المنتدى :
المنتدى الطبي - Medical Forum
براعة في تشخيص مرض
قــصـــة حــقــيــقــيـــة
براعة في تشخيص مرض
بدأت معاناة المريض منذ سنة ونصف تقريبا حين بدا العمل في مكان جديد وفي مسكن قريب من مكان العمل حيث بدأ بمراجعة الأطباء والشكوى تتلخص بظهور طفح جلدي وحكة شديدة وضيق في التنفس وأحيانا آلام في البطن وكثيرا ما تستدعي الحالة الذهاب إلى المستشفى والغريب أن هذه الحالة قد تتكرر عدة مرات في الأسبوع وأحيانا تحدث كل ثلاثة أو أربعة شهور.
وخلال مراجعة المريض لأخصائي الجلدية قام الطبيب بأخذ السيرة المرضية وفحص المريض فحصا شاملا ودقيقا ولكن لم يتبين للطبيب أي شيء غير طبيعي في الفحص السريري ثم طلب للمريض عدة فحوصات مخبرية والتي جاءت نتيجتها طبيعية واخبر الأخصائي المريض انه لا بد من وجود سبب غير معروف حتى الآن للتحسس الذي يحصل معه ربما يعود للأكل أو للمسكن ونصحه بتغير المسكن وتجنب كل المأكولات التي يمكن أن تسبب الحساسية . وقام المريض بتنفيذ نصيحة الطبيب ولكن الحالة استمرت بالظهور . وخلال إحدى المراجعات دار حديث طويل بين الطبيب والمريض عرف الطبيب من خلال الحديث أن المريض لا يتعاطى ايه أدوية وعرف أيضا أن المريض في صغره أصابه التهاب اللوزتين و أمر له الطبيب بعدم اخذ الإبر أو أي من مشتقات البنسلين حيث أن لدية حساسية ولكن المريض ومنذ أن بدأت حالة التحسس عنده لم يتناول أي علاج أو ابر من مشتقات البنسلين وبالتالي لا يوجد ما يفسر حالة المريض . واستمر الحديث الذي عرف من خلاله الطبيب أن المريض يتناول كل يوم على الفطور كاس حليب منذ أن بدا العمل في المكان الجديد . فتنهد الطبيب وابتسم لمريضه الذي بدا يائسا في علاج مرضه وقال له : الآن عرفت سبب مرضك ,انه الحليب.
ولكن المريض الذي بدا غير مقتنع بكلام الطبيب قال للطبيب إن كان الحليب هو السبب كما تقول فلماذا تغيب حالة التحسس هذه في بعض الأحيان لمدة اشهر بالرغم من أنني أتتناول الحليب كل يوم ؟ يبدو أن هناك سببا آخر يا حكيم ! ولكن الطبيب أكد للمريض أن الحليب هو السبب واستأذن المريض بإجراء مكالمة تلفونية وقد استعان بدليل الهاتف حتى حصل على رقم التلفون المطلوب , عندها بدا على المريض بعض الاستياء فهذا ليس وقتا مناسبا لإجراء مكالمة تلفونية خاصة طالما أن الطبيب لم يكمل حديثة . وتبادر إلى ذهن الطبيب ما يجول في خاطر المريض فنظر إليه مبتسما وقال : إن هذه المكالمة من اجل تشخيص حالتك و أريد أن تتأكد بنفسك من صحة تشخيص حالتك عندها زاد المريض استياء ودار بباله أن هذا الأخصائي يريد أن يستعين بطبيب آخر من اجل استشارته في حالته التي بدت وكأنها لغز عجيب وما هي إلا لحظات حتى بدا الأخصائي يتحدث مع طبيب آخر عرف المريض من خلال الحديث أن الأخصائي يتحدث مع طبيب بيطري فازداد استياء وكاد أن ينفذ صبره لولا أن الطبيب سرعان ما أنهى حديثة واقترب من المريض وطبطب على كتفه وقال له: لقد عرفت من الطبيب البيطري انه في بعض أمراض الأبقار يستعملون البنسلين أو مشتقاته كمضاد حيوي وفي هذه الحالات يجب عدم استعمال حليب هذه الأبقار حيث انه يتم طرح جزء من الدواء عن طريق الحليب وبعد الانتهاء من إعطاء المضاد الحيوي للأبقار يجب عدم استعمال حليبها لمدة تتراوح من ثلاثة إلى سبعة أيام ولكن بعض مربي الأبقار وبهدف الكسب المادي يقومون ببيع حليب الأبقار قبل هذه المدة وبالتالي فان الحليب يكون فيه جزء من الدواء فان صادف أن شربت من هذا الحليب فانه وبلا شك ستظهر لديك أعراض الحساسية لان لديك تحسسا للبنسلين وهذا ما خطر ببالي حتى قبل أن اتصل بالطبيب البيطري ولكن أردت أن تتأكد بنفسك.
عندها تنفس المريض الصعداء وبدا معجبا بقدرة الطبيب وخبرته وقال للطبيب جزاك الله خيرا واكثر من أمثالك حقا إن لدينا أطباء بارعين ولا اخفي عليك أنني لم اكن مقتنعا في البداية بما قلته أما الآن فأنا مقتنع جدا وسبحان من علم الإنسان ما لم يعلم . واستطرد في حديثه قائلا ما دام أن الحليب هو السبب فما علي إلا أن استغني عنه ويعلم الله كم عانيت في مرضي هذا وكما يقول المثل درهم وقاية خير من قنطار علاج .
واختتم الطبيب الذي ينتظره في الخارج عشرات المراجعين حديثه بالقول: إن ابتعادك عن الحليب هو حل مبدئي أما الحل الأمثل فهو تشديد الرقابة على مربي الأبقار حتى لا يتسببوا في مثل هذه المشاكل مع أناس آخرين والاهم من كل ذلك رقابة الضمير وكم هو جميل أن تبقى ضمائرنا حيه ونؤدي عملنا بأمانة وعلى اكمل وجه حتى نحيا في مجتمع نعتز بانتمائنا إليه .
|