كاتب الموضوع :
rozta
المنتدى :
الارشيف
الجزء الثالث
اتجهت "حور" إلى المنزل ، ولدى وصولها اتجهت إلى غرفتها ، لم تكن ترغب أن ترى أحد أو أن يراها أحد ، حتى جدتها لم تتجه إلى غرفتها لدى وصولها كما تعودت دائما بعد رجوعها من الخارج ؛ سألها أحد العاملين بالمنزل وهى في طريقها إلى حجرتها - إن كانت تريد أن تأكل فأجابته بالنفي ، دخلت حجرتها وأبدلت ملابسها وقررت أن تأوي إلى الفراش باكرا لعلها تنسى ما حدث ، كانت تشعر بالضيق ورغبة في البكاء ، حاولت لساعات أن تنام إلا أنها لم تستطع ، كانت لا تستطيع أن تنسى ما حدث ، كم تتمنى لو أنها لم تذهب إلى مكتب "خالد" ولم تلبى طلبه في رؤيتها ، ولكنها لم تكن تعرف ما سيحدث وكيف كانت ستعرف ؟ .
وأخذت تتذكر ما حدث ، لقد توجهت إلى مكتب "خالد" بناءا على طلبه ، ودخلت بالفعل إلى مكتبه وهى لم تكن تعرف لما يرغب في رؤيتها .
عندما دخلت ، كان هو في انتظارها ، طلب منها الجلوس على المقعد المقابل
للمكتب ، بعدما جلس ، نظرت إليه متسائلة :
- لقد أرسلت في طلبي
- فهل من سبب لذلك ؟
لم تكن "حور" تعرف سبب طلبه لها ، لأنه كان قد رآها بالفعل منذ ساعات قليلة ، لذا لم يكن هناك ما يمكن أن يقوله لها .
نظر إليها لبرهة قبل أن يقوم من مقعده ويتجه نحو مقعدها التي كانت تجلس عليه ، وقف "خالد" في ظهر المقعد واتكئ عليه ، شعرت حينها "حور" بالخوف إلا أنها رفضت أن تظهره وظلت متماسكة حتى أنها اتكأت على ظهر المقعد وربطت ذراعيها أمام صدرها ظل واقفا لدقائق يراقبها ، ثم فجأة .....
شعرت به ينحني برأسه نحوها ، لم تستطع الحركة حينها وظلت مكانها عاجزة عن التنفس ؛ وجدته يهمس في أذنها قائلا :
- لقد اشتقت إليك
ولم يتكلم بعدها ، لقد شعرت بصدمة لدى سماعها لهذه الكلمة ، لم تعرف ماذا تفعل ؟ أو ماذا تقول ؟ .
لم تشعر بنفسها إلا وهى تحمل حقيبتها وتتجه نحو الباب ، عندما سمعته يقول بأسلوب به بعض السخرية :
- هل يزعجك كلامي أم تخافين منى ؟
عندما سمعت ذلك وقفت في مواجهة الباب وشعرت حينها بغضب شديد أنها لا تحب ذلك ولا تحب أن توضع في مثل هذه المواقف ، وكيف تحبها ؟ وهى طوال حياتها قبلت أن تعامل كفتى حتى تحمى نفسها ولا تحدث لها مثل هذه الأشياء إلا أنها قررت السيطرة على ما شعرت به من مشاعر مختلطة وحتى شعورها بالأسى عليه مما يحاول أن يوقع فيه نفسه .
استدارت إليه لتصبح في مواجهته وقالت في برود واضح وهى تتجه نحوه:
- لن تنجح هذه المحاولات
- ولن تجعلني بذلك أقع في غرامك
-أنني أرثى على حالك بالفعل منذ الآن
وهى تستدير مرة أخرى متجها نحو الباب بعد أن انتهت من حديثها ، شعرت بقبضة يد قوية تقبض على ذراعها ، حاولت الإفلات إلا أنها لم تنجح ، لم تكن تعرف ما الذي قد يفعله ؟ ولا حتى في ماذا يفكر ؟ ، إلا أنها شعرت به قريب منها مما أشعرها بالنفور منه والكره الشديد له وكم ودت لو يفلتها حتى تقوم بصفعة في هذه اللحظة ، كما شعرت بأنفاسه على وجهها مما زاد من شعورها بالكره الشديد نحوه وهو
يقول لها :
- لقد قلت لكي أن ذلك ما يعجبني فيك
- كما أنك تزدادي جمالا بالنسبة لي كلما أزداد عنادك
شعرت بالاختناق ورغبة في البكاء ، إلا أنها رفضت إن تريه حتى دموعها وأن يعرف بضعفها ووقفت أمامه ولم تنطق حتى بكلمة ، إلا انه لم يستطع أن يكمل كلامه إذا فوجئا بدخول "ياسين" عليهما ، ظل "ياسين" ينظر اليهما وفى عينيه ارتسمت نظرات غضب لم تراها "حور" قط طوال الفترة التي كانت تعرف فيها "ياسين" .
ثم اتجه بغضب نحوهما ولم يكن "خالد" قد أفلت ذراعها بعد ، قام "ياسين" بالإمساك بذراع "حور" وسحبها بعيد عن "خالد" وعندما بعدت ، وقف "ياسين" في مواجهة "خالد" وقال له بنبرة تحمل تهديدا واضحا :
- لا تفكر في الاقتراب منها مرة أخرى
رد عليه "خالد" باستهزاء وهو ينظر ل"حور":
- وأنت من سيمنعني ؟
- لا تقل لي
ثم صمت قليلا قبل أن يضيف متسائلا :
- أنك معجب بها أنت الأخر؟
لم يجب "ياسين" وكأنه لم يسمع هذا السؤال وقال :
- إنها صديقة لي فلا تقترب منها
واستدار وهو مازال ممسك بذراع "حور" ، عندما وجدا " فاتن" واقفة مستندة على باب غرفة المكتب ، سحبت " حور" ذراعها من يده ومشيت خلف "ياسين" لتتيح له الفرصة للتحدث إلى "فاتن" إلا أن "حور" لمحت نظرة كره وغضب على وجه "فاتن" وهم يهمون بالخروج ؛ سمعت "حور" "خالد" وهو يقول لها :
- لم ينتهي حوارنا بعد يا حبيبتي
لم تنظر إليه ، كما لم يسمع "ياسين" كلامه فقد كان يتكلم مع "فاتن" .
بعد أن خرجوا من مكتب "خالد" لم يتكلم معها "ياسين" ولم تحاول هي التحدث معه ، ماذا تقول له وقد رآها تقف قريبة من "خالد" ، ما الذي قد يظنه بها ؛ ولكن لماذا قد يظن بها السوء أنه يعرفها ويعرف أنها ليست ممن يفعل مثل هذه الأشياء ؛ وإن ظن فيها السوء فأنه بذلك لا يعرفها ولا يجب أن يكونا صديقين .
ظلت طوال الليل تفكر ولم يغلبها النوم إلا بعد منتصف الليل ، وبعد أن تحدثت مع "رغد" وأخبرتها بما حدث وشعرت كأن جزء من همومها قد زال .
قامت في صباح اليوم التالي كعادتها واتجهت إلى الشركة ، وأخذت تتعامل مع العاملين معها كأن شئ لم يحدث بالأمس كما طلبت منها "رغد" أن تفعل ، بالرغم من أن "ياسين " لم ينظر إليها طوال اليوم ولم يتوجه إليها بالحديث سوى نادرا برغم من أنهما معا في نفس المكتب .
مرت فترة من الوقت قبل أن ترجع علاقة "حور" و"ياسين" كالسابق إلا أن كلا منهما قد رفض أن يتحدث عما حدث ، خلال هذه الفترة تجنبت "حور" رؤية "خالد" حتى عندما كان يرسل في طلبها كانت تنتظر دخول أحد الموظفين إليه لتدخل معه إليه ، وبذلك لم يستطع الكلام معها.
مر أكثر من شهر على عملها بالشركة ، خلال هذه الفترة كانت علاقتها ب"ياسين" في تقدم لقد أصبحا صديقين مقربين كما كانا أيام الجامعة ، كان يخبرها بكل شئ ، كما أخبرها عن "فاتن" وأنها معجبة به وأنه لا يعرف حقيقة مشاعره نحوها ، كما أخبرته هي أنها لا ترتاح لها وأن يحترس منها ، في هذه الفترة شعرت بالراحة في عملها كما ظنت أن "خالد" قد تراجع عن فكرة مطاردتها وتركها وشأنها بعد ما حدث في أخر لقاء لها معه .
إلا أن الحقيقة كانت غير ذلك ، ففي صباح أحد الأيام وهى في طريقها لمكتبها كالمعتاد في الصباح ، لاحظت شيئا غريبا كان العاملين في الشركة معها ينظرون إليها كأنهم يرونها لأول مرة ، لم تعرف لما فظنت أنهم قد لا يكونوا لاحظوا وجودها معهم بالشركة من قبل ، لم تتحدث لأحد واتجهت إلى مكتبها الذي تشاركه مع "ياسين" .
إلا أنها وجدت ما لم تتوقعه ، لقد وجدت باقة عملاق من الزهور الرائعة الجمال والمختلفة الألوان إلا أنه كان يطغى عليه اللون البنفسجي والأبيض وقد كان هذان اللونان المفضلان لديها من الزهور .
أخذت تنظر إليه بدهشة وفرح شديد الناتج من مدى جماله تنسيقه الرائع وأيضا من كبر حجمه الذي لم ترى مثله من قبل فلقد كان طوله مقاربا لطول باب المكتب .
من دهشتها لم تقرأ ما كان مرفقا بالبطاقة معه ، حتى أنها لم تتوقع أن يكون هذا الورد موجه لها ، جلست على مكتبها وهى مازالت تنظر إليه ، لم يفت الكثير من الوقت حتى حضر "ياسين" وهو أيضا أصاب بالدهشة لدى رأيه لهذه الزهور ، قال ل"حور":
- ما أجمل هذه الزهور ، هل أنتي من أحضرها ؟
أجابت "حور" :
- لا ، لست أنا من أحضره
وهى تضيف :
- لقد حضرت فوجدته هنا
سألها "ياسين" :
- هل قرأت البطاقة التي كانت معها ؟
أجابت وكأنها تذكرت أنها لم تفعل ذلك :
- لا، لم أنتبه إليها حتى أقرأها
توجه إلى بوكيه الزهور وسحب من وسطها بطاقة قرأها ، ثم نظر إلى "حور" وسألها وقد كان يبدو عليه عدم الراحة :
- اليوم عيد ميلادك ، أليس كذلك ؟
نظرت إليه "حور" وهى تحاول تذكر في أي يوم هم ، ثم علت وجهها الابتسام وكأنها تذكرت وهى تجيب :
- نعم ، لا أصدق أنني نسيت ذلك
ثم نظرت إليه وهى تضيف :
- هل تصدق أنني أتممت الخامسة والعشرين اليوم ؟
لم يجيبها "ياسين" وظل ينظر إلى البطاقة قبل أن يتجه إلى مكتبها ويعطيها البطاقة وهو يقول بوجه يعلوه شئ من الغضب الذي لا تعرف مصدره :
- كل عام وأنتي بخير .
أجابت والتساؤل يعلو وجهها :
- وأنت بخير .
إلا أنها لم تسأله عن شئ فلقد أعطاها البطاقة وتوجه لمكتبه دون أن ينبس بكلمة واحدة أخر ، أخذت البطاقة من على مكتبها وأخذت تقرأها ولم تتوقع من مرسل هذه الزهور الجميلة ولا ما كتب
فيها ، لقد كان مرسلها هو "خالد" وكان مضمون البطاقة الأتي :
- كل عام وأنتي بخير ، وأرجو أن تكون باقة الزهور التي أرسلتها قد أعجبتك
- مع حبي "خالد"
شعرت "حور" بالاستغراب في أول الأمر إلا أنه اختفى عندما تذكرت أن معه ملف خاص بها ومن المنطقي أن يكون عرف بيوم ميلادها منه .
قررت أن تتجاهله ولم تتوجه للكلام معه حتى عندما أرسل في طلبها في هذا اليوم ومعها أوراق خاصة بالعمل ، لم تذهب إليه بل طلبت من "ياسين" أن يذهب هو إليه ، ولم يمانع "ياسين" ذلك حتى أنه لم يسألها عن سبب هذا الطلب .
مر أسبوعا ولم يتوقف "خالد" خلالها عن إرسال الزهور إليها يوميا وكل يوم ببطاقة جديدة وكلام جديد ، لقد أغضبها ما يقوم بفعله لقد بدأ العاملين بالشركة معها يتساءلون عن سبب إرساله لهذه الزهور لها وهى لا تستطيع الاجابه ، حتى "ياسين" لم يعد يحدثها كالسابق إلا أن الغريب أنه لم يسألها عن سبب إرسال "خالد" لهذه الزهور يوميا لها طوال الأسبوع .
كانت "حور" تجلس في المكتب بمفردها وكان "ياسين" قد توجه لأحد المكاتب المجاورة لإنهاء بعض الأعمال .
كانت تجلس بمفردها في هذا المكتب الفارغ تفكر وتحدث نفسها :
- لماذا يحدث معي هذا؟
- اننى لم أتمنى يوما شئ مماثلا
- جميل أن يجد الإنسان من يحبه ولكن ليس من يفرض نفسه على الآخرين .
- أنى أكره لما يفعله ، أنه حتى لا يراعى أننا في مكان عمل ولسنا هنا لنلهو .
- ولكن الحق يقال إن له ذوقا جيد في الزهور
- كما أنني لا افهم لماذا لم يعد "ياسين" يتحدث معي كالسابق فلم يكن يمضى يوما دون
أن نتحدث في كل شئ وأي شئ .
- لما تغير هكذا معي هكذا فجأة ؟ ، هل فعلت ما يغضبه منى ؟
أثناء ذلك حدث ما لم تكن تتوقع أبدا حدوثه ، لقد شعرت بصدمة جعلت عقلها يقف عن التفكير ، لا تعرف حتى كيف ستتصرف في هذا الموقف ولا ما يمكن أن تقوله وكيف تعرف وهى لم تتوقعه ، وكان السؤال الذي يتردد في ذهنها هو ماذا تفعل ؟ .
التعديل الأخير تم بواسطة rozta ; 07-04-08 الساعة 10:44 PM
|