8- حديث حول الاخلاق
بما ان اوليفيا ستتناول العشاء معهم , اعتنت لورا باختيار ملابسها لتلك الأمسية . لكن سرورها بثوبها
المخملي الأخضر. الواسع الكمين الضيق على جسمها , تلاشى عند وقوع نظرها على اوليفيا التي برزت
أناقتها بثوب من الاوركانزا الأسود وقد زينت جيدها وأذنيها بالجواهر. وتمالكت نفسها وتقبّلت الشراب
الذي قدمه لها روبرتو . وجلست , ومن زاوية عينها رأت أن الفتاة الايطالية تراقبها . وأظهرت النظرة
على وجه الفتاة الكراهية , وعلمت لورا أن هذه النظره هي لأسباب مختلفة عما تشعر به نحوها .
وتساءلت عن السبب.
وسألت اوليفيا:
- وكيف تجدين إقامتك هنا؟
-إنه منزل لي بعيداً عن كنزلي.
- وماذا تفعلين خلال يومك ؟
- لدّي الطفل ... ويمكن أن يشغلني طوال الوقت .
- كنت أظن أن روزا تعتني به .
- إنها تتولاه عندما أكون مشغوله.
ونظرت اوليفيا الى روبرتو :
- لا اظن ان هذا يسعد روزا . لقد كنت تقول لي أنها مسيطرة تكاماً على شؤون الطفل.
- ما قلته إنها تشعر بالسعادة عندما يكون هناك أطفال تعتني بهم .
-إذاً انت تزعجها بعدم تركها تكون سعيدة .
- ما أهتم به هو سعادتي أنا . وليس سعادة روزا !
وتدخلت لورا بالحديث:
- أظن أن السنيورا جيوفاني على حق . وأنا متأكدة أن والدتك تحب أن تراك متزوجاً.
- كل النساء اللواتي أعرفهن يريدونني أن اتزوج . ولكن السؤال , هل أحب أنا ذلك ؟ ولكن لسوء
الحظ . بالنسبة للزواج لا أستطيع تطبيق قوانينكم.
ولم تفهم لورا مباشرة مذا يعني , ولكنها تذكرت .
- أتهني قوانين الزواج؟
- بالضبط , لا أستطيع تطبيق شعاره.
وسألت اوليفيا:
- وما هو هذا الشعار؟
-إذا لم تنجح فحاول وحاول وحاول.
فقالت لورا :
- ولكن الطلاق مسموح هنا في ايطاليا.
- اجل .....ولكن ليس بالنسبة لعائلة ماسيني.
-وضحكت اوليفيا:
- لقد علمنا الآن لماذا أنت حريص لهذه الدرجة.
وعلّقت لورا:
-احياناً , كلما كنت حريصة أكثر كنت عرضة للخطأ أكثر.
ونظرت الى روبرتو لتجده يحدق بها وباوليفيا بسرور وعلمتا انه يتمتع بسماعهما تتناقشان
حوله, وانزعجت لأنها تلعب دوراً يرضيه.
فقالت ببرود:
- اعتقدت دائماً ان الغرور وحده هو الذي يدفع ال رجل لأن يبقى أعزب وليس هناك من
باعث للضجر أكثر من رجل مغرور!
فابتسم وقال :
-لورا فرد من أفراد العائله . ولها حرية التكلم معي أكثر من أية امرأة اخرى.
ومازحته اوليفيا:
- اكثر مني .... حتى ؟
- انت لك وضع خاص...
ورفع يده إلى خدها . وأدارت لورا وجهها كي لا ترى هذه الحركة ولكن قبل ان تبعد نظرها
لاحظت النظرة التي رمقها بها روبرتو , ولم تستطع فهمها.
ودخلوا أخيراً الى غرفة الطعام , ولاحظت أنه أخذ برأيها عن كآبة غرفة الطعام بعين الاعتبار
فوجدت أن الغرفة مليئة بالزهور وعدة درزينات من الشموع في شمعدانات فضية, مما اعطى
جواً لطيفاً من حولهم . وجلس روبرتو على رأس الطاولة, وجلست المرأتان الى جانبيه .
وكلما رفعت لورا نظرها وجدت اوليفيا تحدق بها . في لقائهما الأول شكت بأن الفتاة لا تحبها,
ولكنها الآن متأكده من الأمر . لا يمكن ان يكون هذا الشعور مبعثه الغيره, بل قد يأتي فقط
من عدم ثقتها بروبرتو.ولكن لو كان روبرتو غير جاد حول علاقته باوليفيا,فلماذا يقابلها دائماً؟
هذه الفتاة الايطالية , مناسبة تماماً لدور الكونتيسة ماسيني , بالميلاد والأصل . ومن العجيب
أن روبرتو ما زال متردداً, ومن الواضح أن حريته تعني له الكثير , وبما انه يعتبر الزواج قيداً
فإن هذا ما يجعله حذراً, ولكن, ولنه يؤمن بالروابط العائليه , فمن الواجب عليه ان يكون مهتمًا
باستمرار هذا الخط , ولا يستطيع ان يترك كل هذا على كتفي طفل لا يزال في الشهر السابع
من عمره . لا... من واجب روبرتو أن يبدأ بالتفكير جديا بالزواج , وعندما يفعل , فإن لورا
واقه أنه سيختار اوليفيا . واقلقتها هذة الفكره , وتساءلت لماذا عليها ان تهتم بمن سيتزوج.
وقالت اوليفيا:
- أظن علينا ان نقيم حفلة للورا لتقديمها الى اصدقائنا . سنقيم حفلة مفاجئة الاحد المقبل .
لو استطعت ان اجمع كل من ارغب بدعوتهم.
- وهل ستجمعين كل شباب روما العابثين ؟ اظن ان لورا لن تهتم بهم.
- ليسوا كلهم من العابثين , واعتقد ان لورا ستكون مسرورة بلقاء بعض من هم غير مرتبطين
من الرجال .
وقال روبرتو بصوت جاف غير متوقع:
- أظن ان لورا لا تزال في حداد على جوليانو.
- لقد مر أكثر من سنة على وفاة جوليانو. ولا يمكن ان تبقى في الحداد الى الابد.
واحست لورا بوقع نظرات روبرتو عليها , وعلمت ان موافقتها على اقتراح اوليفيا لن يكون مناسباً
فسبب الحب المفترض ان تكون تشعر به نحو جوليانو , لا يتوقع روبرتو منهاان ترغب في لقاء
أي رجل اخر.
وقالت:
- اوليفيا تحاول فقط ان تكون لطيفه معي . البقاء في المنزل بوجه عابس لا يعني الحداد كما ان لقاء
الغرباء لا يعني نسيان ذكرى من تحب.
فقال ببرود:
- افعلي ماهر مناسب . فلم أكن حارساً لأخي , ولنا استطيع أن أكون حارساً لزوجته.
فردت عليه لورا بنعومة :
- ولكنك تلعب دور حارسي . فأنت تبقيني هنا.
فعلقت اوليفيا قائلة:
-إنك تجعلين الأمر يبدو وكأنك سجينه.
- هذا مجرد كلام .
ولكن النظرة التي رمقت بها روبرتو من تحت أهدابها أوضحت أنها تعني ماتقول .وضغط على شفتيه.
وأعاد إليها نفس النظرات , قبل إن يلتفت إلى اوليفيا بابتسامة دافئة,وكأنه يعوضها على الانتقاد
الذي وجهه اليها.
بعد تناول القهوه نظر الى ساعته ,وقال لاوليفيا:
- سأكون مستعداً لإيصالك بعد نصف ساعة , هل يناسبك هذا؟
-مناسب تماماً.
وتركها مع لورا وخرج .فقالت لها:
- روبرتو صاحب اراء متشدده يالورا , وليس من الحكمة مجابهته.
- لا ارى سبباً لمعاملته برقة الاطفال.
- ولا حاجة لك للتطرف لجذب انتباهه.
- جذب انتباهه؟
- بالطبع , فالجدال معه بطريقة جيدة لاثارة انتباهه لك . معظم من يعرفه يعترف له بالنباهه
والمقدرة على النقاش.
- وكذلك انا , ولكن هذا لا يعني انني يجب ان اوافق معه على كل مايقوله . ومن الواضح
انك مؤمنه جداً بروبرتو.
- اجل..........هذا صحيح . لا يستطيع احد غيره ان يكون مسيطراً على قطاع هام من الصناعه
بهذه القوة, انه قطاع من قطاعات الاقتصاد عندنا, لا يهتز ابداً.
- لقد بدأ عمله مع امكانيات كبيرة.
- روبرتو كان سينجح مهما كان وضعه المالي.
- نحن نراه من وجهات نظر مختلفه , روبرتو شقيق زوجي, ولكن .....
- لا حاجة بك للتظاهر معي . أنا اعلم ان جوليانو لم يتزوجك. ولكن من مثاليات روبرتو انه
فعل ما هو صائب وأتى بك مع الولد هنا.
- من المؤسف انه لم يفعل ما هو صائب عندما كان جوليانو حياً
- لا تستطيعين لومه لالتزامه بمبادئه.
- اية مبادئ؟ وهل مركزه العالي يعطيه الحق بإدانة من لا يعيش الحياة التي لا يرغب فيها هو؟
- بعض الاشياء تبقى خاطئة دائماً . ولكن بالنسبة لهذا الموضوع لن نتوافق ابداً . الانكليزهذه
الايام عندهم اخلاقيات مختلفة عنا.
وحبست لورا انفاسها, فقد كانت تعلم ان الاخلاقيات ستدخل الى النقاش عاجلاً ام آجلاً. واخلاقيات
ماري بشكل خاص. ولكنها هي ماري الآن , ويجب ان تتذكر هذا.
- قلة الاخلاق الوحيدة التي اعرفها هي القساوة والحسد, والطمع.
- اروجك , لاتظني انني احكم عليك. كنت اتحدث بشكل عام. وليس عنك.
- ولكنك كونت راياً عني.
- كان من الصعب عليّ ان لا افعل . روبرتو متشدد حول مشاعره , وبما انني احبه..
وتوقفت, وكأنها ندمت على ما قالته , ومع ذلك فإن لورا كانت واثقة أن كلامها الطائش كان
متعمداً. فقد ارادت اوليفيا ان تثبت حقها بروبرتو . ومرة اخرى أحست ان الفتاة تخاف منها.
فشعرت بطريقة غريبة بالسعادة, بالرغم من أنها تعلم أن هذه المخاوف لا اساس لها.
فلم تكن تعني شيئاً لروبرتو,ولا يعني لها شيئاً. فهما يعيشان تحت سقف واحد بسبب الطفل فقط
وأشارت اوليفيا بيدها وتركت كرسيها وسارت لورا أمامها نحو غرفة الجلوس الصغيره,
الصغيرة حسب قياسات القصر , فقد كانت واسعه جداً حتى أنها تماثل الشقة التي كانت تسكنها
مع ليندا. وأحست فجأه بشوق لرؤية صديقتها.
وجلست اوليفيا امام المدفأة , وبقيت لورا واقفة , لأنها لم ترغب باستمرار التحدث معها.
وقالت:
- ارجوك ان تعذريني لدي اشياء اريد ان افعلها.
- ارجوك ان تعذريني , لدي اشياء اريد ان افعلها.
فابتسمت اوليفيا:
- لا حاجة بك لمرافقتي . فأنا في منزلي كما انت تماماً.
وذهبت لورا نحو الدرج لتصعد الى غرفتها , وفي الطابق الاول التقت بروبرتو,وخمنت
بأنه كان مع والدته , وانتظرت حتى اقترب منها لتسأله عن حال الكونتيسة.
- انها افضل حالاً بعد اجبارها على الراحه . ولكنها غاضبة لهذا السبب , هل انت ذاهبة لرؤيتها؟
- لم اكن افكر بهذا , ولا اظن انها ترغب في أن ازورها.
- ولكنها ستسر برفقتك يالورا . فهي لا تحب ان تترك لوحدها مع افكاراها.
- وهذا سبب اعتقادي بأنها لن ترغب في الجلوس معي . اشعر انها ستنظر إليّ وتلومني على ما حصل لجوليانو.
- ولماذا تلومك ؟ لم تكوني مسؤولة عن الحادثة!
- ولكن لو لم يلتقي .. يلتقيني , لكان تخلى عن سباق السيارات واستقر هنا.
- لو أن احداً يجب ان يلام , فهو امي وانا.. تصرفنا معه هو الذي ابقاه بعيداً , وليس انت.
واحست بمرارته , فتمنت لو أنها لم تتكلم بهذا الموضوع:
- ومع ذلك فأعتقد ان وجودي هنا هو تذكير دائم لكم بشيء تفضلون نسيانه ..
لو انك تسمح لي بان آخذ ...
- الطفل سيبقى هنا , لقد قلت لك إننا لن نناقش الأمر ابدآ.
- لقد تكلم الكونت , ويجب ان ينفذ قانونه!
واستدارت باتجاه غرفة الكونتيسة وهي تسأل:
- هل هي على الجهة الأخرى من الممر؟
- سآخذك إليها بنفسي.
ومشى بقربها , وخطواته لا تسمع فوق السجاد وقال:
- اتمنى ان تكوني متحفظه عندما تلقين باصدقاء اوليفيا.
وفاجئتها ملاحظته , فتوقفت عن السير ونظرت اليه:
- وماذا يعني هذا ؟
- يعني انك من عائلة ماسيني . وأتوقع منك أن تتصرفي كواحد منها .
- كيف تجرؤ ان تقولي لي كيف سأتصرف؟
- اجرؤ على أي شيء لحماية عائلتي , ليس الاسم الذي يهمني , بل الناس الفخورين بحمله.
- مثلك انت !
- مثل امي.. لقد عانت بما فيه الكفاية.
- لم تكن هذا غلطتي !
- انا لا الومك . أنا فقط احاول ان افهمك لماذا اريد منك المحافظة على لياقتك , فأنا اعرف
الحياة التي عشتيها قبل ان تلتقي بأخي و..
- كنت أطن اننا لن نتكلم في الماضي؟
- أفعل هذا لشرح الحاضر فقط , كيف تصرّفت قبل ان تأتي الى
............
في صفحتين من الروايه مفقوده هنا...................
وهي نهايه الفصل الثامن وبداية التاسع.............
/
\
/
الاحداث اللي صارت انها تسوقت مع الكونتيسة واشترت لها اغراض وفساتين
وربرتو سوا عشاء عمل
وهي لبست من فساتينها الجديده وتزينت وطلعت بنتيجه حلوه كان شكلها ملفت ويوم نزلت انبهر فيها روبرتو
<<<<<<وش رايكم بالاسلوب وان احكي الجزء المفقود
\
/
ومع انهما كانا بعيدان عدة ياردات عبر الغرفة فقد شعرت وكأن عيناه تلتقطان عينيها. وكأنه
تقريباً لمسها فأخذت ترتجف فجأه , ثم شعرت بالراحه عندما صدرت اصوات من الردهه
تعلن عن وصول ضيوف روبرتو.
بعد انتهاء العشاء , اخذ روبرتو ضيفيه الى جناحه الخاص, وترك لورا والكونتيسة لتلعبا
الورق . ومن أجل ان تتمرن لورا على اللغة الايطالية , لم تكن الكونتيسة تحدثها بالانكليزية
وكانت تعجب دوماً بالتقدم الذي احرزته.
- بطريقة ما أنا سعيدة لأنك مختلفة عما كنت أتوقع , وبطريقة اخرى انا حزينة.
-حزينة؟
- لأنني لم أصدق جوليانو عندما قال كم انت جميلة . هل غيرتي لون شعرك بعد ان مات؟
هل بقاؤك شقراء يذكرك به؟
ولم تعرف لورا ماذا كانت تعني الكونتيسة بقولها, وترددت, من حسن حظها ان الكونتيسة عزت
هذا التردد الى الاحراج وفزعت لورا عندما رأت الدموع على الوجه الأسمر الجميل, فقد اظهرت
الكونتيسة مشاعرها الحقيقية من قبل ولكنها لم تظهر الدموع ابداً.
فقالت لها متوسلة :
- ارجوك سامحيني ... لم اقصد ان ازعجك ابداً
- لا تعتذري يا طفلتي ... لقد ولد جوليانو لنا في عمر متقدم , ولهذا سيبقى في نظري طفلاً
وأنا سعيدة لأن تنظري اليه هكذا ايضاً.
عتد العشرة ذهبت الكونتيسة الى النوم . ولم تكن لورا تشعر بالنعاس ,فخرجت الى الحديقة
وفكت ازرار معطفها الاعلى وأخذت تتمشي . كانت قد استكشفت جزءاً كبير من الاملاك خلال
نزهاتها مع ابن اختها في الحدائق . ولكنها بسبب دفعها لعربة الطفل دائماً لم تكن تنظر كثيراً
حولها. وهي الآن حرة . وبعد قليل لم يعد القصر يبدو لها , ولم تلاحظ كذلك أي ممر مألوف
مما كانت تستعمله. وتوقفت محاولة استعادة حواسها . وفي مكان ما على الشجر سمعت
صوت عصفور, صوت غريب جداً بدا وكأنه صوت انسان .وعلى الفور تقريباً قفز أمامها
احد الاغصان, فاستدارات, وشعرت بقلبها يخفق وهي تحق في الظلام لترى من يتقدم نحوها.
ولكن ليس من أحد هناك. وعاد صوت العصفور ثانية, ثم سمعت صوت قفز احد الاغصان
ثانية, هل هو سبب تحرك العصفور, ام انه اشاره من رجل؟
وقالت لنفسها بصوت مرتفع "لاتكوني سخيفه" آملة ان يطمئنها سماع صوتها , ولكنها
لم تسمع سوى الصدى في الظلام وجعلها هذا أكثر إدراكاً لعزلتها بين الاشجار من الممكن
أن تُهاجم بينها دون ان يراها أو يسمعها احد.
وتراجعت بخطواتها بسرعة , ولكن بدلاً من ان تصل مكان مكشوف وجدت نفسها في جزء
كثيف أكثر من الغابة. الاشجار هناك طويلة , اطرافها العالية ملتصقة ببعضها بحيث أنها
لم تستطع رؤية السماء من فوقها . واقشعر جلدها, وتصاعد الخوف في نفسها. وصاح عصفور
آخر. ووقعت بعض الاوراق الجافة على الارض , وسمعت نقيق بومة, كان قريباً جداً من أذنها
حتى اوشكت ان تسقط خوفاً, ولكن هذا لم يكن شيئاً امام الرعب الذي لفها عندما شاهدت شبحاً
قاتماً يتحرك من وراء شجرة ليتقدم نحوها, فصاحت بصوت مبحوح:
-"من هناك؟
كان ما تعلمته من ايطالية نسيته لحظتها تماماً, حتى انها بالكاد استطاعت التفكير بالانكليزية.
ارادت ان تركض, ولكنها تسمرت حيث هي . مثلها مثل الاشجار من حولها.
فقالت بصوت مهتز:
- اذا اقتربت مني أكثر... ىسا .... سأطلق عليك النار !
- بماذا؟ بشرارة من عينيك كما اعتقد؟
كان هذا صوت روبرتو , يأتي من الظلام, وبشهقة ارتياه, رمت نفسها بين ذراعيه. واجفل عندما
احس بجسدها يتلامس مع جسده, ثم مد ذراعيه وامسك بخصرها.
وقال:
- كنت مذعوره حقاً؟
كان في صوته رنو ضحك, ولكن كان فيه الاهتمام ايضاً,
فقالت وهي لا تزال ترتجف, وتكوّر نفسها بين ذراعيه:
- كان هذا سخفاً مني !
- سخافة ان تأتي الى هنا لوحدك ... ولكنني اؤكد لك انك سالمة هنا .فالاراضي هنا محروسة جيداً
- صحيح؟... ولكنني لم ارى احداً.
- لقد مرت عدة اضواء إنذار ضمن نظام الامن الالكتروني....
وهزها قليلاً
- كيف تظنين انني وجدتك؟
وقطبت جبينها وابتعدت عنه ونظرت حولها.
- وهل كراسك متنكرين على شكل شجيرات؟
غضحك وقال:
- لا.... ولكنها فكرة جيدة.
وانحنى قليلاً ليزيح احدى الشجيرات.
- هاك واحد من الاضواء السرية , لايمكن للعين البشرية رؤيتها.عندما يشير أي انسان من خلالها
يظهر هذا على لوحة الانذار.
- اتمنة ان لايكون هناك ارانب كبيره في الجوار.
- لا يوجد سوى من له آذان طويلة, ولكنها تنفع لابقاء الحارس متيقظاً!
وابتعد عنها قليلاً وقال بهدوء:
- لا بد انك سافرت كثيراً في العالم ... ومع ذلك فلا زلت رقيقة قابلة للانكسار.
- بالتأكيد انا لست هكذا عندما اكون مرتدية الجينز! فعندما اتيت لرؤيتي في ذلك المعرض هاجمتني
وكأنني من الوزن الثقيل.
- السبب كان روحك المتحدية.. تجعل المرء ينسى حجمك.
وفي الظلام سمعت صوت ثقاب, وتوهجت الشعلة ثم انطفأت بالتدريج رائحة سيكار"هافانا".
وقال لها:
-أخي اشار مرة الى ان روحك مرحة, وليست متحدية.
- اخوك كان له عدة تسميات لي.
- اعلم....... الفتاة الذهبية واحد منها . اتساءل ماذا كان سيدعوك الآن؟
- زنجبيل ربما؟
-ابداً.... هذا يشبه لون سكان البور غاندي في فرنسا, كان بإمكان هوميروس ان يصفك بشكل ادق.
ولكن هذا ترك لي.....
لا استطيع تصورك شقراء, فهذا يخالف شخصيتك تماماً.
- لقد كنت ناجحة كشقراء.
-اعلم... ومختلفة الطباع ايضاً, عما انت عليه الآن.
- احاول ان اتناسب مع ما يحيط بي .
- لقد نجحت بهذا ابعد مما كنت اتوقع. لقد قالت لي امي الليلة انها تشعر بانها لم تكن اسعد حالاً
ابداً منذ وصلتي. وهذا الكلام يصدر عن امرأه كانت عدوتك اللدودة مرة, هو انجاز رائع.
- انا سعيدة لآن والدتك تحبني , فقد احببتها كثيراً.
- وانا ؟ الم تحبني بعد؟
ودهشت للسؤال, وقررت انه يحاول مضايقتها:
-لا اعرفك جيداً بعد حتى احبك, في بعض الاحيان كرهتك!
- الكراهية قريبة من الحب.
- إذا ربما انا متعلقة بك!
وضحك وقال:
- عرفت انك لن تخيبي ظني.
- الجو جميل.
- وكذلك انت. انت تختارين ملابسك بشكل رائع يا لورا يجب ان تحتفظي بلبس البنطلون للشاطئ فقط.
الفساتين اجمل عليك.
- انا ارتدي ما أجده مريحاً , واذا استمريت بإطرائي ستجعلني اشعر بعدم الراحه.
- الست معتاده على الاطراء؟
وعضت شفتها, هذا سؤال مشحون بالمعاني, واذا لم تكن حذرة فستفضح امرها. كم سيكون مذهولاً
لو اخبرته انها قد فعلت المستحيل لتتأكد من عدم تلقيها اطراءاً, وكم كانت مصممه على ان تعامل
كمصورة ناجحة بدل معاملتها كفتاة جميلة.
- أنت تأخذين وقتاً طويلاً للاجابة عليّ يا لورا.
- بالطبع انا معتاده على الاطراء, ولكني لست معتادة على تلقيها من رجل مثلك!
- وهل اعتبر هذا اطراء لي.
- كم انت مغرور بنفسك!
- هذا لانني اعرف قيمتي؟
-تقديرك لتفسك قد لا يكون كتقدير الآخرين لك.
-وكيف تقدريني؟
-لقد اخبرتك, انا لا اعرفك بما فيه الكفاية لأكوّن رأياً عنك.
ولم تكن ترغب في متابعة الحديث, فاستدارت نحو القصر وبدأت تسير
فقال :
- الوقت متأخر للذهاب الى روما.
والتفتت لتواجهه , ولم ترى سوى الاحمرار المنبعث من السيكار.
- انت تسيرين نحو البوابة الرئيسية والقصر في الاتجاه الاخر.
واستدارت بسرعة, ففقدت توازنها وكادت ان تقع لو لم يسرع للامساك بها.
فقالت: شكراً لك على انقاذي من السقوط.
ولكن عندما حاولت تركه ومتابعة السير , اشتدت قبضته عليها.
وقال بغضب- ومن شينقذني؟
ودون ان تتوقع جذبها وعانقها بشدة. قبضته كانت قاسية ولكن شدّه على جسدها كان ناعماً ورقيقاً
ولم يكون هذا التصرف تتوقعه منه مما اصابها بالدهشة.وحاولت تخليص نفسها من,ولكنه لم يتركها
فارتعشت وهي تحس بحرارة انفاسه ودون ان تعلم ماذا تفعل استسلمت الى عناقه, وشعرت بأنها
صغيرة ودون دفاع بين يديه, وعلمت كم من السهولة عليه ان يسحقها . قلبه كان يخفق بقوة,
وكانت قريبة من صدره بحيث انها احست ان قلبه انما يخفق بداخلها . ولكن مجرد الشعور بأنها
تدّعي بأنها ماري,جعلها تتوقف عن الانجذاب اليه, لقد كانت تتوق اليه ولكن كـ لورا وليس كـ ماري
ليس كفتاة لم يعد لها وجود. وهمست له:
- روبرتو انا لسن...
- هس.... لا اريد ان اتكلم عن الماضي.. لقد انتهى.. انت هنا الآن , وسنفكر فقط بالمستقبل.
ومد يده الى شعرها تتخللهوقال:
- اشعر وكأنه نار على يدي , ومثل النار انت تحرقين قلبي.
- ولكن يجب ان اتحدث اليك, اريدك ان تعرف...
- لا يا لورا, لا اريد تفسيرات هذه الليلة.
وابتعد عنها ولكنه ابقى يدها بيده.
-لندخل الى المنزل.... الهواء رطب ولا اريدك ان تصابي بالبرد...
لم يكن قد أظهر الاهتمام بها من قبل وارتجفت من السعادة.
- احب كثيراً ان تعتني بي يا روبرتو.
- بقد قلت لك انني دائماً اعتني بافراد عائلتي.
- اهكذا تراني؟
وبدأ بالسير معها, خطواته واثقه, وكأنه قط يرى الظلام. ولم يرد على سؤالها, ولكن بقيت يده
ممسكه بيدها, دافئه وقوية. وبعد قليل ظهر القصر امامهما, الاضواء المنبعثه من النوافذ تضئ
الظلام في الخارج. ووقف حارس مسلح عند الباب الامامي , ورأت واحداً آخر عند البوابة التي
لم تقفلها عندما خرجت, لا بد ان غيابها لوحظ منذ ان خرجت, وشعرت بالاحراج بأنها كانت
مراقبة بعيون غير مرئية. ترى الى أي مدى تستطيع هذه العيون ان ترى؟ كم تستطيع ان تخمن
الحقيقة؟ انها حقيقة يجب ان تقولها لروبرتو قبل ان يكتشفها. ولكنه جعل الامر واضحاً بأنه
لا يرغب في حوار جدي هذه الليلة.
وقالت وهي تشد اكثر على يده:
-ارجوك دعني اتحدث اليك في وقت قريب.
فرد همساً
- غداً يوم آخر وسيكون امامنا الكثير من الوقت للكلام
* * *
يتبع