كاتب الموضوع :
نور الهدى4
المنتدى :
رجل المستحيل
الجزء الجديد من العدد الخاص أنياب الاسد
18- الفرنسيون وصلوا..
انعقد حاجبا المفتش "آلان" في شدة وهو يتابع ذلك اللقاء الذي بثّته وسائل الإعلام الفرنسية مع "أدهم" الشاب، وقال في صرامة وهو يشير إلى شاشة التليفزيون:
- إنه هو.
وضغط زراً على مكتبه، فأسرع إليه مساعده "بيير" متسائلاً:
- أوامرك أيها الرئيس.
عاد "آلان" يشير إلى الشاشة قائلاً:
- هذا هو الشاب الذي نبحث عنه.
التفت "بيير" إلى الشاشة متسائلاً في حذر:
- حقاً؟!
أجابه "آلان" وهو يلتقط سترته:
- الأوصاف تنطبق عليه تماماً، وما يفعله مع الإسرائيليين يؤكِّد أنه هو.
قال "بيير" متردِّداً:
- كلنا نتابع ما يحدث، ولكن...
قاطعه "آلان" بمنتهى الصرامة:
- لا يوجد لكن.. إنه هو.. أرسل فريقاً من رجالنا إلى هناك فوراً.
سأله "بيير":
- ليفعلوا ماذا؟!
قال "آلان" في حدة:
- ليلقوا القبض عليه بالطبع.
قال "بيير" في سرعة:
- وماذا لو كنا مخطئين؟!
التفت إليه "آلان" بحركة حادة غاضبة، و...
وتوقَّف..
كان لا بد وأن يدير الأمر في رأسه فعلياً..
نعم.. ماذا لو كانوا مخطئين؟!
ماذا؟!
في هذه الحالة سيحق للشاب أن يشكوهم..
ويقاضيهم..
ويدمِّر مستقبلهم كله..
لا بد إذن من دليل..
دليل حاسم..
قاطع..
ومادي..
"سنكتفي بمراقبته الآن إذن"..
نطقها في عصبية شديدة وهو يرتدي سترته، ثم اندفع خارجاً، فهزَّ "بيير" رأسه، واتبعه في سرعة..
وعندما استقلا سيارتهما، وخلفهما فريق من الرجال، كان مراقبو "الموساد" يقلبون منطقة نهر "السين" بحثاً عن "أدهم" الذي اختفى تماماً..
وفي توتر بالغ قال أحدهم لرئيسه "جراهام" عبر جهاز الاتصال:
- أدون "جراهام".. لقد اختفى.
كان يتوقَّع ثورة عارمة من "جراهام"، إلا أنه فوجئ به يقول في هدوء:
- لا بأس.. كنت أتوقَّع هذا.
قال الرجل في دهشة:
- كنت تتوقَّع اختفاءه؟!
أجابه في صرامة شديدة:
- بل كنت أتوقَّع أنني أعمل مع أغبياء.
صدمه الجواب، فلاذ بالصمت التام، في حين قال "جراهام" مستطرداً:
- ولكنني أعرف ماذا ينبغي أن نفعل في المرحلة التالية.
سأله الرجل في لهفة:
- ماذا؟!
أجابه "جراهام" في حزم:
- سيحاول الحصول على هوية جديدة.
غمغم الرجل مبهوراً:
- حقاً؟!
زمجر "جراهام"، قائلاً:
- إنه يحمل جواز سفر باسم "موريس ديلون"، ويعلم أن لدينا اسمه ورقم الجواز، وأن هذا سيمنعه من الإقامة بهما في أي مكان يمكننا البحث عنه فيه؛ لذا فهذا يحتم عليه أن يحصل على هوية جديدة، أو جواز سفر جديد باسم آخر، وربما بجنسية مختلفة أيضاً.
تساءل الرجل في حذر:
- وكيف يساعدنا هذا على العثور عليه؟!
قال "جراهام" في اهتمام:
- إننا نعرف كل أوكار الجريمة في "باريس"، ولنا رجالنا في كل وكر منها.. سنبلغهم جميعاً بمواصفات الشاب، وبأنه قد يلجأ إلى أحد كبار المزيِّفين؛ للحصول على هوية جديدة، وعليهم إبلاغنا فور ظهوره.
تساءل الرجل في حذر أكثر:
- وهل يمكن أن..
قاطعه "جراهام" مرة أخرى في صرامة:
- سنبحث في الوقت ذاته عن "موريس ديلون" الشاب؛ حتى لا يخدعنا بالاحتفاظ باسمه وهويته، فما فهمته من أسلوبه هو أنه يلجأ دوماً لما لا يتوقَّعه منه أحد.
قال الرجل في اهتمام:
- مثل عودته إلى السفارة؟!
انعقد حاجبا "جراهام" وهو يقول محدِّثاً نفسه:
- هذا ما أتساءل عنه حتى هذه اللحظة.. لماذا عاد، لو أنه لا يحتاج إلى جواز سفره؟!.. لماذا؟!
غمغم الرجل:
- ربما لأنه يحتاج إلى جواز سفره، ولن يبدل هويته.
قال "جراهام" مفكِّراً:
- أو أنه يريدنا أن نعتقد هذا.
تساءل الرجل في حيرة:
- ولكن لماذا؟!
ازداد انعقاد حاجبي "جراهام"، وهو يقول:
- نعم.. هذا هو السؤال.. لماذا؟!.. لماذا؟!
ثم نفض السؤال عن ذهنه في حدة، وهو يستطرد في صرامة:
- ولكننا لن نضيع الوقت في التساؤل.. ابدأوا عملكم فوراً.. أريد هذا الشاب بأي ثمن.
سأله الرجل في سرعة:
- حياً؟
صمت "جراهام" لحظة، ثم أجاب بكل الصرامة:
- لو أمكن.
سأله الرجل، في شغف عجيب:
- فإن لم يمكن؟
أجابه في سرعة وصرامة:
- فميتاً.
وكان جوابه حاسماً..
للغاية..
* * *
"لا أثر له في أي مكان"..
نطق الملحق العسكري لسفارة "مصر" في "باريس" العبارة في توتر شديد، وهو يواجه "حسن" الذي وصل إلى مطار "أورلي" على متن أوَّل طائرة قادمة من "القاهرة"، فقال "حسن" في صرامة، وهو يضع حقيبته الصغيرة الوحيدة، في صندوق سيارة السفارة التي تقف أمام المطار:
- جواب لا يناسب رجل أمن مخضرم..
غمغم الملحق العسكري في ضيق:
- لا تنسَ أن الشاب مدرَّب جيداً على التخفي.
كان "حسن" يعلم جيداً أن الملحق العسكري على حق..
لقد تلقَّى "أدهم" تدريبات كثيرة قوية في هذا المضمار..
تدرَّب على يد والده الراحل الذي يسعى اليوم للانتقام له..
وتمرَّن على يد العميد.. ذلك العبقري المعقد، الذي أسند إليه أوَّل مهمة رسمية في عالم التخابر، دون حتى أن يعلم والده بهذا..
ولقد أثبت دوماً تفوقاً..
وموهبة..
وبراعة مذهلة..
وها هو ذا الآن يثبت موهبته وبراعته وتفوقه..
ويختفي..
وفي مدينة مثل "باريس" يمكن لعبقري مثله أن يذوب وسط الزحام، ولا يترك خلفه أدنى أثر يرشد إليه..
وهذا سيجعل المهمة صعبة..
مهمته..
ومهمة المخابرات العامة المصرية..
وحتى مهمة "الموساد"..
وربما الشرطة الفرنسية أيضاً!!..
ولكنه يعني -في الوقت ذاته- أن الخطر المحيط بالشاب قد تضاعف إلى حد مخيف..
فالكل يبحث عنه..
الأصدقاء والأعداء..
الكل بلا استثناء..
وبلا رحمة..
"لقد تحوَّل الأمر إلى مهمة رسمية.."..
نطقها "حسن" في صرامة، فسأله الملحق العسكري في اهتمام قلق:
- حقًا؟!..
أجابه "حسن" وهو يدلف معه إلى السيارة:
- رجالنا هنا يبحثون عنه الآن بأسلوب المحترفين، وسيبلغوننا فور عثورهم عليه.
قال الملحق العسكري:
- المهم أن يصلوا إليه قبل الإسرائيليين.
وانعقد حاجبا "حسن" في شدة، دون أن ينطق حرفًا واحدًا..
فهذا ما يقلقه حقًا إلى حد الموت في هذه اللحظات بالذات..
من سيربح سباق العثور على "أدهم" الشاب؟!..
من؟!
* * *
|