كاتب الموضوع :
amedo_dolaviga
المنتدى :
ملف المستقبل
9- اقتحام..
سارت دورية الشرطة بسيارتها الإلكترونية، المزوَّدة بأجهزة الفحص والاستكشاف الحديثة، في منطقة (سموحة)، وتجاوزتها إلى الطريق الصحراوية، التي تصل (القاهرة) بـ(الإسكندرية)، وراحت تقطع طريقها في بطء، متفقِّدة ما حولها، والشمس توشك على الغروب.. وفجأة أطلق أحد أجهزتها أزيزًا متصلاً، جعل أحد أفراد طاقمها يعتدل، وهو يقول في اهتمام قلق:
- هناك جسم يقترب في سرعة.
سأله قائد السيارة في آلية:
- ما نوعه؟!
أجابه في بطء، وهو يراجع بيانات الجهاز:
- سرعته تقارب سرعة سيارة صغيرة، ولكن حجمه...
لم يتم عبارته، فقال قائده في صرامة:
- لماذا الحيرة؟!.. استخدم جهاز الرصد بالموجات الصوتية.
ضغط الرجل زرًّا آخر، فارتسمت على شاشة الجهاز صورة موجية، جعلت حاجباه يرتفعان في دهشة، وهو يهتف:
- مستحيل!
سأله الثالث:
- وما المستحيل؟!
أجابه في عصبية:
- إنه بشري.
ضغط قائده فرامل السيارة في دهشة، والتفت إليه، هاتفًا:
- بهذه السرعة؟!
وهتف الثالث، وهو يحدِّق في الشاشة:
- مستحيل!
لم يكد ينطقها، حتى صك مسامع ثلاثتهم صهيل جواد قوي، ثم وثب جسم ما على سطح السيارة، وراح يضربه بقوائمه في عنف، جعل الثالث يصرخ:
- انطلق يا رجل.. انطلق.
ضغط القائد دوَّاسة وقود السيارة في قوة، ولكن سقف السيارة تحطَّم في عنف، في هذه اللحظة، وامتدت يد ذات مخالب حادة، وأمسكت الشرطي الثالث من عنقه، وانتزعته من مكانه في عنف، والمخالب الحادة تنغرس في عنقه، وتطلق شلالاً من الدم، من وريده الودجي، فصرخ الثاني في رعب:
- انطلق يا رجل.. انطلق.
كان قائد السيارة ينطلق بها في سرعة بالفعل، ولكن تلك القبضة الرهيبة ظلت تعتصر عنق زميله..
وتعتصره..
وتعتصره..
وجحظت عينا الرجل في ألم ورعب، وسالت دماؤه في غزارة، تغرق السيارة، وتناثرت على زميليه، فصرخ قائد السيارة بالآخر، وهو يواصل الانطلاق بأقصى سرعته:
- أطلق النار يا رجل.. أطلق النار.
انتزع الثاني مسدسه الليزري، وأطلق منه رصاصة، اخترقت سقف السيارة، فانطلق صهيل آخر أكثر قوة، ويحمل رنة ألم، قبل أن تضرب القوائم العنيفة السقف مرة..
ثانية..
وثالثة..
ثم أفلتت اليد ذات المخالب الثلاثة، واختفت، وأطلق الثاني طلقة ثانية..
وثالثة..
وقبل أن يطلق الرابعة، انطلق صهيل غاضب، ثم اخترقت تلك اليد الرهيبة السقف مرة ثانية، وانغرست مخالبها في عيني الثاني هذه المرة..
وأطلق الثاني صرخة ألم رهيبة، ومقلتا عينيه تتفجران، والدماء تنزف منهما في غزارة، وراحت سبَّابته تطلق أشعة الليزر عشوائيًّا، في أي وكل اتجاه..
واخترقت أشعته ظهر قائد المركبة، فانحرف بها بحركة حادة، لتخرج عن نهر الطريق، وتنقلب في عنف، وأخذت تتدحرج..
وتتدحرج..
وتتدحرج..
وأثناء انقلابها، وثب ذلك الشيء عن سقفها، وتوقَّف يضرب الأرض بحافريه الخلفيين لحظة، وشاهد النار تشتعل في السيارة، ثم أطلق صهيلاً قويًّا، وانطلق يعدو مبتعدًا كجواد قوي..
ونصف بشري..
أو لا بشري..
على الإطلاق..
* * *
غمغم "أكرم" في توتر، وهو يقف مع "نور"، إلى جوار ذلك السور المكهرب:
- لو أن هناك تيارا بقوة خمسمائة فولت، يعبر هذا السور، فكيف يمكننا تجاوزه؟!
أجابه "نور" في هدوء:
- لا تقلق نفسك.
ورفع ساعة الاتصال إلى شفتيه، قال:
- الآن يا "نشوى".
مضت لحظات من الصمت، قبل أن تجيبه "نشوى" في اقتضاب حازم:
- تم.
تساءل "أكرم" مبهورًا:
- هل فعلتها؟!
أجابه "نور"، وهو يبدأ في تسلُّق السور:
- "نشوى" دخلت برنامج الكهرباء الرئيسي، ومنه إلى كمبيوتر التحكُّم داخل الفيلا، وأوقفت التيار مؤقتًا.
تسلَّق "أكرم" السور بدوره، وهو يغمغم:
- رائعة هي ابنتك يا "نور".
غمغم "نور":
- هذا حقيقي.
وثب كلاهما الجانب الآخر، واستل "أكرم" مسدسه، وهو يقول بشيء من العصبية:
- ألا يمكنها تحديد مكانهم أيضًا؟!
غمغم "نور":
- بعد أن نغرس أنظمة الفحص، داخل الفيلا.
مطَّ "أكرم" شفتيه، دون أن يعلِّق بحرف واحد، وراح كلاهما يتسلَّل في حذر، عبر المساحة الواسعة، المحيطة بالفيلا، في محاولة لبلوغ أي من مداخلها، دون أن يشعر بهما أحد..
ولكن أحد مميزات القرن الحادي والعشرين هي التكنولوجيا، التي تطورَّت بشدة، وأصبحت متاحة للجميع..
حتى الأشرار..
وفي معمل ذلك العالم الكهل، أضيء مصباح أحمر صغير، في جهاز دقيق، في ركن المعمل، وانبعث منه أزيز متصل، جعل الشاب يلتفت إليه في توتر، قبل أن يزمجر على نحو وحشي، ويكشِّر عن أنياب حادة، وهو يقول:
- دخلاء.
اتجه الكهل نحو الجهاز في هدوء، قائلاً:
- كنت أعلم أن هذا سيحدث، إن عاجلاً أو آجلاً.
أشار الشاب إلى الفتاة، قائلاً:
- ولكنها لم تستعد وعيها بعد.
بدا الكهل شديد الهدوء، وكأنما الأمر لا يعنيه، وقال:
- ستفعل، خلال دقائق عشر، على الأكثر.
زمجر الشاب مرة أخرى، وتحرَّك لسانه السام المشقوق خارج فمه في عصبية، قبل أن يسأل:
- وماذا عنهم؟!
هزَّ الكهل كتفيه، وجلس في هدوء شديد، على مقعد مجاور لمنضدة الفحص، التي ترقد عليها الفتاة، وأجاب:
- لقد اقتحموا أملاكًا خاصة.
والتقط نفسًا عميقًا، قبل أن يكمل:
- وسيكون عليهم أن يواجهوا نظم أمننا.
في نفس اللحظة، التي نطق فيها عبارته، كان "نور" و"أكرم" يقتربان من المدخل الخلفي للفيلا، وقائد فرقة الحصار يتابعهما بمنظاره المقرِّب، مغمغمًا:
- أعتقد أنهما سيجدان طريقهما.
قالت "نشوى"، وأصابعها تتحرَّك في سرعة، على أزرار الكمبيوتر:
- سأحاول معاونتهما بقدر الإمكان.. أنا على وشك دخول شبكة الإنذار بالفيلا، وسأحاول إيقاف كل نظمها.
مطَّ قائد الحصار شفتيه، وغمغم في عصبية:
- كل شيء هنا غير قانوني.
قال "رمزي" في حزم: - ألا يمكنك تجاوز هذه النقطة؟!
أجابه الرجل في حزم:
- ليس وأنا أحمل هذه الرتبة.
كان "رمزي" يرغب في مجادلته حول هذا، لولا أن قالت "سلوى" فجأة في توتر:
- أرصد ذبذبات تحت أرضية.
سألها قائد فرقة الحصار:
- وماذا يعني هذا؟!
أجابته، وتوترها يتصاعد:
- يعني أن هناك جسم ضخم، يقترب من "نور" و"أكرم".
ثم رفعت إليهم وجهًا شاحبًا، مستطردة:
- تحت الأرض.
تفجَّرت دهشة عارمة على وجوههم، وهمت "نشوى" بالاستفسار عن الأمر، لولا أن برز ذلك الشيء من تحت الأرض بغتة، أمام "نور" و"أكرم" مباشرة.. واتسعت عينا "نور" في دهشة، في حين تراجع "أكرم" هاتفًا:
- رباه!.. ما هذا.
فذلك الشيء، الذي برز أمامهما كان مذهلاً ورهيبًا..
بكل معنى الكلمة.
* * *
|