كاتب الموضوع :
amedo_dolaviga
المنتدى :
ملف المستقبل
بعد إذن العضو (amedo_dolaviga) اضع الجزء الجديد
13- مخالب وأنياب. اندفع رجال الإسعاف داخل ممر مستشفى "الإسكندرية" العام، وهم يدفعون أمامهم محفَّة متحركة يرقد عليها "أكرم" فاقد الوعي، منبطحاً على وجهه، وأحدهم يحاول منع النزيف، من جرح كبير في ظهره.. وخلفهم راح أفراد الفريق يلحقون بهم، والقلق يكاد يعصف بنفوسهم، و"نور" يقول:
- أسرعوا بالله عليكم.. إنه رجل أمن، يحتاج إلى إسعاف عاجل.
ظهر الدكتور "حجازي" أمامهم في قسم الجراحة، وهو يلوِّح بيده قائلاً:
- اطمئن يا "نور".. كل شيء معدٌّ لإسعاف "أكرم" بأقصى سرعة.
ثم أشار إلى المسعفين هاتفاً:
- إلى حجرة العمليات مباشرة.
أسرع المسعفون بـ"أكرم" إلى حجرة العمليات، في حين أمسك "نور" كتف الدكتور "حجازي" قائلاً في انفعال:
- كيف وصلت قبلنا؟!
أجابه الدكتور "حجازي":
- كنت هنا أساساً يا "نور"... هناك مصاب من هجوم جديد.
بُهِتَ "نور"، وهو يغمغم:
- هجوم جديد؟!
وضع الدكتور "حجازي" يده على كتفه قائلاً:
- نعم يا "نور".. هذه المرة كان الهجوم في البحر.. ثلاثة قتلى من رجال البحرية الحديثة، ومصاب واحد.. إنه مصاب بصدمة نفسية، بأكثر مما هو مصاب جسدياً.
قال "نور" في عصبية:
- هذا عجيب للغاية.
أومأ الدكتور "حجازي" برأسه موافقاً، وقال:
- بالتأكيد.. إنه أوَّل هجوم بحري.
أشار "نور" بسبَّابته، قائلاً:
- ليس هذا فحسب، ولكنهم تركوا مصاباً أيضاً.
انعقد حاجبا الدكتور "حجازي"، وكأنما فوجئ بهذا، وغمغم:
- هذا صحيح.
أدار "نور" عينيه نحو حجرة العمليات في قلق، فغمغم الدكتور "حجازي":
- هناك طاقم من أمهر الأطباء، يهتم بأمر "أكرم" الآن.. اطمئن.
بدا القلق على وجه "نور" لحظات أخرى، ثم التفت إلى الدكتور "حجازي" قائلاً:
- أريد رؤية ذلك المصاب، بأسرع وقت ممكن.
تردَّد الدكتور "حجازي"، قبل أن يقول:
- ولكنه مصاب بصدمة نفسية عنيفة.
استدار "نور" إلى "رمزي"، قائلاً:
- "رمزي".. نحتاج إليك.
سأله "رمزي" في توتر:
- فيم؟!
لم تمضِ دقائق على سؤاله هذا حتى كان يقف مع "نور" والدكتور "حجازي" أمام سائق زورق البحرية، الذي بدا ذاهلاً مذعوراً على الرغم من وجوده داخل المستشفى، حتى أنه لم يشعر بوجودهم، والدكتور "حجازي" يشير إليه، قائلاً:
- قائده، والضابط الأوَّل، والمراقب الفني تم تمزيقهم أرباً أمام عينيه، وهو نفسه كاد يلقى مصرعه.
غمغم "نور":
- كيف نجا إذن؟!
هزَّ الدكتور "حجازي" رأسه، وقال:
- لا أحد يدري.. لقد عثرت عليه دورية البحث، التي خرجت خلف الزورق بعد أن توقَّف عن البث، ولم يستجب للاتصالات، وكان ذاهلاً مصدوماً، ولم ينطق بكلمة واحدة حتى أحضروه إلى هنا.
انعقد حاجبا "رمزي" وهو يتطلَّع إلى الرجل، ثم اتجه نحوه في هدوء، ولمس ذراعه في رفق، فجفل الرجل، والتفت إليه مذعوراً، فابتسم "رمزي" قائلاً:
- لم يعد هناك خطر يا رجل.. أنت هنا بيننا.. لقد انتهى الأمر.
انفجرت شفتا الرجل، وتمتم في صعوبة:
- نعم.. كل شيء انتهى.
ربَّت "رمزي" على كفه قائلاً في هدوء عميق:
- أنت الآن في أمان.
غمغم الرجل في مرارة:
- وماذا عنهم؟!
سأله "رمزي" بالصوت نفسه:
- من؟!
غامت عيناه بالدموع، واختلط حزنه بخوفه، وهو يقول:
- هم.. القائد.. والضابط الأوَّل.. والمراقب.. ماذا عنهم؟!
وصمت لحظة، ثم تساءل بصوت مرتجف:
- هل.. هل نجوا؟!
تجاهل "رمزي" سؤاله تماماً، ومال نحوه يسأله:
- من هاجمهم؟!
شرد ببصره، وكأنه يسترجع ذكرى مرعبة، وأجاب:
- كانت تبدو كسمكة قرش.. ولكن الواقع أنها.. أنها..
لم يكمل عبارته، فسأله "نور" في توتر:
- أنها ماذا؟!
أدار عينيه إليه وكأنه يراه لأوَّل مرة، وتمتم:
- عروس بحر.
قال "رمزي" في دهشة:
- ماذا؟!
ارتفع صوت الرجل في عصبية، وهو يقول:
- عروس بحر.
ثم صرخ في انفعال:
- عروس بحر قاتلة.
أمسك "رمزي" ذراعه، ولكنه دفعه بعيداً في عنف، وهو يصرخ:
- لقد هاجمتهم بلا رحمة.. ومزقتهم.. مزقتهم في وحشية شديدة.
قال "رمزي" في اهتمام شديد، على الرغم من محافظته على هدوء صوته:
- ولكنها تركتك.
كان "نور" شديد التوتر واللهفة، لسماع جواب الرجل، فأمسك بيد الدكتور "حجازي"، وضغطها بشدة، دون أن يشعر، فقال الدكتور "حجازي" في ألم:
- مهلاً يا "نور".
لم يسمعه " نور" حتى، وهو يركِّز اهتمامه كله على الرجل الذي بدا شديد الشرود، وهو يغمغم في حيرة عجيبة:
- تركتني؟!
قال "رمزي" محاولاً استعادة سيطرته على الموقف:
- نعم.. تركتك.. أنت حي الآن.. أليس كذلك؟!
ارتسم الذعر على وجه الرجل، وهو يحدِّق في وجه "رمزي"، قائلاً:
- تركتني؟!.. نعم.. ولكن لماذا؟!
غمغم "نور"، في اهتمام وتوتر شديدين:
- نعم.. لماذا؟!
التفت إليه "رمزي" بنظرة صارمة؛ خشية أن يفسد هذا عمله، ولكن الرجل بدا شديد الشرود والذعر، حتى أنه لم يشعر حتى بوجود من حوله وهو يقول:
- لقد التفتت إليَّ، بعد أن مزَّقتهم تمزيقاً، وتصوَّرت أنها ستنقض عليَّ، وستمزقني بأسنانها الشبيهة بأسنان القرش.
تبادل "نور" و"رمزي" والدكتور "حجازي" نظرة صامتة متوترة، ثم قال "نور" وهو يشد قامته في حزم شديد:
- صف لي عروس البحر تلك.
التفت إليه الرجل، بتلك النظرة الملتاعة، فأكمل بنفس الحزم:
- حتى ننتقم لرفاقك.
بدت عليه لهفة لحظية، قبل أن تعود المرارة إلى ملامحه، وهو يغمغم:
- كيف؟!
أجابه الدكتور "حجازي":
- لدينا وسائلنا.
صمت الرجل لحظات، ثم أشار بيده قائلاً:
- لا ريب في أنها هناك.
سأله "نور" في اهتمام:
- أين؟!
أشار بيده قائلاً في شرود:
- في كمبيوتر المراقبة.
التمعت عينا "نور" عندما سمع العبارة..
نعم.. كمبيوتر المراقبة في الزورق..
كيف فاته هذا؟!
كيف؟!..
"لا بد وأن نحصل على سجلات كمبيوتر الزورق.."..
قالها في حزم وهو يمسك ذراع "رمزي" في قسوة، فقال "رمزي" وهو يخلِّص ذراعه منه:
- كل ما يحتاج إليه الأمر، مجرَّد خطاب رسمي للقوات البحرية.
قال "نور" في حزم:
- سأجري اتصالاتي؛ لنحصل عليه فوراً.
كان يضغط زر ساعة الاتصال بالفعل، عندما اندفعت "نشوى" داخل الحجرة، هاتفة:
- أبي.. أين أبي؟!
التفت إليها الكل في سرعة، وسألها "نور" في انفعال:
- ماذا هناك؟!
أمسكت بذراعيه، وهي تهتف في ارتياع:
- "أكرم" يا أبي.. "أكرم".
واتسعت عيون الكل في ذعر..
فعبارتها كانت تشير إلى أمر خطير..
خطير للغاية.
* * *
|