13- رحيل بلا دموع
وكان روبرتو صادقاً بكلمته , فقد ابتعد عن طريقها , وخلال اسبوعين لم يلتقيا سوى عند العشاء
وهذا ايضاًً لم يكن باستمرار . لانه ادّعى الانشغال عدة مرات, ولم يتعشى في المنزل . وعلقت
الكونتيسة على غيابه , اذ يبدو انه حتى عندما يكون لديه عشاء عمل , كان يدعو ضيوفه الى
منزله.
وقالت للورا بعد ظهر احد الايام وهما تغادران غرفة الطعام:
- لم يكن يتغيب هكذا ابداً من قبل , ولم يكن بهذه الطباع السيئه.
- الرجال من ذوي الطاقه والذكاء عادة متقلبوا الطباع.
-- هناك فرق بين حدة الطباع وسوء الطباع . روبرتو لا يتحمل الاغبياء ابداً. ولكنه يتحملني
والآن حتى انا . هذا مستحيل.
ودخلتا غرفة الجلوس واخذت الكونتيسة مجلسها المفضل. كانت تعمل في التطريز, وكانت الابرة
تلمع وهي تدخل القماش وتخرج منه.
ثم تابعت حديثها:
- لقد تغيرت انت ايضاً في الاسابيع الاخيره , انت نحيلة ويبدو عليك التعب. ولا تقضين الكثير
من الوقت في المنزل.
- ربما لانه ليس منزلي.
- لقد تأملت لاعتبار القصر منزلك.
- لن استطيع هذا فأنا غريبه هنا , وانا باقية فقط بسبب...
- بسبب خوفك ان يأخذ روبرتو منك جوليو اذا لم تفعلي !...
هذه اول اشارة تصدر عن الكونتيسة بأنها تعرف تهديدات ابنها لها. واحبت لورا ان تعرف
ما اذا كانت المرأه تشاركه بالامر منذ البداية . معرفتها بهذا قد يكون سبباً لتصرفها القاسي
ولتغيير العطف الذي شعرت به نحوها.
- أعتقد انك موافقه معه؟
- لقد وافقت معه الى ان عرفتك... ولكنني لن اوافق على هذا العمل بعد الآن.
- ولكن روبرتو موافق.
- اخشى هذا. منذ ان اتيت لتسكني معنا . تصرفاته معك اصبحت قاسية ولم تتغير
ولست ادري السبب.
هاهنا فرصة ذهبية امام لورا لتقول لها بعضاً من الحقيقة !
- انه يعارض خروجي مع بيدرو باللي . يشعر ان عليّ البقاء في حداد. ولكنني لا استطيع
ان استمر في الحزن لما تبقى من حياتي.
- من غير الطبيعي ان تفعلي هذا . روبرتو لا يستطيع ادراك ان الحياة تستمر . الانسان
لا ينسى الاموات, ولكنه لا يستطيع ان يعيش لهم. والدين لا يطلب بأن ترمي الارملة
نفسها في قبر زوجها . امامك حياتك يا لورا . وارجو يوماً ان تتزوجي وتنجبي المزيد
من الاولاد الرائعين. رغم اسفي انهم لم يكونوا اولاد جوليانو.
وتهدج صوتها من الانفعال , واقتربت لورا من الكونتيسة وركعت امامها , ووضعت
يدها الدافئه فوق المسنة المرتجفه.- ماكان يجب ان اقول ما قلته, جوليانو ولدك وستحزنين
عايه الى الابد. ولكنني... اوه ياكونتيسة !...
وبعاصفه من البكاء وضعت لورا رأسها في حجر الامرأه.
منذ مدة طويلة لم تبكي امام احد. ولكن سيطرتها على نفسها خانتها وانفجر الحزن
واخيراً توقف البكاء, ومع انها بقيت مرتجفة وضعيفه الا انها لم تشعر بالخجل لان دموع
الكونتيسه اختلطت بدموعها . والحزن الذي تشاركتا به جعلهما قريبتان من بعضهما بطريقه
ستبقى معهما مهما ابتعدت بهما الطرق ومهما فرقتهما في المستقبل.
وقالت الكونتيسة:
- اذا كنت ستكونين سعيدة اكثر بالعيش مع جوليو في منزل لوحدكما. فسأكلم روبرتو بالامر.
- لن يوافق ابداً.. واذا تكلمت معه سيكرهني اكثر لانك كدّرتك.
- لا اعتقد ان روبرتو يكرهك يا طفلتي. انه يحارب نوعاً مختلف من المشاعر.
واشاحت لورا بوجهها . فقد كانت تعرف ان الكونتيسة تعني الحب . كل الجرأة التي كانت لديها
لاخباره حقيقة هويتها ماتت تلك الليله منذ اسبوعين عندما قال انها حتى ولو كانت ماري فأنه
سيحتقرها ايضاً. خلفياته وتقاليده ستقوده للايمان بأن ما وسم على العظام سيخرج الى اللحم.
قد يعتبر نفسه مختلفاً عن اخيه , ولكنه يؤمن انهما من نفس الطينة والشعور.
لو كانت شقيقه عادية لماري لكان امامهما فرصة ان تجعل روبرتو ينظر اليها كشخص له
حقوقه الخاصه. ولكن لانها توأم لها فسوف يؤمن على الدوام انها في داخلها تشابهها.
فكرة العيش في القصر كل حياتها كان اكثر مما تتحمل التفكير به , وعلى الرغم من حبها
العميق لابن اختها, فهي تعرف انها في النهاية يجب ان تغادر, ولو عنى الامر ان تتركه هناك.
وذّكرتها دقات الساعه الكبيرة ان امامها موعداً في الطرف الآخر من ورما لتصوير طفلين
توأمين للكونيل في سلاح الجو الامريكي , الذي اتصلت زوجته عبر السيدة ويليامز, هذه
المرأه الرائعه التي لولاها لوجدت لورا الاسابيع الاخيرة مستحيلة الاحتمال . ولم تكن تصدق
انها تستطيع تصوير هذا العدد من الاطفال في مثل هذه المدة القصيره, وما بين الثانيه والنصف
والسادسه والنصف من كل بعد ظهر كانت مشغولة على الدوام.
وقالت لورا للكونتيسة:
- عليّ ان اذهب الى روما يا كونتيسة.. سأراك عند العشاء. اعتقد انك تتسائلين اين اسرع
كل بعد الظهر؟
- لقد فكرت بهذا .. ولكنني لا اطلب منك ان تبوحي بسرك.
- اريدك ان تعرفي... فأنا مصورة ايضاً . وانا اعمل هكذا منذ مدة.
- لقد اخبرني روبرتو بهذا.
- انه لا يعرف انني ما زلت اعمل . لقد بدأت بالصدفة منذ شهر. لقد التقطت بعض الصور لجوليو
ثم أرتها روزا لشقيقتها وهي مربية اطفال عند موظف في السفارة الامريكيه . وطلبت مني الام
ن اصوّر ا اطفالها. ومنذ ذلك الوقت بدأت الامور تسير على مايرام. تستطيعين القول انها اصبحت
شغلي الشاغل !
- هل تعنين انك تخرجين كل يوم لتصوير الاطفال ؟
- ليس الاطفال فقط بل الاولاد.. انتظري سأريك ماذا اعني.
واسرعت لورا الى غرفتعا واحضرت الكاميرا وكل النسخ من الصور التي كانت قد التقطتها
واحضرتها للكونتيسة.
وبصمت نظرت اليها المرأه وهي تقلّب الصور امامها. وتضحك احياناً عندما تشاهد صورة
التقطت دون استعداد.
- هذا رائع يا لورا... لماذا لم تخبرينا من قبل ماذا كنت تعملين؟
- لنني اعرف ان روبرتو لن يوافق.
- لن يوافق؟ ولكن يا طفلتي العزيزه, لماذا؟
- لانه لا يريدني ان اعمل او ان اخرج. انه يريدني ان ابقى وحيدة كي اهرب واترك الطفل ورائي.
- لا...لا........... انت مخطئه.
- لست مخطئه يا كونتيسه, فأنت لا تعرفين ابنك بالطريقه التي اعرفه بها.
- اعرفه بشكل مختلف عنك. واعتقد انهمن الافضل ان نجمع النصفين المختلفين معاً.
-ليس الآن عليّ ان اسرع والا تأخرت.
وجمعت الصور ووضعتها في مغلف واخفتهاد الستائر.
- ارجوك لا تقولي لروبرتو عنها.
وركضت نحو الباب.
- يوماً سيعرف.
وهزت لورا رأسها ثم اسرعت نحو السيارة.
التوأم الذي ستقوم بتصويره كان من اصعب ما صورتهً وما زاد الامر صعوبه ان والدتهما
ارادت ان تجمعهما في صورة معاً. وفعلت ما طلب منها والتقطت صورتهما في حضن امهما.
واضافه الى العديد من اللقطات السريعه المفاجئه التي اصبحت مشهوره بها.
ولنها كانت مشغولة جداً وصلت الى المنزل قبل ان تدرك واوقفت السياره في الكاراج.
قرب السيارات الخمس الاخرى للاسرة, ودخلت عبر باب جانبي الى المنزل. ونظرت الى ساعتها.
كانت قد تجاوزت السابعه, ولم تكن قد تاخرت هكذا من قبل. ووضعت قدمها على اول الدرج, فسمعت
صوتاً يناديها. والتفتت لتجد, روبرتو يقف عند باب المكتبه. وجهه كان بارداً على الرغم من سيطرته
على طباعه.
- تعالي الى هنا يا لورا, كنت انتظرك لنتحدث.
وترددت, فكرر نداءها بصوت غاضب. فاستدارت, ولكن بدل ان تذهب نحو المكتبه توجهت الى
غرفة الجلوس سيكونان على ارض محايدة , هذا اذا كان أي جزء من منزله يمكن ان يكون محايداً
وتبعها عبر الردهه على مضض.
فقالت:
- حسناً ماذا تريد ان تقول ؟
- اين كنت بعد الظهر ؟
- في الخارج.
- مع من؟
- لا احد.
- اتريدين مني تصديق انك كنتي تتجولين دون هدف في الشوارع؟
- هذا ليس من شأنك !
- واين كنت بالامس؟ واليوم الذي قبله واليوم الذي سبق؟
- في الخارج....الخارج.الخارج !
- وكل مرة مع رجل مختلف؟ هل هكذا تمضين ايامك.... تقومين بزيارة البيوت !
للحظات لم تعي معنى هذه الكلمات, ولكن عندما فعلت, غطى الرعب على كل مشاعر اخرى
هل هذا هو نوع الفتيات التي يطن انها تكونه ليس كفتاة متحرره كما الاخرين هي هذا العقد
من الزمن, بل في الواقع..........ولم تستطع الاستمرار بهذه الافكار...
وقال بوحشية:
- لا تظهري هذه البراءه .اعرف تماماً ماذا تفعلين بنفسك, كلّفت من يراقبك في الايام الاخيره !
- ولماذا ؟ ماذا فعلت لتظن بي.......
ووضعت قبضة يدها على فمها, ورفرت عيناها لتمنع الدموع من التساقط.
فقا بصوت عاصف:
-لانني رأيتك في فنق الهيلتون وانت تخرجين مع رجل من المصعد.
واعادت كلماته الذكرى اليها, كانت قد ذهبت الى هناك لتصوير اطفال طبيب سويدي
عائلته كانت تزور روما , وشاهد صوراً من انتاجها عند اصدقاء وتوسل اليها كي تقوم
بتصوير اطفاله قبل سفرهم. وقد اصرّ الاب ان يرافقها في المصعد ويوصلها بنفسه الى السياره
- هناك عدة مطاعم في العديد من طوابق الهيلتون , فلماذا افترضت انني في غرفة نوم رجل؟
- لانه من غير المحتمل ان تغادري المطعم عند الخامسه والنصف, اضافه الى اننا كنا قد تغدينا
في القصر ذلك اليوم.
وتنهد عميقاً:
-لم اشك بك يومها, بل بعد ذلك.. عندما وصلتي التقارير الاخرى
- من جواسيسك؟
- ليسوا من الرسميين. لا استطيع ان افضح نفسي امام الوكالة تحريين لقد كلفت السائق بهذا.
- وهذا افضل بالطبع ! اعني من الافضل لك ان تجعل احد خدمك يتجسس عليّ بدل تحرٍ لائق
وماذا اكتشف هذا التابع المخلص؟
- انك في الشهر الفائت قد زرت عدة شقق ومنازل. بعض الاحيان تعودين اليها وبعض الاحيان لا.
- هذا يتوقف على ما إذا كانت خدماتي اعجبتهم ام لا.
- لا تمزحي حول الامر يا لورا! ألا تشعرين بالخجل ؟
- بالطبع أشعر بالخجل... بالخجل منك يا روبرتو, بالخجل لأن لديك مخيله مثل مخيلة المنحرفين!
لقد كرهتك من قبل ياروبرتو ولكنك تثير اشمئزازي الآن !
- وماذا تظنين ان بإمكانك ان تفعلي؟
ولذعتها عيناه وكأنهما سوط من الجلد. واغرقت المرارة نفسها. لايمكن تصديق ان روبرتو يستطيع
التفكير بهذا. لا بد انها تواجه كابوساً ولو قرصت نفسها سوف تستفيق منه وغرزت اظافرها في راحة
يدها ولكن الالم لم يغير المشهد, فلا زالت في غرفة الجلوس معه وكأنه إله الانتقام.
وقالت ببطء:
- لقد تسلطت عليك كراهيتي حتى انك لم تعد تقدر ان تفكر بالمنطق. كان عليك سؤالي اولاً.
ولكنت وفرت على سائقك عناء التجول في الشوارع.
- لم اكن انوي ان اقول لك. ولكن اليوم... انا... لقد شاهدتك اليوم بنفسي ثانية. لقد كنت عائداً
الى القصر عندما تجاوزتني, ولسبب ما ادرت السيارة ولحقت بك.
- وشاهدتني ادخل فيللا في احدى ضواحي روما.
- رأيت رجلاً يفتح لك الباب. ونفس الرجل رافقك عائدة الى السيارة. وامضيت هناك ساعتين.
- ساعتين وعشر دقائق ! هل تريدني ان اخبرك ماذا كنت افعل؟ لقد كنت اتقلب فوق الارضيه
هناك مع شخصين. كنت مستلقية على السجاده احاول ان اجعلهما يضحكان.
- اصمتي ! لا اريد ان اسمع.
- اذاً سأريك بدل ان تسمع.
وأعماها الغضب وأسرعت الى النافذه, وجذبت الستارة وأخرجت المغلف ورمته به عبر الغرفه
- افتحه ! افتحه وشاهد بنفسك ماذا كنت افعل كل يوم.
ولم يكن بحاجه لهذا , فعندما اصطدم به المغلف انفتح ووقع على الارض , وخرجت منه مئات
الصور وانتشرت تحت قدميه . اطفال بلباسهم .ودون لباسهم. اطفال يضحكون وآخرون يبكون
واقفون ,ومستلقون . اطفال في مئات الاوضاع . وبآلاف الانطباعات المختلفة. وبذهول اخذ يحدق
بالصور, وبحركة بطيئه انحنى والتقط مجموعه منها . ونظر اليها واحدة واحدة, عندما شاهدته
عرفت لورا ما معنى "شبح الموت". كل الالوان هجرت وجهه. حتى عيناه بدتا كالاموات عندما
رفع رموشه المثقلة لينظر اليها. وبينما هي تراقبه.عادت الحياة الى القناع. واسرع اللون الى بشرته
ثانية, محولاً اياها الى لون الليمون , ثم الزهر فالاحمر القاتم ثم الاحمر المؤلم. وافترت شفتاه
ولكن لم يصدر صوت من بينهما. وشاهدت عضلات وحنجرته تتحرك وهو يحاول ان يتكلم
ثم يفشل. ولكن لا شيء يقوله من الممكن ان يفيد. فاتهاماته اليوم تجاوزت كل الاهانات التي
امطرها بها في الماضي, ولا يمكن لأي اعتذار ان يمحي ما كان ان يعتقده بها.
- اذا احببت سأعطيك اسماء كل زبائني . ولكن الرجلين الشابين اليوم اللذين زرتهما اليوم
مازالا في الكاميرا.
واستطاع اخيراً ان يجد صوته, ولم يكن يشبه أي شيء تعرفه, مجرد صوت لا معنى له:
- لا تفعلي هذا ! انا........... انا...........لورا........ ماذا استطيع ان اقول؟
- لا تقل, المزيد ولا كلمة اخرى.
ورفعت رأسها بكبرياء, ومرت من امامه, وقد عادت اليها السيطرة على نفسها. وسمعته يتمتم
بأسمها, ولكنها لم تلتفت له, حتى عندما ناداها ثانية, تابعت طريقتها.
عندما وصلت الى غرفتها, تخلى عنها هدوءها. ولكنها اجبرت نفسها على تجاهل ارتجاف
اطرافها. وفتحت الخزانه الواسعه. واخذت حقائبها. لم يكن لديها الكثير لتوضبه بها.
سوف تبقي الملابس التي اشترتها لها الكونتيسة حيث هي. وستترك معدات غرفة التظهير ليفككها
الكهربائي وليشحنها لها الخدم .شيء واحد له اهمية كبرى ستتركه خلفها : ابن اختها.
ووقف تنفسها في حلقها والدموع التي حبستها بلّلت رموشها ومع ذلك فلم تتركها تنهمر لان
امامها الكثير لتعمله. ووضبت اول حقيبه ثم الاخرى ولحسن الحظ المال لن يكون مشكلة في
القريب العاجل’ لانها تقاضت اتعاباً مرتفعه لما قامت بتصويره, تبعاً لنصيحة السيدة وليامز
وكانت تقفل الحقيبة الثانيه عندما سمعت دقاً على الباب. وقفز قلبها من مكانه, ولكنه توقف
عن الخفقان عندما سمعت صوت الخادمة تقول ان الكونت والكونتيسة ينتظرانها على العشاء.
- لن اتناول العشاء, ارجوك قولي بأنني مصابة بصداع قوي.
- هل ترغبين في تناول شيء في غرفةك سنيورة, سأجلب لك صينية الطعام.
- لا.. شكراً
وبقيت دون حراك, الى ان ابتعدت اصوات اقدام الخادمة. ففتحت الباب وسارت على رؤوس
اصابعها نحو جناح الطفل.
كانت روزا تتناول عشائها. وقفزت واقفه عندما دخلت لورا واشارت اليها ان تتابع طعامها
ودخلت غرفة نوم الصبي آملة ان يكون نائماً فلو انه كان صاحيتً ومد ذراعاه لتحمله فستنهار
ولكن القدر جعله ينام. برغم كل منظره الملائكي, أستطاعت ان تسيطر على الحب الذي تشعر
به نحوه. ومع ذلك لم تستطع لمس وجهه بشفتيها خوفاً من تأثير رائحته عليها.
وتراجعن الى الخلف, وهربت الى غرفتها, يجب عليها ان تغادر القصر بينما روبرتو
ووالدته في غرفة الطعام. فلو انتظرت الى ان يغادراها فقد يسمعانها وهي تذهب. حقائبها ثقيلة
وخافت ان تنزلها من السلم الرئيسي, فأخذتها ونزلت من السلم الملتف الصغير الذي يستخدمه
الخدم . وهذا ما أوصلها الى قرب احد الابواب الجانبية التي تقود نحو الكاراج. ووضعت حقائبها
في السيارة وجلست خلف المقود وعضت بشدة على شفتيها وأخرجت السيارة من الكاراج.
لم تتذكر لورا الكثير من رحلتها نحو المطار. حتة انها لم تفكر في ان تتصل لتعرف ما اذا
كانت هناك طائره متجهه الى لندن , اذا لم يكن هناك, فستأخذ أي طائره تخرجها من روما
ولحسن حظها وجدت طائره الى لندن , بعد نصف ساعه من وصولها الى المطار فاوقفت
السياره في الموقف, واتصلت بالخادم في القصر لتبلغه أين يستطيع ان يجد السيارة.
ولم تفكر بشيء حتى اصبحت الطائره فوق المدينة الخالده فأغلقت عينيها, كل لحظه من اللحظات
الآن , تبعدها عن روبرتو وعن جوليو. ماذا ستفعل لو انه منعها من رؤية ابن اختها ثانية؟
ولكن لا...........هذا مستحيل. فروبرتو سوف يشعر بذنبه لاتهاماته الزائفه لها, بحيث
انه سيفعل كل شيء ليعوضها. وتنهدت بعمق, متسائله كيف سيشعرلو انه اكتشف انها توأم
ماري. من المؤسف انها لم تخبره بهذا الامر ايضاً. ومع ذلك وبطريقة ما, لم يعد الامر مهماً لها
فلاشيء مما يعتقده بها قد يؤثر على مستقبلها.
وما الفارق في انها لورا أو ماري ؟ في هذه اللحظات شعرت بقربها اكثر من شقيقتها, ماري
اللعوب, المحبة, والتي لا يمكن لروبرتو ان يفهمها ابداً.
فتاة سخيه بروحها, سخية في حبها . سخية كثيراً, ربما ولكن من الافضل كثيراً
ان تكون غير محبة اطلاقاً. مثل ذلك القاسي الظالم.... روبرتو.
* * *
يتبع