كاتب الموضوع :
Lara_300
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الفصل الخامس عشر
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~ حبيبة ~
في هذه الأيام ، بدأت أشعر بالملل ، والروتين الثقيل ! ، لذا فكرت في شهاداتي ورغبتي في العمل ..
عملٌ أستفيد منه وأفيد به ، فسألت والدتي :
" أمي ، ما رأيك لو تقدمت لوظيفة ..."
دهشت أمي وقالت :
" لماذا يا حبيبة ؟ لسنا بحاجةٍ والحمد لله .."
قلت لها مفسرة :
" ولكنني بدأت أشعر بالملل هكذا من الجلوس بلا هدفٍ ولا غاية ، ولا بد ان أغير من الأمر في يومٍ ما .. ففكرت في استغلال شهادتي .."
قالت :
" الأمر عائدٌ لكِ بالطبع ، مع أنني لا أحبذ الأمر .. "
قلت :
" سيكون من الجيد لو استفدت من وقتي وأفدت غيري .."
قالت :
" وماذا تنوين أن تعملي ؟ "
قلت :
" حقيقةً لم أفكر في الأمر بعد ، لكنني سأختار وظيفةً بسيطة تناسب مؤهلاتي.."
قالت :
" وفقك الله .. صحيح .. ستأتي خالتك الليلة .. يمكنك مناقشتها بالأمر .."
لكن خالتي عندما قدِمت، اقترحت علي العمل في المختبرات والمستشفيات بحكم دراستي العلمية الأحيائية ! فعارضت الأمر ، .. إن هذه الأماكن لا تناسبني ، ولم أفكر يوماً بالعمل هكذا .. قلت لها :
" إنني لا أفكر في وظيفةٍ كهذه .. كل ما أردته هو شغل الوقت وأن أختلط بمجتمع العمل المفيد .,, "
وعندما قلت لها :
" ثم إن المستشفيات تكون عادةً مختلطة ، وأنا التي حاولت الخروج من الغربة نفاذاً من الانحلال هناك .. فالآن ، لستُ مضطرةً لعملٍٍ كهذا .."
قالت بضيق :
"ومن قال ان هذه الأماكن بها انحلال؟؟؟"
قلت :
" لا يا خالتي لم أقصد .. بل إنني الآن أسعى للهدوء والتغيير عما كنت عليه هناك . .وطموحاتي لا تتعدى التزامي ومكوثي في المنزل أغلب الوقت .."
قالت :
"إذاً ماذا تريدين مثلاً .. لقد طلبت أن أقترح عليكِ .. فماذا ترين مناسباً لمتخرجةٍ بمثل شهادتك العالية ؟؟ "
قلت :
"كنت أقصد وظيفة بسيطة الهدف منها أبسط بكثير .. كمعلمةٍ مثلاً أو ..."
لم أكمل ، قاطعتني بذهول :
" معلمة ؟؟؟! .. حبيبة لا يمكن !! "
قلت متعجبةً :
" ولماذا ؟؟"
قالت :
" درستِ في الخارج ثلاث أو أربع سنوات في ارقى الجامعات والمجالات وتاتي لتعملي كمعلمة ؟؟"
استنتجت وجهة نظر خالتي فرحت اقنعها أنني ما درست باختياري ولكن .. بدأت بعدها تتحدث عن حديث الناس وماذا سيقولون .. وكيف أنني عدت بعد سنين لأعمل معلمةً و...إلى آخره من هذه الأحاديث .. إلى أن أصابني الملل ، قلت متململة :
" خالتي !!! "
قالت :
"حسناً حسناً ... لن أعارضك مجدداً ،فالأمر عائد لك .. لكن من المحزن أن تهدري كل ما حصلت عليه .. ولو كان والدك حياً لما تركك تقومين بذلك .. ولأجبرك على وظيفةٍ أخرىوأدخلك بها بنفوذه .."
تضايقت أمي حينها من وصول الحديث لأبي وقالت :
" لكنه مات وليرحمه الله ، ولم أكن لأسمح له أن يجبرها من جديد ، فيحق لها اختيار كل ما تفعله .. ولا يهمني ولا يهمها المظهر يا سناء .. فلنترك المظاهر والحديث للناس .. ثم إنني أعارض أن تبقى ابنتي لمدة اثنا عشر ساعةٍ مثلاً بالخارج ! "
توقفت خالتي عن جدالها ، فكنت أرغب باستشارتها ، ولكن مشورتها لم ترق لي ..
المهم الآن أن أنظر في الأمر .. وسآخذ أيضاً برأي حنان ، ولكن بعد أن تستقر بحياتها قليلاً ، فلي معها حديثٌ طويل ....
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~جيم~
أظن أن الغد سيكون آخر أيامي هنا .. ولكن .. ربما أعود مع أحمد يوماً ..
اليوم اقترح علي أحمد اقتراحاً .. ترك فيّ الكثير من التضارب .. قال :
" جيم ، هناك أمرٌ فكرت فيه كثيراً ، ولم أجد الوقت لطرحه .. "
قلت بفضول :
" تفضّل ، ما هو ؟"
قال :
" عادةً من يسلم يقوم بتغيير اسمه إلى اسمٍ عربي بلغة القرآن .. فما رأيك ؟ مع انني أظن أنه سيصعب عليك .."
قلت بقلق :
" كيف يا أحمد ؟؟ أغير اسمي وقدعرفني به الجميع ؟؟ وقد استعملته طوال ثلاثين عامٍ !! أيتوجب عليّ ذلك ؟؟؟"
قال :
" من الأفضل أن تفعل ، ولكن .. أعلم أنه من الصعب عليك ، ولكنك أسلمت يا جيم ، وهي الخطوة الرئيسية وأظن أن الباقي سيكون سهلاً أمامها,,"
فكرت قليلاً ثم قلت :
" لكن اسلامي قد يتجاهله الناس في تعاملهم معي ، أما الاسم ، الكل يستخدمه .... لست أقصد أنني سأخفي اسلامي ، ولكنك تعرف كمَ المعارضات والانتقادات التي من المتوقع أن أحصل عليها ، فالاسم سيزيد الأمر ثورة.."
قال مفكراً :
" وما رأيك أن يكون لديك اسمان .. ؟؟ "
سألته بدهشة :
" كيف ؟"
قال :
" طرأت لي هذه الفكرة ، فلو كان لك اسمان ، سيكون اسمك المعتَمد كما هو .. ويكون اسمك الثاني هو ما تعرف به كمسلم .."
قلت :
" أظن هذا أفضل فعلاً ... آه يا أحمد .. كم تروقني أفكارك .."
ابتسم مشجعاً وقال :
" أنا في الخدمة .."
نظرت إليه بامتنان :
"شكراً لك ,.. أنت صديقٌ رائع .."
قال :
" وأنت كذلك .. أنا سعيدٌ من أجلك .."
حقاً إن أحمد صديقٌ رائع ، احتل مكانةً كبيرةً في قلبي .. يشعرني دائما بالصدق والايمان والوفاء .. يشجعني في كل خطوة أقوم بها ..
كنت جالساً في غرفتي وأنا أرتب حقيبتي مستعداً للسفر في الغد .. وفكرت لوهلةٍ في حبيبة .. وتنهدت بعمق فقد وعدت أن أنسى أمرها .. لكن ، ماذا لو فعلت أمراً أخيراً أعبر فيه عن امتناني وتأسفي لأنني ضايقتها كثيراً ..
هي لن تراني بعد الآن وسأحرص على هذا .. ولن تسمع صوتي كذلك ..
أحضرت محفظتي، وأخرجت منها الورقة المثنية ، وفتحتها لأنقل منها معلومةً أخيرة ، ومزقتها ورميتها في السلة احتراماً لحبيبة ..
لن انسى يوماً جميع من وقفوا معي إلى أن وصلت إلى هذه النقطة .. لقد عوضت كل الإحباط الذي شعرت به ، وكل التراجع الذي عمّني سابقاً .. بمساعدة أفضل من قابلتهم في حياتي .. تعلمت الكثير ، وأخذت الكثير .. فالحمد لله .. وفي المستقبل الكثير .. وأرجو الأفضل ..
ودعت أحمد ثاني يومٍ وأنا أغادر وقد ارتاح ضميري ، وشعرت لأول مرة بالسعادة الحقيقية ..
وجدت الضالة المفقودة .. والكنز الثمين .. والنجاح المنشود ... ولن يرجعني أحدٌ ولن أتنازل عما حصلت ، ولو عارضتني قارّتي بأكملها ..
والحمد لله حمداً كثيراً ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~ حبيبة ~
هاتفتني خالتي اليوم ، وهي تخبرني بمفاجأة ، حسبت أنها اعتذارٌ منها عن مهاجمتها لي بالأمس .. قالت لي :
" لقد وجدت لك وظيفةً ممتازة ! ومناسبة جداً .."
قلت بلهفة وأنا أرجو من الله أن تكون مناسبة حقاً .. قالت :
" إنه مركزٌ نسائي عبارةٌ عن أقسامٍ علمية ، تابعٌ لعدة مدارس ، به مختبراتٌ ودروسٌ ومما إلى ذلك.. وهم يحتاجون لمثلك فيه .. "
قلت فرحةً لأنها راعت متطلباتي ، وقلت ممتنة :
" رائعٌ جداً .. أشكرك جداً يا خالتي .. "
مازحتني وأعطتني عنوانه ، وأرقامه ،وكان فعلاً مركزاً ممتازاً وفرصةً ذهبية لمواصفات العمل الذي أبحث عنه ..
بعدها وأنا في هذه الحالة من صفاء الذهن ، قمت بالاتصال بحنان ،باركت لها من جديد ، وأطلت معها الحديث كثيراً .. أخبرتها بالكثير والكثير مما أخفيته عنها من قبل وكان العتاب من نصيبي ، ولقد انفعلت بصدق ، وشعرت بالندم لأنني استخففت بالموضوع ولم أخبرها عنه .. لكنه انتهى الآن .. وكل شيء عاد لما كان عليه ..
قلت بعدها لأغير الموضوع :
" هييييه! حنان متى تنوين زيارتي ؟؟ "
قالت مازحةً بتحدي :
" أنت تمزحين بلا شك .. أتطلبين من صديقتك زيارتك وهي في ثالث يومٍ من زواجها ؟؟؟"
لم أجب بل ضحكت ، فقالت :
" محاولةً فاشلة لتغيير الموضوع .. لكن لا بأس سأجيبك .. سآتي لزيارتك قريباً .."
قلت بسعادة :
" حقاً .؟؟؟ "
قالت متحدية :
" ربما في حفل خطبتك المزعومة ! "
ضحكت منها ، فهي لا تتوقف عن التشمت بي !! أنهيت محادثتي بعدها لكي لا أطيل عليها .. وأثقل على حياتها الجديدة ..
أما أنا فكنت سعيدةً والحمد لله ، مع أن موضوع جيم كان يبدد هدوئي قليلا ، وأنا أتخيله يظهر من جديد ! لكنني كذبت أفكاري ، وقلت بالطبع لن يظهر !! فقد انتهى الأمر ، وكذبتي أوقفت كل شيء !
في اليوم الثاني كنت قد ذهبت إلى المركز ليزودوني بالمعلومات عن الوظيفة ، ووجدتها رائعةً وهادئة .. وأيضاً ليست متعبة كالتعليم المهلك للراحة .. ولا كالطب .. فهي وسطٌ ومحدودة المواعيد .. وقبلوني لديهم والحمد لله ..
لكن عندما عدت إلى المنزل .. وجدت أمي تفتح لي بانشغال وهي تقول :
" لدي ضيوفٌ يا حبيبة ، لذا سأناديكِ بعدما أنتهي ..."
قلت وأنا أصعد :
" حسناً .. لكن من هم ؟"
قالت مبتسمة :
" سأخبرك فيما بعد .."
واستطردت :
" صحيح كيف كان يومكِ ؟"
قلت :
" الحمد لله كان رائعاً ، سأخبرك فيما بعد أيضاً .."
أومأت بضحكة قصيرة ، وعادت لضيوفها .. لا أدري لم راودني شعورٌ غريب ! وكأن الأمر متعلق ٌ بي .. فلو كانوا صديقات أمي ، لكانت دعتني للدخول .. أما من هذا فأفهم أن لديها ضيوفٌ ، ذكور ...
لم تتأخر أمي كثيراً بل عادت بعد قليل مبتسمةً بسعادة وتفاجأت حين احتضنتني ، فابتسمت لها وقالت :
" خمّني ماذا ؟؟ "
قلت بشك حاولت إخفاه في لهجةٍ مرحة :
" بشأن الضيوف ؟"
قالت بجدية فرحة :
" نعم .. لقد تقدّم أحدهم لكِ ..."
قلت مذهولة ، و امتلاً قلبي قلقاً، وشكوكا ..
قلت :
" حقاً ؟ من هو ؟"
استغربت أمي ، وقالت :
" انه ابن جارتنا القديمة ، عبد الله .."
تابَعَتْ :
"حبيبة .. ماذا بك ..؟"
كانت المفاجأة تلفّني .. أيمكن أن تتحول الكذبة لحقيقة ؟؟
قلت بسرعة :
" لا شيء يا أمي ، ولكني تفاجأت فقط .. "
قالت أمي :
" أنا سعيدةٌ من أجلك .. فهو معروفٌ بخلقه والتزامه ، وكانت معي منذ قليل والدته ، إنها طيبة ٌ جداً .. وأنت تذكرينها أليس كذلك ؟؟"
قلت محاولةً الاستيعاب والتذكّر :
" أظن ذلك .. إنها خالتي منى كما أذكر .."
قالت ضاحكةً :
" لقد تذكرتها رغم مرور زمنٍ طويل بعد سفرك .."
ثم قالت :
" سأخبر عمّكِ وسننظر في الأمر .. فهو يروق لي كثيراً وأريد أن أسعد بك يا حبيبة قبل أن أفارقك .."
انتفضت وأنا أقول لأمي :
" أمي ، لا تقولي هذا ثانيةً ..ويقدر الله الخير إن شاء الله .."
قالت وقد غلبتها عواطفها وسالت دموعها :
" ان شاء الله "
، فاحتضنتها وأنا أربت على كتفيها وقلت معاتبةً :
" أمـــي !!! "
وتابعتُ :
" أطال الله بعمرك يا أمي .. لا تقولي مثل هذا الكلام ، فأنا من سيبكي .."
إن ضيق أمي يشعرني أنا بالضيق ، وكثرة أقوالها هذه تخيفني .. أصررت على الاعتناء بها أنا هذه الفترة لترتاح ، ونسأل الله السلامة ..
بعد حوالي اسبوعان .. قبلت فيهما عبد الله ، الذي كان على خلقٍ ودين ، شعرت حقاً أن الله قد وفقني للقبول بعد الاستخارة ومشورة الأهل ..
وقالت لي حنان مداعبةً حين قدمت لزيارتي في الحفلة التي أقيمت إعلاناً للخطبة :
" لقد أخبرتك أنني سأزورك في حفل خطبتك !! "
قلت :
" لكنها ليست مزعومة... "
كانت الأيام والأحداث يسيران بسرعة ، وتطورات كليهما تجري كالسيل ، تجرفنا معها ..
في هذه الفترة ، كان العمل يروقني جداً ، وكنت سعيدةً به ، فقد أثبتت مهارتي ، واستحقاقي لشهاداتي ..
جلسّت حنان بجانبي تلقي عليّ دعاباتها القصيرة .. والسعادة تلفنا جميعاً ..
هل هذه حفلة خطبتي انا ؟؟ لا أكاد أصدق !!
في نفس الليلة بعد أن انتهى الاحتفال البسيط ..، طرق أحدهم باب المنزل وفتحت أمي الباب ، انتظرت لأعرف منها فوجدتها عادت تقول لي :
" هناك من يريدك عند الباب .."
قمت من مكاني لأرى من الزائر ، ارتديت حجابي ، وفتحت الباب .. كان رجلاً متقدّماً في السنّ قليلاً .. قال :
" أأنت الآنسة حبيبة ..؟"
قلت :
" نعم أنا .. خيراً ؟ "
قال :
" هذه رسالةٌ موجهة لكِ من السيد محمد .."
قلت باستغراب وأنا أتناول الرسالة وأتفحصها :
" مَن ؟؟ محمد ..؟؟ لا أعرف أحداً بهذا الاسم .."
لكنه كان قد التفت ليغادر وهو يقول :
" دوري هو ايصال الرسالة ، ولا أعرف شيئاً .. وداعاً .."
دخلت للمنزل وسألتني أمي بدهشة:
" من هذا الشخص وماذا أراد منك ؟"
قلت أنا بنفس الدهشة :
" لا أعرف لقد سلمني رسالة .."
قالت أمي بعد تفكير :
" ربما هي من عبد الله ، أراد أن يرسلها لك في ليلة خطبتك .."
قلت وأنا أفكر :
" لا أظن ... فقد قال لي إن المرسل ...."
قطعت حديثي ، أحببت أن أفتح الرسالة أولاً ثم أقول لأمي إن وجدت الأمر مهماً .. قلت لها وأنا أتجه للدرج:
" سأفتحها و أرى مالأمر ، وسأخبرك إن كان بها شيءٌ مهم أمي .. .."
وابتسمت وأنا أقول لها :
" تصبحين على خيرٍ يا أمي الحبيبة "
قالت :
" تصبحين على خير حبيبتي .."
وفي غرفتي ، جلست بنفس الذهن الصافِ ،و الفضول يتردد على جدار تفكيري .. أيمكن أن تكون من عبد الله ؟؟ لكنه قال (محمد ) ..
فتحتها لأنهي تساؤلاتي ، وجدت ورقةً مثنيةً بانتظام .. ورقةٌ عاديةٌ بيضاء .. وفتحتها وبدأت أقرأها .. والدهشة تتملكني شيئاً فشيئاً .. كان هذا نصها :
" السلام عليكم ورحمة الله
بالتأكيد تساءلتِ من هو محمد ؟ ..
إن محمد وجيم هما شخصٌ واحد .. ولأنني قطعتُ عهداً على نفسي ألا أعترض مجرى حياتك مجدداً ، لذا أحببت في النهاية أن أعبر عن شكري وامتناني ، اللذان لم أستطع أن أعبر عنهما من قبل .. وبنفس الوقت أن أعبر لكِ عن أسفي ، في هذه الرسالة .. لأنني أجبرتك على التورط بمواقف كنت تتجنبينها ... مرةً بغير قصدٍ ومرةً بقصد ..،ولكن القصد كان لتعلقي بك منذ أول لقاءٍ ، اللقاءُ الذي لن أنساه أبداً ، إنها تجربةٌ قاسية ، لكنها عادت علي بالكثير والكثير .. وصدق الله تعالى حين قال ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم ) .. فخلال تدارسي القرآن وتعمقي بالاسلام ، وجدت الكثير من المعاني الصادقة التي انطبقت على الواقع ..
أتمنى أن تعذريني عما أزعجتك به مسبقاً ،، ولقد أدركت بعد حينٍ الفروق الاجتماعية الكثيرة التي لن تنجح في أمرٍ كهذا .. وعلمت أن الله فقط يسر لي عن طريقك باب الهداية .. أنت أولاً وبعدك من أكملوا معي المشوار ..
وكما أنكِ أخبرتني أنكِ مخطوبةٌ .. مما أورثني شعوراً بالندم والخجل ، كما وأنا أشعر بهما وأنا أرسل لكِ هذه الرسالة .. لكنها الختام......فأعتذرُ وأعتذر ..!
.. لقد لاقيتُ الكثير من النجاح في شركتي بعد أن هداني الله للإسلام .. وقد منّ علي بالكثير من النعم .. لذا استمري بنشر أفكارك ودعوة غيرك .. فقد تجذبين الكثير للنور بأسلوبك .. وتكسبين الأجر بشخصيتك .. وإنني لأرجو أن أخدم الاسلام وأدافع عنه الآن لأعوض ما مضى وأثبت للعالم أنني اخترت الصواب...
لقد عدت لوطني وأنا أحمل الكثير من الفخر والسعادة ..
أشكرك جداً ، وسأدعو الله لكِ بالتوفيق والنجاح ، والجنة .. ولا تنسيني من دعائك ..
وإن احتجت شيئاً في المستقبل ، فتذكرين شركتي .. حتى ولو بعد خمسين عام .. فأنا متيقنٌ أنني لن أنسى من أخذوا بيدي لأولى درجات سلم النور...
دمت بخير لوالدتك وعائلتك ، وزوجك .. وأتمنى لك التوفيق ..
تقبلي تقديري واحترامي .. والسلامُ عليكم
جيم
"
تنهدتُ بعمقٍ وأنا أقرأ الرسالة ، وقلت :
" وفقه الله وثبّته .."
عذرته في نفسي .. فهذا كان مطلبه .. أما شكره ، فتقبلته عن طيب خاطر ..
لم أتوقع أيضاً و- كالعادة - أن تكون الرسالةُ مرسلةً منه ..
محمد ... سأدعو له بالثبات والزيادة في الايمان والتيسير في حياته .. فمثل من اقدم على الاسلام في ظل هذه الظروف يحتاج منا إلى أكثر من ذلك ..
أخذت الرسالة وفعلت بها أمراً عجيباً .. لقد أحرقتها ..لكن احتراماً وتقديراً ..
واستعدت ذكرى الليلة وكيف أن حياتي قد تحسنت هي الأخرى .. والحمد لله رزقني الله بزوجٍ صالحٍ معروفٌ بأخلاقه .. وها هي قصة جيم تنتهي معي بنهايةٍ عادلةٍ وسعيدة .. والعمل وقد حصلت عليه .. وأمي بصحةٍ جيدة ..
حمدت الله كثيراً .. فبالشكر تدوم النعم .. وشعرت برغبتي في السجودلله عز وجل ، سجودَ شكرٍ حمداً له..
ودعوته أن يرزقنا الرضا بالقدر .. فكل ما يأتي من الله خيرٌ ولو أزعجنا .. ولو أصابتنا المآسي .. كله خير .. كما قال سيد البشر صلى الله عليه وسلم :
" عجباً لأمر المؤمن كله له خير "
" إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له .."
" وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له .."
فالقدر ركنٌ من الإيمان .. يأتي علينا فيصيب الانسان بالخير أو الشر.. وللمؤمن ، سيكون في كل احواله مصدراً للفوز ورضا الله
وفي هذه الليلة ، شعرت أن نور القمر ، هو ذاتُهُ نورُ القدر ، الذي أضاء حياة الناس في هذه الساعة ..
!
|