كاتب الموضوع :
Lara_300
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الفصل العاشر ~~~~~~~~~~~~~~~
~جيم ~
" مرحباً جيم .. أين أنت يا رجل ؟؟ ...وأخيراً تكرّمت بالمجيء لرؤيتي "
صافحت ادوارد وأنا أبتسم قائلاً :
" أنت أعلم بالشركة ، ولقد حاولت العمل لتحقيق ما قلته لي بالمرة السابقة ..لذا كان الجهد مضاعفاً .."
قال ادوارد بتعجُّب :
" ولم اخترت زيارتي في مكتبي بالجامعة بالذات ؟؟ "
قلت وأنا أغلق باب مكتبه :
" لأنني سأطلب منك معروفاً ، يتعلق بالجامعة ..."
قال في دهشة :
" بالجامعة ؟"
ٌقلت مستدركاً :
" بأحد طلابها ... "
تابعت مجيباً نظرات حيرته:
" وبالتحديد .. حبيبة .."
قال ادوارد في دهشة :
" حبيبة ؟؟ ماذا بها ؟؟ ظننتك نسيت أمرها منذ أن خرجنا من منزلها في ذلك اليوم .."
قلت :
" لم أنسها أبداً .. "
" ماذا تريد منها يا جيم ؟؟ "
قلت ببساطة :
" أريد التحدث معها بموضوع ... "
قال ادوارد في شك :
" ألمح في حديثك نيتك للقيام بعملٍ ما .. ألن تخبرني ؟؟ "
قلت :
" إدوارد .. أنت تعلم أنني لا أخفي عنك شيئاً .. لكنني سأخبرك في الوقت المناسب .."
قال :
" أرجو أن لا يكون عملاً جنونياً .. "
قلت ضاحكاً :
" لن يكون كذلك ، وسأفكر به ألف مئة مرة .."
" أخشى من قراراتك .."
" لا تخشَ شيئاً .."
قال فجأة :
" وماذا تريد بشأن حبيبة ؟؟ "
قلت :
" أريد ملَفّها الخاص بالجامعة .."
قال بانفعال :
" ماذا ؟؟ .. "
قلت :
" أظن أنك كطبيب بالجامعة يحق لك الاطّلاع عليه كما تشاء .. "
قال :
" جيم ! كيف تريدني أن أطلعك على ملف طالب وأنت لا تملك الصلاحية لذلك ؟؟ "
" أنت تملكها .."
" أنا أمين بعملي ولا أستطيع فعل ذلك .. و يجب أن تعرف ذلك .."
قلت مهدئاً :
" ادوارد ! لن آخذ منه أكثر من رقم هاتفها ... أنت فقط اعطني صورةً منه وسأرجعها إليك بعد ساعة .."
قال :
" جيم ... أنا أحذّرك .. لا تقم بشيءٍ متهور .. اترك الفتاة بحالها ، فهي لا تتعامل مع من مثلنا أبداً .. ثم إنها مسلمة ، ألم تستوعب ذلك ؟؟ "
قلت مبتسماً :
"هذا هو السبب الرئيسي .."
لَمْ يستوعب ادوارد الأمر .... وقام بعصبية وقال:
" مع أنني لم أعد أفهمك ,, لكنني سأجلبه بأي حال .,"
ثم خرج من المكتب قائلاً :
" مازلتُ أثق بعقلانيتك .. انتظِرْ قليلاً .."
انتظرتُهُ وأنا أبتسم من موقفه .. لا يرفض لي طلباً .. مع مظهره هذا ، لكنه طيبٌ جداً ..
بالنسبة لما أقوم به الآن .. ترى هل هو صحيح ؟؟
سأحاول الاتصال بحبيبة .. وسأخبرها عن الأمر ، وأحمد والإسلام .. أظنّها لن تمانع إذا حدّثتها بهذا الأمر ، وهذه مجرّدُ مكالمة هاتفية ، وليست زيارة أو مواجهة مباشرة .. وما ستقوله لي ، سأعطيه ثقتي .. فمازلت ممتناً لها ، وآثار أقوالها ترنُّ في عقلي ..
عاد ادوارد بالملف وأعطاني اياه وقال :
" تصفَّحْه هنا وخذ منه ما طلبْت .. لكنه لن يغادر معك .."
ابتسمت ، ........هذا أفضل من لا شيء .. قلت :
" أشكرك عزيزي. ."
قال :
" انتظرني سأنهي أمراً وأعود .."
خرج وتركني مع الملف أتصفحه بفضول .. حبيبة محمد .. 23 سنة .. مدينة "....." ، رباه ، يوجد كل شيءٍ بالملف ، عنوانها هنا وبوطنها وارقامها كلّها ، وعائلتها و...... يتيمة ! .. أوه صحيح ، لقد أخبرتني أنها فقدت والدها ..
قمت بذلك الــ "تهوّر " الذي يقصده ادوارد دوماً... والذي أعترفُ به للمرة الأولى ، ووضعت الملف على آلة تصوير مكتبه ، ونسخت صفحة الارقام والعناوين .. ووضعت النسخة بجيبي .. و..... دلف ادوارد بنفس اللحظة التي جلست بها على الكرسي .. قال :
" هل انتهيت ؟؟ خذ رقمها وأعطني الملف,,,"
قلت وأنا أناوله الملف :
" لقد انتهيت ..تفضّل ..."
أخذ الملف .. بينما قمت أنا مغادراً وأنا أقول:
" سأغادر الآن .. أشكرك جزيل الشكر .. لن أنسى معروفك هذا .."
قال :
" لا بأس ، ولكنني محتارٌ ، ماذا ستفعل ؟؟ "
قلت وأنا أمسك بمقبض الباب للمغادرة :
" إن فعلت ما أخطط له ، ستعلم به عاجلاً أو آجلاً ، وإن لم أفعله ، فلا داعي لذكره .. "
قال ادوارد فجأة :
" جيم ! "
" نعم ؟ "
" ماذا بينك وبين حبيبة ؟؟ "
" ماذا تقصد .؟؟ ليس بيني وبينها أي شيء !! "
" أخبرني بصدق جيم ؟؟ لماذا لم تنسها ؟؟؟ "
قلت بتردد :
" إنني أريدها بموضوعٍ مهم ، وهذا كلُّ ما بالأمر .. "
قال :
" أأنت معجبٌ بها ..؟؟ "
مـ مممــ ماذا ؟؟
" إنني فقط .. فقط لم .. لم أفكر بهذه الناحية.. ادوارد ماذا تقصد ؟؟ "
ابتسم قائلاً :
" أتمنى لك التوفيق بما تريد القيام به .. لكن .. لا تنس إخباري بما يستجدّ معك .."
قلت بتوتر :
" حسناً .. إلى اللقــا ء ..:
خرجت من الجامعة .. وعدت لمنزلي .. لقد فهم ادوارد الموضوع بشكلٍ خاطىءٍ بالتأكيد ! لكنني لا أنكر ما تفوّه به .. وأنا أشعر به منذ البداية ..
تناولت النسخة التي حصلت عليها ، وأنا أبحث عن رقم هاتفها .. و أحضّرُ ما سأقوله لها وكيف سأُفْهِمُها الأمر ..
ترى كيف ستحدّثني هذه المرة ؟!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~ حبيبة ~
هنا كان الاتصال الذي زلزل كياني ! وعصف بقلبي ، ودمّر أعصابي وحطّم كل مشاعري .. انهرتُ بعده تماماً ..
لقد كانت المتصلة هي ابنة خالتي رحاب .. وكان حديثها منفعلاً و...دار بيننا الآتي :
" مرحباً خالتي .."
" حبيبة ؟؟ أنا رحاب .."
" رحاب ؟ كيف حالك ؟؟؟ ماذا هناك ؟؟"
انفجرَت تبكي وتقول :
" حبيبة تعالي الآن .. أرجوكِ الكل يحتاجك .. خالتي ستموت .."
صرخْتُ بها :
" ماذا تقولين يا رحاب !! ماذا بها أمي ؟؟؟ ماذا حصل ؟؟؟ "
كدت أقطع اشارةً حمراء بالطريق .. سرت إلى موقفٍ قريب ، وتوقَّفْتُ فيه كي لا أتسبب بحادثٍ..
قالت رحاب بأنفاس متقطعة :
" إنها تحتضر لقد قالوا ذلك .. لن تقوم من غيبوبتها أبداً .."
قلت منهارة وأنا أصرخ بها مجدداً :
" غيبوبة ؟؟ احتضار ؟؟ من ؟؟ أمي ؟؟ رحاب لا لا .. لا يمكن ... أخبريني أنها بخير .. أعطيني خالتي .. "
قالت رحاب بانفعال:
" نعم أمك ياحبيبة .. وأمي انهارت بجانبها ، وهي مَنْ طلبت مني إخبارَكِ .. يجب أن تأتي بالحال "
انهرْتُ تماماً .. ماذا كان سيفعل إن كان أحدٌ بموقفي .. أمي قد تموت في أي لحظة ، إن لم تكن قد فعلت الآن ! أحتاج للتحدث مع شخصٍ آخرٍ غير رحاب ..
قلت بصوت منهار :
" اعطِ الهاتف لخالتي ، أريد الحديث معها .. "
قالت باكية :
"انتظري ..."
انتظرت وأعصابي تشتعل محترقةً ، وقلبي يتآكل من دموعي المنهمرة .. سمعْتُ صوت خالتي واهناً :
" حبيبة .. بنيتي ؟؟ "
" خالتي ماذا بها أمي بالله عليكِ ، أكاد أنهار "
" لقد أصيبت بجلطة ! وهي في غيبوبة الآن .."
صرخت :
" لا .. قدّر الله وماشاء فعل .. "
بكيت ولم أتكلم .. قالت خالتي :
" حبيبة .. قد تتحسن حالها .. والله أعلم .. أنا لم أشأ قطع دراستك بهذه الأخبار .. لكن رحاب هي من قامت بالاتصال .. "
قلت بعصبية :
" لم أكن لأسامحكم إن أخفيتم عني أمراً كهذا ... سأسافر هذه المرة ، لن أحتمل هذا .. "
قال خالتي بحنان :
" كم تبقَّى لك بنيتي ؟؟ "
قلت بمرارة :
" ثلاث أسابيع .."
قالت خالتي بانفعالٍ واهن :
" ثلاث أسابيع ؟؟ حبيبة .. إنها فترة قصيرة .. اسمعيني جيداً .."
قاطعتها باصرار :
" لا تمنعيني يا خالتي ، سأموت إن حصل لأمي مكروه وأنا بعيدةٌ عنها .."
تابعَتْ خالتي وكأنها لم تسمعني :
" اسمعي يا حبيبة .. ستنهين هذه الأسابيع ، لتعودي وأنتِ مرتاحة .. وفي كلا الحالتين ، إن عاشت والدتك وتحسنت حالها ، ستعاتبك بأن تركتِ دراستكِ في لحظاتها الأخيرة .. وستكونين قد أضعتِ مجهود سنوات طويلة .. وإن ساءت حالتها ، لا قدّر الله ، ففي هذه الحال ستخسرين كل شيء .. وستضطرين بعدها لاكمال مستقبلك بدون شهادة !! "
استمعْتُ إليها ودموعي تنساب مُحرقةً قلبي .. قلت :
" لا يمكنني الانتظار هكذا .."
قالت خالتي :
" أنهي دراستك يا حبيبة .. صدقيني هذا هو الاختيار الحكيم .. وأنتِ عاقلة ، وبعد أن تهدئي ستعلمين أن هذا هو الصواب .. ووالدتك ستلومكِ بشدة إن أقدمتِ على خطوة متهورة ٍ الآن .. "
قلت بألم:
" لكنها تحتاج لرعاية .. "
قالت :
" وأين ذهبت أنا ؟؟ سأبقى بجانبها ، فهي أختي ولا أستطيع تركها .. وحتى تعودي لن أفارقها .. وأنت لم يتبق أمامكِ الكثير .. "
ظلّت خالتي تقنعني وأنا أقتنع شيئاً فشيئاً ، لكن نفسيتي كانت متعبةً لأبعد الحدود .. أكملت طريقي بعد أن أنهيت المحادثة الطويلة .. وسرت بهدوء نحو منزلي الذي أصبحت أراه كئيباً ومظلماً ... ابتهلت إلى الله بالدعاء ، ولم أنم تلك الليلة ،بل ظللت أدعو وأرجو الله أن تسلم أمي من هذا المرض ..
هل هناك المزيد .. ؟ لا شك أن خبايا القدر لا يمكن عدُّها أو انتهائها ..
أتمنى أن يكون القادم خيراً يمحو ما قبله من مصائب ..
~ جيم ~
ّّّّّّّّّّّّ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
"هذا هو .."
قلتها وأنا ألمح رقم هاتفها المحمول ، ضغطت رقم الهاتف منتظراً الإجابة :
" نعم ..؟؟"
إنـ ..إنه صوتها .. قلت بتلعثم :
" حبيبة .."
قالت بحيرة :
" من .؟!!"
لمحتُ الضيق بصوتها .. فترددت في الحديث ، إذ لم تشجعني هذه النبرة !
" أريد محادثتك بموضوعٍ هام .. أتمنى أن تستمعي إلي .."
قالت بعصبية :
" أهو أنت سيد جيم ؟؟ صدقني أنا لا أحتمل المزيد من المتاعب .."
قلت أنا بعصبيةٍ هذه المرة :
" أظن أنه لا مانع إن حادثتكِ بموضوعٍ هام .. اسمعيني حبيبة .. "
قالت :
" آسفة جداً .. يجب ان أنهي المحادثة .."
قلت بغضب :
" وهل اعتبرتها محادثةً حقاً ؟؟"
قالت فجأة :
" مع السلامة "
إهانة ... نعم ، اعتبرتها إهانةً قوية .. أهذه أخلاقها المعهودة ، والتي رأيتها منها سابقاً ؟؟؟
لقد قدّرت موقفها المرة السابقة .. لكنها لم تبادلني نفس التقدير .. وهذه المرة ، لم تستمع حتى لما أردت قوله .. لماذا فعلَتْ ذلك ؟؟ متاعب!!! أي متاعب ؟؟ هل تعاني هي من المتاعب ...؟
كنت أودّ محادثتها عن الموضوع الذي حدثني به أحمد .. عن الاسلام .. أريد رأيها .. لدي الكثير من الثقة نحوها ، لا أدري كيف ؟ لكنني أشعر أنني أحتاج لأحد مثلها ليقف إلى جانبي ..
كنت متلهفاً لسماع رأيها ، معتقداً أن من ستحدثني هي حبيبة العاقلة المتفهمة التي رأيتها ذات مرة ..
لكن ، يبدو أن ما حدث قد حزم الأمر وانتهى ! .. لكنني واثقٌ أنني لن أنساها ، حتى ولو كان تواصلي معها مستحيلاً ..
لقد فكّرت ومازلت أفكّر كثيراً بأحوالي وأحوال الشركة ، والهموم والمسؤوليات القابعة فوق رأسي ! وفكرت بأحمد وشخصيته وصداقتي به .. و..عرضه عليّ بذاك الحل ..
فكّرت بما عرفته عن المسلمين حتى الآن ... استحالة ! مستحيلٌ أن أكون أحدهم يوماً من الأيام ! ثم إنني لست عربياً ، وهذا ما سأتحجج به لأحمد .. كل ما أعرفه أن جوابي هو "مستحيل " ..
كلمة " الله " ، لم تعنِ لي شيئاً منذ قدمتُ لهذه الحياة .. سوى بعض الكلمات التي نصّها عليّ ديني المزعوم ..
أهو موجود حقاً ؟؟ الله ؟؟ ... يا إلهي .. إن كنت تسمعني ، فأنا أرجوك أن تساعدني لمعرفتك .. وأن ترشدني لما هو صواب .. لم يعد أمامي سوى الاتجاه إليك .. فأنت ملاذي الأخير ..وإن كان هذا المنفذ مغلقاً فستقتلني الحياة بمللها ومتاعبها وسيرها التائه .. أأقدم على هذه الخطوة وأجرب حظي .. أم أنني سأتعثّر وأندم ؟؟
عليّ التفكير والتمهّل .. كم أتشوق أن أغيّر من حياتي وطبيعتها .. وتزايد شوقي مع هذه النقطة .. والبحث عن الحقيقة ..قررت أن أسأل أحمد .. لأرى .. هل سأقتنع ؟؟ وهل لديه الإجابة المناسبة ؟؟ ...
و سأنسى أمر حبيبة نهائياً أو مؤقتاً .. فبرأيها أو بدونه ، ستستمر الحياة .. مع آمالي للوصول لحالٍ أفضل وأحسن ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~حبيبة~
لماذا تمضي الأيام بهذا البطىء ... ؟؟ أصبحت الدراسة شيئاً لا يطاق .. أشعر بكل لحظة أن رأسي سينفجر وذهني المشتت سيضيع ويُجَن !!
اتصلت بخالتي كثيراً .. لكنها لم تعد تجيب ! اتصلت على أقارب والدتي الآخرين .. لكن كلٌ مشغولٌ بحاله !!
ربما قد حدث مكروه .. ربما .......
آه ! يا الله .. يا الله .. فوّضت أمري إليك ..
أدرس بصعوبةٍ بالغة .. كان ينقصني فقط نقرة إصبعٍ لأنهار من جديد ..
وهاهو اتصال جيم .. الذي جاء بوقتٍ من أسوأ أوقات حياتي .. لِمَ لا يفهم ؟؟ لِمَ؟
كانت أعصابي مُحطَّمة ذلك الوقت .. لذا أياًّ كان الموضوع الذي سيحدثني عنه ، لم أكن أستطع الحديث بتلك الحالة .. ثمّ كيف أحضر رقمي ؟؟ لماذا يحاول محادثتي ..؟؟
لقد واجهته بعصبية ، كان عليّ الاستماع لأرى ما هو الأمر الضروري ذاك ؟؟ إذ لم أتوقّع أن ينفعل ويغضب من رفضي .. ! .. لكنّ ما بي يكفيني .. وعلى الانسان أن يقدّر حال من أمامه ..
بدأت اختباراتي منذ أيام .. وأنا لا أكفُّ عن القلق المتواصل والتوتر .. لا أستطيع التركيز بأي شيء .. لم أتوقّع أن أمُرّ بشيءٍ كهذا بعمري كلّه .. أمي دائماً كانت بجانبي حتى وأنا بغربتي هذه .. إن أمّي هي كلُّ ما أملك بهذه الحياة .. ثم إنني حُرمت منها لمدةٍ طويلة ، لم أرها قبلها إلا للحظات ! ...
إنني لست بخير ... لست بخيرٍ أبداً ..
ترى ماذا حصل وماذا سيحصل !؟
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~جيم ~
طرقاتٌ على باب مكتبي .. قلت :
" تفضل "
دلف أحمد إلى المكتب قائلاً بابتسامة تعلو وجهه السمِحْ :
" صباح الخير .. كيف حالك ؟ "
قلت بمثل الابتسامة:
" بخير .. وأنت ؟"
.. كم تشعرني رؤيته بالراحة .. خصوصاً بعد أن فقدت ادوارد من جانبي فجأة .. لكن ها هو يقف بجانبي من هو بمثابة الأخ والصديق ..
تابعنا أحاديثنا العادية ، ودخلنا بأمور الشركة والأعمال التي بيننا ، وأعدنا ترتيب بعض الأمور سوياً .. وبعد الانتهاء من تلك الترتيبات .. حمل أحمد الملفات وهمّ بالخروج .. فاستوقفته قائلاً :
" أحمد ! "
التفت مبتسماً :
" نعم ؟ "
"هل لديك بعضُ الوقت ؟ "
قال :
"بالتأكيد "
قلت :
" أتسمح لي بشَغْلِه ؟ "
قال :
" بالطبع .. "
ثم التفت واضعاً ملفاته على طاولة بالغرفة ، وجلس بمقابلي مستفسراً .. فقلت :
" أتعلم أنني فكّرتُ بالموضوع ؟ "
كاد يستفسر ، لكن يبدو أنه تذكّر الأمر .. فقال بدهشة :
" حقاً ؟! ظننتك لن تفعل .. "
ابتسمت .. و...تراودت لذهني فجأةً تلك الكلمات :"الناس يغلقون عقولهم قبل آذانهم عند سماع الحقيقة " .. فهل أفعل أنا المثل وأقول "مستحيل " قبل التفكير والتفكّر ؟
قلت :
" تعلّمتُ مرةً أن أستخدم عقلي قبل أن أتسرّع بقول ٍ أو فعل .."
تابعتُ مبتسماً :
" لذا فكّرتُ بالأمر .. أتعلم يا أحمد ؟ إنني متشوقٌ للقيام بتغيير ما .. وصوتٌ في أعماقي يؤيد .. لكن آخر يرفض ! .. ثم إنّ هناك الكثير والكثير من العوائق .."
قال أحمد :
" بالنسبة للمؤيد والمعارض .. فعليك باتباع المؤيد ، لأنك لو اتبعت الآخر ستتوقف عن القيام بأي أمرٍ في الحياة .. لأن الأول هو الضمير والنفس الراغبة بالتغيير للأفضل .. والآخر هو ما يريد منك البقاء في هذا القعر المظلم"
قلت :
" والعوائق ؟ "
استفسر أحمد :
" من المؤكد ستواجهك الكثير من العوائق ، وهكذا الحال عند القيام بخطوةَ تغييرٍ جذري ..لكن ما هي العوائق التي تراها؟"
قلت :
" إنني غربي .."
قال أحمد :
" الإسلام لا يُفرِّق بين عربي ولا غربي ولا هندي ... بل الفرق في فعل الإنسان وقلبه وصدقه وإيمانه .."
قلت :
" لن أستطيع التعايش مع المجتمع هنا .."
قال :
" كثيرون قبلك فعلوها واستطاعوا بسمعتهم الطيبة وتعاملهم الرائع أن يتعايشوا كالسابق بدون فروق ، إلا الفروق اللازمة البسيطة ..وأنت لديك الكثير من الشهرة والسمعة الطيبة هنا"
بنفسي ، اقتنعت .. لكن لا أدري لِمَ أصرُّ على البحث عن العوائق .. لست أتخيّلُ الأمر !! ماذا إن علم ادوارد بما أفكر .. هل سيعتبره تهوّراً ..؟..
قلت لأحمد :
" أهذا رأيك ..؟؟ "
قال :
" بالطبع .. اسمعني جيم .. هذه خطوةٌ عظيمة .. أنا أعلم أنها ليست بالهيّنة ... لأنك إن قبلت الدخول في الإسلام ستواجهك بالطبع صعوبات .. وستندرج تحت قائمة ٍ شوهت سمعتها الوسائل الاعلامية .. ولكنك ستحظى بأثمن ما في الحياة .. وهي الهداية للطريق الصحيح ومعرفة الله والراحة النفسية .."
أنصتُّ جيداً .. وتمعنت في أقواله .. قلت :
" أحتاج لمزيدٍ من الدعم .. "
ابتسم أحمد :
" ستقتنع .."
قلت :
" ماذا ؟"
قال :
" جيم .. إن لك قلبٌ صادقٌ وأنا أعلم أنه سيرشدك للحقيقة .. أو أنه أرشدك لكنك تعاند نفسك .. "
تنهدت ..واكتفيت بذلك .. إنه أكثر أمرٍ حيّرني بحياتي كلّها .. حتى إنني انشغلت عن متاعبي بالتفكير بالأمر !
قال أحمد :
" أنت حرٌ بنفسك وما ستقوم به .. وتذكّرتُ الآن القاعدة التي كنت سأخبرك إياها سابقاً ، حين قاطعنا السيد ادوارد .. "
ركّزت في قوله .. كنت أريد سماع تلك القاعدة ، لدي شعورٌ أنها هي من ستغيّرني من قبل أن ينطق بها تلك المرة ..
قال :
" في القرآن الكريم .. ذكر الله تعالى أن الانسان لا يستطيع تغيير ما حوله ، إلا لو غيّر ما بنفسه أولاً .. أي أنك لن تستطيع تغيير هذه الحياة ، إلا لو غيّرت نفسك وطورتها "
ابتسمت .. فقال أحمد ضاحكاً :
" هل ينطبق عليك المثل : السكوت علامة الرضا ؟ "
قلت :
" أنا واثقٌ من أقوالك .. وأشعر أن الإسلام هو الحقيقة المفقودة ... "
قال :
"ممتاز "
قلت :
"لكن...."
قاطعني بقوله :
"سأنصرف الآن مضطراً ..وأترك لك فرصةً أكبر للتفكير فهذا ما تحتاجه .. " " لكن اعلم أنني بجانبك ان احتجت لمشورةٍ أو سؤال أو قرار أو أي شيء "
قمت إليه وصافحته بودّ :
" أشكرك جزيل الشكر يا عزيزي .. لقد أرحتني كثيراً .. وسأخبرك بأي جديد يدور بهذا العقل "
وأشرت لرأسي .. فابتسم احمد وغادر قائلاً :
" إلى اللقاء "
بينما بقيت أنا أفكّّرُ وأفكّر ..شَعَرْتُ أنني دخلت عالماً جديداً .. بين ليلةٍ و ضحاها ، انقلبت أحوالي وتجاذبت نحو تلك النقطة .. محور التغيّر في حياتي .. فهل سأقدم على هذه الخطوة ؟!
تسابقت كلمات ٌ سمعتها سابقاً على لسان حبيبة ..
"الاسلام دينٌ عظيم .. تعاليمه منطقية حكيمة .. شرعه وأحكامه سهلةٌ و قيمة مفيدة .. وكل أمرٍ من الله ورسوله يعم بفائدةٍ على المجتمع .."
"إنه دين الرحمة والعدالة للبشرية كلها .. وبمعرفتك له فقط ، ستجد الكثير من الأمور الرائعة فيه ، والتي تدعوك لمعرفة المزيد .. "
"مهما سمعت عن الاسلام من صور مشوَّهة ، أو إعلامٍ رخيص ، أو إرهابٍ مجرّد .. فهو مخالفٌ لتعاليم ديننا نفسه .. وذلك مذكورٌ بكتابنا .. كلام الله "
وأنا من أبحث عن رأي حبيبة! .. إنه كامنٌ في كلماتها .. في عقلي الباطن ..
درت بفكري نحو شتى الأمور .. إنها المرة الأولى التي أُقدم فيها على خطوةٍ دون سؤال ادوارد واستشارته ..
الله .. أنت من أرشدتني لهذا الطريق ,,, أليس كذلك ؟؟ ... إنني قادمٌ إلى بابك .. أرجو الأمل في هذه الحياة .. فهل أنا على صواب حتّى الآن ؟!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
|