المنتدى :
المنتدى الاسلامي
"قتل النفس" ثاني كبيرة بعد الشرك!!
الداعية الشاب: مصطفى حسني
أعزائي وأصحابي، السلام عليكم..
بداية أحب أن أعبر عن سعادتي عند كتابتي هذا الموضوع ولقائي معكم من خلال النت وأود أن أُعرِّفكم بنفسي.. أنا شاب لم أتجاوز الثلاثين من عمري، وقد تعمدت ذكر سني لأقول لكم إن عمري قريب من كثير ممن يقومون بقراءة مقالي الآن فأنا شاب أعيش وسط الشباب، واحدا منهم، أعرف طموحاتهم وهمومهم، ما يسعدهم وما يقلقهم، والصعاب المحيطة بهم، وإيجابيات وسلبيات هذه المرحلة والمشاكل الكثيرة التي قد يمر بها كثير منا، فهذا المقال من أخ محب قريب من حياتكم.
نستكمل -بإذن الله- حديثنا عن حرمة الدماء بأن الوحيد المتحكم في حياة البشر هو رب البشر سبحانه وتعالى وهو الذي رزق البشر والمخلوقات كلها الحياة ولا يحل لأي نسان في الدنيا أن يسلب إنسانا آخر نعمة الحياة إلا بأمر من رب العالمين سبحانه وتعالى.
لذلك فإن القتل وإراقة الدماء سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة -والأحاديث والآيات تدل على ذلك- جعلها رب العالمين ثاني كبيرة بعد الشرك فقال الله في سورة الفرقان: "وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ ولا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالْحَقِّ ولا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا".
وهذا يعني أن ثاني كبيرة بعد الشرك قتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق، ولا يحق لأحد أن يقول لقد قتلت لأغير المنكر بيدي.. فليس معنى تغيير المنكر باليد أن نفعل نحن ذلك.. فهو اختصاص وليّ الأمر في الأحوال التي أقرها الشرع والتي جاءت في حديث للنبي صلى الله عليه وسلم حين قال: "لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلا بِإِحْدَى ثلاثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالْمَارِقُ مِنْ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ".
الثيب الزاني: أي المتزوج الزاني وذلك إذا اعترف على نفسه أو إذا شهد عليه أربعة..
والنفس بالنفس: تعني أن تُقتل نفسٌ قتلت نفسًا أخرى..
والتارك لدينة: المرتد المفارق للجماعة.
ولشدة ما يفعله الإنسان بقتل نفس بغير نفس فقد علمنا الله أن من يقتل مؤمنا متعمدا له ثلاث عقوبات من أشد العقوبات، فسبحانه القائل:
"وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا"..
فلا أمر بمعروف ِأو نهي عن منكر يبيح قتل نفس بريئة.. ومن يفعل ذلك ليس له سند ولا دليل على فعله من الكتاب أو السنة المطهرة.. هذا بجانب حرمة دماء أهل الكتاب المعاهدين الذين دخلوا بلدنا في أمان الإسلام..
وفي حديث "أبي داود" أنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى حَبْلٍ مَعَهُ فَأَخَذَهُ فَفَزِعَ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا".. أي بمجرد أن جذب الصحابي الحبل الذي كان يتكئ عليه النائم فأفزعه ذلك غضب النبي وحرم ترويع المسلم.. انظروا كيف حرم النبي مجرد ترويع المسلم فما بالكم بالقتل!.
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ بالسلاح فَإِنَّهُ لا يَدْرِي أَحَدُكُمْ لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ".
كذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه بصحيح مسلم قال: "مَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ لَعَنَتْهُ الملائكة "..
وفي الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "منْ حَمَلَ عَلَيْنَا السلاح فَلَيْسَ مِنَّا"..
وفي حجة الوداع يقول النبي:
"ألاإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا.."
وكل من قتل مسلما بعيدا عن الأسباب الثلاثة التي ذكرناها عن حديث النبي فقد جاء في حقه ما ورد إلينا عن الإمام "أحمد" في حديث للنبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:"كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إلا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا، أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدً"..
فإن سأل أحدكم.. هذا هو الأمر بالنسبة للمسلمين فكيف يكون لغير المسلمين؟ فإننا نؤكد حرمة دماء أهل الكتاب، وأؤكد أن أي إنسان دخل بلادنا فإنه يدخل بأمان الإسلام ويدخل تحت الأمان الذي تعطيه له الدولة.. فما هو هذا الأمان؟ إنها التأشيرة أو الفيزا!! والفيزا هذه في الشرع اسمها "أمان الإسلام".. أنت مسموح لك أن تدخل..
فإن قال قائل: لسنا من يعطي الأمان.. نحن لم نُعطِهم شيئا بل الدولة.. أقول له: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث في الصحيحين:
"ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ ولا عَدْلٌ.."
وهذا بسبب نقضه لما أعطاه من الأمان، إذن من دخل بلدنا من السياح مسلمًا أو غير مسلم فقد دخل بأمان الإسلام وأيا كان من أعطاه الأمان فنحن ملزمون به لأنه لم يأت مقاتلا، لذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم -يوم فتح مكة- عندما دخل مكة كان هناك بعض الناس الذين كانوا يحاربون النبي وقد أهدر النبي دماءهم.. وعند الدخول سارع أحدهم بالدخول إلى بيت "أم هانئ" بنت عم النبي وأخت "علي بن أبي طالب" وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أراد دمه فأسرع سيدنا "علي" ودخل بيت "أم هانئ" فقالت له: "هذا في أماني"، فقال لها "سأقتله".. فأخذت "ابن غبيرة" وذهبت به لرسول الله وقالت يا رسول الله زعم ابن أمي "علي بن أبي طالب" أنه سيقتل رجلا قد أمّنته"؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم من قصة الصحيحين: "يا أم هانئ أجرنا من أجرتم.."
يعني ما دمتِ أمنَّتِه فهو آمن..
وقال صلى الله عليه وسلم: "أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء" حديث الصحيحين.. بل إنه ورد في الحديث أنه من قتل عصفورة بدون الحاجة لها من أن يتقوت منها فإنها تأتي يوم القيامة ورقبتها مقطوعة وتقول يارب سَل هذا فيمَ قتلني!!
إذا كان هذا هو شأن العصفورة فما بالك بنفس بشر!
إن الذين يأتون لبلادنا يدخلون بأمان الإسلام، ووجب علينا ألا نقتلهم أو نؤذيهم.. لأنهم لم يأتونا محاربين.. ولنعلم أننا يا أحبائي موجودون لنحبب الناس في ربنا.. نحن في الدنيا لنظهر بمظهر خلقي عبادي محترم، حتى نجذب غير المسلم للإسلام بالخلق الحسن، ألم يعلمنا النبي في أشد لحظات الجهاد متى وكيف يكون الجهاد حتى لمن عادانا:
"اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا شيخاً كبيراً ولا امرأة ولا طفلاً صغيراً ولا تعكروا صفو ماء ولا تقطعوا نخلاً..."
إن ديننا هو دين الحب والخلق والأمانة والصفاء.. دين قائم على محبة كل ما خلق الله والامتثال لأمر الله ورسوله.. ونحن علينا أن نتبع النبي والنور الذي أتى به من عند ربنا..
وأختتم حديثي معكم بأن اعلموا أننا أقوام بعثنا الله لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والآخرة
|