك يوم الأحد و من المؤكد أنك لم تنسي ذلك."
- أنت اقترحت ذلك لكنني لم أقل قط أنني سأذهب.
- لقد حجزت تذاكر لصباح السبت الباكر و سنعود مساء الأحد.
- يا لوقاحتك! لكنني لن أذهب معك يا نك0 إنها خطبة زائفة هل نسيت؟
- هل هذا ما يقلقك ؟ لقد حجزت جناحا بغرفتي نوم. شرفك مصان معي يا موللي.
- لا ليس هذا ما يقلقني.
وسكتت فجأة و قد أدركت ما كانت ستقوله.آخر ما تريده هو أن تنبئه بأنها تعاني من تغيير مشاعرها نحوه. ألن يبهجه هذا الخبر؟
- ماذا إذن؟
- أنا ذاهبة إلى المنتجع هذه العطلة. ذلك الذي كنت سأذهب إليه من قبل.
قالت هذا بشيء من الفظاظة.
- تعالي معي إلى سان دييغو.
رفعت بصرها فرأت حدة المشاعر في نظراته و بدت عيناه و كأنهما تخترقان أعماقها. سألها:" ألم تذهبي إلى سان دييغو قط؟"
هزت رأسها و قد سمرتها نظرته. وقالت:"سمعت أنها جميلة."
- " خليج ميشين" ساحر للغاية و فندق ماغيللان مصصم لكي يسحر السحر نفسه. قولي إنك ستأتين.
حولت نظراتها بعيدا محاولة أن تتذكر سبب رغبتها في الابتعاد عنه. حتما لا ضرر هناك من عطلة أسبوعية ... كما أنها ستحظى بفرصة كي تزور سان دييغو... ترى لوحتها في ردهة فندق شهير... وتقضي عطلة أسبوعية مع نك.سوف تراه في مكانه الطبيعي صاحب الفندق المهيب مباهيا بأحد فنادقه.ربما ستشمئز منه فيصبح من السهل عليها أن تقول له مساء الأحد وداعا.
لكن هذه الاستنتاجات توقفت :" لا أستطيع الذهاب."
- إما هذا و إما تلك الحفلة في بيت أمي.
- لا. هذا ير ممكن.أخبر أمك أننا راحلان.ثم اجلس في بيتك ولا تجب على الهاتف.
- كما فعلت أنت طوال الأسبوع؟
فقالت رافضة الهزيمة:" كنت مشغولة."
تنحى نك جانبا و أشار إلى موللي بالدخول إلى مكان لبيع الشطائر. انضما إلى الصف بانتظار ما يريدان شراءه.فنظرت حولها و رأت شخصا يعمل معها. كانت غالبا ما تأكل في هذا المكان وكانت تعلم أن كثيرين من موظفي زنتك يفضلونه على سواه. وعندما لوح لها زميلها بيده ردت عليه بالمثل. ثم التفتت إلى نك آملة بأن تبدو مستمتعة بوقتها وليس غاضبة. إذا أنهت علاقتها مع نك ستسري الأقاويل عنها في العمل! لقد تعبت من كونها مصدرا للشائعات و الأقاويل.
سألها:" هل هو من أصدقائك؟"
- زميل في العمل.
ثم تقدمت بطلبها و انتظرت حتى طلب نك ما يريده و دفع ثمن الشطيرتين و الشراب ثم سارا ينتظران ما طلباه.
- هل نأكل في الخارج؟
سألته ذلك, غير راغبة في التحدث في مثل هذا المكان المزدحم. من يدري من سيسمعهما؟
- يمكننا أن نذهب إلى "إمباركاديرو" إذا شئت
كان لطيفا سمح الخلق. وتمنت لو أنه متغرطس كعادته أحيانا فذلك يسهل الأمور عليها.
- أي تهديد ستستعمله معي لإرغامي على الذهاب إلى سان دييغو؟
بدا الهزل في عينيه:" تهديد؟ ألا تصلح الدعوة البسيطة؟"
فهزت رأسها بحذر:" لا أريد أن أذهب."
- ألا تريدين الذهاب بشكل مطلق أم أنك لا تريدين الذهاب معي؟
سكتت قليلا ثم قالت :" معك"
- قلت لك ليس هناك ما تخافينه.
- مجرد وجودي معك يجعلني أخاف.
- آه و السبب؟
كان قلبها يخفق و نبضها يتسارع لمجرد وجودها بقرب نك فكيف يكون الأمر لو أمضت نهاية الأسبوع معه؟ كانت واثقة من أنهما سيحصلان على أفضل خدمة. و سان دييغو معروفة بتألق شواطئها و مناظرها الطبيعية و جوها الدافئ ... وهي لن تحصل على مثل هذه الفرصة مرة أخرى.كما أنها سترى لوحتها معروضة في الردهة و ستمضي أياما أخرى مع نك بايلي.
و نظرت موللي إليه مرة أخرى:" لا بأس, صباح السبت سننطلق إلى سان دييغو, كيف حال أمك ؟"
- تتحسن بشكل ملحوظ.
- لن يكون علينا إذن أن نتابع هذه التمثيلية لفترة طويلة؟
هز كتفيه.ولسبب ما لم يشأ أن يعطي موللي موعدا يمكنهما فيه أن ينهيا هذه <التمثيلية> كما تسميها.صحة أمه كانت تتحسن بسرعة وقد تحدث مع طبيبها أمس فأخبره هذا [أنها ستستعيد عافيتها تماما في أسرع وقت.
كان أذكى من أن يعتقد أن صحة أمه ستنهار حين يخبرها بأنه و موللي انفصلا لكنه كذلك لا يريد أي انتكاسات. واستمرارهما لمدة أطول ليس فيه أي ضرر.
سألها:" هل هناك رجل آخر تفضلين رؤيته؟"
- طبعا لا. بعد خدعة جاستين أتظنني أريد أن الخروج مع رجل بهذه السرعة؟ هذا مستحيل.
- ما الداعي إذن إلى الإسراع في إنهاء اتفاقيتنا؟
أخذ يتأمل ملامحها متمنيا لو استطاع أن يقرأ الأفكار. ما الذي يجري داخل رأسها هذا؟
لقد عادت عليه هذه الاتفاقية بفوائد كثيرة. فكارمن توقفت عن إزعاجه وأمه تتماثل للشفاء, كما أصبح لديه مرافقة للمناسبات الاجتماعية مرافقة لم يكن يتوقعها ولا تحاول التأثير عليه على الدوام. وهذه الصفة الأخيرة كانت مفيدة أكثر مما كان يتوقع في البداية. ربما كان عليه أن يعقد خطبة مماثلة منذ وقت طويل.
قال ببطء:" أنا في الواقع غير مستعجل على إنهاء الخطبة."
نظرت إليه بدهشة :" هل تمزح؟ لم لا؟"
- ولماذا ننهيها إنها تمنحنا حماية ضد الآخرين و يجد كل منا شخصا يقوم معه بنشاطات دون ارتباط.
نظرت بعيدا وهي تنهي آخر قضمة من شطيرتها:" أنا أفهم رغبة الرجال في عدم الارتباط لكنني أريد أن أتزوج يوما ما و يكون لدي أولاد.أريد أن أشيخ أنا و زوجي."
قطب نك حاجبيه إذ لم يعجبه أن يتصور موللي في سن الشيخوخة مع أي رجل.إنها شابة رائعة الجمال مليئة بالحيوية. بإمكانه أن يراها مع
أولاد و يعلم أن عينيها تتألقان بهجة بهم و ستكون مرحة خالية البال وتملأ أولادها بالبهجة. حاول أن ينسى تلك الصورة لكنها لم تفارق خياله. سألها:" لا أحد يقول إنه لا يمكنك الحصول على ذلك. ولكن هل أنت مستعدة للقيام بذلك الآن ؟"
- الآن ... فيما بعد ... من يعلم متى يأتي الحب؟
- الحب شعور عاطفي بالغوا في تقديره تمنحه النساء لتجميل الغرائز الأساسية التي ترافق البشر.
قالت مازحة:" رجل ساخر."
فأجاب باللهجة نفسها:" امرأة حالمة."
فقالت وهي تنهض واقفة:" مسموح للفنان بذلك.لا بأس لقد بلغت هدفك لأننا سنذهب معا إلى سن دييغو. علي أن أعود الآن إلى عملي. سأراك صباح السبت.هل أوافيك إلى المطار؟"
فقال وهو ينهض أيضا:" آه لا. لن أجازف بذلك. إذ ربما تكتشفين أنك مشغولة جدا.سآتي لأخذك عند السادسة."
- صباح السبت؟إنه اليوم الذي أتأخر فيه في النوم.
تقلع طائرتنا عند الثامنة صباحا. أظنك ستحبين تضييع النهار سدى.يمكننا أن نكون على الشاطئ في سان دييغو قبل الغداء.
لم تكن موللي معتادة على مثل هذه الرحلات العفوية. فهي نادرا ما تذهب في إجازة و فكرة الطيران إلى سن دييغو للاستلقاء على الشاطئ عند الظهر ملأتها بهجة.لقد حصل نك على هدفه و هي ستذهب معه في العطلة الأسبوعية المقبلة.كيف حدث هذا؟ في عطلة الأسبوع يحصل الكثير.
افتتنت موللي بسان دييغو تماما كما توقع نك حتى عندما رأتها من
الطائرة. كان الهواء أكثر دافئا و رقة من هواء سان فرانسيسكو الجاف. كما كانت أشجار النخيل تتهادى على جانبي الجادة التي كانت سيارة الفندق تنطلق بهما فيها إلى الفندق. كانت النباتات المتعرشة تغطي جدران البيوت و تحيط بأبوابها, فيزيد ذلك في بهجة النفس.
عندما وصلا إلى فندق <ماغيللان سان دييغو> تلقيا استقبال الأمراء. طبعا كان المستخدمون يعرفون نك و ربما هو يلقى تلك المعاملة في كل مكان. لكن البهجة تملكت موللي إزاء الترحيب الحار. كانت النافذة الواسعة تطل على الشاطئ, في ميناء ميشين الهادئ حيث عشرات العائلات تستمتع بالشمس والمياه المنعشة. وكانت مياها زرقاء مغرية للغاية.
وقف نك عند عتبة الجناح ينظر إليها و يداه في جيبيه:" أتريدين الذهاب للسباحة؟"
التفتت إليه موللي بابتسامتها المتألقة:" بكل تأكيد سأغير ملابسي حالما تصل حقائبنا. إنه فندق جميل."
- فلنأكل أولا, ثم نمضي طوال فترة العصر على الشاطئ إذا أحببت. ويمكننا فيما بعد التسكع في أنحاء البهو لتختاري المكان المناسب لتعليق لوحتك. لقد اخترت لوحة الزورق لهذا الفندق.
أومأت موللي و هي تعود لتتأمل المياه. لديهما أكثر من أربع و عشرين ساعة معا و هي تريد أن تستغل كل دقيقة.
عندما وصلت الحقائب ارتدت ثوب السباحة ثم لبست فوقه ثوبا فضفاضا و رفعت شعرها إلى أعلى و لبست صندلا خفيفا. ثم عادت إلى غرفة الجلوس في الجناح و انتظرت حضور نك وهي تتمشى في أنحاء الغرفة المترفة معجبة بالأثاث و حس الأناقة في كل قطعة.
- جاهزة؟
سألها من الباب المؤدي إلى غرفته. كان يرتدي سروالا قصيرا قطنيا.
- جاهزة!
قادها إلى مقهى خارجي و مظلل بالأشجار و المظلات يطل على الخليج. وكان أصص الأزهار المتألقة منتشرة في الفسحة فشعرا أنهما يتناولان الطعام في فردوس استوائي. نظرت موللي إلى قائمة الطعام وقالت:" أريد سلطة القريدس. إنه الشيء الوحيد الذي يناسب هذه الجلسة. ما أجمل المكان هنا! أنا متلهفة إلى الرسم..."
و أشارت بيديها إلى أنحاء المكان. كم تحب أن تمسك بيديها ظلال لون المياه الأزرق بدرجاته المختلفة. حمرة و صفرة الأزهار و خضرة الشجر الداكنة. كانت هذه وليمة لحواسها.
قال لها نك بعفوية:" هودي إلى هنا مرة أخرى و ارسمي هذه المناظر."
كانت عيناه مختفيتين وراء نظارات قاتمة فتساءلت عما يفكر فيه. هل يحتمل أن يعودا معا ذات يوم؟ أم أنه يعد الأيام حتى تتعافى أمه فيتخلص منها؟
عندما انتهى الغداء, انتقلا إلى الشاطئ الذي كان مزدحما بالعائلات و العشاق. لكنهما رأيا, أثناء سيرهما, كرسيين خاليين فنشرا عليهما المنشفتين التين أحضراهما معهما من الفندق.
حاولت موللي أن تبقي نظراتها على المياه, لكن جاذبية نك كانت قوية للغاية. كان لون جسده بلون العسل و كان واضحا أنه تعرض للشمس عدة مرات قبل ات يأتي في هذه الزيارة إلى فندقه.
خلعت ثوبها و ركضت إلى الماء المنعش و سرعان ما غطست فيه تخفف حرارة جسمها, و تحاول أن تركز اهتمامها على أي شيء ما عدا نك.
لكن هذا لم يكن سهلا إذ ما لبث أن وافاها نك, بعد أن غاص إلى الأعماق ليبرز بجانبها:" هذا حسن."
قالت هذا و هي تختبر الماء و تنظر حولها. و مرة أخرى انجذبت نظراتها إليه. و بجرأة مدت يدها تلامس كتفه فسألها:" هل أنت مسرورة لمجيئك؟"
- نعم.
كانت فترة العصر رائعة. تخبطا في المياه. ومرة أخرى انجذبت نظراتها إليه. و سبحا إلى الأعماق الباردة و استلقيا في الشمس فترة على الشاطئ و سرعان ما انتقلا إلى تحت مظلة واسعة ليتجنبا حروق الشمس. كان الحديث بسيطا متقطعا. لكن جلستهما كانت مريحة للغاية بحيث لم تستطع أن تمنع نفسها من النعاس. انتبهت و نظرت إلى نك وكان هذا يتأملها:
- ربما كان عليك أن تنامي هذا الصباح.
- آه, لا. ما كنت لغير شيئا هذا اليوم. يمكنني أن أنام غدا أليس كذلك؟
- كما تشائين. لكن هناك مركبا سيخرج صباح الغد في نزهة قصيرة. ظننتك ربما تحبين ذلك.
ابتسمت حالمة. إنه يتصرف كخطيب حقيقي... يبحث عن أشياء بهيجة يقومان بها في هذه العطلة الأسبوعية. هل سيتجاهل شروطها فيما بعد؟ ويطلب أكثر من ذلك؟ وتمنت ألا يحدث ... سيفسد كل شيء.
- نك بايلي, ماذا تفعل هنا؟ ظننتك لا تترك مكتبك أبدا.
رفع نك بصره, ثم مد يده مصافحا. كان سام بيركنز أحد أصدقائه منذ أيام الجامعة لكنه لم يره منذ استلم إدارة الفنادق بعد وفاة أبيه.
- وماذا تفعل أنت هنا؟ ظننتك لم تغادر لوس انجلس قط.
فقال سام بزهو:" أنت تعلم أنني تزوجت و عندما يتزوج الرجل لا يمكنه العمل طوال الوقت."
و أشار إلى شقراء جميلة تلاعب طفلا يدرج على الشاطئ:" تلك هي ستيفي و طفلنا جويل. أريدك أن تتعرف إليها. لم أصدق عيني حين رأيتك تسبح منذ فترة. ولم أكن متأكدا من أنه أنت."
ابتسم نك و نظر إلى المرأة الجميلة. تعلق بصره لحظة بالصبي الصغير الذي كان يركض إلى الماء دون خوف, لتختطفه أمه حين أخذ يركض و ضحك الاثنان و كأنهما يستمتعان باللعبة. ثم عادت توقفه على قدميه و مرة اخرى توجه نحو الماء.
كان نك و سام في فريق السباحة في الجامعة معا.و بعد ذلك أنشأ سام شركة استيراد و تصدير في لوس انجلوس مختصة بالفن الآسيوي. وكان آخر رجل يتوقع منه أن يتزوج. وتذكر مدى دهشته عندما تلقى الدعوة إلى زفافه, رغم أنه لم يستطع تلبية الدعوة. وكان منذ ثلاثة أو أربعة أعوام.
و الآن أصبح لدى سام ابن.
و شعر بانقباض في صدره. إنه في السادسة و الثلاثين و هو يكبر في السن وكما تقول أمه دوما, كان لدى والديه طفل في سن الدراسة عندما كانا في عمره. نظر إلى موللي التي جلست لتلقي التحية:" سام, أقدم إليك موللي ماغاير. موللي, سام صديق قديم كنا معا في الجامعة."
- سررت بمعرفتك يا موللي.
قال سام هذا و هو يمد يده مصافحا. ثم نقل نظراته بينهما وهو يرفع حاجبيه مستفهما بصمت. فقال نك :" أنا و موللي خطيبان."
ربت سام على كتفه:" حان الوقت لذلك.هذا خبر عظيم. تهاني! موللي لقد حصلت على رجل هائل. لماذا لا تتعشيان معنا أنا وستيفي؟ يمكننا أن نحتفل بذلك بشكل مناسب في مطعم "كوف" طبعا."
قال هذا ذاكرا أحد مطاعم الفندق فأومأ نك :" عند السابعة؟"
- عظيم سأراكما هناك.
و ابتسم لهما ثم اتجه حيث زوجته و ابنه.
راقبهم نك للحظة ثم نظر إلى موللي التي كانت تتأمل الأسرة مفكرة. العشاء مع سام و زوجته سيخفف من مفعول العشاء مع موللي وحدها. أليس لديها فكرة كم تبدو مذهلة في ثوب السباحة ذاك المؤلف من قطعتين؟ و حول نظراته عنها مرة أخرى متسائلا عما إذا كان بحاجة إلى غطسة أخرى في الماء البارد ليبرد أحاسيسه الملتهبة.
أغمض عينيه و حاول أن يفكر في شيء آخر. في أي شيء ما عدا موللي و بشرتها الذهبية و شعرها الرطب المكوم فوق رأسها. كم كان يود أن يفكه و يسدله على كتفيها و يدفن وجهه فيه و يتشمم رائحتها.
لكنه سينفذ رغبتها إلا إذا أبدت رغبة في تغييرها.
قالت:" كان ينبغي أن تقول إنني مجرد صديقة."
فالتفت إليها:" ماذا؟ ما الذي تتحدثين عنه؟"
- لم يكن ضروريا أن يظننا مخطوبين.غنه سيتساءل عن المستقبل.
- هذه مسألة سهلة.
فتمتمت و هي تغمض عينيها :" طبعا."
كان نك يعلم أن سام متزوج لكن رؤيته مع زوجته و ابنه جعل ذلك حقيقيا. و غير نظرته إلى صديقه القديم.
نظرة سام المزهوة حين تحدث عن زوجته و ابنه اخترقت صميم الموضوع. سام يحب حياته الزوجية. يحب كونه زوجا و رب أسرة و تساءل عما إذا كان سيحب هو أيضا شيئا كهذا.
*******
لم تعرف موللي ما إذا كان الثوب الذي أحضرته معها للعشاء جيدا بما يكفي. كانت تظن أنها و نك سيجلسان فقط في مطعم هادئ. وهي, بكل تأكيد لم تتوقع أن تمثل دور الخطيبة المغرمة أثناء تناول العشاء مع صديق قديم. وهذا لا يعني أنها لا تريد أن تتناول العشاء مع الزوجين فهي بهذا ستعرف المزيد عن نك.
و لكن إلى أي حد؟ تساءلت و هي تحدق في صورتها في المرآة. كان الاسمرار يكسو وجنتيها و أنفها نتيجة قضاء عصر هذا النهار في الشمس. كومت شعرها على رأسها باختلاف قليل عما كان عليه بعد الظهر فقد تركت بعض الخصلات تنسدل على كتفيها. تعمددت أن تبدو مغرية قدر إمكانها.
ألا ينبغي على الخطيبة أن تبدو مغرية؟ إنها جاهزة, وليلتهب قلب نك شوقا لامرأة عابرة. لكنها ترجو أن يتمكن قلبها هي من التماسك ...

الفصل العاشر : أطول ليلة:




كانت ردة فعله حين دخلت غرفة الجلوس هي ما كل ما كانت موللي ترجوه. شعرت بنظراته و كأنها تدغدغها, و أضاءت عينها استحسانا.ثم إذا بمشاعر جياشة تدور بينهما.
رفعت موللي رأسها بعناد رافضة أن تدع هذا يثبطها :" أنا جاهزة إذا كنت كذلك."
- لم تلبسي الخاتم.
- لم احضره معي. لم اتوقع أنني سأحتاجه.
- سنتوقف عند متجر مجوهرات قبل أن نصل إلى المطعم.ثم نختار شيئا.
و نظر إلى ساعته:" لدينا وقت كاف."
طرفت موللي بعينيها. سيذهبان إلى متجر مجوهرات في منطقة التسوق بجانب الفندق ثم " يختاران شيئا!"
- يمكننا فقط أن نخبرهما بأنني لم أحضر خاتمي.
فهز رأسه:" من غير المعقول إثارة التساؤلات."
و عندما دخلا المتجر بعد ذلك بلحظات كانت تظن أنهما سيبحثان عن خاتم في المعروضات. لكن نك قادها إلى حيث المجوهرات الممتازة. وطرفت بعينيها.
حتى متى سيتابع التمثيلية؟:" خاتم زائف يكفيني."
- من حظنا أن ستيفي صائغة و تميز الزيف من مسافة ميل. فكري في سمعتي!
فقطبت جبينها :" لا أظنها ستقول شيئا."
- ليس في وجهي و لكن لزوجها حتما. ثم يذكر هو ذلك في مكان ما و سرعان ما سيظن الساحل الغربي بأكمله أنني لم أشتر لخطيبتي خاتما حقيقيا.
- حتى يحين ذلك الوقت سنكون افترقنا.
- أرني أجمل ما عندك.
قال نك هذا مخاطبا البائع الأنيق الذي تقدم منهما. و سرعان ما كان عرض جميل من الخواتم الماسية أمامهما. و نظرت وهي مسرورة إلى هذه المختارات.يا ليتها فقط لخطبة حقيقية! ويا ليتهما كانا يختاران خاتما يرمز إلى حبهما المشترك! ... خاتما يدوم سنوات حياتهما معا... خاتما يورثانه لابنهما أو ابنتهما.
اغرورقت عينا موللي بالدموع. يفترض أن تكون لحظة فريدة بالنسبة إلى أي ثنائي. وتمنت من صميم قلبها لو أن هذه اللحظة حقيقية بينها وبين نك.
- أي خاتم يعجبك؟
لامس صوته أحاسيسها و هو يلف بجانبها و كأنه يحميها.
- كلها جميلة.
لم تسأل عن الثمن خصوصا و أحد موظفيه هنا. و تملكها شعور بالارتياح. سيتمكن حتما من إرجاعه حالما ينتهي العشاء. ما أغباها وهي تظنه سيشتري خاتما حقيقيا!
- أعجبني ذاك.
و أشارت إلى خاتم سوليتير بسيط لكنه في عينيها بدا مذهلا في بساطته هذه.
- ألا يعجبك هذا؟
و التقط نك خاتما آخر مبهرجا صارخ الجمال. إنه يناسب كارمن تماما. لكنه لا يناسبها هي كما أخذت تفكر غاضبة. هزت رأسها و اشارت إلى الخاتم الذي أعجبها ... كان مناسبا تماما على اصبعها.
- لا حاجة للانتظار لتعديل القياس. قال الموظف هذا باسما و هو يناول الخاتم لنك ثم يقف منتظرا.
نظر هذا إليه, ثم إلى الخاتم, و بعد ذلك إلى موللي. رفعت بصرها إليه متظاهرة بأن الأمر حقيقي و بأنه يحبها حقا و انهما سيمضيان حياتهما معا.
و ببطء أمسك يدها ودس الخاتم في إصبعها دون أن يحول عينيه عن عينيها. الدموع في عينيها أوشكت أن تنهمر فأخذت تغالبها بسرعة محاولة أن تبتسم. عندما مال إلى الأمام أغمضت عينيها وكان عناقه رقيقا و يداه دافئتين وهو يداعب وجهها.
قال الموظف:" تهاني لكما."
طلب منه نك أن يرسل إليه الفاتورة فأومأ بابتسامة عريضة. و تكهن نك بأن الرجل سرعان ما سيخبر الجميع أنه اشترى خاتم خطبته من متجره!
عندما اتجها إلى المطعم بدت موللي هادئة. نظر إليها وهو يتساءل عما تفكر فيه. لقد أدهشته الدموع في عينيها. أتراها تأسف لأنه ليس رجلا آخر؟ أم لأن هذا مجرد تظاهر زائف؟
كان يظنها ستتباهى بخاتم ثمين و مع ذلك اختارت خاتما بسيطا. وبدا هذا جميلا في إصبعها.ربما عندما يفسخان خطبتهما سيترك لها الخاتم. وتملكه إحساس بالرضا وهو يفكر في أنها تلبس خاتمه.
تكلم مع رئيس الندل في الفندق بهدوء فأسرع هذا بإرشادهما إلى المائدة التي كان سام مع زوجته ينتظرانهما عندها. وعندما وصلا قام بينهم التعارف وسرعان ما طلب الطعام و دارت الأحاديث.
كان الفضول يتملك سام بالنسبة إلى خطبة نك. فراح يطرح ألف سؤال وسؤال, حاول نك أن يجيب عليها بقدر الإمكان من الغموض. وحالما سنحت الفرصة لنك حول الحديث إلى سام و زواجه وفي هذا بدا سام محدثا مفوها. وكانت ستيفي ودودا ومسرورة لمدح زوجا الزواج. و أخيرا كبحت جماحه وغيرت الموضوع بمهارة. أخذ نك يراقب التفاعل بين صديقه القديم و زوجته.كان واضحا أنهما متلائمان و سعيدان معا. هل هذا جزء من الزواج لم يفكر فيه؟
ألقى نظرة سريعة على موللي و تصور حالهما بعد شهور وسنين. لقد انجذب إليها كثيرا و مع ذلك لم يفكر قط بالزواج. ولكن حين يصبح مستعدا لذلك, هل سيختار امرأة مثل موللي؟
و نبذ تأملاته و أخذ يستمتع بمشاركة الزوجين العشاء. مر المساء بسرعة. وودع الأربعة بعضهم البعض عن المصعد مع وعود غامضة بلقاء آخر قريب. تعانقا المرأتان. لقد تحادثتا عن أشياء كثيرة أثناء السهرة, كما فكر نك.
قالت موللي وهما يصعدان إلى جناحهما:" إنهما ظريفان, خصوصا سام.أراهن على أنهما يضحكان كثيرا في بيتهما."
- لقد أعجبته السهرة هذه الليلة.
- هممم ...
- هل أنت متعبة؟
- نعم قليلا. لكن هذا لا يعني أنني لن أذهب للسباحة غدا.
- تأخري في النوم إذا شئت و سنذهب إلى السباحة حين تكونين جاهزة. رحلة العودة لن تكون قبل آخر العصر, وبهذا يمكننا أن نمضي على الشاطئ وقتا وافرا.
فتح نك باب الجناح و تنحى جانبا لتدخل قبله.مرت بالقرب منه فشم عطرها قتبعها و أغلق الباب إزاء العالم اجمع. لو كانا مخطوبين حقا لما سمح لهذا المساء بأن ينتهي. وقفت وسط غرفة الجلوس ثم نظرت إليه: "شكرا على هذا النهار كان رائعا."
- بالفعل
و اقترب منها يمد يديه إليها و عندما أصبحت بين ذراعيه عانقها بشدة. كان يريد أن يفعل هذا طوال السهرة, أن يعانقها و يحتضنها ويلامسها حتى لا يتمكن أي منهما من التفكير. كان وجهها متوهجا و عيناها متألقتين بالمشاعر المحمومة.لكن يدها كانت تدفعه عنها:" على أن أخلد إلى النوم."
و لم يكن الحزم خافيا في لهجتها.
قال برقة :" اسهري معي."
فهزت رأسها بأسف:" لا أستطيع.لا أستطيع."
و ببطء, تنفس بعمق, متمنيا لو بإمكانه أن يطفئ مشاعره بنفس السهولة التي فعلت هي هذا.تركها و استدار مبتعدا بغضب وخيبة أمل وقد حل الإحباط مكان المشاعر المحمومة منذ لحظات.
- تصبح على خير.
ثم هربت. وسمعت صوت الباب يصفق, فسار إلى الباب آسفا. ما أطولها من ليلة ستمر به!
استيقظت موللي في الصباح التالي و بقيت مستلقية تتذكر ليلة الأمس. لم يسبق لها من قبل أن أمضت عطلة الأسبوع بهذا الشكل. ونظرت في أحاء أجمل غرفة في فندق رأتها في حياتها. كان طراز الأثاث فرنسيا و اللوحات على الجدران كانت نسخا أصلية زيتية و السجاد سميكا وثيرا و الشرفة تمتد على طول الجناح.
نهضت وفتحت باب الشرفة فاندفع إلى الداخل هواء الصباح البارد المنعش ينفخ الستائر المخرمة. إذا كان نك مستيقظا ربما بإمكانهما أن يتناولا الفطور على الشرفة لأن مشهد البحر رائع. كان أزرق داكنا يمتد إلى ما لا نهاية. أخذت معطفها المنزلي و ذهبت لترى إن كان نك مستيقظا.
فتحت الباب المؤدي إلى غرفة الجلوس فتملكتها خيبة الأمل حين لم تجده هناك. لكن باب غرفة نومه كان مفتوحا. ربما كان مستيقظا ينتظرها. اجتازت الغرفة فسمعت صوته. هل معه احد؟ وقفت عند الباب و نظرت إلى الداخل. كان نك خلف مكتبه بكامل ملابسه و يتحدث في الهاتف.
- شكرا للتقرير. سأدع الباقي للمحامي... أنا لم أرها لكنني حتى لم أتناول الفطور بعد. كنت أعرف أن وراء ذلك أكثر مما يبدو في الظاهر و أنا لم أثق بها قط. أنت تعلم أنه لا يمكن أن تخدعني كذابة تافهة. هي تعلم الشروط ... ليكن الماس بديلا لأي مبلغ آخر.
تراجعت موللي إلى حيث غابت عن النظر. إلى من كان يتحدث نك؟ ومن هي التي يتحدث عنها؟ وخفق قلبها ظنا منها أنها هي المقصودة بالحديث. لم يثق بها قط و أكثر من مرة يحقق في دوافعها. أتراه يفكر في أنها ستحاول القيام بشيء ما ضده لتحصل على المال؟
استندت إلى جانب الباب عالمة أنه ما كان لها أن تسترق السمع لكنها لم تستطع منع نفسها.
- نعم حسنا. ربما كان من الأفضل أن تمكث فقط لتسجيل المبالغ المدفوعة و تتحرى عن كل امرأة أخرج معها. وبهذا لا يكون على أن ادفع أجرا لكل امرأة أخرج معها أكثر من مرة.الماس ليس رخيصا.
سمعت موللي ما يكفي, فعادت إلى غرفتها وقد ثار غضبها. كيف يجرؤ على التفكير في أنها تريد ماسا؟ ورفعت يدها و حملقت في الخاتم. ثم انتزعته من إصبعها بعنف و كادت تلقي به من باب الشرفة إلى الخارج.
لكنها عادت فكبحت نفسها فألقت به على السرير وذهبت لترتدي ثيابها.
لم تطلب منه أن يحضرها إلى هنا. أخذت تتمتم بذلك وهي تحزم أمتعتها. لم تطلب منه أن يشتري لوحاتها و يعرضها في ردهات فنادقه. و أخذت تزفر غضبا و هي ترتدي ملابسها بسرعة قياسية. لم تطلب الدخول في هذه الخطبة الزائفة اللعينة. لم تطلب سوى ليلة واحدة من الإدعاء.
سرحت شعرها و هي تنظر إلى المرآة بعينين شاردتين.كان شكاكا إلى حد لا يمكنها معه أن تصدق ما يقول.و هي غير مستعدة لأن ترفع دعوى خرق عهد.هل مازال الناس يفعلون ذلك؟
ولكن ربما يعتبرها صائدة ثروات. وتوقفت عن تسريح شعرها و الفرشاة في يدها.ألا يفترض دوما أن بإمكانه أن يشتري هذا وذاك ليصل إلى ما يريد.
خبطت الفرشاة على الطاولة و كادت تذهب لمواجهة الرجل, لكنها عادت فغيرت رأيها. الأفضل أن ترحل فقط. تذكرت حماستها لشراء خاتم يرمز لشيء غير عادي ... لكنه بدلا من ذلك رآه ثمنا لسكوتها.
كانت تؤدي خدمة لأمه و لكن لا فقد كان عليه أن يظنها تهدف إلى أكثر من هذا. يبدو أن تحريات نك لم تكن كافية فطلب المزيد. حسنا فليتفضل ويتسلم تقريره و خاتمه و ادعاءاته الكاذبة.نظرت حولها لتتأكد من أنها لم تنس شيئا ثم حملت حقيبتها الصغيرة و الخاتم وخرجت.
كان لا يزال يتحدث عبر الهاتف. وضعت الخاتم على المكتب حيث كانت واثقة من أنه سيراه, إذ لم تشأ أن تضيف صفة السرقة إلى رأي نك السيئ فيها. ودون تردد غادرت الجناح و اتجهت إلى حيث موقف سيارات الأجرة و بعد وقت قصير كانت في طريقها إلى المطار. كان عليها أن تشتري تذكرة سفر و لكنه ثمن قليل تدفعه لتمكنها من الرحيل على الفور.
شعرت و كأنها تلقت صفعة. لقد وقعت في غرام رجل يظنها صائدة ثروات. لقد حاولت مساعدة امرأة مريضة فظن أن في ذهنها هدفا آخر.
كيف تحب رجلا كهذا؟ و مع ذلك تحبه! و الألم في قلبها لم يكن يحتمل. هي لن ترى نك مرة أخرى وكادت هذه الفكرة تثير جنونها. إنها تحبه!
سافرت موللي إلى سان جون و من ثم اتجهت إلى بيت والديها. كانا لا يزالان في رحلتهما البحرية. ستتفحص البريد و تسقي النباتات و تمكث في غرفتها القديمة. كانت تختبئ لكنها لم تعبأ بذلك. ستتصل بعملها غدا و تأخذ يوم عطلة أو ربما أياما و تبقى بعيدة عن نك بايلي.

 
 

 

عرض البوم صور الأمل الدائم  
قديم 26-04-08, 05:22 PM   المشاركة رقم: 77
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 70240
المشاركات: 113
الجنس أنثى
معدل التقييم: الأمل الدائم عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 28

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الأمل الدائم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
Congrats التكمله

 

الفصل الأخير:سؤال وحيد ... ممنوع !



عندما أقبل الخميس كانت موللي على شفير الجنون. لقد اقتلعت الأعشاب الضارة من أحواض زهور أمها و أجرت تنظيفا شاملا للبيت.
قرأت بعض الكتب وزارت جيرانها لكن الملل يقتلها.
كانت تحلم بنك ليلا نهارا و تفكر فيه دون انقطاع. حاولت جاهدة أن تشغل نفسها لكن ذلك لم يبدد صورته من ذهنها ولا ذكرياتها معه.. من المرح على الشاطئ إلى يومهما ذاك في شارع المرفأ و لقائها بأمه و رؤيتها صور طفولته وسماعها تسجيلات صوته وهو يتحدث بشكب مضحك أثناء طفولته.
لكنها ستنسى كل ذلك. لم تعرف ذلك الرجل إلا مدة أسابيع. وما أسرع ما ستنسى هذا الافتتان السخيف وتعود إلى وضعها السابق المستقر المتزن! وكلما قرع جرس الهاتف لن تتوقع أن يكون هو. وكلما سمعت صوت سيارة في الشارع لن تتوقع أن تكون سيارته.ربما هي تهتم بهذا الرجل أكثر مما يجب. هل حاول قط أن يتصل بها بعد عودته إلى سان فرانسيسكو؟ أم تراه فهم من تركها الخاتم أن علاقتهما انتهت؟
تساءلت عما تراه أخبر أمه... أم أنه مازال على ادعائه كي تتحسن صحتها بسرعة؟
عندما رن جرس الهاتف بعد ظهر الخميس, تملكها الإغراء في أن
تدعه يرن. هاتف والديها نزود بمجيب ىلي وكل اصدقائها يعرفان أنهما في رحلة لم يعودا منها بعد.
- آلو؟
- موللي, أنا بريتاني. أرجو أن يكون كل شيء على ما يرام.
بريتاني! فأجابت :" طبعا , لم لا؟" ما الذي جعل بريتاني تتصل بها؟ وكيف حصلت على رقم موللي؟
- حسنا, أنت لم تأتي إلى العمل طوال الأسبوع وهذا ليس من عادتك. يبدو أن لديك مشاكل. هل هناك ما يمكنني أن أساعدك به؟
تشبثت موللي بالسماعة:" هل جاء نك؟"
- يوميا, و لكن في أوقات مختلفة وقد غادر الآن لتوه. كان يبدو متلهفا. أخبرته بأنني سأرى كيف يمكن أن أساعده.
- ما أحلى هذا التطوع منك!
و أرادت موللي أن تصرف بأسنانها. كانت تعلم سبب تطوع بريتاني هذا ... لمزيد من الأقاويل. وقالت:" آسفة علي أن أذهب."
ووضعت السماعة. لم تستطع أن تصدق أن بريتاني اتصلت بها. كانت تعلم أنها تبحث عن معلومات للثرثرة و لكن هل ما قالته صحيح؟ هل يذهب نك إلى شركة <زنتك> يوميا؟ ورن جرس الباب.
عندما فتحت موللي الباب, تنهدت:" كان علي أن أعلم. لماذا تأخرت؟"
و ابتسم دوني :" لدي زبائن ىخرون لكن نك ابن خالتي. حاول أن يقوم بالعمل وحده, لكن إحساسا داخليا تملكني.هل يمكنني أن أدخل؟"
ترددت موللي لحظة, ثم هزت كتفيها. وماذا يهم لو دخل دوني أو لم يدخل؟ إنه يعلم وضعها الآن ... فردوسها الآمن قد تبخر.
دخلت أمامه إلى غرفة الجلوس حيث جلست على كرسي و أشارت إلى الأريكة. وجلس على الحافة و نظر حوله ثم إليها:" أتريدين أن تخبريني لماذا هربت بهذا الشكل؟"
- وهل هذا يهم؟
- كلا, في الواقع. لكنه لا يبدو طريقة مناسبة.
- بسبب تحرياتك الواسعة؟
ضاقت عيناه للحظة:" ظننت أننا تجاوزنا ذلك. لم نكن نريد أن نقدم للخالة ايلين فتاة غريبة تماما."
- أعني التحريات الجديدة.
فهز رأسه:" أنت تحيرينني! لم أسأل عنك سوى مرة واحدة بعد يوم من حفلة زنتك"
تأملته لحظة ثم تملكها الشك:" سمعت نك يتحدث معك يوم الأحد."
- لقد أخبرته بأحدث أخبار الاختلاس فقد ظهر أن هناك شخصين متورطين. كان نك قد قرر مواصلة التحري.
- سمعته يتحدث عن ماسة.
و عندما أومأ قالت:" هذا ما جعلني أرحل."
فقطب جبينه:" لماذا؟"
- أخبرتك لتوي بالسبب
- هل غضبت لأن كارمن احتفظت بالقلادة الماسية التي قدمها إليها نك في عيد الميلاد؟
- كارمن؟
فأومأ قائلا:" نك يبحث عنك فهو لا يعلم لماذا رحلت. قصد شركة زنتك ثم بيتك."
- ثم أرسلك في أثري؟
- لا بل أنا من اتخذ المبادرة. فإذا لم تنجح لا أريد لم تنجح لا أريد أن ينقطع أمله.
تملكها الاضطراب. أي أمل؟ ولماذا يهتم نك بأحد سوى أمه؟
نظرت إلى يديها ثم عادت تنظر إلى دوني:" كانت تلك خطبة زائفة
و أنت تعلم ذلك. أنا لم أعرفه قط قبل تلك الليلة."
- أهكذا؟ أظنه يهتم لأمرك ربما أكثر مما يدرك هو. لقد هزه رحيلك.
- لم أكن أنوي أن ... و أغمضت عينيها قبل أن تقول أكثر مما يجب ...
- أظنه سينام بشكل أفضل إذا سمع خبرا منك أو رآك. امنحي الرجل فرصة يا موللي و انظري إلى أين يؤدي بك هذا.
و نهض دوني محييا :" أنا عائد إلى بيتي. الحياة في سان فرانسيسكو مزعجة جدا بالنسبة إلى رجل من لوس انجلوس."
نظرت إليه وهو يرحل, متسائلة متى يتصل نك.
عندما مر العصر ذلك النهار و لم يرن الهاتف, ابتدأت تعتقد أن دوني لم يخبر ابن خالته بمكانها. إذا لم يخبره ما هو السبب؟
(أظنه يهتم لأمرك) هذا ما قاله دوني. وعندما ألقت بنفسها على السرير تلك الليلة دون أن تستطيع النوم, احتلت ذهنها صور مختلفة لنك. ثم صورة معينة...
عندما اشترى لها الخاتم و وضعه في إصبعها تماما كما لو كانت خطبة حقيقية!
و جلست منتصبة... ماذا لو كان نك يحبها؟ ماذا لو كانت تبعد عنها الشيء الوحيد الذي تريده أكثر من أي شيء في العالم؟ كيف يمكنها أن تعلم؟
يمكنها أن تسأله.
عادت تستلقي على الوسائد و تفكر أنها تقول له :" أنا أحبك. ما هو شعورك نحوي؟"
ربما سيضحك في وجهها, إذا لم يتهمها بمحاولة القيام بشيء لتحصل على نقوده. في الواقع كان اهتمامه مركزا على هذا الأمر. ولم لا ما دامت كل النساء اللاتي عرفهن كن يتقربن منه لهذا الأمر؟
هي ليست كذلك و لكن هل يعلم هذا؟ لقد احتاجت إلى مساعدته تلك الليلة و هذا كل شيء. وفي اليوم التالي طلب المساعدة فمنحتها له بسهولة رغم أنه كان دوما يتحدث عن التعويض لها.
ما عدا أنه توقف عن ذلك مؤخرا ... أتراه غير رايه فيها؟
كم تمنت أن تكون خطبتهما حقيقية لكنها لم تتصوره يفعل ذلك. ولماذا يستسلم رجل أعمال صارم إلى التخيلات العاطفية؟ هل لمجرد تمثيل دور أمام بائع المجوهرات؟ لا تظن ذلك.
جلست في سريرها مرة أخرى و نظرت إلى الساعة. كانت الواحدة بعد منتصف الليل. فات الأوان على الذهاب إلى أي مكان الليلة.
(أظنه سينام بشكل أفضل إذا سمع خبرا منك)! هل لدى نك اضطرابات في النوم أم أنها طريقة دوني في القول إن نك قلق عليها.
بل أكثر من مجرد قلق إذا كان يذهب يوميا إلى زنتك ... كم هو فظيع بالنسبة إليه أن يضطر إلى الاعتراف بأنه لا يعرف مكانها! لقد قال مرة إن المرء إذا أراد شيئا فهو يستحق المجازفة.أنراه يجازف من أجلها؟ إلى أي حد هي متلهفة إلى الحصول على نك؟
أشعلت النور و مدت يدها إلى الهاتف و حاولت أن تطلب مساعدة الاستعلامات للعثور على الرقم, لكنها عادت فتوقفت فهو لم يعطها أي رقم.ألا يتبادل الناس الذي يهتمون ببعضهم أرقام هاتفهم؟
و أخيرا جربت الفندق.و عندما سمعت الجواب قالت:" نك بايلي."
- من المتكلم؟
طرفت بعينيها. هل مازال في العمل في مثل هذه الساعة:" موللي ماغاير."
- لحظة من فضلك.
- بايلي.
كان صوته هو نفسه. وأغمضت عينيها تستمتع بسماعه:" مرحبا يا نك. هذه أنا موللي."
ساد الصمت لحظة ثم قال:" أين أنت بحق الله؟ ثم لماذا رحلت بذلك الشكل يوم الأحد الماضي؟"
و أدهشتها الخشونة في صوته.
- أنا في بلدي. لم أقصد أن أقلقك.
- ماذا ظننتني سأفعل عندما لا أجدك هناك؟ ظننت في البداية أنك اختطفت. ثم قال شخص هناك أنك استأجرت تاكسي و اتجهت إلى المطار.
- أنا ... سمعتك تتحدث على الهاتف فأسأت الفهم.
- ما الذي تتحدثين عنه؟
- إنها قصة طويلة و يسعدني أن أخبرك بها غدا هذا إذا كنت لا تزال تريد رؤيتي.
- نعم هذه الليلة. يمكنني أن أكون في بيتك بعد عشر دقائق.
- أنا لست في شقتي. أنا في بيت أسرتي. سأعود إلى سان فرانسيسكو غدا. ويمكننا أن نتقابل ...
- أين هو البيت؟ أنا قادم إليك الليلة.
- إنه في فريمونت. رباه لا يمكنك أن تقطع كل هذه المسافة الليلة! إننا الآن بعد منتصف الليل.
- أنا مستيقظ و أنت مستيقظة فماذا يهم الوقت؟ أعطني العنوان.
حالما وضعت السماعة.قفزت من السرير ثم ركضت إلى الحمام. نك سيأتي إلى هنا الليلة. لديها ثلاثة أرباع الساعة تقريبا لتغتسل و تغير ملابسها ولم تستطع أن تصدق أنه رفض الانتظار إلى الغد. كان بإمكانها أن تشرح له الأمر عند ذاك أو حتى هاتفيا.
لكنه أصر على رؤيتها الليلة.

*******

كانت موللي تراقب الطريق من نافذة غرفة الجلوس عندما صعدت السيارة في طريق البيت. وركضت إلى الباب تفتحه على اتساعه بينما كان ينزل من السيارة, و أخذت تنظر إليه وهو يتقدم نحو البيت بسرعة و قلبها يخفق.
رآها فسارع خطواته:" إياك أن تفعلي هذا معي مرة أخرى."
قال هذا وهو يأخذها بين ذراعيه و يحتضنها بشدة لم تستطع معها أن تتنفس. تعلقت به بقوة شاعرة بالذنب. لم تكن تقصد أن تقلقه. أبهجها عناقه و استمتعت بحرارة جسمه و صلابته, متمنية أن تدوم هذه اللحظة إلى الأبد.
لكنها لم تدم, إذ سرعان ما تراجع عنها لينظر في عينيها.
- الأفضل أن يكون تبريرك لما فعلته مقنعا.
لمست خديه و هي ترى القلق مازال في وجهه:" تبدو متعبا."
- لم يغمض لي جفن منذ ليلة السبت. لماذا رحلت بذلك الشكل.
- ظننت أن لدي سببا وجيها. أتريد أن تدخل و تسمعه؟
نظر حوله في الظلام. لم يبد أحدا مستيقظ و لكن لم يكن هناك
سبب يجعلهما يتحدثان في الخارج :" إذا شئت."
تركها و دخلا المنزل و قادته إلى غرفة الجلوس. جلست على الأريكة وهو بجانبها.
قالت:" إذا كنت تريد أمرا بقوة فهو يستحق المجازفة. هل تتذكر أنك قلت لي هذا بنفسك؟"
فقال مقطبا:" ربما قلت شيئا كهذا."
- المجازفات تكون مخيفة أحيانا.
- ما علاقة هذا بسان دييغو؟ هل كنت خائفة هناك؟
- لا, بل كنت سعيدة لقد أمضيت وقتا رائعا.
- هل هذا هو سبب رحيلك بذلك الشكل صباح الأحد ذاك؟
- سمعت, في الواقع, حديثك مع دوني أو جزءا منه على الأقل, وظننتك تتحدث عني.
- كنا نتحدث عن المختلسين.
- وعن كارمن كما قال دوني.
- هل تحدثت مع دوني؟
- كان هنا. ظننته سيخبرك.
- متى كان هنا؟ ولماذا لم يخبرني؟
- كان هنا اليوم ولا أعرف لماذا لم يخبرك. لكنه أخبرني بأنكما كنتما تتحدثان عن كارمن.
فقال غير مصدق :" هل رحلت لأجل ذلك؟"
- لا.ظننتك تتحدث عني وانك تتوقع إقامة دعوى نقض عهد بالزواج أو ما شابه و من ثم تتخلى عني. شعرت بالإهانة و ثار غضبي فرحلت.
هز رأسه غاضبا و حدق إليها لحظة طويلة, أخذ غضبه يتلاشى ببطء:
" ظننت أننا اتفقنا على أن نستمر في هذه الخطبة."
- حتى تتحسن صحة أمك
- أو يصبح لدينا سببا جيدا يجعلنا ننهيها.
- كأن تجد امرأة أخرى مثلا؟ سألته وهي لا تتذكر هذه النقطة من الاتفاقية.
- أو تجدي أنت رجلا آخر.
كان هذا غير محتمل خصوصا على المدى القريب.فقد كان نك يملأ أحاسيسها و عقلها حتى أنها لا تستطيع أن ترى رجلا آخر مكانه. جازفي! اغتنمي الفرصة! وقالت بجرأة:" قد لا أعثر على رجل ىخر أبدا."
- ولا أنا .
حبست أنفاسها. ما معنى هذا؟
فقال برقة:" أو يمكننا أن ننهيها كما تنتهي الخطبة عادة."
- كيف؟
- بحفلة زفاف.
حدقت إليه و الأمل يتنامى في قلبها. كانت تقريبا من أن تسأل فيضحك عليها ويقول إنه كان يمزح لا غير.لكنها كانت الليلة تشعر بالجرأة :"زفافنا؟"
فأومأ إيجابا, ثابت النظرات.
- بالزواج؟
قالت هذا شاعرة بالغرفة تدور حلوها. مدت يدها تلمسه...لتركز نفسها على الأرض.
- لأنني أحبك يا موللي, أريد أن أتزوجك. أريد هذه الخطبة أن تكون حقيقية حتى يعود والداك ز ترانا أمي متزوجين.عند ذلك نعيش معا إلى الأبد.
- آه...
- أهذا كل ما بإمكانك أن تقوليه؟
-أنا مذهولة. فأنا أواجه مجازفة كبرى كما ترى.
- بل يبدو أنني أنا الذي يواجه مجازفة كبرى فأنت لم تردي عليا بنعم أو لا.
ضحكت و ألقت بنفسها بين ذراعيه:" نعم, نعم, نعم, و ألف نعم.كنت سأقول لك إنني أحبك.كنت سأجازف بأن أهجر مرة أخرى, بعد أن أفسدت كل شيء... ز ذلك بقولي..."
فقال راضيا:" ... إنك تحبينني."
- أنا احبك, أعبدك.هذا ما تريده أليس كذلك؟ الحب حتى العبادة؟
- نعم فأنت أسرتني.
منحته قبلة عذبة:" أنا لم أأسر أحدا من قبل."
- بل أسرتني من اللحظة الأولى. لم أدرك ذلك ثم قاومت هذا الشعور. ولكن رحيلك ير كل شيء. بعد أن رأيت سام و ستيفي معا, بدأت أفكر في أنني أريد شيئا مثل ذلك و قبل أن أفكر في الأمر جيدا كنت أنت قد رحلت, و أدركت ما معنى الحياة من دونك. وكان هذا شيئا لا أريده.
- وهذا يذكرني بشيء. اتصلت بريتاني اليوم. قالت إنك كنت تزور زنتك يوميا.
- هل أصبحتما أنت و بريتاني صديقتين؟
- لا, بل كانت تبحث عن أقاويل للثرثرة. لم أصدق أن لديها الجرأة لتتصل. هل كنت تذهب حقا إلى هناك يوميا؟
- باحثا عنك. ظننت نفسي ذكيا.
فضحكت:" أتصور ذلك."
و أخذت وجهه بين يديها:" آسفة لأنني هربت بذلك الشكل ولأجل سبب خطأ أيضا. لو كانت لدي فكرة عن شعورك..."
- كيف تظنني شعرت؟ اشتريت لك خاتم خطبة.
فأومأت:" كان علي أن أفهم من قبل..."
أخرج من جيبه علبة فتحها و أخرجه:" لقد أحضرته. هل أعجبك حقا, أم أنه فقط لتريه لسام و ستيفي؟"
نظرت إليه ثم إلى الرجل الذي تحب:" طوال الوقت الذي كنا فيه هناك كنت أتمنى لو أن الخطبة حقيقية."
- كانت عيناك دامعتان.سأتذكر ذلك دوما.
قال هذا و هو يلبسها الخاتم مرة أخرى. ومرة أخرى نظرت هي إلى الرجل الذي تحب من خلال دموع السعادة.
- أحبك يا نك.
- احبك يا موللي ماغاير.
لقد طلبت رجلا طويلا أسمر خطرا وكان هذا أروع ما يمكن طلبه!


تــــــــمــــت بحمد الله

 
 

 

عرض البوم صور الأمل الدائم  
قديم 26-04-08, 05:27 PM   المشاركة رقم: 78
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 70240
المشاركات: 113
الجنس أنثى
معدل التقييم: الأمل الدائم عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 28

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الأمل الدائم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

ارجوا ان تحوز هذه الروايات على اعجابكم ...
ومن كان يفضل روايه معينه فاليذكرها وسنبذل جهدنا لكتابتها ..

 
 

 

عرض البوم صور الأمل الدائم  
قديم 27-04-08, 09:59 AM   المشاركة رقم: 79
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45537
المشاركات: 187
الجنس أنثى
معدل التقييم: الناظر عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الناظر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

تسلم ايدك الامل الدائم ""

 
 

 

عرض البوم صور الناظر  
قديم 27-04-08, 04:31 PM   المشاركة رقم: 80
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 70240
المشاركات: 113
الجنس أنثى
معدل التقييم: الأمل الدائم عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 28

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الأمل الدائم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
Newsuae

 

اليوم حنزل اسماء مجموعة من الروايات مع ملخصاتها واترك لكم التصويت للرواية التالية ثم التي تليها والتي تليها ...
يعني انتم قوموا بترتيبها حسب الأفضل في المراكز الثلاثة..


والأن إليكم الروايات ....

ضفاف سيلبرس
جان اربور
روايات عبير الجديدة


الملخص :
كانت جولييت تستعد بيأس كبير لمغادرة ريتغن, هذه البلدة الصغيرة, حيث تدير مدرسة للفنون اليدوية, ففندق البلدة الوحيدة سيقفل ابوابه مما يجعل الفتاة كل زبائنها...
رجل واحد فقط هو كارل ادلر يمكنه ان يجعلها تغير رايها, الم يقرر انشاء منشرة اخشاب على ضفاف سيلبرس, البحيرة الهادئة الرائعة بين جبال بافاريا؟ لكن جوليت اعلنت الحرب على كارل, مشروعه هذا لن يرى النور! ستبقى!.






رواية " الحب المجنون "

من روايات عبير القديمة

شخصيات الرواية

"بليندا برونسكي":فتاة أمريكية توفي والداها وأصبحت تحت
وصاية ابن زوج أمها
"وولف ويكفيلد":نجم سينمائي صاعد
"هيكتور بليدسو":ابن زوج أم بليندا والوصي بها
"لوريث":مديرة منزل بليندا وهي ريفية فرنسية عجوز...

ملخص الرواية:

صرخت بليندا وهي تواجهه وقد أسندت ذراعيها على السطح
اللامع للمكتب.
- والآن عليك أن تشرح لي.
- لا تصرخي عاليا فلربما اعتقدت ليديا أننا نتعارك
- هذا ماسنفعله بالضبط يا وولف
قال بصوت راض:
- لازلت جميلة وأنت غاضبة وفي منتهى الفتنة والجاذبية.
قالت بليندا وهي تضع كل دفاعاتها أمام صوته الناعم والذي
تعرف تماما مدى خطورته:
- سألقي بك من النافذة إذا لم تخبرني في الحال مامعنى كل هذا..
إن الصحف حددت تاريخ الزواج..خلال خمسة عشرة يوما بالضبط.
هل أنت الذي أصدرت هذا البيان إلى الصحافة؟
اعترف بصوت هادئ:
- نعم هو أنا... في الحقيقة سنتزوج ثم...


والتقينا من جديد


الملخص
لقد خدعت كليا منذ سبع سنوات, ولكن ليس من جديد, منذ سبع سنوات حالمة ومغرمة
الآن أصبح كل ذلك وراءها, وهي تنظم حفلات زفاف الاخرين بينما تبقى هي عازبة. لم تكن تتوقع ان تكون مهمتها الاخيرة رؤية وولف ثورنتون عريسا, الرجل الذي توقعت مرة ان تتزوج منه!
افترقا بمرارة وندم. سين قررت ان لاتقع في حب رجل ابدا
ولكن بدا انها تفعل ذلك تماما, ومع الرجل نفسه!..

" ماذا تفعل هنا, ياوولف؟"
سألته متحدية. لوى فنه, مظهرا الخطوط العميقة على خذيه." بالتأكيد انت لا تعتقدين ان حديثنا قد انتهى؟"قال بازدراء ناظرا اليها باشفاق لسذاجتها.
اخذت نفسا متقطعا:"لاي حديث تعني, ياوولف؟"
ورفعت حاجبيها الاشقرين متسأئلة:" حديث هذا الصباح أم ذاك الذي كان منذ سبع سنوات؟"



انتظر روددوكم وتصويتكم ...

 
 

 

عرض البوم صور الأمل الدائم  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 04:57 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية