المنتدى :
خواطر بقلم الاعضاء
في القريه
في القرية مكان منفرد بين المروج الخضراء كانت شجرة كبيره بين الأزهار والرياحين .. مخترقة بجذورها أعماق الأديم كما تريد أن تكشف أسرار الهاوية ... ممتدة بفروعها إلى السماء كيفما تريد أن تعانق الأبدية . كأن صوت خرير الجداول يأتي من بعيد متألقا مع حفيف الأوراق مكونا نغمة روحانية توحي بالسكينة ..
كل شئ يوحي بأن الطبيعة حافلة بالطهر وتبشر بالمحبة , وفي وسط كل هذا وقف
عصفور .... وغراب ..... على شجرة الكبيرة يتحاورون بينهم
بدد السكينة صياح الغراب قائلا : أيها العصفور .. إنني حقا لأرثي لك .. فما أتعسك .. أنك الى الفناء سائر .. فالناس لم يعودوا بحاجة إليك , فقد صرت الآن عقبة امام طموحهم , وحجرا في طريق مستقبلهم , فكم تسبب لهم من الالآم بأمانتك , ومن الاوجاع بوداعتك , فأن كل من يتتبعك تدمى قدميه , وتنوء بالأحمال كتفاه , اما انا فكل من يتبعني يصير عظيما , له من الجاه والسلطان بقدر ما لأتباعك من الضعف والهوان !! فنظر إليه العصفور نظرة ملؤها الاشفاق قائلا .. ما أوضعك أيها الغراب .... أتقارن مصيرك بمصيري ؟ .. أتقارن عبيدك بأبنائي ؟ ..عجبا ! أتصف ترفعي بالهوان وتنعت قوتي بالضعف ؟ .. قوتي هذه التي تمخضت بالتجارب وولدت بالمتاعب إن صراخك لا يسمعه سوى الأجساد الهاجعة والنفوس الراكدة .. أما صوت ترنمي فلا يسمعه سوى من تطهرت نفسه بالمحبة وروحه بالقداسة ..
فالأذن التي اعتادت سماع نعيق البوم لاتستطيع أن تميز صوت شدو البلابل .
ضحكت الشجرة الكبيرة وتمايلت بأغصانها قائلة : ما أغباكما ! علام تتشاجران ؟ إن ضمير الناس أقوى منك أيها الصدق فاتركا الناس وحالهم فهم يستعينون بكما عند الحاجة .
فاهتزت شجرة الكبيرة بعنف قائلة : هكذا أنت أيتها الشجرة الكبيرة تهتمين بما للجسد وتمهلين ما للروح ... تفرحين لو كان الجسد متسربلا بالحرير وأن كانت الروح متدثرة بالمسوح , تسرين لو كان الجسد نظيفا ولامعا وإن كانت النفس تفيض برائحة الموت ..! تبتهجين لو كان الجسد نظيفا ولامعا وإن كان القلب يطفح بالأقذار .. حقا ما أجهلك ..
وهبت عاصفة هوجاء فطوحت بالإزهار وقصفت بالأعواد النامية في غفلة من عيون الطبيعة , فسقط احدها على الغراب فهوى مضرجا بدمائه .
ونظر الى العصفور شامخا عيناه تنظران الى اللانهاية يملؤها مزيج غريب من الطهر والقناعة .
حنان
التعديل الأخير تم بواسطة سراب ; 07-01-08 الساعة 01:01 PM
سبب آخر: اضافة تنسيق
|