كاتب الموضوع :
zhraa
المنتدى :
التحقيقات
جريمة قتل
عندما كان صغيرا فى قريته كثيرا ما كان يحلم بأن يكون شيئا ما. أصوله لم تكن تؤهله لأن يكون شيئا كبيرا أو على أقل تقدير أن يخرج إلى النور حيث المدينة وأضواءها الباهرة والشهرة إذا جاز التعبير. فى كل يوم كان الحلم يدغدغ نومه والفاصل الوحيد بينه وبين التحقيق هو الزمن فقط ولا شىء غيره وما عليه إلا الانتظار ليحقق ما يحلم به . الأيام كانت تمر على "سيد" وهو فى حالة انتظار وترقب شديدين إلا أن هذه الحالة كانت دائما تسيطر على تفكيره بل أنها كانت أيضا تحدد طريقة تعاملاته مع الأخرين من الأقارب والأصدقاء حتى أن البعض كان يصفه بأنه من المجانين الذين ينتظرون شهب السماء وقدوم الكواكب الأخرى للأرض. الأيام مرت وتحققت جزء من أحلامه وأسرع بالسفر إلى المدينة حيث الإنطلاق الحقيقى للطاقات الإنسانية القوية والتقدير الكبير لها . إلتحق بالجامعة . تخرج فيها . عمل بإحدى الشركات الكبرى فى مجال البترول فى إحدى القطاعات الهامة فى الحفر. استطاع أن يحصل على الترقيات المتعددة فى زمن قصير مرة لأنه نبيه ومرة أخرى بتملق الرؤساء ومرة ثالثة بالتنازلات غير الممكنة لأى إنسان عاقل فقد كان قدر التنازلات فى حياتة كبيرا لدرجة الجنون. تنازلاته هذه وصلت إلى أعلى قمة فى الشركة وكلما إرتقى السلم الوظيفى وبلغ القمة فيه كان قدر التنازلات كبيرا. لم تكن تنازلات سيد مقلقة بالنسبة له فقد إختار هذا الطريق للوصول إلى المراتب العليا. سيد كان يردد داخل نفسه المقوله الشهيرة (علشان مانعلى ونعلى ونعلى لازم نطاطى نطاطى نطاطى)هذه الجملة التاريخية الشهيرة كانت دستوره فى الحياة وقد طبقها بكل حذافيرها دون تردد فاخلص النيه فى التطبيق!! أصبح سيد رمزا للفساد داخل الشركة بعدما إعتلى مناصب لا يمكن أن يصل إليها من سبقه فى العمل فى الشركة وأكثر منه كفاءة بسنوات عدة . الحقد والغليان أصبحا حالة العاملين فى الشركة بلا منازع لهما . ثلاثة من العاملين فى الشركة كانوا يرصدون حركة تعاملات سيد فى العمل وكيف وصل فى وقت قصير إلى مرتبة عالية لم يصل إليها أحدا من قبل فى مثل عمره القصير، "محمود" ذلك المهندس الكبير المتدين والذى قفز على درجته سيد بل وسبقه بدرجات كان يرى أن صعود سيد هذا السلم بهذه السرعة كان بسبب تنازلاته التى لا يستطيع عليها الشيطان نفسه !! ولابد من محاربته فقد أصبح سيدا رمزا للفساد الذى رسخ أصوله فأصبح مؤسسه. إن الشيطان إن تملك وجلس على الكرسى ونشر قوانينه سيكون من الصعب أن يحارب مهما حدث من معارك.. القتل هو الطريق لوأد الشيطان. "عادل" السكرتير الخاص بسيد كان شاهدا على كل خطط سيد فى التملق والنفاق وكيف أنه كان يرسم الخطط للوصول إلى الرأس الكبيرة فى الشركة تارة بالهدايا التى كان يقدمها له عند عودته من الخارج إليه وتارة أخرى بالتنازلات النسائية وتارة أخرى بترتيب السهرات الخاصة فى منزله فقد كان سيد غير متزوجا . عادل قررأن يهجر هذه الحياة التى حذره منها محمود فقد كان عادلا من أكفأ من عملوا فى مجال السكرتارية داخل الشركة فكيف يرتضى على نفسه أن يمارس هذا الدور غير الشريف فى حياته . عادل أسرع إلى سيد ليطلب منه أن يسمح له بأن ينقل من مكتبه للعمل فى أى وظيفة أخرى . كانت المفاجأة كبيرة بالنسبة لسيد فقد كانت أسراره معه وخروجه من العمل فى مكتبه سوف يعنى الكثير والكثير بالنسبه له فقد أصبحت كل عملياته المشبوهه فى العمل مشاعا للناس الساخطة والحاقدة عليه . رفض سيد طلب عادل . توسل إليه . إمتنع عن العمل . راح عادل يتكلم ليبدأ ثورة جديدة لم تكن معلومة للبعض أن يبوح بالأسرار التى كانت خافية . معلومات سيد كانت موثقة فهو الشاهد الوحيد على العمليات القذرة التى كانت تجرى فى الخفاء !! إشتعلت الشركة بالحديث عن سيد حتى عم "حسين" عامل البوفيه الخاص راح يمتنع عن التردد عليه لـتقديم قهوة الصباح فقد رأى أن خدمة هذا الرجل الفاسد غير ملزمة وأن من يقدم له شربة ماء كمن روى الشيطان. عم حسين ذهب إلى عادل ومحمود وأبلغهما بأنه لن يذهب إليه حتى لو إضطره للاستقالة . كل هذه الأمواج كانت تحيط بسيد فجأة وبدون مقدمات فقد ثار البركان وإنفجر بعد الغليان لم يكن يعرف سيد ماذا يفعل أمام هذا السخط العام الذى راح يملأ أرجاء الشركة فجأة بلا مقدمات؟ . مع كل يوم كان يمر داخل الشركة كان الغليان يزداد ولا أحد يستطيع أن يوقفه مهما حدث. ذات يوم فوجئ العاملون بالشركة بأن سيد دخل إلى مكتبه ولم يخرج حتى ساعة متأخرة حتى تليفونه الخاص والعام للشركة لم يرد عليهما . أسرع العاملون بالدخول إليه وجدوه ميتا . الشرطة أسرعت إلى الشركة وراحت تجرى تحقيقاتها وشرحت جثة سيد وجد أنه مات مسموما . الشرطة ألقت القبض على محمود وعم حسين وعادل وراحت تحقق معهما إلا إنها قدمت أحدهم للنيابة فمن القاتل ؟
|