**سأبكي على صدرك حتى أموت**
وصل رالف وساره الى اولمبيا مع حلول الظلام يوم الأثنين , كان الوقت مبكرا وطلبت ساره منه ان يرافقها الى المقام الأثري بالقرب من المنزل , رفض رالف لأن لديه بعض الأعمال التى يريد انجازها, تناولا العشاء ثم اختفى في مكتبه ولم تره تلك الليلة في صباح اليوم التالي كررت طلبها بعد الفطور ولكنه اعتذر مجددا
, سيذهب الى لينغاديا ليرى اديل , اقترح رالف:
- اطلبي من هايلي ان ترافقك
ثم تأبط تحت ذراعه ملفا سميكا, تمنى لها صباحا ممتعا وغادر المنزل , لماذا يحمل معه كل هذه كلما ذهب لزيارة اديل؟ تعجبت , انها واثقة بأن هذه الملفات لعمله ومن الغريب ان يحملها معه
بعد ان غادر رالف البيت ذهبت ساره تتمشى وحدها قرب البيت , كانت فرحة بجمال الطبيعة حولها , الصباح جميل والشمس مشرقه والهواء نقي منعش , انه بيتها ولا ترغب عنه بديلا لقد سرت في انكلترا في منزل والديها ولكنها افتقدت منزلهاالذي احبته كثيرا , هنا في اولمبيا منزلها, طقس الخريف بدأ يؤثر في المزروعات , قريبا تغطي الثلوج المرتفعات حولها, مازال العشب خضر والنهر ينساب ببطء في الوادي , ستفيض الأنهار في الربيع
نظرتالى جبال اركاديان الوحشية حيث ثلوجها الشتوية ستغذي مياة الأنهار وتسقي سيولها الذائبة الوادي بأكمله
دخلت المقام الأثري , هناك لعض الأشخاص يتجولون , الوقت مبكر لحضور السياح سيبقى الحال هكذا من الآن فصاعدا , قلة من الناس يحضرون الى المقام الأثري , عما قريب سيختفي كل الأغرابي من هذا المكان بانتهاء موسم السياحة
بقيت ساره تتمشى لفترة طويلة بدون هدف , دخلت الى حيث كانت تقام الألعاب الأولمبية منذ الف سنة تقريبا, الأثار الملقاة وسط الأشجار تزيد معالم الطبيعة رقة وسكونا , المنحدرات وكتظة بأشجار الحور والسرو تجري من بينها الأنهار لتصل الى اسفل الوادي
جلست ساره على قطعه من تمثال محطم ملقي على الأرض شعرت بالسلام والطمأنينة الشعور نفسه الذي احسته يوم قامت اول مره بزيارة هذا المكان برفقة رالف, قديما كان الاعبون يحضرون الى هذا المكان قبل عشرة أشهر من موعد الألعاب , يسكنون هنا ويتمرنون ويعدون انفسهم للتنافس أمام جمهورغفير
من اجل الحصول على مرتبة الشرف , ليس للاعب بل لمدينته كلها ولعشيرته ولأهله, كان الرابح الأول يتّوج ويرتفع تمثاله بين تماثيل الأبطال أمثاله , الأبطال الذين ربحوا المسابقات في الألعاب الهيلينيه اسابقة
حدقت ساره من جديد في هيكل زيوس وأعمدته الضخمة وقد دمّر الزلزال معظمها , يقع الهيكل في منطقة التس , كان ضخما جدا ابان عظمته , ومزهريتان كبيرتان من الذهب تزينان السقف في مكان آخر كان هيكل حيرا وهو من اقدم الهياكل في اليونان فيه تمثال لرمز الجمال هرميس والطفل ديونيسوس الذي كان ملقي قرب قاعدة التمثال الذي صنعه النحات براكستيليس وهناك أبنية أخرى لجهة الغرب منها الاستاد الكبير والبالسترا ومعمل النحات فيدياس
وهو من أشهر نحاتي اليونان قاطبة وتزين أعماله معظم المكان الأثري هناك
بدأت ساره تمشي ياتجاه القرية وقررت ان تزور هايلي كانت هايلي في الحديقة تعشب , حين وصلت ساره توقفت عن العمل وجلست واياها في ظل شجرة وارفة
- سررت كثيرا لرؤية والدي ولكنني سعيدة برجوعي الى البيت
-هكذا يكون شعوري حين اذهب لزيارة أهلي , أصبحت أحب هذا المكان كثيرا
سألتها ساره بفضول:
- كيف حضرت الى هذه البلاد؟
- أتيت الى اليونان للمغامرة او ربما للتعرف على بلاد اخرى غير بلادي, صديقة او اكثر من صديقاتي وجدن عملا هنا,ظننت ان ذلك مناسبا لي قبل ان استقر نهائيا, رغبت في ان اتفرج على العالم الخارجي ضحكت هايلي : كنت ارغب في ان اعمل فترة في اثينا ثم انتقل لمكان آخر وهكذا , لكنني لم افلح ’ التقيت مانولي قبل نهاية السنة وتزوجنا
سألتها بتردد:
- واديل هل كانت تعمل معك في المكتب نفسه ؟
حولت هايلي نظرها الى الساعة الشمسية الموجودة في وسط الحديقة , تشاغلت بالنظر اليها , ندمت ساره على ذكر اديل لأنه من الواضح لها ان هايلي لا ترغب في الحديث عنها , اخيرا, قالت هايلي وهي تنظر الى ساره باستغراب :
- الم تخبرك اديل أي شئ عن نفسها ؟ اعتقدت انها صديقتك؟
الموقف حرج للغاية هايلي تعرف من دنكان ان اديل ليست صديقتها بل هي صديقة رالف , لقد ذكر دنكان هذه المعلومات لشقيقته واكد لها ان هايلي كاتمة أسرار وتحافظ على اخبار صديقاتها ولا تحب الثرثرة , احست ساره بأن هايلي لا ترغب في مواصلة الحديث عن اديل, كان من الصعب جدا على ساره ان تجي على سؤال هايلي وقررت ان تتجاهل الشق الآخر من السؤال:
- لا اديل لا تتكلم معي عن نفسها
-نعم , ان اديل منطوية على نفسها ولا تحب ان تتكلم كثيرا
لكن رالف بالتأكيد قد أخبرك شيئا عنها؟
مرة ثانية وجدت ساره نفسها في موقف حرج
ولا يمكنها الأجابة بصراحة على سؤال هايلي و ومع ان هايلي تكره الثرثرة الا انها اظهرت بعض الفضول في موضوع ساره, رالف , اديل , هذا المثلث وترابط العلاقة بين اشخاصه هايلي واثقة من اخلاق صديقتها اديل لكنها تبدي بعض الفضول , هل غيرت رأيها بأخلاق صديقتها؟هل بدأ الشك يساورها؟ هل هناك أي اساس في ما قاله دنكان على ان علاقة اقوى من الصداقة تربط اديل برالف؟
قالت ساره صادقة :
- رالف لا يتكلم عن اديل ثم سألت هايلي اذا كانت تعرف كيف وصلت اديل للعيش في لينغاديا
- هل تحمل اديل دما يونانيا ؟ هكذا يقول رالف!
- اعتقد ان احد جدودها من اليونان , لقد ورث والداها هذا المنزل في لينغاديا منذ سنين , والداها عجوزان وتعيش معهما , كان والدها يصر على العيش في المنزل الموروث حين يتقاعد, مادياتهم جيده وكما تعرفين تعمل اديل عند رالف, من اجل تتسلى وتكسب مصروفها
دهشت ساره للمعلومات الجديدة
اديل تعمل عند رالف؟من اجل ذلك يحمل معه كل هذه الأوراق والملفات عندما يذهب لزيارتها؟
- انا لا عارف ماذا تعمل عنده! قالت ساره وهي تضحك من الدهشة: رالف يرفض ان يتكلم في شؤون العمل وعندما يحضر للبيت يترك العمل وراءه وينساه
- اديل تساعده في مسك حساباته, تعمل في منزلها, كنت اجهل ذلك ولكنه اخبرتني بنفسها يوم التقينا في منزلكم , لماذا لا يبحث معك شؤون عمله؟ هذا غريب , مانولي يسرة ان يخبرني شيئا عن عمله يوميا وانا اريد ان اعرف عنه, وكيف يمضي يومه وانه جزء من الحياة الزوجية
هذا صحيح ان الألفة بين الزوجين تزيد نتيجة هذه الأحاديث وتقرب الزوجين من بعضهما هذا مخالف تماما لما كانت تؤمن به ساره كيف كانت تعتقد ان الحياة مع شخص مثل رودي سترضيها مهما كانت عواقب زواجها من رالف وخيمة ومهما تفتقد من السعادة الحقيقية لأنها مدينة له في انقاذها منزوج تافة مثل رودي كانت هايلي صامته تراقب قمم التلال
حدقت ساره بها, انها جذابه , وتبدو راضية سعيدة في حياتها الزوجية , التفتت هايلي فجأة وابتسمت , كانت سارحة بعيدا في افكارها
هو الحب , انه يجعل المرأة نظرة حالمة
ويملأها سعادة , هايلي سعيدة وكذلك فاليري , ربما كانت ساره ستجد الزوج المناسب لولم تكن تؤمن بأفكار غريبة بل غبية حين كانت تفتش عن رجل سهل القيادة , ولكنها وجدت فعلا الرجل المناسب لها انه رالف, وهي تريده بكل جوارحها , فهو سبب وجع قلبها وحزنها, مالفائده , هي تريده وهو لا يريدها؟ قالت هايلي تعتذر عن سرحانها:
- انا ومانولي عاطفيان , ودنكان لا يحتمل حبنا
- لا اعتقد ذلك
- قالت ساره وهي تبلع ريقها : انه ممتع ان يحب الزوجان بعضهما مثلكما
تأخرت ساره كثيرا في الوصول الى هذه النتيجة العاطفيه
نظرت اليها هايلي وسألتها بتردد:
- منذ متى تزوجت يا ساره؟
- منذ خمسة اشهر
ساد صمت ثقيل , كانت هايلي تفكر ارادت ان تحل اللغز الذي يربط رالف بأديل انه الفضول
- هل انت ربما لا استطيع ان اسألك هذا السؤال يا ساره؟
نحن لا نعرف بعضنا الا منذ فترة قصيرة , هل انت متضايقة من اديل؟
توقفت هايلي عن الكلام وهي تتمنى لو تشرح لها ساره الوضع بكامله , اكملت هايلي تقول ان دنكان يعتقد بأن علاقتة متينة تربط رالف بأديل, ساره بقيت صامته لا تعرف بماذا تعلق , اكملت هايلي حديثها:
- لا يوجد يا ساره أي علاقة غير شريفة بين رالف واديل, انا واثقة مما اقول ان اديل فتاة عاقلة ومحترمة ولن تفعل أي شئ من هذا القبيل
وجدت هايلي صعوبه في الحديث بخصوصيات اديل ولكنها اكملت : كانت اديل متزوجة من رجل انكليزي وقد افترقا منذ سنة ,ضاعت اخبارها عني بعد ذلك ولكن صديقة لي كانت تعمل معنا في اثينا اخبرتني قصتها بعد ان جعلتني اعدها بأن لا اخبر احدا , الآن وتحت وطأة هذه الظروف وانت تشكين من تصرفات اديل ارى من الواجب ان اظهر لك الحقيقة
استمعت ساره بأهتمام الى هايلي ةهي تقص عليها بأختصار قصة اديل كما سمعتها من الصديقة قالت :
- كانت اديل وزوجها ميشال سعيدين , في يوم من الأيام حضرت فتاة صغيرة تعمل معه في المكتب تبكي بمرارة لأن صديقها قد نبذها , امضت اليوم في البكاء بعد ان حطم قلبها اراد ميشال ان يواسيها ويفرج عن كربها فدعاها للغداء, وبعد ذلك اعتادا على الغداء سويةيوميا , ثم بدأ ميشال يسهر معها ايضا في المساء تمادت الفتاة في غيها ورغبة في الأستيلاء على ميشال وامتلاكه , كانت فتاة وقحة ولا اخلاق لها لأنها كانت تعلم منذ البداية انه رجل متزوج , تولدت علاقة بينهما, عرفت بها اديل وافترقت عن زوجها للحال, المأساة تكمن في ان ميشال ترك هذه الفتاة على الفور بعد ان عرفت زوجته بالأمر ولكنه لم يعد الى اديل لأنه خجل جدا من عمله