وهذان فصلان آخران من الرواية ،
وأنتظر تواجدكم العطر ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الفصل الثالث.................................................. .
~~جيم ~~
لا أدري كيف استسلمت للنوم وأنا في هذا الموقف المعقّد .. لكنني استيقظت على صوتٍ ما يناديني ..
"سيد جيــم ... سيد جيــم "
فتحت عيني واعتدلت جالساً , حين رأيت شبح فتاةٍ واقفة على مقربة مني .. , كانت تفصل بيننا حوالي مسافة متر كامل ..
حين وقعت عيني على رأسها , ورأيت قطعةً بلونٍ آخر تغطيه , استوعبت الأمر .. وعادت إلي الذاكرة , بعد أن استفقت من النوم , الذي لم أذق طعمه سوى لساعتان سابقتان فقط ..رفعت رأسي , وتنبهت لقولها :
"صباح الخير "
أجبت مع ابتسامة خافتة :
"صباح الخير...أه .. آنسة حبيبة .. "
قالت بحرج:
" آسفة لايقاظك , لكنني مضطرةٌ للذهاب لبعض الوقت .. فلدي بعض الأعمال .."
سألت بتهوّر :
"أعمال ؟؟ "
لم اعرف لم نطقت هذا السؤال .. أظنه من داعي فضولي الغبيّ .. اعتذرت مسرعاً :
"أسف .. ليس هذا من حقي .."
قالت بحرج أكبر :
"لا بأس , لدي بعض الدروس , والأعمال الجانبية , لذا لم أشأ أن تصدم باختفائي .."
قلت :
"شكراً لك .. لقد أمضيت ليلةً هادئة , أستطيع تولي الأمر ., سأرحل فور ذهابــ ..."
توقفتُ فجأةً حين تذكرت أولئك الرجال .. توجهت للنافذة في سرعة , وأطللت منها , أحاول مدّ بصري إلى حيث يمكنني الجزم بوجودهم أو عدمه ., التفتت إلى حبيبة حين سألتني في قلق :
"لم يرحلوا بعد !!؟؟ "
قلت في توتر و خوف :
"لا أظنهم ينوون ذلك .."
قالت :
"ولم لا تبلغ الشرطة عنهم ...؟؟"
قلت متنهداً :
"إنها منظمة أو مؤسسة غير قانونية أو ماشابه ذلك , وأخشى أن يلاقطوا أي ذبذبات قريبة ثم يكتشفوا مكان تواجدي بعدها ,,"
أومأت برأسها متفهمة .. واستأذنت للذهاب لغرفتها بعض الوقت ... عادت بعدها وقد أبدلت ردائها و غطاء رأسها.. بصراحة .. كانت مشرقة.. بالرغم من غطاء رأسها , لكن هذا مجرد شعور..!
قالت :
"أتريد أي مساعدة من الخارج ؟؟ هل تحتاج شيئاً ما ؟؟ ..فقد تظل حبيس المنزل لفترة"
قلت بلطف امتناناً لسؤالها :
" شكراً لكِ .. "
فكّرَت قليلاً ثم قالت :
"أه , يمكنك استخدام المطبخ أو أي شيءٍ تريده , قد أتأخر قليلاً .."
قلت خجلاً من لطفها :
" شكراً جزيلاً آنسة حبيبة . أنا ممتن لك , لا تقلقي نفسك , أرجو أن لا أسبب المزيد من الازعاج بتواجدي .."
قالت مبتسمة :
" مادام هذا في سبيل الحق , فلا داعي للقلق .. أتمنى أن تسير الأمور على مايرام ..."
أعقبت :
"إلى اللقاء .."
وخرجت من المنزل , فتنفست أنا الصعداء , وأطللت بنظري من النافذة , لأطمئن لخروجها من دون أي متاعب أو إثارة لشك هؤلاء الأسود بالخارج .. تنهدت بارتياح حين رأيتها تغادر في أمان ,, .. ثم انصرفت أبحث عن شيء آكله في منزل هذه الآنسة المسلمة ..
..........................................
~~حبيبة~~
جلست في تعبٍ على مقاعد المنتزه الصغير الواقع قرب مركز شؤون الطلبة , .. لقد أنهكني طول انتظاري بذلك الطابور الطويل , فقد كنت أنهي أحد أوراق زميلتي حنان ,التي سافرت مضطرة , وها أنا أرتاح في هذا المنتزه قليلاً .. فجأة , تذكرت ذلك الرجل الذي اقتحم منزلي أمس , وتلك الحادثة الغريبة التي مازالت آثارها حيةً في منزلي , ترى ماذا يفعل الأن ؟؟ ... يجب أن أجلب بعض الطعام معي , فلن أستطيع طهي أي شيءٍ وأنا مرهقة هكذا ,, ولكن ألا يجب عليّ إبلاغ الشرطة , ؟؟؟ هل أثق به ؟؟؟ ..
يا إلهي , أرشدني إلى الصواب , لا يجوز لي أن أبقي على رجلٍ بمنزلي ... لكنني مضطرةٌ لذلك , والضرورات تبيح المحظورات .. أليس كذلك ؟؟؟ ... والحمد لله , يبدو أنه شابٌ محافظ ومحترم , لن يقدم على أي شيءٍ سيء , يبدو صادقاً في رجاءه وحديثه .. و .. ماذا كنتم ستفعلون لو كنتم مكاني ..!!
أووه , نظرتُ لساعتي , فإذا الوقت قد مرّ من دون أن أنتبه له , يا لهذه الافكار التي تأخذك لعالمٍ آخر .. أو لآخر ِ العالم كما يقولون ..
قمت لأبحث عن محلٍ مناسب لشراء بعض الأطعمة ,, والحمد لله أن وجدت واحداً في طريقي .. وصلت للمنطقة بسيارتي , نسيت أن أذكر أمراً , فأنا أقود سيارةً هنا , وإلا لما سكنت بهذه المنطقة البعيدة , ولما عرفت التحرك في هذه البلدة ..
دب شعورٌ غريبٌ في أوصالي حين رأيتُ هؤلاء الرجال المسلحين ,وأنا أجتاز المنطقة المؤدية لمنزلي , .... فقد تفرقوا في المنطقة وحاصروها , حيث لا يستطيع أحد الدخول أو الخروج منها إلا تحت أنظارهم .. هل العثور على جيم مهم بالنسبة إليهم هكذا ؟؟؟ ..بالطبع ,فقد اكتشف أمراً يبدو أنه سيفضح تاريخهم كاملاً..!!
ويبدو أن إقامة "جيم" ستطول في منزلي .. يجب أن نجد حلاً .. فلن أستطيع إيجاد مكان آخر لأبقى فيه !
دلفت إلى المنزل في تردد , بعد أن أحدثت جلبةً بسيطة بالمفتاح , لينتبه لوصولي , .. قلت :
“مرحباً .. لقد عدت سيد جيم "
دلفت إلى الردهة الصغيرة وأنا أسمعه يقول :
"مرحباً آنسة حبيبة .. يوماً موفقاً .."
رددت ببعض الاختصار :
"نعم ,لقد كان كذلك والحمد لله "
تابعت :
"وأنت ,كيف كان يومك ؟"
اجاب ببعض الحرج :
"لا بأس به , رغم أنه كان مملاً , فلقد اعتدت الانشغال بالاعمال الطائلة في عملي ,.. "
لمحتُ علبة اسعافاتي الأولية , موضوعةً بجانبه , ونَمَتْ ملامحي عن التساؤل :
فقال :
"أه , إنه جرحٌ بسيط , حين طاردني أولئك الأوغاد ,, ورأيت علبة الاسعاف , فاستعملتها .."
قلت :
"لا بأس .. لقد أحضرت بعض الطعام ., هل تريد بعضاً منه ؟"
قال بامتنان :
" لا أعرف حقاً كيف أشكرك على حسن استضافتك , رغم المصادفة السخيفة تلك "
قلت مهدئةً شعوره بالذنب :
" لا بأس سيد جيم .. فقد يقع من الظروف ما هو غير متوقع اطلاقاً . ثم إنك مضطر لهذا , وأحب أن أساعدك , نصرةً للحق . فهكذا يأمرنا ديننا "
قال :
" شكراً لك يا آنسة .. أنا مدين لك .."
ابتسمتُ ..
قال في استفسار :
" أه , وهل يتوجب عليكم أن تردتوا غطاء الرأس هذا ؟؟"
قلت في ثقة :
" نعم , وهو ما نسميه الحجاب .. وهو فرضٌ على كل مسلمة .."
قال :
" لقد قابلت الكثير من المسلمين , وأراهم كثيراً على شاشات التلفاز , لكني لم أعرفهم يوماً .. ولم اقتنع ابداً بصورة الاعلام عن أي بلد .. "
قلت :
" نعم , فالاعلام دائماً يشوه صورتنا أمام العالم , ونادراً ما تجد مدحاً أو خبراً صحيحاً عن الاسلام "
قال :
".. كنت سأسألك عن بعض الأشيئاء التي طالما حيرتني عنكم .. وطالما أنك عربية فستعرفينها جيداً .. لكن .. هل تسمحين ببعضٍ من وقتك ؟؟"
قلت :
"لا مشكلة أبداً.. فقط سأحضر بعض الطعام .. واسأل بعدها ما شئت "
ابتسم قائلاً :
" حسناً .."
قمت بعدها لأضع الوجبة التي أحضرتها .. واستأذنت من... "جيم " ..
يبدو أنه فعلاً كغيره , ممن يعتقدون بعض الأفكار السيئة عنّا , ليس عن المسلمين فقط .. بل عن العرب أيضاً .. أووووه .. لا أحب هذه المناقشات .. فهي تمسي باختلاف الرأي احياناً .. لكن الحمد لله أن لدي اسلوبٌٌ منسق في الحديث .. يارب وفقني في الاجابة عليه ..!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~~~جيم~~~
يالها من فتاة طيبة ..
كنت أعتقد أنها ستعاملني بجفاء بكون أنها مسلمة , مع أن المسلمين هنا يبدو أنهم لا يهتمون بدينهم .. لكن هذه الفتاة مختلفة .. فهذا أول مرة أرى "محجبةً" في وطني على الحقيقة ..>بالنسبة لي <..ربما لأنني لا أختلط بالمجتمع خارج إطار عملي كثيراً ..
لقد أحضرَت بعض الطعام , وها هي ذهبت لتعدّه .. حمداً للرب .. لقد كنت جائعاً بحق ..
حقاً أنا مدين لها بمعروف كبير .. سأحاول رده إليها حال خروجي وعودتي لحياتي الطبيعية >إن خرجت من هذا المأزق!!!< ..
يبدو أن هؤلاء الرجال لا ينوون التزحزح من أماكنهم .. يجب أن أجد حلاً ..
أه .. لو تكمل حبيبة معروفها , وتساعدني في ايجاد حلّ ,,
لكنني أخشى عليها من هؤلاء الاشرار , لا أريد توريطها بالأمر ..
اووه .. يا لهذا المأزق .. لـو
"تفضل , وجبتك .."
قاطعني صوت حبيبة وهي تمد لي صينية صغيرة , عليها وجبةٌ صغيرة مصحوبةً بالعصير ..
قلت شاكراً:
"شكراً جزيلاً لك.."
قالت :
"لا شكر على واجب .. "
أردفت :
"سأعود بعد قليل إن أردت الحديث بذلك الموضوع.."
قلت :
"بالطبع ، على ألا أشغلك...."
قامت من مكانها . . وبقيت أنا أتناول وجبتي بصمت ..
مهما كانت ديانة الإنسان , فمجرد محافظته وشخصيته الرزينة المحترمة ، تجعلني أكن له المزيد من الاحترام والتقدير،حقيقةً أنا لا ألتزم بديني ولا أذهب للـ(كنيسة) بالتزام..... يمكنكم أن تقولوا .. إن ديننا لدى الأغلبية مجرد مفاهيم نسير عليها هكذا .. ولايهم الاقتناع .. المهم أننا نتحرر من القيود الدينية .. مع وجود أشياء لا نكلف أنفسنا بالاقتناع بها ، بل بأخذ ما نحب منها .. والباقي .. لن يحصل شيءٌ إذا تركناه!! ..مع أننا نصدق ونستعين بديننا كثيراً .. لكن .. القليل من يلتزم بجد!
قد نتحدث عنه بشكل جيد ,ظاهراً , لكننا من الداخل لا نهتم .. عجيبون أولئك المسلمون .. فهم مقتنعون تماماً بما يفعلون ! .. ما هو السرُّ ياترى ؟؟ .. فشخصٌ مثل ما رأيت حبيبة عليه من حديثها ، لا يمكن أن يقتنع بشيءٍ خاطىء ...
لدي فعلاً الكثير من الفضول عن الاسلام .. والعرب .. فضولي دائماً يسبقني ويجعلني متلهفاً لمعرفة بعض الأمور .. لكنه فضولٌ عاديٌ، عن أناسٍ آخرين يعيشون معنا على نفس الكوكب ولهم عالمٌ خاص , لا زلت أجهل عنهم كل شيء ..
لكن مع رؤية حبيبة , والاعجاب الذي صاحب ذلك في نفسي , جعلني أتوق أكثر لمعرفة هذا الدين الذي تتبعه فتاةٌ مثلها ,, رغم حريتها في الحياة .. فلا رقيب عليها هنا , لكنها مع ذلك تحافظ عليه ..
أنهيت وجبتي , وأنا أفكر في شتّى الأمور .. وأهمها ,. الخطة التي أريد بها الفرار من هنا .. فلن أجلس هكذا للأبد .. فماذا لو استمروا بمراقبة المكان ليومين مثلا ..؟؟ أو فتشوا المنازل ؟؟؟ لا أحد يتوقع أعمال أولئك الاشرار ... يكفي أنهم كانوا يخدعوننا طوال الوقت في تعاملاتهم بالشركة.. بقيت شارداً ببصري للحظات إلى أن سمعت صوتها ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~
~~ حبيبة ~~
تناولت شيئاً بسيطاً من طعامي , ثم صليت فرضي واستخدمت بعدها حاسوبي "المحمول" لبعض الوقت .. يجب علي الاستعداد للعودة للجامعة , فسأستأنف دوامي الاسبوع القادم , رغم انني انهيت اختباراتي قبل ايام .. إلا أنها الجامعة .. وليست كالدراسات الأخرى .. كما أن اختصاصي يتوجب علينا تكريس العمل والدراسة فيه. وإذا أجلت شيئاً ما بها , فستكون كارثة , فسأتعذب لتراكم جبال ٍ من الواجبات والاعمال فوق رأسي ..
أنهيت عملي , وحملت أطباقي وخرجت بها إلى المطبخ , توجهت قبل ذلك للردهة , فإذ بـ "جيم" قد أنهى وجبته , شكرني كثيراً , يبدو أنه محرجٌ جداً ,,, سأموت من الاحراج لو كنت مكانه ,, لكنني لا اشعر بداعٍ لذلك في تقديم هذه الخدمة له , مع أنني أشعر بخطرٍ شديد , وخوف يلازمني وقلق فائق لتجاوزي الحدود بابقاءه هنا .. لكن مع ذلك , فأشعر أن حياتي المللة , قد تجددت بكسر" روتينها" ..
رجعت للردهة بعد أن أنهيت تنظيف الاطباق .. وقلت لـ "جيم " :
" لو كنت تريد بعضاً من وقتي , فأنا متفرغةٌ الآن .."
قال مبتسماً :
"حسناً .. الأمر ليس بتلك الأهمية .. لكنها فرصةٌ للتعرف قليلاً على شعبكم .. فلدي الكثير من الفضول نحوكم ، خصوصاً مع صورتكم المهتزة في أذهاننا "
أصغيت باهتمام , وصمتتُ ليقول ما عنده ,,
تابع قائلاً :
" بالنسبة لي . فأنا لا أحكم على شخصٍ إلا عند رؤيته , والتعامل معه , وهكذا أيضاً عوّدني عملي .. فأضطر فيه لمقابلة الكثير من الناس والأصناف . والديانات أيضاً ..لكن السبيل الوحيد لمعرفتكم جيداً لا نجده سوى في الاعلام"
أشعر أن "جيم" إنسانٌ عاقل وواعي ، يفهم ما يقول ، .. شخصٌ كهذا ، يمكنه اختيار قراراته بحكمة تتضح من حديثه .. لكن إلى أين سيصل الحديث !!؟
تابع جيم :
"لكنني حتى الآن, لم أر مسلماً على الحقيقة هنا .. أو بمعنى أصح .. مسلمة , أعني أنه حين تراها تعرف بذلك أنها مسلمة من تقيدها بدينها .."
قلت :
"مع أنه يوجد الكثير هنا ."
قال :
"يبدوأن أغلبيتهن من الطالبات اللاتي تأتين للدراسة هنا , أما لرؤيتهن في المجتمع الغربي وأوساطه الاقتصادية والتعاملات الخاصة بها .. يندر تواجد المسلمون بهذه الطبقات .."
قلت :
"نعم "
قال :
" ماذا تدرسين ..حبيبة ؟؟"
احسست ببعض الحرج , لم أعتد على هذه المحادثات ، التي ينطق بها اسمي جافاً ...!
قلت :
" أدرس في مجال الأحياء وعلومها.."
قال :
" يالها من دراسة .... ولماذا اخترت هذا المجال بالذات ؟؟ الا تجدين به صعوبة ؟"
قلت :
"بالتأكيد , لكنني ... "
قطعت جملتي ,, كنت سأذكر له أمر اجبار ي على الدراسة من قبل والدي , لكنني خشيت أن يعتقد أن هذه طباع المسلمين .. وأنهم يجبرون أبنائهم دائماً...
عدت أقول :
" لكنني , تخرجت بشهادة متميزة والحمد لله من دراستي "الثانوية" , فأحببت دخول مجالٍٍ تستحقه شهادتي ..فكنت مخيرة بين مجموعة من العلوم ..وهذا ما فضلته .."
قال :
"أتمنى لك التوفيق .. فهو مجالٌ ليس بهيّن .."
قلت :
"شكراً لك .... لقد أوشكت على انهاء فترة دراستي .."
سأل:
"بالسنة الأخيرة ؟؟"
اجبت :
"نعم .. لكن بقي على انتهائها الكثير .,,"
ابتسم قائلاً:
"الوقت يمر بسرعة هذه الأيام .. لن تشعري بمروره ثقيلاً ..مادام هناك هدفٌ تسعين لتحقيقه .."
فكرت في نفسي .. هل هناك هدفٌ حقاً أسعى لتحقيقه من دراستي ؟؟؟ ... سآخذ شهادةً قيمة .. وماذا بعد ذلك ؟؟ ..ما الهدف من حياتي بأكملها ..إن لم أنفع نفسي أو وطني ..أو ..... ديني ..
قلت :
"أرجو ذلك .."
سألني :
"ولماذا تعيشين هنا ..؟؟"
قلت :
"لقد أتيت مع والديّ إلى هنا , بسبب أعمال والدي , ولكنه انفصل عن والدتي فرحلت والدتي ,وبقيت أنا .. وبعدها مات والدي .. وتركني هنا .. لكنني فضلت إنهاء دراستي ثم العودة بعدها .."
قال وقد ارتسمت على وجهه بعض علامات التعجب التي لم أعرف لها معنى :
"حقاً ؟؟ ....أنا آسفٌ بشأن والدك .. "
تابع :
"لكنك فتاةٌ قوية .. حتى أنك واجهتني حين اقتحمت منزلك .."
ابتسمت للذكرى.. لا أدري لم أصبحت ذكرى ,مع أنها حدثت بالأمس .. قلت :
" الشيء الوحيد المخيف في الحياة , هو حوادث القدر ومفاجآته.... "
قال :
"هذا صحيح ...."
شعرت ببعض الندم على أنني ذكرت الكثير عن نفسي وتحدثت كثيراً بلا معنى .. إنني لم أعرفه ,فقط لأنه يبدو جيدا ..لا أدري لم .. ولماذا ..؟
قال :
"لقد توفي والدي أيضاً .. وترك لي شركته بأكملها لأديرها .. لقد جعلني أقصد دراسة الاعمال والادارة لكي أساعده في ادارته للشركة .. لكنه توفي وتركها لأديرها أنا .."
قلت في أسف :
" .. آسفة .. "
قال :
"لا بأس .. لكلٌ مصائبه .. لكن الحياة تسير .. "
وافقته :
"نعم "
قال فجأةً :
"عجيــب .."
استفسرتُ بنظرة مندهشة ,
فقال مفسراً :
أقصد .. العجيب هو أنك لا تمتلكين تلفازاً .."
قلت:
"نعم .. فأنا لست متعلقةً به كثيراُ .,. من لديه الوقت ليشاهده ؟؟ .. ثم إنني أستعمل جهاز الكمبيوتر ... فقد أصبح الحاسوب بديلاً للتلفاز في هذا العصر لدى البعض .."
قال :
"هكذا إذاً ..."
كنت أعلق على حديثه ، لكنه لم يتطرق لأي موضوع عن المسلمين .. , انتظرت سؤاله عن تلك الامور التي كان يريد التحدث بشأنها .. لكنه لم يسأل حتى الآن ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~