المنتدى :
عالم الشباب , ازياء شباب , موضه , موضة شباب , شباب
الحلاقة...
د.ميشيل حنّا
بمناسبة الفيلم البديع "سويني تود"، الحلاق الشيطان من شارع "فليت"، الذي كان يذبح الزبائن بموسى الحلاقة، ويرسل جثثهم إلى محل الفطائر؛ لتستخدم في صناعة الفطائر باللحم! نقدِّم لكم هنا هذا الكلام عن الحلاقة.
في البداية نقول: إن الحلاقة -لمن لا يعرف- هي عملية قص الشعر بواسطة موسى حادّ؛ بحيث لا يتعدى طوله ارتفاع الجلد نفسه. وهو نشاط قاصر على الرجال بالنسبة لمنطقة شعر الوجه، وتستخدمها النساء أحيانًا؛ لإزالة شعر الساقين والإبطين، وهي عادة منتشرة في الغرب أكثر، بينما تسود هنا عادة استخدام عجينة السكر والليمون، وإن كانت عادة استخدام الأمواس قد بدأت تنتشر في مصر حديثًا بعد قيام شركة "جيليت" بطرح مجموعتها من ماكينات وأمواس الحلاقة النسائية في المنطقة، وبعد تغلغل العادات الغربية في الشرق ضمن تيارات العولمة.
ويدخل كل شعر الجسم ضمن منطقة نفوذ موسى الحلاقة، ويقوم الرجال بحلق شعور رءوسهم في بعض الحالات (والمقصود بالحلاقة هنا مساواة مستوى الشعر بارتفاع الجلد وفقًا للتعريف السابق وليس عمليات القصّ والتقصير الدورية العادية)، ويقال هنا أن فلاناً قد حلق شعره (زلبطّة) أو (على البلاطة)! ويقوم بهذا النوع من الحلاقة بعض الطلبة في أثناء الامتحانات؛ لإضفاء شكل قبيح على النفس يجبرهم على المكوث في المنزل والاستذكار، وأيضاً تقوم الجيوش في مختلف البلدان بهذا النوع من الحلاقة للجنود؛ وذلك لتقليل انتشار القمل والبراغيث، ويقوم بها اليهود الذين عليهم نذر ديني، وأبطال السباحة، ومؤخراً ظهرت موضة حلاقة الرأس بالكامل لدى الأشخاص المصابين بصلع جزئي، أما الكهنة أيام الفراعنة فكانوا يحلقون شعور رءوسهم وأجسامهم بالكامل ويتضمن هذا شعر الحاجبين والرموش.
وعلى مدى التاريخ كانت حلاقة شعر الرأس وشعر اللحية نوعاً من العقاب والإذلال، وحتى اليوم يقوم الناس في المناطق الشعبية بعقاب الشابّ الذي يقوم بمعاكسة فتاة ما بتكتيفه وحلاقة شعر رأسه بالقوة كنوع من الإهانة والعقاب، وفي السجون أيضا يتم حلاقة شعر رأس الواردِين الجدد، وفي فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية كانوا يحلقون رءوس النساء اللواتي تعاونَّ مع السلطات النازية أثناء فترة احتلال ألمانيا لفرنسا، وفي سِفْر "صموئيل الأول" نقرأ أن الملك "داوود" أرسل عبيده؛ للتعزية في وفاة ملك "بني عمون"، فأمسكوهم، وحلقوا أنصاف لحاهم، وأعادوهم إليه، مما أدى إلى قيام الحرب بعد ذلك بين "داوود"، و"بني عمون".
لم تكن عادة حلاقة الشعر أو الذقن منتشرة عبر التاريخ سوى في حالات قليلة، وكما تشير الصور التاريخية، فإننا نعرف الآن أن "الإسكندر الأكبر" -الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد- كان حليق الذقن، وتشير الدراسات التاريخية إلى أن عملية الحلاقة كانت تتم باستخدام صدفتين يتم بهما جذب الشعر؛ لخلعه من جذوره في حالة الرغبة في إزالته. وفي حوالي عام 3000 قبل الميلاد، حين تم اكتشاف النحاس واستخدامه في صنع الأدوات المختلفة، ظهر الموسى النحاسي، وكان الكهنة المصريون يستخدمونه للتخلص من شعرهم.
أما في معظم أنحاء العالم فقد كان وجود اللحية دليلاً على الرجولة، وكان العرب يرون أنه كلما طالت اللحية كلما أنقص هذا من العقل! فيقول "زياد بن أبيه": ما زادت لحية رجل على قبضته، إلا كان ما زاد فيها نقصًا من عقله، ويقول شاعر:
إذا عرضت للفتى لحـــــية وطالت فصارت إلى سُرّتهْ
فنقصان عقل الفتى عندنا بمقدار ما زاد في لحـــيتهْ
ورغم عدم استحسان أن تطول اللحية إلا أن حلاقتها كانت تعتبر أيضًا من الأمور المشينة أو دليلاً على الخلاعة، وكان لدى العرب قول يشتمون به بعضهم هو: "حلق الله لحيتك"..
وهناك طرق عديدة للحلاقة، فهناك الحلاقة باستخدام الموسى التقليدي -والذي ما زال معظم الحلاقين في محلات الحلاقة يستخدمونه حتى الآن- وهناك الآن ماكينات الحلاقة البلاستيكية، وماكينات الحلاقة الحديثة التي يتم تغيير الموسى لها كلما فقد حِدَّته. وتطوّرت الماكينات ليضم الموسى شفرتين، ثم تطورت أكثر ليضم ثلاث شفرات مع الماكينة "ماك 3" (ويسميها البعض ماخ 3)، والتي تكلفت الأبحاث الخاصة بها 680 مليون دولار كما تقول شركة "جيليت"! وحالياً توجد أمواس ذات أربع شفرات إلا أنها ما زالت غير منتشرة بعد، وتتضمن بعض الماكينات الجديدة جهازًا صغيرًا يعمل بالبطارية؛ لإحداث اهتزازات تساعد على بروز الشعرة؛ لحلاقتها. أما أحدث ماكينات الحلاقة فهي الماكينة "Fusion" من "جيليت"، والتي تحتوي على خمس شفرات، وشفرة إضافية للأماكن الصعبة..
ويتم وضع كريم قبل الحلاقة؛ لترطيب الجلد، وتقليل التوتر السطحي للشعر، وبالتالي تسهيل الحلاقة، وأيضا لتقليل الألم، واليوم توجد منتجات كثيرة جدًّا لهذا الغرض منها الفوم والجيل.
وبعد الحلاقة يتم استخدام لوسيون مرطب؛ لتنعيم الجلد، وعادة ما يحتوي على مطهّر؛ لتطهير الجروح الناجمة عن الحلاقة إن وجدت.
أما الماكينة الكهربية فتحتوي على شفرات تدور حول نفسها، وتقع هذه الشفرات تحت حاجز معدني رقيق ومثقوب يمنعها من التلامس مع الجلد. ويدخل الشعر من ثقوب الحاجز المعدني؛ لتقصه الشفرات المتحركة. قد تبدو هذه الماكينة حديثة إلا أنها في الحقيقة ظهرت للمرة الأولى عام 1928، وهي من اختراع "جاكوب شيك".
وعيب الحلاقة بهذه الماكينة هو أن النتيجة ليست ناعمة مثل الحلاقة باستخدام الكريمات والشفرات العادية، إلا أنها لا تسبب الكثير من الجروح مثل الطريقة التقليدية.
وللحلاقة عدد من الآثار الجانبية، مثلها في ذلك مثل الأدوية! حيث عادة ما تنتج عدة جروح أثناء الحلاقة، وهذه تكون مصدراً للتلوث بالميكروبات إذا لم يتم تطهيرها جيدًا، ويمكن لجروح الحلاقة أن تستمر في النزيف لحوالي خمس عشرة دقيقة، ويمكن للموسى أيضا أن يكشط جزءًا من الجلد فتصبح هناك فجوة دامية في الوجه. وينصح بشطف الوجه بماء بارد عند الحلاقة؛ لأنه يؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية، وتقليل سريان الدم، وبالتالي إيقاف النزيف. وهناك أيضا التهاب الجلد الذي يحدث عند تلامس الجلد مع الموسى، خاصة لدى الأشخاص ذوي البشرة الحساسة، ويحدث هذا في حالة الحلاقة بموسى غير حادّ، أو الحلاقة بدون استخدام كريم الحلاقة، أو الحلاقة على فترات متقاربة، أو الضغط بالماكينة بشدة على الجلد أثناء الحلاقة، أو الحلاقة عكس اتجاه نمو الشعر.
وينصح في هذه الحالة بممارسة الحلاقة على فترات متباعدة، وتجنّب الحلاقة الجافة بدون كريم، وتجنب استخدام العطور أو لوسيونات ما بعد الحلاقة التي تحتوي على روائح أو عطور؛ لأنها تزيد من الالتهاب في الجلد الحساس، ويمكن استخدام لوسيون يحتوي على الصبار وحمض الساليسيليك.
كما تتكون أحيانًا بعض الحبوب الصغيرة في المنطقة الملتهبة، وتحدث هذه الحبوب بعد الحلاقة إذا نما الشعر مرة أخرى في اتجاه غير صحيح إلى داخل الجلد نفسه، ويؤدي هذا إلى ظهور حبة حمراء ملتهبة ومنتفخة، وتحدث هذه المشكلة بصفة خاصة في شعوب إفريقيا؛ حيث يكون الشعر خشنًا ومجعّدًا، ولا ينمو في الاتجاه الصحيح.
من الحلول الفعالة لهذه المشكلة ترك اللحية؛ لتنمو دون حلاقة لثلاثة أو أربعة أسابيع، حتى تصل الشعرة إلى الطول الكافي الذي يجعلها تخرج من الجلد، مع دهان كريم موضعي يحتوي على الكورتيزون؛ لتقليل الالتهاب.
إذا لم يكن هذا ممكناً بسبب ظروف العمل، فيمكن إطالة الفترة بين كل حلاقة وأخرى، بحيث يحلق الشخص ذقنه يومًا بعد يوم بدلاً من الحلاقة يوميًّا، وتوصف لوسيونات تحتوي على حمض الجليكوليك أو البنزومايسين، أو مستحضرات تحتوي على حمض الريتينويك؛ لتحسين الحالة.
وهناك الآن طريقة لإزالة هذه الحبوب نهائياً بالليزر، وإن كان هذا الأمر مكلفاً ويحتاج إلى عدة جلسات.
التعديل الأخير تم بواسطة Rehana ; 08-07-12 الساعة 11:04 AM
سبب آخر: حذف الصور المعطوبة
|