المنتدى :
التحقيقات
قضية تجنيس في السعوديه
جنِّسوا محمد صبري
المصري محمد صبري (31 عاما) أبيض كالزبادي، تتطلع أن تصبح ملعقة لتغرف منه.
ولد محمد في مستشفى الدمام المركزي بالدمام في 14/6/1976. لقي والده حتفه في حادث مروري في الطائف بعد ولادته بأربعة أشهر. أمه لحقت زوجها بعد أربع سنوات. نشأ في كنف زوج شقيقته الكبرى، سعيد علي الغامدي في حيي عبدالله فؤاد، والنخيل بالدمام. يتذكر محمد جيداً كيف كان والده الجديد يستقبله كل يوم عندما يعود من المدرسة. يمسكه برفق، ثم يرفعه إلى الأعلى باتجاه السماء.
كان زوج شقيقته يحمله على ظهره وعلى كتفه، يدور به ومعه. لا يدعه ينام قبل أن يشرب كأس حليب وقصصا يسكبها في جوفه. يبتسم محمد قائلا "ملأني حليبا حتى أصبحت أبيض جدا".
لم يكن سعيد مهتما بصحة محمد ومعنوياته فحسب بل كان حريصا على أدائه الدراسي وثقافته. كان يزور مدرسته باستمرار. يسأل أساتذته عنه بإلحاح. يبتاع له كتبا أكثر من الحلوى والسكاكر.
بعد أن تخرج من الثانوية، حاول محمد رغم تفوقه أن يدخل جامعة سعودية دون جدوى لأنه لا يجمل الجنسية السعودية. أرسله زوج شقيقته إلى مصر، التي يحمل جنسيتها ولا يعرفها، ليكمل دراسته.
واجه صعوبة بالغة في بداية انتقاله للعيش هناك فلا يوجد لديه أقارب يتكئ عليهم، يبكي على أكتافهم.
عاد إلى وطنه الذي ولد فيه حاملا شهادة البكالوريوس في الإعلام. كافح ليحصل على وظيفة في المؤسسات الإعلامية السعودية، لكن لم يستطع دخولها لأنه لا يحمل الجنسية السعودية.
لم ييأس، حصل على وظيفة في إحدى الشركات الخاصة كمندوب مبيعات. أثبت تفوقه خلال فترة قصيرة فأصبح مديرا لمبيعاتها.
يُقَبّل محمد يد وجبين زوج شقيقته كلما رآه، في حين يُقَبّل قدم شقيقته الكبرى (هبة الله) لأنها أهدته إياه.
لم يشعر محمد أنه يتيما يوما ما، لأنه ترعرع وسط أبوين غمراه بالحنان والرعاية حتى بعد زواجه واستقلاله. فعندما يبتسم سعيد يعلم أبناؤه أن خالهم سيزور منزلهم الذي يتحول إلى قاعة أفراح استعدادا لمجيئه.
من يتعرف على محمد سيلتصق به. سيختلق الأعذار ليهاتفه.
التقيته لأول مرة في الحج. سحرني بثقافته واطلاعه وأدبه الجم. لهجته ومعرفته بمناطق المملكة وأدبائها وإعلامها وأعلامها لم تدعني أخمن أو أتساءل للحظة عن جنسيته.
جمع محمد 16 نقطة، وهو بحاجة إلى سبع نقاط إضافية كحد أدنى للمضي في دراسة طلب حصوله على الجنسية السعودية وفق نظام النقاط الجديد الذي صدر مع اللائحة التنفيذية المعدلة لنظام الجنسية العربية السعودية والذي نشر في صحيفة أم القرى يوم الجمعة 13 ربيع الأول 1426 الموافق 22/4/2005 بموجب المرسوم الملكي رقم م/54 وتاريخ 29 شوال 1425.
والنظام بشكل موجز يمنح المقيم في المملكة لمدة لا تقل عن عشر سنوات متتالية 10 نقاط. والحاصل على شهادة الدكتوراه في الطب أو الهندسة 13 نقطة. أما الحاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الأخرى فـ 10 نقاط. بينما الحاصل على شهادة الماجستير 8 نقاط. والحاصل على شهادة البكالوريوس 5 نقاط. أما نقاط الروابط الأسرية فمجموعها 10 نقاط فإذا كان الأب يحمل الجنسية السعودية فيحصل على 3 نقاط وكذلك الأم. كما يحصل على نقطتين إذا كانت زوجته سعودية من والدين سعوديين. وإذا كان للمتقدم للحصول على الجنسية أولاد وإخوة سعوديون يزيد عددهم عن اثنين فيحصل على نقطتين، أما إذا كانوا لا يزيدون عن اثنين فيحصل على نقطة واحدة.
كيف يحصل مقيم على كل هذه النقاط وأبواب جامعاتنا موصدة أمامه. ومجتمعنا مغلق في وجهه؟
علينا أن نعترف أن السعوديين ليسوا كلهم مثل سعيد الغامدي، الذي فتح قلبه ومنزله لمحمد.
أعتقد أن نظام النقاط الحالي بحاجة إلى إعادة نظر فهو يحرمنا من محمد ومن هم على شاكلته ممن لا يقلون وطنية وطموحا عنا. الوطن بحاجة ماسة للعقول المميزة والمخلصة.
نجاح العالم الغربي وتفوقه جاء لأنه لم يبخل على من قطنه بالجنسية. كل ما نشاهده في أستراليا وكندا وفرنسا وأمريكا من ازدهار خلفه عقول استوطنت تلك البلاد قادمة من أرجاء المعمورة من: الشرق الأوسط و الهند والسند. مهدت من أجلهم الطرق فحققوا النجاحات المتتالية.
علينا أن نستفيد من أنظمتهم في التجنيس وخبرتهم في هذا المجال.
يجب أن نمهد الطريق للمستقبل ليحط رحاله بيننا ولا يفر منا ويذهب باتجاه غيرنا كما فعل الحاضر.
....
منقول من جريدة الوطن
التعديل الأخير تم بواسطة بياع متجول ; 24-02-08 الساعة 06:49 PM
|