كاتب الموضوع :
ربيع عقب الباب
المنتدى :
خواطر بقلم الاعضاء
ساحر النهر
( 1 ) أميرة النهر
فى ذلك المساء البعيد ، كان "حسينة " يبلغ العاشرة من عمره ، وبمناسبة بلوغه هذه السن سمح له أبوه "مجيد " بمرافقته فى رحلة صيده اليومية ، فحمل الشبكة ، وجرى نحو النهر ، وهو يغنى ، ويصفر ، ويطوى المسافة طولا وعرضا 0
صورة اسرية رائعة جو اجتماعي محبب وعائلة دخل فيها ربيع وصفر وغنى
كم من مرة بكى كى يسمح له أبوه بمرافقته ، وكم من مرة شكا لأمه الطيبة ، لترجو أباه ، وتستعطفه حتى يرضى ، ويقبل مرافقته ، ولكن محاولاته باءت بالفشل ؛ فإصرار أبيه على بلوغه العاشرة أولا كان أقوى من أى إلحاح ، وأية دموع ، ودائما كان يردد :" النهر لا يحترم الضعفاء و لا الصغار "
النهر لايحترم ..............هل هو نهر الكاتب ام نهر الكلمات ام نهرالحب الصادق0
فى ذلك المساء رأى جنية النهر ، رآها تلعب على الجسر ، طفلة جميلة فى مثل عمره ، لها شعر فاحم كالليل ، ووجه كريم ، وغمازتان تدلان على أصل طيب عريق ، وثغر بسام ، ينثر البهجة فى أرجاء المكان
الجنية ... لقد جعل المحبوبة جنية لكن هل اراد بها الحب ام انها الاحلامربيع يقف في زاوية بعيدة ليشاهد الجنية الجميلة التي فتنت بطله في هذه الكلمات
كريم ..عريق ...اصالة في جنية ربيع فتتميز بانوثة طفلة 0
ابتسم " حسينة " بإعجاب وانبهار ، ودنا منها أكثر ، فشم رائحة زكية هفهافة ، لا هى رائحة الورد ، ولا هى الياسمين ، ولا الفل والنرجس ، ولا البرتقال ، إنها مزيج من كل هذا 0
رائحة لقد جعل لتلك الجنية سمة مميزة فكانه واحة العالم العذب
واول مرة اقراء ان جنية لها رائحة عذبة لتدم مبدعا ياربيع
انسحر بها ، فتحركت قدماه بضع خطوات ، وبلسان رقيق كان يقول :" من أنت ؟ أنا لم أرك فى مدرسة البلدة ، ولا فى الحارة 00 فمن أنت ؟ "0
عالم البساطة البلدة والحارة فربيع اليوم في قرية بها جنيات وطفل مميز
هل ذلك الطفل هو جنون الحب في قلوب البشر ؟؟؟؟
قالت" أميرة النهر " بخفة وطفولة :" هيا نتسابق ، وإذا ماسبقتنى ، قلت لك من أنا "0
وافقها على شرطها الصغير ؛ فقد كان فعلا يتمنى معرفة من هى ، واستعد للسباق ، فوضع طرف جلبابه بين أسنانه ، ووقف فى وضع تحفز ، ثم أخذ نفسا عميقا ، وانتظر 0
قالت البنية التى هى أميرة النهر :" هل أنت مستعد ؟ "0
غمغم قائلا:" نعم 00 وأنت ؟ "0
تأهبت هى الأخرى ، وقالت بجدة :" سوف أعد من واحد إلى ثلاثة 00 واحد 00 اثنان 00 ثلاثة "0
صورة طفولية رائعة امتزج ربيع بنفس الطفولة فمن لم يتسابق ليثبت ذاته في طفولته
واحد.........................صورة معبره شفافه
بدأ السباق 0 انطلق حسينة كحمامة ، ولكنه توقف ، وراح يتابع البنية ، وهى تحلق فى المكان ، تحلق كعصفور 0 كانت قد أصبحت بعيدة ، وغابت عن ناظريه تماما ، فنادى بأعلى صوته :" لقد خدعت 00 لقد خدعت "0 وقعد على الأرض مبهور الأنفاس ، حين عادت ضاحكة قال :" أنت سريعة جدا 00 أنت ترفرفين كعصفور 00 هاها 00 وأنا أمشى كسلحفاة 00 لقد خدعتنى ياماكرة "0
كركرت بصوتها العذب ، وقالت:" إذن حزر فزر00من أنا ؟ "0
قهقه قائلا:" أنت ساحرة النهر 00 أنت ساحرة النهر "0
قالت مباشرة :" نعم أنا ساحرة النهر 00 أبى ملك الأنهار الطويلة والقصيرة 00 وقد سمح لى ببعض اللعب 00 هيا 00 هيا نلعب "0
صداقة الأطفال ,,,وعذوبة موقفهم فهم لايحتاجون للمظاهر الخارقة والا لقياس من يصادقون والا لتوقع درجات نجاح وفوائد هذه الصداقة
قال " حسينة " :" أريد التحليق فى الهواء ، وأعلو فوق المدينة ، فأرى كم هى جميلة ، ثم ألمس النجوم ، وأعود أمشى على الأرض "0
أجابت "أميرة النهر":" تريد تصبح طائرا00أليس كذلك ؟ "0
قبيل إجابتها، دنت منه ، وأخذت ذراعيه ، ثم طارت به ، فإذا به يسمع صوت أبيه ، ينادى عليه ، ويستحثه ، فاهتز ، وكاد يقع على الأرض ، وقال حزينا :" ليكن هذا فى ليلة أخرى "0 أنزلته فورا ، وودعته ، ومضت ، ومضى ، وحين تلفت وراءه لم يجد شيئا !!
لم يجد شيئا
كثير ما نلتفت والا نجد شيء
لكن طفل ربيع مالذي سيجني بعد ذلك
كان الرزق وفيرا كما وعدته،وكأنما فعلا همست للأسماك ، فارتمت فى شباكهم ،واشترى له أبوه حلة جديدة ، وكتبا كثيرة ، ونام ليلته ، وقد شاركته " أميرة النهر " فى أحلامه ، وراحت تلاطفه ، يطير معها عاليا ، فيلمس السحاب ، ويرى كائنات كثيرة تملأ الفضاء العالي ، بعضها بأجنحة زاهية ، وألوان غاية في الروعة 00 هام معها ، وهو يتشقلب في الجو ، ويهرب مع أميرة النهر ، خارج حدود الجاذبية الأرضية
كم نتمنى ان تدوم الاحلام0
غفا في الفضاء فأدركته الأميرة ، وبأصابعها الرقيقة كانت توقظه ، فقد آن وقت العودة ، فصحا من نومه سعيدا ، يتمطى بملء ساعديه ، وفتح عينيه ليجد أمه فى انتظاره ، تتعجله ليفطر مع أبيه قبل ذهابه إلى مدرسته 0
عودة لارض واقعية صلبه
كان كل ليلة يسارع بالذهاب ، جاعلا النهر نصب عينيه ، وهو يلف حول نفسه ، ويدور فرحا ، وكلما سأله أحد إلى أين أنت ذاهب ياحسينة ؟ يقول ، وهو ينط ويتشقلب :" النهر فى انتظارى00النهر فى انتظارى ،ويجب ألا أجعله ينتظر كثيرا "0
عشق الطفل وشرب كاس الحب لكن عسى ان يكون خيرا
حين حاول الفتيان تأخيره ، وسدوا عليه الطريق كان يرجوهم إفساح الطريق ، فالنهر ينتظره ، وقد وعده بعدم التخلف 00 كل ليلة كان يحدث هذا ، حتى أطلق عليه الكبار " عاشق النهر "، وسماه الصغار " القرموط المسحور "0
لوم العاشق سيبقى حتى تنتهي كلمة الخيانة وجنون العاشق سيبقى مادام الحب
عاد ربيع الى قرية وتجول فيها وعلمنا كيف تمضي ايامها وعند ما توقف في زاوية النهر
ثارة قريحة الكاتب لديه بقصة سحرة القارئ فكيف هو الكاتب ياترى !!!
********************************
هل هي ذكريات الطفولة ام الطفولة ذاتها
كنت اخشى ان تموت
او ان تكون غير حقيقية اواان تغدربه في زورق اخر
لكنها مرت بسلام
ماأروع ما كتبته ياربيع
لانها تدفع البهجة والأمل
فماذا بقي ياساحر النهر؟؟؟
اياك وان يغدر الزورق براكبه فيغرقه فمازال القدر محتاج للبهجة وان كانت عبر ازرار الحاسوب
..........................................اخوك من طين
|