الإنالإنسان قاسم أمين"محرر المرأة"
اخترت باقة منوعة من أقوال هذا الإنسان الحاضر الغائب :
أولاها: تلك التي حملته على اكف من تقلبته أيديهم من دون أن يدري لحظة!
اختارها؛ لألقي بالأسماع صيحة, فها هي كلماته, فاختزن:
"لا تعرف من زوجها سوي أنه طويل أو قصير... أما قيمة زوجها العقلية والأدبية .. ورقة إحساسه.. ومقاصده في الوجود ... فهذا لا يصل إلى عقلها شيء منه، وإن وصل فلا يؤثر علي منزلته في نفسها". وهكذا فإن دعوة قاسم لتعليم المرأة لم يكن مرتكزا علي أرضية هيومانية تعلي من شأن الإنسان وتحترمه وتحترم حقه في التعلم من أجل نفسه بل هي دعوة لتعليم المرأة كي تعرف المرأة "قيمة زوجها العقلية والأدبية" من أجل أن يكون ذلك سببا "يؤثر علي منزلته في نفسها"
"تجعل بيتها محبوبا إلى زوجها فيجد فيه راحته فتحلو له الإقامة فيه ويلذ له المطعم والمشرب والمنام" فهي لا تتعلم لأجل نفسها بل لأجل دور واحد فقط تم تحديده مسبقا لها ويصل قاسم أمين بفكره الذكوري إلى ذروته حينما يتساءل بشكل بلاغي فيقول: "أيتم كمال الرجل إذا كانت المرأة ناقصة؟ وهل يسعد الرجال إلا بالنساء؟".
تمعن به ,وانتظر...........
وأخرها ما انهي به مشواره الحافل:تلك التي جسدت حقيقة غابت عن المرأى .
انتقيتها؛ لأسكت الضمير اللائم, فترك للبصيرة النظر, فها هي اعترافات لم تحفل بها الأيدي التي تلقته مرة:
" أدركت خطر دعوتي وأحمد الله أن خذلها " هذا الاعتراف لقاسم أمين ... وهو أول من دعا في مصر إلى " تحرير المرأة " .. تحريرها من عبوديتها لله إلى عبوديتها للشيطان والنفس الأمارة بالسوء .. كما قال ابن القيم رحمه الله : ( هربوا من الرق الذي خُلقوا له فبُلُوا برقّ النفس والشيطان ) وبعد سبع سنوات من إعلانه لدعوته ونشرها بين الناس ، تنصّل من آرائه ورجع عن دعوته ، واعترف قائلاً : " لقد كنت أدعو المصريين قبل الآن إلى اقتفاء أثر التُّرك بل الإفرنج في ( تحرير نسائهم )
وغالَيْت في هذا المعنى حتى دعَوْتهم إلى تمزيق الحجاب ، وإلى إشراك النساء في كل أعمالهم ومآدبهم وولائمهم ، ولكن ... أدركت الآن خطر هذه الدعوة بما اختبرته من أخلاق الناس ) ..
فلقد تتبعت خطوات النساء في كثير من أحياء العاصمة والإسكندرية لأعرف درجة احترام الناس لهنَّ ، وما ذا يكون شأنهم معهن إذا خرجن حاسرات ، فرأيت من فساد أخلاق الرجال ـ بل أسفّ ـ ما حمدت الله على ما خذل من دعوتي ، واستنفر الناس إلى معارضتي ..
رأيتهم ما مرت بهم امرأة أو فتاة إلا تطاولوا إليها بألسنة البذاءة ، ثم ما وجدت زحاماً في طريق فمرت به امرأة إلا وتناولتها الأيدي والألسن جميعاً ، " إلى آخر ما ذكره .. وكان ذلك قبل وفاته بعامين ، وقد نشر هذا الاعتراف في جريدة الطاهر ( أكتوبر ، 1906 م ) ، فما ذا يقول أدعياء تحرير المرأة اليوم ؟ ..
لنعطي الكلم حقه الم يئن ذلك أم اندثر ؟
تبكي دموعك, و تكسر ضلوعك, و تحطم أمالك, كالذي هو حي ميت تتآكله سنون حياته بلا كلل, تتقاذفه أمواج الحياة الغادرة لتلقي به على شواطئ هالكة, ومهلكة يجد نفسه ساكنا يتلفت حوله غير مدرك أهل هنا مرساه, أم المرتحل ؟ تلك الصفحات الحبرية التي تخط جغرافيا مسيرة السفينة التي من قبل بنيت على أيد نوح, وأيدينا قد تحيد بنا الرياح إلى هوى, أو نزعة ملاكة رغم امتلاكنا الدفة, أو الآلة! لا ادري, أبي شوق لدفاع عنه, أم مقاتلة مع انه تحت الثرى ساكن !إلا إني أدرك بقلب متيقن انه مثال صراع بشري متمثل, فهيا نتبع خطاه خطوة, فخطوة.
أمه مصرية ,وأباه تركي ,نال شهادة الحقوق الفرنسية في عمر يسبق من كان معه ,أو بالمعية في عمر العشرين ,وهم بعدها بأربعة !وهذا إن دل على شيء ,فإنما يدل على دماغ تلقى الذكاء منذ الصغر, هنالك من قال ,وتحسر على ذكاءه الذي انحدر عن طريق الصواب ,واندحر ,وهناك من انتظر خروجه ,وكأنه ابنه باامعمدانية !فمهد له الطريق ,و رفع له الراية ,أيني أنا من كل هذا ؟ إنا كمن يجلس على قارعة الطريق ,ليقف على خطوط نسوها ,نعم تحامى على وطنه, والعروبة أمام من تحرى,وانبثقت من كتابته الدفاعات ,ثم ,وكأنه تدارك نفسه ,وأراد الإصلاح على حين غرة,فرأينه يمسك القلم ليكتب على كتابات سابقة كلمة مرفوضة ,ويا ليته امسك ممحاة !بل كأنما اتخذ من قول الرسول _صلى الله عليه وسلم _درءا من تخلف ,وبابا للتطور ,فجعل من تلك الكلمات دثارا من بطر ,ونسي حديثه : : "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه"
, فبتلك الأحرف القليلة لخص حديث الرسول الكريم حاله في كتابيه(تحرير المرأة, المرأة الجديدة).
هناك ناحية أهملها , وغيبها الإعلام لا لشيء إلا؛ لأنها أصبحت ضدهم بطريقة ما ,فهذه الاعترافات التي تلفظ بها قاسم المرأة قبل وفاته ما هي إلا محصلة بحث في الحياة ,وإدراك منفتح سقاه ذكاءه الذي ذكر,أجد في كائن قاسم أمين تجريد لصراع بشري ,فهو إنسان حملته سفينة الحياة إلى مرفأ ذي منارات متعاكسة مناوئة ,فتراه مثلنا لم يجد دياره إلا بعد مناورة ,تارة مسيرا ,وتارة مخيرا ,وتداعبه خطوط القدر ,فهل تريد مني محاكمة!نعم ,أتذكر قوله ,قول المستشرق الإنجليزي برنارد لويس المختص بشئون العالم الإسلام, وقد طُلب منه أن يكتب رأيه في مستقبل ما يسمى بالشرق الأوسط : (سنحسم التغريب في الشرق الأوسط من خلال ثلاثة عوامل: إسرائيل، وتركيا، والمرأة) !فهل تراني ألقيت الضوء على ما خطر ,أما أننا نحن بخطر!
نداء لندى الورود, والعطاء إلى أم ,إلى زوجة,إلى ابنة ,إلى فتاة تفتحت براعمها للحياة:
أولم يرو أن الفتاة بطبعها كالماء لم يحفظ بغير إناء؟
من يكفل الفتيات بعد ظهورها مما يجيش بخاطر السفهاء ؟
ومن الذي ينهى الفتى بشبابه عن خدع كل خريدة حسناء ؟
كلمات قالها الأزدي ,وكأنما زمانه باق في الخفاء رغم انقضاء العمر !أردت بهذه الكلمات تذكير المرأة بحقيقتها,والشفافية .
إننا بشر كقاسم ,وأكثر!نريد هوانا ,والنصر مع أن الكأس لا يتسع إلا لشراب واحد,الم تحلمي بلحظة الحرية ,وومضة المساواة,الم تراقبي النساء كلن ساعيات إلى حروف من خواء ,وتلك الكأس التي في القلب محتار ,إليك الخيار: أن تصنعي ما تريدي إن تكوني, أم أن تصبحي ما هم جاعلين,وألم يقولوا يوما إن الإنسان يصنع قدره ,فاصنعي ,وانتصري على من جعلنا سلاح ضد أنفسنا ,واتخذ القرار نيابة عنا ! لك الخيار الآن لا لهم .............في انتظار المدينة الفاضلة,وان كانت أحلام .