**دمعة واحدة لا تكفي!**
بعد ان تركت ساره فاليري زارت صديقة اخرىوتغدت معها , ثم انتقلت لزيارة صديقتين وقبل الرابعة بعد الظهر قررت ان تزور أثار الدير, العزلة هناك ووحشية الصخور المرتفعة والهواء البارد يناسب مزاجها الحالي , منذ اعترافها لفاليري وعقلها في دوامة من التأملات , كانت تعرف حقيقة مشاعرها منذ فترة ولكنها كانت تحارب هذه الحقيقة في داخلها, والأن
اعترفت ولا يمكنها النكران
الريح عاتية وباردة , كان شعرها يتطاير في الهواء وكذلك ثوبها , انفردت بنفسها بين الأثار ووصلت الى طرف الصخور الشديدة الأنحدار , نظرت الى اسفل حيث الأمواج تتصارع على الشاطئ ابتعدت قليلا ليس من الخوف ولكن الريح شديدة وتنخر العظام, لفت ساره نفسها جيدا بمعطفها وجلست فوق احجاره , كانت تفكر وتتأمل , لماذا زج لرالف نفسه في حياتها ؟لماذا يحب فتاة غيرها ؟ أي حياة تنتظر معه؟ تذكرت فراشها القاسي الذي تنام عليه , يا للذل لو كان رالف زوجها حقا انه اناني ومستبد ولا قلب له , لن تستطيع عراكه او الأنتصار عليه , اعترفت , الأن لم تعد سيدة نفسها كالسابق , ماذا ستفعل لو كان زواجها عاديا وطبيعيا ؟ لن يكون طبيعيا ابدا , لن تحتمل معاملته لها , انها حقا محظوظة لأن الزواج بينهما ليس عاديا
مالت الشمس للمغيب وقامت ساره لتنزل السلالم , شعرت انها تنزل الف درجة وصلت اخيرا لنهاية السلالم , كانت تقطع الطريق عندما التقت رودي , لقد نسي كليا الطريقة التي افترقا بها اوالأسباب , حياها بحماس وأمسك يديها وهو يكلمها
- ساره ! هل هذه انت؟ كيف حضرت الى هنا؟ ماذا تفعلين؟ هل أنت في زيارة؟ لماذا انت وحدك التفت حوله ثم صمت قليلا , هل تركته وعدت لبيت اهلك؟
افلتت سره يديها من قبضته وابتسمت له رودي لا يستطيع ان يتغلب على ضعفه هذه طبيعته
- لا يارودي لم اترك رالف ونحن هنا في زيارة للأهل سنبقى ليوم او اثنين نظر حوله مرة ثانية مستغربا وقال:
- ولكنك وحدك؟
- رالف يزور اهله وانا ازور فاليري وبقية الصديقات , افترقنا هذا اليوم , وسأعود الأن للبيت لقد وعدت بالعودة قبل العشاء
كان الهواء باردا , لفت ساره نفسها في معطفها , ولاحظ رودي ذلك وقال لها:
تعالي معي نتناول الشاي يا ساره لم يحن وقت العشاء بعد
سأوصلك بسيارتي لمنزلك قبل موعد العشاء
- لا اعتقد ذلك
- نذهب الى مكانك المفضل , تعالي ياساره تحتاجين لفنجان من الشاي , انك ترتجفين من البرد
- نعم اشعر بالبرد, اعترف
- اذن تأتين معي؟
كان صوته يقطر محبة أمسك بذراعها بلطف ورقة يداعبها بحنان لم تكن ساره متحمسة لمرافقته ومع ذلك وافقت , كان ملحا في طلبه, وهذا ما تحتاجه لمداواة كبرياؤها المجروحة رودي يعطيها الثقة بنفسها وبأنها مرغوبة على عكس زوجها الذي يصر على انها تفتقر لأي جاذبية او جمال
جلسا في مقهى صغير . أحست ساره بدفء نظرات رودي وقد امطرها بعبارات المديح والأطراء, مر الوقت سريعا انضم اليهما بعض المعارف والاصدقاء وضج المكان بالضحك والمزاح... كالسابق. تذكرت ساره حياة الحرية والمرح قبل ان يدخل رالف حياتها ويعقدها...بل ويوجع قلبها.
شعرب ساره بكره لحياتها في اليونان, انها تأنفها لمرارتها . لماذا انتقم منها رالف? كان حق من حقوقها المشروعة ان ترفض اليكس, ستخبر رالف القصة يوما ما وسيعرف عندئذ انها لا تستحق الانتقام وربما سيندم على مافعله معها . يندم بمرارة, لا... هو لا يعرف معنى الندم في حياته.
- قولي نعم ياساره. زوجك لن يمانع, مرة واحدة فقط.
كان احد افراد الشلة يخاطبها وهي سارحة في تأملاتها كعادتها.
سألت واحد منهم:
- ماذا?
- استفيقي . قال رودي يحاول استفزازها: انت تحلمين في النهار, سنذهب الى العشاء في مطعم الزرع, الشلة كلها تريدك, تعيد ذكريات الماضي.
- لا أستطيع, وعدت ان أعود قبل العشاء سيخيب أمل والدي.
قال رودي وهو ينظر اليها عن كثب:
- ظننت انك وعدت زوجك للعشاء.
-نعم يارودي, وعدته ولن استطيع ان ارافقكم.
لقد تذكرت ساره هذا المطعم الذي أخذها اليه رالف ليلة زواجهما , تذكرت ان رالف أخبرها عن اديل هناك. لاتربطها بهذا المطعم أي روابط عاطفية تريد ان تتذكرها. قال احد افراد الشلة ملحا:
- تعالي, انها مرة واحدة سنخرج فيها معك, نمرح ونستعيد ذكرياتنا.
- لا أعرف, الأمر صعب جدا.
كانت تفكر ساره بوالدها.ماذا سيقول لو بقيت علي العشاء مع اصحابها بدون رالف?
- لا شئ صعب عليك. قال رودي يحمسها: سأصحبك للبيت الآن ثم امر عليك بعد ان تبدلي ثيابك.
بقيت ساره تصر على الرفض والشلة بأكملها تقنعها, أحست بأنها مرغوبه وهو أحساس مثير لم تعرفه منذ تزوجت.
- لا أعدكم ولكنني سأرى ردة فعل والدي, اذا كان لا يوافق فلن احضر.
-حسنا. قال رودي: الن يمانع زوجك?
- لا. لن يمانع ابدا.
أوصلها رودي الى البيت ووعد بأن يمر عليها في المساء.
- لن اعدك, ولكن سأحاول جهدي مع والدي, اذا فشلت سأتصل بك هاتفيا معتذرة.
كلمت ساره والدها بأمر العشاء مع اصدقائها القدامى ولدهشتها تفهم الوضع ولم ير ان هناك أي مشكلة او خطأ في تصرفاتها, انها امسية واحدة ستمضيها مع اصحابها القدامى.
- انت لم تريهم منذ فترة طويلة, سيكون ذلك مسليا لك. ورالف لن يرغب في مرافقتك لأنه لايعرف احد منهم, هو جدي ورصين وأكبر سنا منهم, طباعه تختلف عن طباعهم.
-وانت ياوالدي, هل انت متأكد بأنك لاتمانع في عدم مشاركتي لكم عشاءكم.
- نعم ياعزيزتي, اذهبي وتمتعي بوقتك, فرصة ان تجتمعي بهم مرة قبل سفرك.
استعدت ساره للعشاء اخرجت فستانا كانت تركته في انكلترا و لم تحمله معها الى اولمبيا. لأن رالف لايوافقها على ارتداءه, كان مفتوحا عند العنق وقصير جدا. ارتدته بسرعة وهي خائفه ان يحضر زوجها ويراها على هذا الشكل قبل ان تغادر, حضر رودي لحسن حظها قبل رالف
وضعت ساره حول عنقها فراء ثمينا وركبت السيارة قربه وانطلقت مسرعه بها.
خلال العشاء اقترح أحد افراد الشلة ان يكملوا السهرة في منزل رودي حيث تقام حفلة كبرى. تحمس الجميع لهذة الفكرة , قامت ساره تتصل بوالدها لتخبره أنها ستتأخر في الحفلة ولن تعود الا في الساعات الأولى من الصباح , قال والدها:
- لا بأس يا عزيزتي , كنت دائما تسهرين في السابق معهم وتتأخرين , انا افهم ولكن ما رأي رالف بالأمر ؟ هل يمانع؟
- لا اظنه يمانع انه لطيف ولن يرضى ان يزعجني او يمنعني من التمتع بسهرتي مع اصحابي , لن يهتم حتى لو بقيت الليل بطوله خارج البيت
- حسنا , سنراك وقت الفطور غدا صباحا
- نعم اعتقد ذلك, اين رالف؟
- انه يلعب البليارد مع شقيقك باري فوق تناولنا عشاءنا باكرا وهما يمضيان الوقت باللعب- اوه تنهدت ساره فرحة من حظها ان زوجها بعيدا عن التلفون: مساء الخير انتبه لنفسك يا والدي
- وانت يا عزيزتي انتبهي لنفسك مساء الخير
خلال السهرة وجدت ساره ان الحفلة لا تروقها , لم تكن كما انتظرت الوقت يمر ببطء وبدأ الملل يتسرب لنفسها , سألت رودي ان يوصلها الى البيت لانها غيرت رأيها ولن تذهب الى منزله لتكمل الحفلة مع الشلة هناك
- تعودين للمنزل في هذا الوقت المبكر , يا الهي ماذا حصل لك يا ساره كي تتخلفي عن حضور مثل هذه الحفلة؟
كان اغلب اصحابها في حلبة الرقص , الجو خانق وسحب الدخان تزيد المكان تلوثا , تذكرت ساره هواء اولمبيا النقي ورائحة الحور الذكية كان عليها ان لا تحضر معهم اذ لم تعد هذه الحياة تعجبها, كان لابدمن تذوق طعم الحياة الماضية مرة ثانية لتتأكد من انها لا ترغب فيها ابدا , الآن تعرف جيد الحياة التي تريدها والتي تعجبها , حياتها الجديدة ليست ملكها بعد اليوم
, بلعت ريقها بصعوبة
- يجب ان اعود الى البيت يارودي انني متعبة ولا استطيع ان اكمل السهرة معكم في منزلك
يدأ رودي يتأفف بطريقة وقحة, أراد ان يجرها اليه بقوة , لكنهاابتعدت عنه ماذا كانت تحب فيه؟ بدأت تتفحص شكله الشاحب وذقنه الطويل ولون عينيه , كيف كانت ستمضي العمر برفقته؟ ارتجفت لهذه الفكرة , نعم كانت ستكون هي الآمرة في علاقتهما
ولكن فجأة احست انها ممتنة لرالف لأنه انقذها من الزواج برودي انها مدينة لرالف بهذا الفعل , نعم لقد انقذها منه !
ابتسمت وهي تتذكر رالف تتذكر اهانته لها يوم خطفها , يومها تمنت ان تفلت من اسره وكانت تجهل ان اليوم سيأتي حين تشكره لما فعله معها يوم اجبرها على تمضية الليلة برفقته على متن السفينة( حسناء المحيط)
خذني على فورا الى البيت يارودي , تسمرت في المرقص, لقد اكتفيت عدت لا احتمل المزيد
قال رودي :
- حسنا ياالهي ماذا يريد هذا الرجل ؟ كان يتلمس فكه الذي كاد ينخلع من وجهه بعد ان سدد له رالف ضربة قوية, التفتت ساره والتقت عيني زوجها السوداوين والشرر يتطاير منهما كان رالف يقف في وسط المرقص قربها تذكرت انها لو لم تكن واقفة هناك لكان تقدم وجرها من مقعدها بنفسه , خافت وتقدمت منه , نسيت ما حل برودي ونسيت كذلك بقية الشلة
- والدي هل حدث له مكروه ؟ شحب لونها قلبها يضرب بشدة وسرعة:
- هل مات؟
-قال رالف غاضبا:
- لا اجلبي سترتك بسرعة!
- والدي نوبة
- هو ينام في فراشه اجلبي سترتك!
كانت كلماته تخرج من بين اسنانه ,كان برجا من الغضب , لماذا؟حتما ليس لأنها ترقص مع رودي والأصحاب فهو لا يهمه ما تفعل, لا يكترث لها ولا مرة سألها اين تذهب او مع من
كان صوتها يرتجف:
- لماذا حضرت؟
- هل تحضرين سترتك ام نذهب بدونها؟ صوته خشن يثير الرعب , تذكرت خوفها منه يوم كانت طفلة تلهو على الشاطئ ,كان يتقدم باتجاهها فتركض خائفة منه ولا تقف الا عندما تبتعد عنه مسافة كبيرة كانت تخافه وتعتقد انه يسر لخوفها
لا تستطيع الآن ان تهرب منه , وقفت ساره تتحداه بعد ان تأكدت ان لا مكروه قد حصل لوالدها لماذا اقتحم السهرة , لماذا أراد ان يظهر استبداده لها امام رفاقها , لن تتحمله, لقد حضر حتما لاهانتها امام اصحابها وشلتها
- لن اخرج الآن سنذهب من هنا للسهرة في منزل رودي , لا اعرف متى اعود للبيت! كانت واثقة ان بعض الناس حولها بدأوا يهتمون للمشهد , بعض رفاقها تجمعوا حولها, كذلك حضر بعض الخدم ومعهم شخص ضخم الجثة ينتظرون ان يطرد رالف خارج الفندق اذا اقتضى الأمر
- هل ستحضرين ؟ أم أجرك الى الخارج! كانت ساره تعرف جيدا انه يعني ما يقول, لقد غلبت على امرها مرة ثانية , عليها ان ترضخ للأمر الواقع , لا يمكنها ان تثير فضيحة امام الناس ستشعر بالأهانة حتما نظرت الى رودي وودعته وهي تؤكد له بأنها ستراه مرة ثانية , لم تودع الأخرين لأن رالف نفد صبره بدون شك خافت ان يتفذ تهديداته ويجرها خلفه جرا
استعار رالف سياره باري ركبت السيارة قربه
- ماذا تقصد بعملك هذا ؟ تعاملني هكذا مام أصدقائي , انا حرة أفعل ما اريد , لا يحق لك ان تتدخل في حياتي؟
- لي كل الحق انا زوجك
- انا لا اتدخل في حياتك, قلت لي انني استطيع ان افعل ما اشاء
- غيرت رأيي
انطلقت السيارة في الطريق العام ثم انعطفت الى طريق جانبية
وجد رالف مكانا واسعا فأوقف السيارة وقال:
- الآن سنتشاجر هنا, لا نستطيع ان نوقظ كل اهل البيت على صراخنا
- انا لا ارغب في الشجار معك, ولكنني اريد ان اعرف السبب الذي جعلك تلحق بي هل لحقت بي لأهانتي أمام اصدقائي؟
- وانا ايضا اريد ان اعرف لماذا قلت لوالدك انني لا اهتم اذا امضيت الليل كله خارج البيت؟
سألته:
-أليس هذا صحيحا ؟
- لا ليس هذا صحيحا؟
هدأغضب ساره قليلا, اعتقدت انه يغار عليها , ربما هي مخطئة هو لا يريد ان يثبت سلطته عليها او يشعرها بقوته, فقد برهن لها مرارا عن سلطته وقوته في السابق , هل يعني انه بدا يهتم لما تفعل؟ انه ولا شك يهتم بها ليحضر في الليل ويعيدها للبيت نظرت اليه بعفوية وقالت بحنان:
- رالف لماذا اتيت خلفي هذه الليلة ؟ كان صوتها يرتجف مثل رفيف قلبها : لم تأت لأهانتي؟
تكلم رالف اخيرا بعد ان ذهب الغضب عنه ولكن صوته مازال قاسيا:
- لن أصرف وقتي في التدخل بتصرفاتك البذيئة حضرت لأنني لا اريد ان اظهر كأنني رودي آخر أي نوع من الرجال انا كي اسمح لزوجتي بالبقاء خارج البيت ؟ لا احب ان يعتفد آل مالفرن بأن ابنتهم تديرني باصبعها وتتصرف على هواها
قالت ساره وقد تملكتها خيبة الامل :
- اذن حضرت لتحمي ماء وجهك من اجل المظاهر!
ألقت برأسها الى الوراء لماذا سمحت لهذه الأفكار ان ترد لذهنها ؟ لماذا تأملت انه ربما بدأ يهتم بها بل يغار عليها , فهي تعرف بأنه لا يحبها بل يكرهها بشدة لقد تغيرت كثيرا وظهرت على حقيقتها لطيفة وحساسة ومحبة الآن مهما حاولت معه من جديد فلن تستطيع ان تغير أي شئ في حياتها معه تعجبت من اهتمامه المفاجئ بها ونسيت وجود اديل في حياته حتى لو أحبها رالف ستشاركها اديل في حبه دائما