واليك مشاركتي اخي العزيز
الفصل الثاني(المعركة)
انطلق النداء الداخلي عبر كمبيوتر المركبة الاتحادية معلنا بدا خطة الطوارئ القصوى وبدا عمل جميع وسائل الدفاع الذاتية
الوضع كان ينبئ بقرب حدوث كارثة رهيبة فالسرب المهاجم كان يقترب بسرعة رهيبة وسفن الطوارئ كانت في طريقها للمغادرة وهي تحمل بداخلها أعضاء المجلس الاتحادي تبعا لخطة التمويه والخداع (الأفعى)
الجنرال (عمر ) كان في قمة توتره وهو يتابع تنفيذ الخطة المتشعبة شديدة الخطورة فعينيه لم تنزل لحظة من فوق الشاشة الهولوجرافية لكمبيوتر المتابعة البيولوجي
فعلي عدة محاور كان ضباطه وجنوده يتحركون تبعا لخطة الطوارئ الموضوعة في صراع مرير مع الوقت من اجل تنفيذ تلك الخطة المعقدة وكان الجزء الأول من الخطة وهو الإشراف علي هروب سفن الطوارئ الخاصة بأعضاء المجلس الاتحادي ووصولها إلي قواعدها أمنه و بدأت المرحلة الأخيرة للخطة و أحيطت جميع المركبات بغلاف الطاقة أخفاها عن العيون الراصدة والأجهزة المتتبعة وانطلقت المركبات تشق أجواز الفضاء في نفس اللحظة التي أغلق الطريق إليها مجموعة قليلة من المركبات القتالية التي لبت نداء الجنرال (عمر) لمنع أي من مركبات الهجوم في اللحاق بمركبات القادة الاتحاديين
وعلي الجانب الأخر اعترضت مجموعة أخري من المقاتلات الصغيرة التي تقاد بدون ملاح عن طريق الكمبيوتر الدفاعي للسفينة الاتحادية طريق السرب المهاجم بهدف تعطيله حتى تتمكن السفينة الاتحادية من الاستعداد لصد هذا الهجوم الغاشم الغادر
وقام النقيب (سامر) ومعه عدد محدود من الجنود بإعداد سفينة الطوارئ الأخيرة للانطلاق بعد أن احضروا ابنة الجنرال وانطلقوا في مسار دودي خاص جدا لم يتم استخدامه من قبل لخطورته
اتخذ جنود الجنرال(عمر) مراكزهم القتالية في المركبة الاتحادية وأحاط الدرع الدفاعي الكهرومغناطيسي بالسفينة وبدا الكمبيوتر الدفاعي بإطلاق دفقات هائلة من الأشعة أطاحت بالعديد من المركبات المهاجمة التي كانت تهاجم بضراوة
وقف الجنرال (عمر) يتابع المعركة علي الشاشة الهولوجرافية للكمبيوتر وغصة هائلة تتكون في حلقه
كان يشاهد اندحار المركبات الدفاعية التي تتطير بلا ملاح والقوات المهاجمة تسحقها سحقا رغم مساندة السفينة الاتحادية بإطلاقها الأشعة الساحقة
كانت المعركة غير متكافئة بالمرة وجندي الاتصال يواصل إرسال استغاثاته وحجرة عمليات تجيبه بمحاولة الصمود لحين وصول القوات التي انطلقت في طريقها إليهم بالفعل
كان الهجوم ضاريا واليأس يتسلل إلي أعماق ( الجنرال عمر) وجنوده
فالدرع المحيط بالسفينة بدا يضعف تحت موجات الهجوم المتتالية والأمل في قدوم القوات المساندة قد بدا يقل
وفي محاولة أخيرة لصد الهجوم استدعي الجنرال ( عمر) القوات القليلة التي كانت تمثل مجموعة الاعتراض وذلك بعد تأكده من هروب باقي مركبات أعضاء المجلس الاتحادي وبدا في اعتماد خطة الهجوم الأخيرة حيث انه اعتمد في داخله مبدأ نابليون الشهير الهجوم خير وسيلة للدفاع
وفي لحظة واحدة وبتنسيق كامل مع أجهزة الكمبيوتر بالمقاتلات القليلة التي لم يتجاوز عددها ست مقاتلات تم تنفيذا الخطة حيث انطلقت جميع المقاتلات بسرعتها القصوى في اتجاه السرب المهاجم تدعمهم المركبة الاتحادية الأم وذلك بعد إطلاق طاقة الدروع لأقصي حد
كان الهجوم مفاجئ للقوات المهاجمة وحدثت بلبلة شديدة وتطايرت العديد من المقاتلات المهاجمة لتصطدم ببعضها منفجرة نتيجة للخلل الذي أحدثه التداخل المغناطيسي لدروع المقاتلات المهاجمة
ولم تخلوا هذه المناورة الانتحارية من خسائر فقد خسر الجنرال عمر كل المركبات القتالية التي ساندته في بسالة ونجحت في فتح ثغرة تمكنه للهرب في اتجاه سحابة كويكبات كوكب ( زحل)
انطلقت السفينة الاتحادية بسرعتها القصوى باتجاه سحابة الكويكبات وخلفها القوات المهاجمة تمطرها بقذائف الأشعة المنهمرة كالسيل مضعفة غلافها الواقي
كان الأمل قد بدا يعود وخصوصا حينما رصد رادار المركبة الاتحادية سرب من المركبات قادما من اتجاه سحابة الكويكبات معتقدا أنها قوات الاتحاد التي جاءت لتؤازره.
كانت السفينة الاتحادية تستهلك طاقتها بشكل مروع
فالدرع والسرعة القصوي المنطلقة بها كانوا كوحش شرس يمتص الطاقة
كان مؤشر الطاقة يشير الي الاقتراب من مرحلة الخطر
لم يكن امام الجنرال عمر الا حل من اثنين اما التضحية بالدرع الواقي او خفض السرعة علي امل وصول لقوات الاتحاد
المساندة
وفي الوقت ذاته كان جندي الاتصال يواصل إرسال رسائل التعريف إلي السرب الاتحادي المساند وما من مجيب
واعلم الجندي الجنرال عمر بذلك فرد عليه بقلق وقال وما هي نتائج فحص المركبات بالكمبيوتر
أجاب الجندي بلهجة عسكرية قائلا سيدي ان الكمبيوتر أشار إلي أنها مركبات مقاتلة تتبع الجنرال (جاد) ويبدوا أن جهاز الإرسال الخاص بنا قد تعطل
عادت الدماء لوجه الجنرال عمر واصدر أوامره بإزالة الدرع الواقي مع الاستمرار في الفرار بأقصى سرعة مع إيقاف أي استهلاك داخلي للطاقة ثم عاد ببصره إلي الشاشة الهولجرافية لمتابعة السرب المطارد
كانت المؤشرات كلها ايجابية
فالمركبة الاتحادية رغم ضخامتها كانت أسرع من باقي السفن المهاجمة وسرب مركبات الجنرال جاد علي وشك الوصول
انتشرت الحماسة بين الجنود حينما بدأت المركبة الاتحادية تخفض سرعتها للانضمام لسرب قوات الجنرال جاد
كانت المسافة تتضاءل والأمل في النجاة يرتفع
ويرتفع
ولكن كما قالوا قديما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن
فمع اقتراب المركبة من سرب قوات الجنرال جاد انهمرت عليها الأشعة المدمرة من كل جانب
وأثبتت السفينة قوتها بصدها للدفعة الأولي من الأشعة
ولكن الدفعة الثانية أضعفتها
والثالثة دمرتها قبل ان يستطيع الكمبيوتر الاستراتيجي تشغيل الدرع الواقي والذي كان لو أدي عمله لما غير نتيجة المعركة ولكن كان سيؤجلها لدقائق قليلة فقط
وقبل انفجار المركبة بلحظات قليلة علم الجنرال من الخائن ولكن ظل سؤال واحد يتردد بداخله
هل ستنجو ابنته ؟
هل ؟
****************
ارتجت سفينة الطوارئ الأخيرة (رعد) كما كان يحب ان يطلق عليها الجنرال الراحل عمر منذره بحدوث خلل ما في الرحلة
كان النقيب سامر ينظر للمؤشرات بقلق ويحاول استيعاب باقي برنامج السفينة الخاص بعملية الانتقال في المسار الدودي والذي سيقطع عن طريقه حاجز المكان والزمان لينتقل في الفضاء إلي مسافة هائلة
وتبعا لبرنامج الانتقال فان تجسد المركبة سيكون في الميناء الحربي للقاعدة المريخية القتالية التابعة للجنرال عمر
ولكن الخلل الذي حدث والذي لا يعرف سببه سامر كان يهدد بإلقائهم في غياهب الفضاء
والشئ الأخر الذي كان يقلقه حالة (زهرة) ابنة الجنرال الرقيقة والتي انهارت بمجرد عدم عثورها علي والدها علي سطح السفينة وأخذت تبكي وتنعاه كأنها فقدته كما فقدت أمها من قبل
كان يشعر بالمسئولية الرهيبة الملقاة علي عاتقه وكان يتساءل هل نجا الجنرال
نفض عن نفسه هذه الأفكار التشاؤمية والقي علي زهرة نظرة أخيرة وتنهد ثم عاد لدراسة برنامج الانتقال وعقله يستوعبه رغم تعقده رويدا رويدا
فقد كانت معظم عمليات الانتقال ملقاة علي عاتق كمبيوتر السفينة ولكن المرحلة الأخيرة هي التي كانت تتطلب قدراته كملاح ماهر من اجل السيطرة علي المركبة في رحلة الهبوط والتي ستتم يدويا نظرا للخلل الذي سيصيب الكمبيوتر من جراء الانتقال التجريبي والذي يتم لأول مرة
فطريقة الانتقال هذه كانت خط الدفاع الأخير حينما لا يتبقي هناك ما يخسره لمستخدمها
كانت سلاح تجريبي لم يتم استخدامه من قبل ولكن الضرورات تبيح المحظورات
قطع أفكاره ارتجاجه أخري للمركبة ثم أعلن الكمبيوتر انه سيتوقف عن العمل لبدء عملية الانتقال
وأحاط بالمركبة ضوء هائل ساطع
وبدأ تسلسل الانتقال
وارتفعت درجة حرارة المركبة بضع درجات وسادت بداخلها حالة من انعدام الوزن
وشعر سامر وزهرة التي فاجأتها الأحداث المتوالية بان ذرات أجسادهم تتفكك وتندفع في نفق ضوئي ساطع ثم بدأ التجسد في غلاف جوي لكوكب ما يختلف عن كوكب المريخ كما هو مقرر
ولكن سامر تغلب علي كل التغيرات المفاجأة التي أصابت جسده وهز رأسه ليجبر ذهنه علي الصفاء
وبدا عملية السيطرة علي المركبة التي اندفعت بفعل الجاذبية كشهاب مشتعل
واخذ يتحكم في أجهزة القيادة بطريقة يدوية
وتركها تهبط بفعل الجاذبية ثم اخذ يطلق صواريخ الدفع الجانبية بطريقة احترافية ليقلل من سرعة الهبوط وأخذت السفينة تقترب من الأطلال التي بدا يراها تقترب من المركبة
وكوسيلة أخيرة للتقليل من حدة الهبوط أطلق مظلة الطوارئ المعدة لهذا الغرض وأطلق الصواريخ الجانبية
ورغم كل ذلك إلا أن عملية الهبوط كانت عنيفة ونتج عنها تحطم أجنحة المركبة ومقدمتها
وقبل أن يفقد الوعي
نظر عبر زجاج المركبة المحطم
وشاهد الشمس الساطعة
والسماء الزرقاء
وكانت صدمته عنيفة عجلت بفقدانه الوعي
فقد تمت عملية الانتقال بعيدا جدا عن كوكب المريخ الأحمر وقاعدته العسكرية
لقد تم التجسد علي الكوكب المهجور الخالي من الحياة
كوكب الأرض