- ابدا
- هل انت واثقة؟ انا اعرف انك لا تحبين الشاب وهو ايضا لا يحبك
-نعم انه يحبني قالت بسرعة والشرر يتطاير من عينيها: كان حبه عميقا وقويا ولهذا السبب تألم كثيرا حين نبذته
- هراء ! أي نوع من الرجال هو هذا الحبيب الذي لا ينفجر ويثور غضبا حين يعلم ان خطيبته قد امتلكها رجل غيره اسود وجه رالف واحتقن : كنت أخنقك ببطء لتتألمي اكثر وتطلبي مني الرحمة
بالرغم من قوة ارادتها الا انها ارتجفت كانت وحيدة معه,الحقول خلفها والصخور الشاهقة المشرفة علي البحر أمامها مرة ثانية تذكرت خوفها منه وهي طفلة صغيرة تلعب علي الشاطئ حين كان يأتي بأتجاهها كانت تركض هاربة مذعورة منه
- يجب أن أعود الآن
-قالت وهي تتمني لو أنها لم تحضر للقائه , خطتها للأنتقام منه قد فشلت وهي تشعر بخيبة أمل جديدة
- الي أين تذهبين لم نتوصل لأي حل للمشكلة التي أتيت من أجلها مازلت لا أستطيع أن اتصالح مع آل مالفرن أعتقد أنك تكذبين حين تقولين انه لم يعطك خيارا آخر , انا واثق من كراهيتك لخطيبك ولكنني أعتقد أن والدك يرضي لو حاولت أن تقنعي رودي ان يتزوجك , هل انا علي حق ؟
- لا لا , انت علي خطأ
تذكرت والدها وخياره الآخر , أحمرت وجنتاها أدارت وجهها لتخفيه عن رالف لكنه لاحظ احملرار وجنتيها امسك بذقنها وأجبرها علي النظر الي عينيه القاسيتين وقال:
- أنت تخادعين
ابتعدت عنه ولكنه امسك بذراعها من جديد أحست أصابعه تغرز في لحمها
- دعني اتركني اذهب
حاولت الأفلات من قبضته بدون جدوى
- اجيبيني والا هززتك هزا عنيفا حتي تصطك اسنانك علي ان أعيش مثقل الضمير بموته اليس كذلك؟
هزها من جديد أجيبي !
ألم يطلب منك والدك أن تتزوجي رودي كي يتابع تناول حبوب ادويته
-لا لا لم يقل ذلك أذا أردت أن تعرف فقد قال عليك انت ان تتزوجني
تلاشي الضغط ببطء من فوق ذراعها ثم افلتها وقفا يحدقان ببعضهما في صمت رهيب ثم ضحك رالف ضحكه مجلجلة سمع صداها في خراب الدير كله
- أنا أتزوج قطة وحشية مثلك؟ هذا أغرب ماسمعته منذ مدة طويله, لا , شكرا أنا أحب أمرأتي أن تموء لا أن تزمجر , لن أتزوجك حتي ولو لم تبق علي وجه الأرض امرأة غيرك
- شئ غريب , وهل طلبت منك أن تتزوجني؟
احمر وجه ساره لماذا كشفت له كل أوراقها , هاهي الأن تتلقى اهاناته الكريهة , انها تكرهه كرها شديدا حاولت من جديد أن تثير مساله ضميره
- انت مسؤول عن موت والدي , الخيار الذي كنت تفتش عنه لا يقدم ولا يؤخر, انه يدخلك في صلب الموضوع ويضاعف من جريمتك لو كان عندك ضمير فأنا اتمني من كل قلبي أن يتعبك لنهاية عمرك
قالت تنهي ما عندها من كلام وهي واثقة بأن لا فائده من كلامها ولكن لدهشتها , غابت السخرية عن وجهه وحل محلها العبوس الثقيل كأنه بدأ يحس بجريمته , تأكدت ساره من وجود ضميره الحي وسرت لذلك سرورا عظيما , لقد انتصرت بان في عينيها الأنتصار ولاحظ رالف ذلك فزاد عبوسه , وكان يسره لو يمعن في ضربها لكنه تكلم أخيرا بصوت منخفض ليس فيه قساوة
- هي الحقيقه اذن والدك يريد أن أتزوجك لماذا انا بحق السماء؟
-لأنني أمضيت ليلة معك والدي عجوز وتفكيره رجعي في هذه الأمور
سألها ساخرا متهكما:
- لماذا ؟هل نساء آل مالفرن طاهرات عفيفات ؟
قالت ترد التحية بأحسن منها:
- أنت لا تصدق ذلك ولكنها الحقيقة تستطيع أن تقول الشئ نفسه عن نساء آل لينغارد
فرح رالف بتصريحها , وكان لا يزال يفكر بجدية:
- لنعلن هدنة مؤقتة بيننا والدك لا يمانع في سفرك للسكن في اليونان
- بما أن أمكانية سكني في اليونان ليست واردة لماذا نضيع وقتنا في بحث هذا الأمر
- لم تجيبي علي سؤالي ؟ والدك يريدك أن تتزوجيني وهو يعرف ماذا يعني ذلك هل يتركك ترحلين عن حياته وربما لا تعودين الي هذا البلد من جديد
هزت رأسها ايجابا وهي تتذكر والدها وهو يدير وجهه الي وسادته حتي لا يراها تملكها شعور رقيق جعلها تبدو أكثر أنوثة من أي وقت مضى تملكها خجل الأنثي وهي تصرخ بأنها ستعيش مع زوجها أينما وجد رأي رالف ساره بحلتها الجديدة , أتسعت عيناه وهو يراها علي هذا الحال الجذاب خامره شعور لذيذ كأنه يرى أعجوبه تحدث في خراب الدير قال لدهشتها ودهشته :
- زواجنا يصلح كل الأمور وسيعيش والدك
- زواجنا ؟ هل جننت؟
قال بلطف مقنع:
-أنا واثق من كراهيتك الشديدة لي , ولكنني لا أريد أن أحمل ضميري وزر موت أبيك أنا أعرض عليك الزواج بي يا ساره , أذا قبلت يعيش والدك , وأذا رفضت يموت حياته بين يديك الأن وليس بين يدى
تعجبت ساره , أين ذهبت قساوته وسخريته , لقد أصبح شخصا آخر مغايرا للشخص الذي خطفها ورماها علي المقعد الخلفي في السيارة وهدد بأغراقها في البحر كان ينتظر جوابها
نظرت ساره الي الأمواج المتلاطمه الصاخبة وهي تضرب الصخور قرب الشاطئ , البحر هائج اليوم وكذلك ضربات قلبها تتجاوب مع البحر , كانت قادرة علي ان تصارع الأمواج لو أقتضى الأمر ولكن لا يمكنها أن تصارع غريزة حب البقاء لوالدها , حياته أصبحت بين يديها هي , لم تضع في حسابها امكانية أن يعرض عليها لرالف الزواج لقد دارت الدائرة عليها مرة جديدة وأصبح الحل بين يديها , أذا مات والدها ستحمل هي المسؤولية وليس هو
دارت لتوجهه وأذا الريح تلف ثوبها وترفعه فوق رأسها بدأت تصارع الريح في محاولة لأنزال فستانها وهو ينظر أليها مسرورا أحست بالدفء واحمّر وجهها خجلا حين استطاعت أخيرا أن تعيده الي سابق عهده
- كنت أريد أن أساعدك ولكنني خفت أن تفسري تصرفي بأنه غير شريف
ضحك وأمسك بذراعها وقادها الي مكان أقل عرضة للهواء ثم أضاف:
- حسنا هل توصلت الي قرار يا ساره ؟ هل ستحملين ضميرك موت والدك لنهاية العمر؟
قالت بلهجة مرتبكة :
- يبدو أنك تريد أن تتزوجني
- كما قلت لن أحمل مسؤولية ما سيحصل لوالدك , أنا صادق وأعترف أنني لو تزوجتك فأنا أخالف ارادتي وعقلي لأنني لا أعرف ماذا سأفعل بزوجة لست معجبا بها هل ترضين بأن تدخلي معي مؤسسة الزواج وفق هذه الشروط ؟ هل تروقك هذه الحياة؟
- أنا لم أوافق علي الزواج منك
كان صوتها همسا تبدو صفراء شاحبة وقد أختفى اللون من شفتيها ولكنه اقنعها حين قال:
- ولكنك ستقبلين بي لأنك تحبين والدك حبا جما
- سنتقاتل كل الوقت
وافقها علي الفور ذكرته بأنه قال , لن يتزوج بها لو كانت آخر امرأه علي وجه الأرض
فقال يدافع عن نفسه:
- لم أكن أعرف الحقائق كلها كما انني أكره الزواج بأمرأه من طرازك ولكن ذلك أفضل من ان أقتل شخصا بريئا لم يؤذني
- من المؤسف أنك لم تخطط بتأن ولكنك أردت أن تحطم والدي
- أحطمه كما تحطمت والدتي , لكنني لا أريد ان أقتله لم يخطر ببالي أنه سينتحر قال وهو يهز كتفيه بدون أكتراث واعاد سؤاله اذا ما وصلت لقرار كررت قولها:
- منذ قليل قلت أنك لا تستطيع الزواج من قطه متوحشة
قال ببرود:
- أنا أعني ما أقول , ولا اظنني سأهتم بترويضك ربما أجرب في وقت من الأوقات أذا شعرت بالملل , هل ستتزوجينني يا ساره؟
أجابته بعد أن شبكت يديها ببعضهما :
- سأكره كل دقيقة من حياتي معك
- أوه لا أعرف سنتقاتل ولكن اذا تصرفت جيدا وبتعقل ربما أتركك تعيشين علي هواك , وأنا أعيش كما يحلو لي هل تعجبك هذه الحياة؟
- تماما , في هذه الظروف لن يكون بيننا أي علاقة أخرى
قال علي الفور:
- أوافق
بدأت الشمس تغيب الأثارمليئه بالظلال كان رالف خبيثا وشريرا حاولت ان تتخيل منزله وحياته تذكرت شيئا آخرا قاله:انه يحب امرأته أن تموء كالقطة الأليفة هل لديه نساء في حياته؟مؤكد هذا يساعده علي الزواج من أمرأه لا يكن لها أي حب وهذا يناسبها ألم تصرّح دائما بأنها لن تعيش لترضي الرجل لن تنتظره مطيعة رهن أشارته
- أظن أننا مخطوبان الآن , علي أن أقابل والدك , لنذهب علي الفور لأن المطر سيهطل عما قريب
حفلة الزواج كانت عائلية, قرر رالف العودة الي اليونان قبل نهاية الأسبوع لا ثوب زفاف أبيض لا مصورين ولا حفلة استقبال تلت مراسم الزفاف
شعر رالف بما خسرت ساره من جراء سرعته في اتمام مراسم الزفاف ليلة السفر كانت أيضا ليلة الزفاف أخذها رالف الي مطعم فخم يدعى مطعم الزرع وهو بيت أثري جميل لا يؤمه الا الأغنياء طرازه اسباني وعلي جدرانه صور مصارعي الثيران في براويز كبيرة مطلية بالذهب الأنارة خافته والنباتات المعرشه تتدلي هنا وهناك في طرف المطعم مرقص صغير أرضه مفروشة بالزجاج الصغير وغير متوازي الشكل والأنوار الخضراء تطل من وسط حجارة صخرية ونباتات بحرية تحيط بجوانب المرقص يشبه المرقص بركة ماء مزخرفة رؤية الخدم من الشبان الأسبان تبعث السرور في النفس
وضعت ساره معطفها ودخلت لتجد رالف في أنتظارها استقبلها بترحاب ولطف خالجها شعور لذيذ بأنه يختلف اليوم تماما عما تعرفه بدا في لباس السهرة مفرط الترتيب , لكن شيئا في نظراته يشبه الخارجين عن القانون حمل شرابهما الي طاولة جانبية قادهما اليها أحد الخدم جلسا هادئين وكل منهما غارق في تفكيره طلبا الطعام النور الخافت ينساب اليهما من فوق كانا كأنهما يجلسان في الظلام وتصل اليهما انغام الموسيقى الحالمة من أقصى المطعم حيث يتمايل زوجان شابان علي انغامهما في المرقص كانا متماسكين يشدان بعضهما كأنهما متلاصقان وهما يتهامسان برقة كانت ساره تراقبهما , فقال لها رالف :
- كلي يا صغيرتي لم تتذوقي طعامك بعد
منحته ابتسامة شاحبة لم تكن تشعر بالجوع ولكنه اظهر رقة متناهية واهتماما شديدا بها , مما جعلها تحاول أن تتذوق طعامها لتوهمه أنها تتمتع بمشاركته الطعام
كانت أفكارها موزعة بين والديها وراحة بالهما لزواجها من رالف , وبين رودي وخطوبتهما القصيرة التي لم تدم وهذا الرجل زوجها هل ستتركه حين يموت والدها؟ أم تتابع حياتها كرفيقة وليس كزوجة كل منهما يعيش حياته علي هواه وماذا لو قابلت رجلا آخرا وأحبته؟
لا لن تحب أحدا الحب للمرأه هو سجن وخضوع وهو ليس لها أما أذا أحب رالف امرأة أخرى ورغب في الأنفصال؟ يتنتهي عندئذ كل مشاكلها سألها رالف:
- بماذا تفكرين؟ هيا سأجعلك تخبرينني
يجعلها! عبست ساره من تعبيره الآمر كانت تأمل ان لا يمرس لهجة الأمر والسيادة معها حتي لا تحدث مشاكل بنهما منذ البدايه تجاهلت قوله هذا ورغبت في التحدث معه لتستطلع رأيه في هذا الموضوع قالت:
- كنت اتساءل ما أذا كان سيأتي اليوم الذي ترغب فيه بحريتك من هذا الزواج ربما تقع في الحب ؟
-صحيح ربما أحب عندئذ سيكون زواجي عقبة في طريق قلبي , ولكنني رجعي وتقليدي في هذا الأمر وسأبقي عليه زواجنا يا ساره أبدي علينا أن نمارس الحذر الشديد حتي لا نقع في أي حب يمكننا أن نتمتع بالحياة بدون حب
خجلت ساره من تصريحه هل نسى ما قالته عن عفة نساء مالفرن التقليديه سألته بفضول:
- هل لديك نساء في حياتك؟
- نساء بالجملة؟ في بعض الأحيان نعم , انا أؤمن أن الحياة يجب أن تعاش ولكنني لا اتنقل من أمرأه الي أخرىهل أظهر لك بهذا المظهر ؟
حضر الخادم ومعه الطبق الثاني من الطعام صمتا قليلا ثم سألته مستفسرة:
- هل هناك أمرأه خاصه؟
اجابها ببرود:
- حاليا نعم لدي أمرأه خاصة
كانت ساره تلعب بشوكتها في صحنها حثها رالف علي الأكل من جديد
سألته بخجل:
- هل هي جميلة؟
- أعتقد ذلك
- هل هي شقراء أم سمراء؟
- هي سمراء بقدر ما انت شقراء
- الا ترغب في الزواج منها؟
- من الواضح انني لن أتزوجها والاكنت تزوجتها من قبل
- كم يبلغ عمرها؟
- هي في الثامنة والعشرين تقريبا لقد أتمت عيد ميلادها الثامن والعشرين منذ أسابيع هي أطول منك بقليل وأكثر امتلاء عيناها سوداوان كلون شعرها انفها مروس هل لديك مزيد من الأسئلة عنها؟
امتلأ وجه ساره احمرارا من سخريته بقيت ذقنها مرفوعة وكذلك رأسها وفي عينيها شرارة من نار قالت:
- آسفه كنت أحاول أن أبدي بعض الأهتمام اللائق , ولا أرغب في التدخل في شؤون امرأتك
- كم أنت ذكية يا صغيرتي , عليك أن تتعلمي منذ البداية أنني لا أحتمل أي تدخل في شؤوني الخاصة أذا تدخلت ستندمين أشد الندم
ساد الصمت من جديد شعرت ساره برغبة قوية في أن تمسك أي شئ علي الطاولة وتضربه به لو أستمر مهددا ومتوعدافي حديثه معها بعد دقيقة أو أقل عاد الي لطفه ورقته السابقة وسألها أن تراقصه في لهجة حنونة , كأنه يعتذر عن صدامهما في علاقتهما ليلة الزفاف
تذكرت نفورها منه حين حشرها في غرفة التلفون الصغيرة أرادت أن تعتذر له, ولكنها غيرت رأيها بعد ما أصبح واقفا أمامها
فرحت ساره عندما توقفت الموسيقى وعادا الي طاولتهما كانت لمسة يده فوق ذراعها وكتفها مقرفة لا طعم لها ووجدت صعوبة في الأبتعاد عنه في المرقص لاحظت صمته بعد عودتهما تساءلت في نفسها ك هل شعر بكرهها له حين لامسها , وهل أحس بأرتياحها حين أنتهت الرقصة , من الواضح أنه أحس بكل ما تشعر به لأنه لم يراقصها مرة ثانية واكتفى بالحديث الخفيف والثرثرة كانت تسأله وهو يجيبها عن بيته وعمله وحياته
عمله متقطع في فترات موسميه انه رجل ثري وبأستطاعته ان يوكل الي موظفين عنده القيام بالأعمال عنه , لديه مكتب في أثينا ويمضي اياما عديدة هناك في زمن المواسم حيث يبقي في ضيافة أصدقاء يملكون شاليه لا تبعد كثيرا عن الشاطئ في كليفادا
شرح لها بالتفصيل عن بيته كانت تستمتع اليه بأهتمام وتتساءل :
هل هناك زوجان صرفا ليلة زفافهما مثلهما , يتحدثان بأدب وتهذيب لتمضية الوقت حتي يحين موعد اقلاع الطائرة في الثانية عشرة والنصف ستكون الرحلة مماثلة لجلستهما هنا يمضيان الوقت في الحديث الممل غمرها قلق شديد وشعرت بالبرد ينخر عظامها وهي تتذكر ما قاله رالف : زواجنا أبدي
زواج يرتكز علي الكراهية أي مستقبل ينتظره هذه هي البداية ! لم تكن ساره تدخل الحب في حسابها كعنصر أساسي للزواج , ولكنها كانت دائما تعول النفس علي رجل يحبها والا كيف ستسيطر عليه وتقوده حسب رغبتها؟
حان الوقت للتوجه الي المطار غادرا المطعم الي حياة مظلمة , لا نجوم فيها ولا قمر ساره تجيد الصراع فهي من آل مالفرن لن يفسد حياتها رجل من آل لينغارد قال رالف انها تستطيع أن تحيا حياتها علي هواها وهكذا ستفعل
وأذا بدل رأيه بهذا الشأن وبدأ يتدخل في حياتها فالويل له!