كاتب الموضوع :
GKarima
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
** 1- أين الحب ياساره ؟؟ **
وقفت الفتاتان في منطقه الأثارات في سانت هيلدا قرب الصخور الشاهقه التي تشرف علي الشاطئ .كانت الشمس المشرقه تلفحهما والنسيم البارد يداعبهما.ساره شعرها ذهبي لامع يحيط كالهاله بوجهها الصغير البيضاوي الشكل والواضح اللامح وجسمها متناسق وعيناها زرقاوان واسعتان تلمعان بكبرياء وعجرفه وتضيقان وقت الخطر او التحدى..ونادرا ماتتدفق منهما الدموع كبقيه النساء.
عاشت عائلتها آل مافرن في يور كشاير منذ أكثر من مئه سنه وهم يتحدرون من أصل برودر القرصان المغير والغازي المرعب 0 قلبها بارد قاسي كجدودها الذين سلخوا وأحرقوا ووزعوا أبشع الأنتقام علي أعدائهم وجيرانهم0
وقفت ساره مالفرن منتصبة رأسها مرفوعه الي الخلف وشعرها يداعبه الهواء وجسمها النحيل يميل وهي تشير الي الحقول حيث يرى في وسطها زنار من العشب في مناطق معينه.
قالت ساره وهي تشير بيدها لصديقتها فاليري:
- هذا العشب هو بقايا الأسوار أو التخوم التي كانت تفصل الأراضي بعضها عن بعض في السابق.
فاليري سمراء عذبه تقطر أنوثه وتعود صداقتها مع ساره الي أيام الدراسه . أكملت ساره شرحها:
- هل تتصورين الفلاحين ينكشون ويزرعون ويعملون نصف أيام الأسبوع في خدمه الأقطاعيين مقابل استئجارهم قطعه أرض صغيره? لن أقبل أن أكون عبدة لأحد من أجل أن أعيش فقط . كنت أقتل نفسي وانتقم من المستبد المالك.
اجابتها فاليري بتعقل:
- ولكنني لا أرى الفائده التي سيحصل عليها المالك من موتك. لا أفهم أنتقامك! حتما سيكون هناك عبيد غيرك يعملون عنده بدلا منك مقابل ايجار أرضه.
- أنت علي خطأ. كان عدد السكان في ذلك الزمن قليلا جدا . العامل ثروة لا تعوض. ولهذا السبب ارتقى الفلاحون في مراكزهم بعد الموت الأسود الطاعون.
هزت فاليري كتفها أستهجانا. لم تكن تهتم للتاريخ ولا تعرف نتائج الطاعون وتأثيره علي العمال منذ مئات السنين. كانت ساره تحفظ التاريخ لارتباطه الوثيق بتاريخ عائلتها آل مالفرن وهيا أحدي أهم عائلتين في منطقه نورثمبرلند . والعائله الثانيه هي آل لينغارد التي انتقلت أيضا الي يوركشاير بعد أن ورثت املاكا واسعه في المنطقه. العائلتان في خصام متواصل منذ القدم وقد انتقل خصامهما الي يوركشاير.ومع مرور الزمن بدأت حده الخصام تتغير تدريجيا.
كانت فاليري واثقه من أن صديقتها الحميمه ساره تفضل الموت علي أن تخضع لحكم شخص آخر .تذكرت ماحصل مع ساره يوم فسخت خطوبتها. قالت فاليري:
- أخبرني صديقي بول فاريتي انه استلم رساله من اليكس.
سألت ساره:
- هل مازال في نيوزلندا واستراليا.
- نعم لديه صديقه جديده ولكنه لم يذكر في رسالته اذا كان يرغب الزواج منها.
- أتمنى لهذه الفتاة حظا سعيدا معه.
ابتسمت ساره ابتسامه تنم عن الخبث والمكر. فقالت فاليري:
- بعض الفتيات وربما أغلبهن يفضلن الرجال الأقوياء...
- هراء. لقد انتهت هذه العقليه منذ أيام جدتي لحسن الحظ. أنا لن يحكمني رجل أبدا. ولست نادمه علي فسخ خطوبتي من أليكس لينغارد. لقد وجدت بديلا يناسبني . وهو سهل الأنقياد وأستطيع أن افرض رأيي عليه. أنني مسروره مع رودي شاين.
رودي يحب ساره حبا اعمى . لو طلبت منه أن يتمدد أرضا لتدوسه بقدميها لفعل. وكانت ساره واثقه بأن زواجها منه سيدوم طويلا علي عكس زيجات صديقاتها اللواتي سيتحطم زواجهن فوق الصخور. لأنه لا يرتكز علي أساس متين مثل زواجها. سألت فاليري:
-معادلتك في الزواج تناسبك بلا شك. وكن كيف ستكون ردة الفعل عند رودي المسكين من جراء تصرفاتك?
- لماذا رودي المسكين! اعترضت ساره علي نعته بالمسكين. رودي يعتبر نفسه الأوفر حظا في يور كشاير.
كانت ساره تنظر الي المراكب والسفن التي تدخل المرفأ وتظهر بوضوح من موقفهما المرتفع فوق الشاطئ . وتذكرت منذ سنة تقريبا وفي يوم عيد ميلادها الثامن عشر. حين أخبرت اليكس أن خطوبتهما أنتهت. حاول اليكس ان يقاوم بكبرياء .ثم تبخر غضبه وبدأ يستعطفها. استمعت اليه ساره مسرورة وهو يشرح لها خيبه أمله ويأسه. وبأن ليس له أي شئ يعيش من أجله بعد أن خسرها.ثم تذكرت كلماته.
قال أليكس :
- سيقضي هذا النبأ علي والدتي. أنه اهانة , بل تحد من عائله مالفرن لعائله لينغارد.
- أنا لن أدمر حياتي من أجل والدتك!
- كل هذا فقط لأنني... ولم يكمل اليكس حديثه.
- لماذا لاتقولها بصراحة... لقد حاولت اغتصابي قبل موعد الزواج . أنا من آل مالفرن ولا أقبل بهذه المعاملة ... هذا جزاء فعلتك.
ابتسم اليكس بالرغم من تعاسته وقال:
-انيابك حادة وسامة كالحيه. يوما ما ستنشبينها في شئ قاس وتنكسر.
قالت ساره متحدية وهي ترفع رأسها بكبرياء.
- أبدا...
- لاتتركيني ياساره. أذا كنت قد تصرفت بطريقه غير مهذبه ولائقه فهذا فقط لأنك مثيرة جدا...
- أنت لا تقبل الرفض!
قال اليكس مبررا فعلته :
- ولكننا سنتزوج خلال اسبوعين.
- كان عليك ان تنتظر يوم الزواج. تصرفاتك فتحت عيني واقنعتني بأننا لو تزوجنا فستكون زوجا مستبدا مسيطرا.
- علي الزوج أن يكون أقوى من الزوجة .
- هذه صفات آل لينغارد. الحمد لله لقد اكتشفتها قبل فوات الأوان. كلكم متساوون منذ أقدم العصور. دائما تريدون السيطرة علي جيرانكم. ثم وقفت وقفة تحد واكملت:
- لكن آل مالفرن لن يخضعوا لأل لينغارد ابدا . جدودي علقوا جدودك علي المشانق.
أجابها اليكس بتحد:
- جدودي قطعوا رؤوس أجدادك وطافت فوق النهر بالدزينات.
فكرت ساره بهذه الخصومه التاريخيه التي وجدت اليوم مايحرك كوامنها. دام الخصام بين العائلتين مئات السنين وارتكبت الفظائع العديدة من كلا الطرفين. الجيل الجديد لا يرغب في استمرار هذه الخصومه. وخطوبه ساره واليكس كانت موضع ترحيب من العائلتين اما الآن وبعد فسخ الخطوبه قبل اسبوعين من حفلة الزفاف...
كان التبرير الذي قاله آل مالفرن لآل لينغارد:
- لم يناسبا بعضهما.
ورد آل لينغارد علي آل مالفرن:
- كان علي ساره ان تكتشف ذلك بوقت أسرع وليس قبل الزفاف بأيام.
اقنعت ساره اهلها بعدم جدوى هذا الزواج. وأخبرتهم ان اليكس بتصرفاته يحاول اخضاعها. وبالطبع وافقوها رأيها وبقيت الخصومه وفسخت الخطوبه. كل عائله كانت تتجاهل الأخرى أحس آل لينغارد بالأهانه وهم ينتظرون الفرصه المؤاتية ليثأروا . لو حصل ذلك قديما لجرى الدم انهارا من كلا الطرفين...
قالت ساره لفاليري:
- لو تزوجت اليكس لامضينا العمر نتقاتل كان يصر على أنه السيد المستبد ولن أقبل أنا بذلك. الرجل الذي سيمتلكني لم يخلق بعد. ثم تابعت ساره حديثها عن اليكس : ماذا قال أيضا في رسالته? هل سيعود ? هل سيستقر هناك?
- لم يذكر أي شئ من هذا القبيل في رسالته. أعتقد انه سيعود في النهاية شأنه شأن شباب لينغارد. يسوحون قليلا ثم يعودون ألى عشهم . كلهم ماعدا رالف.
اليكس سافر لينسى خطوبته الفاشله وسيعود مع زوجته بعد أن ينسى.
سألت ساره:
- لماذا لم يحضر جنارة والدته كما فعل رالف?
- لا أظن اليكس يهتم لوالدته والا لم يتركها مع همومها بعد أن فسخت الخطوبة.
- كانت والدته مهمومة وغاضبه لأنني خذلت ابنها البار ورفضته. الجميع يلومونني أنا. قال لي اليكس ان الصدمة ستقتلها! كانت في امه في الثانية والسبعين من عمرها والناس يموتون عندما ينتهي أجلهم.
- هل صحيح مايقوله الناس عنكم? انكم من سلاله قبيلة من الأوغاد لا تعرف الخوف من الموت. لأن الموت شئ لامفر منه?
- نعم.
كانت ساره لاتخاف أي شئ حتى الموت . رأسها شامخه بكبرياء وهي تنظر الى آثار الهيكل القديم وأعمدته. أكملت فاليري حديثها قائله:
- رالف يحب والدته. لقد عاد لحضور جنازتها وكان حزينا اكثر من أولادها الاربعه الموجودين وقت الموت.
قالت ساره كأن موضوع حزنه علي وفاة والدته لا يعنيها:
- انا لا أذكر شكله لقد رحل عندما كنت طفلة . هو اجمل شباب آل لينغارد. انه من سلالة متشردين ويحمل بعض دم يوناني أيضا.
سألت فاليري:
- يوناني? من أين?
- كل آل لينغارد يحملون بعض الدم اليوناني. أحد اجدادهم تزوج من يونانية.
حاولت ساره ان تتذكر شكله عبثا. أنه أسمر. كانت تخافه وهي طفلة. عندما تلقاه علي الشاطئ كان يمشي باتجاهها لاتهزه الرياح يمر بها ساكنا صامتا ويغمرها بطوله الفارع . كانت تخاف ان يحملها ويرميها فوق الصخور الشاهقه قرب الشاطئ وكأنها لعبه صغيره بين يديه. هذه هي اللحظات الوحيدة في حياتها التي عرفت فيها الخوف. نعم كانت تخافه وكم كان سرورها عظيما حين ورث أملاكا في اليونان ورحل الي هناك واستقر فمنذ ذلك الحين أصبحت نزهاتها علي الشاطئ اكثر أمانا وغاب خوفها.
سألت ساره:
- لم يعد رالف الي اليونان بعد هذا ماقيل لي. لماذا بقى هنا ياترى ? لقد مضى شهر علي وفاة والدته.
- ربما من أجل الوصيه أو عليه بعض التصفيات الضرورية. هل هو اكبر اخوته?
- لا.كولين كبيرهم وهو في الاربعين من عمره. رالف بين وليم ومالفين ويبلغ الثانية والثلاثين تقريبا.
قالت فاليري:
- رالف هو العازب الوحيد بينهم بعد أن تزوج اليكس في نيوزلندا.
- ربما لم يجد امرأه ترضى به...ام انه لا يميل الي اليونانيات!
سألت فاليري:
ايي يعيش في اليونان?
قالت ساره متهكمه :
- اوليمبيا. تصوري بأنه يعيش في مقام لرمز وثني وهو من آل لينغارد.
أجابتها فاليري ساخره:
- انتم آل مالفرن. تحبون جيرانكم
|