أنهمك منصور بمراجعه صفقه أخري من صفقاته
التي ستجلب له بالغد المزيد من الأموال الوفيره
حين رأي أمامه فجأه ...ظلال ....رجل ....غامض ...
يدخل عليه غرفه مكتبه ....مما أثار القشعريره بجسده,,,
وهو يتذكر ذلك اللقاء ...الذي كان يرتقبه بلهفه شديده
حين عرف بخبر اختفاء ولده خالد وفقدانه...
صحيح أنه شعر بالصدمه حين دخل عليه فجأه
ذلك الرجل بدون أي أنتظار ولا توقع ....
الا أن رؤيه تلك الحقيبه ....الصغيره التي بيده ...
جعلته يرتعش من الأثاره ...وهو يقول بلهفه مكبوته طغت علي
ملامح الضيق الواضح علي وجهه...
:- مالذي تفعله هنا ؟؟؟؟.....هل جننت .....
قال الرجل بثقه لم يتوقعها منه منصور أبدا ....
:- لقد أنتظرت زيارتك لي كما أخبرتني ....ولكنك لم تحضر
فقررت أنا الحضور اليك....كي أحصل علي أموالي...
:= لقد أخبرتك من قبل أن تطيع أوامري ...والا تتهور ...
ماذا أذا رأك أحد الخدم .....أو حتي أبنتي ...
ماذا سيقولون عني وعنك؟؟؟؟
:- أبتسم الرجل بغل ,,,,وهو يرمي أمامه الحقيبه النسائيه الصغيره
:- سيقولون ..أنني أعمل عندك...و أنفذ أوامرك...
وهذا هو نتاج تخطيطك بتلك الليله ...فأعطيني أموالي بسرعه
فأنا أريد الرحيل ...والسفر بعيدا قبل أن تسوء الأمور..
لم يندهش منصور لكلماته الغريبه...ومطالبته للأموال بأصرار
ففتح درج مكتبه بقرف ....كي يرمي له أمواله التي أضجره
بها ....
بينما أمسك بالحقيبه يفتحها .....وقد شعر بالتوتر يتملكه...
وقال بدون تركيز.....وهو يقرأ تلك الورقه التي
خرجت بيده من الحقيبه,,,
:- ومالذي جعلك فجأه ترغب بالسفر....والأبتعاد....وما هي تلك المشكله الصغيره ,,,التي ....
ولكنه لم يكمل كلماته....وكلمات تلك الرساله ,,,,
تتراص أمام عينيه ......وتنزرع بعقله وكيانه كله وتجعله يرتجف...
( أبنتي الحبيبه ياسمين .....اّذا قرأتي رسالتي هذه ...فأعلمي أنني في ذمه الله...وأنكي في رعايته.....
بنيتي الحبيبه ....لطالما كنتي لنا الفرحه والسعاده كلها ...
وأنرتي قلوبنا ...بأدبك وبأخلاقك العاليه....تمسكي بالدين وبشرع الله
وأرضي بقضائه وقدره....تسعدي ....
ومعني أن تستلمي رسالتي ,,,أنكي أصبحتي أمرأه متزوجه
فلتعيشي في حمي زوجك ...وحافظي علي بيتك
من غدر الناس والزمن,,,
بنيتي ....كان لي حقوق ...عند زوج خالتك ...ولكني
بعدما صفيت كل أعمالي معه....وقررت الذهاب للحج أنا وأمك
قد سامحته...,تركت أمره لله
هو من أفوضه به.....
لذا لا تحملي الكراهيه لأحد....وحبي الناس
كي يحبوا الخير لكي
أتمني لكي السعاده وراحه البال
وفقك الله بحياتك وأسعدك )
وقعت الورقه من يده...وهو يرتجف....هل هذا هو كل ,,,ما كتب
وأين باقي الأوراق والمستندات ,,,,أين تلك الأوراق التي سرقت منه
أين....؟؟؟؟؟
ونظر لذلك الرجل الواقف أمامه.....بشك وريبه ,,,,معقول
....هل من المعقول أن يكون قد أستولي علي الأوراق كي يساومه عليهم ويأخذ المزيد من الأموال ؟؟؟؟
ولم لا,,,,,فهذا الصنف من الناس ...لا أمان لهم...
ومد يده بداخل الحقيبه ...ليتأكد ثانيا ...من أنه بالفعل
لا يوجد شيئ أخر ,,,,,يوضح له ماحدث للأوراق,,,
حين أصطدمات يدا ه بمحفظه رجاليه....جلديه الشكل ...
وقال للرجل بدهشه ...
:- ماهذه المحفظه ....هل بها المزيد من الأوراق ...أم.....
وصمت وهو يفتح المحفظه,,,,,
والرجل يقول بصوت متوتر,,,,وقد أقتربت الحقيقه من الأنجلاء كامله,,,
:- أنها يا باشا ,,,,المشكله التي ...قلت لك عليها بالتليفون,,
أقصد لقد كان هو ....المشكله.....
فهي ملك لشخص تدخل تلك الليله ...وقد نال مايستحق
لقاء تدخله,,,ولقد اخذت حافظته ...كي لاا يتعرف عليه أحد
أذا وجده......
كاد أن يرمي منصور الحافظه بعيدا بأهمال ....ولكنه
فجأه قرر فتحها ...وحين لامست يداه محتوياتها وقرأ الأسم المكتوب
علي البطاقه الشخصيه .....أنتفض من مكانه بحده وهو يصرخ
كالمجنون,,,,وجذب الرجل من ملابسه بقوه قبل أن يمسكه من
تلابيبه.....
:- خالد .....أنها بطاقه خالد.....من أين لك بها؟؟؟؟؟....
تراجع الرجل للخلف بحده ...وهو يكاد أن يقع أرضا من الدهشه...
وهو يحاول دفعه بعيدا عنه....
:-خالد ....أهذا هو أسمه......؟؟؟؟؟
......أه ..اه ...أه
كف عن هذا ....ستخنقني ......سنخنقني ,,,
لم يهتم منصور .....بأن يسمع أحد صراخه أم لا,,,
وقال بأنفعال شديد....جعل جسده يرتجف....ورأسه يضج من الألم,,,
:- من أين لك بهذه المحفظه ...تكلم ....تكلم؟؟؟
:- استطاع الرجل أخيرا الأفلات منه...بعد ما شعر بالحاله الصحيه المترديه...التي أنتابت منصور فجأه....
:- أنه ذلك الرجل الذي تدخل ,,,ليله أن هاجمت المرأه بطريق المزرعه المظلم.....ولقد حاولت أخبارك....
أنه تحول الي مشكله بتدخله ...ودفاعه عنها,,,
أمسك به منصور ثانيا ,.,,,وهو يطبق هذه المره علي رقبه الرجل
,,,,وقد أنهالت كلماته كما الأحجار علي عقله وقلبه,,,
:- وماذا فعلت به ....؟؟؟...تكلم ...ماذا فعلت,,,
قال الرجل بصعوبه شديد ه وهو يكاد يختنق من شده الألم...
بينما أمتدت يداه علي سطح المكتب تبحث بلهفه شديده ...
علي أي شيئ يعينه....
:-لا لقد أصبته بالسكينه ....بعدما دافع عن المرأه....
ولقد رميته من فوق سطح الجبل هو وعربته,,,
أنطلقت صرخه متألمه ....متحشرجه ,,,من فم منصور ...
وهو يعوي كما الأسد الجريح...الذي لا يجد من يعينه أو يطبب جراحه
:- ولدي ,,,,,,خالد ,,,,,ولدي ,,,,
لقد قتلته ......قتلت ولدي .....
وأنتهز الرجل الفرصه لتألمه وتخفيفه من قبضته ...
ليلتقط بيداه...... أقرب شيئ اليه ....وليضرب منصور
...بالحقيبه الصغيره الخاصه بياسمين,,
والتي طارت منها محتوياتها ...وأستلقي ...
ذلك الخطاب الأخير لوالدها.... أرضا ....ليشهد,,,,
صراع بين أسد عجوز جريح,,,قلبه يدمي علي فقدان ولده..
ورجل أمضي حياته بالأجرام.....وقد أصبح علي وشك
أن يتحول الي ضحيه ...بعد أن كان هو الجلاد....
يبحث عن حريته وحياته التي يخشي
فقدها بأرتكابه لجرمه...
أرتطما بالأثاث,,,وتقلبا بكل أتجاه....وتعاركا بكل ما لديهم من قوة
وكاد منصور أن ينتصر وهو يحكم قبضته علي عنق الرجل
ويخنقه أنتقاما لموت ولده .....
لولا أن أستجمع الرجل قواه فجأه ....وأطاح به بعيدا
ليجد منصور نفسه بجوار درج مكتبه المفتوح
الذي أ لتمع بداخله مسدسه ....
وأستل منه المسدس .....وبكل عزيمه
أطلق النار .....وأصاب الرجل في مقتل ....
وبسقوط الرجل الغامض وموته ......كف منصور عن مقاومة ألامه
المبرحه المنتشره بصدره ......
...وأستلقي.....أرضا ....وقد أمتدت الألام لجميع أجزاء جسده......
ودخل عقله بدوامه من الذكريات المتتاليه ....
بين ضعف في الصغر وقوه مفرطه وتسلط في الكبر
بين نجاح في العمل والصفقات وفشل في حبه وفي اسرته
بين الأموال الوفيره من أعمال مشبوهه.....
وراحه الضمير التي ضاعت منه
وقد طمع في أخيه وأكل أموال اليتامي وأضاع حقوقهم
بين غدره بأقرب الناس أليه.....أقربائه...أخيه
وولده عمر ....ثم ياسمين ....وأخيرا أبنته مروه
التي ضحي بسعادتها من أجل مصلحته
ماذا أفاده كل هذا ....وقد ضاع ولده.....
ضاع رحله عمره ....وكل أماله ...بمستقبل زاهر
ضاع ولده ....وسيضيع هو من بعده
مات ,,,,,,,مات
مات خالد
لقد قتل ولده بيده
وبأخر طاقه لديه ... زحف أرضا ...
حتي أمسك بخطاب ياسمين
بين يده
وعادت كلمات والدها الأخيره تتكرر في راسه
لقد سامحته...وتركت أمره لله
هو من أفوضه به.....
لذا لا تحملي الكراهيه لأحد....
وحبي الناس
كي يحبوا الخير لكي
لعله يستمد منه الشعور بالسكينه أو الراحه
ولكن هيهات
فمن باع الأخره
ليكسب الدنيا
هل سيجد يوما راحا
وارتجف جسده بشده
وقبضت يده علي الخطاب المنكمش
قبل أن يستلقي أرضا
كالجثه الهامده
وكلُّ بِساطِ عيشٍ سوف يُطوى
وإن طالَ الزمانُ به وطابا
كأنَّ القلبَ بعدهُم غريبٌ
إذا عادته ذكرى الأهلِ ذابا
ولا يُنبيكَ عن خُلُقِ الليالى
كمن فقَدَ الأحبة و الصَّحابا
أخا الدنيا،أرى دنياكَ أفعى
تُبدَّل كلَّ آونةٍ إهابا
وأن الرُّقط أيقظُ هاجعاتٍ
وأترع في ظلالِ السَّلم نابا
ومن عَجَبٍ تُشَّيبُ عاشِقِيها
وتُفنيهِم وما بَرِحَتْ كَعضابا
فمن يغترُّ بالدنيا فإِنى
لبِسْتُ بها فأبليتُ الثياباَ
لها ضَحكُ القيان الى غبيٍّ
ولي ضحكُ اللبيب إِذا تغابا
جَنَيْتُ بروضِها ورداً وشوكاً
وذقتُ بكأْسِها شُهْداً وصَابا
فلم أرَ غيرَ حكمِ الله حكماً
ولم أر دون باب الله بابَا
ولا عظَّمْتُ في الأَشياء إلا
صحيحَ العلم،والأدبَ اللُّبابا
ولا كرَّمتُ إلا وجهَ حرٍ
يقلَّد قومَهُ المنَنَ الرَّغَابا
ولم أرَ مثلَ جمعِ المالِ داءً
ولا مثلَ البخيلِ به مُصَابا
فلا تقتلْكَ شهوتُه، وزِنْها
كما تزنُ الطعامَ أو الشرابا
وخذ لبنيك والآيام ذخراً
وأعط اللهَ حِصَّتَه احتسابا
من ..... قصيده سلو قلبي
لأمير الشعراء أحمد شوقي
**********************