كاتب الموضوع :
ربيع عقب الباب
المنتدى :
خواطر بقلم الاعضاء
ســـــاحر النهر (( 3 ))
النهر الحزين
تأهب " حسينة " لطرح الشباك مرة أخرى ، قال بسم الله ، وهو يدفع الشباك على امتداد ساعده ، بكل قوة .. وحين كان يسحبها تأكد له خواؤها، فأعاد المحاولة ، لكنه لم يكن بأسعد حظا من المرات السابقة ، فأسلم أمره لله ، وصعد على الجسر ، ينتظر وصول أميرة النهر ، يحدق فى صفحة القمر البيضاء ، و يخاطبه بانكسار ، و يرجوه أن يخبره عن سبب تخلفها عن موعده .. مر من فوقه الطائر الليلى ، فناداه ، وراح يسأله عنها ، لكنه ابتعد عنه ، و لم يرد عليه ؛ فقد كان مشغولا بالتسبيح .
وفجأة أرعدت السماء ، و برقت ، وهطل المطر رذاذا أول الأمر ، ثم أرسل سيلا . وحسينة على حاله ، لم يتزحزح قيد أنملة .. راح ينادى أميرة النهر :" ياأميرة النهر .. أين أنت ؟ لماذا تحاولين إيلامى ؟ أنا لم أقدم لك أذى .. وقد مضى زمن طويل لم نفترق ليلة واحدة ، منذ رأيتك لأول مرة .. تعالى يا أميرة النهر .
لكن أميرة النهر لم تأت .. والمطر يهطل ، وحسينة يعطس .. ويرتجف من البرد .. لكنه لم يتحرك عن موضعه . وقبيل الفجر بقليل كانت الحمى تسرى فى جسده ، وحرارته ترتفع بشكل مخيف .. كان يهذى .. أى ذنب جنيت ؟ أنت جميلة جدا يا أميرة .. هل تتزوجينني ؟ لم لا تردين ؟ أستطيع أنا الآخر أن أكون عصفورا ، و أحلق مثلك فى الفضاء .
ظل على هذه الحال حتى أدركه أبوه وأخوته ، وحملوه إلى البيت .. وأسنانه تصطك .. وتصر .. وجسده يرتعد .. وحرارته فى أعلى معدل لها . بسرعة كانوا ينزعون عنه ثيابه المبتلة ، ويستدعون طبيبا على وجه السرعة .
حين تماثل للشفاء كان يحمل المخلاة ، و الشباك ، ويندفع فى اتجاه النهر ، تصحبه وصايا أبيه بعدم التخلف ، و ألا يجعل النهر يضيق به ؛ فالنهر له أيضا مايهمه ، ولا بد من تركه وحيدا بعض الوقت .
هناك على الجسر ظل جالسا ، ينتظر أميرته ، وحين حل الليل ، ونامت الكائنات ، انشطر الماء ، و انبثق شيء كعمود نور خالص ، ثم حوم فى الفضاء ، وحط أخيرا إلى جوار حسينة على الأرض .
كانت هى .. أميرة النهر .. استقبلها هاشا باشا ، وردت عليه بكبرياء وحزن :" كنت أراك كل ليلة .. أراك تتألم وتتوجع .. وتشكو وحدتك .. لكم ناديت عليك .. وكم فى الليل أعطيتك الدواء .. لكنك ما شعرت بى .. كنت تهذى باسمى .. فتجرى دموعى نهرا يغسل وجعك !!
قال حسينة :" كنت أحس بك تحومين حول فراشى ، وكنت أسير مرضى .. لم تبتعدين عنى ؟
التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب ; 07-04-08 الساعة 10:50 PM
|