كاتب الموضوع :
amedo_dolaviga
المنتدى :
ملف المستقبل
شكرا لكل رد في الموضوع
واخيرا وصلنا لنهاية القصة ونورتوني كلكم بجد
الختام 27..
لحظة واحدة، كانت تفصل بين الحياة والموت..
لحظة.. تكفي لأن تغرس فيها الحسناء القرش أنيابها الحادة في عنق "أكرم" بكل العنف والشراسة والقسوة..
لحظة واحدة..
ولكن فجأة، اندفع جسم أسطواني من فتحة التهوية أعلى الجدار، وسقط على الأرض وسط المعمل بصوت معدني عنيف..
جسم تعرَّفه "أكرم" و"رمزي" من النظرة الأولى، من قبل حتى أن يهتف العالم الكهل في ارتياع:
- احترسوا.
وقبل حتى أن ينتهي هتافه، تفجَّر ذلك الجسم الأسطواني دفعة واحدة...
وانطلق في المكان دخان وردي اللون..
دخان جعل العالم، والحسناء القرش، والشاب الجواد يسعلون..
ويسعلون..
ويسعلون..
وغابت الرؤية تماماً لحظات..
وفي تلك اللحظات سمع الجميع صوت ضربة عنيفة، أعقبها سقوط جسم معدني على أرضية المعمل، ثم سقوط أقدام تهبط على الأرضية في عنف، قبل أن يهتف "أكرم" في انفعال:
- مرحى يا رفاق.
شعر بالحسناء القرش تفلته، وتبتعد مسرعة، في حين راح الشاب الجواد يطلق صهيلاً عصبياً..
وثانياً..
وثالثاً..
ورابعاً..
وبعدها انطلقت في المكان صرخة هائلة مدوية..
صرخة حملت صوت العالم الكهل، قبل أن ينقشع الدخان الوردي في بطء، ليرى "أكرم" مشهداً جمع في أعماقه بين الفرحة والدهشة والاشمئزاز في مزيج مدهش..
الفرحة؛ لأنه رأى "نور"، مع اثنين من رجال الأمن داخل المعمل، وكل منهم يرتدي قناعاً صغيراً واقياً من الغازات، و"نور" يندفع نحو الشاب الجواد، الذي يمسك "رمزي"، ويصوِّب إليه مسدسه الليزري هاتفاً في صرامة:
- انتهت اللعبة يا هذا.. استسلم وإلا..
أما الدهشة والاشمئزاز، فلرؤيته الحسناء القرش وهي تندفع نحو الخزانة ممسكة في يدها إصبعاً..
إبهام العالم الكهل، الذي راح يصرخ في ألم شديد، والدماء تنزف في شدة من موضع إبهامه المقطوع..
وبكل اشمئزازه وغضبه، صرخ "أكرم"..
- أيتها الحقيرة.
كان الشاب الجواد يحاول المقاومة في تلك اللحظة، ويحاول اعتصار عنق "رمزي" في الوقت ذاته، ولكن رجلي الأمن حاصراه، وصرخ فيه أحدهما بكل الصرامة:
- استسلم.
صهل الشاب الجواد في عصبية، وامتزج صهيله بصراخ العالم المتصل، وبصيحة "نور"، وصرخة الحسناء القرش، وهي تلصق الإبهام المقطوع بمكانه الخاص في باب الخزانة، وركل الشاب بقوائمه في عصبية..
وانطلق خيط من خيوط الليزر..
وثان..
وثالث..
وتفجَّرت الدماء من رأس الشاب الجواد، وعنقه، وأفلت "رمزي" على الرغم منه، وتراجع مترنحاً، فأطلق عليه أحد الرجلين طلقة أخرى، على الرغم من صرخة "نور":
- هذا يكفي.
وسقط الشاب الجواد صريعاً، وهو يطلق صهيلاً أخيراً، في حين اندفع "أكرم" نحو الحسناء القرش وهو يصيح في صرامة:
- على جثتي.
التفتت إليه في شراسة، وهي تطلق تلك الصيحة الحادة المخيفة، وتكشر عن أنيابها الرهيبة..
ولكنه وثب..
كانت قد فتحت باب الخزانة بالفعل عندما وثب بكل قوته، ودفعها بيده اليمنى، في حين اختطفت يده اليسرى تلك الزجاجة الصغيرة داخل الخزانة، قبل أن يدور حول نفسه، ليسقط بعيداً عنها..
ولكن الحسناء القرش غرست مخالبها في صدره في اللحظة الأخيرة، وجذبته إليها في عنف، صارخة:
- لن تحصل عليها أبداً.
استدار "نور" ورجلا الأمن إليها بمسدساتهم في سرعة رهيبة، وصاح "نور" في صرامة:
- انتهت اللعبة يا عروس البحر الوحشية.. المكان كله محاط بقوات الأمن.. لن تجدي وسيلة واحدة للفرار.
زمجرت في وحشية، وصرخت:
- أنتم المحاصرون لا أنا.. ربما تمنعني قوات أمنكم من الخروج، ولكنها لن تمنعني من تمزيقكم إرباً.
هتف أحد رجلي الأمن:
- هذا لو بقيت حية.
قالها وأطلق أشعة مسدسه نحوها، ولكن الأشعة أصابتها، ثم ارتدت عنها في عنف، وزمجرت هي وهي تثب نحوه دون أن تفلت "أكرم"، وضربت عنقه بمخالبها الحادة، فتفجّرت منه الدماء، وجحظت عيناه، وهو يطلق شهقة مخيفة، وسقط يتلوى على الأرض، فانعقد حاجبا "نور"، وهتف رجل الأمن الثاني، وهو يطلق أشعة مسدسه نحوها بدوره:
- مستحيل!.. مستحيل!
مرة أخرى، ارتدت الأشعة عن جسدها في قوة، ودارت هي حول نفسها، مفلتة "أكرم" هذه المرة، وغرست مخالبها في صدر الرجل، ثم جذبته إليها، وهوت بأسنانها الحادة، تلتهم نصف عنقه بقضمة واحدة..
وتراجع "رمزي" في رعب شديد، وانعقد حاجبا "نور" في شدة، في حين قالت هي في وحشية:
- لم تفهموا بعد.. جسدي مغطى بقشور سميكة، تحت طبقة الجلد البشري مباشرة.. قشور تعجز حتى الرصاصات التقليدية عن اختراقها.
رفع "أكرم" يده بزجاجة الإكسير الصغيرة، وهو يهتف:
- ولكن الزجاجة معي، ويمكنني تحطيمها.
قالت في سخرية وحشية:
- لو أنك ألقيت نظرة جيدة عليها، لأدركت أنها غير قابلة للكسر، ثم إنني سأستعيدها حتماً بعد أن أقضي عليكم جميعاً.. الآن.
والتمعت عيناها على نحو مخيف، وكشرت عن أنيابها، وأبرزت مخالبها الحادة الطويلة، وانطلقت من حلقها تلك الصيحة الدوليفينية الحادة المخيفة، و.. وفجأة، وثب "أكرم" يلتقط مسدس أحد رجلي الأمن اللذين لقيا مصرعهما، ثم دار حول نفسه صارخاً:
- ربما لا تقتلك الأشعة.
وأطلق أشعة المسدس، مكملاً:
- ولكنها تقتله.
شهقت في رعب هائل، عندما رأت أشعّته تصيب العالم الكهل..
في موضع القلب تماماً..
واتسعت عينا العالم بشدة، وانتفض جسده في عنف، وهتف "نور" في حدة:
- لماذا يا "أكرم"؟!.. لماذا؟!
غمغم "أكرم"، وهو ينهض في بطء:
- إنها الوسيلة الوحيدة.. قتله بيديها.
اتسعت عينا الحسناء القرش، وارتجف جسدها في شدة، وراحت ملامحها السميكة تختفي، ويستعيد وجهها حسنه، وهي تقول في رعب أعاد إليها الكثير من آدميتها المفقودة:
- لا.. أريد أن أعيش.. إنني أخاف الموت.. لا أريد أن أموت.. لا أريد أن أموت.
ولكن العالم انتفض مرة..
وثانية..
وثالثة..
ثم أطلق شهقة أخيرة..
وانتهى أمره تماماً..
ومع سقطة رأسه الأخيرة، أطلقت الحسناء القرش صرخة عالية، فألقى "أكرم" الزجاجة الأخيرة من يده، واندفع نحو "نور" و"رمزي"، صارخاً:
- احترسا.
وثب نحوهما، ودفعهما أرضاً في نفس اللحظة التي انفجر فيها دماغ الحسناء القرش بدوي مكتوم، أعقبه انفجار جسد الشاب الجواد..
ثم ساد الصمت مرة أخرى..
وفي بطء متوتر، قطع "أكرم" ذلك الصمت، مغمغماً:
- لم تكن هناك وسيلة أخرى يا "نور".. أقسم لك.
لم يكد يتم عبارته، حتى سمع الجميع صوت خفقان أجنحة قوية، فالتفتوا إلى مصدرها، واتسعت عيونهم في شدة..
كان الشاب النسر يقف في منتصف المكان، ممسكاً تلك الزجاجة الصغيرة في يده، وفارداً جناحيه كليهما..
وبكل دهشة الدنيا، غمغم "أكرم":
- مستحيل!
لم تكد كلمته تكتمل، حتى اندفع الشاب النسر إلى أعلى فجأة، وارتطم بسقف المعمل الزجاجي، وحطَّمه في عنف، وهو يرتفع مبتعداً..
ويرتفع..
ويرتفع..
ويرتفع..
وخلفه، انطلقت عشرات الرصاصات وخيوط الليزر..
ولكنه لم يتوقَّف..
لقد انطلق بأجنحته القوية، حتى اختفى في السماء..
اختفى تماماً..
* * *
(لم نعثر له على أدنى أثر..)
ردَّد الدكتور "حجازي" العبارة، وهو يهز رأسه في أسف، قبل أن يستطرد:
- التفسير الوحيد الذي توصل إليه الخبراء، هو أنه عندما دفعه "أكرم" نحو صندوق التوزيع الكهربي، صعقه التيار دون أن يقتله، ولكن الصعقة أتلفت جهاز التفجير الذاتي داخله، مما أبقاه على قيد الحياة بعد توقف قلب العالم عن النبض.
سأله "نور" في اهتمام:
- هل أطلقتم طائراتٍ للبحث عنه؟!
أومأ برأسه إيجاباً، وقال:
- لا تنسَ أنه يستطيع التحول إلى هيئة عادية، والذوبان وسط الناس في أي مكان، وهذا يعني أننا لن نستطيع العثور عليه.
وصمت لحظة، ثم أضاف:
- إلا لو عاد إلى دورة القتل مرة ثانية.
غمغم "نور":
- أمامه سنوات ليفعل.
قال الدكتور "حجازي" في حزم:
- وعلينا أن نستعد.
ران عليهما الصمت لحظات، ثم قال "نور":
- هل تعتقد أن هناك آخرين؟!
تنهَّد الدكتور "حجازي" وأجاب:
- لا أحد يمكنه الجزم.. ولكنني لم أعد أخشاهم، فالتجربة أثبتت أن ما خلقه الله -سبحانه وتعالى- ينتصر في النهاية.
غمغم "نور":
- ونِعْم بالله.
قالها وهو يتطلَّع إلى السماء، متسائلاً في أعماقه: (ترى هل سيضطر يوماً آخر إلى خوض قتال مع ذلك الجيل؟!..
الجيل الوحشي!..
الثالث.
* * *
[تمت بحمد الله]
|